مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 1

الباب الأول

في

ما أوله همزة

إن من البيان لسحراً

قاله النبي صلى الله عليه وسلم حين وفد عليه عمرو بن الأهتم والزبرقان فقال بن بدر وقيس ابن عاصم فسأل عليه الصلاة والسلام عمرو بن الأهتم عن الزبرقان فقال عمرو: مطاع في أدنيه شديد العارضة مانع لما وراء ظهره فقال الزبرقان: يا رسول الله إنه ليعلم مني أكثر من هذا ولكنه حسدني فقال عمرو: أما والله إنه لزمر المروءة ضيق العطن أحمق الوالد لئيم الخال والله يا رسول الله ما كذبت في الأولى ولقد صدقت في الأخرى ولكني رجل رضيت فقلت أحسن ما عملت وسخطت فقلت أقبح ما وجدت. فقال عليه الصلاة والسلام: إن من البيان لسحراً. يعني أن بعض البيان يعمل عمل السحر؛ ومعنى السحر إظهار الباطل في صورة الحق، والبيان اجتماع الفصاحة والبلاغة وذكاء القلب مع اللسن وإنما شبه بالسحر لحدة عمله في سمامعه وسرعة قبول القلب له يضرب في استحسان المنطق وإيراد الحجة البالغة.

إن المنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى

المنبت المنقطع عن أصحابه في السفر. والظهر الدابة. قاله عليه الصلاة والسلام لرجل اجتهد في العبادة حتى هجمت عيناه أي غارتا فلما رآه قال له: إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق إن المنبت أي الذي يجد في سيره حتى ينبت أخيراً سماه بما تؤؤول إليه عاقبته كقوله تعالى: "إنك ميت وإنهم ميتون" يضرب لمن يبالغ في طلب الشيء ويفرط حتى ربما يفوته على نفسه.

إن مما ينبت الربيع ما يقتل حبطاً أو يلم

قال عليه الصلاة والسلام في صفة الدنيا والحث على قلة الأخذ منها والحبط "انتفاخ البطن وهو أن تأكل الإبل الذرق فتنتفخ بطونها إذا أكثرت منه. ونصب حبطاً على التمييز. وقوله أويلم معناه يقتل أو يقرب من القتل والإلمام النزول والإلمام القرب ومنه الحديث في صفة أهل الجنة لولا إنه شيء قضاه الله لألم أن يذهب بصره لما يرى فيها أي لقرب أن يذهب بصره قال الأزهري: هذا الخبر يعني إن مما ينبت إذا بتر لم يكد يفهم وأول الحديث أني أخاف عليكم بعدي ما يفتح عليكم من زهرة الدنيا وزينتها. فقال رجل أو يأتي الخير بالشر يا رسول الله? فقال عليه الصلاة والسلام: إنه لا يأتي الخير بالشر وإن مما ينبت الربيع ما يقتل حبطاً أو يلم إلا آكلة الخضر فإنها أكلت حتى إذا امتلأت خاصرتاها استقبلت عين الشمس فثلطت وبالت ثم رتعته". هذا تمام الحديث. قال وفي هذا الحديث مثلان أحدهما للمفرط في جمع الدنيا وفي منعها من حقها والآخر للمقتصد في أخذها والانتفاع بها. فأما قوله وإن مما ينبت الربيع ما يقتل حبطاً أو يلم فهو مثل المفرط الذي يأخذها بغير حق وذلك أن الربيع ينبت أحرار العشب فتستكثر منها الماشية حتى تنتفخ بطونها إذا جاوزت حد الاحتمال فتنشق أمعاؤها وتهلك، كذلك الذي يجمع الدنيا من غير حلها ويمنع ذا الحق حقه يهلك في الآخرة بدخوله النار. وأما مثل المقتصد فقوله صلى الله عليه وسلم "ألا آكلة الخضر بما وصفها به وذلك أن الخضر ليست من أحرار البقول التي ينبتها الربيع ولكنها من الجنبة التي ترعاها المواشي بعد هيج البقول" فضرب صلى الله عليه وسلم آكلة الخضر من المواشي مثلاً لمن يقتصد في أخذ الدنيا وجمعها ولا يحمله الحرص على أخذها بغير حقها فهو ينجو من وبالها كما نجت آكلة الخضر، ألا تراه قال عليه الصلاة والسلام "فإنها إذا أصابت من الخضر استقبلت عين الشمس فثلطت وبالت" أراد أنها إذا شبعت منها بركت مستقبلة الشمس تستمرئ بذلك ما أكلت وتجتر وتثلط فإذا ثلطته فقد زال عنها الحبط وإنما تحبط الماشية لأنها لا تثلط ولا تبول يضرب في النهي عن الإفراط.

إن الموصين بنو سهوان

هذا مثل تخبط في تفسيره كثير من الناس والصواب ما أثبته بعد أن أحكي ما قالوا. قال بعضهم: إنما يحتاج إلى الوصية من يسهو ويغفل فأما أنت فغير محتاج إليها لأنك لا تسهو وقال بعضهم يريد بقوله بنو سهوان جميع الناس لأن كلهم يسهو والأصوب في معناه أن يقال إن الذين يوصون بالشيء يستولي عليهم. السهو حتى كأنه موكل بهم ويدل على صحة هذا المعنى ما أنشده ابن الأعرابي من قول الراجز:
أنشد من خوارة عـلـيان مضبورة الكاهل كالبنيان
ألقت طلا بملتقى الحومان أكثر ما طافت به يومان
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 1

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 2

لم يلهها عن همها قـيدان ولا الموصون من الرعيان
إن الموصين بنو سهوان
يضرب لمن يسهو عن طلب شيء أمر به. والسهوان السهو ويجوز أن يكون صفة أي بنو رجل سهوان وهو آدم عليه السلام حين عهد إليه فسها ونسي يقال رجل سهوان وساه أي إن الذين يوصون لا بدع أن يسهوا لأنهم بنو آدم عليه السلام.

إن الجواد عينه فراره

الفرار بالكسر النظر إلى أسنان الدابة لتعرف قدر سنها وهو مصدر ومنه قول الحجاج فررت عن ذكاء ويروى فراره بالضم وهو اسم منه يضرب لمن يدل ظاهره على باطنه فيغني عن اختباره حتى لقد يقال إن الخبيث عينه فراره.

إن الشقي وافد البرجم

قاله عمرو بن هند الملك وكان سويد بن ربيعة التميمي قتل أخاه وهرب فأحرق به مائة من تميم وتسعة وتسعين من بني دارم وواحداً من البراجم فلقب بالمحرق وستأتي القصة بتمامها في باب الصاد. وكان الحرث بن عمر وملك الشأم من آل جفنة يدعى أيضاً بالمحرق لأنه أول من حرق العرب في ديارهم. ويدعى امرؤ القيس بن عمرو بن عدي اللخمي محرقاً أيضاً يضرب لمن يوقع نفسه في هلكة طمعاً.

إن الرثيئة تفثأ الغضب

الرثيئة اللبن الحامض يخلط بالحلو. والفثء التسكين. زعموا أن رجلاً نزل بقوم وكان ساخطاً عليهم وكان مع سخطه جائعاً فسقوه الرثيئة فسكن غضبه يضرب في الهدية تورث الوفاق وإن قلت.

إن البغاث بأرضنا يستنسر

البغاث ضرب من الطير وفيه ثلاث لغات الفتح والضم والكسر والجمع بغثان، قالوا هو طير دون الرخمة واستنسر صار كالنسر في القوة عند الصيد بعد أن كان من ضعاف الطير يضرب للضعيف يصير قوياً وللذليل يعز بعد الذل.

إن دواء الشق أن تحوصه

الحوص الخياطة يضرب في رتق الفتق وإطفاء النائرة.

إن الجبان حتفه من فوقه

الحتف الهلاك ولا يبنى منه فعل وخص هذه الجهة لأن التحرز مما ينزل من السماء غير ممكن. يشير إلى أن الحتف إلى الجبان أسرع منه إلى الشجاع لأنه يأتيه من حيث لا مدفع له. قال ابن الكلبي: أول من قاله عمرو بن أمامة في شعر له وكانت مراد قتلته فقال هذا الشعر عند ذلك وهو قوله:
لقد حسوت الموت قبل ذوقه إن الجبان حتفه من فوقـه
كل امرئ مقاتل عن طوقه والثور يحمي أنفه بروقـه
يضرب في قلة نفع الحذر من القدر. وقوله حسوت الموت قبل ذوقه الذوق مقدمة الحسو فهو يقول قد وطنت نفسي على الموت فكأني بتوطين القلب عليه كمن لقيه صراحاً.

إن المعافي غير مخدوع

يضرب لمن يخدع فلا ينخدع. والمعنى أن من عوفي مما خدع به لم يضره ما كان خودع به. واصل المثل أن رجلاً من بني سليم يسمى قادحاً كان في زمن أمير يكنى أبا مظعون وكان في ذلك الزمن رجل آخر من بني سليم أيضاً يقال له سليط وكان علق امرأة قادح فلم يزل بها حتى أجابته وواعدته فأتنى سليط قادحاً وقال إني علقت جارية لأبي مظعون وقد واعدتني فإذا دخلت عليه فاقعد معه في المجلس فإذا أراد القيام فاسبقه فإذا انتهيت إلى موضع كذا فاصفر حتى أعلم بمجيئكما فآخذ حذري ولك كل يوم دينار فخدعه بهذا وكان أبو مظعون آخر الناس قياماً من النادي ففعل قادح ذلك وكان سليط يختلف إلى امرأته، فجرى ذكر النساء يوماً فذكر أبو مظعون جواريه وعفافهن فقال قادح وهو يعرض بأبي مظعون ربما غر الواثق وخدع الوامق وكذب الناطق وملت العاتق ثم قال:
لا تنـطـقـن بـأمـر لا تـيقـن ه يا عمرو إن المعافي غير مخدوع
وعمرو اسم أبي مظعون، فعلم عمرو إنه يعرض به فلما تفرق القوم وثب على قادح فخنقه وقال اصدقني فحدثه قادح بالحديث فعرف أبو مظعون أن سليطاً قد خدعه فأخذ عمرو بيد قادح ثم مر به على جواريه فإذا هن مقبلات على ما وكلن به لم يفقد منهن واحدة ثم انطلق آخذاً بيد قادح إلى منزله فوجد سليطاً قد افترش امرأته فقال له أبو مظعون إن المعافي غير مخدوع تهكماً بقادح فأخذ قادح السيف وشد على سليط فهرب فلم يدركه ومال إلى امرأته فقتلها.

إن في الشر خياراً

الخير يجمع على الخيار والاختيار وكذلك الشر يجمع على الشرار والأشرار أي أن في الشر أشياء خياراً. ومعنى المثل كما قيل بعض الشر أهون من بعض. ويجوز أن يكون الخيار الاسم من الاختيار أي في الشر ما يختار على غيره.

إن الحديد بالحديد يفلح

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 2

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 3

الفلح الشق ومنه الفلاح للحراث لأنه يشق الأرض. أي يستعان في الأمر الشديد بما يشاكله ويقاويه.
إن الحماة أولعت بالكنه وأولعت كنتها بالظنة
الحماة أم زوج المرأة والكنة امرأة الابن وامرأة الأخ أيضاً والظنة التهمة وبين الحماة والكنة عداوة مستحكمة يضرب في الشر يقع بين قوم هم أهل لذلك.

إن لله جنوداً منها العسل

قاله معاوية لما سمع أن الأشتر سقي عسلاً فيه سم فمات يضرب عند الشماتة بما يصيب العدو.

إن الهوى ليميل باست الراكب

أي من هوي شيئاً مال به هواه نحوه كائناً ما كان، قبيحاً كان أو جميلاً كما قيل: إلى حيث يهوي القلب تهوي به الرجل.

إن الجواد قد يعثر

يضرب لمن يكون الغالب عليه فعل الجميل ثم تكون منه الزلة.

إن الشفيق بسوء ظن مولع

يضرب للمعنى بشأن صاحبه لأنه لا يكاد يظن به غير وقوع الحوادث كنحو ظنون الوالدات بالأولاد.

إن المعاذير يشوبها الكذب

يقال، معذرة ومعاذر ومعاذير. يحكى أن رجلاً اعتذر إلى إبراهيم النخعي فقال إبراهيم: قد عذرتك غير معتذر إن المعاذير المثل.

إن الخصاص يرى في جوفها الرقم

الخصاص الفرجة الصغيرة بين الشيئين، والرقم الداهية العظيمة. يعني أن الشيء الحقير يكون فيه الشيء العظيم.

إن الدواهي في الآفات تهترس

ويروى ترتهس وهو قلب تهترس من الهرس وهو الدق يعني أن الآفات يموج بعضها في بعض ويدق بعضها بعضاً كثرة يضرب عند اشتداد الزمان واضطراب الفتن واصلة أن رجلاً مر بآخر وهو يقول يا رب إما مهرة أو مهراً فأنكر عليه ذلك وقال لا يكون الجنين إلا مهرة أو مهراً فلما ظهر الجنين كان مشيأ الخلق مختلفه فقال الرجل عند ذلك:
قد طرقت بجنين نصفه فـرس أن الدواهي في الآفات تهترس

إن عليك جرشاً فتعشه

يقال مضى جرش من الليل وجوش أي هزيع قلت وقوله فتعشه يجوز أن تكون الهاء للسكت مثل قوله تعالى: لم يتسنه. في أحد القولين ويجوز أن تكون عائدة إلى الجرش على تقدير فتعش فيه ثم حذف في وأوصل الفعل إليه كقول الشاعر:
ويوم شهدناه سليمـاً وعـامـراً قليل سوى الطعن الدراك نوافله
أي شهدنا فيه يضرب لمن يؤمر بالاتئاد والرفق في أمر يبادره فيقال له إنه لم يفتك وعليك ليل بعد فلا تعجل. قال أبو الدقيش: أن الناس كانوا يأكلون النسناس وهو خلق لكل منهم يد ورجل فرعى اثنان منهم ليلاً فقال أحدهما لصاحبه فضحك الصبح فقال الآخر إن عليك جرشاً فتعشه قال وبلغني أن قوماً تبعوا أحد النسناس فأخذوه فقال للذين أخذاه:
يا رب يوم لو تبعتماني لمتما أو لتركتمانـي
فأدرك فذبح في أصل شجرة فإذا في بطنه شحم فقال آخر من الشجرة إنه آكل ضر ويعني الحبة الخضراء فاستنزل فذبح فقال الثالث فأنا إذن صميميت فاستنزل فذبح.

إن وراء الأكمة ما وراءها

أصله أن أمة واعدت صديقها أن تأتيه وراء الأكمة إذا فرغت من مهنة أهليها ليلاً فشغلوها عن الإنجاز بما يأمرونها من العمل فقالت حين غلبها الشوق حبستموني وإن وراء الأكمة ما وراءها يضرب لمن يفشي على نفسه أمراً مستوراً.

إن خصلتين خيرهما الكذب لخصلتا سوء

يضرب للرجل يعتذر من شيء فعله بالكذب يحكى هذا المثل عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى وهذا كقولهم عذره أشد من جرمه.

إن من لا يعرف الوحي أحمق

ويروى الوحي مكان الوحي يضرب لمن لا يعرف الإيماء والتعريض حتى يجاهر بما يراد إليه.

إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب

هذا من كلام عمران بن حصين. والمعاريض جمع المعراض يقال عرفت ذلك في معراض كلامه أي في فحواه قلت أجود من هذا أن يقال التعريض ضد التصريح وهو أن يلغز كلامه عن الظاهر فكلامه معرض والمعاريض جمعه ثم لك أن تثبت الياء وتحذفها والمندوحة السعة وكذلك الندحة يقال إن في كذا ندحة أي سعة وفسحة. يضرب لمن يحسب أنه مضطر إلى الكذب.

إن المقدرة تذهب الحفيظة

المقدَرة والمقدِرة القدْرة والحفيظة الغضب. قال أبو عبيد: بلغنا هذا المثل عن رجل عظيم من قريش في سالف الدهر كان يطلب رجلاً بذحل فلما ظفر به قال: لولا أن المقدرة تذهب الحفيظة لانتقمت منك ثم تركه.

إن السلامة منها ترك ما فيها

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 3

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 4

قيل أن المثل في أمر اللقطة توجد وقيل: إنه في ذم الدنيا والحث على تركها وهذا في بيت أوله:
والنفس تكلف بالدنيا وقد علمت أن السلامة منها ترك ما فيها

إن سوادها قوم لي عنادها

السواد السرار وأصله من السواد الذي هو الشخص وذلك أن السرار لا يحصل إلا بقرب السواد من السواد وقيل لإبنة الخس وكانت قد فجرت ما حملك على ما فعلت? قالت: قرب الوساد وطول السواد وزاد فيه بعض المجان وحب السفاد.

إن الهوان للئيم مرأمة

المرأمة الرئمان وهما الرأفة والعطف يعني إذا أكرمت اللئيم استخف بك وإذا أهنته فكأنك أكرمته كما قال أبو الطيب:
إذا أنت أكرمت الكـريم مـلـكـتـه وإن أنت أكرمـت الـلـئيم تـمـردا
ووضع الندى في موضع السيف بالعلا مضر كوضع السيف في موضع الندى
إن بـنـي صـبـية صــيفـــيون أفـلـح مـن كـان لـه ربـعـيون
يضرب في التندم على ما فات. يقال أصاف الرجل إذا ولد له على كبر سنه، وولده صيفيون. وأربع الرجل إذا ولد له في فتاء سنه وولده ربعيون.
وأصلهما مستعار من نتاج الإبل وذلك أن ربعية النتاج أولاه وصيفيته أخراه فاستعير لأولاد الرجل. يقال أول من قال ذلك سعد بن مالك بن ضبيعة وذلك أنه ولد له على كبر السن فنظر إلى أولاد أخويه عمرو وعوف وهم رجال فقال البيتين وقيل بل قاله معاوية ابن قشير وبتقدمهما قوله:
لبث قليلاً يلحـق الـداريون أهل الجباب البدن المكفيون
سوف ترى أن لحقوا ما يبلون أن بني صبـية صـيفـيون
وكان قد غزا اليمن بولده فقتلوا ونجا وانصرف ولم يبق من أولاده إلا الأصاغر فبعث أخوه سلمة الخير أولاده إليه فقال لهم اجلسوا إلى عمكم وحدثوه ليسلو فنظر معاوية إليهم وهم كبار وأولاده صغار فساءه ذلك وكان عيونا فردهم إلى أبيهم مخافة عينه عليهم وقال هذه الأبيات. وحكى أبو عبيد أنه تمثل به سليمان بن عبد الملك عند موته وكان أراد أن يجعل الخلافة في ولده فلم يكن له يومئذ منهم من يصلح لذلك إلا من كان من أولاد الإماء وكانوا لا يعقدون إلا لأبناء المهائر. قال الجاحظ: كان بنو أمية يرون أن ذهاب ملكهم يكون على يد ابن أم ولد ولذلك قال شاعرهم:
ألم تر للخلافة كيف ضاعت بأن جعلت لأبنـاء الإمـاء

إن العصا من العصية

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 4

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 5

قال أبو عبيد هكذا قال الأصمعي وأنا أحسبه العصية من العصا إلا أن يراد أن الشيء الجليل يكون في بدء أمره صغيراً كما قالوا أن القرم من الأفيل فيجوز حينئذ على هذا المعنى أن يقال العصا من العصية. قال المفضل: أول من قال ذلك الأفعي الجرهمي وذلك أن نزاراً لما حضرته الوفاة جمع بنيه مضر وإياداً وربيعة وإنماراً فقال: يا بني هذه القبة الحمراء وكانت من أدم لمضر وهذا الفرس الأدهم والخباء الأسود لربيعة وهذه الخادم، وكانت شمطاء، لإياد وهذه البدرة والمجلس لأنمار يجلس فيه فإن أشكل عليكم كيف تقتسمون فائتوا الأفعي الجرهمي ومنزله بنجران. فتشاجروا في ميراثه فتوجهوا إلى الأفعي الجرهمي فبينا هم في مسيرهم إليه إذ رأى مضر أثر كلأ قد رعي فقال أن البعير الذي رعى هذا لأعور قال ربيعة أنه لأزور قال إياد إنه لأبتر قال أنمار إنه لشرود. فساروا قليلاً فإذا هم برجل ينشد جمله فسألهم عن البعير فقال مضر أهو أعور قال نعم قال ربيعة أهو أزور قال نعم قال إياد أهو أبتر قال نعم قال أنمار أهو شرود قال نعم وهذه والله صفة بعيري فدلوني عليه قالوا والله ما رأيناه قال هذا والله الكذب وتعلق بهم وقال كيف أصدقكم وأنتم تصفون بعيري بصفته فساروا حتى قدموا نجران فلما نزلوا نادى صاحب البعير هؤلاء أخذوا جملي ووصفوا لي صفته ثم قالوا لم نره فاختصموا إلى الأفعي وهو حكم العرب فقال الأفعي كيف وصفتموه ولم تروه قال مضر رأيته رعى جانباً وترك جانباً فعلمت أنه أعور. وقال ربيعة رأيت أحدى يديه ثابتة الأثر والأخرى فاسدته فعلمت أنه أزور لأنه أفسده بشدة وطئه لازوراره. وقال إياد عرفت أنه أبتر بإجتماع بعره ولو كان ذيالاً لمصع به. وقال أنمار عرفت أنه شرود لأنه كان يرعى في المكان الملتف نبته ثم يجوزه إلى مكان أرق منه وأخبث نبتاً فعلمت أنه شرود. فقال للرجل ليسوا بأصحاب بعيرك فاطلبه ثم سألهم من أنتم فاخبروه فرحب بهم ثم اخبروه بما جاء بهم فقال اتحتاجون إلي وأنتم كما أرى ثم أنزلهم فذبح لهم شاة وأتاهم بخمر وجلس لهم الأفعي حيث لا يرى وهو يسمع كلامهم فقال ربيعة لم أر كاليوم لحكماً أطيب منه لولا أن شاته غذيت بلبن كلبة فقال مضر لم أر كاليوم خمراً أطيب منه لولا أن حبلتها نبتت على قبر فقال أياد لم أر كاليوم رجلاً أسرى منه لولا أنه ليس لأبيه الذي يدعى له فقال أنمار لم أرَ كاليوم كلاماً أنفع في حاجتنا من كلامنا وكان كلامهم بإذنه فقال ما هؤلاء إلا شياطين ثم دعا القهرمان فقال ما هذه الخمر وما أمرها قال هي من حبلة غرستها على قبر أبيك لم يكن عندنا شراب أطيب من شرابها وقال للرعي ما أمر هذه الشاة قال هي عناق أرضعتها بلبن كلبة وذلك أن أمها كانت قد ماتت ولم يكن في الغنم شاة ولدت غيرها ثم أتى أمه فسألها عن أبيه ماخبرته أنها كانت تحت ملك كثير المال وكان لا يولد له، قالت فخفت أن يموت ولا ولد له فيذهب الملك فأمكنت نفسي ابن عم له كان نازلاً عليه فخرج الأفعي إليهم فقص القوم عليه قصتهم واخبروه بما أوصى به أبوهم فقال ما أشبه القبة الحمراء من مال فهو لمضر فذهب بالدنانير والإبل الحمر فسمي مضر الحمراء لذلك. وقال وأما صاحب الفرس الأدهم والخباء الأسود فله كل شيء أسود فصارت لربيعة الخيل الدهم فقيل ربيعة الفرس. وما أشبه الخادم الشمطاء فهو لأياد فصار له الماشية البلق من الحبلق والنقد فسمي أياد الشمطاء وقضى لأنمار بالدراهم وبما فضل فسمي أنمار الفضل. فصدروا من عنده على ذلك فقال الأفعي أن العصا من العصية وإن خشينا من أخشن ومساعدة الخاطل تعد من الباطل فأرسلهن مثلاً. وخشين وأخشن جبلان أحدهما اصغر من الآخر والخاطل الجاهل والخطل في الكلام اضطرابه والعصية تصغير تكبير مثل أنا عذيقها المرجب وجذيلها المحكك والمراد أنهم يشبهون أباهم في جودة الرأي. وقيل أن العصا اسم فرس والعصية اسم أمه يراد أنه يحكي الأم في كرم العرق وشرف العتق.

إن الكذوب قد يصدق

قال أبو عبيد هذا المثل يضرب للرجل تكون الإساءة الغالبة عليه ثم تكون منه الهنة من الإحسان.

إن تحت طريقتك لعندأوة

الطرق الضعف والاسترخاء ورجل مطروق فيه رخوة وضعف. قال ابن أحمر:
ولا تصلي بمطـروق إذا مـا سرى في القوم أصبح مستكينا
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 5

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 6

ومصدره الطريقة بالتشديد والعندأوة فعلأوة من عند يعند عنوداً إذا عدل عن الصواب أو عند يعند إذا خالف ورد الحق: ومعنى المثل أن في لينه وانقياده أحياناً بعض العسر.

إن البلاء موكل بالمنطق

قال المفضل: يقال إن أول من قال ذلك أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه فيما ذكره ابن عباس قال: حدثني علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعرض نفسه على قبائل العرب خرج وأنا معه وأبو بكر فدفعنا إلى مجلس من مجالس العرب. فتقدم أبو بكر وكان نسابة، فسلم فردوا عليه السلام. فقال: ممن القوم? قالوا: من ربيعة فقال: أفمن هامتها أم من لهازمها? قالوا: من هامتها العظمى. قال: فأي هامتها العظمى أنتم? قالوا: ذهل الأكبر. قال: أفمنكم عوف الذي يقال له: لا حر بوادي عوف? قالوا: لا. قال: أفمنكم بسطام ذو اللواء ومنتهى الأحياء? قالوا: لا. قال: أفمنكم جساس ابن مرة حامي الذمار ومانع الجار? قالوا: لا. قال: أفمنكم الحوفزان قاتل الملوك وسالبها أنفسها? قالوا: لا. قال: أفمنكم المزدلف صاحب العمامة الفردة? قالوا لا. قال: أفأنتم أخوال الملوك من كندة? قالوا: لا. قال: فلستم ذهلاً الأكبر أنتم ذهل الأصغر. فقام إليه غلام قد بقل وجهه يقال له دغفل فقال:
إن على سائلنا أن نسـألـه والعبء لا نعرفه أو نحمله
يا هذا إنك قد سألتنا فلم نكتمك شيئاً فمن الرجل أنت? قال: رجل من قريش. قال: بخ بخ أهل الشرف والرياسة، فمن أي قريش أنت? قال: من تيم ابن مرة. قال: أمكنت والله الرامي من صفاء الثغرة أفمنكم قصي بن كلاب الذي جمع القبائل من فهر وكان يدعي مجمعاً? قال: لا. قال: أفمنكم هاشم الذي هشم الثريد لقومه ورجال مكة مسنتون عجاف? قال: لا. قال: أفمنكم شيبة الحمد مطعم طير السماء الذي كأن في وجهه قمراً يضيء ليل الظلام الداجي? قال: لا. قال: أمن المفيضين بالناس أنت? قال: لا. قال: أفمن أهل الندوة أنت? قال: لا. قال: أفمن أهل الرفادة أنت? قال: لا. قال: أفمن أهل الحجابة أنت? قال: لا. قال: أفمن أهل السقاية أنت? قال: لا. قال: واجتذب أبو بكر زمام ناقته فرجع إلى رسول اله صلى الله عليه وسلم فقال دغفل: صادف درأ السيل درأ يصدغه أما والله لو ثبت لأخبرتك أنك من زمعات قريش أو ما أنا بدغفل. قال: فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال علي: قلت لأبي بكر: لقد وقعت من الأعرابي على باقعة. قال: أجل أن لكل طامة طامة وأن البلاء موكل بالمنطق.

إنما سميت هانئاً لتهنأ

يقال هنأت الرجال أهنؤه وأهنئه هنأ إذا أعطيته والاسم الهنء بالكسر وهو العطاء أي سميت بهذا الاسم لتفضل على الناس قال الكسائي: لتهنأ أي لتعول وقال الأموي لتهنئ أي لتمرئ.

إنه لثقاب

يعنى به العالم بمعضلات الأمور. قال أوس بن حجر: جواد كريم أخو ماقط نقاب يحدث بالغائب ويروى عن الشعبي أنه دخل على الحجاج بن يوسف فسأله عن فريضة من الجد فأخبره باختلاف الصحابة فيها حتى ذكر ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فقال الحجاج: إن كان ابن عباس لنقاباً.

إنه لعض

أي داه. قال القطامي:
أحاديث من أنباء عاد وجرهم يثورها العضان زيدود غفل
يعني زيد بن الكيس النمري ودغفلاً الذهلي وكانا عالمي العرب بالأنساب الغامضة والأنباء الخفية.

إنه لواها من الرجال

يروى واها بغير تنوين أي إنه محمود الأخلاق كريم، يعنون إنه أهل لأن يقال له هذه الكلمة وهي كلمة تعجب وتلذذ قال أبو النجم: واها لريا ثم واها واها. ويروى واهاً بالتنوين ويقال للئيم أنه لغير واهاً.

إنما خدش الخدوش أنوش

الخدش الأثر وأنوش هو ابن شيت بن آدم صلى الله عليهما وسلم أي إنه أول من كتب وأثر بالخط في المكتوب. يضرب فيما قدم عهده.

إن العوان لا تعلم الخمرة

قال الكسائي: لم نسمع في العوان بمصدر ولا فعل. قال الفراء: يقال عونت تعويناً وهي عوان بينة التعوين، والخمرة من الاختمار كالجلسة من الجلوس اسم للهيئة والحال أي أنها لا تحتاج إلى تعليم الاختمار. يضرب للرجل المجرب.

إن النساء لحم على وضم

الوضم ما وقي به اللحم من الأرض من بارية أو غيرها وهذا المثل يروى عن عمر رضي الله عنه حين قال: لا يخلون رجل بمغيبة أن النساء لحم على وضم.
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 6

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 7

إن البيع مرتخص وغال

قالوا: أول من قال ذلك أحيحة بن الجلاح الأوسي سيد يثرب وكان سبب ذلك أن قيس بن زهير العبسي أتاه وكان صديقاً له لما وقع الشر بينه وبين عامر وخرج إلى المدينة ليتجهز لقتالهم حيث قتل خالد بن جعفر زهير بن جذيمة. فقال قيس لأحيحة: يا أبا عمرو نبئت أن عندك درعاً فبعنيها أو هبها لي. فقال: يا أخا بني عبس ليس مثلي يبيع السلاح ولا يفضل عنه ولولا أني أكره أن أستلئم إلى بني عامر لوهبتها لك ولحملتك على سوابق خيلي، ولكن أشترها بابن لبون فإن البيع مرتخص وغال. فأرسلها مثلاً فقال له قيس: وما تكره من استلآمك إلى بني عامر? قال: كيف لا أكره ذلك وخالد بن جعفر الذي يقول:
إذا ما أردت العز في دار يثرب فناد بصوت يا أحيحة تمـنـع
رأينا أبا عمرو أحـيحة جـاره يبيت قرير العين غير مـروع
ومن يأته من خائف ينس خوفه ومن يأته من جائع البطن يشبع
فضائل كانت للجـلاح قـديمة وأكرم بفخر من خصالك أربع
فقال قيس يا أبا عمرو ما بعد هذا عليك من لوم ولهي عنه.

إلا حظية فلا ألية

مصدر الحظية الحظوة والحظوة والحظة والألية فعيلة من الألو وهو التقصير ونصب حظية وألية على تقدير إلا أكن حظية فلا أكون ألية وهي فعيلة بمعنى فاعلة يعني آلية، ويجوز أن يكون للإزدواج والحظية فعيلة بمعنى مفعوله. يقال: أحظاها الله فهي حظية ويجوز أن تكون بمعنى فاعلة. يقال: حظي فلان عند فلان يحظى حظوة فهو حظيّ والمرأة حظية. قال أبو عبيد: أصل هذا في المرأة تصلف عند زوجها. فيقال لها: إن أخطأتك الحظوة فلا تألي أن تتوددي إليه. يضرب في الأمر بمداراة الناس ليدرك بعض ما يحتاج إليه منهم.

أمامها تلقى أمة عملها

أي أن الأمة أينما توجهت لقيت عملاً.

إنه لأخيل من مذالة

أخيل أفعل من خال يخال خالاً إذا اختال وإن كنت للخال فاذهب فخل. والمذالة المهانة. يضرب للمختال مهاناً.

إني لآكل الرأس وأنا أعلم ما فيه

يضرب للأمر تأتيه وأنت تعلم ما فيه مما تكره.

إذا جاء الحين حارت العين

قال أبو عبيد: وقد روي نحو هذا عن ابن عباس. وذلك أن نجدة الحري أو نافعاً الأزرق قال له: أنك تقول أن الهدهد إذا نقر الأرض عرف مسافة ما بينه وبين الماء وهو لا يبصر شعيرة الفخ. فقال: إذا جاء القدر عمي البصر.

إنه لشديد جفن العين

يضرب لمن يقدر أن يصبر على السهر.

أنف في السماء واست في الماء

يضرب للمتكبر الصغير الشأن.

أنفك منك وإن كان أذن

الذنين ما يسيل من الأنف من المخاط وقد ذنّ الرجل يذن ذنيناً فهو أذنّ، والمرأة ذناء. وهذا المثل مثل قولهم أنفك منك وإن كان أجدع.

إنه لخفيف الشقة

يريدون أنه قليل المسألة للناس تعففاً.

إذا أرجعن شاصياً فارفع يدا

وروى أبو عبيد أرجحن وهما بمعنى مال ويروى أجرعن وهو قلب أرجعن وشاصياً من شصا يشصو شصواً إذا ارتفع يقول إذا سقط الرجل وارتفعت رجله فاكفف عنه يريدون إذا خضع لك فكف عنه.

إن الذليل الذي ليست له عضد

أي أنصار وأعوان ومنه قوله تعالى: "وما كنت متخذ المضلين عضداً". وفت في عضده أي كسر من قوته. يضرب لمن يخذله ناصره.

إن كنت بي تشد أزرك فأرخه

أي أن تتكل علي في حاجتك فقد حرمتها.

إن يدم أظلك فقد نقب خفي

الأظل ما تحت منسم البعير والخف واحد الأخفاف وهي قوائمه. يضربه المشكو إليه للشاكي أي أنا منه في مثل ما تشكوه.

أتتك بحائن رجلاه

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 7

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 8

كان المفضل يخبر بقائل هذا المثل فيقول إنه الحرث بن جبلة الغساني قاله للحرث ابن عيف العبدي وكان ابن العيف قد هجاه فلما عزا الحرث بن جبلة المنذر بن ماء السماء كان ابن العيف معه فقتل المنذر وتفرقت جموعه واسر ابن العيف فأتى به إلى الحرث بن جبلة فعندها قال: أتتك بحائن رجلاه يعني مسيره مع المنذر إليه ثم أمر الحرث سيافه الدلامص فضربه ضربة دقت منكبه ثم برأ منها وبه خبل. وقيل: أول من قاله عبيد بن الأبرص للنعمان ابن المنذر في يوم بؤسه وكان قصده ليمدحه ولم يعرف أنه يوم بؤسه فلما إنتهى إليه قال له النعمان ما جاء بك يا عبيد قال أتتك بحائن رجلاه فقال النعمان هلا كان هذا غيرك قال البلايا على الحوايا فذهبت كلمتاه مثلاً. وستأتي القصة بتمامها في موضع آخر من الكتاب إن شاء الله تعالى.

إياك وأهلب العضرط

الأهلب الكثير الشعر والعضرط ما بين السبة والمذاكير ويقال له العجان وأصل المثل أن امرأة قال لها ابنها: ما أجد أحداً إلا قهرته وغلبته. فقالت: يا بني إياك وأهلب العضرط قال فصرعه رجل مرة فرآى في أسته شعراً فقال هذا الذي كانت أمي تحذرني منه. يضرب في التحذير للمعجب بنفسه.

أنت كالمصطاد باسته

هذا مثل يضرب لمن يطلب أمراً فيناله من قرب.

أنا ابن بجدتها

أي أنا عالم بها، والهاء راجعة إلى الأرض يقال: عنده بجدة ذاك أي علم ذاك ويقال أيضاً هو ابن مدينتها وابن بجدتها من مدن بالمكان وبجد إذا أقام به ومن أقام بموضع علم ذلك الموضع. ويقال البجدة التراب فكان قولهم أنا ابن بجدتها أنا مخلوق من تربها. قال كعب بن زهير:
فيها ابن بجدتها يكـاد يذيبـه وقد النهار إذا استنار الصيخد
يعني بابن بجتها الحرباء والهاء في قوله فيها ترجع إلى الفلاة التي يصفها.

إلى أمه يلهف اللهفان

يضرب في استعانة الرجل بأهله وأخوانه واللهفان المتحسر على الشيء واللهيف المضطر فوضع اللهفان موضع اللهيف ولهف معناه تلهف أي تحسر وإنما وصل بالي على معنى يلجأ ويفر وفي هذا المعنى قال القطامي:
وإذا يصيبك والحوادث جـمة حدث حداك إلى أخيك الأوثق

أم فرشت فأنامت

يضرب في بر الرجل بصاحبه قال قراد:
وكنت له عماً لطيفاً ووالداً رؤوفاً وأماً مهدت فأنامت

إذا عز أخوك فهن

قال أبو عبيد: معناه مياسرتك صديقك ليست بضيم يركبك منه فتدخلك الحمية به إنما هو حسن خلق وتفضل فإذا عاسرك فياسره وكان المفضل يقول أن المثل لهذيل بن هبيرة التغلبي وكان أغار على بني ضبة فغنم فاقبل بالغنائم فقال له أصحابه: أقسمها بيننا. فقال: إني أخاف أن تشاغلتم بالاقتسام أن يدرككم الطلب. فأبوا. فعندها قال: إذا عز أخوك فهن. ثم نزل فقسم بينهم الغنائم وينشد لابن أحمر:
دببت له الضراء وقلت أبقى إذا عز ابن عمك أن تهونـا
أخاك أخاك إن من لا أخا له كساع إلى الهيجا بغير سلاح
نصب قوله، أخاك، بإضمار فعل أي الزم أخاك أو أكرم أخاك، وقوله: أن من لا أخا له، أراد، لا أخ له، فزاد ألفاً لأن في قوله، له، معنى الإضافة ويجوز أن يحمل على الأصل أي إنه في الأصل، أخو، فلما صار أخا، كعصى ورحى، ترك ههنا على أصله.

أي الرجال المهذب

أول من قاله، النابغة حيث قال:
ولست بمستبق أخاً لا تـلـمـه على شعث أي الرجال المهذب

أنا عذلة وأخي خذلة وكلانا ليس بابن أمه

يضرب لمن يخذلك وتعذله.

إنه لحثيث التوالي

ويقال، لسريع التوالي؛ يقال ذلك للفرس، وتواليه: مآخيره، رجلاه وذنبه، وتوالي كل شيء، أواخره.
يضرب للرجل الجاد المسرع.

أخوك من صدقك النصيحة

يعني، النصيحة في أمر الدين والدنيا، أي صدقك في النصيحة، فحذف في وأوصل الفعل. وفي بعض الحديث، الرجل مرآة أخيه، يعني، إذا رأى من ما يكره أخبره به ونهاه عنه، ولا يوطئه العشوة.

إن تسلم الجلة فالنيب هدر

الجلة، جمع جليل، يعني: العظمام من الإبل؛ والنيب، جمع ناب، وهي الناقة المسنة، يعني، إذا سلم ما ينتفع به، هان ما لا ينتفع به.

إذا ترضيت أخاك فلا أخا لك

الترضي، الإرضاء بجهد ومشقة. يقول: إذا ألجأك أخوك إلى أن تترضاه وتداريه، فليس هو بأخ لك.

إن أخاك ليسر بأن يعتقل

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 8

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 9

قاله رجل لرجل، قتل له قتيل، فعرض عليه العقل، فقال: لا آخذه. فحدث بذلك رجلاً فقال: بل والله أن أخاك ليسر بأن يعتقل أي، يأخذ العقل. يريد أنه في امتناعه من أخذ الدية غير صادق. يضرب في موضع الذم للكذب.

أصوص عليها صوص

الأصوص، الناقة الحائل السمينة، والصوص، اللئيم. قال الشاعر:
فألفيتكم صوصاً لصوصاً إذا دجا الظلام وهيابين عند البوارق.
يضرب، للأصل الكريم، يظهر منه فرع لئيم، ويستوي في الصوص الواحد والجمع.

أخذت الإبل أسلحتها

ويروى، رماحها. وذلك أن تسمن فلا يجد صاحبها من قلبه أن ينحرها.

إنه يحمي الحقيقة وينسل الوديقة ويسوق الوسيقة

أي، يحمي ما تحقق عليه حمايته، وينسل، أي يسرع العدو في شدة الحر وإذا أخذ إبلاً من قوم، أغار عليهم، لم يطردها طرداً شديداً، خوفاً من أن يلحق بل يسوقها سوقاً على تؤدة، ثقة بما عنده من القوة.

إن ضج فزده وقراً

ويروى، أن جرجر فزده ثقلاً، أصل هذا في الإبل، ثم صار مثلاً، لأن تكلف الرجل الحاجة فلا يضبطها، بل يضجر منها فيطلب أن تخفف عنه، فتزيده أخرى، كما يقال: زيادة الأبرام تدنيك من نيل المرام. ومثله:

إن أعيا فزده نوطاً

النوط، العلاوة بين الجوالقين. يضرب، في سؤال البخيل وإن كرهه.

إنما يجزي الفتى ليس الجمل

يريد، لا الجمل. يضرب، في المكافأة، أي، إنما يجزيك من فيه إنسانية لا من فيه بهيمية. ويروى، الفتى يجزيك لا الجمل، يعني، الفتى الكيس لا الأحمق.

إنما القرم من الأفيل

القرم، الفحل؛ والأفيل، الفصيل، يضرب لمن يعظم بعد صغره.

إذا زحف البعير أعيته أذناه

يقال، زحف البعير، إذا أعيا فجر فرسنه عياء، قاله الخليل. يضرب، لمن يثقل عليه حمله فيضيق به ذرعاً.

إحدى نواده البكر

وروى أبو عمرو: أحدى نواده النكر، النده، الزجر، والنواده الزواجر، يضرب، مثلاً للمرأة الجريئة السليطة وللرجل الشغب.

إنما أكلت يوم أكل الثور الأبيض

يروى، أن أمير المؤمنين علياً، رضي الله تعالى عنه، قال: إنما مثلي ومثل عثمان كمثل أثوار ثلاثة كن في أجمة، أبيض وأسود وأحمر، ومعهن فيها أسد، فكان لا يقدر منهن على شيء لاجتماعهن عليه. فقال للثور الأسود والثور الأحمر: لا يدل علينا في أجمتنا إلا الثور الأبيض، فإن لونه مشهور ولوني على لونكما، فلو تركتماني آكله، صفت لنا الأجمة. فقالا: دونك فكله. فأكله. فلما مضت أيام قال للأحمر: لوني على لونك فدعني آكل الأسود لتصفو لنا الأجمة. فقال: دونك فكله. فأكله. ثم قال للأحمر: إني أكلك لا محالة. فقال: دعني أنادي ثلاثاً. فقال: افعل. فنادى، ألا إني أكلت يوم أكل أثور الأبيض. ثم قال علي رضي الله تعالى عنه: إلا إني هنت، ويروى: وهنت يومك قتل عثمان يرفع بها صوته يضربه الرجل، يرزأ بأخيه.

إن ذهب عير فعير في الرباط

الرباط، ما تشد به الدابة. يقال: قطع الظبي رباطه أي حبالته. يقال للصائد، إن ذهب عير فلم يعلق في الحبالة، فاقتصر على ما علق. يضرب، في الرضا بالحاضر وترك الغائب.

إنما فلان عنز عزوز لها در جم

العزوز، الضيقة الإحليل. يضرب، للبخيل الموسر.

إنما هو كبارح الأروى قليلاً ما يرى

وذلك، أن الأروى مساكنها الجبال فلا يكاد الناس يرونها سانحة ولا بارحة إلا في الدهر مرة. يضرب، لمن يرى منه الإحسان في الأحايين، وقوله هو كناية عما يبذل ويعطى هذا الذي يضرب به المثل.

أول الصيد فرع

الفرع، أول ولد تنتجه الناقة، كانوا يذبحونه لآلهتهم يتبركون بذلك وكان الرجل يقول: إذا تمت إبلي كذا نحرت أول نتيج منها، وكانوا إذا أرادوا نحره زينوه وألبسوه. ولذلك قال أوس يذكر أزمة في شدة البرد:
شبه الهيدب العام من الأقوام سقبا مجللاً فرعا
قال أبو عمر: ويضرب عند أول ما يرى من خير في زرع أو ضرع وفي جميع المنافع. ويروى، أول الصيد فرع ونصاب؛ وذلك أنهم يرسلون أول شيء يصيدونه يتيمنون به. ويروى، أول صيد فرعه أي أراق دمه، وأول رفع على تقدير هو أو هذا أول صيد فرعه. يضرب لمن لم ير منه خير قبل فعلته هذه.

أخذه أخذ سبعة

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 9

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 10

قال الأصمعي: يعني، أخذ سبُعة بضم الباء، وهي اللبوة. وقال ابن الأعرابي: أخذ سبعة، أراد سبعة من العدد، قال: وإنما خص سبعة لأن أكثر ما يستعملونه. في كلامهم سبع كقولهم: سبع سموات وسبع أرضين وسبعة أيام. وقال ابن الكلبي: سبعة رجل شديد الأخذ. يضرب به المثل، وهو سبعة بن عوف بن ثعلبة بن سلامان بن ثعل بن عمرو بن الغوث.

إنما أنت خلاف الضبع الراكب

وذلك، أن الضبع إذا رأت راكباً خالفته وأخذت في ناحية أخرى هرباً منه والذئب يعارضه مضادة للضبع. يضرب، لمن يخالف الناس فيما يصنعون، ونصب خلاف على المصدر أي تخالف خلاف الضبع.

إذا نام ظالع الكلاب

قال الأصمعي: وذلك أن الظالع منها لا يقدر أن يعاظل مع صحاحها لضعفه فهو يؤخر ذلك وينتظر فراغ آخرها فلا ينام حتى إذا لم يبق منها شيء سفد حينئذ ثم نام.
يضرب، في تأخير قضاء الحاجة. قال الحطيئة:
ألا طرقتنا بعد ما نام ظالع الكلاب وأخبى ناره كل موقد

إنما هو ذنب الثعلب

أصحاب الصيد يقولون: رواغ الثعلب بذنبه يميله فتتبع الكلاب ذنبه. يقال: أروغ من ذنب الثعلب. يضرب، للرجل الكثير الروغان.
إذا اعترضت كاعتراض الهرة أوشكت أن تسقط في أفـره
اعترض: افتعل من العرض وهو النشاط، والأفرة: الشدة. يضرب، للنشيط يغفل عن العاقبة.

إن تك ضباً فإني حسله

يضرب، في أن يلقى الرجل مثله في العلم والدهاء.

أخذه أخذ الضب ولده

أي أخذه أخذة شديدة أراد بها هلكته، وذلك أن الضب يحرس بيضه عن الهوام فإذا خرجت أولاده من البيض ظنها بعض أحناش الأرض فجعل يأخذ ولده، واحداً بعد واحد ويقتله فلا ينجو منه إلا الشريد.

إنه لصل أصلال

الصل: حية تقتل لساعتها إذا نهشت. يضرب، للداهي. قال الشاعر:
ماذا رزئنا به من حية ذكـر نضناضة بالمنايا صل أصلال

إذا أخذت بذنبه الضب أغضبته

ويروى، برأس الضب، والذنبة الدنب واحد وقيل: الذنبة غير مستعملة. يضرب، لمن يلجئ غيره إلى ما يكره.

إنه لهتر أهتار

الهتر: العجب والداهية. يضرب، للرجل الداهي المنكر. قال بعضهم: الهتر، في اللغة، العجب. فسمي الرجل الداهي به كأن الدهر أبدعه وأبرزه للناس ليعجبوا منه، والهتر الباطل فإذا قيل فلان هتر أي من دهائه يعرض الباطل في معرض الحق فهو لا يخلو أبداً من باطل فجعلوه نفس الباطل كقول الخنساء: فإنما هي إقبال وإدبار وأضافه إلى أجناسه إشارة إلى أنه تميز منهم بخاصية يفضلهم بها ومثله، صل أصلال وأصله الحية تكون في الصلة وهي الأرض اليابسة.

إنه ليقرد فلاناً

أي يختال له ويخدعه حتى يستمكن منه واصله، أن يجيء الرجل بالخطام إلى البعير الصعب وقد ستره عنه لئلا يمتنع ثم ينتزع منه قراداً حتى يستأنس البعير ويدني إليه رأسه فيرمي بالخطام في عنقه وفيه يقول الحطيئة:
لعمرك ما قراد بني كليب إذا نزع القراد بمستطاع
أي لا ينزعون

الإثم حزاز القلوب

يعني، ما حز فيها وحكها أي أثر كما قيل الإثم ما حك في قلبك وإن أفتاك الناس عنه وأفتوك؛ والحزاز، ما يتحرك في القلب من الغم، ومنه قول ابن سيرين حين قيل له: ما أشد الورع? فقال، ما أيسره إذا شككت في شيء، فدعه.

أيها الممتن على نفسك فليكن المن عليك

الامتنان، الإنعام والإحسان، يقال، لمن يحسن إلى نفسه، قد جذبت بما فعلت المنفعة إلى نفسك فلا تمن به على غيرك.

الأوب أوب نعامة

الأوب، الرجوع. يضرب، لمن يعجل الرجوع ويسرع فيه.

إنه لواقع الطائر

قال الأصمعي: إنما يضرب هذا، لمن يوصف بالحلم والوقار.

إذا حككت قرحة أدميتها

يحكى هذا عن عمرو بن العاص، وقد كان اعتزل الناس في آخر خلافة عثمان بن عفان، رضي الله تعالى عنه، فلما بلغه حصره ثم قتله، قال: إنا أبو عبد الله إذا حككت قرحة أدميتها. روي عن عامر الشعبي أنه كان يقول الدهاة، أربعة: معاوية وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة وزياد بن أبيه.

إنما هو كبرق الخلب

يقال: برق خلب وبرق خلب بالإضافة، وهما البرق الذي لا غيث معه كأنه خادع، والخلب أيضاً، السحاب الذي لا مطر فيه. فإذا قيل، برق الخلب، فمعناه، برق السحاب الخلب يضرب، لمن يعد ثم يخلف ولا ينجز.

إن يبغ عليك قومك لا يبغ عليك القمر

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 10

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 11

قال المفضل بن محمد: بلغنا أن بني ثعلبة بن سعد بن ضبة في الجاهلية تراهنوا على الشمس والقمر ليلة أربع عشرة. فقالت طائفة: تطلع الشمس فتراضوا برجل جعلوه بينهم فقال رجل منهم: إن قومي يبغون علي؛ فقال: العدل أن يبغ عليك قومك لا يبغ عليك القمر. فذهب مثلاً هذا كلامه، والبغي الظلم. يقول: إن ظلمك قومك لا يظلمك القمر فانظر يتبين لك الأمر والحق. يضرب، للأمر المشهور.

إذا سمعت الرجل يقول فيك من الخير ما ليس فيك

فلا تأمن أن يقول فيك من الشر ما ليس فيك

قاله وهب بن منبه رحمه الله. يضرب، في ذم الإسراف في الشيء.

إذا اتخذتم عند رجل يداً فانسوها

قال بعض حكماء العرب لبنيه. قال أبو عبيد: أراد حتى لا يقع في أنفسكم الطول على الناس بالقلوب ولا تذكروها بالألسنة. قال:
أفسدت بالمن ما أصلحت من يسر ليس الكريم إذا أسدى بـمـنـان

إنه لمنجذ

أي محنك واصله من الناجذ، وهو أقصى أسنان الإنسان. هذا قول بعضهم والصحيح، إنها الأسنان كلها لما جاء في الحديث. فضحك حتى بدت نواجذه. قال الشماخ:

نواجذهن كالحدا الوقيع

ويروى أنه، لمنجد، بالدال، غير معجمة من النجد وهو المكان المرتفع أو من النجدة وهي الشجاعة أي إنه مقوى بالتجارب.

أكلا وذماً

أي يؤكل أكلاً ويذم ذماً. يضرب، لمن يذم شيئاً قد ينتفع به وهو لا يستحق الذم.

إن النساء شقائق الأقوام

الشقائق، جمع شقيقة، وهي كل ما يشق باثنين، وأراد بالأقوام، الرجال، على قول من يقول: القوم يقع على الرجال دون النساء ومعنى المثل، أن النساء مخثل الرجال وشقت منهم فلهن مثل ما عليهن من الحقوق.

إذا أدبر الدهر عن قوم كفى عدوهم

أي، إذا ساعدهم كفاهم أمر عدوهم.

إذا قطعنا علماًُ بدا علم

الجبل، يقال له العلم، أي إذا فرغنا من أمر حدث أمر آخر.

إذا ضربت فأوجع وإذا زجرت فأسمع

يضرب، في المبالغة وترك التواني والعجز.

إذا سأل ألحف وإن سئل سوف

قاله عون بن عبد الله بن عتبة في رجل ذكره.

إن كنت ريحاً فقد لاقيت إعصارا

قال أبو عبيدة: الإعصار، ريح تهب شديدة فيما بين السماء والأرض. يضرب مثلاً للمدل بنفسه إذا صلى بمن هو أدهى منه وأشد.

أمر نهار قضي ليلاً

يضرب، لما جاء القوم على غرة منهم ممن لم يكونوا تأهبوا له.

أمر سري عليه بليل

أي، قد تقدم فيه وليس فجأة وهذا ضد الأول.

أمر مبكياتك لا أمر مضحكاتك

قال المفضل: بلغنا أن فتاة من بنات العرب كانت لها خالات وعمات فكانت إذا زارت خالاتها ألهينها وأضحكنها وإذا زارت عماتها أدبنها وأخذن عليها. فقالت لأبيها: إن خالاتي يلطفنني وإن عماتي يبكينني. فقال أبوها وقد علم القصة: أمر مبكياتك أي الزمي واقبلي أمر مبكياتك. ويروى أمر بالرفع أي أمر مبكياتك أولى بالقبول والأتباع من غيره.

إن الليل طويل وأنت مقمر

قال المفضل: كان السليك بن السلكة السعدي نائماً مشتملاً، فبينا هو كذلك إذ جثم رجل على صدره ثم قال له: استأسر. فقال له سليك: الليل طويل وأنت مقمر أي في القمر، يعني أنك تجد غيري فتعدني فأبى، فلما رأى سليك ذلك التوي عليه وتسنمه. يضرب، عند الأمر بالصبر والتأني في طلب الحاجة.

إن مع اليوم غدايا مسعدة

يضرب، مثلاً في تنقل الدول على مر الأيام وكرها.

إحدى لياليك فهيسي هيسي

قال الأموي: الهيس، السير أي ضرب كان وأنشد.
أحدى لياليك فهيسي هيسي لا تنعمي الليلة بالتعريس
يضرب للرجل يأتني الأمر يحتاج فيه إلى الجد والاجتهاد. ومثله قولهم: أحدى لياليك من ابن الحر. إذا مشى خلفك لم تجتري. إلا بقيصوم وشيح مر يضرب هذا في المبادرة لأن اللص إذا طرد الإبل ضربها ضرباً يعجلها أن تجتر.

أنا ابن جلا

يضرب للمشهور المتعلم. وهو من قول سحيم بن وثيل الرياحي:
أنا ابن جلا وطلاع الثـنـايا متى أضع العمامة تعرفوني
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 11

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 12

وتمثل به الحجاج على منبر الكوفة قال بعضهم: ابن جلا النهار. وحكي عن عيسى بن عمر أنه كان لا يصرف رجلاً يسمى بضرب ويحتج بهذا البيت ويقول لم ينون جلا لأنه على وزن فعل قالوا وليس له في البيت حجة لأن الشاعر أراد الحكاية فحكى الاسم على ما كان عليه قبل التسمية وتقديره أنا ابن الذي يقال له جلا الأمور وكشفها.

إنه لأريض للخير

يقال: أرض أراضة فهو أريض، كما يقال خلق خلاقة فهو خليق، يضرب للرجل الكامل الخير، أي أنه أهل لأن تأتي منه الخصال الكريمة.

أخذت الأرض زخاريها

وذلك إذا طال النبت والتف وخرج زهره ومكان زخاري النبات إذا كان نبته كذلك من قولهم زخر النبت قال ابن مقبل:
زخاريّ النبات كأن فيه جياد العبقرية والقطوع
يضرب لمن صلح خاله بعد فساد.

إن جانب أعياك فالحق بجانب

يضرب عند ضيق الأمر والحث على التصرف ومثله، وفي الأرض للحر الكريم منادح، أي متسع ومرتزق.

أنا إذن كالخاتل بالمرخة

المرخ، الشجر الذي يكون منه الزناد وهو يطول في السماء حتى يستظلّ به قالوا وله ثمرة كأنها هذه الباقلك. ومعنى المثل: أنا أباديك وأن لم أفعل فأنا إذن كمن يختل قرنه بالمرخة في أن لها ظلاً وثمرة ولا طائل لها إذا فتش عن حقيقتها. يضرب في نفي الجبن، أي لا أخافك.

أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب

الجذيل، تصغير الجذل وهو أصل الشجرة. والمحكك، الذي تتحكك به الإبل الجربى وهو عود ينصب في مبارك الإبل تتمرس به الإبل الجربى. والعذيق، تصغير العذق، بفتح العين، وهو النخلة. والمرجب، الذي جعل له رجبة وهي دعامة تبنى من حولها الحجارة وذلك إذا كانت النخلة كريمة وطالت، تخوفوا عليها أن تنقعر من الرياح العواصف، وهذا تصغير يراد به التكبير نحو قول لبيد:
وكل أناس سوف تدخل بينهم دويهية تصفر منها الأنامل
يعني الموت.
قال أبو عبيد: هذا قول الحباب بن المنذر بن الجموح الأنصاري قاله يوم السقيفة عند بيعة أبي بكر، يريد أنه رجل يستشفى برأيه وعقله.

إياكم وخضراء الدمن

قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل له: وما ذاك يا رسول الله? فقال: المرأة الحسناء في منبت السوء. قال أبو عبيد: نراه أراد فساد النسب إذا خيف أن يكون لغير رشده وإنما جعلها خضراء الورق وهي ماتت منه الإبل والغنم من أبوالها وأبعارها، لأنه ربما نبت فيها النبات الحسن فيكون منظره حسناً أنيقاً ومنبته فاسداً، هذا كلامه، قلت: أن أيا كلمة تخصيص وتقدير المثل إياكم أخص بنصحي وأحذركم خضراء الدمن، وأدخل الواو ليعطف الفعل المقدر على الفعل المقدر، أي أخصكم وأحذركم، ولهذا لا يجوز حذفها إلا في ضرورة الشعر لا تقول إياك الأسد إلا عند الضرورة كما قال: وإياك المحاين أن تحينا.

إنك لعالم بمنابت القصيص

قالوا: القصيص، جمع قصيصة وهي شجيرة تنبت عند الكمأة فيستدل على الكمأة بها. يضرب للرجل العالم بما يحتاج إليه.

إنه لأحمر كأنه الصربة

قال أبو زياد: ليس في العضاه أكثر صمغاً من الطلح، وصمغه أحمر يقال له الصربة. يضرب في وصف الأحمر إذا بولغ في وصفه.

إن ترد الماء بماء أكيس

أي مع ماء، كما قال تعالى: وقد دخلوا بالكفر. يعني، أن ترد الماء ومعك ماء أن احتجت إليه كان معك خير لك من أن تفرط في حمله ولعلك تهجم على غير ماء. وهذا قريب من قولهم، عش أبلك ولا تغتر. يضربان في الأخذ بالحزم. وقالوا في قوله أكيس، أي أقرب إلى الكيس قلت: هذا لا يصح لأنك لو قلت زيد أحسن كان معناه أن حسنه يزيد على حسن غيره لا أه أقرب إلى الحسن من غيره، ولكن لما كان الوارد منهم يحتاج إلى كيس لخفاء مواردهم، قالوا إذا كان معك شيء من الماء وقصدت الورود فلا تضع ما معك ثقة بورودك ليزيد كيسك على كيس من لم يصنع صنيعك. هذا وجه. ويجوز أن يقال أنهم يضعون أفعل موضع الاسم كقولهم، أشأم كل امرئ بين فكيه، أي شؤم كل امرئ. وكقول زهير: فتنتج لكم غلمان أشأم، أي غلمان شؤم. فيكون معنى المثل على هذا التقدير ورودك الماء مع ماء أكيس، أي كياسة وحزم.

إنما أخشى سيل تلعتي

التلعة، مسيل الماء من السند إلى بطن الوادي. ومعنى المثل، أني أخاف شر أقاربي وبني عمي. يضرب في شكوى الأقرباء.

أخذه برمته

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 12

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 13

أي بجملته. الرمة، قطعة من الحبل بالية والجمع رمم ورمام، وأصل المثل أن رجلاً دفع إلى رجل بعيراً بحبل في عنقه، فقيل لكل من دفع شيئاً بجملته دفعته إليه برمته وأخذه منه برمته. والأصل ما ذكرنا.

إنه لمعتلث الزناد

العلث، الخلط وكذلك الغلث، بالغين المعجمة. والمثل يروى بالوجهين، وأصله أن يعترض الرجل الشجر اعتراضاً فيتخذ زناده مما وجد. واعتلث، بمعنى علث والمعتلث المخلوط. يضرب لمن لم يتخير أبوه في المنكح.

إنه لألمعي

ومثله لوذعي. يضرب للرجل المصيب بظنونه، قال أوس بن حجر: اللأمعي الذي يظن بك الظن كأن قد رأى وقد سمعا وأصله، من لمع، إذا أضاء كأنه لمع له ما ظلم على غيره. وفي حديث مرفوع أنه عليه الصلاة والسلام قال: "لم تكن أمة إلا كان فيها محدث فإن يكن في هذه الأمة محدث فهو عمر. قيل: وما أحدث? قال: الذي يرى الرأي ويظن الظن فيكون كما رأى وكما ظن". وكان عمر رضي الله تعالى عنه كذلك.

أي فتى قتله الدخان

أصله، أن امرأة كانت تبكي رجلاُ قتله الدخان وتقول: أي فتى قتله الدخان! فأجابها مجيب فقال: لو كان ذا حيلة لتحول. يضرب للقليل الحيلة.

إن الغني طويل الذيل مياس

أي، لا يستطيع صاحب الغنى أن يكتمه. وهذا كقولهم: أبت الدراهم إلا أن تخرج أعناقها. قاله عمر رضي الله عنه في بعض عماله.

إن لم تغلب فاخلب

ويروى، فاخلب، بالكسر، والصحيح الضم، يقال: خلب خلابة وهي الخديعة ويراد به الخدعة في الحرب كما قيل: نفاذ الرأي في الحرب أنفذ من الطعن والضرب.
إن أخا الـهـيجـاء مـن يسـعـى مـعـك ومن يضر نفسه لينفعك يضرب في المساعدة.

إني لأنظر إليه وإلى السيف

يضرب للمشنوء المكروه الطلعة.

الأمر سلكي وليس بمخلوجة

السلكي، الطعنة المستقيمة. والمخلوجة، المعوجة من الخلج وهو الجذب، وأنث الأمر على تقدير الجمع وعلى تقدير الأمر مثل سلكي أمثل طعنة سلكى، وإن كان لا يوصف بها النكرة، فلا يجوز امرأة صغرى وجارية طولى، وقد عيب على أبي نواس قوله: كأن صغرى وكبرى من فواقعها. ألا أن يجعل اسماً كقوله:
وإن دعوت إلى جلى ومكرمة
قالوا: الجلى الأمر العظيم، فكذلك السلكى الأمر المستقيم، والأصل في هذا قول امرئ القيس، نطعنهم سلكى ومخلوجة. أي طعنة مستقيمة وهي التي تقابل المطعون فتكون أسلك فيه. يضرب في استقامة الأمر ونقي ضدها.

أزمت شجعات بما فيها

الأزم، الضيق، يقال أزم يأزم إذا ضاق، والمأزوم، المضيق في الحرب وشجعات، ثنية معروفة. ولهذا المثل قصة ذكرتها عند قوله: أنجز حر ما وعد. في باب النون.

إنه لأنفذ من خازق

الخازق، والخاسق، السنان النافذ. يوصف به النافذ في الأمور.

إحدى حظيات لقمان

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 13

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 14

الحظية، تصغير الحظوة بفتح حائه وهي المرماة. قال أبو عبيد: هي التي لا نصل لها. ولقمان هذا، هو لقمان بن عاد، وحديثه أنه كان بينه وبين رجلين من عاد يقال لهما عمرو وكنعب ابنا تقن بن معاوية قتال وكانا ربي إبل وكان لقمان رب غنم فأعجبت لقمان الإبل فراودهما عنهما فأبيا أن يبيعاه فعمد إلى البان غنمه من ضأن ومعزى وأنافح من أنافح السخل فلما رأيا ذلك لم يلتفتا إليه ولم يرغبا في البان الغنم، فلما رأى ذلك لقمان قال: اشترياها ابني تقن. أقبلت ميسا. وأدبرت هيسا. وملأت البيت أقطا وحيسا. اشترياها ابني تقن إنها الضأن تجز جفالاً. وتنتج رخالاً. وتحلب كثباً ثقالاً. فقالا: لا نشريها بالقم أنها الإبل حملن فاتسقن. وجرين فأعنقن وبغير ذلك أفلتن. يغزرن إذا قطن. فلم يبيعاه الإبل ولم يشريا الغنم، فجعل لقمان يداورهما، وكانا يهابانه، وكان يلتمس أن يغفلا فيشد على الإبل ويطردها، فلما كان ذات يوم أصابا أرنباً وهو يرصدهما رجاء أن يصيبهما فيذهب بالإبل فأخذا صفيحة من الصفا فجعلها أحدهما في يده ثم جعل عليها كومة من تراب قد أحمياه فملا الأرنب في ذلك التراب فلما أنضجاها نفضا عنها التراب فأكلاها فقال لقمان: يا ويله أنيئة أكلاها أم الريح اقبلاها أم بالشيخ اشتوياها. ولما رآهما لقمان لا يغفلان عن إبلهما ولم يجد فيهما مطعماً لقيهما ومع كل واحد منهما جفير مملوء نبلاً وليس معه غير نبلين فخدعهما فقال: ما تصنعان بهذه النبل الكثيرة التي معكما? إنما هي حطب فوالله ما أحمل معي غير نبلين فإن لم أصب بهما فلست بمصيب. فعمدا إلى نبلهما فنثراها غير سهمين، فعمد إلى النبل فحواها ولم يصب لقمان منهما بعد ذلك غرة. وكان فيما يذكرون لعمرو بن تقن امرأة فطلقها فتزوجها لقمان، وكانت المرأة وهي عند لقمان تكثر أن تقول: لا فتى إلا عمرو. وكان ذلك يغيظ لقمان ويسوءه كثرة ذكرها. فقال لقمان: لقد أكثرت في عمرو فوالله لأقتلن عمراً. فقالت: لا تفعل. وكانت لابني تقن سمرة يستظلان بها حتى ترد إبلهما فيسقيانها فصعدها لقمان واتخذ فيها عشا رجاء أن يصيب من ابني تقن غرة فلما وردت الإبل تجرد عمرو واكب على البئر يستقي فرماه لقمان من فوقه بسهم في ظهره فقال: حس أحدى حظيات لقمان. فذهب مثلاً ثم أهوى إلى السهم فانتزعه فوقع بصره على الشجرة فإذا هو بلقمان فقال: انزل. فنزل. فقال: استق بهذه الدلو، فزعموا أن لقمان لما أراد أن يرفع الدلو حين امتلأت نهض نهضة فضرط فقال له عمرو واضرطا آخر اليوم، وقد زال الظهر، فأرسلها مثلاً. ثم أن عمراً أراد أن يقتل لقمان فتبسم لقمان فقال عمرو: أضاحك أنت قال لقمان: ما أضحك إلا من نفسي، أما أني نهيت عما ترى فقال: ومن نهاك? قال: فلانة. قال عمرو: أفلي عليك أن وهبتك لها أن تعلمها ذلك. قال: نعم فخلي سبيله، فأتاها لقمان فقال: لا فتى إلا عمرو. فقالت: أقد لقيته قال: نعم لقيته فكان كذا وكذا ثم أسرني فأراد قتلي ثم وهبني لك. قالت: لا فتى إلا عمرو. يضرب لمن عرف بالشر فإذا جاءت هنة من جنس أفعاله قيل إحدى حظيات لقمان أي أنه فعلة من فعلاته.

إنه ليكسر علي أرعاظ النبل غضباً

الرعظ، مدخل النصل في السهم وإنما يكسره إذا كلمته بكلام يغيظه فيخط في الأرض بسهامه فيكسر أرعاظها من الغيظ. قال قتادة اليشكري يحذر أهل العراق الحجاح:
حذار حذار الليث يحرق نابـه ويكسر أرعاظاً عليك من الحقد
يضرب للغضبان.

إنه ليحرق علي الأرم

أي الأسنان، وأصله من الأرم وهو الأكل. وقال:
بذي فرقين يوم بنو حبيب نيوبهم علينا يحرقـونـا
ويروى، هو يعض على الأرم. قال الأصمعي: يعني أصابعه. وقال مورج: يقال في تفسيرها أنها الحصى، ويقال الأضراس. وهو أبعدها.

إنك خير من تفاريق العصا

قالوا: هذا من قول غنية الأعرابية لابنها، وكان عارماً، كثير التلفت إلى الناس، مع ضعف أسر، ودقة عظم، فوائب يوماً فتى فقطع الفتى أنفه، فأخذت غنية دية أنفه فحسنت حالها بعد فقر مدقع. ثم واثب آخر فقطع أذنه فأخذت ديتها فزادت حسن حال، ثم واثب آخر فقطع شفته فأخذت الدية فلما رأت ما صار عندها من الإبل والغنم والمتاع، وذلك من كسب جوارح ابنها، حسن رأيها فيه وذكرته في أرجوزتها فقالت:  
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 14

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 15

احلف بأمروة حقاً والصفـا أنك خير من تفاريق العصا
قيل لإعرابي: ما تفاريق العصا تقطع ساجوراً والسواجير تكون للكلاب وللأسرى من الناس، ثم تقطع عصا الساجور فتصير أوتاداً ويفرق الوتد فتصير كل قطعة شظاظاً، فإن جعل لرأس الشظاظ كالفلكة صار للبختي مهاراً وهو العود الذي يدخل في أنف البختي، وإذا فرق المهار جاءت منه تواد وهي الخشبة التي تشد على خلف الناقة إذا صرت، هذا إذا كانت عصا، فإذا كانت قناة فكل شق منها قوس بندق، فإن فرقت الشقة صارت سهاماً، فإن فرقت السهام صارت حظاء، فإن فرقت الحظاء صارت مغازل، فإن فرقت المغازل شعب به الشعاب أقداحه المصدوعة وقصاعه المشقوقة، على أنه لا يجد لها أصلح منها وأليق بها. يضرب فيمن نفعه أعم من نفع غيره.

إن العصا قرعت لذي الحلم

قيل: أن أول من قرعت له العصا عمرو بن مالك بن ضبيعة أخو سعد بن مالك الكناني، وذلك أن سعداً أتى النعمان بن المنذر ومعه خليل له قادها وأخرى عراها فقيل له: لم عريت هذه وقدت هذه? قال: لم أقد هذه لأمنعها ولم أعر هذه لأهبها. ثم دخل على النعمان فسأله عن أرضه فقال: أما مطرها فغزير وأما نبتها فكثير. فقال له النعمان: إنك لقوال وإن شئت أتيتك بما تعيا عن جوابه. قال نعم فأمر وصيفاً له أن يلطمه فلطمه لطمة. فقال: ما جواب هذه? قال سفيه مأمور قال الطمه أخرى فلطمه قال ما جواب هذه? قال أخذ بالأولى لم يعد للأخرى وإنما أراد النعمان أن يتعدى سعد في المنطق فيقتله قال الطمه ثالثة فلطمه قال ما جواب هذه? قال رب يؤدب عبده قال الطمه أخرى فلطمه قال ما جواب هذه? قال ملكت فأسجح فأرسلها مثلاً، قال النعمان أصبت فامكث عندي أعجبه ما رأى منه فمكث عنده ما مكث، ثم إنه بدا للنعمان أن يبعث رائداً فبعث عمراً أخا سعد فأبطأ عليه فأغضبه ذلك فأقسم لئن جاء ذاماً للكلأ أو حامداً له ليقتلنه، فقدم عمرو وكان سعد عند الملك فقال سعد: أتأذن أن أكلمه قال: أذن يقطع لسانك. قال: فأشير إليه. قال: إذن تقطع يدك. قال: فأقرع له العصا. قال: فاقرعها، فتناول سعد عصا جليسه وقرع بعصاه قرعة واحدة فعرف أنه يقول له مكانك، ثم قرع بالعصا ثلاث قرعات ثم رفعها إلى السماء ومسح عصاه بالأرض فعرف أنه يقول له لم أجد جدباً، ثم قرع العصا قرعة واقبل نحو الملك فعرف أنه يقول كلمه فأقبل عمرو حتى قام بين يدي الملك فقال له أخبرني هل حمدت خصباً أو ذممت جدباً? فقال عمرو: لم أذمم هزلاً ولم أحمد بقلاً، الأرض مشكلة لا خصبها يعرف، ولا جدبها يوصف، رائدها واقف، ومنكرها عارف، وآمنها خائف، قال: الملك أولى لك. فقال سعد بن مالك يذكر قرع العصا:
قرعت العصا حتى تبين صاحبـي ولم تك لولا ذاك في القوم تقرع
فقال رأيت الأرض ليس بمحمـل ولا سارح فيها على الرعي يشبع
سواء فلا جدب فيعرف جدبـهـا ولا صابها غيث غزير فتمـرع
فنجى بها حوباء نـفـس كـريمة وقد كاد لولا ذاك فيهم تقـطـع
هذا قول بعضهم. وقال آخرون في قولهم أن العصا قرعت لذي الحلم: أن ذا الحلم هذا هو عامر بن الظرب العدواني، وكان من حكماء العرب لا تعدل بفهمه فهماً ولا بحكمه حكماً، فلما طعن في السن أنكر من عقله شيئاً فقال لبنيه أنه قد كبرت سني وعرض لي سهو فإذا رأيتموني خرجت من كلامي وأخذت في غيره فاقرعوا لي المجن بالعصا. وقيل: كانت له جارية يقال لها خصيلة فقال لها إذا أنا خولطت فاقرعي لي العصا وأتي عامر يخنثى ليحكم فيه فلم يدر ما الحكم فجعل ينحر لهم ويطعمهم ويدافعهم بالقضاء فقالت خصيلة: ما شأنك قد أتلفت مالك فخبرها أنه لا يدري ما حكم الخنثى فقالت اتبعه مباله. قال الشعبي: فحدثني ابن عباس بها قال: فلما جاء الله بالإسلام صارت سنة فيه وعامر هو الذي يقول:
أرى شعرات على حاجبـي بيضاً نبتن جميعـاً تـؤامـا
ظللت أهاهي بهـن الـكـلا ب أحسبهن صوارا قـيامـا
وأحسب أنفي إذا ما مـشـي ت شخصاً أمامي رآني فقاما
يقال أنه عاش ثلاثمائة سنة وهو الذي يقول:
تقول ابنتي لما رأتني كأنني سليم أفاع ليله غير مودع
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 15

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 16

وما الموت أفناني ولكن تتابـعـت علي سنون من مصيف ومربـع
ثلاث مئين قد مـررن كـوامـلا وها أنا هذا ارتجي مـر أربـع
فأصبحت مثل النسر طارت فراخه إذا رام تطـيارا يقـال لـه قـع
أخبر أخبار القرون التي مضـت ولا بد يوماً أن يطار بمصرعـي
قال ابن الأعرابي: أول من قرعت له العصا عامر بن الظرب العدواني وربيعة تقول: بل هو قيس بن خالد بن ذي الجدين. وتميم تقول: بل هو ربيعة بن مخاشن أحد بني أسيد بن عمرو بن تميم. واليمن تقول: بل هو عمرو بن حممة الدوسي قال: وكانت حكام تميم في الجاهلية أكثم بن صيفي، وحاجب بن زرارة، والأقرع بن حابس، وربيعة بن مخاشن، وضمرة بن ضمرة، غير أن ضمرة حكم فأخذ رشوة فغدر. وحكام قيس عامر بن الظرب، وغيلان بن سلمة الثقفي، وكانت له ثلاثة أيام، يوم يحكم فيه بين الناس، ويوم ينشد فيه شعره، ويوم ينظر فيه إلى جماله، وجاء الإسلام وعنده عشر نسوة فخيره النبي صلى الله عليه وسلم فاختار أربعاً فصارت سنة. وحكام قريش عبد المطلب، وأبو طالب، والعاصي بن وائل. وحكيمات العرب صخر بنت لقمان، وهند بنت الخس، وجمعة بنت حابس، وابنة عامر بن الظرب، الذي يقال له ذو الحلم. قال المتلمس يريده:
لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا وما علم الإنسان إلا لـيعـلـمـه
والمثل يضرب لمن إذا نبه انتبه.

أهل القتيل يلونه

قال أبو عبيد: يعني، أنهم أشد عناية بأمره من غيرهم.

أبي قائلها إلا تما

يروى، تما، بالرفع والنصب والخفض، والكسر أفصح. والهاء راجعة إلى الكلمة. يضرب في تتابع الناس على أمر مختلف فيه. والمعنى مضى على قوله ولم يرجع عنه.

إن أردت المحاجزة فقبل المناجزة

المحاجزة، الممانعة، وهو أن تمنعه عن نفسك ويمنعك عن نفسه. والمناجزة، من النجز، وهو الفناء، يقال نجز الشيء أي فني فقيل للمقاتلة والمبارزة المناجزة لأن كل من القرنين يريد أن يفنى صاحبه. وهذا المثل يروى عن المناجزة لأن كل من القرنين يريد أن يفنى صاحبه. وهذا المثل يروى عن أكثم بن صيفي. قال أبو عبيد: معناه أنج بنفسك قبل لقاء من لا تقاومه.

أول الغزو أخرق

قال أبو عبيد: يضرب في قلة التجارب كما قال الشاعر:
الحرب أول ما تـكـون فـتـية تسعى بزينتها لكـل جـهـول
حتى إذا استعرت وشئب ضرامها عادت عجوزاً غير ذات حلـيل
وصف الغزو بالخرق لخرق الناس فيه، كما قيل: ليل نائم، لنوم الناس فيه.

أنه نسيج وحده

وذلك أنو الثوب النفيس لا ينسج على منواله عدة أثواب. قال ابن الأعرابي: معنى نسيج وحده، أنه واحد في معناه ليس له فيه ثان كأنه ثوب نسج على حدته لم ينسج معه غيره، وكما يقال نسيج وحده، يقال رجل وحده. ويروى بالزاء. نسيج وحده قد أعد للأمور أقارنها.
قال الراجز:
جاءت به معتجراً ببـرده سفواء تردى بنسيج وحده
إن الشراك قد من أديمه
يضرب للشيئين بينهما قرب وشبه.

إنما يعاتب الأديم ذو البشرة

المعاتبة، المعاودة. وبشرة الأديم، ظاهره الذي عليه الشعر، أي أن ما يعاد إلى الدباغ من الأديم ما سلمت بشرته. يضرب لمن فيه مراجعة ومستعتب. قال الأصمعي: كل ما كان في الأديم محتمل ما سلمت البشرة فإذا نغلت البشرة بطل الأديم.

إن بينهم عيبة مكفوفة

العيبة، واحدة العياب والعيب، وهي ما يجعل فيه الثياب. وفي الحديث الأنصار كرشي وعيبتي أي موضع سري. ومكفوفة، مشرجة مشدودة. ومعنى المثل: أن أسباب المودة بينهم لا سبيل إلى نقضها.

إذا سمعت بسرى القين فاعلم أنه مصبح

قال الأصمعي: أصله أن القين بالبادية يتنقل في مياههم فيقيم بالموضع إياماًُ فيكسد عليه عمله، ثم يقول لأهل الماء أني راحل عنكم الليلة، وأن لم يراد ذلك، ولكنه يشيعه ليستعمله من يريد استعماله، فكثر ذلك من قوله حتى صار لا يصدق. يضرب للرجل يعرفه الناس بالكذب فلا يقبل قوله وأن كان صادقاً. قال نهشل بن حري:
وعهد الغانيات كعهد قـين ونت عنه الجعائل مستذاق
كبرق لاح يعجب مـن رآه ولا يشفي الحوائم من لماق
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 16

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 17

حدث أبو عبيدة عن رؤبة قال: لقي الفرزدق جريراً بدمشق فقال: يا أبا حزرة أراك تمرغ في طواحين الشأم بعد. فقال جرير: أيهاه إذا سمعتن يسري القين فإنه مصبح. قال: فعجبت كيف تأتي لهما، يعني لفظ التمرغ ولفظ القين، وذلك أن الفرزدق كان يقول لجرير ابن المراغة وهو يقول للفرزدق ابن القين.

الأكل سلجان والقضاء ليان

السلج، البلع. يقال سلجت اللقمة أي بلعتها. والليان، المدافعة وكذلك اللي ومنه لي الواجد ظلم، ولم يجيء من المصادر شيء على فعلان بالتسكين إلا الليان والشنآن. يضرب لمن يأخذ مال الناس فيسهل عليه فإذا طولب بالقضاء دافع وصعب عليه . ومثله:

الأخذ شريط والقضاء ضريط

ويروى سريطي وضريطي، والمعنى واحد، أي إذا أخذ المال سرط وإذا طولب أضرط بصاحبه.

آخر أقلها شرباً

أصله في سقي الإبل. يقول أن المتأخر عن الورود ربما جداء وقد مضى الناس بعفوة الماء وربما وافق منه نقاداً فكن في أول من يرد فليس تأخير الورد إلا من العجز والذل. قال النجاشي أحد بني الحرث بن كعب يذم قوماً:
ولا يردون الماء إلا عـشـية إذا صدر الوراد عن كلا منهل

أكل عليه الدهر وشرب

يضرب لمن طال عمره، يريدون أكل وشرب دهراً طويلاً. وقال:
كم رأينا من أناس قبلنـا شرب الدهر عليهم وأكل

أبي الحقين العذرة

الحقين، اللبن المحقون. والعذرة، العذر. قال أبو زيد: أثله أن رجلاً ضاف قوماً فاستسقاهم لبناً وعندهم لبن قد حقنوه في وطب، فاعتلوا عليه واعتذروا، فقال: أبي الحقين قبول العذر. أي أنه يكذبهم.

أتاك ريان بلبنه

يضرب لمن يعطيك ما فضل منه، استغناء لا كرماً، لكثرة ما عنده.

أثر الصرار يأتي دون الذيار

الصرار، خيط يشد فوق الخلف والتودية لئلا يرضع الفصيل. والذيار، بعر رطب يلطخ به أطباء الناقة لئلا يرتضعها الفصيل أيضاً، فإذا جعل الذيار على الخلف ثم شد عليه الصرار فربما قطع الخلف. يضرب هذا في موضع قولهم بلغ الحزام الطبيين يعني: تجاوز الأمر حدة.

أنا منه كحاقن الإهالة

يقال للشحم والودك المذاب، الأهالة، وليس يحقنها إلا الحاذق بها يحقنها حتى يعلم أنها قد بردت لئلا تحرق السقاء. يضرب للحاذق بالأمر.

إنه ليعلم من أين تؤكل الكتف. يضرب للرجل الداهي. قال بعضهم: تؤكل الكتف من أسفلها ومن أعلى يشق عليك. ويقولون تجري المرقة بين لحم الكتف والعظم، فإذا آخذتها من أعلى جرت عليك المرقة وانصبت، وإذا أخذتها من أسفلها انقشرت عن عظمها وبقيت المرقة مكانها ثابتة.

آكل لحمي ولا أدعه لآكل

أول من قال ذلك، العيار بن عبد الله الضبي، ثم أحد بني السيد بن مالك ابن بكر بن سعد بن ضبة، وكان من حديثه، فيما ذكر المفضل، أن العيار وفد هو وحبيش بن دلف، وضرار بن عمرو، الضبيان، على النعمان فأكرمهم، أجرى عليهم نزلاً، وكان العيار رجلاً بطالاً يقول الشعر ويضحك المولك، وكان قد قال:
لا أذبح النازي الشبوب ولا أسلخ يوم المقامة العنقـا
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 17

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 18

وكان منزلهم واحداً، وكان النعمان بادياً، فأرسل إليهم بجزر فيهن تيس، فأكلوهن غير التيس. فقال ضرار للعيار وهو أحدثهم سناً: إنه ليس عندنا من يسلخ هذا التيس فلو ذبحته وكفيتنا ذلك. قال العيار: ما أبالي أن أفعل، فذبح التيس وسلخه فانطلق ضرار إلى النعمان فقال: أبيت اللعن أن العيار يسلخ تيساً. قال: أبعد ما قال. قال: نعم فأرسل إليه النعمان، فوجده الرسول يسلخ تيساً فأتى به. فقال له: أبن قولك لا أذبح النازي الشبوب، وأنشده البيت، فخجل العيار، وضحك النعمان منه ساعة. وعرف العيار أن ضراراً هو الذي أخبر النعمان بما صنع، وكان النعمان يجلس بالهاجرة فغي ظل سرادقه، وكان كسا ضراراً حلة من حلله، وكان ضرار شيخاً أعرج بادناً كثير اللحم. قال: فسكت العيار حتى كان ساعة النعمان التي يجلس فيها في سرادقه ويؤتى بطعامه، عمد العيار إلى حلة ضرار فلبسها ثم خرج يتعارج، حتى إذا كان بحيال النعمان كشف عنه فخرئ. فقال النعمان: ما لضرار قاتله الله لا يهابني عند طعامي? فغضب على ضرار، فحلف ضرار ما فعل. قال: ولكني أرى أن العيار فعل هذا من أجل أني ذكرت سلخه التيس. فوقع بينهما كلام حتى تشاتما عند النعمان. فلما كان بعد ذلك ووقع بين ضرار وبين أبي مرحب أخي بني يربوع ما وقع تناول أبو مرحب ضراراً عند النعمان والعيار شاهد فشتم العيار أبا مرحب وزجره. فقال النعمان: أتشتم أبا مرحب في ضرار وقد سمعتك تقول له شراً مما قال له أبو مرحب. فقال العيار: أبيت اللعن وأسعدك الهك آكل لحمي ولا أدعه لآكل فأرسلها مثلاً. فقال النعمان: لا يملك مولي لمولى نصراً. فأرسلها مثلاً.

إن أخي كان ملكي

قال أبو عمر: أن أبا حنش التغلبي لما أدرك شر حبيل، عم امرئ القيس، وكان شرحبيل قتل أخا أبي حنش. قال: يا أبا حنش، اللبن اللبن، أي خذ من الدية. فقال له أبو حنش: قد هرقت لبناً كثيراً، أي قتلت أخي. فقال له شرحبيل: أملكاً بسوقة، أي أتقتل ملكاً بدل سوقة. فقال أبو حنش: إن أخي كان ملكي.

إنه لأشبه به من التمرة بالتمرة

يضرب في قرب الشبه بين الشيئين

إن الحبيب إلى الأخوان ذو المال

يضرب في حفظ المال والإشفاق عليك.

إن في المرنعة لكل كريم مفنعة

المرنعة، الخصب. والمقنعة، الغني والفضل ويروى مقنعة من القناعة، وبالفاء من قولهم من قنع فنع، أي استغنى. ومنه قوله:
أظل بيتي أم حسناء نـاعـمة حسدتني أم عطاء الله ذا الفنع

إذ طلبت الباطل أبدع بك

يقال: أبدع بالرجل إذا حسر عليه ظهره، أو قام به، أو عطبت راحلته. وفي الحديث أني أبدع بي فاحملني ومعنى المثل: إذا طلبت الباطل لم تظفر بمطلوبك، انقطع بك عن الغرض. ويروى: أنجح بك، أي صار الباطل ذا نجح بك، ومعناه أن الباطل يعطي الأعداء منك مرادهم، وفي هذا نهي عن طلب الباطل.

إذا نزا بك الشر فاقعد به

يضرب لمن يؤمر بالحلم وترك التسرع إلى الشر. ويروى، إذا قام بك الشر فاقعد.

إياك وما يعتذر منه

أي لا ترتكب أمراً تحتاج فيه إلى الاعتذار منه.

إذا زل العالم زل بزلته عالم

لأن للعالم تبعاً فهم به يقتدون. قال الشاعر:
أن الفقيه إذا غوى وأطـاعـه قوم غووا معه فضاع وضيعا
مثل السفينة إن هوت في لجة تغرق ويغرق كل ما فيها معا

أنت أعلم أم من غص بها

الهاء للقمة. يضرب لمن جرب الأمور وعرفها.

إنه لداهية الغبر

قال الكذاب الحرمازي:
أنت لها منذر من بين البـشـر داهية وصـمـاء الـغـبـر
أنت لها إذ عجزت عنها مضر
قالوا: الغبر، الداهية العظيمة التي لا يهتدي لها. قلت: وسمعت أن الغبر عين ماء بعينه تألفها الحيات العظيمة المنكرة، ولذلك قال الحرمازي: وصماء الغبر. أضاف الصماء إلى الغبر المعروفة. وأصل الغبر الفساد، ومنه العرق الغبر، وهو الذي لا يزال ينتقض. فصماء الغبر، بلية لا تكاد تنقضي وتذهب كالعرق الغبر.

إلادهٍ فلادهٍ

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 18

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 19

روى ابن الأعرابي: الده فلده، ساكن الهاء. ويروى أيضاً، إلاده فلاده، أي أن لم تعط الاثنين لا تعط العشرة. قال أبو عبيد: يضربه الرجل يقول أريد كذا وكذا فإن قيل له ليس يمكن ذا. قال: فكذا وكذا. وقال الأصمعي: معناه أن لم يكن هذا الآن فلا يكون بعد الآن، وقال: لا أدري ما أصله. قال رؤبة: وقول إلاده فلاده. قال المنذري: قالوا معناه إلا هذه فلا هذه، يعني أن الأصل إلاذه فلاذه، بالذال المعجمة، فعربت بالدال غير المعجمة، كما قالوا يهوذا ثم عرب فقيل يهوداً. وقيل: أصله الأدهى، أي أن لم تضرب. فأدخل التنوين فسقط الياء. قال رؤبة:
فاليوم قد نهنهني منهنهي وأول حلم ليس بالمسفه
وقـول إلاده فــلاده وحقه ليست بقول التره
يقولك زجرني زواجر العقل ورجوع حلم ليس ينسب إلى السفه وقول، أي ورجوع قول، أي نساء قول يقلن أن لم تتب الآن مع هذه الدواعي لا تتب أبداً: وقوله حقة، أي وقالة حقة، يقال حق وحقة، كما يقال أهل وأهلة، يريد الموت وقربه. روى هشام بن محمد الكلبي عن أبيه عن أبي صالح عن عقيل عن أبي طالب قال: كان عبد المطلب بن هاشم نديماً لحرب بن أمية حتى تنافرا إلى نفيل بن عبد العزي، جد عمر بن الخطاب، فانفرد عبد المطلب فتفرقا ومات عبد المطلب وهو ابن عشرين ومائة سنة، ومات قبل الفجار في الحرب التي بين هوازن. ويقال بل تنافرا إلى غزي سلمة الكاهن. قالوا: كان لعبد المطلب ماء بالطائف، يقال له ذو الهرم، فجاء الثقفيون فاحتفروه فخاصمهم عبد المطلب إلى غزي، أو إلى نفيل، فخرج عبد المطلب مع ابنه الحرث وليس له يومئذ غيره، وخرج الثففيون مع صاحبهم وحرب بن أمية معهم على عبد المطلب فنفد ماء عبد المطلب فطلب إليهم أن يسقوه فأبوا، فبلغ العطش منه كل مبلغ، واشرف على الهلاك، فبينا عبد المطلب يثير بعيره ليركب إذ فجر الله له عيناً من تحت جرانه فحمد الله وعلم أن ذلك منه فشرب وشرب أصحابه ريهم وتزودوا منه حاجتهم. ونفد ماء الثقفيين فطلبوا إلى عبدي المطلب أن يسقيهم فأنعم عليهم. فقال له ابنه الحرث: لأنحنين على سيفي حتى يخرج من ظهري. فقال عبد المطلب: لأسقينهم فلا تفعل ذلك بنفسك، فسقاهم ثم انطلقوا حتى أتوا الكاهن وقد خبؤا له رأس جرادة في خرزة مزادة وجعلوه في قلادة كلب لهم يقال له سوار، فلما أتوا الكاهن إذا هم ببقرتين تسوقان بينهما بخرجاً كلتاهما تزعم أنه ولدها، ولدتا في ليلة واحدة، فأكل النمر أحد البخرجين فهما ترأمان الباقي، فلما وقفتا بين يديه قال الكاهن: هل تدرون ما تريد هاتان البقرتان? قالوا: لا. قال الكاهن: ذهب به ذو جسد أربد، وشدق مرمع، وناب معلق، ما للصغرى في ولد الكبرى حق. فقضى به للكبرى ثم قال: ما حاجتكم? قالوا: قد خبأنا لك خبأ فانبئنا عنه ثم نخبرك بحاجتنا. قال: خبأتم لي شيئاً طار فسطع فتصوب فوقع في الأرض منه بقع. فقالوا: لاده، أي بينه. قال: هو شيء طار فاستطار، ذو ذنب جرار، وساق كالمنشار، ورأس كالمسمار. فقالوا: لاده. قال: أن لاده فلاده، هو رأس جرادة، في خرز مزادة، في عنق سوار ذي القلادة. قالوا: صدقت فأخبرنا فيما اختصمنا إليك? فأخبرهم وانتسبوا له فقضى بينهم، ورجعوا إلى منازلهم على حكمه.

إذا كان لك أكثري=فتجاف لي عن أيسري

يضرب للذي فيه أخلاق تستحسن وتبدر منه أحياناً سقطه. أي، احتمل من الصديق الذي تحمده في كثير من الأمور سيئة يأتي بها في الأوقات مرة واحدة.

أنا غريك من هذا الأمر

أي، أنا عالم به. فاغترني، أي سلني عنه على غرة أخبرك به من غير استعداد له. وقال الأصمعي: معناه أنك لست بمغرور من جهتي لكن أنا المغرور، وذلك أنه بلغني خبر كان باطلاً فأخبرتك به ولم يكن ذاك على ما قلت لك.

أنا منه فالج بن خلاوة

أي، أنا منه بريء. وذلك أن فالج بن خلاوة الأشجعي قيل له يوم الرقم لما قتل أنيس الأسري اتنصر أنيساً فقال: أنا منه بريء. فصار مثلاً لكل من كان بمعزل عن أمر وإن كان في الأصل اسماً لذلك الرجل.

أنت تئق وأنا مئق فمتى نتفق

قال أبو عبيد: التئق، السريع إلى الشر. والمئق، السريع إلى البكاء. وقال الأصمعي: هو الحديد، يعني التئق، قال الشاعر يصف كلباً:
أصمع الكعبين مهضوم الحشسا سرطم اللحيين معـاج تـئق
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 19

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 20

والمأق، بالتحريك شبيه الفواق يأخذا الإنسان عند البكاء والتشيج كأنه نفس يقلعه من صدره وقد مئق مأقاً. والتأق، الامتلاء من الغضب. يضرب للمختلفين أخلاقاً.

إنه لنكد الحظيرة

النكد، قلة الخير. يقال ننكدت الركية إذا قل ماؤها وجمع النكد أنكاد ونكد. قال الكميت:
نزلت به أنف الـربـي ع وزايلت نكد الحظائر
قال أبو عبيد: أراه سمى أمواله حظيرة لأنه حظرها عنده ومنعها فهي فعيله بمعنى مفعولة.

أنت مرة عيش ومرة جيش

أي، أنت ذو عيش مرة وذو جيش أخرى. قال ابن الأعرابي: أصله أن يكون الرجل مرة في عيش رخي ومرة في شدة.

إن لم يكن شحم فنفش

النفش، الصوف. قاله ابن الأعرابي، يعني إن لم يكن فعل فرياء. وقال غيره: النفش القليل من اللبن. يضرب عند التبلغ باليسير.

آهة وميهة

قال الأصمعي: الآهة، التأوه والتوجع. قال المثقب العبدي:
إذا ما قمت أرحلها بليل تأوه آهة الرجل الحزين
وقال بعضهم: الآهة، الحصبة، والميهة، الجدري. يعني جدري الغنم. قال الفراء: هي الأميهة أسقطت همزتها لكثرة الاستعمال كما أسقطوا همزة هو خير مني وشر مني، وكان الأصل أخير وأشر، ويقال من ذلك أمهت الغنم فهي مأموهة. وقال غيره: ميهة وأميهة واحد. قال الشاعر:
طبيخ نحاز أو طـبـيخ أمـيهة صغير العظام سيء القشب أملط

إليك يساق الحديث

زعموا أن رجلاً أتى امرأة يخطبها فأنعظ وهي تكلمه فجعل كلما كلمته ازداد إنعاظاً، وجعل يستحي ممن حضرها من أهلها، فوضع يده على ذكره وقال: إليك يساق الحديث. فأرسلها مثلاً. وقال ابن الكلبي: جمع عامر بن صعصعة بنيه ليوصيهم عند موته فمكث طويلاً لا يتكلم فاستحثه بعضهم فقال له: إليك يساق الحديث.

أنا النذير العريان

قال ابن الكلبي: كان من حديث النذير العريان أن أبا داود الشاعر كان جاراً للمنذر بن ماء السماء، وأن أبا داود نازع رجلاً بالحيرة من بهراء يقال له رقبة بن عامر، فقال له رقبة: صالحني وحالفني. قال أبو داود: فمن أين تعيش أبا داود? فوالله لولا ما تصيب من بهراء لهلكت. ثم افترقا على تلك الحالة. وأن أبا داود أخرج بنين له ثلاثة في تجارة إلى الشام، فبلغ ذلك رقبة، فبعث إلى قومه فأخبرهم بما قال له أبو داود عند المنذر. وأخبرهم أن القوم ولد أبي داود، فخرجوا إلى لشام فقتلوهم، وبعثوا برؤوسهم إلى رقبة، فلما أتته الرؤوس صنع طعاماً كثيراً، ثم أتى المنذر فقال له: قد اصطنعت لك طعاماً فأنا أحب أن تتغدى. فأتاه المنذر وأبو داود معه، فبينا الجفان ترفع وتوضع إذ جاءت جفنه عليها أحد رؤوس بني أبي داود، فقال أبو داود: أبيت اللعن إني جارك وقد ترى ما صنع بي، وكان رقبة جار للمنذر، قال: فوقع المنذر منهما في سوأة، وأمر برقبة فحبس وقال لأبي داود: ما يرضيك? قال: أن تبعث بكتيبتيك الشهناء والدوسر إليهم. فقال له المنذر: قد فعلت. فوجه إليهم الكتيبتين قال: فلما رأى ذلك رقبة من صنع المنذر قال لامرأته: الحقي بقومك فأنذريهم، فعمدت إلى بعض إبل البهراني فركبته ثم خرجت حتى أتت قومها فعرفت ثم قالت: أنا النذير العريان. فأرسلتها مثلاً. وعرف القوم ما تريد، فصعدوا إلى علياء الشام، وأقبلت الكتيبتان فلم تصيبا منهم أحداً: فقال المنذر لأبي داود: قد رأيت ما كان منهم أفي سكتك عني أن أعطيك بكل رأس مائتي بعير. قال: نعم، فأعطاه ذلك. وفيه يقول قيس بن زهير العبسي:
سأفعل ما بدا لي ثم آوي إلى جار كجار أبي داود
وقال غيره: إنما قالوا النذير العريان، لأن الرجل إذا رأى الغارة قد فجأتهم، وأراد أنذار قومه، تجرد من ثيابه وأشار بها ليعلم أنه قد فجأهم أمر. ثم صار مثلاً لكل أمر تخاف مفاجأته ولكل أمر لا شبهة فيه.

إياك أعني واسمعي يا جارة

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 20

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 21

أول من قال ذلك سهل بن مالك الفزاري، وذلك أنه خرج يريد النعمان فمر ببعض أحياء طيء، فسأل عن سيد الحي، فقيل له: حارثة ابن لام. فأم رحله فلم يصبه شاهداً، فقالت له أخته: أنزل في الرحب والسعة. فنزل فأكرمته ولاطفته، ثم خرجت من خبائها، فرأى أجمل أهل دهرها وأكملهم، وكانت عقيلة قومها، وسيدة نسائها، فوقع في نفسه منها شيء فجعل لا يدري كيف يرسل إليها ولا ما يوافقها من ذلك، فجلس بفناء الخباء يوماً، وهي تسمع كلامه، فجعل ينشد ويقول:
يا أخت خير البدو والحضاره كيف ترين في فتى فـزار
أصبح يهوى حرة معطـاره إياك أعني واسمعي يا جاره
فلما سمعت قوله عرفت أنه أباها يعني، فقالت: ماذا يقول ذي عقل أريب، ولا رأي مصيب، ولا أنف نجيب، فأقم ما قمت مكرماً، ثم ارتحل متى شئت مسلماً. ويقال أجابته نظماً فقالت:
إني أقول يا فتـى فـزاره لا ابتغي الزوج ولا الدعارة
ولا فراق أهل هذي الجاره فارحل إلى أهلك باستخاره
فاستحى الفتى وقال: ما أردت منكراً، واسوأتاه! قالت: صدقت، فكأنها استحيت من تسرعها إلى تهمته، فارتحل، فأتى النعمان فحياه وأكرمه لما رجع نزل على أخيها، فبينا هو مقيم عندهم تطلعت إليه نفسها، وكان جميلاً، فأرسلت إليه أن اخطبني أن كان لك إلي حاجة يوماً من الدهر، فإني سريعة إلى ما تريد. فخطبها وتزوجها وسار بها إلى قومه. يضرب لمن يتكلم بكلام ويريد به شيئاً غيره.

أبي يغزو وأمي تحدث

قال ابن الأعرابي: ذكروا أن رجلاً قدم من غزاة، فأتاه جيرانه يسألونه عن الخبر. فجعلت امرأته تقول: قتل من القوم كذا، وهزم كذا، وجرح فلاناً. فقال أبنها متعجباً: أبي يغزو وأمي تحدث.

إنما هم أكلة رأس

يضرب مثلاً للقوم يقل عددهم.

أكلة الشيطان

قالوا: هي حية كانت في الجاهلية لا يقوم له ا شيء. وكانت تأتي بيت الله الحرام في كل حين فتضرب بنفسها الأرض. فلا يمر بها شيء إلا أهلكته. فضرب بها المثل في كل شيء ذهب فلم يوجد له أثر. وأما قولهم: إنما هو شيطان من الشياطين، فإنما يراد به النشاط والقوة والبطر.

إليك أنزلت القدر بأحنائها

أي جوانبها. هذا مثل قولهم إليك يساق الحديث.

الأمر يعرض دونه الأمر

ويروى يحدث. يضرب في ظهور العوائق.

إحدى عشياتك من نوكى قطن

النوكي، جمع أنوك. وقطن، هو قطن بن نهشل بن دارم النهشلي، وحمقاهم أشد حمقاً من غيرهم، ولعل إبل هذا القائل لقيت منهم شراً، فضرب بهم المثل. وهذا مثل قولهم: إحدى لياليك من ابن الحر واحدي لياليك فهبسي.

أحد حماريك فازجري

أصله في خطاب امرأة. يضرب لمن يتكلف ما لا يعنيه.

إحدى عشياتك من سقي الإبل

يضرب للمتعب في عمل.

أخذوا في وادي توله

من الوله، وهو مثل، تضلل، بضم التاء والضاد وكسر اللام، في وزنه ومعناه، والوله التحير. يضرب لمن وقع فيما لا يهتدي للخروج منه.

أخوك أم الذئب

أي، هذا الذيب تراه أخوك أم الذئب. يعني، أن أخاك الذي تختاره مثل الذئب فلا تأمنه. يضرب في موضع التماري والشك.

أدى قدراً مستعيرها

يضرب لمن يعطى ما يلزمه من الحق.

إذا كويت فأنضج=وإذا مضغت فادقق

يضرب في الحث على إحكام الأمر.

إنك لتمد بسرم كريم

ويروى، بشلو كريم، وأصله، أن رجلاً امتنع من الأكل، أنفة من الاستفراغ، حتى ضعف، فافترسه الذئب وجعل يأكله وهو يقول هذا القول حتى هلك. يضرب لمن يفتخر بما لا افتخار به.

إنك ما وخيراً

ما، زائدة. ونصب خيراً على تقدير أنك وخيراً مجموعان أو مقترنان. يضرب في موضع البشارة بالخير وقرب نيل المطلوب.

إن الهوى يقطع العقبة

أي، يحمل على تحمل المشقة. وهو كقولهم: إن الهوى ليميل.

إن في مض لسيما

ويروى، لمطعما. مض، كلمة تستعمل بمعنى لا، وليست بجواب لقضاء حاجة ولا رد لها، ولهذا قيل: أن فيه لمطعما، وإن فيه لعلامة. قال الراجز: سألت هل وصل فقالت مض. وسما، فعلى من الوسم، والأصل فيه وسمي، فحولت الفاء إلى العين، فصارت سومي، ثم صارت سيما، فهي الآن عفلى. ومعنا المثل: أن في مض لعلامة درك. يضرب عند الشك في نيل شيء.

إن تنفري لقد رأيت نفراً

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 21

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 22

يقال: نفر ينفر وينفر نفاراً ونفوراً، وأما النفر فهو اسم من الأنفار. يضرب لمن يفزع من شيء يحق أن يفزع منه.

إن لم يكن وفاق ففراق

أي، أن لم يكن حب في قرب فالوجه المقارقة.

إني منثر ورقي فمن شاء أبقى ورقه

وذلك أن رجلاً فاخر رجلاً، فنحر أحدهما جزوراً، ووضع الجفان، ونادى الناس، فلما اجتمعوا أخذ الآخر بدرة وجعل ينثر الورق فترك الناس الطعام واجتمعوا إليه. يضرب في الدهاء.

أو مرناً ما أخرى

المرن، بكسر الراء، الخلق والعادة. يقال ما زال ذلك مرني أي عادتي. وما، صلة. وأخرى، صفة للمرن على معنى العادة، ونصب مرناً بتقدير فعل مضمر كأنه جواب من يقول قولاً غير موثوق به فيقول السامع: أو مرناً. أي، أو آخذ مرنا غير ما تحكي. يريد أن الأمر بخلاف ذلك.

أهلك والليل

أي، أذكر أهلك وبعدهم عنك، وأحذر الليل وظلمته، فهما منصوبان بإضمار الفعل. يضرب في التحذير والأمر بالحزم.

إنك لا تجني من الشوك العنب

أي، لا تجد عند ذي المنبت السوء جميلاً. والمثل من قول أكثم. يقال: أراد إذا ظلمت فأحذر الانتصار، فإن الظلم لا يكسبك إلا مثل فعلك.

إنك بعد في العزاز فقم

العزاز، الأرض الصلبة وإنما تكون في الأطراف من الأرضين. يضرب لمن لم يتقص الأمر ويظن أنه قد تقصاه. قال الزهري: كنت اختلف إلى عبيد الله بن عبد الله بن مسعود فكنت أخدمه، وذكر جهده في الخدمة، ثم قال: فقدرت إني استنطقت ما عنده فلما خرج لم أقم له، ولم أظهر له ما كنت أظهره من قبل. قال فنظر إلي وقال: إنك بعد في العزاز فقم. أي، أنت في الطرف من العلم لم تتوسطه بعد.

إنما يضن بالضنين

أي، إنما يجب أن تتمسك بإخاء من تمسك بإخائك.

إذا أخذت عملاً فخذ فيه. أي، إذا بدأت بأمر فمارسه، ولا تنكل عنه، فإن الخيبة في الهيبة.

إذا تولى عقد شيء أوثق

يضرب لمن يوثق بالحزم والجد في الأمور.

أول العي الاختلاط

يقال: اختلط، إذا غضب، يعني، إذا غضب المخاطب دل ذلك على أنه عي عن الجواب. يقال: عي يعيا عيا بالكسر فهو عي بالفتح.

أول الحزم المشورة

ويروى المشورة. وهما لغتان، وأصلهما من قولهم: شرت العسل واشترتها إذا جنيتها واستخرجتها من خلفاياها. والمشورة، معناها استخراج الرأي. والمثل لأكثم بن صيفي. ويروى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: الرجال ثلاثة، رجل ذو عقل ورأي، ورجل إذا حز به أمر أتى ذا رأي فاستشاره، ورجل حائر بائر لا يأتمر رشداً ولا يطيع مرشداً.

أنا دون هذا وفوق ما في نفسك

قاله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه لرجل مدحه نفاقاً.

إياك وأن يضر لسانك عنقك

أي، إياك إن تلفظ بما فيه هلاكك، ونسب الضرب إلى اللسان لأنه السبب. كقوله تعالى: ينزع عنهما لباسهما.

أينما أوجه ألق سعداً

كان الأضبط بن قريع، سيد قومه، فرأى منهم جفوة، فرحل عنهم إلى آخرين، فرآهم يصنعون بساداتهم مثل ذلك، فقال هذا القول. ويروى في كل واد سعد بن زيد.

إنك لتحسب علي الأرض حيصاً بيصاً

وحيص بيص، أي ضيقة.

إستاهلي أهالتي وأحسني إيالتي

أي، خذي صفو مالي وأحسني القيام به علي.

ألت اللقاح وإيل علي

قالته امرأة كانت راعية ثم رعي لها. وألت، من الإيالة، وهي السياسة. ومثله، قد ألنا وايل علينا. قاله زياد بن أبيه.

أنت ممن غذي فأرسل

يضرب لمن يسأل عن نسبه فيلتوي به.

أنت الأمير فطلقي أو راجعي

يضرب في تأكيد القدرة تهكماً وهزؤاً.

إذا حز أخوك فكل

يضرب في الحث على الثقة بالأخ.

إما عليها وإما لها

أي، اركب الخطر على أي الأمرين وقعت، من نجح أو خيبة، والهاء، في عليها ولها، رادعة إلى النفس. أي، إما إن تحمل عليها وإما أن تتحمل الكد لها.

إنه لرابط الجأش على الأغباش

الجأش، جأش القلب، وهو رواعة، أي موضع روعه إذا اضطرب عند الفزع. ومعنى رابط الجأش، أنه يربط نفسه عن الفرار لشجاعته. والأغبش، جمع غبش وهو الظلمة. ويضرب للجسور على الأهوال.

إما خبت وإما بركت

الخبب والخبيب والخب، ضرب من العدو وذلك إذا راوح بين يديه ورجليه. يضرب للرجل بفرط مرة في الخير، ومرة في الشر، فيبلغ في الأمرين الغاية.

إنه ماعز مقروظ

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 22

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 23

الماعز، واحد المعز، مثل صاحب وصحب، والماعز أيضاً جلد المعز. قال الشماخ:
ويردان من خال وسبعون درهما على ذاك مقروظ من القد ماعز
والمقروظ، المدبوغ بالقرظ. يضرب للتام العقل، الكامل الرأي.

إن أضاخاً منهل مورود

أضاخ، بالضم، موضع يذكر ويؤنث. يضرب مثلاً للرجل الكثير الغاشية الغزير المعروف.

أمراءاً وما اختار وإن أبي إلا النار

أي، دع أمرءاً واختياره. يضرب عند الحض على رفض من لم يقبل النصح منك.

أتت في مثل صاحب البعرة

وذلك أن رجلاً كانت له ظنة في قوم، فجمعهم ليستبرئهم، فأخذ بعرة فقال: إني أرمي ببعرتي هذه صاحب ظنتي. فجفل لها أحدهم فقال: لا ترمني ببعرتك. فأخصم على نفسه. يضرب لكل مظهر على نفسه ما لم يطلع عليه.

أخو الكظاظ من لا يسأمه

المكاظة، الممارسة الشديدة في الحرب، وبينهم كظاظ، قال الراجز. إذا سئمت ربيعة الكظاظا. يضرب لمن يؤمر بمشارة القوم. أي، أخو الشر من لا يمله.

أنت لها فكن ذا مرة

الهاء، للحرب. أي أنت الذي خلقت لها فكن ذا قوة.

إن لم أنفعكم قبلاً لم أنفعكم عللا

القبل، والنهل، الشرب الأول. والعلل، الشرب الثاني. والدخال، الثالث. يقول: أن لم أنفعكم في أول أمركم لم أنفعكم في آخره.

إن العراك في النهل

العراك، الزحام. يضرب مثلاً في الخصومة، أي، أول الأمر أشده فعاجل بأخذ الحزم.

إن الهزيل إذا شبع مات

يضرب لمن استغنى فتجبر على الناس.

أمر فاتك فارتحل شاتك

يضرب للرجل يسألك عن أمر لا تحب أن تخبره به، يريد، أنك إن طلبته لا تقدر عليه، كما لا تقدر أن ترتحل شاتك.

إلى ذلك ما أولادها عيس

ذلك إشارة إلى الموعود. والهاء في، أولادها، للنوق. و، ما، عبارة عن الوقت. يضرب للرجل يعدك الوعد فيطول عليك، فتقول: إلى أن يحصل هذا الموعود وقت تصير فصلان النوق فيه عيساً. ومثله قولهم:

إلى ذاك زك ما باض الحمام وفرخا

يضرب للمطول الدفاع.

إن كنت غضبي فعلى هنك فاغضبي

قال يونس بن حبيب: يقال، زنت إبنة لرجل من العرب، وهي بكر، فناداها أبوها يا فلانة. فقالت: إني غضبي. قال لها أبوها: ولم? قالت: إني حبيلى. قال: إن كنت غضبى ... المثل. أي، هذا ذنبك. يضرب في موضع قولهم: يداك أوكتا وفوك نفخ.

أنا أشغل عنك من موضع بهم سبعين

لأن صاحب إليهم أكثر شغلاً من غيره لصغر نتاجه.

أخو الظلماء أعشى بالليل

يضرب لمن يخطئ حدته، ولا يبصر المخرج مما وقع فيه.

إن كنت عطشان فقد أنى لك

يضرب لطالب الثأر. أي قد أتى لك أن تنتصر. وأنى وآن، لغتان في معنى حان.

إن أخا العزاء من يسعى معك

العزاء، السنة الشديدة. أي، أن أخاك من لا يخذلك في الحالة الشديدة.

أنت مني بين أذني وعاتقي

أي، بالمكان الأفضل الذي لا أستطيع رفع حقه.

إن من اليوم آخره

يضربه من يسبطأ فيقال له: ضيعت حاجتك. فيقول: أن من اليوم آخره. يعني، أن غدوه وعشيه سواء.

إبلي لم أبع ولم أهب

أي، لم أبعها ولم أهبها. يضرب للظالم يخاصمك فيما لا حق له فيه.

إن لا تلد يولد لك

يعني، أن الرجل إذا تزوج المرأة لها أولاد من غيره جردوه. يضرب للرجل يدخل نفسه فيما لا يعنيه فيبتلي به.

إن من الحسن شقوة

وذلك أن الرجل ينظر إلى حسنه فيختال فيعدو طوره فيشقيه ذل ويبغضه إلى الناس.

إنها الإبل بسلامتها

قال يونس: زموا أن الضبيع أخذت فصيلاً رازماً في دار قوم قد ارتحلوا وخلوه، فجعلت تخليه للكلأ وتأتيه فتغاره إياه، حتى إذا امتلأ بطنه وسمن أتته لتستاقه، فركضها ركضة دقم فاها، فعند ذلك قالت الضبيع: أنها الإبل بسلامتها. يضرب لمن تزدريه فأخلف ظنك.

أخوك أم الليل

أي، المرئي أخوك أم هو سواد الليل. يضرب عند الارتياب بالشيء في سواد وظلمة.

إنها مني لأصري

قال ابن الكسيت: يقال أصرِّي وأصرَّي وصُرَّي وصُرَّي واشتقاقها من قولهم: أصررت على الشيء، أي أقمت ودمت. والهاء في، أنها. كناية عن اليمين أو العزيمة. يقوله الرجل يعزم على الأمر عزيمة مؤكدة لا يثنيه عنها شيء.

أخذت الإبل رماحها

ويروى، أسلحتها، وذلك إذا سمنت فلا يجد صاحبها من نفسه أن ينحرها.

أنت على المجرب

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 23

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 24

يراد به، على التجربة. ولفظ المفعول من المنشعبة يصلح للمصدر وللموضع وللزمان وللمفعول. وعلى، من صلة الأشراف. أي، أنك مشرف على ما تجرب به. قيل أصل المثل أن رجلاً أراد مقاربة امرأة فلما دنا منها قال: أبكر أنت أم ثيب? فقالت: أنت على المجرب. أي، أنك مشرف علي التجربة. يضرب لمن يسأل عن شيء يقرب علمه منه. أي لا تسأل فإنك ستعلم.

إنك لو صاحبتنا مذحت

يقال. مذح الرجل، إذا انسحج فخذاه. يضربه الرجل مرت به مشقة ثم أخبر صاحبه أنه لو كان معه لقي عناء كما لقيه هو.

إنك لتكثر الحز وتخطيء المفصل

الحز، القطع والتأثير. والمفاصل، الأوصال الواحد مفصل. يضرب لمن يجتهد في السعي ثم لا يظفر بالمراد.

إنك لتحدو بجمل ثقال وتتخطى إلى زلق المراتب

يقال: جمل ثقال، إذا كان بطيئاً. ومكان زلق، بفتح اللام، أي دحض وصف بالمصدر. يضرب لمن يجمع بين شيئين مكروهين.

إنه لحول قلب

أي، داه منكر يحتال في الأمور ويقلبها ظهراً لبطن. قال معاوية عند موته، وحرمه يبكين حوله، ويقلبنه: أنكم لتقلبون حولاً قلباً لو وفقي هول المطلع، أي القيامة. ويروى: أن وقي النار غداً. قال الأصمعي: المطلع ، هو الإطلاع من أشراف إلى لانحدار، فشبه ما أشرف عليه من أمر الآخرة بذلك. قال الفراء: يقال رجل حوله وحولة أي، داه منكر، وكذلك حوَلي وينشد:
فتى حـولـي مـا أردت أراده من الأمر إلا أن تقارف محرما
قيل: كان الأصمعي يعجبه هذا البيت.

إنما تغر من ترى ويغرك من لا ترى

أي، إذا غررت من ترتاه ومكرت به أو غدرت فإنك المغرور لا هو لأنك تجازي. ويروى، بالعين والزاي. يعني، أنك تغلب من تراه ويغلبك الله جل جلاله.

إن تعش تر ما لم تره

هذا مثل قولهم: عش رجباً تر عجباً. قال أبو عيينة المهلبي:
قل لمن أبصر حالاً منكـره ورأى من دهره ما حـيره
ليس بالمنكر ما أبصـرتـه كل من عاش يرى ما لم يره
ويروى، رأى ما لم يره.

أين يضع المخنوق يده

يضرب عند انقطاع الحيلة، وذلك أن المخنوق يحتاط في أمره غاية الاحتياط للندامة التي تصيبه بعد الخنق.

إن خيراً من الخير فاعله وإن شراً من الشر فاعله

هذا المثل لأخ للنعمان بن المنذر يقال له علقمة قاله لعمرو بن هند في مواعظ كثيرة. كذا قاله أبو عبيد في كتابه.

أخذوا طريق العنصلين

ويروى، أخذ في طريق العنصلين. قالوا: طريق العنصل، هو طريق من اليمامة إلى البصرة. يضرب للرجل إذا ضل. قال أبو حاتم: سألت الأصمعي عن طريق العنصلين، ففتح الصاد وقال: أبو حاتم: سألت الأصمعي عن طريق العنصلين، ففتح الصاد وقال: لا يقال بضم الصاد. قال: ويقول العامة: إذا أخطأ الإنسان الطريق أخذ فلان طريق العنصلين، وذلك أن الفرزدق ذكر في شعره إنساناً ضل في هذا الطريق فقال:
أراد طريق العنصلين فـياسـرت به العيس في نائي الصوى متشائم
أي، متياسر. فظنت العامة إن كل من ضل ينبغي أن يقال له هذا، وطريق العنصلين طريق مستقيم، والفرزدق وصفه على الصواب، فظن الناس أنه وصفه على الخطأ. وليس كذلك.

?إنك لا تدري علام ينزأ هرمك

ويروى، بم يلوع هرمك. أي، نفسك وعقلك. قاله ابن السكيت. ونزيء الرجل، إذا أولع نزأ، ورجل منزوء بكذا، مولع به. يضرب لمن أخذ فيما يكره له بعد ما أسن واهتر به. ذكروا أن بسر بن أرطاة العامري من بني عامر بن لري خرف فجعل لا يسكن ولا يستقر حتى يسمع صوت ضرب، فحشي له جلد فكان يضرب قدامه فيستقر. وكان النمر ابن تولب خرف فجعل يقول ضيفكم ضيفكم لا يضع إبلكم إبلكم. واهترت امرأة على عهد عمر رضي الله تعالى عنه فجعلت تقول: زوجوني زوجوني. فقال عمر: ما اهتر به النمر مما اهترت به هذه.

?إن الحسوم يورث الحشوم

قالوا: الحسوم، الدؤوب والتتابع. والحشوم، الإعياء. يقال حشم يحشم حشوماً، إذا أعيا. وهذا في المعنى قريب من قوله عليه الصلاة والسلام: أن المنبت ... الحديث. وقال الشاعر يصف قطاة:
فعنت عنونا وهي صغواء ما بها ولا بالخوافي الضاربات حشوم

?أول الشجرة النواة

يضرب للأمر الصغير يتولد منه الأمر الكبير.

?آفة العلم النسيان

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 24

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 25

قال النسابة البكري: أن للعلم آفة ونكداً وهجنة واستجاعة، فآفته نسيانه، ونكده الكذب فيه، وهجنته نشره في غير أهله، واستجاعته أن لا تشبع منه.

?آفة المروءة خلف الموعد

يروى هذا عن عوف الكلبي.

??أكل روقه

يضرب لمن طال عمره، وتحاتت أسنانه. والروق، طول الأسنان، والرجل أروق. قال لبيد: تكلح الأروق منهم والإيل.

?ألف مجيز ولا غواص

الإجازة، أن تعبر بإنسان نهراً أو بحراً. يقول: يوجد ألف مجيز ولا يوجد غواص، لأن فيه الخطر. يضرب لأمرين أحدهما سهل والآخر صعب جداً.

?الإيناس قبل الإبساس

يقال: آنسه أي أوقعه في الأنس، وهو نقيض أوحشه. والإبساس، الرفق بالناقة عند الحلب، وهو أن يقال بس بس قال الشاعر:
ولقت رفقت فما حليت بطائل لا ينفع الإبساس بـالإينـاس
يضرب في المداراة عند الطلب.

?إذا نصر الرأي بطل الهوى

يضرب في أتباع العقل.
?إنا لنكشر في وجوه أقوام وإن قلوبنا لتقليهم ويروى، وإن قلوبنا لتلعنهم. هذا من كلام أبي الدرداء.

?إنه لعضلة من العضل

أي داهية من الدواهي. وأصله من العضل، وهو اللحم الشديد المكتنز.
?إنه لذو بزلاء البزلاء الرأي القوي الجيد، وقال:
أني إذا أشغلت قوما ًفروجهم رحب المسالك نهاض ببزلاء
أي بالأمر العظيم. وأنت على تأويل الخطة. قلت: ويجوز أن يكون المعنى، نهاض إلى الأمر، ومعي رأبي. وأصله من البازل، وهو القوي التام القوة. يقال: جمل بازل وناقة بازل. كذلك:

?إنك لا تسعى برجل من أبي

يضرب عند امتناع أخيك من مساعدتك.

?إنك كنت ذقته فقد أكلته

يضربه الرجل التام التجربة للأمور.

??إياك والبغي فإنه عقال النصر

قاله محمد ين زبيدة لصاحب جيش له.

إنها ليست بخدعة الصبي

يقال: أرسل أمسر المؤمنين علي رضي الله عنه جرير بن عبد الله البجلي إلى معاوية ليأخذه بالبيعة، فاستعجل عليه. فقال معاوية: إنها ليست بخدعة الصبي عن اللبن. هو أمر له ما بعده، فأبلعني ريقي. والهاء، في أنها للبيعة. والخدعة، ما يخدع به. أي ليس هذا الأمر أمراً سهلاً يتجوز فيه.

إن لم تعض على الفذى لم ترض أبداً

يضرب في الصبر على جفاء الإخوان.

إذا كنت في قوم فاحلب في إنائهم

يضرب في الأمر بالموافقة، كما قال الشاعر:
إذا كنت في قوم عدي لست منهم فكل ما علفت من خبيث وطيب

إذا أتلف الناس أخلف إلياس

الناس، بالنون، اسم قيس عيلان بن مضر. والياس، بالياء، أخوه. وأصله، إلياس، بقطع الألف، وإنما قالوا الياس لمزاوجة الناس. يضرب عند امتناع المطلوب.

إذا حان القضاء ضاق القضاء

إذا ظلمت من دونك فلا تأمن عذاب من فوقك

إن لا أكن صنعاً فإني أعتثم

أي، إن لم أكن حاذقاً فإني أعمل على قدر معرفتي. يقال عثم العظم، أساء الجبر. واعتثمت المرأة المزادة، إذا خرزتها خرزاً غير محكم.

غنما نبلك حظاء

الحظاء، جمع الحظوة، وهي المرماة. يضرب للرجل الذي يعير بالضعف.

إنه ليفرغ من إناء ضخم في إناء فعم

أي ممتلئ. يضرب لمن يحسن إلى من لا حاجة به إليه.

إن مع الكثرة تخاذلاً ومع القلة تماسكاً يعني في كثرة الجيش وقلته.

إذا تكلمت بليل فأخفض=وإذا تكلمت نهاراً فأنفض

أي، التفت هل ترى من تكره.

إذا قام جناة الشر فأقعد

هذا مثل قولهم: إذا نزا بك الشر فاقعد.

إن المناكح خرها الأبكار

المناكح، جمع المنكوحة، وحقها، المناكيح، فحذف الياء. ومعنى المثل ظاهر.

إن كنت مناطحاً فناطح بذوات القرون

هذا مثل المثل الآخر، زاحم بعود أو فدع.

إذا صات الدجاجة صياح الديك فلتذبح

قاله الفرزدق في امرأة قالت شعراً.

إياك وعقيلة الملح

العقيلة، الكريمة من كل شيء، والدرة لا تكون إلا في الماء الملح. يعني المرأة الحسناء في منبت السوء.

إذا جاذبته قرينته بهرها

أي، إذا قرنت به الشديدة أطاقها وغلبها.

إنه لينزو بين شطنين

أصله، في الفرس إذا استعصى على صاحبه فهو يشده بحبلين. يضرب لمن أخذ من وجهين ولا يدري.

إذا قلت له زن طأطأ رأسه وحزن

يضرب للرجل البخيل.

إذا رآني رأى السكين في الماء

يضرب لمن يخافك جداً.
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 25

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 26

أم الجبان لا تفرح ولا تحزن

لأنه لا يأتي بخير ولا شر أينما توجه، لجبنه.

أم الصقر مقلات نزور

يضرب في قلة الشيء النفيس.

أم قعيس وأبو قعيس=كلاهما يخلط خلط الحيس

يقال: أن أبا قعيس هذا كان رجلاً مريباً، وكذلك امرأته أم قعيس، فكان يغضي عنها وتغضي عنه. والحيس، عند العرب، التمر والسمن والأقط غير المختلط. قال الراجز:
التمر والسمن جميعاً والأقط الحيس إلا أنه لم يختـلـط

إذا أتاك أحد الخصمين وقد فقئت عينه فلا تقض له

حتى يأتيك خصمه فلعله قد فقئت عيناه جميعاً

هذا مثل أورده المنذري. وقال: هذا من أمثالهم المعروفة.

أول ما أطلع ضب ذنبه

قال أبو الهيثم: يقال ذلك للرجل يصنع الخير ولم يكن صنعه قبل ذلك. قال: والعرب ترفع أول، وتنصب ذنبه، على معنى أول ما أطلع ذنبه قلت: رفع أول على تقدير هذا أول ما أطلع ضب ذنبه. أي هذا أول صنيع صنعه هذا الرجل. قال: ومنهم من يرفع أول ويرفع ذنبه على معنى أول شيء أطلعه ذنبه، ومنهم من ينصب أول وينصب ذنبه على أن يجعل أو صفة، يريد ظرفاً على معنى في أول ما أطلع ضب ذنبه.

إن فعلت كذا فبها ونعمت

قال أبو الهيثم: معنى بها تعجب، كما يقال كفاك به رجلاً. قال: المعنى ما أحسنها من خصلة! ونعمت الخصلة هي. وقال غيره الهاء في بها راجعة إلى الوثيقة، أي، أن فعلت كذا فبالوثيقة أخذت ونعمت الخصلة الأخذ بها.
أهلك فقد أعريت
أي، بادر أهلك وعجل الرجوع إليهم فقد هاجت ريح عرية، أي باردة، ومعنى أعريت، دخلت في العرية، كما يقال: أمسيت، أي دخلت في المساء.

إستأصل الله عرقاته

قال أبو عمرو: يقال استأصل الله عرقات فلان وهي أصله. وقال المنذري: هذه كلمة تكلمت بها العرب على وجوه. قالوا استأصل الله عَرقاتَه وعِرقاتِه وعَرقاتَه وعِرقاتِه. قلت: لم يزيدا على ما حكيت، وأرى أنها مأخوذة من العرقة وهي الطرة تنسج فتدار حول الفسطاط فتكون كالأصل له، ويجمع على عرقات، وكذلك أصل الحائط يقال له العرق، فأما سائر الوجوه فلا أرى لها ذكراً في كتب اللغة إلا ما قاله الليث فإنه قال العرقاة من الشجر أرومه الأوسط ومنه تتشعب العروق وهو على تقدير فعلاة. وقال ابن فارس والأزهري: العرب تقول في الدعاء على الإنسان استأصل الله عرقاته، ينصبون التاء لأنهم يجعلونها واحدة مؤنثة قال الأزهري: من كسر التاء في موضع النصب وجعلها جمع عرقة فقد أخطأ.

أخذه بأبدح ودبيدح

إذا أخذه بالباطل. قاله الأصمعي. ويقال، أكل ماله بأبدح ودبيدح، قال الأصمعي: أصله دبيح، فقالوا دبيدح، بفتح الدال الثانية، قلت تركيب هذه الكلمة يدل على الرخاوة والسهولة والسعة مثل البداح المتسع من الأرض، ومثله تبدحت المرأة إذا مشت مشية فيها استرخاء. فكأن معنى المثل أكل ماله بسهولة من غير أن ناله نصب. ودبيح، على ما قاله الأصمعي، تصغير أدبح مرخماً. حكى الأصمعي أن الحجاج قال لجبلة: قل لفلان أكلت مال الله بأبدح ودبيدح. فقال له جبلة خوا ستة أيزد يخوري بلاش وماش.

إياك وأعراض الرجال

هذا من كلام يزيد بن المهلب فيما أوصى ابنه مخلداً، إياك وأعراض الرجال فإن الحر لا يرضيه من عرضه شيء، واتق العقوبة في الإبشار فإنها عار باق ووتر مطلوب.

إنه لشديد الناظر

أي بريء من التهمة ينظر بملء عينيه.

إنه لغصيض الطرف

أي، يغض بصره عن مال غيره. ونقي الطرف، أي ليس بخائن.

إنه لضب كلدة لا يدرك حفراً ولا يؤخذ مذنباً

الكلده، المكان الصلب الذي لا يعمل فيه المحفار. وقوله لا يؤخذ مذنباً أي ولا يؤخذ من قبل ذنبه من قولهم، ذنب البسر، إذا بدا فيه الأرطاب من قبل ذنبه. يضرب لمن لا يدرك ما عنده.

إنه لزحار بالدواهي

يضرب للرجل يولد الرأي والحيل حتى يأتي بالداهية. وقال:
زحرت بها ليلة كلهـا فجئت بها مودناً خنفقيقاً

إنه لغير أبعد

يضرب لمن ليس له بعد مذهب، أي غور، قال ابن الأعرابي: أن فلاناً لذو بعده. أي لذو رأي وحزم. فإذا قيل إنه غير أبعد كان معناه لا خير فيه.

إنما أنت عطينة وإنما أنت عجينة

أي إنما أنت منتن مثل الأوهاب المعطون. يضرب لمن يذم في أمر يتولاه. أنشد بن الأعرابي:  
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 26

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 27

يا أيها المهدي الخنا من كلامه كأنك يضعو في أزارك خرنق
وأنت إذا انضم الرجال عطينة تطاوح بالآناف ساعة تنطـق

إنه لمنقطع القبال

قالوا: القبال، ما يكون من السير بين الإصبعين إذا لبست النعل. ويراد بهذه اللفظة أنه سيء الرأي فيمن استعان به في حاجة.

إنه لموهون الفقار

وهن يهن وهناً، إذا ضعف، ووهنته أضعفته لازم ومتعد قال الليث: رجل واهن في الأمر والعمل وموهون في العظم والبدن. قال طرفة:
وإذا تلسنني السـنـهـا أنني لست بموهون فقر
يضرب للرجل الضعيف.

إنما نعطي الذي أعطينا

أصله كما رواه ابن الأعرابي عن أبي شبيل قال: كان عندنا رجل مئناث، ولدت له امرأته جارية فصبر، ثم ولدت له جارية فصبر، ثم ولدت له جارية فهجرها وتحول عنها إلى بيت قريب منها، فلما رأت ذلك أنشأت تقول:
ما لأبي الذلفاء لا يأتينـا وهو في البيت الذي يلينا
يغضب أن لم تلد البنينـا وإنما نعطي الذي أعطينا
فلما سمع الرجل ذلك طابت نفسه ورجع إليها. يضرب في الإعتذار عما لا يملك.
إياكم وحمية الأوقاب
قال أبو عمر: والأوقاب والأوغاب، الضعفاء، ويقال الحمقى، يقال رجل وقب ووغب. قال: وهذا من كلام الأحنف بن قيس لبني تميم وهو يوصيهم، تباذلوا تحابوا وتهادوا تذهب الأحن والسخائم وإياكم وحمية الأوقاب. وهذا كقولهم: أعوذ بالله اللئام من غلبة.

إنه لهو أو الجذل

الجذل، أصل الشجرة. يضرب هذا إذا أشكل عليك الشيء فظننت الشخص شسخصين. ومثله:

إنهم لهم أو الحرة دبيباً

أي، في الدبيب. يضرب عند الأشكال والتباس الأمر.

إن الشقي ينتحي له الشقي

أي، أحدهما يقيض لصاحبه فيتعارفان ويأتلفان.

أمر الله بلغ يسعد به السعداء ويشقى به الأشقياء

بلغ، أي بالغ بالسعادة والشقاوة، أي نافذ بهما حيث يشاء. يضرب لمن اجتهد في مرضاة صاحبه فلم ينفعه ذلك عنده.

إن كنت تريديني فأنا لك أريد

قال أبو الحسن الأخفش: هذا مثل، وهو مقلوب، وأصله أرود، وهو مثل قولهم: هو أحيل الناس، وأصله، أحول من الحول.

إن جرفك إلى الهدم

الجرف، ما تجرفه السيول. والمعنى: أن جرفك صائر إلى الهدم. يضرب للرجل يسرع إلى ما يكرهه. ومثله قولهم:

إن حبلك إلى أنشوطة

الأنشوطة، عقدة يسهل انحلالها كعقدة تكك السراويل. وتقديره أن عقدة حبلك تصير وتنسب إلى أنشوطة.

إياك وقتيل العصا

يريد، إياك وأن تكون القتيل في الفتنة التي تفارق فيها الجماعة. والعصا، اسم للجماعة. قال:
فالله شعبا طية صدعا العـصـا هي اليوم شتى وهي أمس جميع
يريد، فرقا الجماعة الذين كانوا متجاورين. وكان حقه أن يقول: صدعت على فعل الطية، لكنه جعله فعل الشعبيين توسعاً. وقوله: هي اليوم، يعني العصا، وهي الجماعة. وشتى، أي متفرقة.

إنك لا تهدي المتضال

أي، من ركب الضلال على عمد لم تقدر على هدايته. يضرب لمن أتى أمراً على عمد وهو يعلم أن الرشاد في غيره.

إن القلوص تمنع أهلها الجلاء

وذلك أنها تنتج بطناً فيشرب أهلها لبنها سنتهم ، ثم تنتج ربعاً فيبيعونه. والمراد أنهم يتبلغون بلبنها وينتظرون لقاحها. يضرب للضعيف الحال يجاور منعماً.

إنك إلى ضرة مال تلجأ

قال ابن الأعرابي: أي إلى غني. والضرة، المال الكثير والمضر الذي تروح عليه ضرة من المال. قال الأشعري:
بحسبك في القوم أن يعلموا بأنك فيهم غني مـضـر

إذا شبعت الدقيقة لحست الجليلة

الدقيقة، الغنم. والجليلة، الإبل وهي لا يمكنها أن تشبع، والغنم يشبعها القليل من الكلأ فهي تفعل ذلك. يضرب للفقير يخدم الغني.

إذا أخصب الزمان جاء الغاوي والهاوي

يقال: الغاوي، الجراد والغوغاء منه. والهاوي، الذباب. تهوي، أي تجيء وتقصد إلى الخصب. يضرب في ميل الناس إلى حيث المال.

إذا جاءت السنة جاء معها أعوانها

يعني، الجراد والذباب والأمراض. يعني إذا قحط الناس اجتمع البلايا والمحن.

إن إطلاعاً قبل إيناس

يضرب في ترك الثقة بما يورد المنهى دون الوقوف على صحته. يعني أن نظراً ومطالعة بصحة معرفتك قبل أشعارك التيقن. أنشد ابن الأعرابي:  
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 27

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 28

وإن أتاك امرؤ يسعى بكذبتـه فانظر فإن إطلاعاً قبل إيناس
الإطلاع، النظر. والإيناس التيقن.

إنما يهدم الحوض من عقره

العقر، مؤخر الحوض. يريد يؤتى الأمر من وجهه.

أنا أعلم بكذا من المائح باست الماتح

المايح، بالياء، الذي في أسفل البئر. والماتح، الذي يستقي من فوق. وقال: يا أيها المائح دلوي دونكا.

إنه سريع الإحارة

أي سريع اللقم كبيرهم. والإحارة، رد الجواب ورجعه. ومنه، أراك بشر ما أحار مشفر، أي ما رده ورجعه مشفره إلى بطنه.

أن أصبح عند رأس الأمر أحب إلي من أن أصبح عند ذنبه

يضرب في الحث على التقدم في الأمور.

إن أكله لسلجان وإن قضاه لليان وإن عدوه لرضمان

أي، يجب أن يأخذ ويكره أن يقضي. وقوله، لرضمان، معناه بطيء مأخوذ من قولهم: برذون مرضوم العصب، إذا كان عصبه قد تشنج، وإذا كان كذلك بطؤ سيره.

إن لا تجد عارماً تعترم

يضرب للمتكلف ما ليس من شأنه. وأصله من، عرم الصبي ثدي أمه. وأنشد يونس:
ولا تلقين كذات الـغـلا م إن لم تجد عارماً تعترم
يعني، أن الأم المرضع إن لم تجد من يمص ثديها مصته هي. قال: ومعنى المثل، لا تكن كمن يهجو نفسه إذا لم يجد من يهجوه.

إن كثير النصيحة يهجم على كثير الظنة

أي، إذا بالغت في النصيحة اتهمك من تنصحه.

أتاه فما أبرد له ولا أحر

أي، ما أطعمه بارداً ولا حاراً.

أنت كبارح الأروى

البارح، الذي يكون في البراح، وهو الفضاء الذي لا جبل فيه ولا تل. والأروى، الإناث من المعزي الجبلية، وهي لا تكون إلا في الجبل فلا ترى قط في البراح. يضرب لمن تطول غيبته.

إذا العجوز ارتجبت فأرجبها

يقال: رجبته، إذا رهبته وعظمته، ومنه رجب مضر، لأن الكفار كانوا يهابونه ويعظمونه ولا يقاتلون فيه. ومعنى المثل إذا خوفتك العجوز نفسها فخفها لا تذكر منك ما تكره.

إنما هو الفجر أو البحر

أي، إن انتظرت حتى يضيء لك الفجر الطريق أبصرت قدرك، وإن خبطت الظلماء وركبت العشواء هجما بك على المكروه. يضرب في الحوادث التي لا امتناع منها.

أنت أنزلت القدر بأثافيها فيها

يضرب لمن يركب أمراً عظيماً ويوقع نفسه فيه.

أتتكلم فالية الأفاعي

الفالية، وجمعها الفوالي، هنات الخنافس رقط تألف العقارب في حجرة الضب، فإذا خرجت تلك علم أن الضب خارج لا محالة. ويقال: إذا رئت في الحجر علم أن وراءها العقارب والحيات. يضرب مثلاً لأول الشر ينتظر بعده شر منه.

أتى عليهم ذو أتى

هذا مثل من كلام طيء، وذو، في لغتهم تكون بمعنى الذي يقولون: نحن ذو فعلنا كذا. أي نحن الذين فعلنا كذا، وهو ذو فعل كذا، وهي ذو فعلت كذا. قال شاعرهم:
فإن الماء ماء أبـي وجـدي وبئري ذو حفرت وذو طويت
ومعنى المثل، أتى عليهم الذي أتى على الخلق، يعني حوادث الدهر.

أبو وثيل أبلت جماله

يقال: أبلت الإبل والوحش، إذا رعت الرطب فسمنت. يضرب لمن كان ساقطاً فارتفع.

أم سقتك الغيل من غير حبل

الغيل، اللبن يرضعه الرضيع الأم حامل، وذلك مفسدة للصبي. يضرب لمن يدنيك ثم يجفوك ويقصيك من غير ذنب.

أثرت غير بغراقات القرب

الغرقة والغراقة، القليل من الماء واللبن وغيرهما، يدخره المرء لنفسه ثم يؤثر على نفسه غيره. يضرب لمن تتحمل له كل مكروه ثم يتزيدك ولا يرضى عنك.

أوى إلى ركن بلا قواعد

يضرب لمن يأوي إلى من له بقبقة ولا حقيقة عنده.

آب وقدح الفوزة المنيح

المنيح، من قداح الميسر ما لا نصيب له، وهو السفيح والمنيح والوغد. يضرب لمن غاب ثم يجيء بعد فراغ القوم مما هم فيه فهو يعود بخيبة.

إن كذب نجى فصدق أخلق

تقديره، أن نجى كذب فصدق أجدر وأولى بالتنجية.

أخ أراد البر صرحاً فاجتهد

أراد، صرحاً، بالتحريك، فسكن، والصرح، الخالص الخالص من كل شيء. قال الشاعر:
تعلو السيوف بأيدينا جماجمهـم كما يعلق مرو الأمعز الصرح
أي، الخالص. يقال: صرح صراحة فهو صريح وصرح وصراح. يضرب لمن اجتهد في برك وإن لم يبلغ رضاك.

إني مليط الرفد من عويمر

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 28

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 29

المليط، السقط من أولاد الإبل قبل أن يشعر. والرفد، العطاء. يريداني ساقط الحظ من عطائه. يضرب لمن يختص بإنسان ويقل حظه من إحسانه.

إن حالت القوس فسهمي صائب

يقال: حالت القوس تحول حؤولاً، إذا زالت عن استقامتها. وسهم صائب، يصيب الغرض. يضرب لمن زالت نعمته ولم تزل مروءته.

أي سواد يخدام تدري

السواد، الشخص. والخدام، جمع خدمة، وهي الخلخال. وأدري ودري إذا ختل. يضرب به من لا يعتقد أنه يخدع ويختل.

إنه لا يخنق على جرته

يضرب لمن لا يمنع من الكلام فهو يقول ما يشاء.

إنه لفي حور وفي بور

الحور، النقصان. والبوور، الهلاك بفتح الباء، وكذلك البوار، والبور بالضم، الرجل الفاسد الهالك. ومنه قول ابن الزبعري: إذا أنا بور. يقال: رجل بور وامرأة بور وقوم بور وإنما ضم الباء في المثل لازدواج الحور. يضرب لمن طلب حاجة فلم يصنع فيها شيئاً.

إن غداً لناظره قريب

أي، لمنتظره. يقال: نظرته أي انتظرته. وأول من قال ذلك قراد بن أجدع، وذلك أن النعمان بن المنذر خرج يتصيد على فرسه اليحموم، فأجراه على أثر عير فذهب به الفرس في الأرض ولم يقدر عليه وانفرد عن أصحابه وأخذته السماء فطلب ملجأ يلجأ إليه، فدفع إلى بناء فإذا فيه رجل من طيء يقال له حنظلة ومعه امرأة له فقال لهما: هل من مأوى؛ فقال حنظلة: نعم. فخرج إليه فأنزله ولم يكن للطائي غير شاة، وهو لا يعرف النعمان، فقال لامرأته: أرى رجلاً ذا هيئة وما أخلقه أن يكون شريفاً خطيراً. فما الحيلة؛ قالت: عندي شيء من طحين كنت أدخرته فاذبح الشاة لأتخذ من الطحين ملة. قال: فأخرجت المرأة الدقيق فخبزت منه ملة، وقام الطائي إلى شاته فاحتلبها ثم ذبحها فاتخذ من لحمها مرقة مضيرة، وأطعمه من لحمها، وسقاه من لبنها، واحتال له شراباً فسقاه وجعل يحدثه بقية ليلته، فلما أصبح النعمان لبس ثيابه وركب فرسه ثم قال: يا أخا طيئ أطلب ثوابك، أنا الملك النعمان، قال: أفعل أن شاء الله. ثم لحق الخيل فمضى نحو الحيرة، ومكث الطائي بعد ذلك زماناً حتى أصابته نكبة وجهد وساءت حاله، فقالت له امرأته: لو أتيت الملك لأحسن إليك. فأقبل حتى انتهى إلى الحيرة فوافق يوم بؤس النعمان فإذا هو واقف في خليه في السلاح، فلما نظر إليه النعمان عرفه وساءه مكانه فوقف الطائي المنزول به. قال: نعم. قال: أفلا جئت في غير هذا اليوم. قال: أبيت اللعن، وما كان علمي بهذا اليوم. قال: والله لو سخ لي في هذا اليوم قابوس أبني لم أجد بداً من قتله، فاطلب حاجتك من الدنيا وسل ما بدا لك فإنك مقتول. قال: أبيت اللعن، وما أصنع بالدنيا بعد نفسي. قال النعمان: إنه لا سبيل إليها. قال: فإن كان لا بد فأجعلني حتى ألم بأهلي فأوصي إليهم وأهيئ حالهم، ثم انصرف إليك. قال النعمان: فأقم لي كفيلاً بموافاتك، فالتفت الطائي إلى شريك بن عمرو بن قيس من بني شيبان، وكان يكنى أبا الخوفزان، وكان صاحب الردافة، وهو واقف بجنب النعمان فقال له:
يا شريكاً يا ابن عمرو هل من الموت محاله يا أخا كل مضاف يا أخا من لا أخـا لـه
يا أخا النعمان فك اليوم ضيفاً قد أتـى لـه طالما عالج كرب الموت لا ينعـم بـالـه
فأبى شريك أن يتكفل به، فوثب إليه رجل من كلب يقال له قراد ابن أجدع فقال للنعمان: أبيت اللعن، هو علي. قال النعمان: أفعلت قال: نعم فضمنه إياه ثم أمر للطائي بخمسمائة ناقة، فمضى الطائي إلى أهله، وجعل الأجل حولاً، من يومه ذلك إلى مثل ذلك اليم من قابل، فلما حال عليه الحول وبقي من الأجل يوم قال النعمان لقراد: ما أراك إلا هالكاً غداً. فقال قراد:
فإن يك صدر هذا اليوم ولى فإن غداً لناظـره قـريب
فلما أصبح النعمان، ركب في خيله ورجله متسلحاً كما كان يفعل حتى أتى الغربين، فوقف بينهما وأخرج معه قراداً وأمر بقتله فقال له وزراؤه: ليس لك أن تقتله حتى يستوفي يومه، فتركه، وكان النعمان يشتهي أن يقتل قراداً ليفلت الطائي من القتل، فلما كادت الشمس تجب وقراد قائم مجرد في أزار على النطع، والسياف إلى جنبه، أقبلت أمرأته وهي تقول:
أيا عين أبكي لي قراد بن أجـدعـا رهيناً لقتل لا رهـينـاً مـودعـا
أتته المنـايا بـغـتة دون قـومـه فأمسى أسيراً حاضر البيت أضرعا
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 29

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 30

فبينا هم كذلك إذ رفع لهم شخص من بعيد، وقد أمر النعمان بقتل قراد، فقيل له: ليس لك أن تقتله حتى يأتيك الشخص فتعلم من هو، فكف حتى انتهى إليهم الرجل فإذا هو الطائي، فلما نظر إليه النعمان شق عليه مجيئه فقال له: ما حملك على الرجوع بعد إفلاتك من القتل? قال: الوفاء. قال: وما دعاك إلى الوفاء? قال: ديني قال النعمان: وما دينك? قال النصرانية. قال النعمان: فأعرضها علي، فعرضها عليه فتنصر النعمان وأهل الحيرة أجمعون، وكان قبل ذلك على دين العرب، فترك القتل منذ ذلك اليوم وأبطل تلك السنة وأمر بهدم الغريين وعفى عن قراد والطائي وقال: والله ما أدري أيهما أوفى وأكرم أهذا الذي نجا من القتل فعاد أم هذا الذي ضمنه، والله لا أكون ألأم الثلاثة. فأنشد الطائي يقول:
ما كنت أخلف ظنه بعد الذي أسدى إلي من الفعال الخالي
ولقد دعتني للخلاف ضلالتي فأبيت غير تمجدي وفعالـي
إني أمرؤ مني الوفاء سجية وجزاء كل مكـارم بـذال
وقال أيضاً يمدح قراداً:
ألا إنما يسموا إلى المجد والعلا مخاريق أمثال القراد بن أجدعا
مخاريق أمثال القراد وأهـلـه فإنهم الأخيار من رهط تبعـا

إن أخاك من آساك

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 30

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 31

يقال: آسيت فلاناً بمالي أو غيره، إذا جعلته أسوة لك، وواسيت لغة فيه ضعيفة بنوها على بواسي. ومعنى المثل، أن أخاك حقيقة من قدمك وآثرك على نفسه. يضرب في الحث على مراعاة الإخوان. وأول من قال ذلك خزيم بن نوفل الهمداني، وذلك أن النعمان بن ثواب العبدي، ثم الشني، كان له بنون ثلاثة سعد وسعيد وساعدة، وكان أبوهم ذا شرف وحكمة وكان يوصي بنيه ويحملهم على أدبه، أما ابنه سعد فكان شجاعاً بطلاً من شياطين العرب لا يقام لسبيله ولم تفته طلبته قط ولم يفر عن قرن، وأما سعيد فكان يسبه أباه في شرفه وسؤدده، وأما ساعدة فكان شراب وندامي وإخوان، فلما رأى الشيخ حال بنيه دعا سعداً وكان صاحب حرب فقال: يا بني أن الصارم ينبو والجواد يكبو والأثر يعفو فإذا شهدت حرباً فرأيت نارها تستعر وبطلها يخطر وبحرها يزخر وضعيفها ينصر وجبانها يجسر فأقلل المكث والانتظار فإن الفرار غير عار إذا لم تكن طالب نار فإنما ينصرون هم، وإياك أن تكون صيد رماحها ونطيح نطاحها. وقال لابنه سعيد، وكان جواداً، يا بني لا يبخل الجواد فابذل الطارف والتلاد وأقلل التلاح تذكر عند السماح وأب لإخوانك فإن وفيهم قليل واصنع المعروف عند محتمله. وقال لابنه ساعدة: وكان صاحب شراب، يا بني إن كثرة الشراب تفسد القلب، وتقلل الكسل، وتجد اللعب، فابصر نديمك واحم حريمك واعن غريمك، واعلم أن الظمأ القامح خير من الرأي الفاضح، وعليك بالقصد فإن فيه بلاغاً. ثم أن أباهم النعمان ابن ثواب توفي فقال ابنه سعيد: وكان جواد سيداً، لآخذن بوصية أبي ولأبلون أخواني وثقاتي في نفسي، فعمد إلى كبش فذبحه ثم وضعه في ناحية خبائه وغشاه ثوباً ثم دعا بعض ثقاته فقال: يا فلان إن أخاك من وفي لك بعهده وحاطك بوفده ونصرك بوده. قال: صدقت فهل حدث أمر. قال: نعم إني قتلت فلاناً وهو الذي تراه في ناحية الخباء ولا بد من التعاون عليه حتى يواري. فما عندك? قال: يا لها سوأة وقعت فيها. قال: فإني أريد أن تعينني عليه حتى أغيبه. قال: لست لك في هذا بصاحب، فتركه وخرج. فبعث إلى آخر من ثقاته فأخبره بذلك وسأله معونته فرد عليه مثل ذلك حتى بعث إلى عدد منهم كلهم يرد عليه مث لجواب الأول. ثم بعث إلى رجل من إخوانه يقال له خزيم بن نوفل فلما أتاه قال له: يا خزيم مالي عندك. قال: ما يسرك وما ذاك قال: إني قتلت فلاناً وهو الذي تراه مسجي. قال: أيسر خطب، فتريد ماذا? قال: أريد أن تعينني حتى أغيبه. قال: هان ما فزعت فيه إلى أخيك، وغلام لسعيد قائم معهما، فقال له خزيم هل أطلع على هذا الأمر أحد غير غلامك هذا? قال: لا. قال: أنظر ما تقول. قال: ما قلت: إلا حقاً، فأهوى خزيم إلى غلامه فضربه بالسيف فقتله، وقال: ليس عبد بأخ لك، فأرسلها مثلاً، وارتاع سعيد وفزع لقتل غلامه. فقال: ويحك ما صنعت? وجعل يلومه. فقال خزيم: أن أخاك من آساك، فأرسلها مثلاً، قال سعيد: فإني أردت تجربتك. ثم كشف له عن الكبش وأخبره بما لقي من إخوانه وثقاته وما ردوا عليه. فقال خزيم: سبق السيف العذل، فذهبت مثلاً.

ألا من يشتري سهراً بيوم

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 31

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 32

قالوا: إن أول من قال ذلك، ذو رعين الحميري، وذلك أن حمير تفرقت على ملكها حسان وخالفت أمره لسوء سيرته فيهم، ومالوا إلى أخيه عمرو، وحملوه على قتل أخيه حسان وأشاروا عليه بذلك، ورغبوه في الملك، ووعدوه حسن الطاعة والمؤازرة. فنهاه ذو رعين من بني حمير عن قتل أخيه. وعلم أنه إن قتل أخاه ندم ونفر عنه النوم وانتقض عليه أموره، وأنه سيعاقب الذي أشار عليه بذلك، ويعرف غشهم له. فلما رأى ذو رعين أنه لا يقبل ذلك منه وخشي العواقب، قال هذين البيتين وكتبهما في صحيفة وختم عليها بخاتم عمرو وقال: هذه وديعة لي عندك إلى أطلبها منك، فأخذها عمرو وقد دفعها إلى خازنه وأمره برفعها إلى الخزانة والاحتفاظ بها إلى أن يسأل عنها. فلما قتل أخاه وجلس مكانه في الملك، منع منه النوم، وسلط عليه السهر. فلما أشتد ذلك عليه لم يدع باليمن طبيباً ولا كاهناً ولا منجماً ولا عرافاً ولا عائفاً إلا جمعهم ثم أخبرهم بقصته وشكا إليهم ما به فقالوا له: ما قتل رجل أخاه أو ذا رجم منه على نحو ما قتلت أخاك إلا أصابه السهر ومنع منه النوم، فلما قالوا له ذلك، أقبل على من كل أشار عليه بقتل أخيه وساعده عليه من أقيال حمير فقتلهم حتى أفناهم، فلما وصل إلى ذي رعين قال له: أيها الملك أن لي عندك براءة مما تريد أن تصنع بي. قال: وما براءتك وأمانك? قال: مر خازنك أن يخرج الصحيفة التي استودعتكها يوم كذا وكذا! فأمر خازنه فأخرجها فنظر إلى خاتمه عليها ثم فضها فإذا فيها:
ألا مهن يشتري سهراً بنوم سعيد من يبيت قرير عين
فأما حمير غدرت وخانت فمعذرة الإله لذي رعين
ثم قال له: أيها الملك قد نهيتك عن قتل أخيك وعلمت أنك إن فعلت ذلك أصابك الذي قد أصابك فكتبت هذين البيتين براءة لي عندك مما علمت أنك تصنع بمن أشار عليك بقتل أخيك. فقبل ذلك منه وعفا عنه وأحسن جائزته. يضرب لمن غمط النعمة وكره العافية.

إنك لا تهرش كلباً

يضرب لمن يحمل الحليم على الثوئب.

إن الذليل من ذل في سلطانه

يضرب لمن ذل في موضع التعزيز، وضعف حيث تنظر قدرته.

إن كنت كذوباً فكن ذكوراً

يضرب للرجل يكذب ثم ينسى فيحدث بخلاف ذلك.

إذا اشتريت فاذكر السوق

يعني، إذا اشتريت فاذكر البيع لتجنب العيوب.

إنه لقبضة رفضة

يضرب للذي يتمسك بالشيء ثم يلبث أن يدعه.

إن لم يكن معلماً فدحرج

أصل هذا المثل، أن بعض الحمقى كان عرياناً فقعد في جب، وكان يدحرج، فحضره أبوه بثوب يلبسه فقال: هل هو معلم? قال: لا. فقال: إن لم يكن معلماً فدحرج. فذهب مثلاً. يضرب للمضطر يقترح فوق ما يكفيه.

إياك والسآمة في طلب الأمور فتقذفك الرجال خلف أعقابها

قال أبو عبيد: يروي عن أبجر بن جابر العجلي أنه قال فيما أوصى به ابنه حجازاً يا بني إياك والسآمة. يضرب في الحث على الجد في الأمور، وترك التفريط فيها.

إذا ما القارظ العنزي آبا

قال بن الكلبي: هما قارظان كلاهما من عنزة، فالأكبر منهما هو يذكر ابن عنزة لصلبه، والأصغر هو رهم بن عامر بن عنزة. كان من حديث الأول أن خزيمة بن نهد، ويروى خزيمة، كذا رواه أبو الندي في أمثاله، كان عشق فاطمة ابنة يذكر. قال، وهو القائل فيها:
إذا الجوزاء أردفت الثريا ظننت بآل فاطمة الظنونا
قال: ثم أن يذكر وخزيمة خرجا يطلبان القرظ فمر بهوة من الأرض فيها نحل. فنزل يذكر ليشتار عسلاً، ودلاه خزيمة بحبل، فلما فرغ قال يذكر لخزيمة: أمددني لأصعد. فقال خزيمة: لا والله حتى تزوجني ابنتك فاطمة. فقال: أعلي هذه الحال لا يكون ذلك أبداً. فتركه خزيمة فيها حتى مات. قال: وفيه وقع الشر بين قضاعة وربيعة. قال: وأما الأصغر منهما فإنه خرج لطلب القرظ أيضاً فلم يرجع ولا يدري ما كان من خبره. فصار مثلاث في أمتداد الغيبة. قال بشر بن أبي حازم لابنته عند موته:
فرجي الخير وانتظري أيابي إذا مـا الـعـنـزي آبـا
?إنه لمشل عون المشل، الطرد. والعون، جمع عانة، أي أنه ليصلح أن تشل عليه الحمر الوحشية. يضرب لمن يصلح أن تناط به الأمور العظام.

?إنه لمخلط مزيل

يضرب للذي يخالط الأمور ويزايلها ثقة بعلمه واهتدائه فيها.

إنه الليل وأضواج الوادي

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 32

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 33

الضوج، بالضاد المعجمة والجيم، منعطف الوادي. والصوح، بالصاد المضمومة والحاء، حائط الوادي وناحيته. وهذا المثل مثل قولهم: الليل وأهضام الوادي.

إنك لا تعدو بغير أمك

يضرب لمن يسرف في غير موضع السرف.

إنك لو ظلمت ظلماً أمماً

الأمم، القرب. أي لو ظلمت ظلماً ذا قرب لعفونا عنك، ولكن بلغت الغاية في ظلمك.

إن كنت الحالبة فاستغزري

أي، إن قصدت الحلب فاطلبي ناقة غزيرة. يضرب لمن يدل على موضع حاجته.

إن أخا الخلاط أعشى بالليل

الخلاط، أن يخلط إبله بإبل غيره ليمنع حق الله منها. وفي حديث "لا خلاط ولا وراط" أي لا يجمع بين متفرقين. والوراط، أن يجعل غنمه في ورطة، وهي الهوة من الأرض، لتخفقي والذي يفعل الخلاط يتحير ويدهش. يضرب مثلاً للمريب الخائن.

إن أمامي ما لا أسامي

أي، ما لا أساميه ولا أقاومه. يضرب للأمر العظيم ينتظر وقوعه.

إن كنت حبلى فلدي غلاماً

يضرب للمتصلف يقول هذا الأمر بيدي.

إنما طعام فلان القفعاء والتأويل

القعفاء، شجرة لها شوك. والتأويل، نبت يعتلفه الحمار. يضرب لمن يستبلد طبعه، أي إنه بهيمة في ضعف عقله وقلة فهمه.

إياك وصحراء الإهالة

أصل هذا، أن كسرى أغزي جيشاً إلى قبيلة أياد وجعل معهم لقيطاً الأيادي ليدلهم، فتوه بهم لقيط في صحراء الإهالة فهلكوا جميعاً، فقيل في التحذير: إياك وصحراء الإهالة.

إنه لينتجب عضاة فلان

الإنتجاب، أخذ النجبة، وهي قشر الشجر. يضرب لمن ينتحل شعر غيره.

آخ الأكفاء وداهن الأعداء

هذا قريب من قولهم: خالص المؤمن وخالق الفاجر.

إذا قرح الجنان بكت العينان

هذا كقولهم: البغض تبديه لك العينان.

إنما يحمل الكل على أهل الفضل

الكل، الثقل، أي، تحمل الأعباء على أهل القدرة.

إذا تلاحت الخصوم تسافهت الحلوم

التلاحي، التشاتم، أي عنده يصير الحليم سفيهاً.

إنه ينبح الناس قبلاً

يضرب لمن يشتم الناس من غير جرم. ونصب قبلاً على الحال، أي مقابلاً.

إن السلاء لمن أقام وولد

يقال: سلأت السمن سلأ إذا أذبته، والسلاء بالمد المسلوء، يعني أن النتاج ومنافعه لمن أقام وأعان على النولادة لا لمن غفل وأهمل. يضرب في ذم الكسل.

أنت بين كبدي وخلبي

يضرب للعزيز الذي يشفق عليه. والخلب، الحجاب الذي بين القلب وسواد البطن.

آخر سفر أولاً. أي ننظر كيف يكون نشاطك آخراً. وقوله: أملك أي أحق بأن يملك فيه النشاط.

إنك ريان فلا تعجل بشربك

يضرب لمن أشرف على أدراك بغيتة فيؤمر بالرفق.

إن كنت ناصري فغيب شخصك عني

يضرب لمن أراد أن ينصرك فيأتي بما هو عليك لا لك.

أخذه على قل غيظه

أي، على أثر غيظ منه في قلبه.

إذا لم تسمع فألمع

أي، إن عجزت عن الإسماع لم تعجز عن الإشارة.

إن من ابتغاء الخير اتقاء الشر

يروى هذا عن ابن شهاب الزهري حين مدحه شاعر فأعطاه مالاً وقال هذا القول.

إنما الشيء كشكله

قاله أكثم بن صيفي: يضرب للأمرين، أو الرجلين، يتفقان في أمر فيأتلفان.

أنت عليه أم اللهيم

أي، أهلكته الداهية، ويقال المنية.

أكلتم تمري وعصيتم أمري

قال عبد الله بن الزبير.

أين بيتك فتزاري

يضرب لمن يبطئ في زيارتك.

إن الهوى شريك العمى

هذا مثل قولهم: حبك الشيء يعمي ويصم.

إذا أعياك جاراتك فعوكي على ذي بيتك

قاله رجل لامرأته، أي إذا أعياك الشيء من قبل غيرك فاعتمد على ما في ملكك. وعوكي، معناه اقبلي.

أخذني بأطير غيري

الأطير، الذنب. قال مسكين الدارمي:
اتضربني بأطير الرجال وكلفتني ما يقول البشر

إن دون الطلمة خرط قتاد هوبر

الطلمة، الخبزة تجعل في الملة، وهي الرماد الحار. وهو بر، مكان كثير القتاد. يضرب للشيء الممتنع.

إنه ديس من الديسة

أصل ديس دوس من الدروس والدياسة، أي أنه يدوس منه ينازله. يضرب للرجل الشجاع. وبني قوله، من الديسة؛ على قوله، ديس، وإلا فحقه الواو.

إن الرأي ليس بالتظني

يضرب في الحث على التروية في الأمر.

أنا ابن كديها وكدائها

وكدي وكداء، جبلان بمكة. والهاء راجعة إلى مكة، أو إلى الأرض. وهذا مثل يضربه من أراد الافتخار على غيره.

أخر البز على القلوص

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 33

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 34

البز، الثياب. والقلوص، الأنثى من الإبل الشابة. وهذا المثل مذكور في قصة الزباء في حرف الخاء.

ما جاء على إفعل من هذا الباب

أعلم أن لأفعل إذا كان للتفصيل ثلاثة أحوال، الأول: أن يكون معه. من نحو، زيد أفضلا من عمرو. والثاني: أن تدخل عليه الألف واللام. نحو: زيد الأفضل. والثالث: أن يكون مضافاً. نحو: زيد أفضل القوم وعمرو أفضلكم. فإذا كان مع من، استوى فيه الواحد والتثنية والجمع والمذكر والمؤنث. تقول: زيد أفضل منك، والزيدان أفضل منك، والزيدون أفضل منك، وكذلك هند افضل من دعد، والهندان أفضل، والهندات أفضل. قال الله تعالى: "هؤلاء بناتي هن أطهر لكم". وإنما كان كذلك، لأن تمامه بمن، ولا يثني الاسم ولا يجمع ولا يؤنث قبل تمامه، ولهذا لا يجوز أن تقول: زيد أفضل، وأنت تريد من الأخر، إذا دلت الحال عليه، فحينئذ أن أضمرته جاز. نحو قولك: زيد أفضل من عمرو وأعقل، تريد واعقل منه، وعلى هذا قوله تعالى: "يعلم السر وأخفى". أي وأخفى من السر، ما أسررت في نفسك. و أخفى منه، ما لم تحدث به نفسك مما يكون في غد علم الله فيهما سواء، فحذف الجار والمجرور، لدلالة الحال عليه. وكذلك، "هن أطهر لكم"، أي من غيرها. وإذا كان مع الألف واللام ثني وجمع وأنث. تقول: زيد الأفضل، والزيدان الأفضلان، والزيدون الأفضلون. وإن شئت الأفاضل، وهند الفضلى، وهندان الفضليان، والهندات الفضليات، وإن شئت الفضل، قال تعالى: "إنها لإحدى الكبر". والألف واللام تعاقبان من، فلا يجوز الجمع بينهما. لا يقال زيد الأفضل من عمرو. ولا يستعمل فعلى التفضيل إلا بالألف واللام. لا يقال جاءتني فضلى. وقد غلطوا أبا نواس في قوله:
كأن صغرى وكبرى من فواقعهـا حصباء در على أرض من الذهب
وإنما استعمل من هذا القبيل أخرى. قال الله تعالى: "ومنها نخرجكم تارة أخرى". وقالوا: دنيا، في تأنيث الأدنى. ولا يجوز القياس عليهما: قال الأخفش: قرأ بعضهم: "وقولوا للناس حسنى". وذلك لا يجوز عند سيبويه وسائر النحويين. وإذا كان أفعل مضافاً ففيه وجهان. أحدهما أن يجري مجراه إذا كان معه من فيستوي فيه التثنية والجمع والتذكير والتأنيث. تقول زيد أفضل قومك، والزيدان أفضل قومك، والزيدون أفضل قومك، وهند أفضل بناتك، والهندان أفضل بناتك، والهندات افضل بناتك. وهذا الوجه شائع في النثر والشعر. قال الله تعالى: "ولتجدنهم أحرص الناس على حياة. ولم يقل، أحرصي، وقال ذو الرمة:
ومية أحسن الثقلين جيداً وسالفة وأحسبته قذالا
ولم يقل حسنى الثقلين نولا حسناه. وقال جرير:
يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به وهن أضعف خلق الله إنسـانـاً
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 34

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 35

وعلى هذا قول الناس: أولى النعم بالشكر وأجل النعم عندي كذا وكذا. والوجه الثاني في إضافته، أن يعتبر فيه حال دخول الألف واللام فيثنى ويجمع ويؤنث. فيقال: زيد أفضل قومك، والزيادا أفضلا قومك، والزيدون أفضلو قومك، وهند فضلى بناتك، والهندان فضليا بناتك، والهندات فضليات بناتك. فهذه الأحوال الثلاثة أثبتها مستقصاة. ومن شرط أفعل هذا أن لا يضاف إلا إلى ما هو بعض منه. كقولك زيد أفضل الرجال، وهند أفضل النسا. ولا يجوز على الضد، ولهذا لا يجوز، زيد أفضل أخوته، لأن الإضافة تخرجه من جملتهم. ويجوز، زيد أفضل لإخوته. والإضافة في جميع هذا ليست بمعنى اللام، ولا بمعنى من، جاز أن تقول: الرجال أفضل القوم. كان زيد واحداً منهم. وإذا قلت: زيد أفضل من القوم. كان خارجاً من جملتهم. فهذا هو الفرق بين اللفظين. ومن شرطج أفعل هذا أيضاً، أن يكون مصوغاً من فعل ثلاثي. نحو: زيد أفضل وأكرم وأعلم من عمرو. وذلك أن بعض ما زاد على ثلاثة أحرف يمتنع أن يبنى منه أفعل نحو: دحرج واستخرج وتدحرج وتخرج وأشباها. وبعضه يؤدي إلى اللبس. كقولك: زيد أكرم وأفضل وأحسن من غيره، وأنت تريد بها الزيادة في الأفضال والأكرام والإحسان، فأتوا بما يزيل اللبس والامتناع، وهو أنهم بنوا من الثلاثي لفظاً ينبئ عن الزيادة، وأوقعوه على مصدر ما أرادوا تفضيله فيه فقالوا: زيد أكثر إفضالاً وإكراماً وأعمإ، حساناً وأشد استخراجاً وأسرع انطلاقاً، وما أشبه ذلك. ولا يبنى أفعل من المفعول إلا في الندرة. نحو قولهم: أشغل من ذات النحيين، وأشهر من الأبلق، والعود أحمد، ومنا أشبهها، وذلك أن المفعول لا تأثير له في الفعل الذي يحل به حتى يتصور فيه الزيادة والنقصان. وكذلك حكم ما كان خلقه، كالألوان والعيوب. لا تقول: زيد أبيض من عمرو؛ ولا أعور منه، بل تقول أشد بياضاً، وأقبح عواً. لأن هذه الأشياء مستقرة في الشخص ولا تكاد تتغير فجرت مجرى الأعضاء الثابتة التي لا معنى للفعل فيها. نحو: اليد والرجل. لا تقول: زيد أيدي أبيض من عمرو؛ ولا أعور منه، بل تقول أشد بياضاً، وأقبح عوراً. لأن هذه الأشياء مستقرة في الشخص ولا تكاد تتغير فجرت مجرى الأعضاء الثابتة التي لا معنى للفعل فيها. نحو: اليد والرجل. لا تقول: زيد أيدي من عمرو، ولا فلان أرجل من فلان. قال الفراء: إنما ينظر في هذا إلى ما يجوز أن يكون أقل أو أكثر، فيكون أفعل دليلاً على الكثرة والزيادة، ألا ترى أنك تقول: زيد أجمل من فلان، إذا كان جماله يزيد على جماله. ولا تقول للأعميين: هذا أعمى من ذاك. فأما قوله تعالى: ومن كان في هذه أعمى. فإنما جاز ذلك لأنه من عمى القلب. تقول: عمي يعمي عمى فهو عم، وأعمى، وهم عمون وعمي وعميان. قال الله تعالى: بل هم منها عمون. وقال تعالى: "صم بكم عمي". وقال: لم يخروا عليها صماً وعمياناً. فالأول في الآية اسم. والثاني تفضيل، أي من كان في هذه، يعني في الدنيا، أعمى القلب عما يرى من قدرة الله في خلق السموات والأرض وغيرها مما يعانيه فلا يؤمن به، فهو عما يغيب عنه من أمر الآخرة أعمى أن يؤمن به، أي أشد عمى. ويدل على هذا قوله تعالى: "وأضل سبيلاً". وقرأ أبو عمرو. ومن كان في هذه أعمى، بالإمالة، فهو في الآخرة أعمى، بالتفخيم. أراد أن يفرق بين ما هو اسم، وبين ما هو أفعل منه بالإمالة وتركها. وكل ما كان على أفعل صفة لا يبنى منه أفعل التفضيل. نحو قولهم: فلان أحمق من كذا. فهو من الحمق. لأنه يقال، رجل حمق، كما يقال، رجل أحمق. ومنه قول يزيد بن الحكم:
قد يقتر الحول التقي ويكثر الحمق الأثيم
وكذلك قوله تعالى: "فهو في الآخرة أعمى". من قولك: هذا أعمى وهذا أعمى منه. وحكم ما أفعله وأفعل به في التعجب، حكم أفعل في التفضيل في أنه أيضاً لا يبنى إلا من الثلاثي. ولا يتعجب من الألوان والعيوب إلا بلفظ مصوغ من الفعل الثلاثي، كما تقدم، فلا يقال: ما أعوره ولا ما أعرجه. بل يقال: ما أشد عوره وأسوأ عرجه وما أشد بياضه وسواده. وقل من قال: أبيض من أخت بني أباض.
وقول الآخر:
أما الملوك فأنت اليوم الأمهم لؤماً وأبيضهم سربال طباخ
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 35

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 36

محمولان على الشذوذ. وكذلك قولهم: ما أعطاه، وما أولاه للمعروف، وما أحوجه. يريدون ما أشد احتياجه. على أن بعضهم قال: ما أحوجه، من حاج يحوج حوجاً، أي احتاج. وقال بعضهم: إنما فعلوا هذا بعد حذف الزيادة ورد الفعل إلى الثلاثي. وهذا وجه حسن. وحكم أفعل به في التعجب حكم ما أفعله. لا يقال أعور به كما لا يقال ما أعوره بل يقال أشدد بعوره. ويستوي في لفظ أفعل به المذكر والمؤنث التثنية والجمع. تقول: يا زيد أكرم بعمرو ويا هند أكرم بزيد ويا رجلان أكرم ويا رجال أكرم، كما كان في ما أحسن زيداً وما أحسن هنداً وما أحسن الزيدين وما أحسن الهندات. كذلك قال أبو عبد الله حمزة ابن الحسن في كتابه المعنون، بأفعل ، حاكياً عن المازني أنه قال: قد جاءت أحرف كثيرة مما زاد فعله على ثلاثة أحرف فأدخلت العرب عليه التعجب قالوا ما اتقاه لله وما أنتنه وما أظلمها وما أضوأها وللفقير ما أفقره وللغني ما أغناه، وإنما يقال في فعلهما افتقر واستغنى، وقالوا للمستقيم ما أقومه وللمتمكن عند الأمير ما أمكنه وقالوا ما أصوبه وهذا على لغة من يقول صاب بمعنى أصاب وقالوا ما أخطأه لأن بعض العرب يقولون خطئت في معنى أخطأت. وقال: "يا لهف هند إذا خطئن كلاهما" وقالوا ما أشغله وإنما يقولون في فعله شغل وما أزهاه وفعله شغل وما أزهاه وفعله زهي. وقالوا ما آبله، يريدون، ما أكثر إبله. وإنما يقولون تأبلاً إبلاً، إذا اتخذها. وقالوا ما أبغضه لي وما أحبه إلي وما أعجبه برأيه. وقال بعض العرب: ما إملأ القربة. ما حكاه عن الماغزني. ثم قال وقال أبو الحسن الأخفش: لا يكادون يقولون في الأرسح ما أسحه ولا في الأسته ما أستهه. قال: وسمعت منهم من يقول: رسح وسته فهؤلاء يقولون ما أرسحه وما أسته. قلت: في بعض هذا الكلام نظر. وذلك أن الحكم، بأن هذه الكلمات كلها من المزيد فيه، غير مسلم. لأن قولهم: ما أتقاه لله، يمكن أن يحمل على لغة من يقول: تقاه يتقيه، بفتح التاء، من الميتقبل، وسكونها. حتى قد قالوا أتقي الأتقياء. وبنوا منه تقي يتقي، مثل، سقى يسقى. إلا أن المستعمل تحريك التاء من يتقي، وعليه ورد الشعر، كما قال:
زيادرتنا نعمان لا تنسـينـهـا تقي الله فينا والكتاب الذي تتلو
وقال آخر:
ولا اتقي الغيور إذا رآنـي ومثلي لزبا لحمس الربيس
فلما وجدوا الثلاثي منه مستعملاً بنوا عليه فعل التعجب، وبنوا منه فعيلاً كالتقي، وقالوا منه على هذه القضية، ما اتقاه لله، وقولهم، ما أنتنه، إنما حملوه على أنه من باب نتن ينتن نتناً وهي لغة في أنتن ينتن. فمن قال نتن قال في الفاعل منتن، ومن قال منتن بناه على أنتن. هذا قول أبي عبيد عن أبي عمرو. وقال غيسره: منتن في الأصل منتين فحذفوا المدة فقالوا منتن والقياس أن يقولوا نتن فهو ناتن أو نتين ولو قالوا نتن فهو نتن على قياس صعب فهو صعب، كان جائزاً. وقولهم: ما أظلمها وأضوأها، من هذا القبيل أيضاً، لأن ظلم يظلم ظلمة لغة في أظلم وكذلك ما أضوأها يعنون الليلة إنما هو من ضاء يضوء ضوءاً أو ضواء وهي لغة في أضاء يضيء إضاءة. وإذا كان الأمر على ما ذكرت كان التعجب على قانونه. وأما قوله قاوا للفقير ما أفقره فيجوز أن يقال أنهم لما وجدوه على فعيل توهموه من باب فعل، بضم العين، مثل صغر فهو صغير، وكبر فهو كبير، أو حملوه على ضده فقدروه من باب فعل بكسر العين كغني فهو غني كما حملوا عدوة الله على صديقة وذلك من عادتهم أن يحملوا الشيء على نقيضه كقوله:
إذا رضيت علي بنو قشير لعمر الله أعجبني رضاها
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 36

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 37

فوصل رضيت بعلي لأنهم قالوا في ضده سخط علي، ومثل هذا موجود في كلتامهم. أو حملوه على فعيل بمعنى مفعول فقد قالوا: إنه المكسور الفقار. وإذا حمل على هذا الوجه كان في الشذوذ مثله إذا حمل افتقر. وأما قولهم: ما أغناه، فهو على النهج الواضح لأنه من قولهم غني يغنى غني فهو غني، فلا حاجة بنا إلى حمله على الشذوذ. وأما قولهم للمستقيم ما أقومه فقد حملوه على قولهم شيء قويم، أي مستقيم، وقام بمعنى استقام صحيح. قال الراجز وقال ميزان النهار فاعتدل. ويقولون دينار قائم، إذا لم يزد على مثقال ولم ينقص، وذلك لاستقامة فيه، فعلى هذا الوجه ما أقومه غير شاذ. وقولهم للمتمكن عند الأمير ما أمكنه. إنما هو من قولهم: فلان مكين عند فلان وله مكانة عنده أي منزلة. فلما رأوا المكانة، وهي من مصادر فعل، بضم العين، وسمعوا المكين، وهو من نعوت هذا الباب. نحو كرم فهو كريم وشرف فهو شريف. توهموا أنه من مكن مكانة فهو مكين. مثصل متن متانة فهو متني. فقالوا: ما أمكنه! وفلان أمكن من فلان. وليس توهمهم هذا بأغرب من توهمهم الميم في التمكن والإمكان والمكانة والمكان وما اشتق منها أصلية. وجميع هذا من الكون وهذا كما أنهم توهموا الميم في المسكين أصلية فقالوا تمسكن، ولهذا نظائر. وأما قولهم ما أصوبه على لغة من يقول صاب، يعني أصاب. ولم يزيدوا على هذا فإني أقول هذا اللفظ، أعني لفظ صاب، مبهم لا ينبئ عن معنى واضح. وذلك أن صاب يكون من صاب المطر يصوب صوباً، إذا نزل. وصاب السهم يصوب صيبوبة، إذا قصد، ولم يجر. وصاب السهم القرطاس، يصيبه صيباً لغة في أصاب. ومنه المثل: مع الخواطيء سهم صائب. فإن أرادوا بقولهم صاب هذا الأخير كان من حقهم أن يقولوا ما أصيبه لأنه يائي. وأن أرادوا بقولهم أصاب، أي أتى بالصواب من القول، فلا يقال فيه صاب يصيب. ومإما قوله قالوا ما أخطأه لأن بعض العرب يقول خطئت في معنى أخطأت فهو على ما قال. وأما ما أشغله فلا ريب في شذوذه لأنه أن حمل على الاشتغال كان شاذاً، وإن حمل على أنه من المفعول فكذلك. وأما ما أزهاه وحمله على الشذوذ من قولهم زهى فهو مزهو فإن ابن دريد قال يقال زها يزهو زهواً أي تكبر. ومنه قولهم ما أزهاه وليس هذا من زهى لبأن ما لم يسم فاعله لا يتعجب منه. هذا كلامه. وأمر آخر وهو أن بين قولهم ما أشغله وما أزهاه إذا حمل على زهو فرقاً ظاهراً، وذلك أن المزهو وأن كان مفعولاً في اللفظ فهو في المعنى فاعل لأنه لم يقع عليه فعل من غيره كالمشغول الذي شغله غيره، فلو حمل ما أزهاه على التعجب من الفاعل المعنوي لم يكن بأس. وأما قولهم ما آبله أي ما أكثر إبله ثم قوله وإنما يقولون تأبل إبلاً إذا اتخذها ففي كل واحد منهما خلل. وذلك أن قولهم ما آبله ليس من الكثير في شيء إنما هو تعجب من قولهم أبل الرجل يأبل إبالة مث لشكس شكاسة فهو أبل وآبل أي حاذق بمصلحة الأبل. وفلان آبل الناس، أي من أشدهم تأنقاً في رعية الإبل وأعلمهم بها، فقولهم ما آبله معناه ما أحذقه وأعلمه بها. وإذا صح هذا فحمله ما آبله على الشذوذ سهو، ثم حمله على معنى كثر عنده الإبل سهو ثان. وقوله تأبل أي اتخذ إبلاً سهو ثالث. وذلك أن التأبل لفا هو امتناع الرجل من غشيان المرأة ومنه الحديث: لقد تأبل آدم على ابنه المقتول كذا عاماً. وتأبلت الإبل، اجتزئت بالرطب عن الماء والصحيح في اتخاذ الإبل واقتنائها قول طفيل الغنوي:
فأبل واسترخى به الخطب بعدما أساف ولولا سعينا لـم يؤبـل
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 37

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 38

أي لم يكن صاحب إبل، ولا اتخذها قنوة. وقوله ما أبغضه لي، ويروى ما بغضه إلي. وبين الروايتين فرق بين. وذلك أن ما أبغضه لي يكون من المبغض، أي ما أشد إبغاضه لي. وما أبغضه إلي يكون من البغيض بمعنى المبغض أي ما اشد إبغاضي له. وكلا الوجهين شاذ. وكذلك ما أحبه إلي. أن جعلته من حببته أحبه فهو حبيب ومحبوب، كان شاذاَ. وإن جعلته من أحببته فهو محب، فكذلك. وقولهم ما أعجبه برأيه هو من الإعجاب لا غير، يقال أعجب فلان برأيهن على ما لم يسم فاعله، فهو معجب. وأما قول بعض العرب، ما املأ القربة. فهو أن حملته على الامتلاء أو على المملوء، كان شاذاً. وأما قول الأخفش لا يكادون يقولون في الأرسح ما أرسحه ولا في الأسته ما أستهه فكلام مستقيم لأنه من العيوب والخلق. وقد تقدم هذا الحكم. قال: وسمعت منهم من يقول رسح وسته فهؤلاء يقولون ما أرسحه وما أستهه. قلت: أنهم إذا بنوا من فعل يفعل صفة على فعل قالوا في مؤنثه فعلة نحو أسف فهو أسف والمرأة اسفة وسحاب نمر وللمؤنث نمرة ولم يسمع امرأة رسحة ولا ستهة بل قالوا رسحاء وستهاء. فهذا يدل على أن المذكر أرسح وأسته. هذا وقد شذا حرف يسيرة في كتابي هذا عن باب افعل من كذا، وكان من حقها أن تكون فيه نحو من قولهم أقبح هزيلين المرأة والفرس وأسوأ القول الإفراط وأشباههما لكنها، لما زلت عن أماكنها، تجوزت فيها إذا لم تكن مقرونة بمن كما تجوز همزة في إيراد قولهم أكذب من دب ودرج وأعلم بمنبت القصيص وأسد قوي سهماً في أفعل كذا. ولا شك أن الجميع في حكم افعل التفضيل.

آبل من حنيف الحناتم

هو رجل من بني تيم اللات بن ثعلبة وكان ظمئ أبله غبا بعد العشر. وأظماء الناس غب وظاهرة. والظاهرة، أقصر الأظماء، وهي أن ترد الإبل الماء في كل يوم مرة. ثم الغب، وهي أن ترد الماء يوماً وتغب يوماً. والربع، أن ترد يوماً ويومين لا وترد في اليوم الرابع، وعلى هذا القياس إلى العشر. قالوا ومن كلام حنيف الدال على إبالته قوله: من قاظ الشرف وتربع الحزن وتشتى الصمان فقد أصاب المرعي فالشرف في بلاد بني عامر والحزن من زبالة مصعداً في بلاد نجد والصمان في بلاد بني تميم.

آبل من مالك بن زيد مناة

هو سبط تميم بن مرة. وكان يتحمق إلا أنه كان آبل أهل زمانه ثم أنه تزوج وبنى بامرأته فأورد الإبل أخوه سعد ولم يحسن القيام عليها والرفق بها فقال مالك.
أوردها سعد وسعد مشتمل ما هكذا تورد يا سعد الأبل
فأجدابه سعد وقال:
تظل يوم وردها مـزعـفـرا وهي خناطيل تجوس الخضرا

آكل من حوت

قال حمزة أنهم قالوا آكل من حوت، ولم يقولوا أشرب من حوت، ولكن قد قالوا أروى من حوت. قال وأما قولهم:

آكل من السوس

فقد قالوا في مثل آخر: العيال سوس المال. وقيل لخالد بن صفوان بن الأهتم: كيف إبنك? فقال: سيد فتيان قومه ظرفاً وأدباً. فقيل: كم ترزقه في كل شهر? قال: ثلاثين درهماً. فقيل: وأين يقع منه ثلاثون درهماً هلا تزيد وأنت تستغل ثلاثين ألفاً. فقال: الثلاثون أسرع في هلاك مالي من السوس في الصوف بالصيف. فحكى كلامه للحسن فقال: ما أشهد أن خالداً تميمي لرشده. وإنما قال الحسن ذلك لأن بني تميم معروفون بالبخل والنهم. وأما قولهم:

آكل من ضرس

فربما قالوا: من ضرس جائع. ويقولون:

آكل من الفيل وآكل من النار

وآكل من لقمان

يعنون لقمان العادي. زعموا أنه كان يتغدى بجزور ويتعشى بجزور وهذا من أكاذيب العرب.

آمن من الأرض

من الأمانة، لأنها تؤدي ما تودع. ويقال: أكتم من الأرض وأحمل واحفظ من الأرض ذات الطول والعرض. وأما قولهم:

آمن من حمام مكة

فمن الأمن، لأنها لا تثار ولا تهاج قال: شاعر الحجاز، وهو النابغة: والمؤمن العائذات الطير يمسحها ركبان مكة بين الغيل والسند ويقولون:

آمن من ظبي الحرم ومن الظبي بالحرم

ويقولون:

آلف من حمام مكة وآلف من كلب

آلف من غراب عقدة

وهي، أرض كثيرة النخل لا يطير غرابها. هذا قول محمد بن حبيب. وقال ابن الأعرابي: كل أرض ذات خصب عقدة. فعلى هذا يجب أن تكون عقدة بالخفض والتنوين. والعقدة من الكلا ما يكفي الإبل. وعقدة الدور والأرضين من ذلك، لأن فيها البلاغ والكفاية. وعقد كل شيء أحكامه. ويقولون:  
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 38

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 39

آلف من الحمى آكل من معاوية ومن الرحى

وقال الشاعر:
وصاحب لي بطنه كالهاوية كأن في أمعائه معـاوية
وقال آخر:
ومعدة هاضمة للصـخـر كأنما في جوفها ابن صخر

آنس من حمى الغين

قالوا: الغين، موضع وأهله يحمون كثيراً. ويقولون أيضاً:

آنس من الطيف ومن الحمى

قلت: وقد أورد حمزة هذا الحرف، أعني، آنس في باب النون وليس بالوجه.

المولدون

"إنه لضيق الحوصلة إن لم تراحم لم يقع في الخرج شيء" "إن للحيطان آذاناً إنما السلطان سوق إن ليتاً وإن لوا عناء" "إن استوى فسكين وإن اعوج فمنجل" يضرب في الأمر ذي الوجهين المحمودين.
"إذا أراد الله هلاك النملة أنبت لها جناحين" "إذا قال المجنون سوف أرميك فأعد له رفادة" "إذا ذكرت الذئب فأعد له العصا" "إذا لم ينفعك البازي فانتف ريشه" "إذا تمنيت فاستكثر إذا ذكرت الذئب فألتفت" "إذا شاورة العاقل صار عقله لك" "إذا افتقر اليهودي نظر في حسابه العتيق" "إذا تعود السنور كشف القدور فأعلم أنه لا يصبر عنها" "إذا جاء أجل البعير حام حول البير" "إذا دخلت قرية فأحلف بأهلها" "إذا لم يكن لك أست فلا تأكل الهليلج" "إذا تخاصم اللصان ظهر المسروق" "إذا وجدت القبر مجاناً فأدخل فيه" "إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل" "إذا تفرقت الغنم قادتها العنز الجرباء" يضرب في الحاجة إلى الوضيع.
"إذا عاب البزاز ثوباً فأعلم أنه من حاجته" "إذا كذب القاضي فلا تصدقه" "إذا أردت أن تطاع ففسل ما يستطاع" "إنما يخدع الصبيان بالزبيب" "إن البيان لدى الطبيب" "إن الأسد ليفترس العير فإذا أعياه صاد الأرنب" "إذا أصطلح الفأرة والسنور خرب دكان البقال" يضرب في تظاهر الخائنين.
"إذا رزقك الله مغرفة فلا تحرق يدك" يضرب لمن كفي بغيره.
"إن الندى حيث ترى الضغاط" أي، الزحام.
"إن يكن الشغل مجهدة فإن الفراغ مفسدة"
إن غلا اللحم فالصبر رخيص إياك والعينة فإنهـا لـعـينة
قاله: المهلب. قال: ولقد تعينت مرة أربعين درهماً فلم أتخلص منها إلا بولاية البصرة.
"إذا صدئ الرأي صقلته المشورة" "إذا قدم الإخاء سمج الثناء إلى كم سكباج" يضرب عند التبرم.
"إذا لم تجده كم تجلده" "إذا طرت فقع قريباً" "إذا ضافك مكروه فاقره صبراً" "إذا كنت سنداناً فاصبر وإن كنت مطرقة فأوجع" يضرب في مداراة الخصم حتى تظفر به.
"إذا احتاج الزق إلى الفلك فقد هلك" الفلك، جمع فلكة فحركت للإزدواج. يضرب للكبير يحتاج إلى الصغير.
"إلى أن يجيء الترياق من العراق مات الملسوع" "إذا ضربت فأوجع فإن الملامة واحدة" يضرب في الحث على المبالغة.
"إذا رأيت السكران يشم الرمان فاعلم أنه يريد أن يزله" "إنه يسر حسواً في ارتغاء" "أم الكاذب بكر" يضرب لمن حدث بالمحال.
"أمة على حدة في المدح" "إن الأيادي قروض" "الإمارة حلوة الرضاع مرة الفطام" "أي يوم لك مني" يضرب لمن أصابك من جهة سوء.
"أنا لها ولكل عظيمة" "أول الدن دردي" "أنت سعد ولكن سعد الذابح" "أي قميص لا يصلح للعريان" "أي طعام لا يصلح للغرثان" "أول الحجامة تحدير القفا" "أي عشق باختيار" "ألية في برية ما هي إلا لبلية" "إيش في تبت من طرد الشياطين" "أنا أذكره ونصفه طين" "إيش في الضرطة من هلاك المنجل" يضرب في تباعد الكلام من جنسه. وأصله أن امرأة ضرطت عند زوجها، فلامها زوجها. فقالت: وأنت ضيعت منجلاً. فقال: إيش في الضرطة من هلاك المنجل.

الباب الثاني

في

ما أوله باء

بيدين ما أوردها وردها زائدة

بيدين، أي بالقوة والجلادة. يقال: ما لي به يد وما لي به يدان. أي قوة، وما، صلة، وزائدة، اسم رجل. يريد بالقوة والجلادة أورد إبله الماء لا بالعجز. ويجوز أن يريد بقوله بيدين أنه أضبط يعمل بكلتا يديه. يضرب في الحث على استعمال الجد.

به لا بظبي أعفر

الأعفر، الأبيض، أي لتنزل به الحادثة لا بظبي. يضرب عند الشماتة. قاله الفرزدق حين نعي إليه زياد بن أبيه فقال:
أقول له لما أتاتنـي نـعـيه به لا بظبي بالصريمة أعفرا

به لا بكلب نابح بالسباسب

ومثله:  
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 39

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 40

ببقة صرم الأمر

ببقة، موضع بالشام. وهذا القول قاله قصير بن سعد اللخمي لجذيمة الأبرش حين وقع في يد الزباء. والمعنى: قطع هذا الأمر هناك، يعني لما أشار عليه أن لا يتزوجها فلم يقبل جذيمة قوله. وقد أوردت قصة الزباء وجذيمة في باب الخاء عند قوله: خطب يسير في خطب كبير.

بق نعليك وأبذل قدميك

يضرب عند الحفظ للمال وبذل النفس في صونه.

بدل أعور

قيل إن يزيد بن المهلب لما صرف عن خراسان بقتيبة بن مسلم الباهلي، وكان شحيحاً، أعور، قال الناس: هذا بدل أعور. فصار مثلاً لكل من لا يرتضي بدلاً من الذاهب. وقد قال فيه بعض الشعراء:
كانت خراسان أرضاً إذا يزيد بها وكل باب من الخيرات مفتـوح
حتى أتانا أبو حفص بأسـرتـه كأنما وجهه بالخل منـضـوح

برق لمن لا يعرفك

أي، هدد من لا علم له بك فإن من عرفك لا يعبأ بك. والتبريق، تحديد النظر. ويروى: برقي، بالتأنيث، يقال: برق عينيه تبريقاً إذا أوسعهما كأنه قال برق عينيك، فحذف المفعول. ويجوز أن يكون من قولهم: رعد الرجل وبرق، إذا أوعد وتهدد وشدد أرادة التكثير. أي كثر وعيدك لمن لا يعرفك.

برد غداة غر عبداً من ظماء

هذا قيل في عبد سرح الماشية في غداة باردة، ولم يتزود فيها الماء، فهلك عطشاً. ومن، في قوله، من ظما، صلة غر. يقال من غرك من فلان، أي من أوطأك عشوة من جهته، يعني أن البرد غره من أهلاك الظما إياه فاغتر. ويجوز أن يكون التقدير غر عبداً من فقد ظما. أي قدر في نفسه أنه يفقد الظمأ فلا يظمأ. يضرب في الأخذ بالحزم.

بلغ السيل الزبى

هي جمع زبية، وهي حفرة تحفر للأسد إذا أرادوا صيده. وأصلها الرابية لا يعلوها الماء فإذا بلغها السيل كان جارفاً مجحفاً. يضرب لما جاوز الحد. قال المؤرج: حدثني سعيد بن سماك بن حرب عن أبيه عن ابن المعتمر قال: أتي معاذ بن جبل بثلاثة نفر قتلهم أسد في زبية، فلم يدر كيف يفتيهم، فسأل علياً رضي الله عنه، أن للأول ربع الدية، وللثاني النصف، وللثالث الدية كلها. فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بقضائه فيهم فقال: لقد أرشدك الله للحق.

بصبصن إذ حدين بالأذناب

البصبصة، التحريك. أي حركت الإبل أذنابها لما حدين. يضرب مثلاً في الخضوع والطاعة من الجبان. و الباء، في بالأذناب، مقحمة.

باءت عرار بكحل

يقال: هما بقرتان انتطحتا فماتتا جميعاً. وعرار، مبني على التكسر مثل قطام. يضرب لكل مستويين يقع أحدهما بإزاء الآخر. يقال: كان كثير ابن شهاب الحارثي ضرب عبد الله بن الحجاج الثعلبي، من بني ثعلبة بن ذبيان، بالري فلما عزل كثير أقيد منه عبد الله فهتم فاه. وقال:
باءت عرار بكحل فيما بيننا والحق يعرفه أولو الألباب

بعد خيرتها تحتفظ

ويروى، بعد خيراتها، والهاء، راجعة إلى الإبل، أي بعد إضاعة خيارها تحتفظ بحواشيها وشرارها. يضرب لمن يتعلق بقليل ماله بعد إضاعة أكثره.

بعد اللتيا والتي

هما الداهية الكبيرة والصغيرة. وكنى عن الكبيرة بلفظ التصغير تشبيهاً بالحية، فإنها إذا كثر سمها صغرت، لأن السم يأكل جسدها. وقيل الأصل فيه أن رجلاً من جديس تزوج امرأة قصير فقاسى منها الشدائد، وكان يعبر عنها بالتصغير، فتزوج امرأة طويلة فقاسى منها ضعف ما قاس من الصغيرة، فطلقها وقال: بعد اللتيا والتي لا أتزوج أبداً. فجرى ذلك منهم رمز.

بعلة الورشان يأكل رطب المشان

بالإضافة، ولا تقل المشان، وهو نوع من التمر يقولون أنه يشبه الفأر شكلاً. يضرب لمن يظهر شيئاً والمراد منه شيء آخر.

بيتي يبخل لا أنا

قالته امرأة سئلت شيئاً تعذر وجوده عندها، فقيل لها: بخلت فقالت: بيتي يبخل لا أنا.

بين العصا ولحائها

اللحاء القشر. يضرب للمتحابين شقيقين. ويروى: لا مدخل بين العصا ولحائها ولا تدخل بين وكله. إشارة إلى غاية القرب بينهما.

بين الممخة والعجفاء

يقال: شاة ممخة، إذا بدا في عظامها المخ. يضرب مثلاً في الاقتصاد.

بين الرغيف وجاحم التنور

الجاحم، المكان الشديد الحر. قال أبو زيد: جاحمه جمره. ويضرب للإنسان يدعى عليه.

بين القرينين حتى ظل مقروناً

أي، نزأ بينهما حتى صار مثلهما. يضرب لمن خالط أمراً لا يعنيه حتى نشب فيه.
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 40

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 41

بينهم داء الضرائر

هي، جمع ضرة. وهو، جمع غريب. ومثله كنة وكنائن. يضرب للعداوة إذا رسخت بين قوم، لأن العصبية بين الضرائر قائمة لا تكاد تسكن.

بينهم عطر منشم

قال الأصمعي: منشم، بكسر الشين، اسم امرأة عطارة كانت بمكة، وكانت خزاعة وجرهم إذا أرادوا القتال تطيبوا من طيبها، وإذا فعلوا ذلك كثرت القتلى فيما بينهم فكان يقال أشأم من عطر منشم. يضرب في الشر العظيم.

به داء ظبي

أي، أنه لا داء به كما لا داء بالظبي. يقال: أنه لا يمرض إلا إذا حان موته. وقيل: يجوز أن يكون بالظبي داء ولكن لا يعرف مكانه، فكأنه قيل به داء لا يعرف.

بلغت الدماء الثنن

الثنة الشعرات التي في مؤخر رسغ الدابة يضرب عند بلوغ الشر النهاية كما قالوا بلغ السيلالزبي.

بجنبه فلتكن الوجبة

أي، السقطة. يقال هذا عند الدعاء على الإنسان. قال بعضهم كأنه قال: رماه الله بداء الجنب، وهو قاتل. فكأنه دعا عليه بالموت.

بلغ في الغم أطوريه

أي، حديه. يعني أوله وآخره. وكان أبو زيد يقول: بلغ أطوريه، بكسر الراء، على معنى الجمع، أي أقصى حدوده ومنتهاه.

بأبي وجوه اليتامى

ويروى، وا بأبي، يشير بقوله: وا، إلى التوجع على فقدهم، ثم قال: بأبي. أي أفدي بأبي وجوههم. يضرب في التحنن على الأقارب. وأصله أن سعد القرقرة، وهو رجل من أهل هجر، كان النعمان بن الممنذر يضحك منه، وكان للنعمان فرس يقال له اليحموم يردي من ركبه. فقال يوماً لسعد أركبه وأطلب عليه الوحش، فامتنع سعد، فقهره النعمان على ذلك، فلما ركبه نظر إلى بعض ولده وقال هذا القول، فضحك النعمان وأعفاه من ركوبه فقال سعد:
نحن بغرس الودي أعلمـنـا منا بجري الجياد في السلف
يا لهف أمي فكيف أطعنـه مسمسكاً واليدان في العرف
ويروى، بجر الجياد في السدف. ويروى، في السدف والسلف والسدف. فالسدف، الضوء والظلمة أيضاً، والحرف من الأضداد. والسدف، جمع سدفة وهي اختلاط الضوء والظلمة. والسلف، جمع سالف مثل خادم وخدم وحارس وحرس، وهم آباؤه المتقدمون. والسلف، جمع سلفة وهي الدبرة من الأرض. وقوله: أعلمنا، أراد أعلم منا، وهي لغة أهل هجر، يقولون نحن أعلمنا بكذا منا. وأجود هذه الروايات هذه الأخيرة. أعني، في السلف، لأن سعداً كان من أهل الحراثة والزراعة، فهو يقول نحن بغرس الودي في الديار والمشارات أعلم منا بجري الجياد.

بأذن السماع سميت

يضرب للرجل يذكر الجود ثم يفعله. وتقدير الكلام، بسماع إذن شأنها السماع سميت بكذا وكذا. أي إنما سميت جواداً بما تسمع من ذكر الجود وتفعله. وهذا كقولهم: إنما سميت هانئاً لتهنئ، وأضاف الأذن إلى السماع لملازمتها أياه. والتسمية تكون بمعنى الذكر. كما قال: وسمها أحسن أسمائها. أي واذكرها بأحسن أسمائها. ومعنى المثل: بما سمع من جودك ذكرت وشكرت، يحثه على الجود. قال الأموي: معناه أن فعلك يصدق ما سمعته الأذنان من قولك.

بعض الشر أهون من بعض

هذا من قول طرفة بن العبد حين أمر النعمان بقتله فقال:
أبا منذر أفنيت فاستبق بـعـضـنـا حنانيك بعض الشر أهون من بعض
يضرب عند ظهور الشرين بينهما تفاوت. وهذا كقولهم: أن من الشر خياراً.

ببطنه يعدو الذكر

يقال أن الذكر من الخيل يعدو على حسب ما يأكل، وذلك أن الذكر أكثر أكلاً من الأنثى فيكون عدوه أكثر. ويقال: أن أصله أن رجلاً ولده فقربهم، وأراد الباءة فقالت المرأة: ببطنه يعدو الذكر. وقال أبو زيد: زعموا أن امرأة سابقت رجلاً عظيم البطن فقالت له ترهبه بذلك: ما أعظم بطنك. فقال الرجل: ببطنه يعدو الذكر.

بكل واد أثر من ثعلبة

هذا من قول ثعلبي رأى من قومه ما يسوءه فانتقل إلى غيرهم فرأى منهم أيضاً مثل ذلك.

بالساعدين تبطش الكفان

يضرب في تعاون الرجلين وتساعدهما وتعاضدهما في الأمر. ويروى، بالساعد تبطش الكف. قال أبو عبيدة: أي إنما أقوى على ما أريد بالمقدرة والسعة وليس ذلك عندي. يضربه الرجل شيمته الكرم غير أنه معدم مقتر. قال: ويضرب أيضاً في قلة الأعوان.

بدا نجيث القوم

أي، ظهر سرهم. واصل النجيث تراب البئر إذا استخرج منها، جعل كناية عن السر. ويقال لتراب الهدف نجيث أيضاً، أي صار سرهم هدفاً يرمى.

برح الخفاء

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 41

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 42

أي، زال. من قولهم ما برح يفعل كذا. أي ما زال. والمعنى، زال السر فوضح الأمر. وقال بعضهم، الخفاء، المتطأطئ من الأرض. والبراح، المرتفع الظاهر. أي صار الخفاء براحاً. وقال:
برح الخفاء فبحت الكتـمـان وشكوت ما ألقى إلى الأخوان
لو كان ما بي هيناً لكتمـتـه لكن ما بي جل عن كتمـان

بمثل جارية فلتزن الزانية

هو جارية بن سليط، وكان حسن الوجه، فرأته امرأة فمكنته من نفسها وحملت، فلما علمت به أمها لامتها، ثم رأت الأم جمال ابن سليط فعذرت بنتها وقالت: بمثل جارية فلتزن الزانية سراً أو علانية. يضرب في الكريم يخدمه من هو دونه.

بفيه من سار إلى القوم البري

هذا قيل في رجل سرى إلى قوم وخبرهم بما ساءهم. والبري، التراب. ومنه المثل الآخر: بفيه البري وعليه الدبرى وحمى خيبري وشر ما يرى فإنه خيسري. الدبرى، الهزيمة. والخيسري الخسار. وأراد أنه ذو خيسرى. أي، ذو خسار وهلاك. والغرض من قولهم: بفيه البرى، الخيبة. كما قال:
كلانا يا معاذ نحب لـيلـى بقي وفيك من ليلى التراب
أي، كلانا خائب من وصلها.

بلغ السكين العظم

هذا مثل قولهم: بلغ السيل الزبي. ومثلهما:

بلغ منه المخنق

وهو، الحنجرة والحلق. أي، بلغ منه الجهد.

بحمد الله لا بحمدك

هذا من كلام عائشة رضي الله عنها حين بشرها النبي صلى الله عليه وسلم بنزول آية الأفك. يضرب لمن يمن بما لا أثر له فيه. والباء، في بحمد الله، من صلة الأقرار. أي أقر بأن الحمد في هذا لله تعالى.

بيضة العقر

قيل: أنها بيضة الديك، وإنها مما يختبر به عذرة الجارية، وهي بيضة إلى الطول. يضرب للشيء يكون مرة واحدة، لأن الديك يبيض في عمره مرة واحدة. فبما يقال. قال بشار بن برد:
قد زرتني زورة في الدهر واحدة ثني ولا تجعليها بـيضة الـديك
قال أبو عبيدة: يقال للبخيل يعطي مرة ثم لا يعود. كانت بيضة الديك. فإن كان يعطي شيئاً ثم قطعه قيل: للمرة الأخيرة كانت بيضة العقر. وقال بعضهم: بيضة العقر، كقولهم بيض الأنوق والأبلق العقوق. يضرب مثلاً لما لا يكون.

باقعة من البواقع

أي، داهية من الدواهي. وأصله من البقع، وهو اختلاف اللون، ومنه الغراب الأبقع، وسنة بقعاء، فيها خصب وجدب. وفي الحديث: بقعان الشأم. قيل أراد سبي الروم لاختلاط بياضهم وصفرتهم. فسمي الرجل الداهي باقعة، لأنه يؤثر في كل ما يقصد ويتولى. والباقعة، الداهية نفسها لأنها أمر يلصق حتى يرى أثره. وقيل الباقعة طائر حذر إذا شرب الماء نظر يمنة ويسرة. ويضرب للرجل فيه دهاء ومكر.

بيت الأدم

يقال: الأدم، جمع أديم. ويقال: هو الأرض. وقالوا: هو بيت الأسكاف، لأن فيه من كل جلد رقعة. يضرب في اجتماع الأشخاص وافتراق الأخلاق وينشد:
القوم أخوان وشتى في الشيم وكلهم يجمعـه بـيت الأدم
ويروى، الناس وكلهم يجمعهم على أعادة الكناية إلى معنى كل ويجمعه على أعادتها إلى اللفظ. قالوا وبيت الأدم، خباء من أدم. أي يجمعهم على اختلاف ألوانهم وأخلاقهم خباء واحد. يريد أنهم يرجعون فيها إلى أساس واحد وكلهم بنو رجل واحد كما قيل: الأرض من تربة والناس من رجل.

بئت الجبل

قالوا: هي صوت يرجع إلى الصائح ولا حقيقة له. يضرب للرجل يكون مع كل واحد. وإنما أنث فقيل: بنت ذهاباً إلى النتيجة. أي أنها تنتج منه أو إلى الصيحة.

بئس مقام الشيخ أمرس أمرس

يقال: مرس الحبل يمرس إذا وقع في أحد جانبي البكرة. فإذا أعدته إلى مجراه قلت: أمرسته. وتقدير الكلام، بئس مقام الشيخ المقام الذي يقال له فيه أمرس، وهو أن يعجز عن الاستقاء لضعفه. يضرب لمن يحوجه الأمر إلى ما لا طاقة له به أو يربأ به عنه.

بات بليلة أنقد

وهو القنفد، معرفة لا تدخله الألف واللام. يضرب لمن سهر ليله أجمع.

برض من عد

البرض، القليل. والعد، الماء له مادة، أي قليل من كثير.

بيضة البلد

البلد، أدحي النعام والنعام تترك بيضها. يضرب لمن لا يعبأ به. ويجوز أن يراد به المدح، أي هو واحد البلد الذي يجتمع إليه ويقبل قوله؛ وأنشد ثعلب لامرأة ترثي عمرو بن عبد ود حين قتله علي رضي الله عنه:  
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 42

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 43

لو كان قاتل عمرو غير قاتلـه بكيته ما أقام الروح في جسدي
لكن قاتله مـن لا يعـاب بـه وكان يدعى قديماً ببيضة البلـد

بريء حي من ميت

يضرب عند المفارقة. ومثله قول الخفير، إذا بلغت بك مكان كذا:

برئت قائبة من قوب

فالقائبة، البيضة. والقوب، الفرخ. يعني لا عهدة علي. قال أبو الهيثم: القابة الفرخ والقوبة البيضة يقال تقوبت القابة عن قوبها. قلت: أصل القوب الشق والحفر يقال قبت الأرض إذا حفرتها. فمن جعل القائبة البيضة جعل الفعل لها. يعنهي، أنها شقت عن الفرخ وجعل القوب مفعولاً. ومن جعل القابة الفرخ عني أنه الذي قاب البيضة فخرج منها وحذف الياء من القابة كما حذفت من الحاجة، والقوبة على كلا القولين فعلة بمعنى مفعولة كالغرفة من الماء والقبضة من الشيء وأشباههما.

بال حمار فاستبال أحمرة

أي، حملهن على البول. يضرب في تعاون القوم على ما تكرهه.

بئس العوض من جمل قيده

وذلك أن راعياً أهلك جملاً لمولاه ثم أتاه بقيده. فقال: بئس العوض الخ.

بئس الردف لا بعد نعم

الردف، الرديف. أنشد ابن الأعرابي:
لا تتبعن نعم لا طـائعـاً أبـداً فإن لا أفسدت من بعد ما نعـم
إن قلت يوماً نعم بدأ فتم بـهـا فإن أمضاءها صنف من الكرم
قال المهلب بن أبي صفرة لابنه علد الملك: يا بني إنما كانت وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم عامتها عدات أنفذها أبو بكر الصديق رضي الله عنه. فلا تبدأ بنعم فإن موردها سهل ومصردها وعر، وأعلم أن لا وأن قبحت فربما روحت وما قدرت فلا توجب الطمع. وقال سمرة بن جندب: لأن أقول للشيء لا أفعله ثم يبدو لي فأفعله أحب إلي من أن أقول أفعله ثم لا افعله. قال المثقب:
حسن قول نعم من بعـد لا وقبيح قول لا بعد نـعـم
أن لا بعد نعـم فـاحـشة فبلا فابدأ إذا خفت النـدم
وإذا قلت نعم فاصبر لهـا بنجاح الوعد أن الخلف ذم

بطني عطري وسائري ذري

قاله رجل جائع نزل بقوم فأمروا الجارية بتطييبه فقال هذا القول. يضرب لمن يؤمر بالأهم.

بغيت لك ووجدت لي

يضرب للمؤتلفين المتوافقين.

بقل شهر وشوك دهر

يضرب لمن يقصر خيره ويطول شره.

بما تجوعين ويعرى حرك

يضرب لمن يغني بعد فقر، ثم يفخر بغناه فيقال له هذا القول، أي هذا الغني بدل جوعك وعريك قبل.

برق لو كان له مطر

يضرب لمن يؤمر بالأهم.

بغيت لك ووجدت لي

يضرب للمؤتلفين المتوافقين.

بقل شهر شوك دهر

يضرب لمن يقصر خيره ويطول شره.

بما تجوعين ويعري حرك

يضرب لمن يغني بعد فقر، ثم يفخر بغناه فيقال له هذا القول، أي هذا الغني بدل جوعك وعريك قبل.

برق لو كان له مطر

يضرب لمن له رواء ولا معنى وراءه.

بقطيه بطبك

التبقيط، التفريق. والبقط، ما سقط وتفرق من التمر عند الصرام. وأصل المثل أن رجلاً أتى عشيقته في بيتها فأخذه بطنه فأحدث في البيت، ثم قال لها: بقطيه بطبك، أي بحذقك وعلمك، أي فرقيه لئلا يفطن له. يضرب لمن يؤمر بأحكام أمر بعلمه ومعرفته.

بين الحذيا والخلسة

الحذيا، العطية وكذلك الحذية. وكان ابن سيرين إذا عرض عليه رؤيا حسنة قال: الحذيا الحذيا. يعني هات العطية اعبرها لك. والخلسة، اسم المختلس. يضرب لمن يستخرج منه عطاء برفق وتأنق في ذلك كأنه يقول تحذوني أو اختلس.

بال فادر فبال جفره

الفادر، الوعل المسن. وجفره، ولده. ويقال لولد المعز أيضاً جفر وذلك إذا قوي وبلغ أربعة أشهر. يضرب للولد ينسج على منوال أبيه.

بمثلي تطرد الأوابد

أصل الأوابد الوحش، ثم استعيرت في غيرها. ومنه قول الناس: أتى فلان في كلامه بآبدة، أي بكلمة وحشية. وتأبد المكان توحش. ومعنى المثل: بمثلي تطلب الحاجات الممتنعة.

بلدة يتنادى أصر مالها

يقال للذئب والغراب الأصرمان. قال ابن السكيت: لأنهما انصرما من الناس، أي انقطعا. وأنشد للمرار:
على صرماء فيها أصرماها وخريت الفلاة بها مـلـيل
والصرماء، المفازة التي لا ماء فيها. يضرب لمن أخلاقه تنادي عليه بالشر.

بكرت شبوة تزبئر

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 43

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 44

شبوة، اسم للعقرب، لا تدخلها الألف واللام، مثل محوة للشمال، وخضارة للبحر. وتزبئر، تنتفش. يضرب لمن يتشمر للشر. أنشد ابن الأعرابي:
قد بكرت شبوة تـزبـئر تكسو إستها لحماً وتقمطر

بقي أشده

ويروى، بقي شدة. قيل كان من شأن هذا المثل أنه كان في الزمان الأول هر أفنى الجرذان وشردها فاجتمع ما بقي منها فقالت: هل من حيلة نحتال بها لهذا الهر لعلنا ننجو منه? فاجتمع رأيها على أن تعلق في رقبته حلجلاً حتى إذا تحرك لها سمعن صوت الجلجل فأخذن حذرهن. فجئن بالجلجل فقال بعضهن أينا يعلق الآن فقال الآخر بقي أشده أو قال شده. يضرب عند الأمر يبقى أصعبه وأهوله. وهذا مما تمثل به العرب عن السن البهائم.

بات هذا الأعرابي مقروراً

يضرب لمن يهزأ بمن هو دونه في الحاجة، كمن بات دفيئاً وغيره مقرور. يقال: أقره الله فهون مقرور على غير قياس. وقريب من هذا المثل قولهم: هان على الأملس ما لاقى الدبر.

بُعدُ الدار كبُعدِ النسب

أي إذا غاب عنك قريبك فلم ينفعك فهو كمن لا نسب بينك وبينه.

بلغ منه المخنق

يضرب لمن يحمل عليه حتى يبلغ منتهاه.

بعين ما أرينك

أي أعمل كأني أنظر إليك. يضرب في الحث على ترك البطء. وما صلة دخلت للتأكيد ولا جلها دخلت النون في الفعل. ومثله: ومن عضة منا ينبتن شكيرها.

بالرفاء والبنين

قال أبو عبيد: الرفاء، الالتحام والاتفاق من رفيت الثوب. قالوا: ويجوز أن يكون من رفوته إذا سكنته. قال أبو خراش الهذلي:
رفوني وقالوا يا خويلد لا ترع فقلت وأنكرت الوجوه هم هم
وهنأ بعضهم متزوجاً فقال: بالرفاء والثبات والبنين لا البنات، ويروى بالنبات والثبات.

ابنك ابن بوحك

يقال: البوح، النفس، فإن صح هذا فيجوز كسر الكافين وفتحهما. ويقال: البوح، الذكر. فعلى هذا لا يجوز الكسر. يقال ابنك ابن بوحك يشرب من صبوحك. يعني ابنك من ولدته لا من تبنيته. وقيل: البوح، اسم من باح بالشيء إذا أظهره. أي ابنك من بحت بكونه ولداً لك. وذلك أن بعض العرب كانوا يأنون النساء فإذا ولد لأحدهم الحقته المرأة بمن شاءت فربما ادعاه وربما أنكره لأنها كانت لا تمتنع ممن ينتابها. فالمعنى ابنك من بحت به أنت وباحت به أمه بموافقتك. ويقال: البوح، جمع باحة. أي ابنك من ولد في فنائك ومثل البوح في الجمع نوق وسوح ولوب في جمع ناقة وساحة ولابة.

بنت برح

للشر والشدة. يقال: لقيت منه بنات برح وبني برح. أي شدة واذي وبرح بي هذا الأمر إذا غلظ واشتد. يضرب للأمر يستفظع.

بحازج الأروى

جمع بحزج، وهو ولد البقرة الوحشية وغيرها. يضرب لما لا يرى إلا فلتة.

برز نارك وإن هزلت فارك

الفار، ههنا عضل العضدين تشبيهاً بالفار كما تشبه به أيضاً فارة المسك لانتفاخها. يقول: آثر الضيف بما عندك وأن نهكت جسمك.

بدت جنادعه

يقال: الجنادع، دواب كأنها الجنادب تكون في حجر الضب، فإذا كاد ينتهي الحافر إلى الضب بدت الجنادع، فيقال: قد بدت جنادعه والله جادعه، قالوا: والجندع أسود له قرنان في رأسه طويلان. يضرب مثلاً لما يبدو من أوائل الشر.

باتت بليلة حرة

العرب تسمي الليلة التي تفترع فيها المرأة ليلة شيباء. وتسمى الليلة التي لا يقدر الزوج فيها على افتضاضها ليلة حرة. فيقال: باتت فلانة بليلة حرة، إذا لم يغلبها الزوج. وباتت بليلة شيباء إذا غلبها فافتضها. يضربان للغالب والمغلوب.

برئت منه مطر السماء

أي، برئت من هذا الأمر ما كانت السماء تمطر. أي أبداً.

بسلاح ما يقتلن القتيل

قاله عمرو بن هند حين بلغه قتل عمرو بن مامه، فغزا مراداً، وهم قتلة عمرو، فظفر بهم وقتل منهم فأكثر فأتى بابن الجعيد سالماً فلما رآه أمر به فضرب بالغمد حتى مات. فقال عمرو: بسلاح ما يقتلن القتيل. فأرسلها مثلاً. يضرب في مكافأة الشر بالشر، يعني، يقتل من يقتل بأي سلاح كان. وقوله: يقتلن، دخلته النون لمكان ما، وهي مؤكدة. ويجوز أن يكون أراد بسلاح ما يقتلن قاتل القتيل فحذف. ويجوز أن يريد ابن الجعيد الذي قتل بين يديه، فتكون الألف واللام للعهد.

أبدأهم بالصراخ يفروا

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 44

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 45

قال أبو عبيد: هذا مثل لقد ابتذلته العامة وله أصل، وذلك أن يكون الرجل قد أساء إلى الرجل فيتخوف لأئمة صاحبه فيبدؤه بالشكاية والتجني ليرضى منه الآخر بالسكوت. يضرب للظالم يتظلم ليسكت عنه.

أبدئيهن بعفال سبيت

أي، أبدئهن بقولك عفال. قال المفضل: سبب هذا المثل أن سعد ابن زيد مناة كان تزوج رهم بنت الخزرج بن تيم الله بن رفيدة بن كلب ابن وبرة، وكانت من أجمل النساء، فولدت له مالك بن سعد وكانت ضرائرها إذا ساببنها يقلن لها يا عفلاء. فقالت لها أمها: إذا ساببنك فأبدئيهن بعفال سبيت. فأرسلتها مثلاً. فسابتها بعد ذلك امرأة من ضرائرها، فقالت لها رهم: يا عفلاء. فقالت ضرتها: رمتني بدائها وانسلت. وعفال، يجوز أن يكون كخبات ودفار. ويجوز أن يكون أرادت عفليها، أي انسبيها إلى العفلة، وهي القرن الذي اختصم فيه إلى شريح في جارية بها قرن، فقال: أقعدوها، فإن أصاب الأرض فهو عيب وإن لم يصب الأرض فليس بعيب. فجعلت عفان أمراً، كما يقال، دارك بمعنى أدرك. ويجوز أن ينون ويجعل مصدراً كالسراح بمعنى التسريح، والسلام بمعنى التسليم. وقولها: سبيت، دعاء عليها بالسبي على عادة العرب. وبنو مالك بن سعد رهط العجاج كان يقال لهم بنو العفيل.

بعد الهياط والمياط

قال يونس بن حبيب: الهياط، الصياح. والمياط، الدفع. أي بعد شدة وأذى. ويروى، بعد الهيط والميط. قال أبو الهيثم: الهيط، القصد. والميط، الجور. أي بعد الشدة الشديدة. قال: ومنهم من يجعله من الصياح والجلبة.

أبدي الصريح عن الرغوة

أبدي، لازم ومتعد، يقال: أبديت في منطقك. أي جرت. فعلى هذا يكون المعنى: أبدي الصريح نفسه. وهذا المثل لعبيد الله بن زياد قاله لهانئ ابن عروة المرادي، وكان مسلم بن عقيل بن أبي طالب، رحمه الله، قد استخفى عنده أيام بعثة الحسين بن علي، رضوان الله عليهما، فلما عرف مكانه عبيد الله قال عبيد الله: أبدي الصريح عن الرغوة. أي وضح الأمر وبان.
قال نضلة:
ألم تسل الفوارس يوم غـول بنضلة وهو موتور مشـيخ
رأوه فازدروه وهـو حـر وينفع أهله الرج القـبـيح
ولم يخشوا مصالته علـيهـم وتحت الرغوة اللبن الصريح
المصالة، الصول. ومعنى البيت: رأوني فازدروني لدمامتي فلما كشفوا عني وجدوا غير ما رأوا ظاهراً. يضرب عند انكشاف الأمر وظهوره.

أبرماً قروناً

البرم، الذي لا يدخل مع القوم في الميسر لبخله. والقرن، الذي يقرن بين الشيئين. وأصله أن رجلاً كان لا يدخل في الميسر لبخله ولا يشتري اللحم، فجاء إلى امرأته وبين يديها لحم تأكله فأقبل يأكل معها بضعتين بضتين ويقرن بينهما. فقالت امرأته: أبرما قروناً. أي أراك برماً وقرونا. يضرب لمن يجمع بين خصلتين مكروهتين. قال عمرو بن معدي كرب لعمر ابن الخطاب رضي الله عنه يشكو قوماً نزل بهم: أبرام يا أمير المؤمنين. قال: وكيف ذاك? قال: نزلت بهم فما قروني غير ثورة وقوس وكعب. فقال عمر: أن في ذلك لشبعاً. الثورة، قطعة من الأقط. والقوس، بقية التمر يبقي في الجلة. والكعب، قطعة من السمن. أراد عمرو أنهم لم يذبحوا لي حين نزلت بهم.

بعت جاري ولم أبع داري

أي، كنت راغباً في الدار إلا أن جاري أساء جواري فبعت الدار. وقال الصقعب بن عمرو النهدي، حين سأله النعمان. ما الداء العياء? قال: جار السوء الذي أن قاولته بهتك وأن غبت عنه سبعك.

إباد الله خضراءهم

قال الأصمعي: معناه أذهب الله نعمتهم وخصبهم. ومنهم من يقول: أباد الله خضراءهم. أي همتهم، خيرهم وخصبهم. وقال بعضهم: أي بهجتهم وحسنهم. وهو مأخوذ من الغضاره، وهي البهجة والحسن. قال الشاعر:
أحثو التراب على محاسنـه وعلى غضارة وجهه النضر

برز الصريح بجانب المتن

يضرب في جلية الأمر إذا ظهرت. والمتن، ما استوى من الأرض.

بقبقة في زقزقة

البقبقة، الصخب. والزقزقة، الضحك. يضرب للنفاج الذي يأتي بالباطل.

بحسبها أن تمتذق رعاؤها

امتذق، إذا شرب مذقة من لبن. يقال هذا في الإبل المراويد، وهي التي قلت ألبانها. يضرب للرجل يطلب منه النصر أو العرف، أي حسبه أن يقوم بأمر نفسه.

بسالم كانت الوقعة

سالم، اسم رجل أخذ وعوقب ظلماً. يضرب في نجاة المستحق للوقعة وأخذ من لا يستحقها ظلماً.
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 45

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 46

بقيت من ماله عناص

العناص، جمع عنصوة، وهي البقية من الشيء. يضرب لمن بقي من ماله بقية تنجيه من شدائد الدهر.

بت على كعب حذر قد سئل بك

يضرب لمن عمل في هلاكه وهو غافل، أي كن على حذر.

برز عمان فلا تمار

عمان، اسم رجل برز على أقرانه بكرمه وخلقه، أي قد ظهرت شمائله فلا تمار فيه. يضرب لمن أنكر شيئاً ظاهراً جداً.

بمثلي ينكأ القرح

أي، بمثلي يداوي الشر والحرب. قال الشاعر:
لزاز حروب ينكأ القرح مثله يمارسها تاراً وتاراً يضارس

بينهما بطحة الإنسان

أي، قدر طوله على الأرض. يضرب في القرب بين الشيئين.

بين المطيع وبين المدير العاصي

يضرب لمن لا يكاشف بعداوة ولا يناصح بمودة.

بينهم أحلقي وقومي

يضرب للقوم بينهم شر وعداوة. وأصل المثل قول الراجز:
أبا ابن نخاسية أتوميوم أديم بقة الشريمأحسن من يوم أحلقي وقومي
وهما يومان أحدهما شر من الآخر. وبقية، اسم امرأة. والشريم، المفضاة.

برد على ذلك الأمر جلده

أي، استقر عليه واطمأن به. وبرد، معناه ثبت. يقال: برد لي عليه حق، أي ثبت. وسموم بارد، أي ثابت دائم. وقال:
اليوم يوم بارد سمـومـه من جزع اليوم فلا نلومه

بعض الخدب امرأ للهزيل

يضرب لمن لا يحسن احتمال الغنى بل يطغي فيه.

بغير اللهو ترتتق الفتوق

يضرب في الحث على استعمال الجد في الأمور.

بكل عشب آثار رعي

أي، حيث يكون المال يجتمع السؤال.

بكل واد بنو سعد

هذا مثل قولهم: بكل واد أثر من ثعلبة. وقد مر ذكره.

بلغ الغلام الحنث

أي، جري عليه القلم. والحنث، الاسم، ويراد به ههنا المعصية والطاعة.

بقي من بني فلان إقفية خشناء

أي، بقي منهم عدد كثير. والأثفية؛ مثل لاجتماعهم. والخشناء، مثل لكثرتهم. ومنه كتيبة خشناء، أي كثيرة السلاح.

بعض القتل إحياء للجميع

يعنون، القصاص. وهذا مثل قولهم: القتل أنفى للقتل. وكقوله تعالى: "ولكم في القصاص حياة".

البضاعة تيسر الحاجة

يضرب في بذل الرشوة والهدية لتحصيل المراد.

بينهم رمياً ثم حجيزى

أي، تراموا بالحجارة أو بالنبل ثم تحاجزوا أي أمسكوا.

أبدى الله شواره

هذا كلمة يقولها الشاتم والداعي على الإنسان. والشوار، الفرج.

البغل نغل وهو لذلك أهل

يقال: نغل الأديم فهو نغل إذا فسد وإنما خفف للإزدواج. ويقال فلان نغل إذا كان فاسد النسب. يضرب لمن لؤم أصله فخبث فعله.

البطنة تأفن الفطنة

يقال: أفن الفصيل ما في ضرع أمه إذا شرب ما فيه. يضرب لمن غير استغناؤه عقله وأفسده.

به الورى وحمى خيبرى

الوري، بسكون الراء، أكل القيح للجوف، وبالتحريك، الاسم. وقال:
وراهن ربي مثل ما قد ورينني وأحمى على أكبادهن المكاويا

بعض البقاع أيمن من بعض

قاله أعرابي تعرض لمعاوية في طريق وسأله فقال معاوية: ما لك عندي شيء، فتركه ساعة ثم عاوده في مكان آخر فقال ألم تسألني آنفاً قال بلى ولكن بعض البقاع أيمن من بعض فأعجبه كلامه ووصله.

بعد إطلاع إيناس

قاله قيس بن زهير حين قال له حذيفة بن بدر، يوم داحس، سبقتك يا قيس فقال قيس:ِ بعد إطلاع إيناس. يعني بعد أن يظهر الأمر تعرف الخبر. أي إنما يحصل اليقين بعد النظر. أنشد ابن الأعرابي:
ليس بما ليس به باس باسولا يضير البرما قال الناسوإنه بعد إطلاع إيناس
ويروى، بعد طلوع.

بؤساً له وتوساً له وجوساً له

كله بمعنى. فالبؤس، الشدة. والتوس، إتباع له. والجوس، الجوع. يقال عند الدعاء على الإنسان. وانتصبت كلها على أضمار الفعل، أي ألزمه الله هذه الأشياء.

بئس ما أفرعت به كلامك

أي، بئس ما ابتدأت كلامك به. ومنه افتراع المرأة لأول ما نكحت. والفرع أول ولد تنتجه الناقة.

بمثلي زابني

أي، دافعي من الزبن وهو الدفع. قيل مر مجاشع بن مسعود السلمي بقرية من قرى كرمان فسأل أهلها القوم أين أميركم? فأشاروا إليه. فلما رأوه ضحكوا منه، وكان دميماً، وأزدروه فلعنهم وقال: أن أهلي لم يريدوني ليحاسنوا بي وإنما أرادوني ليزابنوا بي. أي، ليدافعوا بي. أنشد ابن الأعرابي:
بمثلي زابني حلمـاً وجـوداً إذا التقت المجامع والخطوب
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 46

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 47

بعـيد حـولـي قـلـبــي عظيم القدر متلاف كسـوب
فإن أهلك فقد أبلـيت عـذرا وأن أملك فمن عضبي قضيب
أي، أن فرعي من أصلي. يريد أنه من أصل كريم.

البطن شر وعاء صفراً وشر وعاء ملآن

يعني، أن أخليته جعت وأن ملأته آذاك. يضرب للرجل الشرير أن أحسنت إليه آذاك، وأن أسأة إليه عاداك.

بألم ما تختنن

أي، لا يكون الختان إلا بألم. ومعناه، أنه لا يدرك الخير ولا يفعل المعروف إلا باحتمال مشقة. ويروى بألم ما تختننه. وهذا على خطاب المرأة، والهاء للسكت، ودخلت النون في الروايتين لدخول ما على ما ذكرنا قبل. والعرب، تدخل نون التأكيد مع ما كقولهم: ومن عضة ما يدخل نون التوكيد مع ما كقولهم: ومن عضة ما ينبتن شكيرها.

أبغض بغيضك هوناًمّا

البغيض بمعنى المبغض، كالحكيم بمعنى المحكم. وهوناً، أي قليلاً سهلاً. ونصب على صفة المصدر، أي بغضاً هوناً غير مستفصى فيه فلعلكما ترجعان إلى المحبة فتستحييا من بعضكما. ودخلت، ما، للتوكيد.

بئس السعف أنت يا فتى

قال النضر: سعوف البيت، النور والقصعة والقدر. وهي من محقرات متعاع البيت. ومعنى المثل: بئس السلعة وبئس الخليط أنت.

بالأرض ولدتك أمك

يضرب عند الزجر عن الخيلاء والبغي، وعند الحث على الاقتصاد.

بنان كف ليس فيها ساعد

يضرب لمن له همة ولا مقدرة له على بلوغ ما في نفسه.

أبرم طلح نالها سراف

الطلح، شجر والواحدة طلحة. والبرمة، ثمره. وأبرم، إذا خرجت برمته. والسراف، من قولهم سرفت الشجرة إذا وقعت فيها السرفة وهي دويبة تتخذ لنفسها بيتاً مربعاً من دقاق العيدان تضم بعضها إلى بعض بلعابها ثم تدخل فيه وتموت. يقال: سرفت تسرف سرفاً وسرافاً. يضرب لمن ارتاشت حاله وكثر ماله بعد القلة.

بيضاء لا يدجي سناها العظلم

أي، لا يسود بياضها الظلم، وهو نبت يصبغ به، يقال هو النبل، ويقال الوسمة. والعظلم أيضاً، الليل المظلم وهو على التشبيه. يضرب للمشهور لا يخفيه شيء.

بايع بعز وجهه ملثم

المغطى باللثام، هو الملثم، وأراد بقوله بايع بعز بع عزا ولا ترده. يكون بهذه الصفة أي لا ترغب في مواصلة قوم لا قديم لهم فعزهم مستور لا يعرف إلا في هذا الوقت.

بنت صفاً تقول عن سماع

بنت الصفا، مثل قولهم بنت الجبل، يعنون بهما الصدى، وهو صوت يسمع من الجبل وغيره. يضرب لمن لا يدعي إلى خير أو شر إلا أجاب كما أن صدى الجبل يجيب كل صوت.

يجن قلع يغرس الوادي

جن العهد، حدثانه وأوله، وكذلك جن كل شيء يضرب لمن يؤمر بطلب الأمر قبل فوته.

بقدر سرور التواصل تكون حسرة التفاصل

البلايا على الحوايا

قاله عبيد بن الأبرص يوم لقي النعمان بن المنذر في يوم بؤسه. والحوية والسوية، كساء يحشى بالثمام ونحوه ويدار حول سنام البعير. والحوية لا تكون إلا للجمال، فأما السوية فأنها تكون لغيرها. ومعنى المثل البلايا تساق إلى أصحابها على الحوايا، أي، لا يقدر أحد أن يفر مما قدر له.

البغي آخر مدة القوم

يعني، أن الظلم إذا امتد مداه آذن بانقراض مدتهم.

ابن زانية بزيت

أصله، أن قوماً من اللصوص جلبوا قحبة، فلما قضوا منها أوطارهم أعطوها قربة زيت كانت عندهم إذا لم يحضرهم غيرها. فقالت المرأة: لا أريدها لأني أحسبني علقت من أحدكم وأكره أن يكون مولودي ابن زانية بزيت. فذهب قولهم مثلاً. قال الشاعر:
إذا ما الحي هاجى حشو قبر فذلكم ابـن زانـية بـزيت

بات فلان يشوي القراح

يعني، الماء القرا، وهو الخالص الذي لا يخالطه شيء. يضرب لمن ساءت حاله ونفد ماله فصار بحيث يشوي الماء شهوة للطبيخ. وأصله، أن رجلاً اشتهى مأدوماً ولم يكن عنده سوى الماء، فأوقد ناراً ووضع القدر عليها وجعل فيها الماء وأغلاه وأكب على الماء يتعلل بما يرتفع من بخاره، فقيل له: ما تصنع. فقال: اشوي الماء. فضرب به المثل.

بحيث العين ترنو ما يضر

يريد حيث تنظر العين ترى ما يضر، والباء، في بحيث زائدة كما تزاد في بحسبك. يضرب لمن أن جاملته أو جاملت عليه فهو لك منكر ومنك نفور.

بيت به الحيتان والأنوق

وهما لا يجتمعان. يضرب لضدين اجتمعا في أمر واحد.

بئس محلاً بت في صريم

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 47

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 48

الصريم، الليل. والصريم، الصبح. وهذا الحرف من الأضداد. يريد بئس المحل محلاً بت فيه، ثم حذف في فصار بته، ثم حذف الهاء. يضرب لمن سكن إلى من لا يوثق بمثله.

بشر كحنة العلوق الرائم

البشر، رونق الوجه وصفاء لونه. والعلوق، الناقة التي ترأم الولد بأنفها وتمنعه درها. يضرب لمن يحسن القول ويقتصر عليه.

بيض قطاً يحضنه أجدل

الأجدل، الصقر، والحضن والحضانة، أن يحضن الطائر بيضه تحت جناحه. يضرب للشريف يؤوي إليه الوضيع.

بنيك حمري ومككيني

قيل: أصاب الناس جدب ومجاعة وأن رجلاً من العرب جمع شيئاً من تمر في بيته وله بنون صغار وامرأة، فكانت المرأة تقوتهم من ذلك التمر تسوي بينهم وتعطي كل واحد جمعة من التمر مثل الحمرة، وأن الرجل لا يغني ذلك عنه شيئاً. فأرادت المرأة يوماً أن تقسم بيهنم. فقال: الحمرة. يضرب لمن يسوي بين أصحابه في العطاء ويختص به قوم فيطعمون في تخصيصه إياهم بأكثر من ذلك.

بلغ الله بك أكلأ العمر

يقال: كلا يكلا كلوأ إذا تأخر ومنه الكالئ للنسيئة لتأخرها. والمعنى بلغك الله أطول العمر وآخره.

بئس محك الضيف إسته

يضرب للئيم. قاله أبو زيد ولم يزد على هذا. ويروى، محل، باللام.

بخ بخ ساق بخلخال

بخ، كلمة يقولها المتعجب من حسن الشيء وكماله الواقع موقع الرضا. كأنه قال ما أحسن ما أراه! وهو ساق محلاة بخلخال. ويجوز أن يريد بالباء معنى مع فيكون التعجب من حسنهما. يضرب في التهكم والهزء من شيء لا موضع للتهكم فيه. وأول من قال ذلك الورثة بنت ثعلبة امرأة ذهل بن شيبان بن ثعلبة. وذلك أن رقاش بنت عمرو بن عثمان من بني ثعلبة طلقها زوجها كعب بن مالك بن تيم الله بن ثعلبة بن عكابة فتزوجها ذهل بن شيبان زوج الورثة ودخل بها. وكانت الورثة لا تترك له امرأة إلا ضربتها وأجلتها فخرجت رقاش يوماً وعليها خلخالان، فقالت الورثة: بخ بخ ساق بخلخال. فذهبت مثلاً. فقالت رقاش: أجل، ساق بخلخال لا كخالك المختال. فوثبت عليها الورثة لتضربها فضبطتها رقاش وضربتها وغلبتها حتى حجزت عنها. فقالت الورثة:
يا ويح نفسي اليوم أدركني الكبر أأبكي على نفسي العشية أم أذر
فوالله لو أدركـت فـي بـقـية للاقيت ما لاقى صواحبك الأخر
فولدت رقاش لذهل بن شيبان، مرة، وأبا ربيعة، ومحلما، والحرث ابن ذهل.

ما على أفعل من هذا الباب

أبلغ من قس

هو قس بن ساعدة بن حذافة بن زهير بن أياد بن نزار الأيادي؛ وكان من حكماء العرب وأعقل من سمع به منهم، هو أول من كتب من فلان إلى فلان، وأول من أقر بالبعث من غير علم، وأول من قال أما بعد، وأول من قال البينة على من ادعى واليمين على من أنكر. وقد عمر مائة وثمانين سنة. قال الأعشى:
وأبلغ من قس وأجري من الـذي بذي الغيل من خفان أصبح خادراً
وأخبر عامر بن شراحيل الشعبي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أن وفد بكر بن وائل قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما فرغ من حوائجهم قال: "هل فيكم أحد يعرف قس بن ساعدة الأيادي? قالوا: كلنا نعرفه. قال: فما فعل? قالوا: هلك. فقال رسول الله صلى الله علية وسلم: كأني به على جمل أحمر بعكاظ قائماً يقول: أيها الناس أجتمعوا واستمعوا وعوا. كل من عاش مات. وكل من مات فات. وكل ما هو آت آت. أن في السماء لخبراً. وإن في الأرض لعبراً. مهاد موضوع وسقف مرفوع. وبحار تموج وتجارة تروج. وليل داج وسماء ذات أبراج. أقسم قس حقاً لئن كان في الأرض رضا ليكونن بعده سخط. وأن لله عزت قدرته ديناً هو أحب إليه من دينكم الذي أنتم عليه. ما لي أرى الناس يذهبون فلا يرجعون، أرضوا فأقاموا أم تركوا فناموا. ثم أنشد أبو بكر رضي الله عنه شعراً حفظه له وهو قوله":
في الذاهبين الأولين من القرون لنا بـصـائر
لما رأيت موارداً للموت ليس لها مـصـادر
ورأيت قومي نحوها يسعى الأصاغر والأكابر
لا يرجع الماضي إلي ولا من الباقين غابـر
أيقنت أني لا محالة حيث صار القوم صـائر

أبخل من مادر

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 48

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 49

هو، رجل من بني هلال بن عامر بن صعصعة، وبلغ من بخله أنه سقي إبله فبقي في أسفل الحوض ماء قليل فسلح فيه ومدر الحوض به فسمي مادراً لذلك. واسمه مخارق. قال أبو الندي: وذكروا أن بني فزارة وبني هلال بن عامر تنافروا إلى أنس بن مدرك الخنعمي وتراضوا به. فقالت بنو عامر: يا بني فزارة أكلتم أير حمار. فقالت بنو فزارة قد أكلنا ولمن نعرفه. وحديث ذلك أن ثلاثة نفر اصطحبوا فزاري وثعلبي وكلابي فصادوا حماراً. ومضى الفزاري في بعض حاجته فطبخا وأكلا وخبأ للفزاري جردان الحمار، فلما رجع الفزاري قالا قد خبأنا لك فكل، فأقبل يأكله ولا يكاد يسيغه فقال: أكل شواء العبر جوفان. يعني به الذكر. وجعلا يضحكان، ففطن وأخذ السيف وقال: لتأكلانه أو لأقتلنكما. ثم قال لأحدهما، وكان اسمه مرقمة: كل منه فأبى فضربه فأبان رأسه. فقال الآخر: طاح مرقمة. فقال الفزاري وأنت أن لم تلقمه. قال محمد بن حبيب: أراد أن لم تلقمها، فلما ترك الألف ألقى الفتحة على الميم قبل الهاء، كما قالوا ويلم الحيرة، وأي رجال به، أي بها. قلت: إنما قدر الهاء في تلقمها أرادة المضغة أو البضعة وإلا فليس في الكلام الذي مضى تأنيث ترجع الهاء إليه. فقالت بنو فزارة: ولكن منكم يا بني هلال من قرى في حوضه فسقى إبله فلما رويت سلح فيه ومدره بخلابه أن يشرب فضله. فقضى أنس بن مدرك على الهلاليين فأخذا الفزاريون منهم مائة بعير وكانوا تراهنوا عليها. وفي بني فزارة يقول الكميت بن ثعلبة، والكميت من شعراء ثلاثة أقدمهم هذا. ثم كميت بن معروف، ثم كميت بن زيد، وكلهم من بني أسد:
نشدتك يا فزار وأنت شـيخ إذا خيرت تخطئ في الخيار
أصيحانية أدمت بـسـمـن أحب إليك أم أير الحـمـار
بلى أير الحمار وخصـيتـاه أحب إلى فزارة من فـزار
فحذف الهاء من فزارة كما تحذف في الترخيم، وإن كان هذا في غير النداء ويجوز أن يكون أراد، من فزاري، فخفف ياء النسبة. وفي بني هلال يقول الشاعر:
لقد جللت خزيا هلال بن عامر بني عامر طرا بسلحة مـادر
فأف لكم لا تذكروا الفخر بعدها بني عامر أنتم شرار المعاشر
وفي بني فزارة يقول ابن دارة:
لا تأمنن فـزاريا خـلـوت بـه تعلى قلوصك واكتبها بـأسـيار
لا تأمننه ولا تـأمـن بـواثـقـه بعد الذي أمتل أير العير في النار
أطعمتم الضيف جوفانا مخـاتـلة فلا سقاكم إلهي الخالق البـاري
قال حمزة: وحدثني أبو بكر بن دريد قال حدثني أبو حاتم عن أبي عبيدة أنه قرأ عليه حديث مادر فضحك. قال فقلت له ما الذي أضحكك? فقال تعجبي من تسيير العرب لأمثال لها لو سيروا ما هو أهم منها لكان أبلغ لها. قلت: مثل ماذا? قال: مثل مادر هذا جعلوه علماً في البخل بفعلة تحتمل التأويل، وتركوا مثل ابن الزبير مع ما يؤثر على لفظه وفعله من دقائق البخل فتركوه كالغفل. من ذلك أنه نظر إلى رجل من أصحابه وهو يومئذ خليفة يقاتل الحجاج بن يوسف على دجولته وقد دق الرجل في صدور أهل الشأم ثلاثة أرماح فقال له يا هذا اعتزل عن حربنا فإن بيت المال لا يقوى على هذا. وقال في تلك الحرب لجماعة من جنده: أكلتم تمري وعصيتم أمري. وسمع أن مالك بن أشعر الرزامي من بني مازن أكل من بعير وحده وحمل ما بقي على ظهره فقال: دلوني على قبره أنبشه. وقال لرجل أتاه مجتدياً وقد أبدع به فشكا إليه حفا ناقته قال أخصفها بهلب وأرقعها بسبب وانجد بها يبرد خفها. فقال الرجل: يا أمير المؤمنين جئتك مستوصلاً ولم آتك مستوصفاً فلا بقيت ناقة حملتني إليك. فقال: أن وصاحبها. ولهذا الرجل فيه شعر قد نسي. قلت: وفي بعض النسخ من كتاب أفعل كان هذا الرجل عبد الله بن فضالة الأسدي، ولما انصرف من عنده قال:
أرى الحاجات عند أبي خبيب تكدن ولا أمـية بـالـبـلاد
وما لي حين أقطع ذات عرق إلى ابن الكاهلية من معـاد
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 49

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 50

في أبيات. وابن الكاهلية هو عبد الله بن الزبير لأن جدة من جداته كانت من بني كاهل فلما بلغ الشعر ابن الزبير قال لو علم لي أما الأم من عمته لسبني بها. قال أبو عبيدة: فلو تكلف الحرث بن كلدة طبيب العرب أو مالك بن زيد مناة وحنيف الحناتم آبلا العرب من وصف علاج ناقة الأعرابي ما ت كلفه هذا الخليفة لما كانوا يعشرونه. وكان مع هذا يأكل في كل إسبوع أكلة ويقول في خطبته إنما بطني شبر في شبر وعندي ما عسى يكفيني. فقال فيه الشاعر:
لو كان بطنك شبراً قد شبعت وقد أفضلت كثيراً للـمـسـاكـين
فإن تصبـك مـن الأيام جـائحة لأنبك منك علـى دنـيا ولا دين

أبخل من كلب أبخل من ذي معذرة

هذا مأخوذ من قولهم، في مثل آخر. المعذرة طرف من البخل.

أبخل من الضنين بنائل غيره

هذا مأخوذ من قول الشاعر:
وإن امرأ أضنت يداه على امرئ بنيل يد من غـيره لـبـخـيل

أبر من فلحس

هو رجل من بني شيبان، زعموا أنه حمل ِأباه، وكان خرفاً كبير السن، على عاتقه إلى بيت الله الحرام حتى أحجه. ويقال أيضاً:

أبر من العملس

وهو رجل كان براً بأمه وكان يحملها على عاتقه.

أبصر من زرقاء اليمامة

واليمامة اسمها، وبهاء سمي البلد. وذكر الجاحظ أنها كانت من بنات لقمان بن عاد وأن اسمها عنز، وكانت هي زرقاء، وكانت الزباء زرقاء، وكانت البسوس زرقاء. قال محمد بن حبيب: هي امرأة من جديس، يعني زرقاء، كانت تبصر الشيء من مسيرة ثلاثة أيام فلما قتلت جديس طسما خرج رجل من طسم إلى حسان بن تبع فاستجاشه ورغبه في الغنائم، فجهز إليهم جيشاً فلما صاروا من جوة على مسيرة ثلاث ليال صعدت الزرقاء فنظرت إلى الجيش وقد أمروا أن يحمل كل رجل منهم شجرة ستتر بها ليلبسوا عليها. فقالت يا قوم قد أتتكم الجر أو أتتكم حمير، فلم يصدقوها. فقالت على مثال رجز:
أقسم بالله لقج دب الشـجـر أو حمير قد أخذت شيئاً يجر
فلم يصدقوها. فقالت: أحلف بالله لقد أرى رجل ينهس كتفاً أو يخصف النعل فلم يصقوها ولم يستعدوا حتى صبحهم حسان فاجتاحهم فأخذ الزرقاء فشق عينيها فإذا فيهما عروق سود من الأثمد، وكانت أول من أكتحل بالأثمد من العرب. وهي التي ذكرها النابغة في قوله:
وأحكم كحكم فتاة الحي إذ نظرت إلى حمام سراع وارد الثـمـد

أبعد من النجم ومن مناط العيوق ومن بيض الأنوق

ومن الكواكب

أما النجم، فإنه يراد به الثريا دون سائر الكواكب ومنه قول الشاعر:
إذا النجم وافى مغرب الشمس أحجرت مقاري حيي واشتكى العذر جارهـا
وأما العيوق، فإنه كوكب يطلع مع الثريا قال الشاعر:
وأن صديا والملامة ما مشى لكالنجم والعيوق ما طلعا معاً
صدي، قبيلة أي هي أبداً ملومة والملامة تمشي معها لا تفارقها. وأما بيض الأنوق فهو، أعني الأنوق اسم للرخمة وهي أبعد الطير وكراً فضربت العرب به المثل في تأكيد بعد الشيء وما لا ينال قال الشاعر:
وكنت إذا استودعت سراً كتمته كبيض أنوق لا ينال لها وكر

أبصر من فرس يهمأن في غلس

وكذلك يضرب المثل فيه بالعقاب فيقال:

أبصر من عقاب ملاع

قال محمد حبيب: ملاع، اسم هضبة. وقال غيره: ملاع، اسم للصحراء. قال: وإنما قالوا ذلك لأن عقاب الصحراء أبصر وأسرع من عقاب الجبال. ويقال للأرض المستوية الواسعة مليع ومليع أيضاً. قال الشاعر، يصف إبلاً أغير عليها فذهبت:
كأن دناراً حلقت بـلـبـونـه عقاب ملاع لا عقاب القواعل
دنار، اسم راع. والقواعل، الجبال الصغار. وقال أبو زيد: عقاب ملاع، هي السريعة لأن الملع السرعة ومنه يقال ناقة ملوع ومليع أي سريعة. وقال أبو عمرو بن العلاء: العرب تقول أنت أخف يداً من عقيب ملاع وهي عقاب تصطاد العصافير والجرذان.

أبصر من غراب

زعم ابن الأعرابي أن العرب تسمي الغراب أعور لأنه مغمض أبداً أحدى عينيه مقتصر على أحداهما منن قوة بصره. وقال غيره: إنما سموه أعور لحدة بصره على طريق التفاؤل له. وقال بشار بن برد:
وقد ظلموه حين سموه سـيداً كما ظلم الناس الغربا بأعورا
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 50

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 51

قال أبو الهيثم: يقال أن الغرباب يبصر من تحت الأرض بقدر منقاره.

أبصر من الوطواط بالليل

أي، أعرف منه. والوطواط، الخفاش. ويقولون أيضاً أبصر ليلاً من الوطواط. ويقال أيضاً للخطاف الوطواط. ويسمون الجبان الوطواط.

أبصر من كلب

هذا المثل رواه بعض المحدثين ذاهباً إلى قول الشاعر وهو مرة بن محكان:
في ليلة من جمـادى ذات أنـدية لا يبصر الكلب من ظلمائها الطنبا

أبأى من جنيف الحناتم

من البأي، وهو الفخر. وكان بلغ من فخره أن لا يكلم أحداً حتى يبدأه هو بالكلام.

أبأى ممن جاء برأس خاقان

قال حمزة: هذا مثل مولد حكاه المفضل بن سلمة في كتابه المترجم بالكتاب الفاخر في الأمثال. قال: والعامة تقول كأنه جاء برأس خاقان، وخاقان هذا كان ملكاً من ملوك الترك خرج من ناحية باب الأبواب وظهر على أرمينية وقتل الجراح بن عبد الله عامل هشام بن عبد الملك عليها، وغلظت نكايته في تلك البلاد، فبعث هشام إليه سعيد بن عمرو الجرشي، وكان مسلمة صاحب الجيش، فأوقع سعيد بخاقان ففض جمعه واحتز رأسه وبعث به إلى هشام فعظم أثره في قلوب المسلمين وفخم أمره ففخر بذلك حتى ضرب به المثل.

أبر من هرة

ويقال أيضاً: أعق من هرة. وشرح ذلك يجيء في موضع آخر من هذا الكتاب.

أبغض من الطلياء

هذا يفسر على وجهين. يقال: الطلياء، الناقة الجرباء المدلية بالهناء. ويروى هذا المثل بلفظ آخر فيقال أبغض إلي من الجرباء ذات الهناء. وذلك أنه ليس شيء أبغض إلى العرب من الجرب لأنه يعدي. والوجه الآخر أنه يعني بالطلياء خرقة العارك التي تفترمها، من الافترام، وهو الأعتباء والأحتشاء وكله بمعنى واحد. ويقولون هذا المثل بلفظة أخرى وهي: أقذر من معبأة. ويقولون: أهون من معبأة. وهي خرقة الحائض والجمع معابيء.

أبرد من عضرس

وهو الماء الجامد. والعضارس، بالضم، مثله. قال الشاعر:
يا رب بيضاء من العطـامـس تضحك عن ذي أشر عضارس
وفي كتاب العين: العضرس، ضرب من النبات. قال ابن مقبل:
والعير ينفخ في المكنان قد سكنت منه جحافله والعضرس الشجر
أي العريض.

أبرد من عبقرٍ

وبعضهم يقول من حبقر، وهما البرد، عند محمد بن حبيب وأنشد فيهما:
كأن فاهـا عـبـقـري بـارد أورج روض مسه تنضاح رك
التنضاح، ما ترشش من المطر. والرك، المطر الخفيف الضعيف. وأحسن ما تكون الروضة إذا أصابها مطر ضعيف. فمحمد بن حبيب يروي هذا المثل أبرد من عبقر. وأبو عمرو بن العلاء يرويه أبرد من عب قر. قال: والعب، اسم للبرد. وأنشد البيت على غير ما يراه ابن حبيب فقال:
كأن فـاهـا عـب قـر بـارد أوريح روض مسه تنضاح رك
قال: وبه سمي عب شمس. والمبرد يرويه عبقر، ذكر ذلك في كتابه المقتضب في أثناء أبنية الأسماء في الموضع الذي يقول فيه العبقر البرد والعر نقصان نبت. قال غيرهم: عب الشمس، ضوء الصبح. فهذا أغرب تصحيف وقع في روايات علماء اللغة ومتى صحت رواية أبي عمرو وجب أن يجري عبقر على هذا القياس فيقال عب قر. وحجة من يجيز ذلك تسمية العرب البرد بحب المزن وحب الغمام. وجاء ابن الأعرابي فوافق أبا عمرو في هذا المثل بعض الوفاق، وخالفه بعض الخلاف زعم أن عب شمس بن زيد مناة ابن تميم اسمه عبء شمس بالهمز أي عدلها ونظيرها. والعبآن، العدلان. قال: وقال أبو عبيدة عب الشمس ضوءها.

أبرد من غب المطر

يعني أبرد من غب يوم المطر.

أبرد من جربياء

الجربياء، اسم للشمال. وقيل لأعرابي: ما أشد البرد? فقال ريح جربياء في ظل عماء غب سماء. قيل: فما أطيب المياه? قال: نطفة زرقاء من سحابة غراء في صفاة زلاء، ويروى بلاء، أي مستوية ملساء.

أبطأ من فندٍ

يعنون مولى كان لعائشة بنت سعد بن أبي وقاص. وسأذكر قصته في حرف التاء عند قولهم: تعست العجلة.

أبخر من أسد ومن صقر

وفيه يقول الشاعر:
وله لـحـية تـيس وله منقار نـسـر
وله نـكـهة لـيث خالطت نكهة صقر

أبقى من الدهر

ويقال أيضاً: أبقى على الدهر من الدهر. ومن أمثال العرب السائرة: "البئر أبقى من الرشاء".

أبقى من تفاريق العصا

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 51

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 52

هذا المثل قد ذكرناه في الباب الأول في قولهم لك خير من تفاريق العصا.

أبطش من دوسرَ

قالوا: أن دوسر إحدى كتائب النعمان بن المنذر ملك العرب وكانت له خمس كتائب، الرهائن والصنائع والوضائع والأشاهب ودوسر. أما الرهائن فإنهم كانوا خمسمائة رجل رهائن لقبائل العرب يقيمون على باب الملك سنة ثم يجيء بدلهم خمسمائة أخرى وينصرف أولئك إلى أحيائهم، فكان الملك يغزو بهم ويوجههم في أموره. وأما الصنائع فبنو قيس وبنو تيم اللات ابني ثعلبة، وكانوا خواص الملك لا يبرحون بابه. وأما الوضائع فإنهم كانوا ألف رجل من الفرس يضعهم ملك الملوك بالحيرة نجدة لملك العرب وكانوا أيضاً يقيمون سنة ثم يأتي بدلهم ألف رجل وينصرف أولئك وأما الأشاهب فأخوة ملك العرب وبنو عمه ومن يتبعهم من أعوانهم، وسموا الأشاهب لأنهم كانوا بيض الوجوه. وأما دوسر فإنها كانت أخشن كتائبه وأشدها بطشاً ونكاية وكانوا من كل قبائل العرب وأكثرهم من ربيعة سميت دوسر اشتقاقاً من الدسر، وهو الطعن بالثقل لثقل وطأتها. قال الشاعر:
ضربت دوسر فيهم ضربة أثبتت أوتاد ملك فاستقـر
وكان ملك العرب عند رأس كل سنة، وذلك أيام الربيع، يأتيه وجوه العرب وأصحاب الرهائن وقد صير لهم أكلاً عنده وهم ذوو الآكال فيقيمون عنده شهراً ويأخذون آكالهم ويبذلون رهائنهم ويصرفون إلى أحيائهم.

أبرد من أمرد لا يشتهي ومن مستعمل النحو في الحساب ومن برد الكوانين

أبغض من قدح اللبلاب ومن الشيب إلى الغواني ومن ريج السداب إلى الحيات ومن سجادة الزانية ومن وجوه التجار يوم الكساد

أبول من كلب

قالوا: يجوز أن يراد به البول بعينه. ويجوز أن يراد به كثر الولد. فإن البول في كلام العرب يكنى به عن الولد. قلت: وبذلك عبر ابن سيرين رؤيا عبد الملك بن مروان حين بعث إليه أني رأيت في المنام أني قمت في محراب المسجد وبلت فيه خمس مرات. فكتب إليه ابن سيرين أن صدقت رؤياك فسيقوم من أولادك خمسة في المحراب ويتقلدون الخلافة بعدك فكان كذلك.

أبين من فلق الصبح وفرق الصبح

وهما الفجر. وفي التنزيل "قل أعوذ برب الفلق" يعني الصبح وبيانه.

أبطأ من مهدي الشيعة ومن غراب نوح عليه السلام

وذلك أن نوحاً بعثه لينظر هل غرقت البلاد ويأتيه بالخبر فوجد جيفة فوقع عليها فدعا عليه نوح بالخوف، فلذلك لا يألف الناس. ويضرب به المثل في الإبطاء.

أبقى من وحي في حجرٍ

الوحي، الكتابة والمكتوب أيضاً. وقال: كما ضمن الوحي سلامها.

أبلد من ثور ومن سلحفاة أبشع من مثل غير سائر

أبغي من الإبرة ومن الزبيب ومن المحبرة

وقال الشاعر:
أبغي من الإبرة لكنه يوهم قوماً أنه لوطي

أبقى من النسرين

يعني، النسر الطائر والنسر الواقع ومن العصرين يعني الغداة والعشي.

أبهى من القمرين

يعني الشمس والقمر.

أبهى من قرطين وبينهما وجه حسن أبكر من غراب

وهو أشد الطير بكوراً.

أبكى من يتيم

وفيه المثل السائر: لا تعلم اليتيم البكاء.

أبخل من صبي ومن كسع

قالوا: هو رجل بلغ من بخله أنه كوى إست كلبه حتى لا ينبح فيدل عليه الضيف.

المولدون

"بئس الشعار الـحـسـد بين البلاء والبلاء عوافيط
جمع عافية "بيتس أستر لعواتي" يضرب لمن يؤثر العزلة.
"بيت الإسكاف فيه من كل جلد رقعة" يضرب لأخلاط الناس.
"بع الحيوان أحسن ما يكون في عينك" "بع المتاع من أول طلبه توفق فيه" "بعلة الزرع يسقي القرع بعلة الداية يقتل الصبي" "بغاث الطير أكثرها فراخاً بذل الجاه أحد المالين" "بشر مال الشحيح بحادث أو وارث" قال ابن المعتز: "بعض الشوك يسمح بالمن بعض العفو ضعف" "بعض الحلم ذل برئت من رب يركب الحمار" "بلد أنت غزاله كيف بالله نكاله به حرارة" يضرب للمتهم.
"به داء الملوك" مثله: "بين وعده وإنجازه فترة نبي" "بيني وبينه سوق السلاح" يضرب في العداوة.
بدن وافر وقلب كافر بجبهة العير يفدي حافر الفرس"
"بقدر السرور يكون التنغيص بعد البلاء يكون الثناء" "بعد كل خسر كيس باع كرمه واشترى معصره" "بين جبهته وبين الأرض جناية" أي لا يصلي.
"البستان كله كرفس"  
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 52

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 53

يضرب في التساوي في الشر: "البغل الهرم لا يفزعه صوت الجلجل" "ابنه على كتفه وهو يطلبه" "ابن آدم لا يحتمل الشحم ابن عم النبي من الدلدل" يضرب للدعي يدعي الشرف. والدلدل، اسم بغلة النبي عليه الصلاة والسلام. وكذلك يقال: ابن عمه من اليعفور، وهو اسم حمار له صلى الله عليه وسلم.
"البياض نصف الحسن بئس والله ما جرى فرسي" يضرب فيمن قصر أو قصر به.
"بطن جائع ووجه مدهون" يضرب للمتشبع زوراً.
"ابن آدم حريص على ما منع منه البصر بالزبون تجارة" يضرب في المعرفة بالإنسان وغيره.

الباب الثالث

في

ما أوله تاء

ترك الظبي ظله

الظل ههنا، الكناس الذي يستظل في شدة الحر فيأتيه الصائد فيثيره فلا يعود إليه. فيقال: ترك الظبي ظله. أي موضع ظله. يضرب لمن نقر من شيء فتركه تركاً لا يعود إليه. ويضرب في هجر الرجل صاحبه.

تركته على مثل مقلع الصمغة

أي، تركته ولم يبق له شيء. لأن الصمغ إذا قلع لم يبق له أثر. ومثله قولهم:

تركته على مثل ليلة الصدر

وهي ليلة ينفر الناس من منى فلا يبقى منهم أحد. ومثلها:

تركته على أنقى من الراحة

أي، على حال لا خير فيه كما لا شعر على الراحة. يضرب في اصطلام الدهر الناس والمال.

ترك الخداع من أجرى من مائة

أي، من مائة غلوة، وهي إثنا عشر ميلاً. قال الأصمعي: يجري الجذعان أربعين، والثنيان ستين، والربع ثمانين، والقرح مائة ولا يجري أكثر من ذلك. وهذا من كلام قيس بن زهير قاله لحذيفة بن بدر يوم داحس، أي لو كان قصدي الخداع لأجريت من قريب.

تمام الربيع الصيف

أي، تظهر آثار الربيع في الصيف. كما قيل: الأعمال بخواتيمها. والصيف، المطر يأتي بعد الربيع. يضرب في استنجاح تمام الحاجة.

ترك الذنب أيسر من طلب التوبة

يضرب لما تركه خير من ارتكابه.

تركتني خبرة الناس فرداً

الخبرة، الاسم من الاختبار. ونصب فرداً على الحال.

تصنع ف يعامين كرزاً من وبر

الكرز، الجوالق. يضرب مثلاً للبطيء في أمره وعمله.

تجنب روضة وأحال يعدو

يضرب لمن اختار الشقاء على الراحة. وأحال، أي أقبل.

تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها

أي، لا تكون ظئراً وإن آذاها الجوع. ويروى، ولا تأكل ثدييها. وأول من قال ذلك، الحرث بن سليل الأسدي، وكان حليفاً لعلقمة بن خصفة الطائي فزاره فنظر إلى ابنته الزباء، وكانت من أجمل أهل دهرها، فأعجب بها، فقال له: أتيتك خاطباً وقد ينكح الخاطب، ويدرك الطالب، ويمنح الراغب. فقال له علقمة: أنت كفؤ كريم يقبل منك الصفو ويؤخذ منك العفو، فأقم ننظر في أمرك. ثم انكفأ إلى أمها فقال: أن الحرث ابن سليل سيد قومه حسباً ومنصباً وبيتاً وقد خطب إلينا الزباء فلا ينصرفنّ إلا بحاجته. فقالت امرأته لابنتها: أي الرجال أحب إليك الكهل الجحجاح الواصل المناح، أم الفتى الوضاح? قالت: لا، بل الفتى الوضاح. قالت: أن الفتى يغيرك وأن الشيخ يميرك، وليس الكهل الفاضل الكثير النائل كالحديث السن الكثير المن. قالت: يا أمتاه أن الفتاة تحب الفتى كحب الرعاء أينق الكلا. قالت: أي بنية إن الفتى شديد الحجاب كثير العتاب. قالت: إن الشيخ يبلي شبابي ويدنس ثيابي ويشمت بي أترابي. فلم تزل أمها بها حتى غلبتها على رأيها. فتزوجها الحرث على مائة وخمسين من الإبل وخادم وألف درهم، فابتني بها، ثم رحل بها إلى قومه. فبينا هو ذات يوم جالس بفناء قومه، وهي إلى جانبه، إذا أقبل إليه شباب من بني أسد يعتلجون، فتنفست صعداء، ثم أرخت عينيها بالبكاء. فقال لها: ما يبكيك? قالت: ما لي وللشيوخ الناهضين كالفروخ. فقال لها: ثكلتك أمك، تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها. قال أبو عبيد: فإن كان الأصل على هذا الحديث فهو على المثل السائر، لا تأكل ثدييها. وكان بعض العلماء يقول هذا لا يجوز وإنما هو لا تأكل بثدييها. قلت: كلاهما في المعنى سواء، لأن معنى، لا تأكل ثدييها، لا تأكل أجرة ثدييها. ومعنى بثدييها، أي لا تعيش بسبب ثدييها وبما يغلان عليها. ثم قال الحرث لها: أما وأبيك لرب غارة شهدتها وسبية أردفتها وخمرة شربتها، فالحقي بأهلك فلا حاجة لي فيك. وقال:
تهزأت أن رأتني لابساً كـبـرا وغاية الناس بين الموت والكبر
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 53

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 54

فإن بقيت لقيت الشسيب راغـمة وفي التعرف ما يمضي من العبر
وإن يكن قد علا رأسـي وغـيره صرف الزمان وتغيير من الشعر
فقد أروح للذات القـنـى جـذلاً وقد أصيب بها عيناً من البـقـر
عني إليك فإني لا تـوافـقـنـي عور الكلام ولا شرب على الكدر
يضرب في صيانة الرجل نفسه عن خسيس مكاسب الأموال.

بحسبها حمقاء وهي باخسٌ

ويروى، باخسة. فمن روى باخس أراد أنها ذات بخس تبخس الناس حقوقهم. ومن روى باخسة بناه على بخست فهي باخسة. يقال أن المثل تكلم به رجل من بني العنبر من تميم جاورته امرأة فنظر إليها فحسبها حمقاء لا تعقل ولا تحفظ ولا تعرف مالها، فقال العنبري: ألا أخلط مالي ومتاعي بمالها ومتاعها ثم أقاسمها فآخذ خير متاعها وأعطيها الرديء من متاعي فقاسمها بعد ما خلط متاعه بمتاعها فلم ترض عند المقاسمة حتى أخذت متاعها ثم نازعته وأظهرت له الشكوى حتى افتدى منها بما أرادت، فعوتب عند ذلك فقيل له: أختدعت امرأة وليس ذلك بحسن. فقال: تحسبها حمقاء وهي باخسة. يضرب لمن يتباله وفيه دهاء.

تركته في وحش إصْمِتَ. وببلدة إصْمِتْ. وفي بلدة إصمِتَةَ

أي، في فلاة. يضرب للوحيد الذي لا ناصر له.

تركته باست المتن

المتن، ما صلب من الأرض. أي تركته وحيداً.

تالله لولا عتقه لقد بلي

العتق، العتاقة وهي الكرم. يضرب للصبور على الشدائد.

تذكرت رياً ولداً

ريا، اسم امرأة. يضرب لمن يتنبه لشيء قد غفل عنه.

تعجيل العقاب سفه

أي، أن الحليم لا يعجل بالعقوبة.

تشددي تنفرجي

الخطاب للداهية. أي تناهي في العظم والشدة تذهبي. يضرب عند اشتداد الأمر.

تيه مغن وظرف زنديق

يروى هذا عن أبي نواس. وأراد بقوله: ظرف زنديقن مطيع بن إياس ولقبه بذلك بشار بن برد. وكان إذا وصف إنساناً بالظرف قال أظرف من الزنديق، يعني مطيعاً. لأن من تزندق كان له ظرف يباين به الناس. ومن قال فلان أظرف من زنديق فقد غلط.

تسألني برامتين سلجما

رامة، موضع بقرب البصرة. والسلجم، معروف. قال الأزهري: هو بالسين غير معجمة، ولا يقال شلجم ولا ثلجم، وضم رامة إلى موضع آخر هناك فقال: برامتين. كما قال عنترة: شربت بماء الدحرضين، وإنما هو وسيع ودحرض، وهما ماءان أو موضعان، فثني بلفظ أحدهما كما يقال القمران والعمران.
يضرب لمن يطلب شيئاً في غير موضعه.

تجشأ لقمان من غير شبع

تجشأ، أي تلكف الجشاء. يضرب لمن يدعي ما ليس يملك. ويقال: تجشأ لقمان من غير شبع من علبتين وثمان وربع. قال أبو الهيثم: فهذه عشر علب مع ربع لم يعدها لقمان شيئاً لكثرة حاجته إلى الأكل وقد تجشأ تجشؤ غير الشبعان.

تخبر عن مجهوله مرآته

أي، منظره يخبر عن مخبره.

تسقط به النصيحة على الظنة

أي، كثرة نصيحتك إياه تحمله على أن يتهمك.

تعلمني بضب أنا حرشته

تعلمني، بمعنى تعلمني أي تخبرني، ولذلك أدخل الباء كقوله تعالى: "قل أتعلمون الله بدينكم". وحرش الضب، صيده.

تحمدي يا نفس لا حامد لك

أي، أظهر حمد نفسك بأن تفعل ما تحمد عليه فإنه لا حامد لك ما لم تفعله.
تنزو وتلين هذا من النزو والنزوان، وهما الوثب وليس من النزاء، الذي هو السفاد. وربما قالوا: تنزو وتلين وتؤدي الأربعين.
ذكروا أن أعرابياً حبس فقال:
ولما دخلت السجن كبر أهـلـه وقالوا أبو ليلى الغـداة حـزين
وفي الباب مكتوب على صفحاته بأنك تنزو ثـم سـوف تـلـين

تخرسي يا نفس لا مخرس لك

أي، اصنعي لنفسك الخرسة، وهي طعام النفساء نفسها. قالته امرأة ولدت ولم يكن لها من يهتم بشأنها.

تحقره وينتأ

يقال: نتأ الشيء إذا ارتفع ينتأ نتوءاً. يضرب لمن يحتقر أمراً وهو يعظم في نفسه.

ترفض عند المحفظات الكتائف

ترفض، أي تتفرق. والمحفظات، المفضبات والحفيظة والحفظة الغضب. والكتائف، السخائم والأحقاد. يقول: إذا رأيت حميمك يظلم أغضبك ذلك فتنسى حقدك عليه وتنصره.

تضرب في حديد بارد

يضرب لمن طمع في غير مطمع.

تمنعي أشهى لك

أي، مع التأني يقع الحرص. وأصله أن رجلاً قال لامرأته تمنعي إذا غازلتك يكن أشهى، أي ألذ. يضرب لمن يظهر الدلال ويغلي رخيصه.
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 54

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 55

تمرد مارد وعز الأبلق

مارد، حصن دومة الجندل. والأبلق، حصن للسموءل بن عاديا، قيل وصف بالأبلق لأنه بني من حجارة مختلفة الألوان بأرض تيماء. وهما حصنان قصدتهما الزباء ملكة الجزيرة فلم تقدر عليهما. فقالت: تمرد مارد وعز الأبلق. فصار مثلاً لكل ما يعز ويمتنع على طالبه. وعز معناه غلب من عز يعز ويجوز أن يكون من عز يعز.

تلدغ العقرب وتصيء

يقال: صأى الفرخ والخنزير والفأر والعقرب يصيء صئياً، على فعيل، إذا صاح. وصاء مقلوب منه. يضرب للظالم في صورة المتظلم.

تشكو إلى غير مصمت

أي، إلى من لا يهتم بشأنك قال:
إنك لا تشكو إلـى مـصـمـت فاصبر على الحمل الثقيل أو مت

تجاوز الروض إلى القاع القرق

يضرب لمن عدل بحاجته عن الكريم إلى اللئيم. والقرق المستوي.

تحمي جوابيه نقيق الضفدع

الجوابي، جمع جابية وهي الحوض. يضرب للرجل لا طائل عنده بل كله قول وبقبقة.

تشمرت مع الجاري

يقال: تشمرت السفينة، إذا انحدرت مع الماء. وشمرتها أنا إذا أرسلتها. يضرب في الشيء يستهان به وينسى. وقائله كعب بن زهير بن أبي سلمى. قال ابن دريد: ليس في العرب سلمى بالضم إلا هذا. وزاد غيره وأبو سلمى ربيعة بن رباح بن قرط من بني مازن. قلت: والمحدثون يعدون غيرهما قوماً يطول ذكرهم. وإنما قال هذا المثل كعب حين ركب هو وأبوه زهير سفينة في بعض الأسفار فأنشد زهير قصيدته المشهورة وهي: أمن أم أوفى دمنة لم تكلم وقال لابنه كعب: دونك فاحفظها. فقال: نعم. وأمسيا، فلما أصبحا. قال له يا كعب: ما فعلت العقيلة? يعني القصيدة. قال: يا أبت إنها تشمرت مع الجاري، يعني نسيتها فرت مع الماء. فأعادها عليه وقال: إن شمرتها يا كعب شمرت بك على أثرها.

تَهِمُّ ويُهَمُّ بكَ

الهم، القصد. يضرب للمغتر بعمله لا يخاف عاقبته.

تركتهم في كصيصة الظبي

قال اللحياني: كصيصة الظبي، موضعه الذي يكون فيه. وقال غيره: هي كفته التي يصاد بها. يضرب لمن يضيق عليه الأمر. ومثله:

تركتهم في حيصَ بيصَ وحيصِ بيصِ

ويقال: حيصَ بيصَ وحيصِ بيصِ. فالحيص، الفرار. والبوص، الفوت. وحيص من بنات الياء، وبيص من بنات الواو، فصيرت الواو ياء ليزدوجا. يضرب لمن وقع في أمر لا مخلص له منه فراراًِ أو فوتاً.

تلبدي تصيدي

التلبد، اللصوق بالأرض لختل الصيد. ومعنى المثل: احتل تتمكن وتظفر.

تتابعي بقر

زعموا أن بشر بن أبي حازم الأسدي خرج في سنة أسنت فيها قومه وجهدوا. فمر بصوار من البقر، وأجل من الأروى. فذعرت منه، فركبت جبلاً وعراً ليس له منفذ، فلما نظر إليها قام على شعب من الجبل وأخرج قوسه، وجعل يشير إليها كأنه يرميها فجعلت تلقي أنفسها فتكسر. وجعل يقول:
أنت الذي تصنع ما لم يصنع أنت حططت من ذرا مقنع
كل شبوب لهق مـولـع
وجعل يقول: تتابعي بقر تتابعي بقر. حتى تكسرت فخرج إلى قومه، فدعاهم إليها، فأصابوا من اللحم ما انتعشوا به. يضرب عند تتابع الأمر وسرعة مره من كلام أو فعل متتابع يفعله ناس، أو خيل، أو إبل أو غير ذلك.

تنهانا أمنا عن الغي وتغدو فيه

يضرب لمن يحسن القول ويسيء الفعل.

تطلب أثراً بعد عين

العين، المعاينة. يضرب لمن ترك شيئاً يراه ثم تبع أثره بعد فوت عينه قال الباهلي: أول من قال ذلك مالك بن عمرو العاملي. وفي كتاب أبي عبيد مالك بن عمرو الباهلي. قال: وذلك أن بعض ملوك غسان كان يطلب في عامله دخلاً فأخذا منهم رجلين يقال لهما مالك وسماك ابنا عمرو فاحتبسهما عنده زماناً ثم دعاهما فقال لهما: إني قاتل أحدكما فإيكما أقتل، فجعل كل واحد منهما يقول أقتلني كان أخي. فلما رأى ذلك قتل سماكاً وخلى سبيل مالك فقال سماك حين ظن أنه مقتول:
ألا مـن شـجــت لـــية عـــامـــده كمـــا أبـــد لـــيلة واحـــــــده
فأبـلـغ قـضــاعة أن جـــئتـــهـــم وخـص سـراة بــنـــي ســـاعـــده
وأبـلـغ نـزاراً عــلـــى نـــأيهـــا بأن الـرمـــاح هـــي الـــعـــائده
وأقـسـم لـو قـتـلـوا مـــالـــكـــاً لكـنـت لـــهـــم حـــية راصـــده
برأس سبيل على مرقب ويوماً على طرق وارده
فأم سماك فلا تجزعي فللموت ما تلد الـوالـده
وانصرف مالك إلى قومه، فلبث فيهم زماناً، ثم أن ركباً مروا واحدهما يتغنى بهذا البيت:  
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 55

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 56

وأقسم لو قتلوا مالكـاً لكنت لهم حية راصده
فسمعت بذلك أم سماك فقالت: يا مالك قبح الله الحياة بعد سماك. أخرج في الطلب بأخيك. فخرج في الطلب فلقي قاتل أخيه يسير في ناس من قومه. فقال: من أحسن لي الجمل الأحمر? فقالوا له، وعرفوه: يا مالك لك مائة من الإبل فكف. فقال: لا أطلب أثراً بعد عين. فذهبت مثلاً. ثم حمل على قاتل أخيه فقتله وقال في ذلك:
يا راكـبـاً بـلـغــا ولا تـــدعـــا بنـي قـمـير وإن هـم جــزعـــوا
فلـيجـدوا مـث لـمـا وجـدت فـقــد كنـت حـزينـاً قـد مـسـنـي وجــع
لا أسـمـع الـلـهـو فـي الـحـديث ولا ينفعنـي فـي الـفـراش مـضـطـجـع
لا وجـد ثـكـلـي كـمـا وجـــدت ولا وجـد عـجـول أضـلـهــا ربـــع
ولا كـبـير أضــل نـــاقـــتـــه يوم توافـي الـحـجـيح واجـتـمـعـوا
ينـظـر فـي أوجـه الـركـاب فـــلا يعـرف شـيئاً والـوجـه مـلـتـمــع
جللته صارم الحديد كالملح وفيه سفاسق لمع
بين صمير وباب جلق في أثـوابــه مـــن دمـــائه دفـــع
اضـربـــه بـــادياً نـــواجـــذه يدعـو صـداه والـرأس مـنـصـــدع
بنـي قـمـير قـتـلـت ســـيدكـــم فالــــيوم لا رنة ولا جـــــــزع

تَطّعَّمْ تطْعَمْ

أي، ذق حتى يدعوك طعمه إلى أكله. يضرب في الحث على الدخول في الأمر. أي أدخل في أوله يدعوك إلى الدخول في آخره، ويرغبك فيه.

توقري يا زلزة

الزلز، القلق والحركة. يضرب للمرأة الطوافة في بيوت الحي.

تسمع بالمعيدي خير من أن تراه

ويروى: لأن تسمع بالمعيدي خير، وأن تسمع، ويروى: تسمع بالمعيدي لا أن تراه. والمختار: أن تسمع. يضرب لمن خبره خير من مرآه، وأدخل الباء على تقدير تحدث به خير. قال المفضل: أول من قال ذلك المنذر بن ماء السماء. وكان من حديثه أن كبيش نب جابر أخا ضمرة بن جابر من بني نهشل، كان عرض لأمة لزرارة بن عدس يقال لها رشية، كانت سبية أصابها زرارة من الرفيدات، وهم حي من العرب، فولدت له عمراً وذؤيباً وبرغوثاً. فمات كبيش وترعرع الغلمة. فقال لقيط بن زرارة: يا رشية من أبو بنيك? قالت: كبيش بن جابر. قال: فاذهبي بهؤلاء الغلمة فعبّسي بهم وجه ضمرة وخبريه من هم. وكان لقيط عدواً لضمرة. فانطلقت بهم إلى ضمرة. فقال: ما هؤلاء? قالت: بنو أخيك. فانتزع منها الغلمة. وقال: الحقي بأهلك. فرجعت فأخبرت أهلها بالخبر، فركب زرارة، وكان رجلا حليماً، حتى أتى بني نهشل فقال: ردوا علي غلمتي. فسبه بنو نهشل واهجروا له. فلما رأى ذلك انصرف فقال له قومه: ما صنعت? قال خيراً، ما أحسن ما لقيني به قومي فمكث حولاً ثم أتاهم فأعادوا عليه أسوأ ما كانوا قالوا له. فأنصرف فقال له قومه: ما صنعت? قال خيراً، قد أحسن بنو عمي وأجملوا. فمكث بذلك سبع سنين يأتيهم ف يكل سنة فيردونه بأسوأ الرد. فبينما بنو نهشل يسيرون ضحى إذ لحق بهم لاحق فأخبرهم أن زرارة قد مات. فقال ضمرة: يا بني نهشل إنه قد مات حليم أخوتكم اليوم فاتقوهم بحقهم. ثم قال ضمرة لنسائه: قفن أقسم بينكن الثكل، وكانت عنده هند بنت كرب بن صفوان، وامرأة يقال لها خليدة من بني عجل، وسبية من عبد القيس، وسبية من الأزد من بني طمثان. وكان لهن أولاد غير خليدة فقالت لهند، وكانت لها مصافية: ولي الثكل بنت غيرك. ويروى: ولى الثكل بنت غيرك، على سبيل الدعاء، فأرسلتها مثلاً. فأخذ ضمرة شقة بن ضمرة وأمه هند، وشهاب بن ضمرة وأمه العبدية، وعنوة ابن ضمرة وأمه الطمثانية، فأرسل بهم إلى لقيط بن زرارة وقال لهؤلاء رهن لك بغلمك حتى أرضيك منهم. فلما وقع بنو ضمرة في يدي لقيط أساء ولايتهم وجفاهم وأهانهم فقال في ذلك ضمرة بن جابر:
صرمت أخاء شقة يوم غول وأخوته فلاحت حـلالـي
كأني إذ رهنت بني قومـي دفعتهم إلى الصهب السبال
ولم أرهنهم بـدم ولـكـن رهنتهم بصلح أو بـمـال
صرمت أخاء شقة يوم غول وحق أخاء شقة بالوصـال
فأجابه لقيط:
أبا قطن إنـي أراك حـزينـاً وأن العجول لا يبال يحنـينـا
أفي أن صبرتم نصف عام لحقنا ونحن صبرنا قبل سبع سنينـا
فقال ضمرة:
لعمرك أنني طـلاب حـبـي وترك بني في الشرط الأعادي
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 56

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 57

لمن نوكي الشيوخ وكان مثلي إذا ماضل لم ينعش بـهـاد
ثم أن بني نهشل طلبوا إلى المنذر بن ماء السماء أن يطلبهم ن لقيط. فقال لهم المنذر: نحوا عني وجوهكم. ثم أمر بخمر وطعام، ودعا لقيطاً، فأكلا وشربا حتى إذا أخذت الخمر منهما قال المنذر للقيط: يا خير الفتيان، ما تقول في رجل أختارك الليلة على ندامى مضر? قال: وما أقول فيه أقول أنه لا يسألني شيئاً إلا أعطيته إياه غير الغلمة. قال المنذر: أما إذا استثنيت فلست قابلاً منك شيئاً حتى تعطيني كل شيء سألتك. قال: فذلك لك. قال: فإني أسألك الغلمة أن تهبهم لي. قال: سلني غيرهم. قال: ما أسألك غيرهم. فأرسل لقيط إليهم فدفعهم إلى المنذر. فلما أصبح لقيط، لامه قومه، فندم. فقال في المنذر:
إنك لو غطـيت أرجـاء هـوة معمسة لا يستثـار تـرابـهـا
بثوبك في الظلماء ثم دعوتـنـي لجئت إليها سادراً لا أهـابـهـا
فأصبحت موجوداً على ملـومـاً كأن نضيت عن حائض لي ثيابها
قال: فأرسل المنذر إلى الغلمة، وقد مات ضمرة، وكان صديقاً للمنذر. فلما دخل عليه الغلمة، وكان يسمع بشقة ويعجبه ما يبلغه عنه. فلما رآه قال: تسمع بالمعيدي خير من أن تراه. فأرسلها مثلاً. قال شقة أبيت اللغن وأسعدك الهك. أن القوم ليسوا بجزر، يعني الشاء، إنما يعيش الرجل بأصغريه، لسانه وقلبه. فأعجب المنذر كلامه وسره كل ما رأة منه. قال: فسماه ضمرة باسم أبيه فهو ضمرة بن ضمرة. وذهب قوله: يعيش الرجل بأصغريه مثلاً. وينشد على هذا:
ظننت به خيراً فقصـر دونـه فيا رب مظنون به الخير يخلف
قلت: وقريب من هذا ما يحكى أن الحجاج أرسل إلى عبد الملك بن مروان بكتاب مع رجل، فجعل عبد الملك يقرأ الكتاب ثم يسأل الرجل فيشفيه بجواب ما يسأله، فيرفع عبد الملك رأسه إليه فيراه أسود، فلما أعجبه ظرفه وبيانه قال متمثلاً:
فإن عرارا أن يكن غير واضـح فإني أحب الجون ذا المنكب العمم
فقال له الرجل: يا أمير المؤمنين هل ترى من عرار? أنا والله عرار ابن عمرو بن شاس الأسدي الشاعر.

تباعدت العمة من الخالة

وذلك أن العمة خير للولد من الخالة. يقال في المثل: أتيت خالاتي فأضحكنني وأفرحنني، وأتيت عماتي فأبكينني وأحزنني. وقد مر هذا في قولهم: أمر مبكياتك لا أمر مضحكاتك. يضرب في التباعد بين الشيئين.

تركته تغنيه الجرادتان

يضرب لمن كان لاهياً في نعمة ودعة. والجرادتان، قينتا معاوية بن بكر، أحد العماليق. وأن عاداً لما كذبوا هوداً عليه السلام توالت عليهم ثلاث سنوات لم يروا فيها مطراً فبعثوا من قومهم وفداً إلى مكة، ليستسقوا لهم، ورأسوا عليهم قيل برعنق، ولقيم بن هزال، ولقمان بن عاد. وكان أهل مكة إذ ذاك العماليق، وهم بني عمليق بن لاوذ بن سام، وكان سيدهم بمكة معاوية بن بكر. فلما قدموا، نزلوا عليه، لأنهم كانوا أخواله وأصهاره فأقاموا عنده شهراً. وكان يكرمهم والجرادتان تغنيانهم فنسوا قومهم شهراً فقال معاوية: هلك أخوالي، ولو قلت لهؤلاء شيئاً ظنوا بي بخلاً. فقال شعراً وألقاه إلى الجرادتين فأنشدتاه، وهو:
ألا يا قيل ويحك قم فـهـينـم لعل الله يبعثهـا غـمـامـا
فيسقي أرض عـاد إن عـادا قد أمسوا لا يبينون الكلامـا
من العطش الشديد فليس ترجو لها الشيخ الكبير ولا الغلامـا
وقد كانت نساؤهـم بـخـير فقد أمست نساؤهـم أيامـى
وإن الوحش يأتيهم جـهـارا ولا يخشى لعاديٍّ سـهـامـا
وأنتم ههنا فيما اشـتـهـيتـم نهاركم وليلكم الـتـمـامـا
فقبح وفدكم مـن وفـد قـوم ولا لقوا التحية والسـلامـا
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 57

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 58

فلما غنتهم الجرادتان بهذا، قال بعضهم لبعض: يا قوم إنما بعثكم قومكم يتغوثون بكم. فقاموا ليدعوا، وتخلف لقمان، وكانوا إذا دعوا جاءهم نداء من السماء أن سلوا ما شئتم فتعطون ما سألتم. فدعوا ربهم واستسقوا لقومهم فأنشأ الله لهم ثلاث سحابات بيضاء وحمراء وسوداء. ثم نادى مناد من السماء: يا قيل اختر لقومك ولنفسك واحدة من هذه السحائب. فقال: أما البيضاء فجفل، وأما الحمراء فعارض، وأما السوداء فهطلة، وهي أكثرها ماء، فاختارها. فنادى منادٍ: قد اخترت لقومك رماداً رمدا لا تبقي من عادا أحدا، لا والداً ولا ولداً. قال وسير الله السحابة التي اختارها قيل إلى عاد. ونودي لقمان: سل. فسأل عمر ثلاثة أنسر غأعطي ذلك. وكان يأخذ فرخ النسر من وكره فلا يزال عنده حتى يموت. وكان آخرها لبد وهو الذي يقول فيه النابغة:
أضحت خلاء وأضحى أهلها احتملوا أخنى عليها الذي أخنى على لـبـد

تبشرني بغلام أعيا أبوه

وذلك أن رجلاً بشر بولد ابن له، وكان أبوه يعقه، فقال هذا. قال الشاعر:
ترجوا الوليد وقد أعياك والده وما رجاؤك بعد الوالد الولدا

تركته يصرف عليك نابه

يضرب لمن يغتاظ عليك. ومثله: تركته يحرق عليك الأرم.

تعساً لليدين وللفم

كلمة يقولها الشامت بعدوه. يقال: تعس يتعس تعساً، إذا عثر. وأتعسه الله. ولليدين، معناه على اليدين.

تركته يفت اليرمع

يقال للحصا البيض يرمع، وهي حجارة فيها رخاوة يجعل الصبيان منها الخذاريف. يضرب للمغموم المنكسر.

تربت يداك

قال أبو عبيد: يقال للرجل إذا قل ماله، قد ترب. أي افتقر حتى لصق بالتراب. وهذه كلمة جارية على ألسنة العرب يقولونها ولا يريدون وقوع الأمر. ألا تراهم يقولون: لا أرض لك. ولا أم لك. ويعلمون أن له أرضاً وأما. قال المبرد: سمع أعرابي في سنة قحط بمكة يقول:
قد كنت تسقينا فما بدا لكـا رب العباد ما لنا ومالـكـا
أنزل علينا الغيث لا أبا لكا
قال: فسمعه سليمان بن عبد الملك فقال: أشهد أنه لا أبا له ولا أم ولا ولد.

تأبى له ذلك بنات ألببي

قالوا: أصل هذا أن رجلاً تزوج امرأة وله أم كبيرة فقالت المرأة للزوج: لا أنا ولا أنت حتى تخرج هذه العجوز عنا. فلما أكثرت عليه احتملها على عنقه ليلاً، ثم أتى بها وادياً كثير السباع، فرمى بها فيه ثم تنكر لها، فمر بها وهي تبكي فقال: ما يبكيك يا عجوز? قالت: طرحني ابني ههنا وذهب، وأنا أخاف أن يفترسه الأسد. فقال لها: تبكين له وقد فعل بك ما فعل هلا تدعين عليه قالت: تأبى له ذلك بنات ألببي. قالوا: بنات ألبب عروق في القلب تكون منها الرقة. قال الكميت:
إليكم ذوي آل النبي تطلعـت نوازع من قلبي ظلماء وألبب

اتقي بسحله سمرة

أصل ذلك أن رجلاً أراد أن يضرب غلاماً له، يسمى سمرة، فسلح الغلام فترك سيده ضربه، فضرب به المثل.

اتق الصبيان لا تصبك بأعقائها

الأعقاء، جمع العقي وهو ما يخرج من بطن المولود حين يولد. يضرب للرجل تحذره من تركه له مصاحبته. أي جانب المريب المتهم.

اتق خيرها بشرها وشرها بخيرها

الهاء، ترجع إلى اللقطة والضلة يجدها الرجل يقول دع خيرها بسبب شرها الذي يعقبها، وقابل شرها بخيرها تجد شرها زائداً على الخير. وهذا حديث. ويروى عن ابن عباس رضي الله عنهما.

تركته يقاس بالجذاع

يضرب للرجل المسن. أي هو شاب في عقله وجسمه.

تقفز الجعثن بي يا مر زدها قعباً

الجعثن، أصل الصليان. ومر، ترخيم مرة وهو اسم لغلامه. وذلك أن رجلاً كان له فرس وكان يصبحها قعباً ويغبقها قعبا. فلما رآها تقفز الجذامير، وهي أصول الشجر. قال لغلامه: يا مر زدها قعباً. يضرب لمن يستحق أكثر مما يعطي.

تقديم الحرم من النعم

يعنون البنات. وهذا كقولهم: دفن البنات من المكرمات.

أتبع الفرس لجامها والناقة زمامها

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 58

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 59

قال أبو عبيد: أرى معناه أنك قد جدت بالفرس واللجام أيسر خطباً فأتم الحاجة لما أن الفرس لا غنى به عن اللجام. وكان المفضل يذكو أن المثل لعمرو بن ثعلبة الكلبي، أخي عدي بن جناب الكلبي. وكان ضرار ابن عمرو الضبي أغنار عليهم فسبي يومئذ سلمى بنت وائل الصائغ، وكانت يومئذ أمة لعمرو بن ثعلبة، وهي أم النعمان بن المنذر، فمضى بها ضرار مع ما غنم، فأدركه عمرو بن ثعلبة، وكان له صديق. فقال: أنشدك الأخاء والمودة إلا رددت علي أهلي. فجعل يرد شيئاً شيئاً حتى بقيت سلمى، وكانت قد أعجبت ضراراً، فأبى أن يردها فقال عمرو: يا ضرار ابتع الفرس لجامها فأرسلها مثلاً. قال غيره: أصل هذا أن ضرار بن عمرو قاد ضبة إلى الشام فأغار على كلب بن وبرة فأصاب فيهم، وغنم وسبي الذراري فكانت في السبي الرائعة قينة كانت لعمرو بن ثعلبة وبنت لها يقال لها سلمى بنت عطية بن وائل. فسار ضار بالغنائم والسبي إلى أرض نجد، وقدم عمرو بن ثعلبة على قومه، ولم يكن شهد غارة ضرار عليهم. فقيل له: أن ضرار بن عمرو أغار على الحي فأخذ أموالهم وذراريهم. فطلب عمرو بن ثعلبة ضراراً وبني ضبة فلحقهم قبل أن يصلوا إلى أرض نجد. فقال عمرو بن ثعلبة لضرار: رد علي مالي وأهلي. فرد عليه ماله وأهله. ثم قال: رد علي قياني فرد عليه قينته الرائعة، وحبس ابنتها سلمى. فقال له عمرو: يا أبا قبيصة أتبع الفرس لجامها. فأرسلها مثلاً.

اتخذ الليل جملا

يضرب لمن يعمل العمل بالليل من قراءة أو صلاة أو غيرهما مما يركب فيه الليل. وقال بعض الكتاب في رجل فات بمال وطوى المراحل: أتخذ الليل جملاً، وفات بالمال كملاً، وعبر الوادي عجلاً.

تركته بملاحس البقر أولادها

أي، بحيث تلحس البقر أولادها. يعني بالمكان القفر. ويروى بمباحث البقر. يقال معناهما تركته بحيث لا يدري أين هو.

تاتخذوه حمار الحاجات

يضرب للذي يمتهن في الأمور.

تركته جوف حمار

قال الأصمعي: معناه لا خير فيه، ولا شيء ينتفع به. وذلك أن جوف الحمار لا ينتفع منه بشيء. وقال ابن الكلبي: حمار رجل من العمالقة. وجوفه واديه. قلت: وقد أوردت ذكره في قولهم: أكفر من حمار. في باب الكاف.

تطلب ضباً وهذا ضب باد رأسه

ويروى: مخرج رأسه. قال عطاء بن مصعب: زعموا أن رجلين وترا رجلاً، وكل واحد منهما يسمى ضباً. فكان الرجل يهدد النائي عنه ويترك المقيم معه جبناً. فقيل له: تطلب ضباً، يعني الغائب، وهذا ضب باد رأسه، يعني الحاضر. يضرب لمن يجبن عن طلب ثأره.

تفرق من صوت الغراب وتفرس الأسد المشتم

ويروى المشبم من الشبام وهي خشبة تعرض في فم الجدي لئلا يرضع أمه. ويعني ههنا الأسد الذي قد شدو فاه. ومن روى المشتم جعله من شتامة الوجه. وأصل المثل أن امرأة افترست أسداً ثم سمعت صوت غراب ففزعت منه. يضرب لمن يخاف الشيء الحقير ويقدم على الشيء الخطير.

تقيس الملائكة إلى الحدادين

قال المفضل: يقال أن أصل هذا المثل أنه لما نزلت هذه الآية: "عليها تسعة عشر" قال رجل، من كفار مكة من قريش من بني جمح، يكنى أبا الأشدين: أنا أكفيكم سبعة عشر وأكفوني اثنين. فقال رجل سمع كلامه: تقيس الملائكة إلى الحدادين. والحد، المنع والسجن. والحدادون، السجانون. ويقال لكل مانع حداد.

تلك أرض لا تقض بضعتها

ويروى لا تنعفر بضعتها. أي لكثرة عشبها لو وقعت بضعة لحم على الأرض لم يصبها قضض، وهي الحصى الصغار. يضرب للجناب المخصب.

تحمل عضة جناها

أصل ذلك إن رجلاً كانت له امرأة وكانت لها ضرة فعمدت الضرة إلى قدحين مشتبهين فجعلت في أحدهما سويقاً وفي الآخر سماً ووضعت قدح السويق عند رأسها والقدح المسموم عند رأس ضرتها لتشربه. ففطنت الضرة لذلك، فلما نامت حولت القدح المسموم إليها ورفعت قدح السويق إلى نفسها فلما جناها. الجنى، الحمل. والعضة، واحدة العضاة وهي الأشجار ذوات الشوك. يعني أن كل شجرة تحمل ثمرتها. وهذا مثل قولهم: من حفر مهواة وقع فيها.

تطأطأ لها تخطئك

الهاء، للحادثة. يقولك أخفض رأسك لها تجاوزك. وهذا كقولهم: دع الشر يعبر. يضرب في ترك التعرض للشر.

التقدم قبل التندم

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 59

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 60

هذا مثل قولهم: المحاجزة قبل المناجزة. يضرب في لقائك من لا قوام لك به. أي تقدم إلى ما في ضميرك قبل تندمك. وقال الذي قتل محمد ابن طلحة بن عبيد الله يوم الجمل:
وأشعـث قـوام بـآيات ربـه: قليل الأذى فيما ترى العين مسلم
يذكرني حاميم والرمح شـاجـر فهلا تلا حاميم قبل الـتـنـدم

التجرد لغير النكاح مثلة

قالته رقاش بنت عمرو لزوجها حين قال لها: اخلعي درعك لأنظر إليك. وهي التي قالت أيضاً: أخلع الدرع بيد الزوج. فأرسلتها مثلين يضربان في الأمر بوضع الشيء موضعه.

التمرة إلى التمرة تمر

هذا من قول أحيحة بن الجلال. وذلك أنه دخل حائطاً له فرأى التمرة ساقطة فتناولها فعوتب في ذلك فقال هذا القول. والتقدير التمرة مضمومة إلى التمرة تمر. يريد أن ضم الآحاد يؤدي الجمع، وذلك أن التمر جنس يدل على الكثرة. يضرب في استصلاح المال.

التمر في البئر وعلى ظهر الجمل

أصل ذلك أن منادياً، فيما زعموا، كان في الجاهلية يقوم على أطم من آطام المدينة، حين يدرك البسر، فينادي التمر في البئر. أي من سقى وجد عاقبة سقيه في تمره. وهذا قريب من قولهم: عند الصباح يحمد القوم السرى.

ترى الفتيان كالنخل وما يدريك ما الدخل

الدخل، العيب الباطن. يضرب لذي المنظر لا خير عنده. قال المفضل: أول من قال ذلك عقمة بنت مطرود البجيلية. وكانت ذات عقل ورأي مستمع في قومها، وكانت لها أخت يقال لها خود، وكانت ذات جمال وميسم وعقل. وأن سبعة إخوة غلمة من بطن الأزد خطبوا خوداً إلى أبيها فأتوه وعليهم الحلل اليمانية وتحتهم النجائب الفره فقالوا: نحن بنو مالك بن غفيلة ذي النحيين. فقال لهم: انزلوا على الماء. فنزلوا ليلتهم، ثم أصبحوا غادين في الحلل والهيأة ومعهم ربيبة لهم يقال لها الشعثاء كاهنة فمروا بوصيدها يتعرضون لها، وكلهم وسيم جميل، وخرج أبوها فجلسوا إليه فرحب بهم فقالوا: بلغنا أن لك بنتاً ونحن كما ترى شباب، وكلنا يمنع الجانب، ويمنح الراغب. فقال أبوها: كلكم خيار فأقيموا نرى رأينا. ثم دخل على إبنته فقال: ما ترين? فقد أتاك هؤلاء القوم. فقالت: أنكحني على قدري، ولا تشطط في مهري، فإن تخطئني أحلامهم. لا تخطئني أجسامهم، لعلي أصيب ولداً، وأكثر عدداً. فخرج أبوها فقال: أخبروني عن أفضلكم. قالت ربيبتهم الشعثاء الكاهنة: اسمع أخبرك عنهم. هم أخوة وكلهم أسوة. أما الكبير فمالك جريء فاتك، يتعب السنابك، ويستصغر المهالك. وأما الذي يليه فالغمر بحر غمر يقصر دونه الفخر، نهد صقر. وأما الذي يليه فعلقمة، صليب المعجمة، منيع المشتمة، قيل الجمجمة. وأما الذي يليه فعاصم، سيد ناعم، جلد صارم، أبي حازم، جيشه غانم، وجاره سالم. وأما الذي يليه فثواب سريع الجواب، عتيد الصواب، كريم النصاب كليث الغاب. وأما الذي يليه فمدرك بذول لما يملك، عزوب عما يترك، يفني ويهلك. وأما الذي يليه فجندل، لقرنه مجدل، مقل لما يحمل، يعطي ويبذل، وعن عدوه لا ينكل. فشاورت أختها فيهم. فقالت أختها عثمة: ترى الفتيان كالنخل ومتا يدريك ما الدخل. اسمعي مني كلمة أن شر الغريبة يعلن، وخيرها يدفن. أنكحي في قومك ولا تغررك الأجسام. فلم تقبل منها وبعثت إلى أبيها أنكحني مدركاً. فأنكحها أبوها على مائة ناقة ورعاتها وحملها مدرك فلم تلبث عنده إلا قليلاً حتى صبحهم فوارس من بني مالك بن كنانة فاقتتلوا ساعة ثم أن زوجها وأخوته وبني عامر انكشفوا فسبوها فيمن سبوا، فبينا هي تسير بكت. فقالوا ما يبكيك? أعلى فراق زوجك. قالت: قبحه الله. قالوا: لقد كان جميلاً. قالت: قبح الله جمالاً لا نفع معه. إنما أبكي على عصياني أختي وقولها: ترى الفتيان كالنخل وما يدريك ما الدخل. وأخبرتهم كيف خطبوها. فقال لها رجل منهم، يكنى أبا نواس ششاب أسود أفوه مضطرب الخلق: أترضين بي على أن أمنعك من ذئاب العرب? فقالت لأصحابه: أكذلك هو? قالوا: نعم. إنه مع ما ترين ليمنع الحليلة، وتنقية القبيلة. قالت: هذا أجمل جمال وأكمل كمال، قد رضيت به. فزوجوها منه.

التمر بالسويق

مثل حكاه أبو الحسن اللحياني. يضرب في المكافأة.

تلمس أعشاشك

يضرب لمن يلتمس التجني والعلل. ومعناه تلمس التجني والعلل في ذويك.

اترك الشر يتركك

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 60

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 61

أي، إنما يصيب الشر من تعرض له. زعموا أن لقمان الحكيم قال لابنه: اترك الركما يتركك. أراد كيما يترك، فحذف الياء وأعملها.

ترهيا القوم

قال الأصمعي: وذلك أن يضطرب عليهم الرأي فيقولون مرة كذا ومرة كذا. ويروى قد ترهيأ.

تعست العجلة

أول من قال هذا فند، مولى عائشة بنت سعد بن أبي وقاص، وكان أحد المغنين المجيدين، وكان يجمع بين الرجال والنساء. وله يقول ابن قيس الرقيات:
قل لفند يشيع الأظعانـا طالما سر عيشنا وكفانا
وكانت عائشة أرسلته يأتيها بنار، فوجد قوماً يخرجون إلى مصر، فخرج معهم، فأقام بها سنة. ثم قدم فأخذا ناراً وجاء يعدو فعثر وتبدد الجمر. فقال: تعست العجلة. وفيه يقول الشاعر:
ما رأينا لغراب مـثـلاً إذ بعثناه يجي بالمشملـه
غير فند أرسلوه قابـسـا فثوى حولاً وسب العجلة
المشلمة، كساء تجمع فيه المقدحة بآلاتها. وقال بعضهم: الرواية المشملة، بفتح الميم، وهي مهب الشمال، يعني الجانب الذي بعث نوح عليه السلام الغراب غليه ليأتيه بخبر الأرض أجفت أم لا.

تهوي الدواهي حوله ويسلم

يضرب لمن يتخلص من مكروه.

تغد بالجدي قبل أن يتعشى بك

يضرب في أخد الأمر بالحزم.

تعلل بيديه تعلل البكر

وذلك أنه إذا شد بعقال تعلل به ليحله بفمه. يضرب لمن يتعلل بما لا متعلل بمثله.

التقي ملجم

أي، كان له لجاماً بمنعه من العدول عن سنن الحق قولاً وفعلاً. وهذا من كلام عمر بن عبد العزيز رحمه الله.

التجلد ولا التبلد

يعني، أن التجلد ينجيك من الأمر لا التبلد. ونصب التجلد على معنى الزم التجلد ولا تلزم التبلد. ويجوز الرفع على تقدير حقك أو شأنك التجلد. وهذا من قول أوس بن حارثة قاله لابنه مالك فقال يا مالك التجلد ولا التبلد، والمنية ولا الدنية.

تخرج المقدحة ما في قعر البرمة

هذا مثل تبتذله العامة وقد أورده أبو عمرو في كتابه.

تركته يتقمع

القمع، الذباب الأزرق العظيم، ومعنى يتقمع، يذب الذباب من فراغه كما يتقمع الحمار، وهو أن يحرك رأسه ليذهب الذباب. قال أوس بن حجر:
ألم تر أن اللـه أنـزل مـزنة وعفر الظباء في الكناس تقمع

تكلم فجمع بين الأروى والنعام

إذا تكلم بكلمتين مختلفتين. لأن الأروى تسكن شعف الجبال، وهي شاء الوحش. والنعام تسكن الفيافي فلا يجتمعان.

ترك ما يسوءه وينوءه

إذا ترك للورثة ماله، قيل: كان المحبوبي ذا يسار، فلما حضرته الوفاة أراد أن يوصي فقيل له: ما نكتب? فقال: اكتبوا ترك فلان، يعني نفسه، ما يسوءه وينوءه مالاً يأكله ورثته ويبقي عليه وزره.

تبدد بلحمك الطير

يقال هذا عند الدعاء على الإنسان. وقال رجل لامرأته:
أزحنة عني تطردين تبـددت بلحمك طير طرن كل مطير

تركته محرنبئاً لنباق

الأحرنباء، الأزبئرار. ويقال: المحرنبيء، المضمر لداهية في نفسه. والأنبياق، الهجوم على الشيء. أي تركته يضمر داهية لينفتق عليهم بشر.

تيسي جعار

قال الليث: إذا استكذبت العرب الرجل تقول تيسي جعار، أي كذبت. ولم يعرف أصل هذه الكلمة. قال: والتيس، جبل باليمن. ويقال: فلان يتكلم بالتيسية. أي بكلام أهل ذلك الجبل.

تعلق الحجن بأرفاغ العنس

الحجن، تخفيف الحجن، وهو الصبي السيء الغذاء. يقال حجن حجناً ويراد به القراد ههنا. وأرفاغ العنس، بواطن فخذيها وأصولهما. يضرب لمن يلصق بك حتى ينال بغيته. ونصب تعلق على المصدر، أي، تعلق بي تعلق ... والعنس، الناقة الصلبة.

تبع ضلة

ويروى، صلة بالصاد غير المعجمة. فالتبع، الذي يتبع النساء. والضلة، الذي لا خير فيه، فهو لا يهتدي إلى غير الشر. ومن روى بالصاد جعله كالحية الصل، وأراد به الدهاء، كما يقال صل أصلال، وأدخل الهاء مبالغة. ومن روى بالضاد المعجمة فإنما كسر الضاج إتباعاً لقوله تبع.

اتق الله في جنب أخيك ولا تقدح في ساقه

أي، لا تقلته ولا تغتبه. يقال قدح في ساقه إذا عابه. وقوله: في جنب أخيك. أراد في أمر أخيك. ومنه قوله تعالى: "ما فرطت في جنب الله". أي أمره. وقال ابن عرفة: أي فيما تركت في أمر الله. يقال ما فعلت في جنب حاجتي. قال كثير:  
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 61

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 62

ألا تتقين الله في جنب عاشق له كبد حرى عليك تقطـع
وقال الفراء: في جنب الله. أي، في قربه وجواره. قال الشاعر:
خليلي كفا واذكرا الله في جنبي
أي في أمري بأن تدعا الوقيعة فيّ.

تركت جراداً كأنه نعامة جاثمة

جراد، موضع. أراد كثرة عشبه وإعتام نبته.

تركنا البلاد تحدث

هذا يجوز أن يراد به الخصب، وكثرة أصوات الذئاب. ويجوز أن يراد به القفار التي لا أنيس بها، ولا يسكنها غير الجن. كقول ذي الرمة:
للجن بالليل في حافاتها زجل كما تجاوب يوم الريح عيشوم

أترب فندح

الأتراب، الاستغناء حتى يصير ماله مثل التراب كثرة. وندح يندح ندحاً، إذا وسع. يضرب لمن غني فوسع عليه عيشه وبذر ماله مسرفاً.

تسألني أم الخيار جملاً يمشي رويداً ويكون أولا

يضرب في طلب ما يتعذر.

تغفرت أروى وسيماها البدن

تغفرت، أي تشبهت بالغفر، وهو ولد الأروية. والبدن، المسن من الوعول. أي منظرها منظر الوعول المسانّ وهي تظهر إنها غفر حدث.

تهييف بطن شين الدريس

التهييف، التضمير. يقال: رجل أهيف إذا كان ضامر البطن وذلك محمود. والتشيين تفعيل من الشين وهو العيب. والدريس، الثوب الخلقي. وقوله: شين، يريد شينه، فحذف المفعول. يضرب لمن له فضل وبراعة يسترهما سوء حاله.

تجمعين خلابة وصدوداً

يضرب لمن يجمع بين خصلتي شر. قالوا: هو من قول جرير بن عطية. وذلك أن الحجاج بن يوسف أراد قتله، فمشت إليه مضر. فقالوا: أصلح الله الأمير لسان مضر وشاعرها هبه لنا. فوهبه لهم. وكانت هند بنت أسماء بن خارجة ممن طلب فيه فقالت للحجاج: ائذن لي فأسمع من قوله. قال: نعم. فأمر بمجلس له وجلس فيه هو وهند ثم بعث إلى جرير فدخل وهو لا يعلم بمكان الحجاج. فقال: يا ابن الخطفي أنشدني قولك في التشبيب. قال: والله ما شببت بامرأة قط، وما خلق الله شيئاً أبغض إلي من النساء، ولكني أقول في المديح ما بلغك، فإن شئت أسمعتك. قالت: يا عدو نفسه. فأين قولك?
يجري السواك على أغر كأنه برد تحدر من متون غـمـام
طرقتك صائدة القلوب وليس ذا وقت الزيارة فارجعي بسلام
لو كنت صادقة الذي حدثتـنـا لوصلت ذاك فكان غير رمام
قال جرير: لا والله ما قلت هذا ولكني أقول:
لقـد جـرد الـحـجـاج بــالـــحـــق ســـيفـــه ألا فـاسـتـــقـــيمـــوا لا يمـــيلـــن مـــائل
ولا يستوي داعي الضلالة والهدى ولا حجة الخصمين حق وباطل
فقالت هند: دع ذا عنك فأين قولك?
خليلي لا تستشعرا النـوم أنـنـي أعيذكما بالله أن تـجـدا وجـدي
ظمئت إلى برد الشراب وغرنـي جداً مزنة يرجى جداها وما تجدي
قال جرير: بل أنا الذي أقول:
من يأمن الحجاج أما عقابـه فمر وأما عقـده فـوثـيق
لحقتك حتى أنزلتني مخافتـي وقد كان من دوني عماية نيق
يسر لك البغضاء كل منافـق كما كل ذي دين عليك شفيق
قالت: دع ذا عنك ولكن هات قولك:
يا عاذلي دعا الملامة واقصـرا طال الهوى وأطلتما التفـنـيدا
إني وجدتـك لـو أردت زيادة في الحب مني ما وجدت مزيدا
أخلبتنا وصـددت أم مـحـمـد أفتجمعـين خـلابة وصـدودا
لا يستطيع أخو الصبابة أن يرى حجراً أصم وإن يكون حـديدا

تقيل الرجل أباه

إذا أشبهه. قال ابن فارس: اللام مبدلة من الضاد، يعني من قولهم: تقيض من القيض وهو العوض. ويكون مصدراً أيضاً. يقال: قاضه يقيضه قيضاً، كما يقال: عاضه يعوضه عوضاً، ومنه المقايضة بمعنى المبادلة. يقال: هما قيضان، أي مثلان. يعني أن كل واحد منهما عوض من الآخر. يضرب في الشيئين تقاربا في الشبه.

تزبدها حذاء

الحذاء، اليمين المنكرة. والهاء في تزبدها راجعة إليها. وتزبد، أي ابتلع ابتلاع الزبد. وهذا كقولهم: حذها حذا البعير الصليانة. وينشد:
تزبدها حذاء يعلم أنـه هـو الكاذب الآتي الأمور البجاريا

التثبت نصف العفو

دعا قتيبة بن مسلم برجل ليعاقبه فقال: أيها الأمير التثبت نصف العفو. فعفا عنه، وذهبت كلمته مثلاً.
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 62

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 63

تقطع أعناق الرجال المطامع

يضرب في ذم الطمع والجشع. قال أبو عبيد: وفي بعض الحديث أن الصفاة الزلاء التي لا تثبت عليها أقدام العلماء الطمع.

تخطيت سنة مقيماً

ويروى تخاطأت. يضرب لمن أقام فسلم ولو سار لهلك. وذلك أن رجلاً أجدب وأقام، وخرج قومه منتجعين، فهزلوا، وبقي هو في وطنه، فأعشب واديه، وأخصب.

تركت دارهم حوثاً بوثاً

أي، اثيرت بحوافر الدواب وخربت. يقال: تركهم حوثاً بوثاً، وحوث بوث، وحيث بيث، وحاث باث، إذا فرقهم وبددهم.
توطن الإبل وتعاف المعزى أي، أن الإبل توطن نفسها على المكاره لقوتها، وتعافها المعزى لذلها وضعفها. يضرب للقوم تصيبهم المكاره فيوطنون أنفسهم عليها ويعافها جبناؤهم.

تركته على مثل عضرط العير

عضرط العير، عجانه. يضرب لمن لم يدع له شيئاً.

تردد في إست مارية الهموم=فما تدري أتظعن أم تقيم

يضرب لمن يعيا بأمره.

تشتهي وتشتكي

أي، تحب أن تأخذ، وتكره أن يؤخذ منك.

تركته صريم سحر

الصريم، بمعنى المصروم. والسحر، الرئة. أي تركته وقد يئست منه.

ترافدوا ترافد الحمر بأبوالها

وذلك إذا تواطأ القوم على ما تكرهه.

تحسبه جاداً وهو مازح

يضرب لمن يتهدد وليس وراءه ما يحققه.

ترى من لا حريم له يهون

يضرب لمن لا ناصر له عند ظلمه.

تركتهم كمقص قرن

أي، استأصلتهم. وذلك أن أحد القرنين إذا تم وقطع الآخر رأيته قبيحاً. قال الشاعر:
فأضحت دارهم كمقص قرن فلا عين نحسـن ولا أثـار
أي، لا ترى أثراً ولا عيناً. وقال الأصمعي: القرن، جبل مطل على عرفات. وأنشد: وأصبح عهده كمقص قرن ... قال الأزهري: يروي مقص قرن، ومقط قرن. والقرن إذا قص أو قط بقي ذلك الموضع أملس نقياً، لا أثر فيه. يضرب لمن يستأصل لمن يستأصل ويصطلم.

تمسك بحردك حتى تدرك حقك

يقال: حرد حرداً، ساكنة الراء، والقياس تحريكها وينشد:
إذا جياد الخيل جاءت تردي مملوءة من غضب وحرد
وقال ابن السكيت: وقد تحرك. ويقال: رجل حارد، وحرد، وحردان. أي غضبان. أي دم على غيظك حتى تثأر.

تحوفي النضيج من حول النيء

قال يونس: قيل لرجل منا أحبن بطنك? أيْ، أيّ شيء عظم بطنك? أي يعني سمنه. قال: تحوفي النضيج ... المثل. والتحوف، أخذ الشيء من حافاته. يضرب لمن يعمل الفكر فيما يستقبله. وهذا لمن يحسن النظر في استصلاح حاله حتى يرى حسن الحال أبداً.

تركته على مثل خد الفرس

أي، تركته على طريق واضح مستوٍ.

تركته على مثل شراك النعل

أي، في ضيق حال.

تركته على مثل مشفر الأسد

يضرب لمن تركته عرضة للهلاك.

تخطى إلي شبيثاً والأحص

شبيث، ماء لبني الأضبط ببطن الجريب في موضع يقال له دارة شبيث. والأحص، موضع هناك أيضاً. وهذا المثل من قول جساس بن مرة قاله لكليب وائل حين طعنه فقال كليب: أغثني بشربة ماء. فقال: جاس تجاوزت شبيثاً والأحص يعني ليس حين طلب الماء. يضرب لمن يطلب شيئاً في غير وقته.

اتخذ الباطل دخلاً

الدخل والدخل والدغل العيب والريبة. يضرب للماكر الخادع.

أتبع السيئة الحسنة تمحها

قال أبو نواس:
خير هذا بشـر ذا فإذا الرب قد عفا
يضرب في الإنابة بعد الإجترام.

اتق شر من أحسنت إليه

هذا قريب من قولهم: سمن كلبك يأكلك.

تناس مساوئ الإخوان يدم لك ودهم

يضرب في استبقاء الإخوان.

تضرع إلى الطبيب قبل أن تمرض

أي، افتقد الإخوان قبل الحاجة إليهم. قاله لقمان لابنه.

تغافل كأنك واسطي

قال المبرد: أصله أن الحجاج كان يسخر أهل واسط في البناء، فكانوا يهربون وينامون وسط الغرباء في المسجد فيجيء الشرطي ويقول: يا واسطيّ. فمن رفع رأسه أخذه وحمله. فلذلك كانوا يتغافلون.

تقلدها طوق الحمامة

الهاء، كناية عن الخصلة القبيحة. أي تقلدها تقلد طوق الحمامة. أي لا تزايله ولا تفارقه حتى يفارق طوق الحمامة الحمامة.

تحللت عقده

يضرب للغضبان يسكن غضبه.

تصامم الحر إذا سن القذع

حقه أن يقال: تصام. لكنه فك الإدغام ضرورة. والسنّ، الصبّ. يقال: سن الماء على وجهه. والقذع، الخنا والفحش. يضرب للحليم لا يرعي سمعه لما يقبح.

تغمر كان وليس رياً

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 63

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 64

التغمر، الشرب القليل. وهو من الغمر، وهو القدح الصغير. يضرب لمن تقلد أمراً ثم لم يبالغ في إتمامه.

تذكرت رياً صبياً فبكت

ريا، اسم امرأة أسنت فخرفت، فتذكرت ولداً لها مات فأسفت وبكت. يضرب لمن حزن على أمر لا مطمع في إدراكه لبعد العهد به.

تهويد على ريودٍ

التهويد، السكون والنوم. والربود، جمع ريد وهو الحرف الناتئ من الجبل، ومن سكن فيه كان على غير طمأنينة. يضرب لمن شرع في أمر وخيم العاقبة.

تحت جلد الضأن قلب الأذؤب

يقال: ذئب وذؤب وذؤبان. وضائن، في الواحد، وضأن وضئنين، في الجمع. مصل ماعز ومعز ومعيز. يضرب لمن ينافق ويخادع الناس.

تذريع حطان لنا إنذار

التذريع، أن يصفر بالزعفران أو الخلوق ذراع الأسير، علامة منهم على قتله. وكانوا يفعلونه في الجاهلية. وحطان، اسم رجل. يضرب لمن كلم في أمر فأظهر البشاشة وأحسن الجواب، وهو يضمر خلافه.

تأتي بك الضامة عريس الأسد

الضامة، تثقل وتخفف، من الضمّ والضيم. فإذا ثقلت فالمعنى الحاجة الضامة التي تضمك وتلجئك. والضامة جمع ضائم، يعني الظلمة، أي ظلم الظلمة يحوجك إلى أن توقع نفسك في الهلكة. يضرب في الاعتذار من ركوب الغرر.

تلبيد خير من التصييء

التلبيد، أن يلزق شعر رأسه بصمغ يجعله عليه لئلا يتشعث. والتصيء، أن يثور الرأس ليغسله ثم لا ينقي وسخه. يقال: لبدت الشعر فتلبد، وصيأته فتصيأ. يقول: لأن تتركه متلبداً خير من أن تتركه متصيأ. يضرب لمن قام بأمر لا يقدر على إتمامه.

تركت عوفاً في مغاني الأصرم

يقال للذئب والغراب الأصرمان. يقول: تركته في منازل لا أنيس بها، ولا يسكنها إلا الذئب أو الغراب. يضرب لمن يخذل صاحبه في حادث ألمّ به.

تقئ يوماً بين شدقيك الدخن

يقال: دخن الطعام يدخن دخناً، إذا فسد وخبث على فم المعدة، ولا دواء له إلا القيء. يضرب لمن يفعل أفعالاً سيئة ويسلم منها. فيقال: ستندم وسترى عاقبة ما تصنع.

تلبس أذنيك على مضاض

المضاض والمضاضة، ألم وحرقة يجدها الرجل في جوفه من غيظ يتجرعه. يضرب للرجل الحليم يسكت عن الجاهل ويحتمل إذاه.

التجارب ليست لها نهاية والمرء منها في زيادة

قال عمر رضي الله عنه: يحتلم الغلام لا ربع عشرة، وينتهي طوله لإحدى وعشرين، وعقله لسبع وعشرين، إلا التجارب. فجعل التجارب لا غاية لها ولا نهاية.

ما على أفعل من هذا الباب

أجر من عقرب

ويقال أيضاً: أمطل من عقرب. وهذا مثل من أمثال أهل المدينة. حكاه الزبير بن بكار. وعقرب، اسم تاجر من تجارها. قال الزبير: وكان رهط أبي عقرب تجار المدينة، وكان عقرب بن أبي عقرب أكثر من هناك تجارة، وأشدهم تسويفاً، حتى ضربوا بمطله المثل. فاتفق أن عام الفضل ننظر الآن ما يصنعان. فلما حل المال لزم الفضل باب عقرب، وشد ببابه حماراً له يسمى السحاب وقعد يقرأ على بابه القرآن. فأقام عقرب على المطل غير مكترث به. فعدل الفضل عن ملازمة بابه إلى هجاء عرضه. فما لبث أن سار عنه فيه قوله:
قد تجرت في سوقنا عقرب لا مرحباً بالعقرب التاجرة
كل عدو يتقـي مـقـبـلاً وعقرب يخشى من الدابرة
كل عدو كيده في إسـتـه فغير مخشي ولا ضـائره
إن عادت العقرب عدنا لها وكانت النعل لها حاضره

أتعب من رائض مهرٍ

هذا كقولهم: لا يعدم شقي مهرا. يعني أن معالجة المهارة شقاوة لما فيها من التعب. قلت: وهذا كما يحكى أن امرأة قالت لرائض: ما أتعب شأنك? حرفتك كلها بالإست. فقال لها: ليس بين آلتي وآلتك إلا مقدار ظفر.

أتلي من الشعري

يعنون الشعرى العبور، وهي اليماينة فهي تكون في طلوعها تلو الجوزاء، ويسمونها كلب الجبار. والجبار، اسم للجوزاء، جعلوا الشعرى ككلب لها يتبع صاحبه.

أتيم من المرقش

يعنون المرقش الأصغر، وكان متيماً بفاطمة بنت الملك المنذر وله معها قصة طويلة. وبلغ من أمره أخيراً أن قطع المرقش إبهامه بأسنانه وجدا عليها. وفي ذلك يقول:
ومن يلق خيراً يحمد الناس أمره ومن يغو لا يعدم على الغي لائما
ألم تر أن المرؤء يجـذم كـفـه ويجشم من لوم الصديق المجاشما
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 64

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 65

أي، يكلف نفسه الشدائد مخافة لوم الصديق إياه. وأتيمن أفعل من المفعول. يقال: تامه الحب وتيمه، أي عبده وذلله. وتيم الله، مثل قولك، عبد الله. قال لقيط:
نامت فؤادك لم يحزنك ما صنعت أحدى نساء بني ذهل شـيبـانـاً

أتيه من فقيد ثقيفٍ

قالوا: كان بالطائف في أول الإسلام إخوان. فتزوج أحدهما امرأة من بني كنة ثم رام سفراً فأصى الأخ بها. فكان يتعهدها كل يوم بنفسه، وكانت من أحسن الناس وجهاً، فذهبت بقلبه، فضني وأخذت قوته حتى عجز عن المشي، ثم عجز عن القعود، وقدم أخوه فلما رآه بتلك الحال قال: ما لك يا أخي? ما تجد? قال: ما أجد شيئاً غير الضعف. فبعث أخوه إلى الحرث بن كلدة، طبيب العرب، فلما حضر لم يجد به علة من مرض، ووقع له أن ما به من عشق، فدعا بخمر وفت فيها خبزاً، فأطعمه إياه ثم إتبعه بشربة منها فتحرك ساعة، ثم نفض رأسه، ورفع عقيرته بهذه الأبيات:
ألما بي على الأبـيا ت بالخيف نزرهنه
غزال ثم يحتـمـل بها دور بني كنـه
غزال أحور العـي نين في منطقه غنه
فعرف أنه عاشق. فأعاد عليه الخمر فأنشأ يقول:
أيها الجيرة أسلمـوا وقفوا كي تكلمـوا
خرجت مزنة من ال بحر ريا تحمـحـم
هي ما كنتي وتـز عم أني لهـا حـم
فعرف أخوه ما به فقال: يا أخي، هي طالق ثلاثاً فتزوجها. فقال: هي طالق يوم أتزوجها. ثم ثاب إليه ثائب من العقل والقوة، ففارق الطائف وهام في البر فما رؤي بعد ذلك. فمكث أخوه أياماً ثم مات كمداً على أخيه، فضرب به المثل، وسمي فقيد ثقيف. وأما قولهم:

أتيه من أحمق ثقيف

فهذا من التيه الذي هو الصلف. وأحمق ثقيف، هو يوسف بن عمر، وكان أمير العراقيين من قبل هشام بن عبد الملك. وكان أتيه وأحمق عربي أمر ونهى في دولة الإسلام. ومن حمقه أن حجاماً كان يحجمه فلما أراد أن يشرطه ارتعدت يده، فأحس بذلك يوسف، وكان حاجبه قائماً على رأسه فقال له: قل لهذا البائس لا تخف. وكان يوسف قصيراً جداً قميئاً فكان الخياط عند قطع ثيابه إذا قال له: يحتاج إلى زيادة، أكرمه وحباه، وإذا قال: يفضل شيء، أهانه وأقصاه.

أمك من سنام

التموك، الارتفاع والسمن. والتامك من الإبل، العظيم السنام. وأتمكها الكلأ أي سمنها يعني الناقة.

أتيس من تيوس تويتٍ

قال حمزة: هذا مثل حكاه محمد بن حبيب، ولم يذكر في أي موضع يجب أن يوضع. وتويت، قبيلة من قبائل قريش، وهو تويت بن حبيب ابن أسد بن عبد العزي قال: وحكى أيضاً. ولم يفسره أيضاً.

أتيس من تيوس البياع

قال حمزة: فسألت عنه أبا الحسن النسابة الأصبهاني، فذكر أنه البياع ابن عبد ياليل بن ناشب بن غيرة بن سعد بن ليث بن بكر، وبنته ريطة بنت أم أبي أحيحة سعيد بن العاص، ويعيرون به.

أتبع من تولب

التولب، الجحش. قال سيبويه: هو مصورف لأنه فوعل. ويقال للأتان أم تولب. وقال ابن فارس: لا يبعد أن يكون التاء في تولب واواً. يعني أن أصله وولب من ولب يلب ولوباً إذا هب وتتبع سمي به لأنه يتبع الأم.

أوى من دين

التوي، الهلاك. يقال: توى إذا هلك. وإنما قيل ذلك لأن أكثر الديون هالك ذاهب.

أترف من ربيب نعمةٍ

الترفة، النعمة. والربيب، المربوب. يضرب للمنعم عليه.

أتيه من قوم موسى عليه السلام

هذا من التيه بمعنى التحير، وأرادوا به مكثهم في التيه أربعين سنة.

أوى من سلفٍ

السلف والسلم واحد، هما ما أسلفت في طعام أو غيره. وهذا مثل قولهم: أتوى من دين. وقد مر.

أتب من أبي لهب

أي، أخسر. أخذ من قوله تعالى: تبت يدا أبي لهب. والتباب، الخسار والهلاك.

أتخم من فصيل

لأنه يرضع أكثر مما يطيق ثم يتخم. وكان الأصل أن يقال: أوخم من وخم يوخم، إلا أنهم بنوه من الإتخام توهماً أن التاء أصلية، كما توهموها في التكلة والتهمة وأشباههما، فالزموها التاء في التصغير والجمع فقالوا: تكيلة وتهيمة، وتكل، وتهم.

أتعب من راكب فصيلٍ

لأنه غير مروض.

المولدون

"توبة الجاني اعتـذاره تزاوروا ولا تجاوروا"
"تقاربوا بالمودة ولا تتكلوا على القرابة" "تعاشروا كالإخوان وتعاملوا كالأجانب" أي ليس في التجارة محاباة.
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 65

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 66

"تلقاك سبع ولا تلقاك ذو عيال توكــل تـــكـــف"
"تشويش العمامة من المروءة تأمـل الـعـيب عــيب"
"تدازي القوض بأمثـالـهـا تكلم فقد كلم الله مـوسـى"
"تفرق بين المسلمين الدراهم" "تجري الرياح بما لا تشتهي السفن"
"تـجـرئنـي وأنـا حـريص تفوز من نصف خوصة قدره"
"تخلصت منه بشعرة" "تجلم ما لم تحلم بهتان على المقادير" "تركته كرة على طبطاب وحبة على المقلى" "ترك المكافأة من التطفيف" "تحت هذا الكبش نبش" يضرب لمن يرتاب به.
"تألف النعمة بحسن جواها تحـل لـه الـمــيتة"
يضرب للفقير.
"ترك إدعاء العلم ينفي عنك الحسد، تاج المروءة التواضع" "التميز شؤم، التعبير نصف التجارة، التسلط على المماليك دناءة" "التحسن خير من الحسن، التقدير أحد الكاسبين" "التواضع شبكة الشرف، التينة تنظر إلى التينة فتينع" "اتق مجانيق الضعفاء" أي دعواتهم.
"اتبع النباح ولا تتبع الضباح، اتكلنا منه على خصٍ" وهو جدار من قصب. يضرب في الخيبة.
"التدبير نصف المعيشة"

الباب الرابع

في

ما أوله ثاء

ثكل أرأمها ولداً

قاله بيهس الملقب بنعامة لأمه حين رجع إليها بعد أخوته الذين قتلوا قال المفضل: كان من حيث بيهس أنه كان رجلاً من بني فزارة بن ذبيان ابن بغيض، وكان سابع سبعة أخوة، فأغار عليهم ناس من أشجع بينهم وبينهم حرب، وهم في إبلهم، فقتلوا منهم ستة، وبقي بيهس، وكان يحمق، وكان أصغرهم، فأرادوا قتله ثم قالوا: وما تريدون من قتل هذا? يحسب عليكم برجل ولا خير فيه. فتركوه فقال: دعوني أتوصل معكم إلى الحي فإنكم إن تركتموني وجدي أكلتني السباع، وقتلني العطش. ففعلوا. فأقبل معهم، فلما كان من الغد نزلوا فنحروا جزوراً في يوم شديد الحر فقالوا: ظللوا لحمكم لا يفسد. فقال بيهس: لكن بالأثلات لحم لا يظلل. فذهبت مثلاً. فلما قال ذلك قالوا: إنه لمنكر. وعموا أن يقتلوه، ثم تركوه وظلوا يشوون من لحم الجزور ويأكلون. فقال أحدهم: ما أطيب يومنا وأخصبه! فقال بيهس: لكن على بلد قوم عجفى. فأرسلها مثلاً. ثم انشعب طريقهم فأتى أمه فأخبرها الخبر قالت: فما جاءني بك من بين أخوتك? فقال بيهس: لو خيرت لاخترت. فذهبت مثلاً. ثم إن أمه عطفت عليه، ورقت له. فقال الناس: لقد أحبت أم بيهس بيهساً. فقال بيهس: ثكل أرأمها ولداً. أي عطفها على ولد. فأرسلها مثلاً. ثم أن أمه جعلت تعطيه بعد ذلك ثياب إخوته فيلبسها ويقول: يا حبذا التراث لولا الذلة. فأرسلها مثلاً. ثم أنه أتى على ذلك ما شاء الله، فمر بنسوة من قومه يصلحن امرأة منهن، يردن أن يهدينها لبعض القوم الذين قتلوا أخوته، فكشف ثوبه عن إسته وغطى به رأسه. فقلن له: ويحك ما تصنع يا بيهس? فقال:
إلبس لكل حالة لبوسها أما نعيمها وأما بوسها
فأرسلها مثلاً. ثم أمر النساء من كنانة وغيرها فصنعن له طعاماً، فجعل يأكل ويقول: حبذا كثرة الأيدي في غير طعام. فأرسلها مثلاً. فقالت أمه: لا يطلب هذا بثأر أبداً فقالت الكنانية: لا تأمنني الأحمق وفي يده سكين. فأرسلتها مثلاً. ثم أنه أخبر أن ناساً من أشجع في غار يشربون فيه، فانطلق بخال له يقال له أبو حنش فقال له: هل لك في غار فيه ظباء لعلنا نصيب منها? ويروى: هل لك في غنيمة باردة? فأرسلها مثلاً. ثم انطلق بيهس بخاله حتى أقامه على فم الغار، ثم دفع أبا حنش في الغار فقال ضرباً أبا حنش. فقال بعضهم: أن أبا حنش لبطل. فقال أبو حنش: مكره أخوك لا بطل. فأرسلها مثلاً. قال المتلمس في ذلك:
ومن طلب الأوتار ما حـز أنـفـه قصير وخاض الموت بالسيف بيهس
نعامة لما صرع القـوم رهـطـه تبين في أثـوابـه كـيف يلـبـس

الثيب عجالة الراكب

العجالة، ما تزوده الراكب مما لا تعب فيه، كالتمر والسويق. قال أبو عبيد: يضرب هذا في الحث على الرضا بيسير الحاجة إذا أعوز جليلها.

ثأطة مدت بماء

الثأطة، الحماة. وإذا أصابها الماء ازدادت رطوبة وفساداً. قال أبو عبيد: يضرب هذا للرجل يشتد موقه وحمقه. يريد بقوله: يشتدّ. يزيد على ما كان من قبل.

ثار حابلهم على نابلهم

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 66

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 67

الحابل، صاحب الحبالة. والنابل، صاحب النبل. أي اختلط أمرهم. ويروى ثاب. أي أوقدوا الشر إيقاداُ. قاله أبو زيد. يضرب في فساد ذات البين، وتأريث الشر في القوم.

الثور يحمي أنفه بروقه

الروق، القرن. يضرب في الحث على حفظ الحريم.

ثنى على الأمر رجلاً

أي، قد وثق بأن ذلك له، وأنه قد أحرزه.

الثكلى تحب الثكلى

لأنها تأنسي بها في البكاء والجزع.

ثل عرشه

أي ذهب عزه وساءت حاله. يقال: ثللت الشيء، إذا هدمته وكسرته. قال القتيبي: للعرش ههنا معنيان: أحدهما، السرير والأسرة للملوك، فإذا ثل عرش الملك فقد ذهب. والمعنى الآخر البيت ينصب من العيدان ويظلل وجمعه عروش فإذا كسر عرش الرجل فقد هلك وذل.

ثرا بنو جعد وكانوا أزفللاى

يقال: ثرا القوم يثرون ثرواً وثراء إذا كثروا. والأزفلة والأزفلى، الجماعة القليلة. يضرب لمن عز بعد الذلة وكثر بعد القلة.

ثأداء وجه شافه الترغيس

الثأداء، الأمة. والشوف، الجلاء. والترغيس، تكثير المال. يقال: رغس الله مال فلان، إذا بارك له فيه. وأراد وجه ثأداء فقلب. يضرب لمن حسن كثرة ماله قبح نصابه.

ثنيت نحوي بالعراء الأوابد

العراء، الصحراء. والأوابد، الوحوش. وثنيت، معناه صرفت. يضرب لمن يعد ما يملكه ولا يقدر عليه.

ثور كلاب في الرهان أقعد

هو كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة القيسي. كان يحمق، وذلك أنه ارتبط عجل ثور فزعم أنه يصنعه ليسابق عليه. والأقعد، من القعيد وهو المتخلف المتباطئ. يضرب للرجل يروم ما لا يكاد يكون.

ثمرة الصبر نجح الظفر

يضرب في الترغيب في الصبر على ما يكره.

ثؤلول جسده لا ينزع

يضرب لمن يعجز عن تقويمه وتهذيبه.

ثار ثائره

أي، هاج ما كان من عادته أن يهيج منه. يضرب لمن يستطير غضباً.

ثمرة الجبن لا ربح ولا خسر

الخسر، الخسران. ونظيره الفرق والفرقان، والكفر والكفران. وهذا المثل كما يقول العامة: التاجر الجبان لا يربح ولا يخسر.

ثبت الغدر

يقال: رجل ثبت، أي ثابت. والغدر، اللخاقيق في الأرض، مثل حجرة اليرابيع وأشباهها. ومعناه ثبت في الغدر، أي ثابت في قتال أو كلام لا يزل في موضع الزلل.

ثاقب الزند

يعني أنه إذا قدح أورى. يضرب للمنجح فيما يباشر من الأمر.

ثكلتك الجثل

يعنون الأم. قال ابن فارس، في كتاب المقاييس: هذا مما شذ عن التركيبن يعني من الجثل الذي هو الشعر الكثير. ومن قولهم: اجثأل النبت إذا كثر والتف. وقال ثعلب: جثلة الرجل امرأته. وقال غيرهما: هو الجثل، بفتح الثاء، يريدون قيمات البيوت. قلت: يجوز أن يكون المعنى ثكلتك ذات الجثل، أي صاحبة الشعر الكثير من الأم أو غيرها من قومه، مثل الزوج، ومن يقوم الرجل بأمرهم، ويهتم لشأنهم.

ثكلتك أمك أي جرد ترقع

الجرد، الثوب الخلق. يقال: ثوب سحق وجرد أي خلق. ونصب أي بترقع. يضرب لمن يطلب ما لا نفع له فيه.

ثبت لبده

يقال للرجل إذا دعي عليه: تثبت لبده، وأثبت الله لبده. أي أدام له الشر. قلت: يمكن أن يراد باللبد ههنا لبد فرسه. فكأنه قال: ثبت لبده مكانه من الأرض. أي لا يلبد فرسه، وإذا لم يلبد فرسه لم ير في رحله خيراً، لأنهم يجلبون الخير إلى أنفسهم من الغارة.

ثوبك لا تقعد تطير به الريح

نصب ثوبك بإضمار فعل أي احفظ ثوبك. وقعد يقعد معناه ههنا صار يصير والتقدير، صن ثوبك لا تصر الريح طائرة به. يضرب في التحذير.

ما على أفعل من هذا الباب

أثقل من ثهلان

هو جبل بالعالية. واشتقاقه من الثهل، وهو الانبساط على وجه الأرض. ويقال أيضاً:

أثقل من شمام

وهو مبني على الكسر، عند الحجازيين. وهو جبل له رأسان يسميان ابني شمام. قال لبيد:
فهل نبئت عن أخوين دامـا على الأحداث إلا ابني شمام

أثقل من نضاد

هذا أيضاً جبل بالعالية. ويبنى أيضاً على الكسر عندهم. فأما عند تميم فهو بمنزلة ما لا ينصرف. وكذلك حذام وقطام. قال الشاعر، على لغة أهل الحجاز:
إذا قالت حذام فصدقوها فإن القول ما قالت حذامِ
وقال على لغة تميم:
ومر دهر على وبار فهلكت جهرة وبار
وقال أيضاً:
لو كان من حضن تضاءل ركنه أو من نضاد بكى عليه نضـاد
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 67

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 68

أثقل من عماية

هي جبل بالبحرين من جبال هذيل.
أثقل من أحدٍ هو جبل بيثرب معروف مشهور.

أثقل من دمخِ الدماخِ

هو جبل من جبال ضخام في حمى ضرية. والدماخ، اسم لتلك الجبال، ودمخ مضاف إليها. قال ابن الأعرابي: ثهلان لبني نمير، ودمخ لبني نقيل ابن عمرو بن كلاب. قال: ويقال لثهلان، ثهلان الجوع ليبسه وقلة خيره.

أثقل من حمل الدهيم

هو اسم ناقة عمرو بن زبان. وقصته مذكورة في حرف الشين عند قولهم: أشأم من خوتعة.

أثقل من حمل الزواقي

قال محمد بن قدامة: سألت الفراء عنها فلم يعرفها. فقال جليس له: أن العرب كانت تسمر بالليل، فإذا زقت الديكة استقلتها لأنها تؤذن بالصبح إذا زقت. فاستحسن الفراء قوله.

أثقل من الزاووق

هذا اسم للزئبقق في لغة أهل المدينة، وهو يقع في التزاويق، لأنه يجعل مع الذهب على الحديد. ثم يدخل في النار فيخرج منه الزئبق ويبقى الذهب. ثم قيل لكل منقش مزوق وإن لم يكن فيه الزئبق. وزوقت الكلام زينته. والزئبق فارسي معرب، عرب بالهمز. والصحيح فيه كسر الباء. ودرهم مزأبق. والعامة تقول مزبق.

أثقل من الكانون

حكى المفضل عن الفراء، أن من كلامهم، قد أكنونت علينا، أي ثقلت علينا. وحكي عن الأصمعي أن الكانون هو الذي إذا دخل على القوم وهم حديث كنوا عنه. قال: ولا أعرف هذه العبارة ما معناها. وحكي عن أبي عبيدة أنه فاعول من كننت الشيء إذا أخفيته وسترته. قال: ومعناه أن القوم يكنون حديثهم عنه. وأنشد للحطيئة في هجاء أمه، وكان من العققة:
جزاك الله شراً من عجوز ولقاك العقوق من البنينا
تنحي فاقعدي مني بعـيداً أراح الله منك العالمينـا
أغربالاً إذا استودعت سراً وكانونا على المتحدثينـا
ألم أظهر لك الشحناء مني ولكن لا أخالك تعقلـينـا
حياتك ما علمت حياة سوء وموتك قد يسر الصالحينا
وقال الطبري: قولهم، أثقل من كانون، فيه وجهان: أحدهما أن الكانون عند الروم الشتاء، ويحتاج فيه إلى النفقة ما لا يحتاج إليه في الصيف، فهو ثقيل من هذه الجهة. قال الشاعر:
لعنة الله والرسول وأهل الأرض طراً على بني مظعون
بعت في الصيف عندهم قبة الخيش وبعت الكانون في الكانون
والثاني أن الكانون ثقيل، فإذا وضع لم يرفع إلى آخر الشتاء، فقيل لكل ثقيل: يا أثقل من كانون.

أثقل من رحى البزر

قال الشاعر:
وأطيش أن جالسته مـن فـراشة وأثقل أن عاشرته من رحى البزر

أثقل من الرصاص ومن الحمى، ومن المنتظر، وومن النضار،

ومن طود. أثبت من قرادٍ

لأنه يلازم جسد البعير فلا يفارقه.

أثبت من الوشم

يعنون الدارات في الكف وغيرها يذر عليها النؤور.

أثبت في الدار من الجدار

أخذ من قول الشاعر:
كأنه في الدار رب الدارأثبت في الدار من الجدارأطفل من ليل على نهار.
لان الليل يدخل على النهار بلا إذن.

أثقف من سنورٍ

الثقف، الأخذ بسرعة. يقال: رجل ثقف لقف، إذا كان جيد الحذر في القتال. ويقال: هو السريع الطعن.

أثأر من قصيرٍ

يعنون قصير بن سعد اللخمي، صاحب جذيمة الأبرش. ويقال: هو أول من أدرك ثأره وحده.

أثقل رأساً من الفهد

كأنهم أرادوا نومه، لأنهم قالوا أنوم من فهد.

أثبت رأساً من أصم

يعنون الجبل.

أثقل من رقيب بين محبين

أثقل من أربعاء لا تدور

وذلك إذا كان في آخر الشهر فهو لا يعود. قال ابن الحجاج:
يا أربعاء لا تـدور به محاقات الشهور

أثقل ممن شغل مشغولاً

أثقل من قدح اللبلاب على قلب المريض قال ابن بسام:
يا بغيضاً زاد في البغض على كل بغيض
يا شبيهاً قدح اللبلاب في قلب المـريض

الباب الخامس

في

ما أوله جيم

جري المذكيات غلاب

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 68

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 69

المذكية من الخيل، التي قد أتى عليها بعد قروحها سنة، أو سنتان. والغلاب، المغالبة أي أن المذكي يغالب مجاريه فيغلبه لقوته. يجوز أن يراد أن ثاني جريه أبداً أكثر من باديه، وثالثه أكثر من ثانيه، فكأنه يغالب بالثاني الأول، وبالثالث الثاني، فجريه أبداً غلاب. وهذا معنى قول أبى عبيد حيث قال: فهي تحتمل أن تغلب الجري غلاباً. ويروى جري المذكيات غلاء، جمع غلوة. يعني أن جريها يكون غلوات، ويكون شأوها بطيناً لا كالجذع. يضرب لم يوصف بالتبريز على أقرانه في حلبة الفضل.

جرى المذكي حسرت عنه الحمر

يقال حسر الدابة يحسر حسوراً أي أعيا. وعن من صلة المعنى. أي عجزت عنه وعن شأوه، يعني سبقه كما يسبق الفرس القارح الحمي. ونصب جري على المصدر كأنه قال: يجري فلان يوم الرهان جري المذكي. يضرب أيضاً للسابق أقرانه.

جرى الوادي فطم على القري

أي جرى سيل الوادي فطم، أي دفن. يقال: طم السيل الركية. أي دفنها. والقري، مجرى الماء في الروضة، والجمع أقرية وقريان. وعلي من صلة المعنى، أي أتى على القري يعني أهلكه بأن دفنه. يضرب عند تجاوز الشر حده.

جروا له الخطير ما انجر لكم

الخطير، الزمام. ومعنى المثل اتبعوه ما كان لكم فيه موضع إتباع. يضرب في الحث على طلب السلامة، ومداراة الناس. وهذا المثل يروى عن عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنه. قاله في فلان. كذا أوره أبو عبيد في كتابه.

جلت الهاجن عن الولد

الهاجن، الصغيرة. يقال: اهتجنت الجارية إذا افترعت قبل الأوان. ومعنى جلت ههنا صغرت. والجلل من الأضداد. يقال: أمر جلل أي عظيم. ويقال للحقير أيضاً جلل. يضرب في التعرض للشيء قبل وقته.

جدح جوين من سويق غيره

الجدح، الخلط والدوف. وجوين، اسم رجل. يضرب لمن يتوسع في مال غيره ويجود به.

جذها جذ العير الصليانة

الجذ، القطع والكسر. والصليان، بقل ربما اقتلعه العير من أصله إذا ارتعاه. ووزنه فعليان. يضرب لمن يسرع الحلف من غير تتعتع وتمكث. والهاء في جذها كناية عن اليمين.

جزاء سنمار

أي، جزائي جزاء سنمار، وهو رجل رومي، بني الخورنق الذي بظهر الكوفة للنعمان بن امرئ القيس، فلما فرغ منه ألقاه من أعلاه فخر ميتاً، وإنما فعل ذلك لئلا يبني مثله لغيره. فضربت العرب به المثل لمن يجزي بالإحسان الإساءة. قال الشاعر:
جزتنا بنو سعد بحسن فعالنـا جزاء سنمار وما كان ذا ذنب
ويقال: هو الذي بنى أطم أحيحة بن الجلاح، فلما فرغ منه قال له أحيحة: لقد أحكمته. قال: إني لأعرف فيه حجراً لو نزع لتقوض من عند آخره. فسأله عن الحجر، فأراه موضعه، فدفعه أحيحة من الأطم فخرّ ميتاً.

جرحه حيث لا يضع الراقي أنفه

قالته جندلة بنت الحرث، وكانت تحت حنظلة بن مالك، وهي عذراء وكان حنظلة شيخاً. فخرجت في ليلة مطيرة، فبصر بها رجل، فوثب علهيا، وافتضها، فصاحت. فقال لها رجل: مالك? فقالت: لسعت. قال: أين، قالت: حيث لا يضع الراقي أنفه. يضرب لمن يقع في أمر لا حيلة له في الخروج منه.

جلى محب نظره

يضرب لمن يحسن النظر إلى أحبابه. من جلوت العروس، إذا حسنتها. قال أبو عبيد: ومنه قول زهير:
فإن تك في صديق أو عدو تخبرك العيون عن القلوب
ويروى: جلى محباً نظره. أي أوضح محبته نظره إليك، أو نظرك إليه. والمصدر يصلح أن يضاف إلى الفاعل وإلى المفعول أيضاً. يضرب في حب القوم وبغضهم.

جلبت جلبة ثم أقلعت

أي صاحت صيحة ثم أمسكت. ويروى، بالحاء. ويقال: يراد بها السحابة ترعد ثم لا تمطر. وهو من الجلبة يقال: جلب على فرسه يجلب جلبة إذا صاح به. يضرب للجبان يتوعد ثم يسكت.

جذل تحكاك

الجذل، أصل الشجر. وربما ينصب في معاطن الإبل فتحتك به الجربي. يضرب للرجل يستشفي برأيه وعقله.

جعجة ولا أرى طحناً

أي، أسمع جعجعة. والطحن، الدقيق، فعل بمعنى مفعول، كالذبح والفرق، بمعنى المذبوح والمفروق. يضرب لمن يعد ولا يفي.

جرى منه مجرى اللدود

وهو ما يصب في أحد شقي الفم من الدواء. يضرب لمن يبغض ويكره.

جمارة تؤكل بالهلاس

الجمارة، شحمة النخلة، وهي قلبها الذي يؤكل. والهلاس، ذهاب العقل. يقال: رجل مهلوس أي مجنون. يضرب في المال يجمع بكد ثم يروث جاهلاً.

جماعة على أقذاء

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 69

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 70

معناه اجتماع بالأبدان وافتراق بالقلوب. والأقذاء، جمع قذي وقذى جمع قذاة. وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: هدنة على دخن. يضرب لمن يضمر أذى ويظهر صفاء.

جاء بالضح والريح

تقال ابن الأعرابي: الضح، ما برز للشمس. والريح، ما أصابته الريح. قال الأزهري: الضح في الأصل ضحى، فحذفت الياء وجعل مكانها حرف من جنس ما في الكلمة، وهو الحاء، كما فعلوا بعبد قن، والأصل قنى، لأنه يقنى أي يدخر ويؤخذ أصلاً كقولهم: قنوت الغنم، أي اتخذتها قنية. وقال أبو الهيثم: أصله وضح من وضح يضح وضوحاً فحذف الواو وشدد الحاء عوضاً منها. والمعنى جاء مما ظهر وما خفي. يضرب مثلاً للذي جاء بالمال الكثير أو العدد الكثيؤ. ومثله:

جاء بالطم والرم

فالطم، البحر. وقال ابن الأنباري: الطم الماء الكثير. والرم، الثرى. قال الأزهري: الطم بالفتح البحر، وإنما كسرت الطاء في هذا المثل لمجاورة الرم.

جاء بالقض والقضيض

يقال لما تكسر من الحجارة وصغر قضيض، ولما كبر قض. والمعنى جاء بالكبير والصغير. ويقال أيضاً:

جاء القوم قضهم بقضيضهم

أي كلهم. وقال سيبويه: ويجوز قضهم بالنصب على المصدر. قال الشاعر:
وجاءت سليم قضها بقضيضها وجمع عوال ما أدق والأمـا
قال الأصمعي: لم أسمعهم ينشدون قضها إلا رفعاً. ويقال:

جاؤا قضاً وقضيضاً

أي وحداناً وزرافات. فالقض، عبارة عن الواحد. والقضيض، عبارة عن الجمع.

جاء وقد تلفظ لجامه

إذا انصرف عن حاجته مجهوداً من الأعياء والعطش.

جاء وقد قرض رباطه

الرباط، ما يربط أي يشد به الدابة وغيرها والجمع ربط. وقرض، أي قطع، وأصله في الظبي يقطع حبالته فيفلت فيجيء مجهوداً. يضرب لمن هو في مثل حاله.

جاء على غبيراء الظهر

الغبيراء، تصغير الغبراء، وهي الأرض. أي جاء ولا يصاحبه غير أرضه التي يجيء ويذهب فيها. يكنى بها عن الخيبة. قال الأزهري: هذا كقولهم: رجع درجة الأول. ورجع عوده على بدئه. ورجع على أدراجه. كل هذا إذا رجع ولم يصب شيئاً.

جاورينا وأخبرينا

قال يونس: كان رجلان يتعئقان امرأة، وكان أحدهما جميلاً وسيماً، وكان الأخر دميماً تقتحمه العين، فكان الجميل منهما يقول: عاشرينا وانظري إلينا. وكان الدميم يقول: جاورينا وأخبرينا. فكانت تدني الجميل. فقالت: لاختبرنهما. فقالت لكل واحد منهما أن ينحر جزوراً. فأتتهما متنكرة، فبدأت بالجميل فوجدته عند القدر يلحس الدسم، ويأكل الشحم ويقول: احتفظوا كل بيضاء ليه، يعني الشحم، فاستطعمته، فأمر لها بذيل الجزور فوضع في قصعتها. فرفعت الذي أعطاها كل واحد منهما على حدة. فلما أصبحا غدوا إليها فوضعت بين يدي كل واحد منهما ما أعطاها، وأقصت الجميل، وقربت الدميم. ويقال أنها تزوجته. يضرب في القبيح المنظر الجميل المخبر.

جربي تقليه

هذا كقولهم: أخبر تقله. أي أن جربته قليته لما يظهر لك من مساويه.

جلدها بأير ابن ألغز قال أبو اليقظان: هو سعد بن ألغز الأيادي. وقال ابن الكلبي: اسم ابن ألغز الحرث وكان جاهلياً وافر المتاع، يضرب به المثل. قال الشاعر:

أولاك الألى كان ابن ألغنز منهم ولا مثل ما كان ابن ألغز يصنع
يمسح صلعاء الجبين تـرى لـه قمدا يشق الفرج ما لم يوسـع
والهاء في جلدها كناية عن المرأة، وهي إذا جلدت بمثل ذلك لا تألم. يضرب لمن يعاقب بما فيه حصول مراده.

جار كجار أبي دواد

يعنون كعب بن مامة، فإن كعباً كان إذا جاوره رجل فمات ودأه، وأن هلك له بعير أو شاة أخلف عليه. فجاءه أبو دواد الشاعر مجاوراً له، فكان كعب يفعل به ذلك. فضربت العرب به المثل في حسن الجوار فقالوا: كجار أبي دواد. قال قيس بن زهير:
أطوف ما أطوف ثم آوي إلى جار كجار أبي دواد
وقال طرفة بن العبد:
أني كفاني من أمر هممت بـه جار كجار الحذاقي الذي اتصفا
الحذاقي، هو أبو داود. وحذاق، بطن من أياد. واتصف، يقال معناه صار وصفاً في الجود، يعني كعباً.

جعلته نصب عيني

النصب، بمعنى المنصوب، أي جعلته منصوباً لعيني ولم أجعله يظهر، يعني لم أغفل عنه. يضرب في الحاجة يتحملها المعني بها.

جاء تضب لثته على كذا

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 70

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 71

الضب، والضبيب، السيلان. يضرب في شدة الحرص. قال بشر:
وبنو نمير قد لقينا منهم خيلاً تضب لثاتها للمغنم

جاء بأذني عناق

العناق، الداهية. وهو ههنا الكذب والباطل. قال ابن الأعرابي: يقال جاء بإذني عناق الأرض، إذا جاء بالكذب الفاحش. وكذلك إذا جاء بالخيبة.

جاء ناشراً أذنيه

إذا جاء طامعاً.

جعل كلامي دبر أذنيه

إذا لم يلتفت إليه، وتغافل عنه.

جدع الحلال أنف الغيرة

قاله صلى الله عليه وسلم ليلة زفت فاطمة إلى علي رضي الله تعالى عنهما. وهذا حديث يروى عن الحجاج بن منهال يرفعه.

جاء يضرب أصدريه

أي، منكبيه. ويروى بالسين والزاي أيضاً إذا جاء فارغاً لم يقض طلبته. والأصل في الكلمة السين ولا تفرد. وفي كلام الحسن في الأشر يضرب أسدريه ويخطر في مذرويه.

جاء بعد اللتيا والتي

يكنى بهما عن الشدة. واللتيا تصغير التي وهي عبارة عن الداهيرة المتناهية كما قالوا: الدهيم واللهيم، والخويخية والفويمية. وكل هذا تصغير يراد به التكبير. والتي عبارة عن الداهية التي لم تبلغ تلك النهاية، وهما علمان للداهية، ولهذا استغنيا عن الصلة. قال الشاعر:
ولقد رأيت ثأي العشيرة كلها وكفيت حاينها اللتيا والتـي

جاء يجر رجليه

يضرب لمن يجيء مثقلاً لا يقدر أن يحمل ما حمل.

جاء بوركي خبر

يعني جاء بالخبر بعد أن استثبت فيه كأنه جاء فيه أخيراً. لأن الورك متأخرة عن الأعضاء التي فوقها. والمعنى أتى بخبر حق.

جعلت ما بها بي وانطلقت تلمز

أصله أن رجلاً أشرف على سوأة من امرأة فوقع بها وعابها فقالت: إنما عبتني بما صنعت وأنت أولى به مني. ثم انصرفت عنه. فقال الرجل: جعلت ما بها بي وانطلقت تلمز. فأرسلها مثلاً. يضرب للواقع فيما عير به غيره.

جاء ثانياً من عنانه

إذا جاء ولم يقدر على حاجته. قال ابن رفاعة. وقال غيره: إذا جاء وقد قضى حاجته.

جل الرفد عن الهاجن

الرفد، القدح. والهاجن، البكرة تنتج قبل أن يطلع لها سن. ويراد جلت الهاجن عن الرفد. يضرب لمن يصغر عن الأمر ولا يقوى عليه. وقال بعضهم: أصل ذلك أن ناقة هاجنا لقوم نتجت وكانت غزيرة تملأ الرفد، فلما أسنت ونيبت قل لبنها. فقال أهلها للراعي: ما لها لا تملأ الرفد كما كانت تفعل? فقالت: جلت الهاجن عن الرفد. قال أبو عمرو: جل الرفد عن الهاجن. يضرب للرجل القليل الخير.

جاء يجر بقره

أي، عياله. كني عن العيال بالبقر، لأن النساء محل الحرث والزرع، كما أن البقر آلة لهما.

ألجحش لما فاتك الأعيار

قال أبو عبيد: يقال الجحش لما بذك الأعيار. أي سبقك وفاتك. يضرب في قناعة الرجل ببعض حاجته دون بعض. ونصب الجحش بفعل مضمر، أي اطلب الجحش.

جاء كخاصي العير

يضرب لمن جاء مستحيياً. ويقال: يضرب لمن جاء عرياناً ما معه شيء. ووجه الاستحياء أن خاصي العير يطرق رأسه عند الخصاء يتأمل في كيفية ما يصنع، وكذلك المستحي يكون مطرقاً. ووجه آخر وهو أن علية الناس يترفع عن ذلك ويستحي منه. قال أبو خراش:
فجاءت كخاصي العير لم تحل حاجة ولا عاجة منها تلوح علـى وشـم

جاء بإحدى بنات طبق

بنت طبق، سلحفاة تزعم العرب أنها تبيض تسعاً وتسعين بيضة كلها سلاحف، وتبيض بيضة تتنقف عن أسود. يضرب للرجل يأتي بالأمر العظيم.

جاء القوم كالجراد المشعل

بكسر العين، أي متفرقين من كل ناحية. قال الشاعر:
والخيل مشعلة في ساطع ضرم كأنهن جـراد أو يعـاسـيب

جاء فلان كالحريق المشعل

هذا بفتح العين، إذا جاء مسرعاً غضبان.

جوع كلبك يتبعك

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 71

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 72

ويروى، أجع كلبك. وكلاهما يضرب في معاشرة اللئام وما ينبغي أن يعاملوا به. قال المفضل: أول من قال ذلك ملك من ملوك حمير كان عنيفاً على أهل مملكته، يغصبهم أموالهم، ويسلبهم ما في أيديهم. وكانت الكهنة تخبره أنهم سيقتلونه فلا يحفل بذلك. وإن امرأته سمعت أصوات السؤال فقالت: إني لأرحم هؤلاء لما يلقون من الجهد ونن في العيش الرغد، وإني لأخاف عليك أن يصيروا سباعاً وقد كانوا لنا أتباعاً. فرد عليها: جوع كلبك يتبعك. وأرسلها مثلاً. فلبث بذلك زماناً، ثم أغزاهم فغنموا ولم يقسم فيهم شيئاً، فلما خرجوا من عنده قالوا لأخيه وهو أميرهم: قد ترى ما نحن فيه من الجهد، ونحن نكره خروج الملك منكم أهل البيت إلى غيركم فساعدنا على قتل أخيك واجلس مكانه، وكان قد عرف بغيه واعتداءه عليهم فأجابهم إلى ذلك، فوثبوا عليه فقتلوه. فمر به عامر بن جذيمة وهو مقتول، وقد سمع بقوله: جوع كلبك يتبعك. فقال: ربما أكل الكلب مؤدبه إذا لم ينل شبعه. فأرسلها مثلاً.

اجعل ذلك في سر خميرة

أي، اكتم ما فعلت ولا تعلمه أحداً.

جاء بالشوك والشجر

يضرب لمن جاء بالشيء الكثير من كل ما كان من جيش عظيم وغيره.

جاوز الحزام الطبيين

الطبي لذوات الحافر والسباع كالضرع لغيرها. يضرب هذا عند بلوغ الشدة منتهاها. وكتب عثمان إلى علي رضي الله عنهما لما حوصر: أما بعد، فإن السيل قد بلغ الزبي، وجاوز الحزام الطبيين، وتجاوز الأمر بي قدره، وطمع في من لا يدفع عن نفسه.
وإنك لم يفخر عليك كفاخـر ضعيف ولم يغلبك مثل مغلب
ورأيت القوم لا يقصرون دون دمي.
فإن كنت مأكولاً فكن أنت آكلي وإلا فأدركني ولمـا أمـزق

جاحش عن خيط رقبته

خيط الرقبة، نخاعها. وجاحش، دافع. يضرب لمن دافع عن نفسه. قلت: أصله من الجحش الذي هو سحج الجلد. يقال: أصابه شيء فجحش وجهه، أي قشره. ومنه الحديث: فحخش شقه الأيمن. والدافع عن نفسه يجحش ويجحش.

جاء بقرني حمار

إذا جاء بالكذب والباطل. وذلك أن الحمار لا قرن له، فكأنه جاء بما لا يمكن أن يكون.

أجر ما استمسكت

يضرب للذي يفر من الشر. أي لا تفتر من الهرب وبالغ فيه.

جمع له جراميزك

جراميز الرجل، جسده وأعضاؤه يضرب لمن يؤمر بالجلد في العمل. وجراميز الثور وغيره قوائمه. يقال: ضم الثور جراميزه ليثب. قال الهذلي يصف حمار وحش:
واصحم حام جراميزه حزابية حيدى بالدحال

اجعله في وعاء غير سرب

قال أبو عبيد: يضرب في كتمان السر. وأصله في السقاء السائل، وهو السرب. يقول: لا تبد سرك أبداء السقاء ماءه. وتقديره اجعله في وعاء غير سرب ماؤه لأن السيلان يكون للماء.

جشمت إليك عرق القربة

أي، تكلفت لك ولا جلك أمراً صعباً شديداً. وسيأتي شرحه في باب الكاف، إن شاء الله تعالى.

أجناؤها أبناؤها

قال أبو عبيد: الأجناء هم الجناة. والأبناء البناة. والواحد جان وبان. وهذا جمع عزيز في الكلام أن يجمع فاعل على أفعال. قال: واصل المثل أن ملكاً من ملوك اليمن غزا وخلف بنتاً، وإن ابنته أحدثت بعده بنياناً قد كان أبوها يكرهه، وإنما فعلت ذلك برأي قوم من أهل مملكته أشاروا عليها، وزينوه عندها. فلما قدم الملك وأخبر بمشورة أولئك ورأيهم أمرهم بأعيانهم أن يهدموه وقال عند ذلك: أجناؤها ابناؤها فذهبت مثلاً. يضرب في سوء المشورة والرأي. وللرجل يعمل الشيء بغير روية ثم يحتاج إلى نقض ما عمل وإفساده. ومعنى المثل أن الذين جنوا على هذه الدار بالهدم هم الذين عمروها بالبناء.

الجرع أروى والرشيف أنقع

الرشف والرشيف، المص للماء. والجرع بلعه. والنقع، تسكين الماء للعطش. أي أن الشراب الذي يترشف قليلاً قليلاً أقطع للعطش وأنجع، وإن كان فيه بطء. وقوله أروى أي أسرع رياً وقوله أنقع أي أثبت وأدوم ريا، من قولهم: سم ناقع. أي ثابت. يضرب لمن يقع في غنيمة فيؤمر بالمبادرة والإقطاع لما قدر عليه قبل أنن يأتيه من ينازعه. وقيل: معناه أن الاقتصاد في المعيشة أبلغ وأدوم من الإسراف فيها.

جمل واجتمل

يقال: جملت الشحم وأجتملته أي أذنبته. وجمل بالتشديد للكثرة والمبالغة. يضرب لمن وقع في خصب وسعة.

جلب الكت إلى وئية

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 72

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 73

الكت، الرجل الكسوب الجموع. والوئية، المرأة الحفوظ. يضرب للمتوافقين في أمر. ونصب جلب على المصدر، أي أجلب الشيء جلب الكت.

جزيته كيل الصاع بالصاع

إذا ُكافأت الإحسان بمثله والإساءة بمثلها. قال:
لا نألم الجرح ونجزي به الأعداء كيل الصاع بالصاع.

جاء بالهيل والهيلمان

إذا جاء بالمال الكثير. وقال أبو عبيد: أي بالرمل والرمح. ويروى الهيلمان، بضم اللام، على وزن الحيقطان. وقال بعضهم: هو فعلمان من الهيل.

جاء بالتره

هو واحد الترهات. وكذلك جاء بالتهاته، وهي جمع التهتهة، وهي اللكنة. قال القطامي:
ولم يكن ما اجتدينا من مواعدها إلا التهاته والأمنية السقـمـا
قال الأصمعي. الترهات، الطرق الصغار غير الجادة التي تتشعب عنها، الواحدة ترهة، فارسي معرب، ثم استعير في الباطل فقيل: الترهات البسابس، والترهات الصحاصح، وهي من أسماء الباطل. وربما جاء مضافاً يقولون: ترهات البسابس، وهي قلب السباسب، يعنون المفاوز. قال الليث: معناه جئت بالكذب والتخليط. قال: والبسابس التي فيها شيء من الزخرفة. وقال الأخفش: هي التي لا نظام لها. وناس يقولون: تره والجمع تراريه. وأنشدوا:
ردوا بني الأعرج أبلي من كثب قبل التراريه وبعد المطـلـب

جرى فلان السمة

أي جرى جري المسه، فحذف المضاف. يقال: سمه الفرس يسمه سموها إذا جرى جرياً لا يعرف الأعياء فهو سامه والجمع سمه. قال رؤبة: يا ليتنا والدهر جرى سمه السمه أي يجري جري السمه التي لا تعرف الأعياء. ويروى: ليت المنا والدهر جري المسه أراد المنايا فحذف كما قال الآخر:
ولبس العجاجة والخافقات ترك المنا برؤس الأسل
والمعنى: ليت المنايا لم يخلقها الله ولم يخلق الدهر، أي صروفه، حتى تمتعت بعشيقتي. ومثله:

جرى فلان السمهي

إذا جرى إلى غير أمر يعرفه. والمعنى جرى في الباطل.

جدع الله مسامعه

هذا من الدعاء على الإنسان والمسامع جمع المسمع وهو الأذن. وجمعها بما حولها كما يقال غليظ المشافر وعظيم المناكب. ويقال أيضاًِ جدعاً له. كما يقولون عقراً حلقا.

جاء بأم الربيق على أريق

قال أبو عبيد: أم الربيق الداهية، وأصله من الحيات. قلت: هذا التركيب يدل على شيء يحيط بالشيء ويدور به كالربقة. وربقت فلاناً في هذا الأمر، أي أوقعته فيه حتى ارتبق وأرتبك، فكأن أم الربيق داهية تحيط وتدور بالناس حتى يرتبقوا ويرتبكوا فيها. وأما أريق فأصله وريق تصغير أورق مرخماً وهو الجمل الذي لونه لون الرماد. وقال أبو زيد: هو الذي يضرب لونه إلى الخضرة، فأبدل من الواو المضمومة همزة كما قالوا وجوه وأجوه ووقتت وأقتت. قال الأصمعي: تزعم العرب أنه من قول رجل رأى الغول على جمل أورق. ويقال أيضاً في مثله:

جاء بالرقم الرقماء

إنما أنت وصفه لأنه أراد بالرقم الداهية، والرقماء تأكيد له كما يقال: جاء بالداهية الدهياء. ويقال: وقع فلان في الرقم الرقماء إذا وقع فيما لا يقوم منه. والرقم بكسر القاف لا غير.

جانيك من تجني عليك

يقال جنى عليه جناية. وأراد صاحب جنايتك من يجني عليك فلا تأخذ بالعقوبة غيره. وأجود من هذا ما قاله أبو عمرو قال: يعني الذي يجني يلحقك عاره وتعير بقبيحه. قلت: يريد الذي يجني لك الخير هو الذي يجني عليك الشر. فقولهم: جانيك، معناه الجاني لك. يقال: جنيت له، ثم تحذف اللام فيقال: جنيته، كما يقال: كلت له ووزنت له، ثم تحذف اللام فيقال كلته ووزنته. قال تعالى: "وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون". أي كالوا لهم أو وزنوا لهم. قال الشاعر:
ولقد جنيتك أكمؤا وعساقلا ولقد نهيتك عن بنات الأوبر
أي جنيت لك.

أجن الله جباله

قال الأصمعي: المعنى أجن الله جبلته، أي خلقته. قلت: لعله أراد أماته الله فيجن، أي يستر بأن يدفن. وقال غير الأصمعي: أجن الله جباله، أي الجبال التي يسكنها، أي أكثر الله فيها الجن، أي أوحشها.

جاء برأس خاقان

قد مضى هذا المثل على وجه آخر في باب الباء، فيما جاء على أفعل منه عند قوله: أبأي ممن جاء برأس خاقان.

جاء السيل بعود سبي

أي غريب جلبه من مكان بعيد. يضرب للنائي النازح.

جاور ملكاً أو بحراً

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 73

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 74

يعني أن الغنى يوجد عندهما. يضرب في التماس الخصب والسعة من عند أهلها.

جديدة في لعيبة

هذا تصغير يراد به التكبير، أي جد ستر في لعب، كما قيل: رب جد جره اللعب.

جلاء الجوزاء

يقال للذي يبرق ويرعد جلاء الجوزاء، وهو بوارحها، وذلك أنها تطلع غدوة فتأتي بريح شديدة ثم تسكن. يضرب للذي يتوعد ثم لا يصنع شيئاً. وتقديره، توعده جلاء الجوزاء، فحذف للعلم به.

جاء بمطفئة الرضف

أي، جاء بأمر أشد مما مضى. وأصل الرضف الحجارة المحماة، أي جاء بداهية أنستنا التي قبلها فأطفأت حرارتها. يضرب في الأمور العظام. وفي حديث حذيفة رضي الله تعالى عنه حين ذكر الفتن فقال: أتتكم الدهيم، ويروى الدهيماء، ويروى الرقيطاء، ترمي بالنشف والتي تليها ترمي بالرضف.

جاء أبوها برطب

قالوا: أن أول من قال ذلك شيهم بن ذي النابين العبدي. وكان فيه فشل وضعف رأي، فأتى أرض النبيط في نفر من قومه، فهوي جارية نبطية حسناء فتزوجها، فنهاه قومه وقال في ذلك أخوه محارب:
لم يعد شيهم أن تزوج مثـلـه فهما كشيهمة علاها شـيهـم
ورسوله الساعي إليهـا تـارة جعل وطوراً عضرفوط ملجم
في أبيات بعدهما لا فائدة في ذكرها. ثم أن شيهما سار وحمل معه امرأته حتى أتى قومه وما فيهم إلا ساخر منه، لاثم له، فلما رأى ذلك أنشأ يقول:
ألم ترني الأم على نـكـاحـي فتاة حبها دهـراً عـنـانـي
رمتني رمية كلمـت فـؤادي فأوهى القلب رمية من رماني
فلو وجد ابن ذي النابين يومـاً بأخرى مثل وجدي ما هجاني
ولكن صد عنه السهـم صـدا وعن عرض على عمد أتاني
فلما سمع القوم ذلك منه كفوا عنه. ثم أن أباها قدم زائراً لها من أرضه وحمل معه هدايا منها رطب وتمر، فلما ذاق شيهم الرطب أعجبته حلاوته فخرج إلى نادي قومه وقال:
ما مراء القنوم في جمع الندى ولقد جاء أبوهـا بـرطـب
فذهبت مثلاً. يضرب لمن يرضى بالسير الحقير.

جنيتها من مجتني عويص

ويروى، عريض، أي من مكان صعب أو بعيد.

جئني به من حسك وبسك

ويروى، من عسك وبسك أي ائت به على كل حال من حيث شئت. وقال أبو عمرو: أي من جهدك. ويقال: لأطلبنه من حسي وبسي، أي من جهدي. وينشد:
تركت بيتي من الأشياء قفراً مثل أمس
كل شيء كنت قد جمع ت مـن حـســي وبـــســـي
قلت: الحس، من الإحساس. والبس، التفريق. يقال: بست المال في البلاد، أي فرقته. والمعنى من حيث تدركه بحاستك، أي من حيث تبصره. ومن روى عسك فيجوز أن تكون العين بدلاً من الحاء، ويجوز أن يكون من العس الذي هو الطلب، أي من حيث يمكن أني يطلب وبسك أي من حيث تركه برفقك، من أبس بالناقة إذا رفق بها عند الحلب، أو من حيث انبست أي تفرقت. يضرب في استفراغ الوسع في الطلب حتى يعذر.

جاء ينفض مذرويه

المذروان، فرعا الأليتين، ولا واحد لهما، ولو كان لهما واحد لوجب أن يقال في التثنية مذريان، كما مقليان في تثنية المقلى. وعبر بنفض مذرويه عن سمنه، والعرب تنفي الغناء عن السمين اللحيم وتثبته للمختلق الهضيم، ولهم فيه أشعار كثيرة ليس هذا موضعها. يضرب لمن يتوعد من غير حقيقة.

جاء بالشعراء الزباء

إذا جاء بالداهية الدهياء في حديث الشعبي، وقد سئل عن مسئلة فقال: زباء ذات وبر، لو سئل عنها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لعضلت بهم. يضرب للداهية يجنيها الرجل على نفسه.

جلدك لا كدك

يروى بالرفع على معنى جدك يغني عنك لا كدك. ويروى بالفتح أي أبغ جدك لا كدك.

جليس السوء كالقين إن لم يحرق ثوبك دخنه

جاء بالضلال ابن السهبلل

يعني بالباطل. قال الأصمعي: جاء الرجل يمشي سبهللا، إذا جاء وذهب في غير شيء. قال عمر رضي الله عنه: إني لأكره أن أرى أحدكم سبهللا لا في عمل دنيا ولا في عمل آخرة.

جاء بدبى دبي ودبى دبيين

الدبى، الجراد. ودبي، موضع واسع. أي جاء بالمال الكثير كدبي ذلك الموضع.

جاء بالهيء والجيء

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 74

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 75

أي، بالطعام والشراب. وقال الأموي: هما اسمان من قولهم جأجأت بالإبل إذا دعوتها للشرب. هأهأت بها إذا دعوتها للعلف. وقال بعضهم: هما بكسر الهاء والجيم. وأما قولهم: لو كان ذلك في الهيء والجيء ما نفعه. فهذان بالفتح. وأنشد:
وما كان على الهيء ولا الجيء امتداحيكا
أي، لم أمدحك لجر منفعة.

الجار ثم الدار

هذا كقولهم: الرفيق قبل الطريق. وكل منها يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال أبو عبيد: كان بعض فقهاء أهل الشام يحدث بهذا الحديث، ويقول: معناه إذا أردت شراء دار فسل عن جوارها قبل شرائها.

جرع وأوشال

الجرع، شرب الماء ريا. والوشل، الماء القليل. أي المال قليل وأنت مسرف. يضرب للمبذر، أي ترفق وإلا أتيت على مالك.

جالني أجالك فالدمس من فعالك

جالني، من المجالاة، وهي المبارزة، من قولهم: جلا عن الوطن جلاء، إذا خرج. والدمس، الكتمان يقال: دمست عليه الخبر، أي كتمته. يقول: بارزني للعداوة أبارزك فشأنك المخاتلة.

جلزوا لو نفع التجليز

يقال: جلزت السكين جازاً، إذا شددت مقبضه بعلباء البعير، وكذلك التجليز أي أحكموا أمرهم لو نفع الأحكام، يعني هربوا ولكن القدر ألحق بهم ولم ينفعهم الحذر.

جد لامرئ يجد لك

أي، أحب له خيراً يحب لك مثله.

الجذب امرأ للهزيل

يضرب للفقير يصيب المال فيطغي.

جري الشموس ناجز بناجز

يضرب لمن يعاجل الأمر فيكافئ بالخير والشر من ساعته.

اجعلني من أدمة أهلك

الأدمة، الوسيلة، وهي القرب، أي اجعلني من خاصتهم.

اجعل مكان مرحب نكراً

أي، اجعل مكان بشرك وتحيتك قضاء الحاجة.

جف حجرك وطاب نشرك، أكلت دهشاً. وحطبت قمشاً

قال يونس بن حبيب: كان من حديث هذين المثلين أن امرأة زارتها بنت أخيها وبنت أختها فأحسنت تزويدهما. فلما كان عند رجوعهما قالت لابنة أخيها: جف حجرك وطاب نشرك. فسرت الجارية بما قالت لها عمتها. وقالت لابنة أختها: أكلت دهشاً وحطبت قمشاً. فوجدت بذلك الصبية وشق عليها ما قالت لها خالتها فانطلقت بنت الأخ إلى أمها مسرورة فقالت لها أمها: ما قالت لك عمتك? فقالت: قالت لي خيراً ودعت لي قالت: وكيف قالت لك ما قالت? قالت: جف حجرك وطاب نشرك. قالت: أي بنية، ما دعت لك بخير، ولكن دعت بأن لا تشمي ولداً أبداً فيبل حجرك ويغير نشرك. وانطلقت الأخرى إلى أمها فقالت لها أمها: ما قالت لك خالتك? قالت: وما عسى أن تقول لي، دعت الله علي. قالت: وكيف قالت لك ما قالت? قالت: أكلت دهشاً وحطبت قمشاً. قالت: بل دعت الله لك يا بنية إن يكثر ولدك فينازعوك في المال ويقمشوك حطبا.

أجاءه الخوف إلى شر شمر

المعنى: ألجأه الخوف ورده إلى شر شديد.

جارك الأذنى لا يعلك الأقصى

أي، احفظ أدنى جارك لا يقدر عليك ولا على لومك الأقصى.

جد صفير الحنظلي

أصل هذا أن رجلين أحدهما من بني سعد، والأخر من بني حنظلة خرجا فاحتفرا أزبيتين، فجلس كل واحد منهما في واحدة وجعلا إمارة ما بينهما الصفير إذا أبصر صيداً. فزعموا أن أسداً مر بالحنظلي فأخذ برجله فخبطه الأسد بيده فغوث وصاح صياحاً شديداً. فقال السعدي: جد صفير الحنظلي، أي اشتد، أي فالهرب فإن قربه شر. يضرب لمن قرب منه الشر ودنا.

سنجربك إذن

وذلك أن رجلاً مات فجعل أخوه يبكيه ويقول: وأخاه كان خيراً مني إلا أني أعظم جردانا منه. فقالت امرأة الميت: سنجربك إذن. فذهبت مثلاً. يضرب لمن ادعى أمراً فيه شبهة.

جباب فلا تعن أبرا

قالوا: الجباب، الجمار. قلت: والصحيح أن الجباب جمع جب، وهو وعاء الطلع. ويقال له أيضاً جف. وفي الحديث أن دفين النبي صلى الله عليه وسلم جعل في جب طلعة. والأبر، تلقيح النخل وأصلاحه. يضرب للرجل القليل الخير، أي هو جباب ولا طلع فيه، فلا تعن في إصلاحه.

جد امرئ في قائته

أي، يتبين جدك في قائتك الذي يقوتك.

جاءتهم عواناً غير بكر

أي، مستحكمة غير ضعيفة. يريدون حرباً أو داهية عظيمة.

جاء بالتي لا شوى لها

الشوى، الأطراف مثل اليدين والرجلين والرأس من الأدميين وغيرهم. أي جاء بالداهية التي لا تخطئ، أو التي لا طرف لها ولا نهاية.

جبان ما يلوي على الصفير

ما يلوي، أي ما يعرج، لشدة جبنه على من يصفر به.
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 75

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 76

أجر الأمور على أذلالها

أي، على وجوهها التي تصلح وتسهل وتتيسر. ويقال: جاء به على إذلاله، أي على وجهه. ويقال: دعه على إذلاله، أي على حاله. أنشد أبو عمرو للخنساء:
لتجر المنية بعد الفتى المغادر بالمحو إذلالها
ويروى المغادر بالنعف وهما موضعان. وأرادت لتجر المنية على أذلالها، فحذفت على فوصل الفعل فنصب. وواحد الأذلال ذل بالكسر. قال المرزوقي: ومعنى البيت لست آسى على شيء بعده فلتجر المنية على طرقها.

الجمل من جوفه يجتر

يضرب لمن يأكل من كسبه، أو ينتفع بشيء يعود عليه بالضرر.

جاء نافشاً عفريته

إذا جاء غضبان. والعفرية، عرف الديك. وكذلك العفراء.

جاء بالشقر والبقر وببنات غير

ويروى بالصقر. والغير، الاسم من قولك غيرت الشيء فتغير ويراد ههنا جاء بالكلام المغير عن وجه الصدق. والشقر والبقر، اسم لما لا يعرف، أي جاء بالكذب الصريح.

جاء وفي رأسه خطة

إذا جاء وفي نفسه حاجة قد عزم عليها. والأصل في هذا أن أحدهم إذا حزبه أمر أتى الكاهن فخط له في الأرض يستخرج ما عزم عليه. والخطة، فعلة بمعنى مفعولة نحو الغرفة من الماء، واللقمة والنجعة اسم لما ينتجع. أخذت من الخط الذي يستعمله الكاهن في وقوع الأمر.

جاء بصحيفة المتلمس

إذا جاء بالداهية. وقد ذكرت قصته في باب الصاد.

جعل الله رزقه فوت فمه

أي جعله بحيث يراه ولا يصل إليه.

جندلتان اصطكتا

يضرب للقرنين يتصاولان.

جزيته حذو النعل بالنعل

يضرب في المكافأة ومساواتها.

جاره لحم ظبي

يضرب لمن لا غناء عنده. قال الشاعر:
فجارك عند بيتك لحم ظبي وجاري عند بيتي لا يرام

جمالك

أي الزم ما يورثك الجمال. يعني أجمل ولا تفعل ما يشينك.

جاء صريم سحر

إذا جاء آيساً خائباً. قاله ابن الأعرابي وأنشد:
أيذهب ما جمعت صريم سحر طليفا إن ذا لهو العـجـيب
قلت: الصريم، بمعنى المصروم. والسحر، الرئة. والطليف، بالطاء والظاء، المجان. يقال: ذهب فلان بغلامي طليفاً. أي بلا ثمن. وتقدير البيت أيذهب ما جمعته وأنا مجهود مكدود مجاناً. والصرم القطع.

جاء بذات الرعد والصليل

إذا جاء بشر وعر. يعني جاء بسحابة ذات رعد. والصيل، الصوت.

اجعلوا ليلكم ليل أنقد

يضرب في التحذير لأن القنفد لا ينام ليه.

جاؤوا على بكرة أبيهم

قال أبو عبيد: أي جاؤوا جميعاً لم يتخلف منهم أحد. وليس هناك بكرة في الحقيقة وقال غيره: البكرة، تأنيث البكر، وهو الفتى من الإبل. يصفهم بالقلة، أي جاؤوا بحيث تحملهم بكرة أبيهم قلة. وقال بعضهم: البكرة ههنا التي يستقى عليها أي جؤوا بعضهم على أثر بعض، كدوران البكرة على نسق واحد. وقال قوم: أرادوا بالبكرة الطريقة كأنهم قالوا جاؤوا على طريقة أبيهم، أي يتقيلون أثره. وقال ابن الأعرابي: البكرة جماعة الناس. يقال: جاؤوا على بكرتهم، وبكرة أبيهم، أي بأجمعهم. قلت: فعلى قول ابن الأعرابي يكون على في المثل بمعنى مع، أي جاؤوا مع جماعة أبيهم، أي مع قبيلته. ويجوز أن يكون على من صلة معنى الكلام، أي جاؤوا مشتملين على قبيلة أبيهم. هذا هو الأصل. ثم يستعمل في اجتماع القوم وإن لم يكونوا من نسب واحد. ويجوز أن يراد بالبكرة التي يستقى عليها، وهي إذا كانت لأبيهم اجتمعوا عليها مستقين لا يمنعهم عنها أحد. فشبه اجتماع القوم في المجيء باجتماع أولئك على بكرة أبيهم.

جئت بأمر بجر وداهية نكر

البجر، الأمر العظيم. وكذلك البجري والجمع البجاري

جذ الله دابرهم

أي استأصلهم وقطع بقيتهم. يعني كل من يخلفهم ويدبرهم. وقال:
آل المهلب جذ الـلـه دابـرهـم أمسوا رماداً فلا أصل ولا طرف
أي، لا أصل ولا فرع.

جلوا قماً بغرفة

الغرفة، الثمام بعينه لا يدبغ به وإنما يجذ للمكانس. والغرف، بسكون الراء، يدبغ به. والقم، الكنس. وأصل هذا أن رجلاً سأل إعرابياً عن قوم كانوا في محلة فقال له: جلوا قماً بغرفة. أي جلوا وتحولوا عن محلتهم، فخلا ذلك الموضع منهم، وعفت آثارهم، كما يقم المكان بالغرفة. ونصب قماً على المصدر كأنه قال: جلوا جلاء كاملاً تاماً فكان مكانهم قم منهم قماً بمكنسة.

جاءوا عن آخرهم ومن عند آخرهم

أي، لم يبق منهم أحد إلا جاء.
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 76

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 77

جرف منهال وسحاب منجال

يقولون: كيف فلان? فيقال: جرف منهال، أي لا حزم عنده ولا عقل. والجرف، ما تجرفته السيول من الأودية. والمنهال، والمنهار. يقال: هلته فانهال، أي صببته فانصب. والسحاب المنجال، المنكشف. يراد أنه لا يطمع في خيره.

جدب السوء يلجئ إلى نجعة سوء

يعني، أن الأمور كلها تتشاكل في الجودة والرداءة، فإذا كان جدب الزمان بلغ النهاية في الشر ألجأ إلى شر نجعة ضرورة.

جاء يفري الفري ويقد

أي، يعمل العجب. يضرب لمن أجاد العمل وأسرع فيه. قلت: الفري فعيل بمعنى مفعول. وفري بالكسر يفري فرى تحير ودهش. والفري، القطع والشق. وكذلك القد. فقولهم: يفري الفري، أي يعمل العمل يفري فيه، أي يتحير من عجيب الصنعة فيه. ومنه قوله تعالى: "لقد جئت شيئاً فريا". أي شيئاً يتحير فيه، ويتعجب منه.

جزاه جزاء شولة

هذا مثل قولهم: جزاء سنمار، في أنهما صنعا خيراً فجزيا بصنيعهما شراً. وقال:
جزتنا بنو لحيان أمس بفعلنا جزاء سنمار بما كان يفعل
والسنمار، في لغة هذيل، اللص. وذلك أنهم يقولون للذي لا ينام الليل سنمار، فسمي اللص به لقة نومه.

جاء كأن عينيه في رمحين

يضرب لمن اشتد خوفه، ولمن اشتد نظره من الغضب. وكأنهم عنوا به برق بصره كما يبرق السنان.

جاء ترعد فرائصه

الفريصة، لحمة بين الثدي ومرجع الكتف. وهما فريصتان إذا فزع الرجل أو الدابة أرعدتا منه. يضرب للجبان يفزع من كل شيء.

جاء يتخرم زنده

أي، جاء ساكناً غضبه. يقال: تخرم زند فلان، أي سكن غضبه. ويقال: معناه جاء يركبنا بالظلم والحمق. فإن صح هذا فهو من قولهم: تخرمهم الدهر. واخترمهم، أي استأصلهم.

جليلة يحمي ذراها الأرقم

الجليل، الثمام. والذري، الكنف. يضرب للضعيف يكنفه القوي ويعينه.

جليف أرض ماؤه مسوس

الجليف من الأرض، الذي جلفته السنة، أي أخذت ما عليها من النبات. والمسوس، الماء العذب المذاق المريء في الدواب. يضرب لمن حسنت أخلاقه وقلت ذات يده.

جعلت لي الحابل مثل النابل

يقال: أن الحابل صاحب الحبالة التي يصاد بها الوحش. والنابل صاحب النبل، يعني الذي يصيد بالنبل. ويقال: أن الحابل في هذا الموضع السدي. والنابل اللحمة. يضرب للمخلط. ومثله: اختلط الحابل بالنابل.

جذب الزمام يريض الصعاب

يضرب لمن يأبى الأمر أولاً ثم ينقاد آخراً.

جد جراء الخيل فيكم يا قثم

يضرب في التحام الشر بين القوم.

جلوف زاد ليس فيها مشبع

الجلوف، جمع جلف وهو الظرف والوعاء. والمشبع، الشبع. يضرب لمن يتقلد الأمور ولا غناء عنده.

جاء بطارفة عين

أي بشيء تتحير له العين من كثرته. يقال: عين مطروفة، إذا أصيب طرفها بشيء.

جهل من لغنانين سبلات

اللغنون، مدخل الأودية. وسبلات، جمع سبيل مثل طرقات وصعدات في جمع طريق وصعيد. وأصل المثل أن عمرو بن هند الملك قال: لأجللن مواسل الربط مصبوغاً بالزيت، ثم لأشعلته بالنار. فقال رجل: جهل من لغانين سبلات. أي لم يعلم مشقة الدخول من سبلات لغانين، يريد المضايق منها. ومواسل في رأس جبل من جبال طيئ. يضرب مثلاً لمن يقدم على أمر وقد جهل ما فيه من المشقة والشدة.

جاء يسوق دبي دبيين

أي، يسوق مالاً كثيراً. وأنشد:
باتت وبات ليلها دبى دبي
أي ليلها ليل شديد.

جاؤوا بالحظر الرطب

أي جاؤوا بالكثير من الناس. وقال:
أعانت بنو الحريش فـيهـا بـأربـع وجاءت بنو العجلان بالحظر الرطب
يمدح بني العجلان. وأصل الحظر الحطب الرطب يجعل منه الحظيرة للإبل، ويحتاج فيها إلى كثرة، فصار عبارة عن الشيء الكثير. ويعبر به أيضاً عن النميمة ومنه قوله: ولم بمش بني القوم بالحظر الرطب. أي بالنميمة. كما قيل في قوله تعالى: "حمالة الحطب". في بعض الأقوال.

جاء بما صأى وصمت

يقال: صأى يصأى صئياً، ثم يقلب فيقال صاء يصيء، مثل جاء يجيء. ومن هذا قولهم: تلدغ العقرب وتصيء. أرادوا بما صأى الشاء والإبل، وبما صمت الذهب والفضة. ويقال: بل معناه، جاء بالحيوان والجماد، أي بالشيء الكثير. ومن هذا قول قصير بن سعد للزباء: جئتك بما صأى وصمت. أي بكل شيء.

جاء بما أدت يد إلى يد

يضرب عند الخيبة، ويراد به تأكيد الأخفاق.

جبت ختونة دهراً

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 77

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 78

الجب، القطع. والختونة، المصاهرة. ودهر، اسم رجل تزوج امرأة من غير قومه فقطعته عن عشيرته فقيل هذا. يضرب لكل من قطعك بسبب لا يوجب القطع.

جرجر لما عضه الكلوب

الجرجرة، الصوت. والكلوب، مثل الكلاب، وهو المهماز يكون في خف الرائض ينخس به جنب الدابة. وهذا مثل قولهم: دردب لما عضه الثقاب. يضرب لمن ذل وخضع بعد ما عز وامتنع.

جدك يرعي نعمك

يضرب للمضياع المجدود.

جاء بالحلق والإحراف

الحلق، بكسر الحاء الكثير من المال. وأحرف الرجل وأهرف إذا نما ماله. يضرب لمن جاء بالمال الكثير.

أجبن من المنزوف ضرطاً

قالوا: كان من حديثه أن نسوة من العرب لم يكن لهن رجل، فزوجن أحداهن رجلاً كان ينام الضحى، فإذا أتينه بصبوح قلن: قم فاصطبح فيقول: لو نبهتنني لعادية. فلما رأين ذلك قال بعضهن لبعض: إن صاحبنا لشجاع، فتعالين حتى نجربه. فأتينه كما كن يأتينه، فأيقظنه. فقال: لو لعادية نبهتنني. فقلن: هذه نواصي الخيل. فجعل يقول: الخيل الخيل ويضرط حتى مات. وفيه قول آخر. قال أبو عبيدة: كانت دختنوس بنت لقيط بن زرارة تحت عمرو بن عمرو، وكان شيخاً أبرص، فوضع رأسه يوماً في حجرها فهي تهمهم في رأسه إذا جخف عمرو، وسال لعابه، وهو بين النائم واليقظان، فسمعها تؤفف. فقال: ما قلت? فحادت عن ذلك. فقال لها: أيسرك أن أفارقك? قالت: نعم! فطلقها. فنكحها فتى جميل جسيم من بني زرارة. قال محمد بنحبيب: نحكها عمير بن عمارة ابن معبد بن زرارة. ثم أن بكر بن وائل أغروا على بني دارم، وكان زوجها نائماً ينخر، فنبهته وهي تظن أن فيه خيراً. فقالت: الغارة! فلم يزل الرجل يحبق حتى مات. فسمي المنزوف ضرطاً. وأخذت دختنوس، فأدركهم الحي، فطلب عمرو بن عمرو أن يردوا دختنوس فأبوا. فزعم بنو دارم أن عمراً قتل منهم ثلاثة رهط، وكان في السرعان، فردوها إليه، فجعلها أمامه وقال:
أي خليليك وجدت خيراأألعظيم فيشة وأيراأم الذي يأتي العدو سيرا
وردها إلى أهلها. ويقال في حدثيه غير هذا. زعموا أن رجلين من العرب خرجا في فلاة فلاحت لهما شجرة. فقال واحد منهما لرفيقه: أرى قوماً قد رصدونا. فقال الرفيق: إنما هو عشرة. فظنه يقول عشرة. فجعل يقول: وما غناء اثنين عن عشرة? ويضرط حتى مات. ويقال فيه وجه آخر. زعموا أنه كانت تحت لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل امرأة من عنزة بن أسد بن ربيعة، يقال لها حذام بنت العتيك بن أسلم بن يذكر بقن عنزة بن أسد بن ربيعة، فولدت له عجل بن لجيم، والأوقص بن لجيم. ثم تزوج بعد حذام صفية بنت كاهل بن أسد بن خزيمة فولدت له حنيفة بن لجيم. ثم أنه وقع بين امرأتيه تنازع فقال لجيم:
إذا قالت حذام فصدقوها فإن القول ما قالت حذام
فذهبت مثلاً. ثم أن عجل بن لجيم تزوج الماشرية بنت نهرس بن بدر ابن بكر بن وائل، وكانت قبله عند الأحرز بن عون العبدي، فطلقها وهي نسء لأشهر. فقالت لعجل حين تزوجها: احفظ علي ولدي. قال: نعم. فلما ولدت سماه عجل سعدا. وشب الغلام فخرج به عجل ليدفعه إلى الأحرز بن عون وينصرف. وأقبل حنيفة بن لجيم من سفره فتلقاه بنو أخيه عجل فلم ير فيهم سعدا. وشب الغلام فخرج به عجل ليدفعه إلى الأحرز بن عون وينصرف. وأقبل حنيفة بن لجيم من سفره فتلقاه بنو أخيه عجل فلم ير فيهم سعدا، فسألهم عنه، فقالوا: انطلق به عجل إلى أبيه ليدفعه إليه. فسار في طلبه، فوجده راجعاً قد دفعه إلى أبيه. فقال: ما صنعت يا عشمة وهل للغلام أب غيرك? وجمع إليه بني أخيه، وسار إلى الأحرز ليأخذ سعدا، فوجده مع أبيه ومولى له، فاقتتلوا فخذله مولاه بالتنحي عنه. فقال له الأحرز: ابنك ابن بوحك الذي يشرب من صبوحك. فذهبت مثلاً. فضرب حنيفة الأحرز فجذمه بالسيف، فيومئذ سمي جذيمة. وضرب الأحرز حنيفة على رجله فحنفها، فسمي حنيفة، وكان اسمه أثال بن لجيم. فلما رأى مولى الأحرز ما أثاب الأحرز وقع عليه الضراط فمات. فقال حنيفة: هذا هو المنزوف ضرطا. فذهبت مثلاً. وأخذ حنيفة سعدا فرده إلى عجل، فإلى اليوم ينسب إلى عجل. ووجه آخر. زعموا أن المنزوف ضرطا دابة بين الكلب والذئب، إذا صيح بها وقع عليها الضراط من الجبن.

أجرأ من ذباب

وذلك أنه يقع على أنف الملك، وعلى جفن الأسد، وهو مع ذلك يذاد فيعود.

أجرأ من فارس خصاف

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 78

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 79

هو رجل من غسان، أجبن من في الزمان، يقف في أخريات الناس. وكان فرسه خصاف لا يجاري، فكان يكون أول منهزم. فبينا هو ذات يوم واقف جاء سهم فسقط في الأرض مرتزاً بين يديه، وجعل يهتز. فقال: ما اهتز هذا السهم إلا وقد وقع بشيء. فنزل وكشف عنه فإذا هو في ظهر يربوع. فقال: أترى هذا ظن أن السهم سيصيبه في هذا الموضع، لا المرء في شيء ولا اليربوع. فأرسلها مثلاً. ثم تقدم فكان من أشد الناس بأساً. هذا قول محمد بن حبيب. وزعم ابن الأعرابي في أصل هذا المثل، إن جد ملك من ملوك الفرس غزوهم، وكان عندهم أن جنود الملك لا يموتون، فشد فارس خصاف على رجل منهم فطعنه فخر صريعاً، فرجع إلى أصحابه فقال: ويلكم القوم أمثالكم يموتون كما نموت، فتعالوا نقارعهم، فشدوا عليهم وهزموهم. فضرب بفارس خصاف المثل لإقدامه عليهم. قال ابن دريد: خضاف، بالضاد المعجمة، اسم فرس، وفارسه أحد فرسان العرب المشهورين. هذا قوله، وغيره يورى بالصاد. وأما قولهم:

أجرأ من خاصي خصاف

فإنه رجل من باهلة، وكان له فرس اسمه أيضاً خصاف، فطلبه بعض الملوك للفحلة فخصاه. قال أبو الندي: هو حمل بن يزيد بن ذهل بن ثعلبة خصى خصاف بحضرة ذلك الملك. وفيه يقول الشاعر:
فتالله لو ألقى خصاف عـشـية لكنت على الأملاك فارس أشأما
أي فارس شؤم.

أجرأ من الماشي بترج

ترج، مأسدة مثل حلية وخفان.

أجرأ من خاصي الأسد

يقال أن حراثاً كان يحرث، فأتاه أسد فقال: ما الذي ذلل لك هذا الثور حتى يطيعك? قال: إني خصيته. قال: وما الخصاء? قال: أدن مني أركه. فدنا منه الأسد منقاداً، ليعلم ذلك، فشده وثاقاً وخصاه. فقيل: أجرأ من خاصي الأسد.

أجرى من الأيهمين

قالوا: هما السيل والجمل الهائج. ويقال أيضاً.

أجرى من السيل تحت الليل

أجود من حاتم

هو حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج. كان جواداً شجاعاً شاعراً مظفراً. إذا قاتل غلب، وإذا غنم نهب، وإذا سئل وهب، وإذا ضرب بالقداح سبق، وإذا أسر أطلق، وإذا أثرى أنفق، وكان أقسم بالله لا يقتل واحد أمه. ومن حديثه أنه خرج في الشهر الحرام يطلب حاجة فلما كان بأرض عنزة ناداه أسير لهم: يا أبا سفانة أكلني الأسار والقمل. فقال: ويحك ما أنا في بلاد قومي، وما معي شيء وقد أسأتني إذ نوهت بإسمي ومالك مترك. ثم ساوم به العنزيين واشتراه منهم فخلاه، وأقام مكانه في قده حتى أتى بفدائه فأداه إليهم. ومن حديثه أن ماوية امرأة حاتم حدثت أن الناس أصابتهم سنة فأذهبت الخف والظلف، فبتنا ذات ليلة بأشد الجوع، فأخذ حاتم عدياً، وأخذت سفانة فعللناهما حتى ناما، ثم أخذ يعللني بالحديث لأنام، فرققت له لما به منه الجهد فأمسكت عن كلامه لينام ويظن إني نائمة. فقال لي: أنمت? مراراً. فلم أجبه، فسكت، ونظر من وراء الخباء فإذا شيء قد أقبل، فرفع رأسه، فإذا امرأة تقول: يا أبا سفانة أتيتك من عند صبية جياع. فقال: أحضريني صبيانك فوالله لأشبعنهم. قالت: فقمت مسرعة فقلت: بماذا يا حاتم? فوالله ما نام صبيانك من الجوع إلا بالتعليل. فقام إلى فرسه فذبحه، ثم أجج ناراً ودفع إليها شفرة وقال: اشتوي وكلي وأطعمي ولدك. وقال لي: أيقظي صبيتك. فأيقظتهما. ثم قال: والله أن هذا للؤم أن تأكلوا وأهل الصرم حالهم كحالكم. فجعل يأتي الصرم بيتاً بيتاً ويقول: عليكم النار. فاجتمعوا وأكلوا، وتقنع بكسائه وقعد ناحية حتى لم يوجد من الفرس على الأرض قليل ولا كثير ولم يذق منه شيئاً. وزعم الطائيون أن حاتماً أخذ الجود عن أمه غنية بنت عفيف الطائية، وكانت لا تبقي شيئاً سخاء وجوداً.

أجود من كعب بن مامة

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 79

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 80

هو أيادي. ومن حديثه أنه خرج في ركب فيهم رجل من النمر بن قاسط في شهر ناجر، فضلوا، فتصافنوا ماءهم، وهو أن يطرح في القعب حصاة فيشرب كل إنسان بقدر واحد. فقعدوا للشرب، فلما دار القعب فانتهى إلى كعب أبصر النمري يحدد النظر إليه فآثره بمائه وقال للساقي: اسقي أخاك النمري. فشرب النمري نصيب كعب ذلك اليوم من الماء. ثم نزلوا من غدهم المنزل الآخر فتصافنوا بقية مائهم فنظر إليه النمري كنظره أمسه فقال كعب كقوله أمس. وارتحل القوم وقالوا: يا كعب ارتحل. فلم يكن به قوة للنهوض، وكانوا قد قربوا من الماء، فقال له: رد كعب إنك وراد. فعجز عن الجواب. فلما يئسوا منه، خيلوا عليه بثوب يمنعه من السبع أن يأكله وتركوه مكانه ففاظ فقال أبوه مامة يرثيه.
ما كان من سوقة أسقى على ظمأ خمراً بماء إذانا جـودهـا بـرد
من ابن مامة كعب حين عي بـه زو الـمـنـية إلا حـرة وقـد
أوفى على الماء كعب ثم قيل له رد كعب إنك وراد فـمـا ورد
زو المنية، قدرها. وعي به، أي عيت به الأحداث إلا أن تقتله عطشاً.

أجسر من قاتل عقبة

قال أبو عمرو القعيني: هو عقبة بن سلم من بني هناءة من أهل اليمن، صاحب دار عقبة بالبصرة. وكان أبو جعفر وجهه إلى البحرين، وأهل البحرين ربيعة، فقتل ربيعة قتلاً فاحشاً. قال: فانضم إليه رجل من عبد القيس، فلم يزل معه سنين، وعزل عقبة فرجع إلى بغداد ورحل العبدي معه، فكان عقبة واقفاً على باب المهدي بعد موت أبي جعفر، فشد عليه العبدي بسكين فوجأه في بطنه، فمات عقبة، وأخذ العبدي فأدخل على المهدي فقال: مات حملك على ما فعلت? فقال: إنه قتل قومي، وقد ظفرت به غير مرة إلا أني أحببت أن يكون أمره ظاهراً حتى يعلم الناس أني أدركت ثأري مه. فقال المهدي: إن مثلك لأهل أن يستبقي ولكن أكره أن يجترئ الناس على القواد. فأمر به فضربت عنقه. ويقال: إن الوجأة وقعت في شرجة منطقة عقبة، قال: فجعل المهدي يسائل العبدي والعبدي يبكي إلى أن دخل داخل فقال: يا أمير المؤمنين، مات عقبة. فضحك العبدي. فقال له المهدي مم كنت تبكي? قال: من خوف أن يعيش، فلما مات أيقنت أني أدركت ثأري.

أجبن من صافر

قال أبو عبيد: الصافر، كل ما يصفر من الطير. والصفير لا يكون في سباع الطير وإنما يكون في خشاشها ويصاد منها. وذكر محمد بن حبيب أنه طائر يتعلق من الشجر برجليه وينكس رأسه خوفاً من أن ينام، فيؤخذ فيصفر منكوساً طول ليلته. وذكر ابن الأعرابي أنهم أرادوا بالصافر المصفور به فقلبوه، أي إذا صفر به هرب. ويقولون في مثل آخر: جبان ما يلوي على الصفير. وأرادوا بالمصفور به التنوط، وهو طائر يحمله جبنه على أن ينسج لنفسه عشاً كأنه كيس مدلى من الشجر، ضيق الفم، واسع الأسفل، فيحترز فيه خوفاً من أن يقع عليه جارح، وبه يضرب المثل في الحذق فيقال اصنع من تنوط. وذكر أبو عبيدة أن الصافر هو الذي يصفر بالمرأة المريبة، وإنما يجبن لأنه وجل مخافة أن يظهر عليه. وأنشد بيتي الكميت على هذا، وهو قوله: أرجو لكم أن تكونوا في مودتكم ... وقد ذكرت القصة بتمامها والبيتين عند قولهم: قد قلينا صفيركم. في حرف القاف.

أجبن من ضفرد

زعم أبو عبيدة أن هذا المثل مولد. والضفرد، طائر من خشاش الطير، وقد ذكره الشاعر في شعره فقال:
تراه كاللـيث لـدى أمـنـه وفي الوغي أجبن من ضفرد

أجبن من كروان

هو أيضاً من خشاش الطير. قال الشاعر:
من آل أبي موسى ترى القوم حوله كأنهم الكروان أبـصـرن بـازيا

أجبن من ليل

الليلن اسم فرخ الكروان. ويقال أيضاً:

أجبن من نهار

النهار، اسم لفرخ الحباري.

أجبن من ثرملة

هي اسم للثعلبة.

أجبن من ثرملة

هي اسم للثعلبة.

أجبن من الرباح

وهو القرد.

أجبن من هجرس

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 80

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 81

زعم محمد بن حبيب أنه الثعلب. قال: ويقال أنه ولد الثعلب. قال: ويراد به ههنا القرد، وذلك أنه لا ينام إلا وفي يده حجر مخافة الذئب أن يأكله. قال: وتحدث رجل من أهل مكة أنه إذا كان الليل رأيت القرود تجتمع في موضع واحد، ثم تبيت مستطيلة الواحد منها في أثر الآخر، وفي يد كل واحد حجر لئلا ينام فيأكله الذئب، فإن نام واحد سقط من يده الحجر، ففزعت كلها، فيتحول الآخر فيصير قدامها، فيكون ذلك دأبها طول الليل، فتصبح من الموضع الذي باتت فيه على أميال جبناً منها وخوراً في طباعها.

أجرأ من قسورة

هو الأسد، فعولة من القسر.
وقولهم:

أجرأ من ذي لبد

هو الأسد أيضاً. ولبدته ما تلبد على منكبيه من الشعر.

أجول من قطرب

قالوا: هو دويبة تجول الليل كله لا تنام. ويقال فيها أيضاً: أسهر من قطرب. وفي الحديث: لا أعرفن أحدكم جيفة ليل قطرب نهار.

أجوع من كلبة حومل

هذه امرأة من العرب كانت تجيع كلبة لها، وهي تحرسها، فكانت تربطها بالليل للحراسة وتطردها بالنهار وتقول: التمسي لنفسك لا ملتمس لك. فلما طال ذلك عليها أكلت ذنبها من الجوع. قال الشاعر، وهو الكميت يذكر بني أمية، ويذكر أن رعايتهم للأمة كرعاية حومل لكلبتها:
كما رضيت جوعاً وسوء رعاية لكلبتها في سالف الدهر حومل
نباحاً إذا ُما الليل أظلم دونـهـا وغنما وتجويعاً ضلال مضلل

أجوع من زرعة

هي كلبة كانت لبني ربيعة الجوع، أماتوها جوعاً ونوعاً.

أجوع من لعوة

قالوا: هي الكلبة الحريصة، والجمع لعاء. ويقال: نعوذ بالله من لعوة الجوع ولوعته، أي حدته. واللعو، الحريص الجشع.

أجوع من ذئب

لأنه دهره جائع. ويقولون في الدعاء على العدو: رماه الله بداء الذئب أي بالجوع. هذا قول محمد بن حبيب. وقال غيره: معناه الموت، وذلك أن الذئب لا يصيبه من العلل إلا علة الموت، ولذلك يقولون في مثل آخر: أصح من الذئب. والأسد والذئب يختلفان في الجوع والصبر عليه، لأن الأسد شديد النهم، رغيب حريص، وهو مع ذلك يتحمل أن يبقى أياماً فلا يأكل شيئاً. والذئب وإن كان أقفر منزلاً، وأقل خصباً، وأكثر كداً وإخفاقاً، فلا بد له من شيء يلقيه في جوفه، فإن لم يجد شيئاً استعان بإدخال النسيم في جوفه. وجوف الذئب يذب العظم، وكذلك جوف الكلب، ولا يذيبان نوى التمر وهو أضعف من العظم.

أجوع من قراد

لأنه يازق ظهره بالأرض سنة وبطنه سنة لا يأكل شيئاً حتى يجد إبلاً.

أجل من الحرش

يضرب مثلاً لمن يخاف شيئاً فيبتلي بأشد منه. وأصله أن ضباً قال لحسله: يا بني، اتق الحرش. فقال: يا أبت، وما الحرش? قال: أن يأتي الرجل فيمسح يده على حجرك، ويفعل ويفعل. ثم أن حجره هدم بالمرداة، فقال الحسل: يا أبت، أهذا الحرش? فقال: يا بني هذا أجل من الحرش. وفي كلام بعضهم: رب ثدي منكم قد افترشه، ونهب قد احتوشه، وضب قد احترشه.

أجن من دقة

هو دقة بن عبابة بن أسماء بن خارجة. ذكر هذا المثل محمد بن حبيب، ولم يذكر له شيئاً.

أجبن من نعامة

وذلك أنها إذا خافت من شيء لا ترجع إليه بعد ذلك الخوف.

أجشع من أسرى الدخان

ذكر أبو عبيدة أنهم الذين كانوا قطعوا على لطيمة كسى، وكانوا من تميم. وذكر ابن الأعرابي أنهم كانوا من بني حنظلة خاصة، وإن كسرى كتب إلى المكعبر مردان، عامله على البحرين، أن أدعهم إلى المشقر وأظهر أنك تدعوهم إلى الطعام. فتقدم المكعبر في اتخاذ طعام على ظهر الحصن بحطب رطب، فارتفع منه دخان عظيم، وبعث إليهم يعرض الطعام عليهم، فاغتروا بالدخان وجاءوا فدخلوا الحصن فأصفق الباب عليهم، فغبروا هناك يستعملون في مهن البناء وغيره. فجاء الإسلام وقد بقي البعض منهم، فأخرجهم العلاء ابن الحضرمي، في أيام أبي بكر رضي الله عنه، فسار بهم المثل فقيل فيمن قتل منهم: ليس بأول من قتله الدخان. وأجشع من أسرى الدخان. وأجشع من الوافدين على الدخان. وأجشع من وفد تميم. وقال الشاعر في ذلك:
إذا ما مات ميت من تـمـيم فسرك أن يعيش فجيء بزاد
بخبز أو بسمـن أو بـتـمـر أو الشيء الملفف في البجاد
تراه يطوف في الآفاق حرصاًِ ليأكل رأس لقمان بـن عـاد
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 81

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 82

وما زح معاوية الأحنف، فما رئي مازحان أو قر منهما. فقال له: يا أحنف، ما الشيء الملفف في البجاد? فقال الأحنف: السخينة، يا أمير المؤمنين. أراد معاوية قول الشاعر: أو الشيء الملفف في البجاد. وهو الوطب من اللبن. وأراد الأحنف بقوله: السخينة. قول عبد الله بن الزبعري:
زعمت سخينة أن ستغلب ربها وليغلبن مغالـب الـغـلاب
وذلك أن قريشاً كانت تعير بأكل السخينة، وهي حساء من دقيق يتخذ عند غلاء السعر.

أجهل من فراشة

لأنها تطلب النار فتلقي نفسها فيها.

أجمع من نملة

ويقال: أجمع من ذرة. قال الشاعر في الذر وجمعها:
تجمع للوارث جمعا كما تجمع في قريتها الذر

أجرد من صخرة ومن صلعة

ويروى من صلعة، وهي الصخرة الملساء. والصلعة، ما يبرق من رأس الأصلع. وقيل: دخلت امرأة على عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكان حاسر الرأس، وكان أصلع. فدهشت المرأة فقالت: أبا غفر حفص الله لك. وأرادت أن تقول: أبا حفص غفر الله لك. فقال عمر رضي الله عنه: ما تقولين? فقالت: صلعت من فرقتك. وأرادت أن تقول: فرقت من صلعتك. قال الشيباني: قورهم أجرد جراد، أرادوا به رملة من رمال ندد لا تنبت شيئاً. وأجرد معناه أملس. قال أبو الندى: سميت جراداً لانجرادها.

أجمل من ذي العمامة

هذا مثل من أمثال أهل مكة. وذو العمامة، سعيد بن العاص بن أمية. وكان في الجاهلية إذا لبس عمامة لا يلبس قرشي عمامة على لونها. وإذا خرج لم تبق امرأة إلا برزت للنظر إليه من جماله. ولما أفضت الخلافة إلى عبد الملك بن مروان خطب بنت سعيد هذا إلى أخيها عمر وابن سعيد الأشدق، فأجابه عمرو بقوله:
فتاة أبوها ذو العمامة وابنه أخوها فما أكـفـاؤهـا
وزعم بعض أصحاب المعاني أن هذا اللقب إنما لزم سعيد بن العاص كناية عن السيادة، قال: وذلك لأن العرب تقول: فلان معمم، يريدون أن كل جناية يجنيها الجاني من تلك القبيلة والعشيرة فهي معصوبة برأسه، فإلى مثل هذا المعنى ذهبوا في تسميتهم سعيد بن العاص ذا العصابة، وذا العمامة.

أجود من هرم

هو هرم بن سنان بن أبي حارثة المري. وقد سار بذكر وجوده المثل. قال زهير بن أبي سلمى فيه:
إن البخيل ملوم حيث كان ولكن الجواد على علاته هرم
هو الجواد الذي يعطيك نائله عفـواً ويظـلـم أحـيانـاً فــينـــظـــلـــم
ووفدت ابنة هرم على عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال لها: ما كان الذي أعطى أبوك زهيراً حتى قابله من المديح بما قد سار فيه? فقالت: قد أعطاه خيلاً تنضى، وإبلاً تتوى، وثياباً تبلى، وما لا يفنى. فقال عمر رضي الله تعالى عنه: لكن ما أعطاكم زهير لا يبليه الدهر، ولا يفنيه العصر. ويروى أنها قالت: ما أعطى هرم زهيراً قد نسي. قال: لكن ما أعطاكم زهير لا ينسى.

أجود من الجواد المبر

هذا مثل يضربونه في الخيل لا في الناس.

أجرأ من أسامة

هو اسم الأسد، معرفة لا تدخله الألف واللام. وقال:
ولأنت أشجع من أسامة إذ دعيت نزال ولج في الذعر

أجرأ من ليث بخفان

خفان، مأسدة معروفة. وكذلك خفيفة، وحلية. وقال:
فتى هو أحيى من فتاة حـيية وأشجع من ليث بخفان خادر

أجهل من حمار

يعني حمار بن سويلك الذي يقال له أكفر من حمار.

أجهل من عقرب

لأنها تمشي بين أرجل الناس وتكاد تبصر.

أجهل من راعي ضان

وحديثه في باب الحاء مذكور.

أجفى من الدهر

أجدى من الغيث في أوانه

معناه: أنفع. يقال: ما يجدي عنك هذا، أي ما ينفع وما يغني. والجداء، ممدود، النفع وبناء أفعل من الأفعال شاذ، وحقه، أشد جداء.

أجرد من الجراد

لم يورد جمزة في هذا شيئاً. قلت: يجوز أن يراد به آكل من الجراد. يقال: أرض مجرودة، إذا أكل نبتها. ويجوز أن يراد، أشأم من الجراد من قولهم: رجل جارود، أي مشؤوم، والجارود رجل سمي به لأنه فر بإبله إلى أخواله بني شيبان، وبإبله داء، ففشا ذلك الداء في إبل أخواله فأهلكها. وفيه قال الشاعر:
كما جرد الجارود بكر بن وائل
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 82

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 83

وهو الجارود العبدي، يعد من الصحابة، واسمه بشر بن عمرو من عبد القيس. ووجه ثالث، أن يراد، أقشر من الجراد. يقال: جردت الشيء، قشرته، وكل مقشور مجرود. والجراد يقشر ما يقع عليه من النبات. والأصل في الكل الجراد المعروف.

أجهل من قاضي جبل

يقال أن جبل مدينة من طسوج، كسكر، وهذا القاضي قضى لخصم جاءه وحده، ثم نقض حكمه لما جاءه الخصم الآخر. وفيه يقول محمد ابن عبد الملك الزيات:
قضى لمخاصم يوماً فلمـا أتاه خصمه نقض القضاء
دنا منك العدو وغبت عنه فقال بحكمه ما كان شاء

أجود من قاضي سدوم

قالوا: سدوم، بفتح السين، مدينة من مدائن قوم لوط عليه الصلاة والسلام. قال الأزهري: قال أبو حاتم في كتابه الذي صنفه في المفسد والمذال، إنما هو سذوم، بالذال المعجمة، والدال خطأ. قال الأزهري: وهذا عندي هو الصحيح. قال الطبري: هو ملك من بقايا اليونانية، غشوم، كان بمدينة سرمين من أرض قنسرين.

المولدون

"جعل بطنه طبلاً وقفاه اصطبلا" "جزاء مقبل الأست الضراط" "جنة ترعاها خنازير" "جهل يعولني خير من عقل أعوله" "جاء بالدنيا يسوقها" "جاهه جاه كلب ممطور في مقصورة الجامع" "جدة تقضي العدة" يضرب للشيخ يتصابى.
"جواهر الأخلاق يتصفحها المعاشر" "جاء العيان فألوى بالأسانيد" "جهلك أشد لك من فقرك" "الجمل في شيء والجمال في شيء" "الجل خير م الفرس" "الجالب مرزوق والمحتكر ملعون" "الجدية ربح بلا رأس مال" "الجهل موت الأحياء" "الجرار لا تشتري أو تلطم" "أجلس حيث يؤخذ بيدك وتبر لا حيث يؤخذ برجلك وتجر" "أجلس حيث تجلس" "أجلست عندي فاتكئ" "أجرأ الناس على الأسد أكثرهم له رؤية" "جاء على ناقة الحذاء" يعنون: النعل التي تلبس.

الباب السادس

في

ما أوله حاء

حرك لها حوارها تحن

الحوار، ولد الناقة، والجمع القليل أحورة، والكثير حوران وحيران. ولا يزال حواراً حتى يفصل، فإذا فصل عن أمه فهو فصيل. ومعنى المثل: ذكره بعض أشجانه يهج له. وهذا المثل قاله عمرو بن العاص لمعاوية حين أراد أن يستنصر أهل الشام.

حال الجريض دون القريض

الجريضن الغصة، من الجرض وهو الريق يغص به. يقال: جرض بريقه يجرض. وهو أن يبتلغ ريقه على هم وحزن. يقال: مات فلان جريضاً، أي مغموماً. والقريض، الشعر، وأصله جرة البعير. وحال، منع. يضرب للأمر يقدر عليه أخيراً حين لا ينفع. وأصل المثل، أن رجلاً كان له ابن نبغ في الشعر فنهاه أبوه عن ذلك فجاش به صدره ومرض حتى أشرف على الهلاك، فإذن له أبوه في قول الشعر، فقال هذا القول.

حن قدح ليس منها

القدح، أحد قداح الميسر. وإذا كان أحد القداح من غير جوهر إخوانه، ثم أجاله المفيض، خرج له صوت يخالف أصواتها فيعرف به أنه ليس من جملة القداح. يضرب للرجل يفتخر بقبيلة ليس هو منها، أو يمتدح بما له لا يوجد فيه. وتمثل عمر رضي الله عنه به حين قال الوليد بن عقبة بن أبي معيط: أقتل من بين قريش. فقال عمر رضي الله عنه: حن قدح ليس منها. والهاء في، منها، راجعة إلى القداح.

حياك من خلا فوه

أي، نحن في شغل عنك. وأصله أن رجلاً كان يأكل، فمر به آخر فحياه بتحية، فلم يقدر على الإجابة، فقال هذه المقالة. يضرب في قلة عناية الرجل بشأن صاحبه.

حتفها تحمل ضأن بإظلافها

يضرب لمن يوقع نفسه في هلكة. وأصله أن رجلاً وجد شاة ولم يكن معه ما يذبحها به، فضربت بأظلافها الأرض، فظهر سكين فذبحها به. وهذا المثل لحريث بن حسان الشيباني تمثل به بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم لقيلة التميمية، وكان حريث حملها إلى النبي صلى الله علية وسلم فسأله أقطاع الدهناء، ففعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتكلمت فيه قيلة فعندها قال حريث: كنت أنا وأنت كما قيل، حتفها تحمل ضأن بأظلافها.

حدث حديثين امرأة فإن لم تفهم فأربعة

أي زد. ويروى فأربع، أي كف. وأراد بالحديثين حديثاً واحداً تكرره مرتين، فكأنك حدثتها بحديثين. والمعنى، كرر لها الحديث لأنها أضعف فهماً فإن لم تفهم فاجعلهما أربعة. وقال أبو سعيد: فإن لم تفهم بعد الأربعة فالمربعة، يعني العصا. يضرب في سوء السمع والإجابة.

حلبت حلتها ثم أقلعت

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 83

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 84

يضرب لمن يفعل الفعل مرة ثم يمسك. ويروى جلبت، بالحيم. وقد مر قبل.

حلأت حالئة عن كوعها

الحالئة، المرأة تحلأ الأديم، أي تقشره. يقال: حلأت الجلد إذا أزلت تحلئه، وهو قشوره ووسخه. والمرأة الصناع ربما استعجلت فحلأت عن كوعها. وعن، من صلة المعنى، كأنه قال: قشرت اللحم عن كوعها. يضرب لمن يتعاطى ما لا يحسنه، ولمن يرفق بنفسه شفقة عليها.

حلبتها بالساعد الأشد

أي، أخذتها بالقوة إذ لم يتأت بالرفق.

حنت ولات هنت وأني لك مقروع

هنت، من الهنين. يقال: هن يهن، بمعنى حن يحن. وقد يكون بمعنى بكى وقال لما رأى الدار خلاء هنا ولات، مفصولة من هنت، أي لات حين هنت، فحذف، حين، لكثرة ما يستعمل لات معه وللعلم به. ويروى، ولا تهنت، أراد تهنأت فلين الهمزة. كانت الهيجمانة بنت العنبر بن عمرو ابن تميم تعشق عبشمس بن سعد، وكان يلقب بمقروع، فأراد أن يغير على قبيلة الهيجمانة، وعلمت بذلك الهيجمانة، فأخبرت أباها فقال مازن بن مالك ابن عمرو: حنت ولات هنت. أي اشتاقت وليس وقت اشتياقها. ثم رجع من الغيبة إلى الخطاب فقال: وأني لك مقروع. أي من أين تظفرين به. يضرب لمن يحن إلى مطلوبه قبل أوانه. وحكى المفضل بن محمد الضبي أن عبشمس بن سعد، وكان اسمه عبد العزي، كان وسيم الوجه، حسن الخلقة، فسمي بعبشمس. وعبء الشمس ضوءها فحذف الهمزة. وهو ابن سعد بن زيد مناة بن تميم شغف بحب الهيجمانة، فمنع عنها، وقوتل، فجاء الحرث ابن كعب بن سعد ليذب عن عمرو فضرب على رجله فشلت، فسمي الأعرج، فسار عبشمس إليهم وسألهم أن يعطوه حقه من رجل الأعرج، فتأبى عليه بنو عنبر بن عمرو بن تميم. فقال عبشمس لقومه: أن خرج إليكم مازن بن مالك بن عمرو مترجلاً قد لبس ثيابه تزين فظنوا به شراً، وإن جاءكم أشعث الرأس خبيث النفس فإني أرجو أن يعطوكم حقكم. فلما أمسوا راح إليهم مازن مترجلاً قد لبس ثيابه وتزين لهم، فارتابوا به، فدس عبشمس بعض أصحابه إليهم ليسترق السمع ويتجسس ما يقولون، فسمع رجلاً من الرعاء يقول:
لا نعقل الرجل ولا نديها حتى ترى داهية تنسيها
فلما عاد الرجل إلى عبشمس، وخبره بما سمع. قال عبشمس: إذا جن عليكم الليل برزوا رحالكم، وأقيموا ناحية. ففعلوا وتركوا خيامهم. فنادى مازن، وأقبل إلى القبة. ألا لا حي بالقرى. فإذا الرجال قد جاءوا وعليهم السلاح حتى أحاطوا بالقبة، فاكتنفوها، فإذا القبة خالية من بني سعد. فلما علم عبشمس: إذا جن عليكم الليل برزوا رحالكم، وأقيموا ناحية. ففعلوا وتركوا خيامهم. فنادى مازن، وأقبل إلى القبة. ألا لاحي بالقرى. فإذا القبة خالية من بني سعد. فلما علم عبشمس بذلك جمع بني سعد فغزاهم، فلما كان بعقوتهم نزل في ليلة ذات ظلمة، ورعد، وبرق. وأقام حتى يغير عليهم صبحاً. وكان يدور على قومه ويحوطهم من دبيب الليل. وكانت الهيجمانة عاركاً، والعارك لا تخالط أهلها، وأضاء البرق فأت ساقي مقروع، فأتت إباها تحت الليل فقالت: إني رأيت ساقي عبشمس في البرق فعرفته، فأرسل العنبر في بني عمرو فجمعهم، فلما أتوه خبرهم بما سمع من الهيجمانة. فقال مازن: حنت ولات هنت وإني لك مقروع. ثم قال مازن للعنبر: ما كنت حقيقاً أن تجمعنا لعشق جارية. ثم تفرقوا عنه. فقال لها العنبر عند ذلك: أي بنية، أصدقي فإنه ليس للكذوب رأي، فأرسلها مثلاً. قالت: يا أبتاه ثكلتك أن لم أكن صدقتك فانج ولا أخالك ناجياً. فأرسلتها مثلاً. فنجا العنبر من تحت الليل، وصبحهم بنو سعد فأدركوهم وقتلوا منهم ناساً كثيراً. ثم أن عبشمس تبع العنبر حتى أدركه وهو على فرسه وعليه أداته يسوق إبله. فلما لحقه قال له: يا عنبر دع أهلك فإن لنا وإن لك. فأجابه العنبر وقال: لكن من تقدم منعته ومن تأخر عقرته. فدنا منه عبشمس، فما رأته الهيجمانة نزعت خمارها، وكشفت عن وجهها وقالت: يا مقروع، نشدتك الرحم لما وهبته لي، لقد خفتك على هذه منذ اليوم، وتضرعت إلى عبشمس فوهبه لها.

حسبك من شر سماعه

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 84

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 85

أي، اكتف من الشر بسماعه ولا تعاينه. ويجوز أن يريد، يكفيك سماع الشر وإن لم تقدم عليه ولم تنسب إليه. قال أبو عبيد: اخبرني هشام ابن الكلبي أن المثل لأم الربيع ابن زياد العبسي. وذلك أن ابنها الربيع كان أخذ من قيس بن زهير بن جزيمة درعاً، فعرض قيس لأم الربيع، وهي على راحلتها في مسير لها، فأراد أن يذهب بها ليرتهنها بالدرع. فقالت له: أين عزب عنك عقلك يا قيس? أترى بني زياد مصالحيك وقد ذهبت بأمهم يميناً وشمالاً، وقال الناس ما قالوا وشاءوا، وإن حسبك من شر سماعه. فذهبت كلمتها مثلاً. تقول كفى بالمقالة عاراً وإن كان باطلاُ. يضرب عند العار والمقالة السيئة وما يخاف منها. وقال بعض النساء الشواعر:
سائل بنا في قـومـنـا وليكف من شر سماعه
وكان المفضل فيما حكي عنه يذكر هذا الحديث، ويسمى أم الربيع ويقول: هي فاطمة بنت الخرشب من بني أثمار بن بغيض.

حفظاً من كالئك

أي، احفظ نفسك ممن يحفظك. كما قيل: محترس من مثله وهو حارس

حديث خرافة

هو رجل من عذرة استهوته الجن، كما تزعم العرب، مدة ثم لما رجع اخبر بما رأى منهم فكذبوه، حتى قالوا لما لا يمكن: حديث خرافة. وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: خرافة حق. يعني ما تحدث به عن الجن حق.

أحلب حلباً لك شطره

يضرب في الحث على الطلب، والمساواة في المطلوب.

حذو القذة بالقذة

أي مثلاً بمثل. يضرب في التسوية بين الشيئين ومثله حذو النعل بالنعل. والقذة، لعلها من القذ وهو القطع، يعني به قطع الريشة المقذوذة على قدر صاحبتها في التسوية، وهي فعله بمعنى مفعولة كاللقمة والغرفة، والتقدير حذيا حذو. ومن رفع أراد هما حذو القذة.

حلمي أصم وأذني غير صاء

أي، أعرض عن الخنا بحلمي وإن سمعته بأذني.

حور في محارة

أي، نقصان في نقصان، من حار يحور حوراً إذا ُرجع. ثم يخفف فيقال حور. ومنه في بئر لا حور سرى وما شعر. وروى شمر، عن ابن الأعرابي: حور في محارة، بفتح الحاء، ولعله ذهب إلى الحديث نعوذ بالله من الحور بعد الكور.

حلب الدهر أشطره

هذا مستعار من حلب أشطر الناقة، وذلك إذا حلب خلفين من أخلافها، ثم يحلبها الثاني خلفين أيضاً. ونصب أشطره على البدل، فكأنه قال: حلب أشطر الدهر. والمعنى أنه اختبر الدهر شطري خيره وشره، فعرف ما فيه. يضرب فيمن جرب الدهر.

حسبك من غنى شبع وري

أي، اقنع من الغنى بما يشبعك ويرويك، وجد بما فضل. وهذا المثل لامرئ القيس يذكر معزى كانت له فيقول:
إذا ما لم تكن إبل فمعـزى كأن قرون جلتها العصـي
فتملأ بيتنا أقطا وسـمـنـا وحسبك من غنى شبع وري
قال أبو عبيد: وهذا يحتمل معنيين: أحدهما، يقول أعط كل ما كان لك وراء الشبع والري. والآخر، القناعة باليسير. ويقول: اكتف به ولا تطلب ما سوى ذلك والوجه الأول لقوله في شعر له آخر وهو:
ولو أنما أسعى لأدني مـعـيشة كفاني ولم أطلب قليل من المال
ولكنما أسعى لمـجـد مـؤثـل وقد يدرك المجد المؤثل أمثالـي
وما المرء ما دامت حشاشة نفسه بمدرك أطراف الخطوب ولا آل
فقد أخبر ببعد همته وقدره في نفسه.

حسبك من القلادة ما أحاط بالعنق

أي، اكتف بالقليل من الكثير.

حبلك على عاربك

الغارب، أعلى السنام، وهذا كناية عن الطلاق، أي اذهبي حيث شئت. وأصله أن الناقة إذا رعت وعليها الخطام ألقي على غاربها لأنها إذا رأت الخطام لم يهنئها شيء.

حبك الشيء يعمي ويصم

أي، يخفي عليك مساويه، ويصمك عن سماع العذل فيه.

حدث من فيك كحدث من فرجك

يعني، أن الكلام القبيح مثل الحدث. تمثل به ابن عباس وعائشة رضي الله عنهما.

حبيب إلى عبد من كده

يعني، أن من أهانه وأتعبه فهو أحب إليه من غيره، لأن سجاياه مجبولة على احتمال الذل.

حسن في كل عين ما تود

هذا قريب من قولهم: حبك الشيء يعمي ويصم.

حتنى لا خير في سهم زلخ

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 85

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 86

قال الليث: الزلخ، رفع اليد في الرمي إلى أقصى ما يقدر عليه، يريد بعد الغلوة وأنشد: من مائه زلخ بمريخ غال وحتنى فعلى من الإحتتان، وهو التساوي يقال: وقع النبل حتنى. إذا وقعت متساوية. ويروى: حتنى لا خير في سهم زلج. يقال: سهم زالج. إذا كان يتزلج عن القوس، ومعنى زلج خف على الأرض. ويقال السهم الزالج الذي إذا رمى به الرامي قصر عن الهدف، وأصاب الصخرة إصابة صلبة، ثم ارتفع إلى القرطاس فأصابه، وهذا لا يعد مقرطساً، فيقال لصاحبه: الحتنى. أي، أعد الرمي فإنه لا خير في سهم زلج. فالحتنى يجوز أن يكون في موضع رفع خبر المبتدأ، أي هذا حتنى. ويجوز أن يكون في موضع نصب، أي قد احتتنا احتتنانا، أي قد استوينا في الرمي فلا فضل لك علي فأعد الرمي. يضرب في التساوي وترك التفاوت.

حرة تحت قرة

الحرة، مأخوذة من الحرارة، وهي العطش. والقرة، البرد. ويقال: كسر الحرة لمكان القرة. قالوا: وأشد العطش ما يكون في يوم بارد. يضرب لمن يضمر حقداً وغيظاً ويظهر مخالصة.

الحرب خدعة

يروى بفتح الخاء وضمها، واختار ثعلب الفتحة، وقال: ذكر لي أنها لغة النبي صلى الله عليه وسلم وهي فعلة من الخدع، يعني أن المحارب إذا خدع من يحاربه مرة واحدة وانخدع له، ظفر به وهزمه. والمخدعة، بالضم، معناها أنه يخدع فيها القرن. وروي الكسائي: خدعة، بضم الخاء وفتح الدال، جعله نعتاً. للحرب، أي أنها تخدع الرجال. ومثله، همزة ولمزة ولعنة للذي يهمز ويلمز ويلعن. وهذا قياس.

الحديث ذو شجون

أي ذو طرق الواحد شجن، بسكون الجيم. والشواجن، أودية كثيرة الشجر، الواحدة شاجنة. وأصل هذه الكلمة الاتصال والالتفاف. ومنه الشجنة. والشجنة، الشجرة الملتفة الأغصان. يضرب هذا المثل في الحديث يتذكر به غيره. وقد نظم الشيخ أبو بكر علي بن الحسينم الفهستاني هذا المثل، ومثلاً آخر في بيت واحد، وأحسن ما شاء وهو:
تذكر نجداً والحديث شجون فجن اشتياقاً والجنون فنون
وأول من قال هذا المثل ضبة بن أد بن طابخة إلياس بن مضر، وكان له ابنان يقال لأحدهما سعد، وللأخر سعيد، فنفرت إبل لضبة تحت الليل فوجه ابنيه في طلبها فتفرقا فوجدها سعد فردها، ومضى سعيد في طلبها فلقيه الحرث بن كعب، وكان على الغلام بردان، فسأله الحرث إياهما فأبى عليه، فقتله، وأخذ برديه، فكان ضبة إذا أمسى فرأى تحت الليل سواداً قال أسعد أم سعيد، فذهب قوله مثلاً. يضرب في النجاح والخيبة فمكث ضبة بذلك ما شاء الله أن يمكث. ثم أنه حج فوافى عطاظ فلقي بها الحرث بن كعب، ورأى عليه بردي ابنه سعيد، فعرفهما، فقال له: هل أنت مخبري ما هذان البردان اللذان عليك? قال: بلى، لقيت غلاماً وهما عليه فسألته إياهما فأباى علي فقتلته، وأخذت برديه هذين. فقال ضبة: بسيفك هذا. قال: نعم. فقال: فأعطنيه انظر إليه فإني أظنه صارماً. فأعطاه الحرث سيفه، فلما أخذه من يده هزه وقال: الحديث ذو شجون ثم ضربه به حتى قتله فقيل له: يا ضبة أفي الشهر الحرام? فقال: سبق السيف العذل. فهو أول من سار عنه هذه الأمثال الثلاثة. قال الفرزدق:
لا تأمنن الحرب إن استعارها كضبة إذ قال الحديث شجون

حوتاً تماقس

المماقسة، مفاعلة من المقس. يقال: مقسه في الماء، ومقله، وكذلك قمسه، إذا غطه. يضرب للرجل الداهي يعارضه مثله. وينشد:
فإن تك سباحاً فإني لسـابـح وإن تك غواصاً فحوتاً تماقس

حدس لهم بمطفئة الرضف

يقال: حدس بالشاة، إذا أضجعها على جنبها ليذبحها. قال اللحياني: معناه ذبح لهم شاة مهزولة تطفئ النار ولا تنضج. وقيل: تطفئ الرضفة من سمنها. ويقال: حدس، إذا جاد يحدس حدساً. والمعنى، جادلهم بكذا. وروى أبو زيد: حدسهم بمطفئة الرضف.

حرامه يركب من لا حلال له

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 86

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 87

ذكر المفضل بن محمد الضبي أن جبيلة بن عبد الله، أخا بني قريع بن عوف، أغار على إبل جرية بن أوس بن عامر يوم مسلوق فاطرد إبله غير ناقة كانت فيها مما يحرم أهل الجاهلية ركوبها، وكان في الإبل فرس لجرية يقال له العمود، وكان مربوطاً ففزع فذهب، وكان لجرية ابن أخت يرعى إبله فبلغ الخبر خاله، والقوم قد سبقوا بالإبل غير تلك الناقة الحرام، فقال جرية: رد علي تلك الناقة لأركبها في أثر القوم. فقال له الغلام: إنها حرام. فقال جرية: حرامه يركب من لا حلال له. يضرب لمن اضطر إلى ما يكرهه.

ألحسن أحمر

قالوا: معناه من قولهم، موت أحمر، أي شديد، ومنه: كنا إذا أحمر البأس اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم، أي اشتد. ومعنى المثل: من طلب الجمال احتمل المشقة. وقال أبو السمح: إذا خضبت المرأة يديها، وصبغت ثوبها، قيل لها هذا. يريد أن الحسن في الحمرة. وقال الأزهري: الأحمر الأبيض، والعرب تسمي الموالي من عجم الفرس والروم الحمر، لغلبة البياض على ألوانهم. وكانت عائشة رضي الله عنها تسمى الحميراء لغلبة البياض على لونها.

حانية مختضبة

وذلك أن امرأة مات زوجها، ولها ولد، فزعمت أنها تحنو على ولدها ولا تتزوج، وكانت في ذلك تخضب يديها، فقيل لها ها القول. تضربه لمن يريبك أمره.

حميم المرء وأصله

يقال أن أول من قال ذلك الخنابس بن المقنع، وكان سيداً في زمانه، وإن رجلاً من قومه يقال له كلاب بن فارع، وكان في غنم له يحميها، فوقع فيها ليث ضار، وجعل يحطمها، فانبرى كلاب يذب عنها فحمل عليه الأسد فخبطه بمخالبه خبطة، فانكب كلاب وجثم عليه الأسد، فوافق ذلك من حاله رجلان، الخنابر بن مرة، وآخر يقال له حوشب، وكان الخنابر حميم كلاب، فاستغاث بهما كلاب، فحاد عنه قريبه وخذله، وأعانه حوشب فحمل على الأسد وهو يقول:
أعنته إذ خذل الخنـابـر وقد علاه مكفهر خـادر
هرامس جهم له زماجـر ونابه حرداً عليه كاشـر
أبرز فإني ذو حسام حاسر إني بهذا إن قتلت ثابـر
فعارضه الأسد، وأمكن سيفه من حضنيه فمر بين الأضلاع والكتفين، فخر صريعاً. وقام كلاب إلى حوشب وقال: أنت حميمي دون الخنابر، وانطلق كلاب بحوشب حتى أتى قومه وهو آخذ بيد حوشب يقول: هذا حميمي دون الخنابر. ثم هلك كلاب بعد ذلك فاختصم الخنابر وحوشب في تركته، فقال حوشب: أنا حميمه وقريبه، فلقد خذلته ونصرته، وقطعته ووصلته، وصممت عنه وأجبته، واحتكما إلى الخنابس. فقال: وما كان من نصرتك إياه? فقال:
أجبت كلاباً حـين عـرد الـفـه وخلاه مكبوباً على الوجه خنبـر
فلما دعاني مستغـيثـاً أجـبـتـه عليه عبوس مكفهر غضـنـفـر
مشيت إليه مشي ذي العز إذ غـدا وأقبل مختال الخطا يتـبـخـتـر
فلما دنا من غرب سيفي حبـوتـه بأبيض مصقول الطرائق يزهـر
فقطع ما بين الضلوع وحضـنـه إلى حضنه الثاني صفيح مـذكـر
فخر صريعاً في التراب معـفـراً وقد زار منه الأرض أنف ومشفر
فشهد القوم أن الرجل قال: هذا حميمي دون الخنابر. فقال الخنابس عند ذلك: حميم المرء وأصله! وقضى لحوشب بتركته، وسارت كلمته مثلاً.

حب إلى عبد محكده

المحكد، الأصل. وهي لغة عقيل. وأما كلاب فيقولون محقد. ويروى: حبيب إلى عبد سوء محكده. يضرب لمن يحرص على ما يشينه. وقيل معناه أن الشاذ يحب أصله وقومه حتى عبد السوء يحب أصله.

احمل العبد على فرس فإن هلك هلك وإن عاش فلك

يضرب هذا لكل ما هان علك أن تخاطر به.

حدثني فاه إلى فيَّ

وذلك إذا حدثك وليس بينكما شيء. والتقدير حدثني جاعلاً فاه إلى في، يعني مشافها.

حولها من ظهرك إلى بطنك

الهاء للخطة، أي حولها إلى قرينك فتنجو.

أحشك وتروثني

أراد تروث علي، فحذف الحرف وأوصل الفعل. يضرب لمن يكفر إحسانك إليه. ويروى أن عيسى عليه السلام علف حماراً وإنه رمحه فقال أعطيناه ما أشبهنا وأعطانا ما أشبهه. ويروى: أحسك، بالسين غير المعجمة.

أحلبت ناقتك أم أجلبت

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 87

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 88

يقال: احلب الرجل، إذ نتجت إبله إناثاً فيحلب ألبانها. وأجلب، إذا نتجت إبله ذكوراً فيجلب أولادها للبيع. والعرب تقول في الدعاء على الإنسان: لا أحلبت ولا أجلبت. ودعا رجل على رجل فقال: إن كنت كاذباً فحلبت قاعداً وشربت بارداً، أي حلبت شاة لا ناقة وشربت بارداً على غير ثقل.

أحاديث الضبع إستها

وذلك أن الضبع يزعمون أنها تتمرغ في التراب ثم تقعي فتتغنى بما لا يفهمه أحد، فتلك أحاديث إستها. يضرب للمخلط في حديثه.

أحب أهل الكلب إليه الظاعن

وذلك أنه إذا سافر ربما عطبت راحلته فصارت طعاماً للكلب. يضرب للقليل الحفاظ كالكلب يخرج مع كل ظاعن ثم يرجع.

أحب أهل الكلب إليه خانقه

يضرب للئيم. أي إذا أذللته يكرمك، وإن أكرمته تمرد.

حلقت به عنقاء مغرب

يضرب لما يئس منه. قال الشاعر.
إذا ما ابن عبد الله خلى مكانـه فقد حلقت بالجود عنقاء مغرب
العنقاء، طائر عظيم معروف الاسم مجهول الجسم. وأغرب، أي صار غريباً. وإنما وصف هذا الطائر بالمغرب لبعده عن الناس، ولم يؤنثوا صفته لأن العنقاء اسم يقع على الذكر والأنثى كالدابة والحية. ويقال: عنقاء مغرب. على الصفة. ومغرب. على الإضافة. كما يقال: مسجد الجامع، وكتاب الكامل.

حدأ حدأ وراءك بندقة

قال الشرفي بن القطامي حدأ بن نمرة بن سعد العشيرة، وهم بالكوفة، وبندقة بن مظة، وهو سفيان بن سلهم بن الحكم بن سعد العشيرة، وهنم باليمن. أغارت حدأ على بندقة فنالت منهم، ثم أغارت بندقة عليهم فأبادتهم. قال ابن الكلبي: فكانت تغزو بها. يضرب لمن يتباصبر بالشيء فيقع عليه من هو أبصر منه. وقال أب عبيدة: يراد بذلك هذا الحدأ الذي يطير، وعلى ما قال، البندقة ما يرمى به. يضرب في التحذير.

حيث ما ساءك فالعكلي فيه

يقال أن الزبرقان بن بدر كانت أمه عكلية، وكان الزبرقان في أخواله يرعى ضئيناً. فقال خاله يوماً: لأنظرن إلى ابن أختي إذا راح ممسياً أعنده خير أم لا. فلما راح مظلماً، أدخل خاله يديه في يدي مدرعته فمدهما ثم قام في وجهه فقال الزبرقان: من هذا? تنح. فأبى أن يتنحى فرماه فأقصده. فقال: قتلتني. فدنا منه الزبرقان فإذا هو خاله فقال هذا القول، فذهب مثلاً.

حل بواد ضبه مكون

المكن، بيض الضب. والمكون، الضبة الكثيرة البيض. يضرب لمن نزل برجل متمول يتصرف ويتقلب في نعمائه.

حمداً إذا استغنيت كان أكرم

يعين، إذا سألت إنساناً شيئاً فبذله لك، واستغنيت فاحمده واشكر له، فإن حمدك إياه أقرب إلى الدليل على كرمك.

حد إكام وانصراد وغسم

الأكام، جمع أكمة، وهي الربنوة الصغيرة. وانصراد، أي وجدان البرد. قلت: الانصراد لفظ ما رأيته مستعملاً إلا ههنا، والله أعلم بصحته. والغسم، الظلمة. هذا رجل يشكو امرأته وإنه في بلية منها، وحد الأكام طرفها، وهو غير مقر لمن يسكنه. يضرب لمن ابتلي بشيء فيه كل شر ولا يستطيع مفارقته.

حنظلة الجراح لست للعب

هذا مثل قولهم: فلان لا يلعب بحنظلته، إذا كان منيعاً.

حوبك هل يعتم بالسمار

حوبك، من قولهم، حوب. وهي كلمة تزجر بها الإبل، فكأنه قال: أزجرك زجراً. وأعتم، أبطأ. والسمار، اللبن الكثير الماء. يقول: إذا كان قراك سماراً فما هذا الإعتام. يضرب لمن يمطل ثم يعطي القليل.

أحبض وهو يدعيه مخطاً

يقال: حبض السهم يحبض إذا وقع بين يدي الرامي وأحبضه صاحبه. والمخط، أن ينفذ من الرمية. يضرب لرجل يسيء وهو يرى أنه يحسن. ونصب مخطاً على أنه المفعول الثاني، أي يزعمه مخطاً.

حجا ببيت يبتغي زاد السفر

يقال: حجا بالمكان يحجو إذا أقام به، فهو حج وحجي، أي مقيم ببيت لا يبرحه ويطلب أن يزود. يضرب لمن يطلب ما لا يحتاج إليه.

حيضة حسناء لست تملك

يعني، أن الحسناء لا تلام على حيضتها لأنها لا تملكها. يضرب للكثير المحاسن والمناقب تحصل منه زلة. أي كما أن حيضتها لا تعد عيباً فكذلك هذه.

أحمق يمطخ الماء

أي يلعق الماء. قال أبو زيد: المطخ اللعق. وهذا كما يقال: أحمق من لاعق الماء.

احتلب فروه

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 88

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 89

زعموا أن رجلاً قال لعبد له: احتلب فروه، لناقة له تدعى فروة. فقال: ليس لها لبن. فقال: احتلب فروة. يوهم القوم أنه يأمره أن يروي من لبن الناقة. أي فارو منه فوقف على فارو وزاد هاء للسكت، كما يقال اغزه وارمه. يضرب للمسيء الذي يري أنه محسن.
حتى يرجع السهم على فوقه وهذا لا يكون لأن السهم لا يرجع على فوقه أبداً إنما يمضي قدماً. يضرب لما يستحيل كونه ومثله:

حتى يرجع الدر في الضرع

وهذا أيضاً لا يمكن.

حين ومن يملك أقدار الحين

أي، هذا حين ومن يملك ما قدر منه. يضرب عند دنو الهلاك.

حافظ على الصديق ولو في الحريق

يضرب في الحث على رعاية العهد.

أحق الخيل بالركض المعار

قالوا: المعار من العارية. والمعنى، لا شفقة لك على العارية لأنها لست لك. واحتجوا بالبيت الذي قبله، وهو من قول بشر أبي حازم يصف الفرس:
كأن حفيف منخـره إذا مـا كتمن الربو كير مستعـار
وجدنا في كتاب بني تـمـيم أحق الخيل بالركض المعار
قالوا: والكير إذا كان عارية أشد لكده. وقال من رد هذا القول: المعار، المسمن.
يقال: اعرت الفرس إعارة، إذا سمنته. واحتج بقول الشاعر:
أعيروا خيلكم ثم اركضوهـا أحق الخيل بالركض المعار
واحتج أيضاً بأن أبا عبيده كان يزعم أن قوله: وجدنا في كتاب بني تميم. ليس لبشر وإنما هو للطرماح. وكان أبو سعيد الضريري يروي المغار، بالغين المعجمة، أي المضمر.
من قولهم: أغرت الحبل، إذا فتلته. قلت: يجوز أن يكون المعار بالعين المهلمة من قولهم: عار الفرس يعير إذا انفلت وذهب ههنا وههنا، وأعاره صاحبه إذا حمله على ذلك. فهو يقول: أحق الخيل بأن يركض ما كان معاراً لأن صاحبه لم يشفق عليه، فغيره أحق بأن لا يشفق عليه. وقال أبو عبيدة: من جعل المعار من العارية فقد أخطأ.
احترس من العين فوالله لهي أنم عليك من اللسان
قاله خالد بن صفوان. قال الشاعر:
لا جزى الله دمع عيني خيرا بل جزى الله كل خير لساني
ثم طرفي فليس يكتـم شـيئاً ووجدت اللسان ذا كتـمـان
كنت مثل الكتاب أخفاه طي فاستدلوا عليه بالـعـنـوان

حل عنك فاظعن

حل، أمر من الحل، أي حل حبوتك وارتحل. يضرب عند قرب البلاء وطلب الحيلة.

أحاديث الصم إذا سكروا

يضرب لمن يعتذر بالباطل ويخلط ويكثر.

أحاديث طسم وأحلامها

يضرب لمن يخبر خبراً لا أصل له.

حال الأجل دون الأمل

هذا قريب من قولهم: حال الجريض دون القريض.

حبذا وطأة الميل

أصله للرجل يميل عن دابته فيقال له: اعتدل. فيقول: حبذا وطأة الميل. يعني أن مركبه جيد فيعقر دابته وهو لا يشعر. يضرب في الرجل يعق من ينصحه.

حولها من عجز إلى غارب

قال أبو زيد: إنما يقال هذا إذا أردت أن تطلب إلى رجل حاجة، أو تخصه بخير، فصرفت ذلك إلى أخيه، أو أبيه، أو ابنه، أو قريب له.

حين تقلين تدرين

أصل هذا أن رجلاً دخل إلى قحبة، وتمتع بها، وأعطاها جدرها، وسرق مقلى لها، فلما أراد الانصراف قالت له: قد غبنتك لأني كنت إلى ذلك العمل أحوج منك، وأخذت دراهمك فقال لها: حين تقلين تدرين. يضرب للمغبون يظن أنه الغابن غيره.

أحمق بلغ

أي، يبلغ ما يريد مع حمقه. ويروى بلغ، بفتح الباء، أي بالغ مراده. قال اليشكري:
أمر الله بلغتشقى به الأشقياء
أي بالغ.

الحزم حفظ ما كلفت وترك ما كفيت

هذا من كلام أكثم ين صيفي. وقريب من هذا قوله صلى الله عليه وسلم: من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه.

حبيب جاء على فاقة

يضرب للشيء يأتيك على حاجة منك إليه وموافقة.

حمل الدهيم وما تزبي

الدهيم، اسم ناقة عمرو بن الزبان التي حمل عليها رؤوس أولاده إليه. ثم سميت الداهية بها. والزبي، الحمل. يقال: زباه وأزدباه إذا حمله. يضرب، للداهية العظيمة إذا تفاقمت.

ألحمى أضرعتني لك

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 89

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 90

قال أبو عيد: يضرب هذا في الذل عند الحاجة تنزل. ويروى: الحمى أضرعتني للنوم. قال المفضل: أول من قال ذلك رجل ن كليب يقال له مرير، ويروى مرين، وكان له أخوان أكبر منه يقال لهما مرارة ومرة، وكان مرير لصاً مغيراً، وكان يقال له الذئب. وإن مرارة خرج يتصيد في جبل لهم فاختطفته الجن، وبلغ أهله خبره، فانطلق مرة في أثره حتى إذا كان بذلك المكان اختطف، وكان مرير غائباً فلما قدم بلغه الخبر فأقسم لا يشرب خمراً ولا يمس رأسه غسل حتى يطلب بأخويه، فتنكب قوسه وأخذ أسهماً ثم انطلق إلى ذلك الجبل الذي هلك فيه أخواه، فمكث فيه سبعة أيام لا يرى شيئاً، حتى إذا كان في اليوم الثامن إذا هو بظليم فرماه فأصابه، واستقل الظليم حتى وقع في أسفل الجبل، فلما وجبت الشمس بصر بشخص قائم على صخرة ينادي:
يا أيها الرامي الظليم الأسود تبت مراميك التي لم ترشد
فأجابه مرير:
يا أيها الهاتف فوق الصخرة كم عبرة هيجتها وعـبـره
بقتلـكـم مـرارة ومـره فرقت جمعاً وتركت حسره
فتواري الجني عنه هوياً من الليل، وأصابت مريراً حمى فغلبته عيناه فأتاه الجني فاحتمله وقال له: ما أنامك وقد كنت حذراً? فقال: الحمى أضرعتني للنوم. فذهبت مثلاً. وقال مرير:
ألا مـن مـبـلـغ فـتــيان قـــومـــي بمـا لاقـيت بـعـدهـم جـــمـــيعـــاً
غزوت الـجـن أطـلـبـهـم بـــثـــأري لاسـقـيهـم بـه سـمـاً نـــقـــيعـــاً
فيعرض لي ظليم بعد سبع فأرميه فأتركه صريعاً
في أبيات أخر يطول ذكرها.

حول الصليان الزمزمة

قال أبو زياد: الصليان من الطريفة ينبت صعداً وأضخمه أعجازه على قدر نبت الحلي وهو يختلي للخيل التي لا تفارق الحي. والزمزمة، الصوت، يعني صوت الفرس إذا رآه. يضرب للرجل يخدم لثروته. ويروى: حول الصلبان الزمزمة. جمع صليب. والزمزمة، صوت عابديها. قال الليث: الزمزمة أن يتكلف العلج الكلام عند الأكل وهو مطبق فمه. يضرب لمن يحوم حول الشيء لا يظهر مرامه.

الحرب غشوم

لأنها تنال من يكن له فيها جناية، وربما سلم الجاني.

الحذر قبل إرسال السهم

تزعم العرب أن الغراب أراد ابنه أن يطير فرأى رجلاً قد فوق سهماً ليرميه، فطار. فقال أبوه: أتئد حتى تعلم ما يريد الرجل. فقال له: يا أبت، الحذر قبل إرسال السهم.

حلس كشف نفسه

الحلس، كساء رقيق يكون تحت برذعة البعير وهو يستره. وهذا حلس يعري نفسه. يضرب لمن يقوم بالأمر يصنعه فيضيعه.

احفظ ما في الوعاء بشد الوكاء

يضرب في الحث على أخذ الأمر بالحزم.

حزت حازة عن كوعها

يضرب في اشتغال القوم بأمرهم عن غيره.

أحس فذق

يضرب في الشماتة. أي كنت تنهى عن هذا فأنت جنيته فأحسه وذقه. وإنما قدم الحسو على الذوق، وهو متأخر عنه في الرتبة، إشارة إلى أن ما بعد هذا أشد. يعني أحس الحاضر من الشر وذق المنتظر بعده.

أحشافاً وسوء كيلة

الكيلة، فعلة من الكيل، وهي تدل على الهيئة والحالة، نحو الركبة والجلسة. والحشف، أردا التمر، أي أتجمع حشفاً وسوء كيل. يضرب لمن يجمع بين خصلتين مكروهتين.

حال صبحهم دون غبوقهم

يضرب للأمر يسعى فيه، فلا ينقطع ولا يتم.

الحق أبلج والباطل لجلج

يعني أن الحق واضح: يقال صبح ابلج، أي مشرق. ومنه قوله: حتى بدت أعناق صبح أبلجا. وفي صفة النبي صلى الله عليه وسلم أبلج الوجه أي مشرقه. والباطل لجلج، أي ملتبس. قال المبرد: قوله لجلج، أي يتردد فيه صاحبه، ولا يصيب منه مخرجاً.

الحفيظة تحلل الأحقاد

الحفيظة، والحفظة، الغضب والحمية. والحفائظ، جمع حفيظة. ومعنى المثل: إذا رأيت حميم يظلم حميت له، وإن كان في قلبك عليه قحد.

الحريص يصيدك لا الجواد

أراد يصيد لك. يقول: أن الذي له هوى وحرص على شأنك هو الذي يقوم به، لا القوي عليه، وال هوى له فيك. يضرب لمن يستغني عن الوصية لشدة عنايته بك.

حدث عن معن ولا حرج

يعنون معن بن زائدة بن عبد الله الشيباني، وكان من أجود العرب.

حلف بالسماء والطارق

قال الأصمعي: يراد بالسماء المطر. وبالطارق النجم لأنه يطرق، أي يطلع ليلاً، والطروق لا يكون إلا بالليل.
حلف بالسمر والقمر  
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 90

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 91

قال الأصمعي: السمر، الظلمة. وإنما سميت سمراً لأنهم كانوا يجتمعون في الظلمة فيسمرون، ثم كثر ذلك حتى سميت سمرا.

الحزم سوء الظن بالناس

هذا يروى عن أكثم بن صيفي التميمي.

الحر حر وإن مسه الضر

وهذا أيضاً يروى عنه في كلام له.

الحامل على الكراز

هذا مثل يضرب لمن يرمى باللؤم. يعني أنه راع يحمل زاده على الكبش وأول من قاله مالس بن مزاحم الكلبي لقاصر بن سلمة الجذامي، وكانا بباب النعمان بن المنذر، وكان بينهما عداوة فأتى قاصر إلى ابن فرتني، وهو عمرو ابن هند، أخو النعمان بن المنذر وقال: أن مخالساً هجاك وقال في هجائه:
لقد كان من سمى أباك ابن فرتني به عارفاً بالنعت قبل التجـارب
فسماه من عرفانه جـرو جـيأل خليلة قشع خامل الرجل ساغب
أبا منذر أني يقود ابن فرتـنـي كراديس جمهور كثير الكتـائب
وما ثبتت ي ملتقى الخيل سـاعة له قدم عند اهتزاز القواضـب
فما سمع عمرو ذلك، أتى النعمان فشكا مخالساً وأنشده الأبيات فأرسل النعمان إلى مخالس، فلما دخل عليه قال: لا أم لك، أتهجر امرأ هو ميتاً خير منك حياً، وهو سقيماً خير منك صحيحاً، وهو غائباً خير منك شاهداً. فبحرمة ماء المزن، وحق أبي قابوس، لئن لاح لي أن ذلك كان منك لأنزعن عصمتك من قفاك، ولأطعمنك لحمك. قال مخالس: أبيت اللعن، كلا والذي رفع ذروتك بأعمادها، وأمات حسادك بأكمادها، ما بلغت غير أقاويل الوشاة، ونمائم العصاة، وما هجوت أحداً، ولا أهجو امرأ ذكرت أبداً، وإني أعوذ بجدك الكريم، وعز بيتك القديم، أن ينالني منك عقاب، أو يفاجئني منك عذاب، قبل الفحص والبيان، عن أساطير أهل البهتان. فدعا النعمان قاصراً فسأله فقال قاصر: أبيت اللعن، وحقك لقد هجاه، وما أروانيها سواه. فقال مخالس: لا يأخذن أيها الملك منك قول امرئ آفك، ولا توردني سبيل المهالك، واستدلل على كذبه بقوله أني أرويته، مع ما تعرف من عداوته. فعرف النعمان صدقه فأخرجهما. فلما خرجا قال مخالس لقاصر: شقي جدك، وسفل خدك، وبطل كيدك، ولاح للقوم جرمك، وطاش عني سهمك، ولانت أضيق حجراً من نقاز، وأقل قرى من الحامل على الكراز. فأرسلها مثلاً.

أحمق ما يجأى مرغه

المرغ، اللعاب. ويجأى، يحبس. قال أبو زيد: أي لا يمسح لعابه ولا مخاطه، بل يدعه يسيل حتى يراه الناس. يضرب لمن لا يكتم سره.

حر الشمس يلجئ إلى مجلس سوء يضرب عند الرضا بالدنيء الحقير، وبالنزول في مكان لا يليق بك.

أحبب حبيبك هوناً ما

أي، أحببه حباً هوناً، أي سهلاً يسيراً. وما، تأكيد. ويجوز أن يكون للإبهام، أي حباً مبهما لا يكثر ولا يظهر، كما تقول: أعطني شيئاً ما، أي شيئاً يقع عليه اسم العطاء، وأن كان قليلاً. والمعنى: لا تطلعه على جميع أسرارك فلعله يتغير يوماً عن مودتك. وقال النمر بن تولب:
أحبب حبيبـك حـبـاً رويداً فقد لا يعولك أن تصرمـا
وابغض بغيضك بغضاً رويداً إذا أنت حاولت أن تحكمـا
ويرروى: فليس يعولك، أي فليس يغلبك ويفوتك صرمه. وقوله: أن تحكما أي أن تكون حكيماً. والغرض من جميع هذا كله النهي عن الإفراط في الحب والبغض والأمر بالاعتدال في المعنيين.

حتام تكرع ولا تنفع

يقال: كرع من الماء. وكرع أيضاً إذا ورد الماء فتناوله بفيه من موضعه من غير أن يشرب بكفيه ولا بإناء. ونقع، معناه روى. وأروى أيضاً يتعدى ولا يتعدى. يضرب للحريص في جمع الشيء.

حظيين بنات صلفين كناتٍ

الحظي، الذي له حظوة ومكانة عند صاحبه. يقال: حظي فلان عند الأمير، إذ وجد منزلة ورتبة. والصلف، ضده. وأصل الصلف قلة الخير. يقال امرأة صلفة، إذا لم تحظ عند زوجها. والكنة، امرأة الابن، وامرأة الأخ أيضاً. ونصب حظيين وصلفين على إضمار فعل، كأنه قال: وجدوا أو أصبحوا. ونصب بنات وكنات على التمييز كما تقول: راحوا كريمين إباء حسنين وجوهاً. يضرب هذا المثل في أمر يعسر طلب بعضه، ويتيسر وجود بعضه.

حال صبوحهم على غبوقهم

يقال: حال المال على الأرض حولاً، أي انصب. وأحلته أنا صببته. قال لبيد:
كأن دموعه غربـا سـنـاة يحيلون السجال على السجال
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 91

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 92

معنى المثل، على ما قالوا، افتقروا فقل لبنهم، فصار صبوحهم وغبوقهم واحداً.

حمد قطاة يستمي الأرانب

زعموا أن الحمد فرخ القطاة، ولم أر له ذكراً في الكتب، الله أعلم بصحته. والاستماء، طلب الصيد أي فرخ قطاة يطلب أن يصيد الأرانب. يضرب للضعيف يروم أن يكيد قوياً.

حوضك فالإرسال جاءت تعترك

الإرسال، جمع رسل، وهو القطيع من الإبل. ونصب حوضك على التحذير، أي احفظ حوضك فإن الإبل تزدحم على الماء. يضرب لمن كافح من هو أقوى منه وأكثر عدة.

حظ جزيل بين شدقي ضيغم

يضرب للأمر المرغوب فيه، الممتنع على طالبيه.

حلوءة تحك بالذراريح

الحلو، على فعول، أن تحك حجراً على حجر، ثم جعلت الحكاكة على كفك وصدأت به المرآة ثم كحلت به. والذراريح، جمع الذروح والذرحرح والذراح، وهي دويبة حمراء منقطة بسواد تطير وهي من السموم. يضرب لمن كان له قول حسن وفعل قبيح.

حيك للي أبا ربيع

الحي، الجمع. واللي، المطل. يضرب لمن يجمع المال، ثم لا يعطي منه أحداً، ولا ينتفع به.

حلوبة تثمل ولا تصرح

الحلوبة، الناقة التي تحلب لأهل البيت، أو للضيف. وأثملت الناقة، إذا كان لبنها أكثر ثمالة من لبن غيرها. والثمالة، الرغوة. وصرحت، إذا كان لبنها صراحاً، أي خالصاً. يضرب للرجل يكثر الوعيد والوعد، ويقل وفاؤه بهما.

الحصن أدنى لو تأييته

الحصن، العفاف. يقال: حصنت المرأة حصناً فهي حاصن، وحصان، وحصناء أيضاً بينة الحصانة. قيل: كانت لامرأة ابنة فرأتها تحثو التراب على راكب فقالت لها: ما تصنعين? قالت: أريه أني حصان أتعفف. وقالت:
يا أمتا أبـصـرنـي راكـب في بلد مستـحـقـر لاحـب
فصرت أحثو التراب في وجهه عني وأنفي تهـمة الـعـائب
فقالت أمها:
الحصن أولـى لـو تـأييتـه من حثيك التراب على الراكب
فأرسلتها مثلاً. وتأياً، معناه تعمد. وكذلك تآيا، على تفعل وتفاعل. يضرب في ترك ما يشوبه ريبة، وإن كان حسن الظاهر.

الحذر أشد من الوقيعة

أي، من الوقوع في المحذور، لأنه إذا وقع فيه علم أنه لا ينفع الحذر.

الحر يعطي والعبد يألم قلبه

يعني، أن اللئيم يكره ما يجرد به الكريم.

حمى سيل راعب

يضرب للذي يلتهم أقرانه ويغلبهم. والراعب من السيول، الذي يملأ الوادي، والزاغب، بالزاي، الذي يتدافع في الوادي.

حتى يؤوب القارظان

وحتى يؤوب المنخل. وحتى يرد الضب. كل ذلك سواء في معنى التأبيد.

حرك خشاشه

أي، فعل به فعلاً ساءه وآذاه

الحليم مطية الجهول

أي، الحليم يتوطأ للجاهل فيركبه بما يريد، فلا يجازيه عليه كالمطية. يضرب في احتمال الحليم. وقال الحسن: ما نعت إلي من الأنبياء نعتاً أقل مما نعتهم به من الحلم فقال تعالى: أن إبراهيم لحليم أواه منيب. قال أبو عبيدة: يعني أن الحلم في الناس عزيز.

الحياء من الإيمان

هذا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال بعضهم: جعل الحياء، وهو غريزة، من الإيمان وهو اكتساب، لأن المستحيي ينقطع بحيائه عن المعاصي وإن لم يكن له تقية، فصار كالإيمان الذي يقطع بينها وبينه. ومنه الحديث الآخر: إذا لم تستح فاصنع ما شئت. أي من لم يستح صنع ما شاء. لفظه أمر ومعناه الخبر.

احفظ بيتك ممن لا تنشده

أي، ممن يساكنك لأنك لا تقدر أن تطلب منه المفقود.

الحازم من ملك جده هزله

يضرب في ذم الهزل واستعماله.

حرباء تنضبة

التنضب، شجر تتخذ منه السهام. قاله ابن سلمة. والحرباء، أكبر من العظاية شيئاً، وهو يلزم هذه الشجرة. يضرب لمن يلزم الشيء فلا يفارقه.

حملته حمل البازل وهو حق

يضرب لمن يضع معروفه أو سره عند من لا يحتمله.

حكمك مسمط

أي، مرسل جائز لا يعقب. ويروى: خذ حكمك مسمطاً، أي مجوزاً نافذاً والمسمط، المرسل الذي لا يرد.

حسبك من إنضاجه أن تقتله

يضرب لمن طلب الثأر. يقول: والله لأقتلن فلاناً وقومه أجمعين. فيقال له: لا تعد حسبك أن تدرك ثأرك وطلبتك. ويضرب لمن جاوز الحد قولاً وفعلاً.

أحاديث زبان إسته حين أصعدا

يضرب لمن يتمنى الباطل. أي كان أحاديث هذا الرجل كذباً. وهذا مثل قولهم: أحاديث الضبع إستها.

الحديث أنزى من ظبيٍ

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 92

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 93

يعني، إنه يفتح بعضه بعضاً، كما أن الظبي إذا نزا حمل غيره على ذلك.

حراً أخاف على جاني كمأة لا قراً

يضرب للرجل يقول: إني أخاف كذا وكذا ويكون الخوف في غيره.

حق لفرس بعطر وأنسٍ

قال يونس: كانت امرأة من العرب لها زوج يقال له فرس، وكان يكرمها، وكان سخياً، فمات وخلفه عليها شيخ، فبينا هو ذات يوم يسوق بها إذا مرت بقبر فرس فقالت: يا فرس، يا ضبع أهله، وأسد الناس، كسر الكبش. بجفر، وتركت العاقر أن تنحر، وبابات أخر. فقال الزوج: وما هن? قالت: كان لا يبيت بغمر كفيه، ولا يتشبع بخلل سنيه. قال: فدفعها عن البعير، وقشوتها بين يديها، فسقطت القشوة على القبر فقالت: حق لفرس بعطر وأنس. يضرب للرجل الكريم يثني عليه بما أولى. وتقدير المثل حق لفرس أن يتحف بعطر وأنس. فثقل لأزدواج.

حبسك الفقر في دار ضر

يضرب لمن يطلب الخير من غير أهله.

حتى متى يرمى بي الرجوان

الرجا، مقصوراً، الجانب وجمعه أرجاء. والأرجاء، الجوانب. وأريد ههنا جانبا البئر لأن من رمي به فيه يتأذى من جانبه، ولا يصادف معتصماً يتعلق به حواليه. والمعنى حتى متى أجفى أقصى ولا أقرب.
وقال:
فلا يقذف بي الرجوان إني أقل القوم من يغني مكاني

حطتمونا القصا

قال الأصمعي: القصا، البعد والناحية. قال بشر:
فحاطونا القصا ولقد رأونا قريباً حيث يستمع السرار
أي، تباعدوا عنا وهم حولنا، ولو أرادوا أن يدنوا منا ما كنا بالبعد منهم. والقصا في موضع نصب لكونه ظرفاً، ويجوز أن يكون واقعاً موقع المصدر. يضرب للخاذل المتنحي عن نصرك.

حتى يؤلف بين الضب والنون

وهما لا يأتلفان أبداً. قال الشاعر:
أن يهبط النون أرض الضب ينصره يضلل ويأكلـه أقـوام غـراثـين

حساً ولا أنيس

أي، مواعيد ولا أنجاز. مثل قولهم: جعجعة ولا أرى طحناً. أي أسمع حساً. والحس والحسيس، الصوت الخفي.

حمله على قرن أعفر

أي على مركب وعر. قال الكميت:
وكنا إذا جبار قـوم أرادنـا بكيد حملناه على قرن أعفرا
يقول: نقتله، ونحمل رأسه على السنان. وكانت الأسنة من القرون فيما مضى من الزمان. ومثله قولهم:

حمله على الأفتاء الصعاب

الأفتاء، جمع فتى من الإبل. يضرب لمن يلقى في شر شديد. ويقولون في ضده:

حمله على الشرف الذلل

الشرف، جمع الشارف، وهي المسنة من النوق. يقال: شارف وشرف، كما قالوا، بازل وبزل، وفاره وفره.

حمي فجاش مرجله

أي غضب غضباً شديداً.

الحرب سجال

المساجلة، تصنع مث لصنيع صاحبك من جري أو سقي. وأصله من السجل، وهو الدلو فيها ماء قل أو كثر، ولا يقال لها وهي فارغة سجل. قال الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب:
من يساجلني يساجل ماجدا يملأ الدلو إلى عقد الكرب
وقال أبو سفيان يوم أحد بعد ما وقعت الهزيمة على المسلمين: أعل هبل، أعل هبل. فقال عمر: يا رسول الله، ألا أجيبه? قال: بلى يا عمر. قال عمر: الله أعلى وأجل. فقال أبو سفيان: يا ابن الخطاب، إنه يوم الصمت يوماً بيوم بدر، وإن الأيام دول، وإن الحرب سجال. فقال عمر: ولا سواء، قتلانا في الجنة، وقتلاكم في النار. فقال أبو سفيان: إنكم لتزعمون ذلك، لقد خبنا إذن وخسرنا.

الحرص قائد الحرمان

هذا كما يقال: الحريص محروم. وكما قيل: الحرص محرمة.

حسن الظن ورطة

هذا كما مضى من قولهم: الحزم سوء الظن بالناس.

الحرب مأيمة

أي يقتل فيها الأزواج فتبقى النساء أيامى لا أزواج لهن.

الحكمة ضالة المؤمن

يعني، أن المؤمن يحرص على جمع الحكم، من أين يجدها يأخذها.

الحسنة بين السيئتين

يضرب للأمر المتوسط. ودخل عمر بن عبد العزيز، رحمه الله، على عبد الملك بن مروان، وكان ختنه على ابنته فاطمة، فسأله عن معيشته كيف هي فقال عمر: حسنة بين السيئتين، ومنزلة بين المنزلتين. فقال عبد الملك: خير الأمور أوساطها.

الحمد مغنم والمذمة مغرم

يضرب في الحث على اكتساب الحمد.

أحرز امرءاً أجله

قال علي رضي الله عنه حين قيل له: أتلقى عدوك حاسراً? يقال هذا أصدق مثل ضربته العرب.

أحسن وأنت معان

يعني أن المحسن لا يخذله الله والناس.

الحسد هو المليلة الكبرى

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 93

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 94

الحباري خالة الكروان

يضرب في التناسب.

الحكيم يقدع النفس بالكفاف

كفاف الرجل، ما يكفه عن وجوه الناس. ومعنى يقدع، يمنع. يعني أن الحكيم يمنع نفسه عن التطلع إلى جمع المال، ويحملها على الرضا بالقليل.

الحلم والمنى أخوان

وهذا كما يقال: أن المنى رأس أموال المفاليس.

الحصاة من الجبل

يضرب للذي يميل إلى شكله.

حولها ندندن

قاله صلى الله عليه وسلم لأعرابي قال: "إنما أسأل الله الجنة، فأما دندنتك ودندنة معاذ فلا أحسنها". قال أبو عبيد: الدندنة، أن يتكلم الرجل بالكلام تسمع نغمته ولا تفهمه عنه، لأنه يخفيه. أراد صلى الله عليه وسلم أن ما تسمعه منا هو من أجل الجنة أيضاً.

حماداك أن تفعل كذا

أي، غايتك وفعلك المحمود. وهو مثل قولهم: قصاراك وغناماك.

حتى يؤوب المثلم

هذا من أمثال أهل البصرة يقولون: لا أفعل كذا حتى يؤوب المثلم. وأصل هذا أن عبيد الله بن زياد أمر بخارجي أن يقتل، فأقيم للقتل فتحاماه الشرط مخافة غيلة الخوارج، فمر به رجل يعرف بالمثلم، وكان يتجر في اللقاح والبكارة، فسأل عن الجمع فقيل: خارجي قد تحاماه الناس، فانتدب له، فأخذ السيف وقتله به، فرصده الخوارج ودسوا له رجلين منهم فقالا له: هل لك في لقحة من حالها وصفتها كذا? قال: نعم. فأخذاه معهما إلى دار قد أعدا فيها رجالاً منهم، فلما توسطها رفعوا أصواتهم أن لا حكم إلا لله، وعلوه بأسيافهم حتى برد فحين ذلك قال أبو الأسود الدؤلي:
وآليت لا أسعى إلى رب لقـحة أساومه حتى يؤوب المـثـلـم
فأصبح لا يدري أمرؤ كيف حاله وقد بات يجري فوق أثوابه الدم

حلبت صرام

يضرب عند بلوغ الشر آخره. والصرام، آخر اللبن بعد التغريز إذا احتاج إليه صاحبه حلبه ضرورة. قال بشر:
ألا أبلغ بني سعد رسـولاً ومولاهم فقد حلبت صرام
أي، بلغ الشر نهايته، وأنت على معنى الداهية. والتغريز، أن تدع حلبة بين حلبتين، وذلك إذا أدبر لبن الناقة. وقال الأزهري: صرام مثل قطام، مبني على الكسر، من أسماء الحرب وأنشد للجعدي:
ألا أبلغ بني شيبـان عـنـي فقد حلبت صرام لكم صراها

حتى يجيء نشيط من مرو

كان نشيط غلاماً لزياد بن أبي سفيان، وكان بناء، هرب قبل أن يشرف وجه دار زياد، وكان لا يرضى إلا عمله، فقيل له: لم لا تشرف دارك? فقال: حتى يجيء ... المثل. فصار مثلاً لكل ما لا يتم. وقال بعض أهل البصرة:
إلى ما يوم يبعث كل حـي ويرجع بعد من مرو نشيط
ما على أفعل من هذا الباب

أحمق من أبي غبشان

كان من حديثه أن خزاعة حدث فيها موت شديد، ورعاف عمهم بمكة فخرجوا منها ونزلوا الظهران، فرقع عنهم ذلك. وكان فيهم رجل يقال له حليل بن حبشية، وكان صاحب البيت، وكان له بنون وبنت يقال لها حبى، وهي امرأة قصيّ بن كلاب، فمات حليل، وكان أوصى ابنته حبى بالحجابة، وأشرك معها أبا غبشان الملكاني. فلما رأى قصي بن كلاب أن حليلاً قد مات وبنوه غيب، والمفتاح في يد امرأته، طلب إليها أن تدفع المفتاح إلى ابنها عبد الدار بن قصي، وحمل بنيه على ذلك. فقال: أطلبوا إلى أمكم حجابة جدكم. ولم يزل بها حتى سلست له بذلك وقالت: كيف أصنع بأبي غبشان? وهو وصي معي. فقال قصي: أنا أكفيك أمره. فاتفق أن اجتمع أبو غبشان مع قصي في شرب بالطائف، فخدعه قصي عن مفاتيح الكعبة بأن أسكره ثم اشترى المفاتيح منه بزق خمر، وأشهد عليه، ودفع المفتاتيح إلى ابنه عبد الدار بن قصي وطيره إلى مكة، فلما أشرف عبد الدار على دور مكة رفع عقيرته وقال: معاشر قريش، هذه مفاتيح بيت أبيكم إسماعيل قد ردها الله عليكم من غير غدر ولا ظلم. فأفاق أبو غبشان من سكره أندم من الكسعي. فقال الناس: أحمق من أبي غبشان، وأندم من أبي غبشان، وأخسر صفقة من أبي غبشان، فذهبت الكلمات كلها أمثالاً. وأكثر الشعراء فيه القول، قال بعضهم:
إذا فخرت خزاعة في قديم وجدنا فخرها شر الخمور
وبيعا كعبة الرحمن حمقـا بزق بئس مفتخر الفخور
وقال آخر:
أبو غبشان أظلم من قصـي وأظلم من بني فهر خزاعه
فلا تلحو قصياً فـي شـراه ولوموا شيخكم إن كان باعه

أحمق من عجلٍ

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 94

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 95

هو عجل بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل. قال حمزة: هو أيضاً من الحمقى المنجبين، وذلك أنه قيل له: ما سميت فرسك? فقام ففقأ عينه وقال: سميته الأعور. وفيه يقول جرثومة العنزي:
رمتني بنـو عـجـل بـداء أبـيهـم وأي امرئ في الناس أحمق من عجل
أليس أبـوهـم عـار عـين جـواده فصارت به الأمثال تضرب في الجهل

أحمق من هبنقة

هو ذو الودعات. واسمع يزيد بن ثروان أحد بني قيس بن ثعلبة. وبلغ من حمقه أنه ضل له بعير فجعل ينادي من وجد بعيري فهو له. فقيل له: فلم تنشده? قال: فأين حلاوة الوجدان. ومن حمقه أنه اختصمت الطفاوة وبنو راسب إلى عرباض في رجل إدعاه هؤلاء فقالت الطفاوة: هذا من عرافتنا. وقالت بنو راسب: بل هو من عرافتنا. ثم قالوا: رضينا بأول من يطلع علينا. فلما دنا قصوا عليه قصتهم فقال هبنقة: الحكم عندي في ذلك أن يذهب به إلى نهر البصرة فيلقى فيه، فإن كان راسبياً رسب فيه، وإن كان طفاوياً طفا. فقال الرجل: لا أريد أن أكون من أجد هذين الحيين ولا حاجة لي بالديوان. ومن حمقه أنه جعل في عنقه قلادة من ودع وعظام وخزف، وهو ذو لحية طويلة، فسئل عن ذلك فقال: لأعرف بها نفسي، ولئلا أضل. فبات ذات ليلة وأخذ أخوه قلادته فتقلدها فلما أصبح ورأى القلادة في عنق أخيه قال: يا أخي، أنت أنا فمن أنا. ومن حمقه أنه كان يرعى غنم أهله فيرعى السمان في العشب وينحي المهازيل، فقيل له: ويحك، ما تصنع? قال: لا أفسد ما أصلحه الله، ولا أصلح ما أفسده. قال الشاعر فيه:
عش بـجـــد ولـــن يضـــرب نـــوك إنـمـا عـيش مـن تـــرى بـــجـــدود
عش بجد وكن هبنقة القيسي نوكاً أو شيبة بن الوليد
برب ذي أربة مقل من الما ل وذي عـنـجـــهـــية مـــجـــدود
العنجهية، الجهل. وشيبة بن الوليد، رجل من رجالات العرب.

أحمق من حدنة

يقال: أنه أحمق من كان في العرب على وجه الأرض. ويقال: بل هي امرأة من قيس بن ثعلبة تمتخط بكوعها.

أحمق من حجينة

قالوا: أنه رجل كان من بني الصيداء يحمق.

أحمق من جهيزة

قال ابن السكيت: هي أم شبيب الخروري. ومن حمقها أنها لما حملت شبيباً فأثقلت قالت لا حمائها: إن في بطني شيئاً ينقر. فنشرن عنها هذه الكلمة فحمقت. وقيل: أنها قعدت في مسجد الكوفة تبول فلذا حمقت. وزعم قوم أن الجهيزة عرس الذئب، يعنون الذئبة، وحمقها أنها تدع ولدها وترضع ولد الضبع. قالوا: وهذا معنى قول ابن جزل الطعان:
كمرضعة أولاد أخرى وضيعت بنيها فلم ترفع بذلك مرقـعـاً
ويقال هي الدابة.

أحيا من فتاة ومن هدي

وهي المرأة تهدي إلى زوجها. قالت الأخيلية في توبة بن الحمير:
فتى كان أحيا من فتاة حيية وأجرأ من ليث بخفان خادر
وأما قولهم:

أحيا من ضب

فإنه أفعل من الحياة. الضب زعموا طويل العمر.

أحمق من الممهورة من نعم أبيها

وأصله أن رجلاً راود امرأة فأبت أن تمكنه إلا بمهر، فمهرها بعض نعم أبيها ومثله:

أحمق من الممهورة من مال أبيها

قال أبو عبيد: أصله أن رجلاً أعطى رجلاً مالاً فتزوج به ابنة المعطي، ثم أن الزوج امتن عليها بما مهرها.

أحمق من الممهورة إحدى خدمتيها

قال أبو عبيد أصله أن رجلاً كانت له امرأة حمقاء فطلبت مهرها منه، فنزع خلخالها ودفعه إليها فرضيت به.

أحمق من دغة

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 95

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 96

وهي مارية بنت مغنج، ومغنج ربيعة بن عجل. قال حمزة: هي بنت مغنج. قلت: ووجدت بخط المنذري معنج. ويحكى عن المفضل ابن سلمة أن اسم الرجل كما ذكرته قبل. ومن حمقها أنها زوجت وهي صغير في بني العنبر بن تميم فحملت، فلما ضربها المخاض ظنت أنها تريد الخلاء فبرزت إلى بعض الغيطان فولدت فاستهل الوليد، فانصرفت تقدر أنها أحدثت فقالت لضرتها: يا هناه، هل يفغر الجعر فاه? فقالت: نعم، ويدعو أباه. فمضت ضرتها وأخذت الولد. فبنو العنبر تسمى، بني الجعراء، تسب بها. ومن حمقها أيضاً أنها نظرت إلى يافوخ ولدها يضطرب، وكان قليل النوم، كثير البكاء، فقالت لضرتها: أعطيني سكيناً. فناولتها، وهي لا تعلم ما أنطوت عليه، فمضت وشقت به يافوخ ولدها فأخرجت دماغه، فلحقتها الضرة فقالت: ما الذي تصنعين? فقالت: أخرجت هذه المدة من رأسه ليأخذه النوم، فقد نام الآن. قال الليث: يقال دغة ودغينة إذا أرادوا أنه أحمق.

أحلم من الأحنف

هو الأحنف بن قيس، وكنيته أبو بحر، واسمه صخر من بني تميم، وكان في رجله حنف، وهو الميل إلى أنسيها. وكانت أمه ترقصه وهو صغير وتقول:
والله لولا ضعفه من هـزلـه وحنف أودقه فـي رجـلـه
ما كان في صبيانكم من مثله
وكان حليماً، موصوفاً بذلك، حكيماً معترفاً له به. قالوا: فمن حلمه أنه أشرف عليه رجل وهو يعالج قدراً له يطبخها فقال الرجل:
وقدر ككف القرد لا مستعيرها يعار ولا من يأتهـا يتـدسـم
فقيل ذلك للأحنف فقال: يرحمه الله، لو شاء لقال أحسن من هذا. وقال: ما أحب أن لي بنصيبي من الذل حمر النعم فقيل له: أنت أعز العرب. فقال: إن الناس يرون الحلم ذلاً. وكان يقول: رب غيظ قد ترجعته مخافة ما هو أشد منه. وكان يقول: كثرة المزاح تذهب بالهيبة. ومن أكثر من شيء عرف به. والسؤدد كرم الأخلاق وحسن الفعل. وقال ثلاث ما أقولهن إلا ليعتبر معتبر، لا أخلف جليسي بغير ما أحضر به، ولا أدخل نفسي فيما لا مدخل لي فيه، ولا آتي السلطان أو يرسل إلي. وقال له رجل: يا أبا بحر، دلني على محمدة بغير مرزئة. قال: الخلق السجيح، والكف عن القبيح، وأعلم أن أدوا الداء اللسان البذي والخلق الردي. وأبلغ رجل مصعباً عن رجل شيئاً، فأتاه الرجل يعتذر. فقال مصعب: الذي بلغنيه ثقة. فقال الأحنف: كلا أيها الأمير، فإن الثقة لا يبلغ. وسئل هل رأيت أحلم منك? قال: نعم، وتعلمت منه الحلم. قيل: ومن هو? قال: قيس بن عاصم المنقري، حضرته يوماً، وهو محتب يحدثنا، إذ حاءوا بابن له قتيل، وابن عم له كنيف، فقالوا: إ، هذا قتل ابنك هذا. فلم يقطع حديثه، ولا نقض حبوته، حتى إذا فرغ من الحديث التفت إليهم فقال: أين ابني فلان? فجاءه. فقال: يا بني، قم إلى ابن عمك فأطلقه، وإلى أخيك فادفنه، وإلى أم القتيل فأعطها مائة ناقة فإنها غريبة لعلها تسلو عنه. ثم اتكأ على شقه الأيسر وأنشأ يقول:
وأنا امرؤ لا يعتري خلقـي دنـس يفـنـده ولا أفـن
من منقر من بيت مكـرمة والغصن ينبت حوله الغصن
خطباء حين يقول قائلـهـم بيض الوجوه مصاقع لسن
لا يفطنون لعيب جـارهـم وهم لحسن جواره فـطـن

أحلم من فرخ عقاب

ذكر الأصمعي، أنه سمع إعرابياً يقول: سنان بن أبي حارثة أحلم من فرخ عقاب. قال، فقلت: وما حلمه? فقال: يخرج من بيضه على رأس نبق فلا يتحرك حتى يقر ريشه، ولو تحرك سقط. ويقال أيضاً:

أحزم من سنان

قال أبو اليقظان: لم يجتمع الحزم والحلم في رجل، فسار المثل له بهما، إلا في سنان.

أحزم من فرخ العقاب

قال الجاحظ: العقاب تتخذ أوكارها في عرض الجبال، فربما كان الجبل عموداً فلو تحرك إذا طلب الطعم، وقد أقبل إليه أبواه أو إحداهما، أو زاد في حركته شيئاً من موضع مجثمه، لهوى من رأس الجبل إلى الحضيضن فهو يعرف مع صغره وضعفه وقلة تجربته أن الصواب له في ترك الحركة.

أحزم من حرباء

لأنه لا يخلي على ساق شجرة حتى يمسك شجرة أخرى. وقال:
إني أتيح لها حرباء تـنـضـبة لا يرسل الساق إلا ممسكاً ساقاً

أحمى من مجير الجراد

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 96

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 97

قالوا: هو مدلج بن سويد الطائي. ومن حيدثه، فيما ذكر ابن الأعرابي عن ابن الكلبي، أنه خلا ذات يوم في خيمته فإذا هو بقوم من طيء ومعهم أوعيتهم فقال: ما خطبكم? قالوا: جراد وقع بفنائك فجئنا لنأخذه. فركب فرسه، وأخذ رمحه وقال: والله لا يعضن له أحد منكم إلا قتلته، إنكم رأيتموه في جواري ثم تريدون أخذه. فلم يزل يحرسه حتى حميت عليه الشمس وطار. فقال: شأنكم الآن فقد تحول عن جواري: ويقال أن المجير كان حارثة بن مرأبا حنبل. وفيه يقول شاعر طيء:
ومنا ابن مـر أبـو حـنـبـل أجار من الناس رجل الجـراد
وزيد لـنـا ولـنـا حـاتــم غياث الورى في السنين الشداد

أحمى من مجير الظعن

هو ربيعة بن مكدم الكناني. ومن حديثه، فيما ذكر أبو عبيدة، أن نبيشة بن حبيب السلمي خرج غازياً فلقي ظعناً من كنانة بالكديد فأراد أن يحتويها، فمانعه ربيعة بن مكدم في فوارس، وكان غلاماً له ذؤابة، فشد عليه نبيشة فطعنه في عضده، فأتى ربيعة أمه وقال: شدي على العصب أم سيار، فقد رزئت فارساً كالدينار. فقالت أمه:
أنا بني ربيعة بن مـالـك نرزأ في خيارنا كـذلـك
من بين مقتول وبين هالك
ثم عصبته فاستسقاها ماء فقالت: اذهب فقاتل القوم فإن الماء لا يفوتك. فرجع وكر على القوم فكشفهم ورجع إلى الظعن وقال: إني لمائت، وسأحميكن ميتاً كما حميتكن حياً بأن أقف بفرسي على العقبة وأتكئ على رمحي، فإن فاضت نفسي كان الرمح عمادي فالنجاء، النجاء، فإني أرد بذلك وجوه القوم ساعة من النهار. فقطعن العقبة ووقف هو بإزاء القوم على فرسه متكئاً على رمحه، ونزفة الدم ففاظ والقوم بإزائه يحجمون عن الإقدام عليه، فلما طال وقوفه في مكانه، ورأوه لا يزول عنه، رموا فرسه فقمص وخر ربيعة لوجهه، فطلبوا الظعن فلم يلحقوهن. ثم أن حفص بن الأحنف الكناني مر بجيفة ربيعة فعرفها فأمال عليها أحجاراً من الحرة وقال يبكيه:
لا يبعدن ربيعة بـن مـكـدم وسقى الغوادي قبرها بذنـوب
نفرت قلوصي من حجارة حرة بنيت على طلق اليدين وهوب
لا تنفري يا ناق منـه فـإنـه شراب خمر مسعر لحـروب
لولا السفار وبعده من مهمـه لتركتها تحبو على العرقـوب
قال أبو عبيدة: قال أبو عمرو بن العلاء: ما نعلم قتيلاً حمى ظعائن غير ربيعة بن مكدم.

أحمى من إست النمر

لأن النمر لا يدع أن يأتيه أحد من خلفه ويجهد أن يمنعه.

أحكم من لقمان ومن زرقاء اليمامة

قال النابغة في زرقاء اليمامة يخاطب النعمان:
وأحكم كحكم فتاة الحي إذ نظرت إلى حمام سراع وأرد الثـمـد
يحفه جانبـاً نـيق وتـتـبـعـه مثل الزجاجة لم تكحل من الرمد
قالت ألا ليتما هذا الحمـام لـنـا إلى حمامتنا أو نصفـه فـقـد
فحسبوه فألفوه كـمـا ذكـرت تسعاً وتسعين لم ينقص ولم يزد
وكانت نظرت إلى سرب من حمام طائر فيه ست وستون حمامة وعندها حمامة واحدة فقالت:
ليت الحمام ليه إلى حمامتيه
ونصفه قـديه ثم الحمام ميه
وقال بعض أصحاب المعاني: أن النابغة لما أراد مدح هذه الحكيمة الحاسبة بسرعة إصابتها شدد الأمر وضيقه ليكون أحسن له إذا أصاب فجلعه حرزاً لطير إذ كان الطير أخف ما يتحرك، ثم جعله حماماً إذ كان الحمام أسرع الطير، ثم كثر العدد إذ كانت المسابقة مقرونة بها، وذلك أن الحمام يشتد طيرانها عند المسابقة والمنافسة، ثم ذكر أنها طارت بين نيقين، لأن الحمام إذا كان في مضيق من الهواء، كان أسرع طيراناً منه إذا اتسع الفضاء، ثم جعله وارد الماء لأن الحمام إذا ورد الماء أعانه الحرص تعلى الماء على سرعة الطيران.

أحكم من هرم بن قطبة

هذا من الحكم، لا من الحكمة، وهو الفزاري الذي تنافر إليه عامر ابن الطفيل، وعلقمة بن علاثة الجعفريان فقال لهما: أنتما يا ابني جعفر كركبتي البعير تقعان معاً، ولم ينفر واحد منهما على صاحبه.

أحمق من شرنبث

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 97

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 98

ويقال جرنبذ، وهو رجل من بني سدوس، جمع عبيد الله بن زياد بينه وبين هبنقة وقال تراميا. فملأ شرنبث خريطة من حجارة وبدأ فرماه وهو يقولك دري عقاب بلبن واشخاب، طيري عقاب وأصيبي الحراب حتى يسيل اللعاب، فأصاب بطن هبنقة فانهزم، فقيل له: اتنهزم من حجر واحد? فقال، لو أنه قال: طيري عقاب وأصيبي الذباب، يعني ذباب العين، فذهبت عيني ما كنتم تغنون عني. فذهبت كلمة شرنبث مثلاً في تهييج الرامي والاستحثاث به.

أحمق من بيهس

هو الملقب بنعامة. وله قصة قد ذكرتها في باب الثاء. وكان مع حمقه أحضر الناس جواباً. قال حمزة: فما تكلم به من الأمثال التي يعجز عنها البلغاء: لو نكلت على الأولى لما عدت إلى الثانية.

أحمق من جحا

هو رجل من فزارة. وكان يكنى أبا الغصن. فمن حمقه أن عيسى بن موسى الهاشمي مر به وهو يحفر بظهر الكوفة موضعاً فقال له: مالك يا أبا الغصن? قال: إني قد دفنت في هذه الصحراء دراهم ولست أهتدي إلى مكانها. فقال عيسى: كان يجب أن تجعل عليها علامة. قال: قد فعلت. قال ماذا? قال: سحابة في السماء كانت تظلها ولست أرى العلامة. ومن حمقه أيضاً أنه خرج من منزله يوماً بغلس فعثر في دهليز منزله بقتيل فضجر به، وجره إلى بئر منزله فألقاه فيها، فنذر به أبوه فأخرجه وغيبه وخنق كبشاً حتى قتله وألقاه في البئر. ثم أن أهل القتيل طافوا في سكك الكوفة يبحثون عنه فتلقاهم جحا فقال: في دارنا رجل مقتول فانظروا أهو صاحبكم. فعدلوا إلى منزله، وأنزلوه في البئر فلما رأى الكبش ناداهم وقال: يا هؤلاء، هل كان لصاحبكم قرن? فضحكوا ومروا. ومن حمقه أن أبا مسلم صاحب الدولة لما ورد الكوفة قال لمن حوله: أيكم يعرف جحا فيدعوه إلي? فقال يقطين: أنا، ودعاه، فلما دخل لم يكن في المجلس غير أبي مسلم ويقطين فقال: يا يقطين، أيكما أبو مسلم? قلت: وجحا اسم لا ينصرف لأنه معدول من جاح، مثل عمرو من عامر يقال: جحا يجحو جحواً إذا رمى. ويقال: حيا الله جحوتك. أي وجهك.

أحمق من ربيعة البكاء

هو ربيعة بن عامر بن ربيعة بن عامر بن صعصعة. ومن حمقه أن أمه كانت تزوجت رجلاً من بعد أبيه فدخل يوماً عليها الخباء، وهو رجل قد التحى، فرأى أمه تحت زوجها يباضعها، فتوهم أنه يريد قتلها، فرفع صوته بالبكاء وهتك عنهما الخباء وقال: وا أماه. فلحقه أهل الحي وقالوا: ما وراءك? قال: دخلت الخباء فصادفت فلاناً على بطن أمي يريد قتلها. فقالوا: أهون مقتول أم تحت زوج. فذهبت مثلاً وسمي ربيعة البكاء، فضرب بحمقه المثل.

أحمق من الدابغ على التحليء

قالوا: التحليء، قشر يبقى على الأهاب من اللحم فيمنع الدباغ أن ينال الآهاب حتى يقشر عنه، فإن ترك فسد الجلد بعد ما يدبغ.

أحمق من راعي ضان ثمانين

لأن الضان تنفر من كل شيء، فيحتاج راعيها إلى أن يجمعها في كل وقت. هذه رواية محمد بن حبيب. وقال أبو عبيد: أحمق من طالب ضأن ثماني. قال: وأصل المثل، أن أعرابياً بشر كسرى ببشرى سر بها فقال له: سلني ما شئت. فقال: أسألك ضأناً ثمانين. فضرب به المثل في الحمق. وروى الجاحظ: أشقى من راعي ضأن ثمانين. قال: وذلك أن الإبل تتعشى وتربض حجرة فتجتر، والضأن يحتاج صاحبها إلى حفظها ومنعها من الإنتشار، والسباع الطالبة لها. وروى الجاحظ أيضاً: اشغل من مرضع بهم ثمانين. قال: ويقول الرجل، إذا استعنته وكان مشغولاً: أنا في رضاع بهم ثمانين.

أحمق من الضبع

تزعم الأعراب أن أبا الضباع وجد تودية في غدير، فجعل يشرب الماء ويقول: حبذا طعم اللبن. ويقال: بل كان ينادي وأصبوحاه. حتى انشق بطنه ومات. والتودية، العود يشد على رأس الخلف لئلا يرضع الفصيل. ومن حمقها أيضاً أن يدخل الصائد عليها وجارها فيقول لها: خامري أم عامر. فلا تتحرك حتى يشدها. قلت: وقد شرحت المثل في باب الخاء بأبين من هذا.

أحمق من الربع

هذا مثل سائر عن أكثر العرب. قال حمزة: ألا أن بعض العرب دفع عنه الحمق فقال: وما حمق الربع? والله أنه ليتجنب العدوى، ويتبع أمه في المرعى، ويراوح بين الأطباء، ويعلم أن حنينها له دعاء، فأين حمقه?

أحمق من نعجة على حوض

لأنها إذا رأت الماء أكبت عليه تشرب، فلا تنثني عنه إلا أن تزجر، أو تطرد.

أحمق من نعامة

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 98

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 99

وذلك أنها تنتشر للطعم فربما رأت بيض نعامة أخرى قد انتشرت لمثل ما انتشرت هي له فتحضن بيضها وتنسى بيض نفسها، ثم تجيء الأخرى فترى غيرها على بيض نفسها فتمر لطيتها. وإياها عنى ابن هرمة بقوله:
كتاركة بيضها بالـعـراء وملبسة بيض أخرى جناحا
وقال ابن الأعرابي: بيضة البلد، التي قد سار بها المثل، هي بيضة النعامة التي تتركها فلا تهتدي إليها، فتفسد، فلا يقربها شيء. والنعام موصوف بالسخف، والموق، والشراد، والنفار. ولخفة النعام وسرعة هويها وطيرانها على وجه الأرض قالوا في المثل: شالت نعامتهم، وخفت نعامتهم، وزف رألهم، إذا تركوا مواضعهم بجلاء أو موت. وزعم أبو عبيدة أن ابن هرمة عني بقوله: كتاركة بيضها، الحمامة التي تحضن بيض غيرها وتضيع بيض نفسها.

أحمق من رخمة

هذا مثل سائر عن أكثر العرب، إلا أن بعض العرب يستكيسها فيقول في أخلاقها عشر خصال من الكيس وهي: أنها تحضن بيضها، وتحمي فرخها، وتألف ولدها، ولا تمكن من نفسها غير زوجها، وتقطع في أول القواطع، وترجع في أول الرواجع، ولا تطير في التحسير، ولا تغتر بالشكير، ولا ترب بالوكور، ولا تقسط على الجفير. قوله: تقطع في أول القواطع، وترجع في أول الرواجع. أراد أن الصيادين إنما يطلبون الطير بعد أن يوقنوا أن القواطع قد قطعت، والرخمة تقطع في أوائلها لتنجو. يقال: قطعت الطير قطاعاً، إذا تحولت من الجروم إلى الصرود، أو من الصرود إلى الجروم. وقوله: ولا تطير في التحسير. يقال: حسر الطائر تحسيراً، إذا سقط ريشه. ولا تغتر بالشكير، أي بصغار ريشها، بل تنتظر حتى يصير قصباً ثم تطير. وقوله: ولا ترب بالوكور، أي لا تقيم، من قولهم أرب بالمكان إذا أقام به، أي لا ترضي بما يرضى به الطير من وكورها، ولكن تبيض في أعلى الجبال حيث لا يبلغه إنسان ولا سبع ولا طائر، ولذلك يقال في المثل: من دون ما قلت، أو من دون ما سمت بيض الأنوق. للشيء لا يوصل إليه. وقوله: ولا تسقط على الجفير، يعني الجعبة، لعلمها أن فيها سهاماً. وقد جمع الشاعر هذه المعاني في بيت وصفها فيه فقال:
وذات اسمين والألوان شتى تحمق وهي كيسة الحويل

أحمق من عقعق

لأنه مثل النعامة التي تضيع بيضها وفراخها.

أحمق من رجلةٍ

وهي البقلة التي تسميها العامة، الحمقاء، وإنما حمقوها لأنها تنبت في مجاري السيول فيمر السيل بها فيقتلعها.

أحمق من ترب العقد

يعنون عقد الرمل، وإنما يحمقونه لأنه لا يثبت فيه التراب بل ينهار.

أحذر من غراب

وذلك أنهم يحكون في رموزهم أن الغراب قال لابنه: يا بني، إذا رميت فتلوص، أي تلو. فقال: يا أبت، إني أتلوص قبل أن أرمي.

أحذر من ذئب

قالوا: إنه يبلغ من شدة احترازه أن يراوح بين عينيه إذا نام، فيجعل أحداهما مطبقة نائمة والأخرى مفتوحة حارسة، بخلاف الأرنب الذي ينام مفتوح العينين، لا من احتراز ولكن خلقة. قال حميد بن ثور في حذر الذئب:
ينام بإحدى مقلـتـيه ويتـقـي بأخرى المنايا فهو يقظان هاجع

أحذر من ظليم

قالوا: إنه يكون على بيضه فيشم ريح القانص من غلوة فيأخذ حذره. وينشدون لبعضهم:
أشم من هيق وأهدى من جمل

أحر من الجمر

زعم النظام أن الجمر في الشمس أشهب أكهب، وفي الفيء أشكل، وفي الليل أحمر.

أحر من القرع

هو بثر يأخذ صغار الإبل في رؤوسها وأجسادها فتقرع. والتقريع، معالجتها لنزع قرعها، وهو أن يطلوها بالملح وحباب ألبان الإبل، فإذا لم يجدوا ملحاً نتفوا أوربارها، ونضحوا جلدها بالماء، ثم جروها على السبخة. قال أوس بن حجر يصف خيلاً:
لدى كل أخدود يغادرون فارساً يجر كما جر الفصيل المقرع

أحر من القرع

مسكن الراء، يعنون به قرع المسيم. قال الشاعر:
كان على كبدي قرعة حذار من البين ما تبرد

أحسن من النار

هذا من قول الأعرابية التي قالت: كنت في شبابي أحسن من النار الموقدة.

أحسن من شف الأنضر

الأنضر، جمع نضر، وهو الذهب. ويعنون قرط الذهب. وقال:
وبياض وجه لم تحل أسراره مثل الوذيلة أو كشف الأنضر

أحسن من الدمية ومن الزون

وهما الضم. قال الشاعر:  
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 99

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 100

يمشي بها كل موشي أكارعـه مشي الهرابذ حجوا بيعة الزون
قال حمزة: غلط هذا الشاعر من ثلاثة أوجه: أحدها، أن الهرابذ للمجوس لا للنصارى. والثاني، أن البيعة للنصارى لا للمجوس. والثالث، أن النصارى لا تعبد الأصنام.

أحير من ضبٍ

لأنه إذا فارق جحره لم يهتد للرجوع.

أحير من ورل

وهو دابة مثل الضب يوصف بالحيرة أيضاً.

أحول من أبي براقش

هذا من التحول والتنقل. وأبو براقش، طائر يتلون ألواناً مختلفة في اليوم الواحد، وهو مشتق من البرقشة، وهي النقش يقال: برقشت الثوب، إذا نقشته. قال فيه الشاعر:
كأبي براقش كل لو ن لونه يتـخـيل
ويروى يتحول.
وأما قولهم:

أحول من أبي قلمون

فهو ضرب من ثياب الروم يتلون ألواناً للعيون.

أحول من ذئب

هذا من الحيلة. يقال: تحول الرجل، إذا طلب الحيلة.

أحرص من كلب على جيفة

ومن كلب على عرق. والعرق، العظم عليه اللحم.

أحن من شارف

الشارف، الناقة المسنة، وهي أشد حنيناً على ولدها من غيرها. قلت: كذا أورده حمزة رحمه الله، حنيناً على، والصواب، حنيناً إلى، أو حناناً على، أن أراد العطف والرأفة.

أحلى من ميراث العمة الرقوب

وهي التي لا يعيش لها ولد.

أحذر من قرَّلى

وأحزم أيضاً. وهو طائر من طير الماء شديد الحزم والحذر، يطير في الهواء وينظر بإحدى عينيه إلى الأرض. وفي أسجاع ابنة الخس:
كن حذراً كالقرلـى إن رأى خيراً تدلـى
وإن رأى شراً تولى
قال الأزهري: ما أراه عربياً.

أحمق من أم الهنبر

الهنبر، الجحش. وأم الهنبر، الأتان. في لغة فزارة الضبع، ويقولون للضبعان أبو الهنير.

أحمق من لاعق الماء، ومن ناطح الصخر، ومن لاطم

الإشفى بخده ومن الممتخط بكوعه

أحسن من الطاوس، ومن سوق العروس، ومن زمن البرامكة ومن الدنيا المقبلة، ومن الشمس والقمر، ومن الدر والديك، أحلى من حياة معادة، ومن التوحيد، ومن نيل المنى، ومن النشب، ومن الولد، ومن العسل

أحرص من نملة، ومن ذرة، ومن كلب على عقي

وهو أول حدث الصبي.

أحير من الليل ومن يد في رحم

أحسن من بيضة في روضة

العرب تتحسن نقاء البيضة في نضارة خضرة الروضة.

أحرس من كلب، ومن الأجل

ويقال: أحرس من كلبة كريز.

أحفظ من العميان، ومن الشعبي، أحمى من أنف الأسد

أحن من المريض إلى الطبيب، أحد من ليطة

الليطة، قشر القصب. ويقال أيضاً.

أحد من موسى

أحلى من ماء الفرات، ومن لبن الأم

أحمض من صفع الذل في بلد الغربة

أحيا من كعاب، ومن مخبأة، ومخدرة، وبكر

أحسن من الدهم الموقفة

وهي التي في قوائمها بياض.

أحكى من قرد

لأنه يحكي الإنسان في أفعاله سوى المنطق. كما قال أبو الطيب:
يرمون شأوي في الكـلام وإنـمـا يحاكي الفتى فيما خلا المنطق القرد

أحمل من الأرض ذات الطول والعرض

أحضر من التراب وأحقر من التراب

المولدون

"حظ في السحاب وعقل في التراب حسـبـه صـيد فـكـان قـيدا"
"حسب الحليم أن الناس أنصاره على الجاهل" "حرك القدر يتحرك" يضرب في البعث على السفر "حمار طياب وبغلة أبي دلامة" للكثير العيوب.
"حوصلي وطيري".
في الحث على التصرف.
"حبال وليف جهاز ضعيف" "حيثما سبقط لقط" يضرب للمحتال.
"حصد الشوق السلو" "حق من كتب بمسك أن يختم بعنبر" "حصنك من الباغي حسن المكاشرة" "حديث لو نقرته لطن" "حماك أحمى لك وأهلك أحفى بك" "حدياك إن كان عندك فضل" أي ابرز لي وجارني.
"حسن طلب الحاجة نصف العلم" "حياء الرجل في غير موضعه ضعف" "الحسد ثقل لا يضعه حامله" "الحيلة أنفع من الوسيلة" "الحر عبد إذا طمع والعبد حر إذا قنع" "الحسد في القرابة جوهر وفي غيرهم عرض" "الحياء يمنع الرزق" "الحركة بركة" "الحاجة تفتق الحيلة" "الحريص محروم" "الحر يكفيه الإشارة" "الحاوي لا ينجو من الحيات" "الحمير نعت الأكافين" "الحق خير ما قيل" "الحبة تدور وإلى الرحا ترجع" "الحباب لا تشتري أو تصفع" "الحمار على كراه يموت" أي، المرافق تدرك بالمتاعب.
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 100

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 101

"الحمار السوء دبره أحب إليك من مكوك شعير، إحفظني أنفعك" "احفر بيراً وطم بيراً ولا تعطل أجيراً" "احتاج إلى الصوفة من جز كلبة" "الحسود لا يسود، الإحسان إلى العبد مكبتة للحسود" "الحسد داء لا يبرأ"

الباب السابع

في

ما أوله خاء

خذ من جذع ما أعطاك

جذع، اسم رجل يقال له جذع بن عمرو الغساني، وكانت غسان تؤدي كل سنة إلى مل سليح دينارين من كل رجل. وكان الذي يلي ذلك سبطة ابن المنذر السحيلي، فجاء سبطة إلى جذع يسأله الدينارين، فدخل جدذع منزله ثم خرج مشتملاً على سيفه فضرب به سبطة حتى برد ثم قال: خذ من جذع ما أعطاك. وامتنعت غسان من هذه الأتاوة بعد ذلك. يضرب في اغتنام ما يجود به البخيل.

خذ من الرضفة ما عليها

الرضف، الحجارة المحماة يوغر بها اللبن واحدتها رضفة وهي إذا ألقيت في اللبن لزق بها منه شيء فيقال خذ ما عليها فإن تركك إياه لا ينفع. يضرب في اغتنام الشيء من البخيل وإن كان نزرا.

خذه ولو بقرطي مارية

هي، مارية بنت ظالم بن وهب، وأختها هند الهنود، امرأة حجر آكل المرار الكندي.
قال أبو عبيد: هي أم ولد جفنة. قال حسان:
أولاد جفنة حو لقبـر أبـيهـم قبر ابن مارية الكريم المفضل
يقال أنها أهدت إلى الكعبة قرطيها وعليهما درتان كبيضي حمام لم ير الناس مثلهما، ولمن يدروا ما قيمتهما. يضرب في الشيء الثمين. أي لا يفوتنك بأي ثمن يكون.

خذ منها ما قطع البطحاء

قوله: منها، أي من الإبل. والبطحاء، تأنيث الأبطح، وهو مسيل فيه دقاق الحصا، والجمع بطاح، على غير قياس، أي خذ منها ما كان قوياً. يضرب في الاستعانة بأولي القوة.

خذ الأمر بقوابله

أي، بمقدماته. يعني دبره قبل أن يفوتك تدبيره. والباء، بمعنى في، أي فيما يستقبلك منه.
يقال قبل الشيء وأقبل. يضرب في الأمر باستقبال الأمور.

خذ ما طف لك واستطف

وأطف أيضاً. يقال: طف الشيء يطف طفوفاً إذا ارتفع وقل. ويقال أيضاً:

خذ ما دف واستدف

قال أبو زيد: أي ما تهيأ. يضرب في قناعة الرجل ببعض حاجته.

خش ذؤالة بالحبالة

ذؤالة، اسم للذئب اشتق من الذالان، وهو مشي خفيف. يضرب لمن لا يبالي تهدده. أي توعد غيري فإني أعرفك. وقال أبو عبيدة: إنما يقول هذا من يأمر بالتبريق والأيعاد. قال الشاعر:
لي كل يوم من ذؤالـه ضغث يزيد على أباله
فلأحشأنك مشقـصـا أوساً أويس من الهبالة

خالفه تذكر

قال المفضل بن سلمة: أول من قال ذلك الحطيئة، وكان ورد الكوفة فلقي رجلاً فقال: دلني على أفتى المصر نائلاً. قال: عليك بعتيبة بن النهاس العجلي. فمضى نحو داره فصادفه فقال: أنت عتيبة. قال: لا. قال: فأنت عتاب. قال: لا. قال: إن اسمك لشبيه بذلك. قال: أنا عتيبة، فمن أنت? قال: أنا جرول. قال: ومن جرول? قال: أبو مليكة. قال الحطيئة: فحدثني عن أشعر الناس من هو? قال: أنت. قال الحطيئة: خالف تذكر، بل اشعر مني الذي يقول:
ومن يجعل المعروف من دون عرضه يفره ومن لا يتق الـشـتـم يشـتـم
ومن يك ذا فضل فيبخل بفـضـلـه على قومه يستغـن عـنـه ويذمـم
قال: صدقت. فما حاجتك? قال: ثيابك هذه، فإنها قد أعجبتني. وكان عليه مطرف خز، وجبة خز، وعمامة خز. فدعا بثياب فلبسها، ودفع ثيابه إليه ثم قال له: ما حاجتك أيضاً? قال: ميرة أهلي من حب وتمر وكسوة. فدعا عوناً له فأمره أن يميرهم وأن يكسو أهله فقال الحطيئة: العود أحمد. ثم خرج من عنده وهو يقول:
سئلت فلم تبخل ولم تعط طائلاً فسيان لا ذم عليك ولا حمـد

خطب يسير في خطب كبير

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 101

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 102

قال قصير بن سعد اللخمي لجذيمة بن مالك بن نصر الذي يقال له جذيمة الأبرش، وجذيمة الوضاح. والعرب تقول للذي به البرص، به وضح، تفادياً من ذكر البرص. وكان جذيمة ملك ما على شاطئ الفرات. وكانت الزباء ملكة الجزيرة، وكانت من أهل بأجرمى، وتتكلم بالعربية، وكان جذيمة قد وترها بقتل أبيها، فلما استجمع أمرها، وانتظم شمل ملكها، أحبت أن تغزو جذيمة، ثم رأت أن تكتب إليه أنها لم تجد ملك النساء إلا قبحاً في السماع، وضعفاً في السلطان، وإنها لم تجد لملكها موضعاً، ولا لنفسها كفؤاً غيرك، فأقبل إلي لأجمع ملكي إلى ملكك، وأصل بلادي ببلادك، وتقلد أمري مع أمرك. تريد بذلك الغدر. فلما أتى كتابها جذيمة، وقدم عليه رسلها، استخفه ما دعته إليه، ورغب فيما أطمعته فيه، فجمع أهل الحجا والرأي من ثقاته، وهو يومئذ ببقية من شاطئ الفرات، فعرض عليهم ما دعته إليه وعرضت عليه، فاجتمع رأيهم على أن يسير إليها فيستولي على ملكها، وكان فيهم قصير، وكان أريباً حازماً أثيراً عند جذيمة، فخالفهم فيما أشاروا به وقال: رأي فاتر وغدر حاضر. فذهبت كلمته مثلاً. ثم قال لجذيمة: الرأي أن تكتب إليها، فإن كانت صادقة في قولها فلتقبل إليك، وإلا لم تمكنها من نفسك، ولم تقع في حبالتها، وقد وترتها وقتلت أباها. فلم يوافق جذيمة ما أشار به. فقال قصير:
إني امرؤ لا يميل العجز ترويتي إذا أتت دون شيء مرة الـوذم
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 102

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 103

فقال جذيمة: لا، ولكنك امرؤ رأيك في الكن لا في الضح. فذهبت كلمته مثلاً. ودعا جذيمة عمر بن عدي ابن أخته فاستشاره فشجعه على المسير وقال: إن قومي مع الزباء، ولو قد رأوك صاروا معك. فأحب جذيمة ماله، وعصى قصراً فقال قصير: لا يطاع لقصير أمر. فذهبت مثلاً. واستخلف جذيمة عمرو بن عدي على ملكه وسلطانه، وجعل عمرو بن عبد الجن معه على جنوده وخيوله، وسار جذيمة في وجوه أصحابه، فأخذ على شاطئ الفرات من الجانب الغربي، فلما نزل دعا قصيراً فقال: ما الرأي يا قصير? فقال قصير: ببقة خلفت الرأي. فذهبت مثلاً. قال: وما ظنك بالزباء? قال: القول رداف، والحزم عثراته تخاف. فذهبت مثلاً. قال: وما ظنك بالزباء? قال: القول رداف، والحزم عثراته تخاف. فذهبت مثلاً. واستقبله رسل الزباء بالهدايا والألطاف فقال: يا قصير، كيف ترى? قال: خطب يسير في خطب كبير. فذهبت مثلاً. وستلقاك الجيوش، فإن سارت أمامك فالمأة صادقة. وإن أخذت جنبتيك وأحاطت بك من خلفك فالقوم غادرون بك، فاركب العصا فإنه لا يشق غباره. فذهبت مثلاً. وكانت العصا فرساً لجذيمة لا تجاري. وأني راكبها ومسايرك عليها. فلقيته الخيول والكتائب، فحالت بينه وبين العصا، فركبها قصير، ونظر إليه جذيمة على متن العصا مولياً. فقال: ويل أمه حزماً على متن العصا. فذهبت مثلاً. وجرت به إلى غروب الشمس ثم نفقت، وقد قطعت أرضاً بعيدة، فبنى عليها برجا يقال له برج العصا وقالت العرب: خير ما جاءت به العصا. فذهبت مثلاً. وسار جذيمة وقد أحاطت به الخيل حتى دخل على الزباء، فلما رأته تكشفت فإذا هي مضفورة الأسب فقالت: يا جذيمة، أدأب عروس ترى? فذهبت مثلاً. فقال جذيمة: بلغ المدى، وجف الثرى، وأمر غدر أرى. فذهبت مثلاً. ودعت بالسيف والنطع ثم قالت: إن دماء الملوك شفاء من الكلب. فأمرت بطست من ذهب، قد أعدته له، وسقته الخمر حتى سكر وأخذت الخمر منه مأخذها، فأمرت براهشيه فقطعا، وقدمت إليه الطست وقد قيل لها: أن قطر من دمه شيء في غير الطست طلب بدمه. وكانت الملوك لا تقتل بضرب الأعناق إلا في القتال، تكرمة للملك، فلما ضعفت يداه سقطتا، فقطر من دمه في غير الطست فقالت: لا تضيعوا دم الملك. فقال جذيمة: دعوا ما ضيعه أهله. فذهبت مثلاً. فهلك جذيمة، وجعلت الزباء دمه في رعة لها، وخرج قصير من الحي الذي هلكت العصا بين أظهرهم، حتى قدم على عمرو بن عدي، وهو بالحيرة فقال له قصير: أثائر أنت? قال: بل ثائر سائر. فذهبت مثلاً. ووافق قصير الناس، وقد اختلفوا، فصارت طائفة مع عمرو بن عدي اللخمي، وجماعة منهم مع عمر بن عبد الجن الجرمي، فاختلف بينهما قصير حتى أصطلحا، وإنقاد عمرو بن عبد الجن لعمرو بن عدي فقال قصير لعمرو بن عدي: تهيأ واستعد، ولا تبطن دم خالك. قال: وكيف لي بها وهي أمنع من عقاب الجو? فذهبت مثلاً. وكانت الزباء سألت كاهنة لها عن هلاكها فقالت: أرى هلاكك بسبب غلام مهين غير أمين، وهو عمرو بن عدي، ولن تموتي بيده ولكن حتفك بيدك، ومن قبله ما يكون ذلك. فحذرت عمراً، واتخذت لها نفقاً من مجلسها الذي كانت تجلس فيه إلى حصن لها داخل مدينتها. وقالت: إن فجأني أمر دخلت النفق إلى حصني. ودعت رجلاً مصوراً من أجود أهل بلاده تصويراً، وأحسنهم عملاً، فجهزته وأحسنت إليه وقالت: سر حتى تقدم على عمرو بن عدي متنكراً فتخلو بحشمه، وتنضم إليهم، وتخالطهم، وتعلمهم ما عندك من العلم بالصور، ثم أثبت لي عمرو بن عيد معرفة، فصوره جالساً، وقائماً، وراكباً، ومتفضلاً، ومتسلحاً بهيئته ولبسته ولونه، فإذا أحكمت ذلك فأقبل إلي. فانطلق المصور حتى قدم على عمرو بن عدي، وصنع الذي أمرته الزباء، وبلغ من ذلك ما أوصته به، ثم رجع إلى الزباء بعلم ما وجهته له من الصورة على ما وصفت وأرادت أن تعرف عمرو بن عدي فلا تراه على حال إلا عرفته وحذرته وعلمت علمه. فقال قصير لعمرو بن عدي: أجدع أنفي، واضرب ظهري ودعني وإياها. فقال عمرو: ما أنا بفاعل، وما أنت لذلك مستحقاً عندي. فقال قصير: خل عني إذن وخلاك ذم. فذهبت مثلاً. فقال له عمرو: فأنت أبصر. فجدع قصير أنفه، وأثر آثاراً بظهره فقالت العرب: لمكر ما جدع قصير أنفه. وفي ذلك يقول المتلمس:
وفي طلب الأوتار ما حز أنـفـه قصير ورام الموت بالسيف بيهس
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 103

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 104

ثم خرج قصير كأنه هارب، وأظهر أن عمرواً فعل ذلك. وإنه زعم أنه مكر بخاله جذيمة، وغره من الزباء. فسار قصير حتى قدم على الزباء فقيل لها أن قصيراً بالباب، فأمرت به، فأدخل عليها، فإذا أنفه قد جدع، وظهره قد ضرب فقالت: ما الذي أرى بك يا قصير? قال: زعم عمرو أني قد غررت خاله، وزينت له المصير إليك، وغششته، ومالأتك، ففعل بي ما ترين، فأقبلت إليك وعرفت أني لا أكون مع أحد هو أثقل عليه منك. فأكرمته، وأصابت عنده من الحزم والرأي ما أرادت. فلما عرف أنها استرسلت إليه، ووثقت به قال: إن لي بالعراق أموالاً كثيرة، وطرائف، وثياباً، وعطراً، فابعثيني إلى العراق لأحمل مالي، وأحمل إليك من بزورها وطرائفها وثيابها وطيبها وتصيبين في ذلك أرباحاً عظاماً، وبعض ما لا غنى للملوك عنه. وكان أكثر ما يطرفها من التمر الصرفان، وكان يعجبها. فلم يزل يزين ذلك، حتى أذنت له، ودفعت إليه أموالاً، وجهزت معه عبيداً. فسار قصير بما دفعت إليه، حتى قدم العراق، وأتى الحيرة متنكراً فدخل على عمرو فأخبره الخبر وقال: جهزني بصنوف البز والأمتعة، لعل الله يمكن من الزباء، فتصيب ثأرك، وتقتل عدوك، فأعطاه حاجته، فرجع بذلك إلى الزباء، فأعجبها ما رأت، وسرها وأزدادت به ثقة، وجهزته ثانية، فسار حتى قدم على عمرو فجهزه وعاد إليها. ثم عاد الثالثة وقال لعمرو: أجمع لي ثقات أصحابك، وهيئ الغرائر المسموح، واحمل كل رجلين على بعير في غرارتين، فإذا دخلوا مدينة الزباء أقمتك على باب نفقها، وخرجت الرجال من الغرائر فصاحوا بأهل المدينة فمن قاتلهم قتلوه، وإن أقبلت الزباء تريد النفق جللتها بالسيف. ففعل عمرو ذلك، وحمل الرجال في الغرائر بالسلاح، وسار يكمن النهار ويسير الليل، فلما صار قريباً من مدينتها تقدم قصير فبشرها وأعلمها بما جاء به من المتاع والطرائف وقال لها: آأخر البز على القلوص. فأرسلها مثلاً. وسألها أن تخرج فتنظر إلى ما جاء به. وقال لها: جئت بما صاء وصمت. وذهبت مثلاً. ثم خرجت الزباء فأبصرت الإبل تكاد قوائمها تسوخ في الأرض من ثقل أحمالها، فقالت: يا قصير:
ما للجمال مشيهـا وئيداً أجندلا يحملن أم حديدا
أم صرفنا تارزا شديدا
فقال قصير في نفسه: بل الرجال قبضاً قعوداً. فدخلت الإبل المدينة حتى كان أخرها بعيراً مر على بواب المدينة، وكان منخسة، فنخس بها الغرارة فأصابت خاصرة الرجل الذي فيها فضرط فقال البواب بالرومية: بشنب ساقا يقول، شر في الجوالق. فأرسلها مثلاً. فلما توسطت الإبل المدينة أنيخت، ودل قصير عمروا على باب النفق الذي كانت الزباء تدخله، وأرته إياه قبل ذلك، وخرجت الرجال من الغرائر فصاحوا بأهل المدينة، ووضعوا فيهم السلاح، وقام عمرو على باب النفق؛ وأقبلت الزباء تريد النفق فأبصرت عمرواً فعرفته بالصورة التي صورت لها، فنضت خاتمها، وكان فيه السم وقالت: بيدي لا بيد ابن عدي. فذهبت كلمتها مثلاً. وتلقاها عمرو فجللها بالسيف، وقتلها، وأصاب ما أصاب من المدينة وأهلها، وإنكفأ راجعاً إلى العراق. وفي بعض الروايات، مكان قولها: أدأب عروس ترى? أشوار عروس ترى? فقال جذيمة: أرى دأب فاجرة غدور بظراء تفلة. قالت: لا من عدم مواس، ولا من قلة أواس، ولكن شيمة من أناس. فذهبت مثلاً.

خرقاء وجدت صوفاً

ويقال: وجدت ثلة، وهي الصوف أيضاً. يضرب مثلاً للذي يفسد ماله.

خذي ولا تناثري

هذا المثل من قوله دغة. وذلك أن أمها قالت لها حين رحلوا بها إلى بني العنبر: يوشك أن تزورينا محتضنة اثنين. فلما ولدت في بني العنبر، استأذنت في زيارة أمها فجهزت مع ولدها، فلما كانت قريبة من الحي أخذت ولدها فشقته باثنين، فلما جاءت الأم قالت لها: أين ولدك? فقالت: دونك، وأومأت إليه ثم قالت: يا أمه خذي ولا تناثري أنهما اثنان بحمد الله. يضرب في ستر العيوب وترك الكشف عنها.

خرقاء ذات نيقة

النيقة، فعله من التنوق. يقال: تنوق في الأمر، أي تأنق فيه. وبعضهم ينكر تنوق ويقول إنما هو تأنق. يضرب للجاهل بالأمر ومع ذلك يدعي المعرفة.

خرقاء عيابة

أي أنه أحمق ومع ذلك يعيب غيره.

أخبرها بعابها تخفر

العاب، العيب. يضرب للمأة الجريئة. أي أخبرها بعيبها لتكسر من جرأتها.

أختلفت رؤوسها فرتعت

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 104

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 105

الهاء، راجعة إلى الإبل، وإنما تختلف رؤوسها عند الرتوع. يضرب في اختلاف القوم في الشيء.

خرج نازعاً يده

يضرب لمن نزع يده عن طاعة سلطانه.

أخبرته بعجري وبجري

قال أبو عبيد: أصل العجر العروق المتعقدة. والبجر أن تكون تلك العروق في البطن خاصة. يضرب لمن تخبره بجميع عيوبك ثقة به. قال الشعبي: وقف علي رضي الله عنه يوم الجمل على طلحة وهو صريع قتيل فقال: عز علي، أبا محمد، أن أراك مجدلاً تحت نجوم السماء، تحشر من أفواه السباع وبطون الأودية، إلى الله أشكو عجري وبجري.

الخيل تجري على مساويها

قال اللحياني: لا واحد للمساوي ومثلها، المحاسن، والمقاليد. يقول: إن كان بها، يعني بالخيل أوصاب أو عيوب، فإن كرمها بحملها على الجري، فكذلك الحر الكريم يحتمل المؤن ويحمي الذمار وإن كان ضعيفاً، ويستعمل الكرم على كل حال.

الخيل أعلم بفرسانها

قال أبو عبيد: يعني أنها قد أختبرت ركابها فهي تعرف الكفء من غيره. ومعنى المثل: استغن بمن يعرف الأمر.

الخيل أعلم من فرسانها

يضرب لمن ظننت به أمراً فوجدته كذلك أو بخلافه.

اختلط المرعي بالهمل

يقال إبل همل. وهو همل وهمال، واحدها هامل، والمرعي التي فيها رعاؤها، والهمل ضدها. يضرب للقوم وقعوا في تخليط.
خير حالبيك تنطحين قال أبو عبيد: أصله أن شاة، أو بقرة، كان لها حالبان. وكان أحدهما أرفق بها من الآخر فكانت تنطحه وتدع الآخر. يضرب لمن يكافئ المحسن بالإساءة ويروى هيل هيل، خير حالبيك تنطحين. يقال: هيلة، اسم عنز. وهيل مرخم منها.

الخروف يتقلب على الصوف

يضرب للرجل المكفي المؤن.

خامري أم عامر

خامري، أي أستري. وأم عامر، وأم عمرو، وأم عويمر، الضبع يشبه بها الأحمق. ويروى ن علي رضي الله عنه أنه قال: لا أكون مثل الضبع، تسمع اللدم فتبرز طمعاً في الحية حتى تصاد. وهي كما زعموا من أحمق الدواب، لأنهم إذا أرادوا صيدها رموا في حجرها بحجر فتحسبه شيئاً تصيده، فتخرج لتأخذه فتصاد عند ذلك. ويقال لها: ابشري بجراد عظال، وكمر رجال. فلا يزال يقال حتى يدخل عليها رجل فيربط يديها ورجليها، ثم يجرها. والجراد العظال، الذي ركب بعضها بعضاً كثرة. وأصل العظال سفاد السباع. وقوله: وكمر رجال. يزعمون أن الضبع إذا وجدت قتيلاً قد انتفخ جردانه، ألقته على قفاه، ثم ركبته. قال العباس ابن مرداس السلمي:
ولو مات منهم من جرحنا لأصبحت ضباع بأعلى الرقمتين عـرائسـا
ومثله:

خامري حضاجر أتاك ما تحاذر

حضاجر، اسم للذكر والأنثى من الضباع. ومن أسجاعهم في مثل هذا: لم ترع يا حضاجر، كفاك ما تحاذر، ضبارم مخاطر، ترهبه القساور، يعني الأسود. ويقال:
يا أم عمرو أبشري بالبشرى موت ذريع وجراد عظلى
وكلا المثلين يضرب للذي يرتاع من كل شيء جبناً. وقيل: جعلا مثلاً لمن عرف الدنيا في نقضها عقود الأمور بإيراد البلاءي عقيب الرخاء، ثم يسكن إليها مع ما علم من عادتها، كما تغتر الضبع بقول القائل: خامري أم عامر.

خفت نعامتهم

وكذلك: شالت نعامتهم. إذا ارتحلوا عن منهلهم وتفرقوا.

خلا لك الجو قبيضي واصفري

أول من قال ذلك طرفة بن العبد الشاعر، وذلك أنه كان مع قومه في سفر، وهو صبي، فنزلوا على ماء، فذهب طرفة بفخيخ له فنصبه للقنابر، وبقي عامة يومه فلم يصد شيئاً، ثم حمل فخه ورجع إلى عمه، وتحملوا من ذلك المكان، فرأى القنابر يلقطن ما نثر لهن من الحب فقال:
يا لك من قنبرة بـمـعـمـر خلا لك الجو فبيضي واصفري
ونقري ما شئت أن تـنـقـري قد رحل الصياد عنك فابشري
ورفع الفخ فمـاذا تـحـذري لا بد من صيدك يوماً فاصبري
وحذف النون من قوله، تحذري، لوفاق القافية، أو لالتقاء الساكنين. قال أبو عبيد: يروى عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال لابن الزبير، حين خرج الحسين رضي الله عنه إلى العراق: خلا لك الجو فبيضي واصفري. يضرب في الحاجة يتمكن منها صاحبها.

خير ليلة بالأبد ليلة بين الزباني والأسد

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 105

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 106

وذلك عند طلوع الشرطين، وسقوط الغفر وما كان فيه من مطر، فهو من الربيع. وكانت العرب تراها من ليالي السعود إذا نزل بها القمر. وقوله: بالأبد. الباء، بمعنى في. والإبد، الدهر.

أخلف رويعاً مظنه

أصله أن راعياً كان اعتاد مكاناً يرعاه فجاءه يوماً وقد حال عما عهده. أي أتاه الخلف من حيث كان لا يأتيه. ومظن كل شيء حيث يظن به ذلك الشيء. يضرب في الحاجة يعوق دونها عائق.

خلع الذرع بيد الزوج

كان المفضل يحكي أن المثل لرقاش بنت عمرو بن تغلب بن وائل. وكان تزوجها كعب بن مالك بن تيم الله بن ثعلبة فقال لها: أخلعي درعك. فقالت: خلع الدرع بيد الزوج. فقال: أخلعيه لأنظر إليك. فقالت: التجرد لغير النكاح مثلة. فذهبت كلمتاها مثلين. يضربان في وضع الشيء غير موضعه.

خل سبيل من وهي سقاؤه ومن هريق بالفلاة ماؤه

يضرب لمن كره صحبتك وزهد فيك. قال الشاعر:
صادق خليلك ما بدا لك نصحه فإذا بدا لك غشه فـتـبـدل

اختلط الخاثر بالزباد

الخاثر، ما خثر من اللبن. والزباد، الزبد. يضرب للقوم يقعون في التخليط من أمرهم. عن الأصمعي.

اختلط الليل بالتراب

مثل ما تقدم من المعنى.

خير إناءيك تكفئين

يقال: كفأت الأناء، قلبته وكببته. وزعم ابن الأعرابي أن أكفأت لغة. قال الكسائي: كفأته كببته، واكتفأته مثل كفأته. ومنه قوله صلى الله عليه وسلم. "ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكتفئ ما في صحفتها". قال أبو عبيد: قد علم أنه لم يرد الصحفة خاصة، إنما جعلها مثلاً لحظها من زوجها. يقول: إنه إذا طلقها لقول هذه كانت قد أمالت نصيب صاحبتها إلى نفسها. قالوا: يضرب هذا المثل في موضع حرمان أهل الحرمة وإعطاء من ليس كذلك.

خير مالك ما نفعك

قال أبو عبيد: العامة تذهب بهذا المثل إلى أن خير المال ما أنفقه صاحبه في حياته ولم يخلفه بعده. وكان أبو عبيدة يتأوله في المال يضيع للرجل فيكسب به عقلاً يتأدب به في حفظ ماله فيما يستقبل. كما قالوا: لم يضع من مالك ما وعظك.

خير ما رد في أهل ومال

يقال هذا للقادم من سفره، أي جعل الله ما جئت به خير ما رجع به الغائب. ويروى خير، بالنصب، أي جعل الله ردك خير رد في أهل ومال. وبالرفع، على تقدير ردك خير رد. وفي، بمعنى مع.

الخلة تدعو إلى السلة

الخلة، الفقر. والسلة، السرقة. يعني أن الفقر يدعو إلى دناءة المكسب. ويجوز أن يراد بالسلة سل السيوف.

خير الفقه ما حاضرت به

أي، أنفع علمك ما حضرك في وقت الحاجة إليه.

خلاؤك أقنى لحيائك

أقنى، أي ألزم. والمعنى أن إذا خلوت في منزلك كان أحرى أن تقني الحياء، وتسلم من الناس، لأن الرجل إنما يحذر ذهاب الحياء إذا وأجه خصماً، أو عارض شكلاً، وإذا خلا في منزله لم يحتج إلى ذلك. يضرب في ذم مخالصة الناس.

خير قليل وفضحت نفسي

ويروى: نفع قليل. قالوا: إن أول من قال ذلك فاقرة، أمراع مرة الأسدي، وكانت من أجمل النساء في زمانها. وإن زوجها غاب عنها أعواماً فهويت عبداً لها حامياً، كان يرعى ماشيتها. فلما همت به أقبلت على نفسها فقالت: يا نفس، لا خير في الشرة فإنها تفضح الحرة، وتحدث العرة. ثم أعرضت عنه حيناً، ثم همت به فقالت: يا نفس، موتة مريحة خير من الفضيحة وركوب القبيحة، وإياك والعار، ولبوس الشنار، وسوء الشعار، ولؤم الدثار. ثم همت به وقالت: إن كانت مرة واحدة فقد تصلح الفاسدة، وتكرم العائدة. ثم جسرت على أمرها فقالت للعبد: احضر مبيتي الليلة. فأتاها فواقعها، وكان زوجها عائفاً مارداً، وكان قد غاب دهراً ثم أقبل آتياً، فبينا هو يطعم إذ نعب غراب فأخبره أن امرأته لم تفجر قط ولا تفجر إلا تلك الليلة. فركب مرة فرسه وسار مسرعاً رجاء أن هو أحسها أمنها أبداً، فانتهى إليها، وقد قام العبد عنها وقد ندمت وهي تقول: خير قليل وفضحت نفسي. فسمعها مرة، فدخل عليها وهو يرعد لما به من الغيظ فقالت له: ما يرعدك? قال مرة ليعلم أنه قد علم: خير قليل وفضحت نفسي. فشهقت شهقة وماتت فقال مرة:
لحا الله رب الناس فاقر ميتة وأهون بها مفقوده حين تفقد
لعمرك ما تعتادني منك لوعة ولا أنا من وجد عليك مسهد
ثم قام إلى العبد فقتله.

الخنق يخرج الورق

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 106

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 107

يضرب للغريم الملح يستخرج دينه بملازمته.

خير الخلال حفظ اللسان

يضرب في الحث على الصمت.

خله درج الضب

يضرب لمن شوهد منه إمارات الصرم، أي دعه يدرج درج الضب، أي دروجه، ويذهب ذهابه. والهاء، في خله، ترجع إلى الرجل. قال أبو سعيد الضرير: معناه خله ودعه في حجره، وذلك أنه يحفر حجره درجاً بعضه تحت بعض فإذا دخل فيه لم يدرك، فهذا درج الضب. قلت: فعلى ما قال، الهاء، في خله، للسكت، إلا إنه أجراه مجرى الوصل، أي خل درج الضب فلا تبحث عنه فإنك لا تجده، كذلك هذا الرجل فخله ودعه فإنه لا سبيل لك إلى وداده. وقال غيره: يجوز أن يراد به التأييد، أي خله ما درج الضب، أي أبداً. ويجوز انتصابه على الظرف أيضاً، أي خله في طريق الضب. ويقال أيضاً: خل درح الضب، أي خل طريقه لئلا يسلك بين قدميك فتنتفخ. يضرب في طلب السلامة من الشر.

خبأة صدق خير من يفعة سوء

الخبأة، المرأة التي تطلع ثم تختبئ. ويقال: غلام يافع ويفعة وغلمان يفعة أيضاً في الجمع أي جارية خفرة خير من غلام سوء. يضرب للرجل يكون خامل الذكر فيقال لأن يكون كذا خير من أن يكون مشهوراً مرتفعاً في الشر.

خير بين جدع وخصاء

يضرب لمن وقع في خصلتين مكروهتين.

خذ حظ عبد أباه

الهاء ترجع إلى الحظ أي أن ترك رزقه وسخطه فخذه أنت.

الخمر تعطي من البخيل

أي أنه يكون بخيلاً فيجود، وحليماً فيجهل، ومالكاً للسانه فيضيع سره.

أخنى عليها الذي أخنى على لبد

أخنى، أي أهلك. ولبد، أخر نسور لقمان. قال لبيد:
ولقد جرى لبد فأدرك ركضه ريب الزمان وكان غير مثقل
لما رأى لبد النسور تطـايرت رفع القوادم كالفقير الأعزل

خير العفو ما كان عن القدرة

قال الشاعر:
أعف عني فقد قدرت وخير العفو عفو يكون بعد اقتدار

خاصم المرء في تراث أبيه أو لم تبكه

أي، إن نلت شيئاً فهو الذي أردت، وإلا لم تغرم شيئاً.

خف رماة الغيل والكفف

الغيل، جمع غيلة، وهي اسم من الاغتيال. والكفف، جمع كفة وهي حبالة الصائد. أي خفف الأغتيال، وهو القتل مغالة، وخف كفه الحابل. يضرب في التحذير والأمر بالحزم.

خالطوا الناس وزايلوهم

أي، عاشروهم في الأفعال الصالحة وزايلوهم في الأخلاق المذمومة.

خير الأمور أوساطها

يضرب في التمسك بالاقتصاد. قال أعرابي للحسن البصري: علمني ديناً وسوطاً، لا ذاهباً فروطاً، ولا ساقطاً. فقال: أحسنت يا أعرابي، خير الأمور أوساطها.

خير الأمور أحمدها مغبة

أي عاقبة. مثل هذا قولهم: الأعمال بخواتيمها.

خير حظك من دنياك ما لم تنل

لأنها شرور وغرور.

خير الغنى القنوع وشر الفقر الخضوع

قاله أوس بن حارثة لابنه مالك. قالوا يراد بالقنوع القناعة. والصحيح أن القنوع السؤال والتذلل للمسئلة، يقال: قنع، بالفتح، يقنع قنوعاً. قال الشماخ:
لمال المرء يصلحه فيغني مفاقره أعف من القنوع
يعني، من مسألة الناس. وقال بعض أهل العلم: القنوع يكون بمعنى الرضا وأنشد:
وقالوا قد زهدت فقلت كلا ولكني أعزني القـنـوع
القانع، الراضي. قال لبيد:
فمنهم سعيد آخذ بنصيبـه ومنهم شقي بالمعيشة قانع
قال: ويجوز أن يكون السائل سمي قانعاً لأنه يرضى بما يعطى، قل أو كثر، فيكون معنى القناعة والقنوع راجعاً إلى الرضا.

خبره بأمره بلاً بلاً

قال أبو عمرو: معناه بابا بابا، لم يكتمه من أمره شيئاً.

الخطأ زاد العجول

يعني: قل من عجل في أمر إلا أخطأ قصد السبيل.

الأخطب مشوار كثير العثار

المشوار، المكان الذي تعرض فيه الدواب.

خير الغداء بواكره وخير العشاء بواصره

يعني ما يبصر فيه الطعام قبل هجوم الظلام.

خير المال عين ساهرة لعين نائمة

يجوز أن يكون هذا مثل قولهم: خير المال عين خرارة. ويجوز أن يكون معناه عين من يعمل لك كالعبيد والأماء وأصحاب الضرائب وأنت نائم.

خير الناس هذا النمط الأوسط

يعني بين المقصر والغالي.

خل من قل خيره لك في الناس غيره

أخل إليك ذئب أزل

يقال للرجل: أخل إليك. أي الزم شأنك. قال الجعدي:
وذلك من وقعات المنـو ن فاخلي إليك ولا تعجبي
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 107

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 108

وتقدير المثل: الزم شأنك فهذا ذئب أزل. يضرب في التحذير للرجل. ويروى: أخل إليك، أي كن خالياً. يقال: أخليت، أي خلوت وأخليت غيري. يتعدى ولا يتعدى. قال غني بن مالك العقيلي:
أتيت مع الحداث ليلى فلم أبـن فاخليت فاستعجمت عند خلائي
أي خلوت. وقوله: إليك، يريد أخل ضاما إليك أمرك وشأنك فإن هذا ذئب أزل. والأزل، الذي لا لحم على فخذيه ولا وركيه، وذلك أسرع له في المشي.

أخبرته خبوري وشقوري وفقوري

قال الفراء: كله مضموم الأول. وقال أبو الجراح بالفتح. ويخط أبي الهيثم شقوري، بفتح الشين، والمعنى أخبرته خبري. وسيرد الكلام في شقوري وفقوري من بعد أن شاء الله تعالى.

خير سلاح المرء ما وقاه

يعني، خير ولد الرجل وأهله ما كفاه ما يحتاج إليه.

الخنفساء إذا مست نتنت

أي، جاءت بالنتن الكثير. يضرب لمن ينطوي على خبث فيقال: لا تفتشوا عما عنده فإنه يؤذيكم بنتن معايبه. والخنفساء، بفتح الفاء ممدود، هذه الدويبة. والأنثى خنفساة. وقال الأصمعي: لا يقال خنفساء، بالهاء. والخنفس، لغة في الخنفساء والأنثى خنفسة.

خذ أخاك بحم إسته

الحم، ما أذيب من الألية. أي خذه بأول ما سقط به من الكلام.

خواطئاً كأنه نواقر

النواقر، السهام النوافذ في الغرض. يضرب للرجل يخطئ فيكون خطؤه أقرب إلى الصواب من صواب غيره. ونصب خواطئاً على تقدير رمى خواطئ.

أخطأت إسته الحفرة

يضرب لمن رام شيئاً فلم ينله يروى أن المختار بن عبيد قال وهو بالكوفة والله لأدخلن البصرة لا أرمى دنونها بكثاب ثم لأملكن السند والهند والبند أنا والله صاحب الخضراء والبيضاء والمسجد ينبع منه الماء فلما بلغ هذا القول الحجاج بن يوسف قال أخطأت إست بن عبيد الحفرة أنا والله صاحب ذاك.

خضلة تعيبها رصوف

الخضلة، المرأة الناعمة التارة. والرصوف، المرأة الصغيرة الفرج. ويقال: الضيقة الفرج حتى لا يكون للذكر فيه مسلك، وهي مثل الرتقاء. والرصف، ضم الشيء بعضه إلى بعض. يعني أن هذه الرصوف المعيوبة تعيب هذه الناعمة. يضرب لمن يعيب الناس وبه عيب.

خوق من السام بجيد أوقص

الخوق، الحلقة من الذهب أو الفضة. والسام جمع سامة وهي عروق الذهب. والجيد الأوقص، القصير. يضرب للشريف الآباء الدنيء في نفسه.

خمر أبي الروقاء لست تسكر

يضرب للغني الذي لا فضل له على أحد، ولا إحسان إلى إنسان.

أخلفك الوزن وسهل لا يرى

الوزن، نجم يطلع من مطلع سهيل يشبه سهيلاً في الضوء. وكذلك حضار، مثل قطام، يقال حضار والوزن محلفان. وذلك أن كل واحد منهما يظن أنه سهيل فيحمل كل من رآه على الحلف إنه هو بعينه. وسهل تكبير سهيل. يضرب لمن علق رجاءه برجلين ثم لا يفيان بما أمل.

خبراء واد ليس فيها مهلك

الخبراء، مكان فيه شجر السدر، وهي مناقع للماء يبقى فيها الصيف. يضرب للكريم يأمن جيرانه سوء الحال وشفف العيش.

خطيطة فيها كلاب شغر

الخطيطة، الأرض التي لم يصبها مطر بين أرضين ممطورتين. وشغر الكلب، رفع إحدى رجليه من الأرض ليبول. يضرب لقوم وقعوا في بؤس وهم مع ذلك يستطيلون على الناس.

خلة أعراب ودين فادح

الخلة، المحبة والمحب أيضاً. والدين الفادح، المثقل. يقال: فدحه الدين، إذا أثقله. وخص الأعراب لأنها لقيت الشدة فتكلفك ما لا طاقة لك به. يضربه من يلزمه ما يكره ولا بد له من تحمله.

خربان أرض صقرها ملت

الخرب، ذكر الحباري والجمع خربان. وألت الصقر، إذا أدخل رأسه تحت ريشه يضرب لقوم يعيشون في أرض غفل صاحبها عنهم.

خابرت سعداً في مليط مخدج

المخابرة، المشاركة في المزارعة، ثم تستعار في غيرها. والمليط، ولد الناقة تملطه أي تسقطه. والمخدج، الذي ولد لغير تمام. يضرب للرجلين تنازعا فيما لا يتنازع فيه ولا خير عنده.

أخلف بقوة سادهم حقاب

يقال: خلف الشيء يخلف خلوفاً إذا فسد وتغير، ومنه خلوف فم الصائم. والحقاب، شيء محلى تلبسه المرأة. وأراد، ذات حقاب، يعني امرأة وتقديره ما أفسد أمر قوم ملكتهم امرأة. يضرب للوضيع يملك الشريف.

أخطأ نوءك

النوء، النجم يطلع أو يسقط فيمطر. يقال: مطرنا ينوء كذا. يضرب لمن طلب حاحة فلم يقدر عليها.

الخيل ميامين

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 108

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 109

قالوا أن جرير بن عبد الله حين نافره القضاعي أتى بفرس فركبه من قبل وحشيه فقال له القضاعي: إست لم تعود المجمر. فقال جرير: الخليل ميامين. فذهبت مثلاً.

خذها من ذي قبل ومن ذي عوض

أي فيما يستقبل. وعوض، اسم للدهر المستقبل. والهاء، للخطة. يضرب عند التوعد والتهدد.

الخير عادة والشر لجاجة

جعل الخير عادة لعود النفس إليه وحرصها على إذا ألفته لطيب ثمره، وحسن أثره. وجعل الشر لجاجة لما فيه من الإعوجاج، ولاجتواء العقل إياه.

أخمعي وتيسي

الخمع، الظلع. والخامعة، الضبع لأنها تخمع في مشيتها. والخطاب في هذا المثل لها. وتيسي معناه كذبت. وقد مر شرحه في باب التاء. يضرب للمهذار.

الخازباز أخصب

هذا ذباب يظهر في الربيع فيدل على خصب السنة. قال ابن أحمر يصف روضة:
تكسر فوقها القلع السواري وجن الخازباز بها جنونـا
ويروى تفقأ. والمجنون من الشجر والعشب ما طال طولاً شديداً، فإذا صار كذلك قيل جن جنوناً قال المرقش:
حتى إذا ما الأرض زينها النبت وجن روضها وأكم
والخازباز مبني على الكسر.

خير المال عين خرارة في أرض خوارة

الخرارة، التي لها خرير، وهو صوت المال. والخوارة، الأرض التي فيها لين وسهولة. يعنون فضل الدخقنة على سائر المعاملات.

خير الرزق ما يكفي وخير الذكر الخفي

خذ حقك في عفاف وافياً أو غير واف

يضرب في القناعة باليسير.

خالص المؤمن وخالق الفجر

أي، لتخلص مودتك للمؤمن. فأما المنافق والفاجر فجاملهما ولا تهضم دينك. وهذا قريب مما قاله صعصعة بن صوحان لأخيه زيد بن صوحان: إذا لقيت المؤمن فخالصه. وقد مر في الباب الأول.

خيره في جوفه

أي، أنك تحقر في المنظر وتأتيك أنباؤه بغير ذلك. يضرب لمن تزدريه وهو يجاذبك.

خشية خير من واد حباً

نصب حباً على التمييز. أي لأن تخشى خير من أن تحب. وهذا مثل قولهم: رهباك خير من رغباك. ومثل قولهم: فرقاً أنفع من حب.

خياركم خيركم لأهله

يروى هذا في حديث مرفوع.

خذ من فلان العفو

أي، ما أمكن وجاء من غير كد فاقبله، وما تعذر عليك فدعه.

ما على أفعل من هذا الباب

أخطب من سحبان وائل

وهو رجل من باهلة، وكان من خطبائها وشعرائها وهو الذي يقول:
لقد علم الحي المانون أننـي إذا قلت أما بعد أني خطيبها
وهو الذي قال لطلحة الطلحاتن الخزاعي:
يا طلح أكرم من بـهـا حسباً وأعطاهم لتـالـد
منك العطاء فأعطـنـي وعلي مدح في المشاهد
فقال له طلحة: احتكم. فقال: برذونك الأشهب الورد، وغلامك الخباز، وقصرك بزرنج، وعشرة آلاف. فقال له طلحة: أف، لم تسألني على قدري وإنما سألتني على قدر بأهلة، ولو سألتني كل قصر لي وعبد ودابة لأعطيتك. ثم أمر له بما سأل ولم يزده عليه شيئاً وقال: تالله ما رأيت مسألة محكم ألأم من هذا. وطلحة هذا هو طلحة بن عبد الله بن خلف الخزاعي. وأما طلحة الطلحات الذي يقال له طلحة الخير، وطلحة الفياض، فهو طلحة بن عبيد الله التيمي من الصحابة ومن المهاجرين الأولين ومن العشرة المسلمين للجنة وكان يكنى أبا محمد رضي الله عنه.

أخنث من هيت

هذا المثل من أمثال أهل المدينة سار على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان حينئذ بالمدينة ثلاثة من المخنثين: هيت، وهرم، وماتع، فسار المثل من بينهم بهيت. وكان المخنثون يدخلون على النساء فلا يحجبون، فكان هيت يدخل على أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم متى أراد، فدخل يوماً دار أم سلمة رضي الله تعالى عنها ورسول الله صلى الله عليه وسلم عندها، فأقبل على أخي أم سلمة عبد الله ابن أبي أمية يقول: إن فتح الله عليكم الطائف فسل أن تنفل بادية بنت غيلان بن سلمة بن معتب الثقفية فإنها مبتلة هيفاء، شموع نجلاء، تناصف وجهها في القسامة، وتجزأ معتدلاً في الوسامة، أن قامت تثنت، وإن قعدت تبنت، وإن تكلمت تغنت، أعلاها قضيب، وأسفلها كثيب، إذا أقبلت أقبلت بأربع، وإن أدبرت أدبرت بثمان، مع ثغر كالأقحوان، وشي بين فخذيها كالقعب المكفا، كما قال قيس بن الخطيم:
تغترق الطرف وهي لاهية كأنما شف وجهها نـزف
بين شكول النساء خلقتهـا قصد فلا جبلة ولا قصف
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 109

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 110

فسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: "ما لك سباك الله? ما كنت أحسبك إلا من غير أولي الإربة من الرجال، فلذا كنت لا أحجبك عن نسائي". ثم أمره بأن يسير إلى خاخ ففعل. ودخل في أثر هذا الحديث بعض الصحابة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أتأذن لي يا رسول الله في أن أتبعه فأضرب عنقه? فقال: لا، "إنا قد أمرنا أن لا نقتل المصلين". فبلغ خبره المنخنث فقال: ذلك من النازدرين، أي من مخرقي الخبر، وبقي هيت بخاخ إلى أيام عثمان رضي الله عنه. قلت: هذا تمام الحديث، وأما تفسيره فقد فسره أبو عبيد القاسم بن سلام في غريبه فقال: أما قوله، وإن قعدت تبنت. فالتبين تباعد ما بين الفخذين، يقال: تبنت الناقة إذا باعدت ما بين فخذيها عند الحلب. ويقال: تبنت أي صارت كأنها بنيان من عظمها. وقوله، تقبل بأربع يعني بأربع عكن في بطنها. وقوله، وتدبر بثمان يعني أطراف هذه العكن الأربع في جنبيها لكل عكنة طرفان، لأن العكن تحيط بالطرفين والجانبين حتى تلحق بالمتنين من مؤخر المرأة. وقال بثمان وإنما هي عدد للأطراف، واحدها طرف، وهو مذكر لأن هذا كقولهم: هذا الثوب سبع في ثمان، على نية الأشبار، فلما لم يقل في ثمانية أشبار أتى بالتأنيث. وكما يقولون: صمنا من الشهر خمساً. والصوم للأيام دون الليالي فإذا ذكرت الأيام قيل صمنا خمسة أيام. وقوله، تغترق الطرف، أي تشغل عين الناظرين إليها عن النظر إلى غيرها. ويقال: بل معناه أنها ينظر إليها بالطرف كله وهي لا تشعر. وقوله، شف وجهها نزف، أي جهده، يريد أنها عتيقة الوجه دقيقة المحاسن ليست بكثيرة لحم الوجه. والنزف، خروج الدم أي أنها تضرب إلى الصفرة ولا يكون ذلك إلا من النعمة. والشكول، الضروب. والجبلة، الكزة الغليظة. وأما اسم هيت فقد اختلفوا فيه قال بعضهم: هو هنب بالنون والباء. قال الأعرابي: الهنب الفائق الحمق وبه سمي الرجل هنبا. وقال الليث: قد صحف أهل الحديث فقالوا، هيت بالتاء وأظنه صواباً. هذا كلامهم حكيته على الوجه والله أعلم. وأما قولهم:

أخنث من دلال

فهو أيضاً من مخنثي المدينة، واسمه نافذ، وكنيته أبو يزيد، وهو ممن خصاه ابن حزم الأنصاري أمير المدينة في عهد سليمان بن عبد الملك وذلك أنه أمر ابن حزم عاملة أن أحص لي مخني المدينة، فتشظى قلم الكاتب فوقعت نقطة على ذروة الحاء فصيرتها خاء، فلما ورد الكتاب المدينة ناوله ابن حزم كاتبه فقرأ عليه أخص المخنثين فقال له الأمير: لعله حصي بالحاء. فقال الكاتب: إن على الحاء نقطة مثل تمرة، ويروى مثل سهيل، فتقدم الأمير في إحضارهم ثم خصاهم، وهم طويس، ودلال، ونسيم السحر، ونومة الضحا، وبرد الفؤاد، وظل الشجر. فقال كل واحد منهم عند خصائه كلما سارت عنه. فأما طويس فقال: ما هذا الأختان أعيد علينا? وقال دلال: بل هذا هو الختان الأكبر. وقال نسيم السحر: بالخصاء صرت مخنثاً حقاً. وقال نومة الضحا: بل صرنا نساء حقاً. وقال برد الفؤاد: استرحنا من حمل ميزاب البول. وقال ظل الشجر: ما يصنع بسلاح لا يستعمل? ومر الطبيب الذي خصاهم بابن أبي عتيق فقال له: أنت خاصي دلال أما والله إن كان ليجيد.
لمن طلل بذات الجز ع أمس دارساً خلقا
ومضى الطبيب، فناداه ابن أبي عتيق أن أرجع فرجع فقال: إنما عنيت خفيفه لا ثقيله. قالوا: وكان يبلغ من تخنث دلال أنه كان يرمي الجمار في الحج بسكر سليماني مزعفراً مبخراً بالعود المطري فقيل له في ذلك فقال: لأبي مرة عندي يد فأنا أكافئه عليها. قيل: وما تلك اليد? قال: حبب إلي الابنة. وقولهم:

أخنث من مصفر إسته

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 110

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 111

هذا مثل من أمثال الأنصار كانوا يكيدون به المهاجرين من بني مخزوم. حكى ذلك ابن جعدبة. وزعم أنهم كانوا يعنون بهذا المثل أبا جهل بن هشام، وقد كان يردع اليتيه بالزعفران لبرص كان هناك، فادعت الأنصار إنه إنما كان يطليها بالزعفران تطيباً لمن كان يعلوه لأنه كان مستوها. قالوا: ولذلك قال فيه عتبة بن ربيعة: سيعلم مصفر إسته إينا ينتفخ سحره. فدفعت بنو مخزوم ذلك وقالت فقد قال قيس بن زهير لأصحابه يوم الهباءة، وهو يريدهم على قص أثر حذيفة بن بدران: حذيفة رجل مخرنفج. ولكأني بالمصفر إسته مستنقعاً في جفر الهباءة. قالوا: فينبغي أن تحكموا على حذيفة أيضاً أنه كان مستوها مثفاراً ولم نر أحداً قط قال ذلك. وقد ضرب أهل مكة المثل قبل الإسلام، في التخنث برجل آخر من مشركي قريش، لا أحب ذكره، وزعموا أنه كان مأبونا، ورووا له هذا الشعر:
يا جواري الحي عدننيه حجبوا عني معلـلـيه
كيف تلحوني على رجل لو سقاني سم ساعتـيه
لم أقل غيظاً جهلت ولا عندها فاضت مدامعيه
لم أقل أني مللـت ولا أن من أهواه ملـنـيه
لو أصابتـه مـنـيتـه شرقت عيني بعبرتـيه
قربوا عوداً وبـاطـية فبذا أدركت حاجـتـيه
وقال قوم: إنما هذه كلمة تقال لأصحاب الدعة والنعمة.

أخسر صفقة من شيخ مهو

مهو، بطن من عبد القيس، واسم هذا الشيخ عبد الله بن بيدرة، ومن حديثه أن إياداً كانت تعير بالفسو وتسب به، فقام رجل من أياد بسوق عكاظ ذات سنة ومعه بردا حبرة ونادى: ألا أني من أياد، فمن الذي يشتري عار الفسو مني ببردي هذين? فقام عبد الله هذا الشيخ العبدي وقال: هاتهما فاتزر بأحدهما وارتدى بالآخر. وأشهد الأيادي عليه أهل القبائل بأنه اشترى من أياد لعبد القيس عار الفسو ببردين فشهدوا عليه وآب إلى أهله فسئل عن البردين فقال: اشتريت لكم بهما عار الدهر. فقال عبد القيس لإياد:
إن الفساة قبلـنـا إياد ونحن لا نفسو ولا نكاد
فقالت أياد:
يا للـكـيز دعـوة نـبـديهـا نعلنها ثمـت لا نـخـيفـهـا
كروا إلى الرحال فافسوا فيها
وقال بعض الشعراء في ذلك:
يا من رأى كصفقة ابن بيدره من صفقة خاسره ومخسره
المشتري العار ببردي حبره شلت يمين صافق ما أخسره
وكان المنذر بن الجارود العبدي رئيس البصرة فقال يوماً: من يشتري مني عار الفسوة يتحكم علي في السوم? وكانت قبائل البصرة حاضرة فقال رجل من مهو: أنا. فقال له المنذر: أثانية، لا أم لك، قد اشتريتموه في الجاهلية وجئتم تشترونه في الإسلام أيضاً، أعزب أقام الله ناعيك. وقدم إلى عبد الملك بن مروان رجلان كلاهما مستحق للعقوبة، فبطح أحدهما فضرط الآخر، فضحك الوليد بن عبد الملك، فغضب عبد الملك وقال: أتضحك من حد أقيمه في مجلسي? خذوا بيده. فقال الوليد: على رسلك يا أمير المؤمنين فإن ضحكي كان من قول بعض ولاة الأمر على منبر البصرة: والله لئن غمزت حنيفة لتضرطن عبد القيس. والمبطوح حنفي والضارط عبدي. فضحك عبد الملك وخلى عنهما.

أخيل من واشمة إستها

قال أبو عمر: هي امرأة وشمت فرجها فاختالت على صواحباتها. ويقال: بل هي دغة.

أخلف من ولد الحمار

يعنون البغل لأنه لا يشبه أباه ولا أمه.

أخلف من نار الحباحب

ويقال أيضاً: من نار أبي حباحب. وأخلف من وقود أبي حباحب. ومن حديثه، فيما ذكره ابن الكلبي، إنه كان رجلاً من العرب في سالف الدهر بخيلاً لا توقد له نار بليل، مخافة أن يقتبس منها، فإن أوقدها ثم أبصرها مستضيء أطفأها. فضربت العرب بناره في الخلف المثل. وضربوا به في البخل المثل. وقال غير ابن الكلبي: الحباحب النار التي توريها الخيل بسنابكها من الحجارة. واحتج بقول الله تعالى: فالموريات قدحاً. وقال قائل: الحباحب طائر يطير في الظلام كقدر الذباب له جناح يحمر إذا طار به، يتراءى من البعد وهو تغير رائحته.

أخلف من عرقوب

هذا من خلف الوعد. وسنذكر قصته في حرف الميم عند قوله: مواعيد عرقوب.

أخلف من شرب الكمون

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 111

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 112

لأن الكمون يمني السقي فيقال له: أتشرب الماء? ويقال أيضاً: مواعيد الكمون، كما يقال، مواعيد عرقوب. إلا أن الكمون مفعول لا فاعل كما كان عرقوب في قولهم: مواعيد عرقوب، فاعلا. قال الشاعر:
إذا جئته يوماً أحال عـلـى غـد كما يوعد الكمون ما ليس بصدق

أخلف من بول الجمل

هذا من الخلاف، لا من الخلف، لأنه يبول إلى خلف. وقولهم:

أخلف من ثيل الجمل

الثيل، وعاء قضيبه. وقيل ذلك فيه لأنه يخالف في الجهة التي إليها مبال كل حيوان.

أخف من فراشة

الفراشة، أكبر من الذباب الضخم، فإن أخذتها بيدك صارت بين أصابعك مثل الدقيق. قال الشاعر:
سفاهة سنور وحلـم فـراشة وإنك من كلب المهارش أجهل

أخف رأساً من الذئب

قالوا إن الذئب لا ينام كل نومه لشدة حذره، ومن شقائه بالسهر لا يكاد يخطئه من رماه، وإذا نام فتح إحدى عينيه. قال حميد:
ينام بإحدى مقلتـينـه ويتـقـي بأخرى المنايا فهو يقظان هاجع
أخف رأسـاً مـن الـطـائر
قال الشاعر:
يبيت الليل يقـظـانـاً خفيف الرأس كالطائر
وقولهم:

أخف حلماً من عصفور

هو أن العرب تضرب المثل بالعصفور لأحلام السخفاء. قال حسان:
لا بأس بالقوم من طول ومن عظم جسم البغال وأحلام العصافـير

أخف حلماً من بعير

هو من قول الشاعر:
ذاهب طولاً وعرضاً وهو في عقل بعير
ومن قول الآخر:
لقد عظم البعير بغـير لـب فلم يستغن بالعظم البـعـير
يصرفه الصبي لكـل وجـه ويحبسه على الخسف الجرير
وتضربه الوليدة بالـهـراوي فلا غير لـديه ولا نـكـير

أخف نم الجماح

هو سهم يلعب به الصبيان لا نصل له يجعلون في رأسه مثل البندقة لئلا يعقر، وربما جعل في طرفه تمر معلوك بقدر عفاص القارورة. وقوس الجماح مثل قوس النداف إلا أنها أصغر، فإذا شب الغلام ترك الجماح وأخذ النبل. وأما قولهم:

أخف من يراعة

فيجوز أن يراد به الذي يطير بالليل كأنه نار. يقال: هو ذباب. فيكون كقولهم: أخف من فراشة. ويجوز أن يراد به القصبة. والجمع، يراع فيهما.

أخفى من الماء تحت الرفة

يعني التبنة. قلت: هذا الحرف في كتاب حمزة بتشديد الفاء. وكذلك أورده الجوهري في الصحاح في قولهم: وردت الإبل رفها. والصحيح، أن الرفة من الأسماء المنقوصة، والجمع رفات، مثل قلة وقلات، وثبة وثبات.

أخفى مما يخفي الليل

لأن الليل يستر كل شيء ولذلك قالوا في المثل الآخر: الليل أخفى للويل. وفي مثل آخر: الليل أخفى والنهار أفضح. وأخفى أفعل من قولهم: خفيت الشيء إذا كتمته، أخفيه خفياً، وليس من الإخفاء.

أخرق من حمامة

لأنها لم تحكم عشها، وذلك أنها ربما جاءت إلى الغصن من الشجرة فتبني عليه عشها في الموضع الذي تذهب به الريح وتجيء. فبيضها أضيع شيء، وما ينكسر منه أكثر مما يسلم. قال عبيد بن الأبرص:
عيوا بأمرهـم كـمـا عييت ببيضتها الحمامة
جعلت لها عودين مـن نشم وآخر من ثمامـه
ويروى: وعوداً من ثمامه.

أخرق من ناكثة عزلها

ويقال: من ناقضة غزلها. وهي امرأة كانت من قريش يقال لها أم ربطة بنت كعب بن سعد بن تيم بن مرة، وهي التي قيل فيها: خرقاء وجدت صوفاً. والتي قال الله عز وجل فيها: "ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً". قال المفسرون: كانت هذه المرأة تغزل وتأمر جواريها أن يغزلن، ثم تنقض، وتأمرهن أن ينقضن ما فتلن وأمررن، فضرب بها المثل في الخرق.

أخسر من حمالة الحطب

هي أيضاً من قريش. وهي أم جميل، أخت أبي سفيان بن حرب، وامرأة أبي لهب المذكورة في سورة تبت يدا أبي لهب وفيها يقول الشاعر:
جمعت شتى وقد فرقتها جملا لأنت أخسر من حمالة الحطب
أي أظهر خسراناً. وذلك أنها كانت تحمل العضاه والشوك فتطرحه في طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعقره. وقال قتادة ومجاهد والسدي: كانت تمشي بالنميمة بين الناس فتلقي بينهم العداوة، وتهيج نارها كما توقد النار بالحطب. وتسمى النميمة حطباً. ويقال: فلان يحطب على فلان، إذا كان يغري به. وقال:  
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 112

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 113

من البيض لم تصطد على ظهر سوءة ولم تمشي بين القوم بالحطب الرطب

أخسر من مغبون

مثل مولد. ويقولون في مثل آخر: في إست المغبون عود.

أخيب من القابض على الماء

هذا مأخوذ من قول الشاعر:
وما أنس من أشياء لا أنس قولها تقدم فشيعنا إلى ضحوة الـغـد
فأصبحت مما كان بيني وبينـهـا سوى ذكرها كالقابض الماء باليد

أخيب من حنين

قد اختلف النساء فيه وقد ذكرت قول أبي عبيد، وابن السكيت فيه في حرف الراء عند قولهم: رجع بخفي حنين، وأما الشرقي بن القطامي فإنه قال: كان حنين من قريش، وزعم أن أصل المثل أن هاشم بن عبد مناف كان رجلاً كثير التقلب في أحياء العرب للتجارات والوفادات على الملوك، وكان نكحة، فكان أوصى أهله أنه متى أتوا بمولود معه علامته قبلوه، وتصير علامة قبولهم إيتاه أن يكسوه ثياباً ويلبسوه خفا ثم أن هاشماً تزوج في حي من أحياء اليمن، وارتحل عنهم، فولد له غلام فسماه جده، أبو أمه، حنيناً، وحمله إلى قريش مع رجل من أهله فسأل عن رهط هاشم فدل عليهم، فأتاهم بالغلام وقال: إن هذا ابن هاشم. فطالبوه بالعلامة، فلم تكن معه، فلم يقبلوه، فرد الغلام إلى أهله فحين رأوه قالوا: جاء بخف حنين، أي جاء خائباً حين جاء في خف نفسه، أي لو قبل لألبس خف أبيه. وقال غيره: كان حنين رجلاً عبادياً من أهل دومة الكوفة وهي النجف محلة منها وهو الذي يقول:
أنا حنين وداري الـنـجـف وما نديمي إلا الفتى القصف
ليس نديمي المنجل الصلف
وكان من قصته أن دعاه قوم من أهل الكوفة إلى الصحراء ليغنيهم، فمضى معهم، فلما سكر سلبوه ثيابه وتركوه عرياناً في خفيه، فلما رجع إلى أهله وأبصروه بتلك الحالة قالوا: جاء حنين بخفيه. ثم قالوا: أخيب من حنين. فصار مثلاً لكل خائب وخاسر. ثم قالوا: أصحب لليائس من خفي حنين. فصار مثلاً لكل يائس وقانط ومكدر.

أخلى من جوف حمار

وأخرب من جوف حمار. قالوا: هو رجل من عاد. وجوف، واد كان يحله ذو ماء وشجر فخرج بنوه يتصيدون فأصابتهم صاعقة فأهلكتهم فكفر وقال: لا أعبد رباً فعل ذا ببني. ثم دعا قومه إلى الكفر فمن عصاه قتله. فأهلكه الله وأخرب واديه. فضربت العرب به المثل في الخراب والخلاء وقالوا: أخرب من جوف حمار. وأخلى من جوف حمار. وأكثرت الشعراء ذكره في أشعارهم فمن ذلك قول بعضهم:
وبشؤم البغي والغشم قديمـا ما خلا جوف ولم يبق حمار
هذا قول هشام الكلبي. وقال غيره: ليس حمار ههنا اسم رجل بل هو الحمار بعينه. واحتج بقول من يقول: أخلى من جوف العير. قال: ومعنى ذلك أن الحمار إذا صيد لم ينتفع بشيء مما في جوفه، بل يرمى به ولا يؤكل. واحتج أيضاً بقول من قال: شر المال ما لا يزكى ولا يذكى. فقال: إنما عني به الحمار لأنه لا تجب فيه زكاة ولا يذبح فيؤكل. وقال أبو نصر في قول امرئ القيس: وواد كجوف العير قفر قطعته. العير عند الأصمعي الحمار يذهب إلى أنه ليس في جوف الحمار إذا صيد شيء ينتفع به: فجوف الحمار عندهم بمنزلة الوادي القفر الذي لا منفعة للناس والبهائم فيه. وقال: قال الأصمعي حدثني ابن الكلبي عن فروة بن سعيد عن عفيف الكندي أن هذا الذي ذكرته العرب كان رجلاً من بقايا عاد يقال له حمار بن مويلع، فعدلت العرب عند تسميته عن ذكر الحمار إلى ذكر العير لأنه في الشعر أخف وأسهل مخرجاً.

أخز من ذات النحيين

قد ذكرت قصتها في حرف الشين عند قولهم: أشغل نم ذات النحيين.

أخنث من طويس

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 113

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 114

ويقال: أشأم منن طويس. الطاووس طائر معروف ويصغر على طويس بعد حذف الزيادات وكان طويس هذا من مخنثي المدينة، وكان يسمى طجاوساً، فلما تخنث سمي بطويس، ويكنى بأبي عبد النعيم، وهو أول من غنى في الإسلام بالمدينة ونقر الدف المربع، وكان أخذا طرائق الغناء عن سبي فارس، وذلك أن عمر رضي الله عنه كان صير لهم في كل شهر يومين يستريحون فيهما من المهن، فكان طويس يغشاهم حتى فهم طرائقهم، وكان مألوفاً خليعاً يضحك كل ثكلى حرى. فمن مجانته أنه كان يقول: يا أهل المدينة ما دمت بين أظهركم فتوقعوا خروج الرجل والدابة، وإن مت فأنتم آمنون، فتدبروا ما أقول. إن أمي كانت تمشي بين نساء الأنصار بالنمائم، ولدتني في الليلة التي مات فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفطمتني في اليوم الذي مات فيه أبو بكر، وبلغت الحلم في اليوم الذي مات فيه عمر، وتزوجت في اليوم الذي قتل فيه عثمان، وولد لي في اليوم الذي قتل فيه علي. فمن مثلي? وكان يظهر للناس ما فيه من الآفة غير محتشم منه، ويتحدث به، وقال فيه شعراً وهو:
أنا أبو عبد النعيم أنا طاووس الجحيم
وأنا أشأم من دب على ظهر الحطيم
أنا حاء ثم لام ثم قاف حشو ميم
عني بقوله: حشو ميم: الياء، لأنك إذا قلت ميم فقد وقعت بين ميمين ياء. يريد أنا حلقي. ولما خصي طويس مع سائر المخنثين قال: ما هذا إلا ختان أعيد علينا? وكان السبب في خصائهم أنهم كثروا بالمدينة فأفسدوا النساء على الرجال. وزعم بعضهم أن سليمان بن عبد الملك كان مفرط الغيرة، وإن جارية له حضرته ذات ليلة قمراء وعليها حلي ومعصفر، فسمع في الليل سميرا الأبلي يغني هذه الأبيات:
وغادة سمعت صوتي فـأرقـهـا من آخر الليل لما ملها السـهـر
تدني على فخذيها من معصـفـرة والحلي دان على لباتها خـضـر
لم يحجب الصوت أحراس ولا غلق فدمعها بأعالي الـخـد ينـحـدر
في ليلة البدر ما يدري معاينـهـا أوجهها عنده أبهى أم الـقـمـر
لو خليت لمشت نحوي علـى قـدم تكاد من رقة للمشي تنـفـطـر
فاستوعب سليمان الشعر، وظن أنه في جاريته، فبعث إلى سمير فأحضره ودعا بحجام ليخصيه، فدخل إليه عبد العزيز وكلمه في أمره فقال له: اسكت، إن الفرس يصهل فتستودق الحجر له، وإن الفحل يخطر فتضبع له الناقة، وإن التيس ينب فتستحرم له العنز، وإن الرجل يغني فتشبق له المرأة. ثم خصاه، ودعا بكاتبه فأمره أن يكتب من ساعته إلى عامله ابن حزم بالمدينة أن أحص المخنثين المغنين، فتشظى قلم الكاتب فوقعت نقطع على ذورة الحاء فكان ما كان مما تقدم ذكره.

أخبث من ذئب الخمر، وأخبث من ذئب الغضى

قال حمزة: العرب تسمي ضروباً من البهائم بضروب من المراعي تنسبها إليها فيقولون: أرنب الخلة، وضب السحا، وظبي الحلب، وتيس الربلة، وقنفذ برقة، وشيطان الحماطة، وذلك كله على قدر طباع الأمكنة والأغذية العاملة في طباع الحيوان. وفي أسجاع ابنة الخس: أخبث الذئاب ذئب الغضى، وأخبث الأفاعي أفعى الجدب، وأسرع الظباء ظباء الحلب، وأشد الرجال الأعجف، وأجمل النساء الفخمة الأسيلة، وأقبح النساء الجهمة القفرة، وآكل الدواب الرغوث، وأطيب اللحم عوذه، وأغلظ المواطئ الحصا على الصفا، وشر المال ما لا يزكى ولا يذكى، وخير المال مهرة مأمورة أو سكة مأبورة. قال: وعلى هذا المجرى حكاية حكاها ابن الأعرابي عن العرب. زعم أنه قليل للبكرية: ما شجرة أبيك? فقالت: العرفجة، إذا قدحت التهبت وإذا خليت قصبت. وقيل للقيسية: ما شجرة أبيك? فقالت: الخلة، ذليقة الدرة حديدة الجرة. وقيل للتميمية: ما شجرة أبيك? فقالت: الأسليح، رغوة وصريح، وسنام أطريح، تفيئه الريح. وقيل للأسدية: ما شجرة أبيك? فقالت: الشر شر، وطب حشر وغلام أشر. حشر، أي وسخ، ووسخ الوطب من اللبن يدعى حشرا. قلت: قوله، وطب حشر، كذا قرئ على حمزة بالحاء وروي عنه. والصواب جشر بالجيم كذا في التهذيب عن الأزهري، وفي الصحاح عن الجوهري. قال حمزة: والسنام الأطريح المرتفع: يقال طرح القوم بناءهم أي رفعوه وطولوه. والحلب، شجرة حلوة فلذلك ظباؤها أسرع. وأبطأ الظباء ظباء الحمض لأن الحمض مالح.

أخون من ذئب

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 114

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 115

ويقولون في مثل آخر: مستودع الذئب أظلم. وفي مثل آخر: من استرعى الذئب ظلم. وقال الشاعر:
أخون من ذئب بصحراء هجر

أخب من ضب

ومنه اشتقوا قولهم: فلان خب ضب.

أخيل من غراب

لأنه يختال في مشيته.

أخيل من مذالة

يعنون الأمة لأنها تهان وهي تتبختر.

أخيل من ثعلب في إسته عهنه

قال حمزة: هذا مثل رواه محمد بن حبيب، ولم يفسره، ولا أعرف معناه.

أخدع من ضب

التخدع، التواري. والمخدع من هذا أخذ وهو بيت في جوف بيت يتوارى فيه. وقالوا في الضب ذلك لتواريه وطول إقامته في جحره وقلة ظهوره. وقال أبو علي لكذه خدع الضب إنما يكون من شدة حذره، وأما صفة خدعه فإن يعمد بذنبه باب جحره ليضرب به حية أو شيئاً آخر إن جاءه، فيجيء المحترش، فإن كان الضب مجرباً أخرج ذنبه إلى نصف الجحر، فإن دخل عليه شيء ضربه، وإلا بقي في جحره. فهذا هو خدعه.
قال الشاعر:
وأخدع من ضب إذا جاء حارش أعد له عند الذنابة عـقـربـاً
وذلك أن بيت الضب لا يخلو من عقرب لما بينهما من الإلفة والاستعانة بها على المحترش. هذا قول أهل اللغة. وقال بعض أصحاب المعاني: العرب تذكر الضب والضبع والوحر والعقرب في مجاري كلامها من طريق الاستعارة. فأما الضب، فإنهم يقولون: فلان خب ضب. فيشبهون الحقد الكامن في قلبه الذي يسري ضرره بخدع الضب في جحره. وأما الضبع فإنهم يجعلونها اسماُ للسنة الشديدة التي تأكل المال. وأما الوحر فإنه دويبة حمراء إذا جثمت تلزق بالأرض فيقولون منه: وحر صدر فلان. ذهبوا إلى التزاق الحقد بالصدر كالتزاق الوحر بالأرض. وأما العقرب فإنهم يقولون: سرت عقارب فلان، وفلان تدب عقاربه، إذا خفي مكان شره. قلت والمثل، أعني قولهم أخدع من ضب، يضرب لمن تطلب إليه شيئاً وهو يروغ إلى غيره.

أخطأ من ذباب

لأنه يلقي نفسه في لاشيء الحار أو الشيء يلزق به فلا يمكنه التخلص منه.

أخطأ من فراشة

لأنها تلقي نفسها على النار. قلت: وأخطأ في المثلين من خطئ لا من أخطأ، وهما لغتان. أنشد أبو عبيدة: يا لهف هند إذ خطئن كاهلا.
أي أخطأن.

أخبط من حاطب ليل

لأن الذي يحتطب ليلاً يجمع كل شيء مما يحتاج إليه وما لا يحتاج إليه، فلا يدري ما يجمع.

أخبط من عشواء

هي الناقة التي لا بتصر بالليل فيهي تطأ كل شيء. ويقال في مثل آخر: إن أخا الخلاط أعشى بالليل. قالوا: الخلاط، القتال. وصاحب القتال بالليل لا يدري من يضرب.

أخطف من قرلى

قالوا أنه طير من بنات الماء صغير الجرم، حديد الغوص، سريع الاختطاف، ولا يرى إلا مرفرفاً على وجه الماء على جانب كطيران الحدأة يهوي بإحدى عينيه إلى قعر الماء طمعاً، ويرفع الأخرى إلى الهواء حذراً، فإن أبصر في الماء ما يستقل بحمله من سمك أو غيره انقض عليه كالسهم المرسل فأخرجه من قعر الماء، وإن أبصر في الهواء جارحاً مر في الأرض. وكما ضربوا به المثل في الاختطاف، كذلك ضربوا به المثل في الحذر والحزم فقالوا: أحذر من قرلى، كما قالوا: أحذر من غراب. وقالوا: أحزم من قرلى، كما قالوا أحزم من حرباء. وفي الأسجاع لابنة الخس: كن حذرا كالقرلى إن رأى خيراً تدلى وإن رأى شراً تولى وقال حمزة: وقد خالف رواة النسب هذا التفسير فقالوا: قرلى هواسم رجل من العرب كان لا يتخلف عن طعام أحد، ولا يترك موضع طمع إلا قصد إليه، وإن صادف في طريق يسلكه خصومة ترك ذلك الطريق ولم يمر به فقالوا فيه: أطمع من قرلى. فهذا ما حكاه النسابون في تفسير هذا المثل. قال حمزة: وأقول أنا، خليق أن يكون هذا الرجل شبه بهذا الطائر وسمي باسمه. وقال الشاعر:
يا من جفاني وملا نسيت أهلاً وسهلاً
ومات مرحب لما رأيت مـال قـلا
إني أظنك تحكـي بما فعلت القرلى

أخشن من الجذيل

تصغير جذل، وهي خشبة تغرز في الأرض فتجيء الإبل الجرباء فتحتك بها. ويقولون:

أخطب من قس وأبلغ من قس

وقد ذكرته في حرف الباء قبل.

أخجل من مقمور

يريدون خجل الانكسار والاهتمام كما قال الأخطل:
كإنما العلج إذ أوجبت صفقتها خليع خصل نكيب بين أقمار

أخصب من صبيحة ليلة الظلمة

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 115

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 116

وذلك أنه أصابت الناس ليلة ببغداد، إذ ريح جاءت بما لم تأت به قط ريح، وذلك في أيام المهدي فألفي ساجداً وهو يقول: اللهم أحفظنا وفينا نبيك عليه السلام، ولا تشمت بنا أعداءنا من الأمم، وإن كنت يا رب أخذت الناس بذنبي فهذه ناصيتي بيدك، فارحمنا يا أرحم الراحمين. في دعاء كبير حفظ منه هذا. فلما أصبح تصدق بألف ألف درهم وأعتق مائة رقبة وأحج مائة رجل، ففعل مثل ذلك جل قواده وبطانته والخيرون ومن أشبه هؤلاء. فكان الناس بعد ذلك إذا ذكروا الخصب قالوا: أخصب من صبيحة ليلة الظلمة.

المولدون

"خليفة زحل" يضرب للثقيل.
"خاط علينا كيسا" "خذ بيدي اليوم آخذ برجلك غداً" أي انفعني بقليل أنفعك بكثير.
"خذه بالموت حتى يرضى بالحمى" "خذ من غريم السوء أجره" "خاطر من استغنى برأيه" "خفيف الشفة" للقليل المسألة.
"خفيف على القلب" للثقيل.
"خصي يسخر من زب مولاه" "خليت عن الجاورس لئلا أحتاج إلى خصومة العصافير" "خذ القليل من اللئيم وذمه" "خليلي إن العسر سوف يفيق" "خصيم الليالي والغواني مظلم" "خذ فيما تكون" "خير البيوع ناجز بناجز" "خير المال ما وجهته وجهه" "خير الأعمال ما كان ديمة" "خذه قبل أن يفرط عليك" "خير الناس للناس خيرهم لنفسه" "خير الناس من فرح للناس بالخير" "خالف هواك ترشد" "الخطوب تارات" "الخرق من الشقة" "الخل حيث لا ماء حامض" "الخيرة فيما يصنع الله" "الخضوع عند الحاجة رجولية" "الخضر معه وتد" يضرب للطائش الجوال "الخوخ أسفل" "الخصي ابن مائة سنة واسته بنت عشرين" "اختم بالطين ما دام رطباً" "الحلم ريحانة ولست بقهرمانة" "أخرج الطمع من قلبك تحل القيد من رجلك"

الباب الثامن

في

ما أوله دال

دردب ألما عضه الثقاف

يقال: درب بالشيء ودردب به، إذا اعتاده وضري به. ودردب أي خضع وذل. والثقاف، خشبة تسوى بها الرماح. يضرب لمن يمتنع مما يراد منه ثم يذل وينقاد.

دونه بيض الأنوق

الأنوق، الرخمة. وهي تضع بيضها حيث لا يوصل إليه بعداً وخفاء. يضرب للشيء يتعذر وجوده. وقال أيضاً.

دونه النجم

فيجوز أن يرادبه الجنس، ويجوز أن يراد به الثريا وقد يقال:

دونه العيوق

هو الكوكب المعروف.

دهنت وأحففت

يقال: حف رأسه يحف حفوفاً إذا بعد عهده بالدهن. وأحففته أنا. يضرب للرجل يحسن القول في وجهك ويحفر لك من خلفك.

أدنى حمارك فازجري

أي، اهتمي بأمرك الأقرب ثم تناولي الأبعد.

أذركي القويمة لا تأكلها الهويمة

القويمة، تصغير قامة. ويعنى بها الصبي لأنه يقتم كلما أدرك يجعله في فيه، فربما أتى على بعض الهوام كالعقرب وغيرها. والقم والأقتمام الأكل. وأنت القامة أراد الصبية، وصغرها لصغرها، وخصها لضعفها وضعف عقلها. والهويمة، تصغير هامة وهي ما هم ودب. يضرب في حفظ الصبي وغيره. والمراد به إدراك الرجل الجاهل لا يقع في هلكة.

أدرك أرباب النعم

أي جاء من اهتمام وعناية بالأمر.

دون ذا وينفق الحمار

زعم الشرقي وغيره أن إنساناً أراد بيع حمال له فقال لمشور: أطرد حماري ولك علي جعل. فلما دخل به السوق قال له المشور: هذا حمارك الذي كنت تصيد عليه الوحش. فقال الرجل: دون ذا وينفق الحمار، أي الزم قولاً دون الذي تقول، أي أقل منه والحمار ينفق الأن دون هذا التنفيق. والواو، للحال. ويروى: دون ذا ينفق الحمار. من غير واو. أي ينفق من غير هذا القول. يضرب عند المبالغة في المدح إذا كان بدونه اكتفاء.

دري دبس

قال ابن الأعرابي: تقول العرب للسماء إذا أخالت للمطر دري دبس. وقال غيره: دبس اسم شاة. يضرب لمن يكثر الكلام.

دمث لنفسك قبل النوم مضطجعاً

ويروى لجنبك. أي استعد للنوائب قبل حلولها. والتدميث، التليين. والدماثة والدمث اللين. ويروى أن عائشة رضي الله تعالى عنها ذكرت عمر رضي الله تعالى عنه فقالت: كان والله أحوزياً نسيج وحده، قد أعد للأمور أقرانها.

دقك بالمنحاز حب القلقل

ذكرت الأعراب القدم أن القلقل شجيرة خضراء تنهض على ساق، ولها حب كحب اللوبيا حلو طيب يؤكل، والسائمة حريصة عليه. يوضع هذا المثل في الإذلال والحمل عليه.

دون ذلك خرط القتاد

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 116

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 117

الخرط، قشرك الورق عن الشجرة اجتذاباً بكفك. والقتاد، شجر له شوك أمثال الإبر. يضرب للأمر دونه مانع.

أدركني ولو بأحد المغروين

المغرو، السهم المريش. قال المفضل: كان رجلان من أهل هجر أخوان ركب أحدهما ناقة صعبة، وكانت العرب تحمق أهل هجر، وإن الناقة جالت، ومع الذي لم يركب منهما قوس، واسمه هنين، فناداه الراكب منهما فقال: يا هنين، ويلك أدركني ولو بأحد المغروين، يعني سهمه. فرماه أخوه فصرعه، فذهب قوله مثلاً. يضرب عند الضرورة ونفاد الحيلة.

الدم الدم والهدم الهدم

جعل الهدم هدماً، محرك الدال، متابعة لقوله الدم الدم. يعني، أني أبايعك على دمي في دمك وهدمي في هدمك. قاله عطاء بن مصعب.
ونصب، الدم، على التحذير، أي أحذر سفك دمي فإن دمك وكذلك هدمي هدمك. يضرب عند استجلاب منفعة للوفاق والاتحاد.

درت حلوبة المسلمين

يعني بذلك فيأهم وخراجهم حين كثرا.

أدرها وإن أبت

يضرب لمن يلح في طلب الحاجة ويكره المطلوب إليه على قضائها.

ده درين سعد القين

هذا مثل قد تكلم فيه كثير من العلماء فقال بعضهم: الأصل فيه أن العرب تعتقد أن العجم أهل مكر وخديعة، وكان العجم يخالطونهم، وكانوا يتجرون في الدر، ولا يحسنون العربية فإذا أرادوا أن يعبروا عن العشرة قالوا ده وعن الاثنين قالوا دو فوقع إليهم رجل معه خرزات سود وبيض فلبس عليهم وقال: دو درين. أي نوعان من الدر. أو، ده درين. أي قال عشرة منه بكذا. ففتشوا عنه فوجدوه كاذباً فيما زعم فقالوا: ده درين ثم ضموا إلى هذا اللفظ سعد القين لأنهم عرفوه بالكذب حين قالوا: إذا سمعت بسري القين فإنه مصبح. فجمعوا بين هذين اللفظين في العبارة عن الكذب وثنوا قولهم درين لمزاوجة القين، فإذا أرادوا أن يعبروا عن الباطل تكلموا بهذا. ثم تصرفوا في الكلمة فقالوا: دهدر، ودهدن، ودهدار. وجعلوا كلها أسماء للباطل والكذب. وقال بعضهم: أصل ده در فثنوه عبارة عن تضاعف معنى الباطل والمبالغة فيه، كما جمعوا أسماء الدواهي فقالوا: الأقورين، والفتكرين، والبرحين، إشارة إلى اجتماع الشر فيه ثم غيروا أوله عن ده، بالفتح، إلى ده، بالضم، ليكونوا قد تصرفوا فيه بوجه ما قالوا. وموضع المثل نصب بإضمار أعني أو أبصر. ويجوز أن يكون رفعاً على الابتداء، أي أنت صاحب هذه الفظة، أو مثل من عرف بهذا. وسعد رفع أيضاً على هذا التقدير، أي أنت سعد القين، وحذف التنوين لالتقاء الساكنين. قال أبو زيد في نوادره: يقال للرجل يهزأ منه ده درين وطرطبين. قال أبو الفضل المنذري: وجدت عن أبري الهيثم ده مضمومة، وسعد منصوباً. كأنه يريد يا سعد، مضافاً إلى القين غير معرب كأنه موقوف. قال: تقال هذه الكلمة عند تكذيب الرجل صاحبه. قال أبو الفضل، وقال أبو عبيدة ده درين قال: وإنما تركوا منها نون القين موقوفة ولم ينونوا سعداً في هذا الموضع، ونصبوا ده درين على إضمار فعل ينصبه وهو أعني. قال: وبعضهم يقولون دهدري، يغير نون الاثنين، ومعناه عندهم الباطل. قال الأصمعي: ولا أدري ما أصله. قال أبو عبيد: وأما أبو زياد الكلابي فإنه قال ده دريه بالهاء. هذا ما قالوا فيه. ثم صار الدهدر اسماً لباطل، ثم أبدلوا الراء نوناً فقالوا دهدن ومعناه قول الراجز:
لأجعلن لابنة عثم فـنـا حتى يكون مهرها دهدنا
أي باطلاً. ويقال أيضاً: دهدار بدهدار، أي باطل بباطل. وزعموا أن عدي بن أراة الفزاري كتب إلى عمر بن عبد العزيز يخطب هنداً بنت أسماء بن خارجة الفزاري، فكتب إليه عمر: أما بعد، فإن الفرزاري لا ينفك والسلام. فلما قرأ عدي الكتاب لم يدر ما أراد، فبعث إلى أبي عيينة ابن المهلب بن أي صفرة، وكان علامة، فأقرأه الكتاب فقال له: قد علمت ما أراد. قال: وما هو? قال: عني قول ابن دارة:
إن الفزاري لا ينفك مغتلماً من النواكة دهداراً بدهدار
يقول: باطلاً بباطل. أي يأتي باطلاً بسبب باطل. وكانت هند هذه تحت عبيد الله بن زياد، ثم تزوجها بشر بن مروان حين قدم الكوفة أميراً، ثم تزوجها الحجاج بن يوسف.

ادفع الشر عنك بعود أو عمود

قال بعضهم: إذا أتاك سائلك فلا ترده إلا بعطية قليلة أو كثيرة تقطع بها عنك لسانه فلا يذمك. وقال آخرون: ادفع الشر بما تقدر عليه.

دع عنك نهباً صحيح في حجراته

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 117

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 118

النهب، المال المنهوب، وكذلك النهبي. والحجرات، النواحي. يضرب لمن ذهب من ماله شيء ثم ذهب بعده ما هو أجل منه. وهذا من بيت امرئ القيس، قاله حين نزل على خالد بن سدوس بن أصمع النبهاني، فأغار عليه باعث بن حويص وذهب بإبله فقال له جاره خالد: أعطني صنائعك ورواحلك حتى أطلب عليها مالك، ففعل، فانطوى عليها. ويقال: بل لحق القوم فقال لهم: أغرتم على جاري يا بني جديلة. فقالوا: والله ما هو لك بجار. قال: بلى! والله ما هذه الإبل التي معكم إلا كالرواحل التي تحتي. قالوا: كذلك؛ فأنزلوه، وذهبوا بها. فقال أمرؤ القيس فيما هجاه به:
ودع عنك نهباً صيح في حجراته ولكن حديثاً ما حديث الرواحل
يقول: دع النهب الذي انتهبه باعث، ولكن حدثني حديثاً عن الرواحل التي ذهبت أنت بها، ما فعلت? ثم قال في هجائه:
وأعجبني مشي الحزقة خالـد كمشي أتان حليت عن مناهل

دب قملة

مثل يضرب للإنسان إذا سمن وحسن حاله.

الدال على الخير كفاعله

هذا يروى في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقال المفضل: أول من قاله اللجيج بن شنيف اليربوعي في قصة طويلة ذكرها في كتابه الفاخر.

أدرك أمراً بجنه

أي بحدثان عهده وقربه.

دع امرءاً وما اختار

يضرب لمن لا يقبل وعظك. يقال: دعه واختياره. كما قيل:
إذا المرء لم يدر ما أمكنه ولم يأت من أمره أزينـه
وأعجبه العجب فاقـتـاده وتاه به التيه فاستحسنـه
فدعه فقد سـاء تـدبـيره سيضحك يوماً ويبكي سنه
ونكر قوله، امرأ، لأنه أراد بالنكرة العموم كقوله تعالى: "تنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة". والواو في قوله، وما اختار، بمعنى مع، أي أتركه مع اختياره وكله إليه.

دردبه دردبة العلوق

وهي التي تمنع ولدها رضاعها. ودردبتها، عطفها ورأمها.

دري عقاب بلبن وأشخاب

أشخاب، جمع شخب، وهو ما امتد من اللبن إذا خرج من الضرع. وعقاب، اسم ناقة. وهذا من أمثال المخنثين، وقد مر في حرف الحاء.

إذع إلى طعانك من تدعو إلى جفانك

أي استعمل في حويجك كم نحصخ بمعروفك.

الدلو تأتي الغرب المزلة

الغرب، مخرج الماء من الحوض. يقول: تأتي الدلو على غير وجهتها، وكان يجب أن تأتي الأزاء. وقائل هذا المثل بسطام بن قيس أريه في منامه ليلة قتل في صبيحتها. فقال له نتقيذ: هلا قلت، ثم تعود بادياً مبتلة، فتكسر الطيرة عنك.

درب البهم بالرم

أي عودها الرعي تدرب به. يضرب في تأديب الرجل ولده.

دعني رأساً برأس

يضرب لمن طلبت إليه شيئاً فطلب منك مثله. قال الشاعر:
أنا الرجل الذي قد عتموه وما فيه لعياب مـعـاب
دعوني عنكم رأساً برأس قنعت من الغنيمة بالإياب

أدنى الجري الخبب

أي، إذا خببت في الخير فقد جريت فيه. يضرب في الأمر بالمعروف والخير.

دع عنك بنيات الطريق

أي، عليك بمعظم الأمر ودع الروغان.

أدخلوا سواداً في بياض

يضرب في التخليط. أي دخمسوا وصنعوا أمراً أرادوا غيره.

دعا القوم النقرى

أي، الدعوة النقرى، يعني الخاصة. وأصله من نقر الطير إذ لقط من ههنا وههنا، وانتقر الرجل إذا فعل ذلك. يضرب لمن اختص قوماً بإحسانه. قال عمر بن الأهتم.
وليلة يصطلي بالفرث جازرها يختص بالنقرى المثرين داعيها

دافع الأيام بالقروض

أي اقرض الدهر وكل قليلاً قليلاً. يضرب في حفظ المال.

دون غلبان خرط القتاد

غليان، اسم فحل. يضرب للمتمنع وكان في النسخ المعتمدة غليان، بالغين المعجمة. وفي شعر أبي العلاء، بالعين غير المعجمة، في قوله:
إذا أنا عاليت القتود لرحـلة فدون عليان القتادة والخرط
قالوا: هو فحل لكليب بن وائل. ولما عقر كليب ناقة جاره جساس قال جساس: ليقتلن غداً فحل هو أعظم من ناقتك. فبلغ ذلك كليباً فظن أنه يعني فحله الذي يسمى غليان فقال: دون غليان... المثل. وكان جساس يعني بالفحل نفس كليب.

دع الشر يعبر

قاله المأمون لرجل اغتاب رجلاً في مجلسه.

دمعة من عوراء غنيمة باردة

أي من عين عوراء. يضرب للبخيل يصل إليك منه القليل.

دع القطا ينم

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 118

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 119

يضرب في ترك أمريهم بإمضائه. ذكر أن بعض أصحاب الجيوش أراد الإيقاع بالعدو، فاستطع رأي الذي فوقه في ذلك، فوقع في كتابه: دع القطا ينم.

أدبر غريره وأقبل هريره

الغرير، الخلق الحسن. و الهرير، الكراهية. أي ذهب منه ما كان يغر ويعجب، وجاء ما يكره منه من سوء الخلق وغير ذلك. يضرب للشيخ إذا ساء خلقه.

دون كل قريبي قربى

يضرب لمن يسألك حاجة وقد سألكها من هو أقرب إليك منه.

ديكه يلقط الحب

ويروى: يلتقط الحصا. يضرب للنمام.

دل عليه أربه

قال أبو عمرو: يقال للرجل الدميم تقتحمه العين، ولا يؤبن بشيء من النجدة والفصل. دل عليه أربه. أي عقله.

دعع العوراء تخطأك

أي الخصلة القبيحة أو الكلمة الشنعاء. وتخطأك، بالهمز، من قولهم: أردتكم فخطئتكم أي تجاوزتكم. قيل هذا أحكم مثل ضربته العرب.

دع المعاجيل لطمل أرجل

المعاجيل، جمع معجل، وهو الطريق المختصر إلى المنازل والمياه كأنه أعجل عن أن يكون مبسوطاً. والطمل، اللص الخبيث. والأرجل، الصلب الرجل الذي لا يكاد يحفى. يضرب في التباعد عن مواضع التهم. أي دعها لأصحابها.

دأماء لا يقطع بالأرماث

الدأماء، البحر. والرمث، خشبات يضم بعضها إلى بعض ثم تركب في البحر للصيد وغيره. يضرب في الأمر العظيم الذي لا يدركه إلا من له أعوان وعدد تليق به.

دهور نبحاً واسته مبتلة

الدهورة، نباح الكلب من فرق الأسد ينبح ويضرط ويسلح خوفاً منه. يضرب لمن يتوعد من هو أقوى منه وأمنع.

دم سلاغ جبار

هذا رجل من عبد القيس له حديث. ولم يذكر حمزة أكثر من هذا.

دع الكذب حيث ترى أنه ينفعك فإنه يضرك وعليك بالصدق

حيث ترى أنه يضرك فإنه ينفعك

يضرب في الحث على لزوم الصدق حتى يصير عادة.

دار من رهاً

قال أبو الندى: رها قبيلة ورها بلد أيضاً. يضرب لمن تستخبره فيخبرك بما تعرفه.

الدين النصيحة

الأصل في النصيحة التلفيق بين الناس. من النصح، وهو الخياط. وذلك أن تلفق بين التفاريق. وهذا من حديث يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتمامه، قالوا: لمن يا رسول الله? قال: "لله ورسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم". قالت العماء: النصيحة لله، أن يخلص العبد العمل لله. والنصيحة لرسوله، أن يصفو قلبه في قبول دعوى النبوة ولا يضمر خلافها. والنصيحة للمسلمين، أن لا يتميزوا عنه في حال من الأحوال. وقيل: النصيحة لأئمة المسلمين أن لا يشق عصاهم ولا يعق فتواهم.

دغري لا صفى

ويروى: دغرا لا صفا. فدغرى، لغة الأزد، ودغرا، لغة غيرهم. والمعنى: أدغروا عليهم، أي احملوا ولا تصافوهم. يضرب في انتهاز الفرصة.

دماء الملوك أشفى من الكلب

أصل الكلب الشدة، وكلبة الشتاء شدة برده، والكلب الكلب الذي يكلب بحلوم الناس. ويروى: دماء الملوك شفاء الكلب. تزعم العرب أن من كان به كلب من عض الكلب الكلِب، وهو شيء شبيه بالجنون يعتري من عضة ذلك الكلب، ثم إذا سقي دماء الملوك شفي. ودفع بعض أصحاب المعاني هذا فقال: معنى المثل أن دم الكريم هو الثأر المنيم كما قال القائل:
كلب من حس ما قد مسه وأفانين فؤاد مختـبـل
وكما قيل: كلب يضرب جماجم ورقاب. قال: فإذا كلب من الغيظ والغضب فأدرك ثأره فذلك هو أشفاء من الكلب، لا أن هناك دماً يشرب في الحقيقة.

الدهر أبلغ في النكير

يعني بالنكير الإنكار والتغيير. يريد أن الدهر يغير ما يأتي عليه.

الدهر أطرق مستتب

أي مطرق مغض منقاد. قال بشار بن برد:
عام لا يغررك يوم من غـد عام أن الدهر يغضي ويهب
صاد ذا الضغن إلى غرتـه وإذا درت لبون فاحتـلـب

الدهر أرود مستبد

أي لين المعاملة غالب على أمره. وهذا كقول ابن مقبل:
أن ينقض الدهر منير مرة ليلى فالدهر أرود بالأقوام ذو غير
أرود، أي يعمل عمله في سكون لا يشعر به. ويقال: المستبد الماضي في أمره لا يرجع عنه.

الدهر أنكب لا يلب

ويروى: أنكث لا يلث. أنكب، من النكبة أي كثير النكبات. والصحيح أن يقال: أنكب من النكب، وهو الميل، يعني أنه عادل عن الاستقامة لا يقيم على وجهة واحدة. وانكث أي كثير النكث والنقض لما أبرم. وألث مثل ألب في المغنى.

ما على أفعل من هذا الباب

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 119

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 120

أدق من خيط باطلٍ

فيه قولان: أحدهما، أنه الهباء يكون في ضوء الشمس فيدخل من الكوة في البيت. والثاني، أنه الخيط الذي يخرج من فم العنكبوت، ويسميه الصبيان، مخاط الشيطان. وهذا القول أجود. وقال الجوهري: خيط باطل، ولعاب الشمس، ولعاب الشيطان، واحد. وكان لقب مروان ابن الحكم خيط باطل، وذلك أنه كان طويلاً مضطرباً فلقب به لدقته. وفيه يقول الشاعر:
لحا الله قوماً ملكوا خيط بـاطـل على الناس يعطي من يشاء ويمنع
والطويل أيضاً يلقب بظل النعامة كما يلقب بخيط باطل.

أدق من الشخب

هو ما يخرج من ضرع الشاة كالشعرة من اللبن إذا بدئ بحلبها.

أدق من الطحين

هذا أفعل من المفعول وهو المدقوق. وما تقدم فمن الدقة. وهذا من قول الشاعر الحطيئة يخاطب أمه:
وقد ملكت أمر بنيك حتى تركتهم أدق من الطحين

أدب من ضيونٍ

الضيون، السنور الذكر. وكان القياس أن يقال، ضين، وهذا من التصحيح الشاذ، وتصغيره ضيين. وبعضهم يقول، ضييون. قال الشاعر:
أدب باللـيل إلـى جـاره من ضيون دب إلى فرنب

أدب من قرنبى

وهي دويبة شبه الخنفساء. قال الشاعر:
ألا يا عباد الله قـلـبـي مـتـيم بأحسن من يمشي وأقبحهم بعـلا
يدب على أحشـائهـا كـل لـيلة دبيب القرنبى بات يعلوى نقاسهلا

أدنأ من الشسع

من الدناء، هذا إذا همزوه، فإذا تركوا الهمز يقولون: أدنى إلى المرء من شسعه للشيء القريب مننه جداً.

أدل من حنيف الحناتم

هو رجل من بني تيم اللات من ثعلبة كان دليلاً ماهراً بالدلالة. حكى هذا المثل أبو عبيدة. وكذا يقولون:

أدل من حنيف الحناتم

هو رجل من بني تيم اللات من ثعلبة كان دليلاً ماهراً بالدلالة. حكى هذا المثل أبو عبيدة. وكذا يقولون:

أدل من دعيميص الرمل

هو اسم رجل كان دليلاً خريتا داهياً يضرب به المثل فيقال: هو دعيميص هذا الأمر. أي عالم به.

أدهى من قيس بن زهير

هو سيد عبس. وذكر من دهائه أشياء كثيرة منها أنه مر ببلاد غطفان فرأى ثروة وعديدا، فكره ذلك. فقال له الربيع بن زياد العبسي: أنه يسوءك ما يسر الناس. فقال له: يا ابن أخي أنك لا تدري أن مع الثروة والنعمة التحاسد والتباغض والتخاذل، وأن مع القلة التعاضد والتوازر والتناصر. ومنها قوله لقومه: إياكم وصرعات البغي، وفضحات الغدر، وفلتات المزح. وقوله:: أربعة لا يطاقون، عبد ملك، ونذل شبع، وأمة ورثت، وقبيحة تزوجت، وقوله: المنطق مشهرة، والصمت مسترة، وقوله: ثمرة اللجاجة الحيلة، وثمرة العجلة الندامة، وثمرة العجب البغضة، وثمرة التواني الذلة. وأما قولهم:

أدنف من المتمني

فسيأتي ذكره مستقصى في حرف الصاد عند قولهم: أصب من المتمنية.

أدم من بعرة وأدم من الوبارة

وهي جمع وبر، وهو دويبة مثل الهرة طحلاء اللون لا ذنب لها.

المولدون

"دعامة العقل الحلم" "دنياك ما أنت فيه" "دخل فضولي النار فقال الحطب رطب" "دل على عاقر اختياره" "دع اللوم إن اللوم عون النوائب" "دواء الدهر الصبر عليه" "دع المراء وإن كنت محقاً" "دعوا قذف المحصنات تسلم لكم الأمهات" "الدراهم أرواح تسيل" "الدابة تساري مقرعة" "الدنيا قنطرة" "الدنيا قروض ومكافآت" "الدرجة أوثق من السلم" يضرب في اختيار ما هو أحوط.
"الدنيار القصير يسوى دراهم كثيرة" يضرب للشيء يستحقر ونفعه عظم.
"الدراهم بالدارهم تكسب"

الباب السابع

في

ما أوله ذال

ذهب أمس بما فيه

أول من قال ذلك ضمضم بن عمرو اليربوعي، وكان هوي امرأة فطلبها بكل حيلة فأبت عليه. وقد كان غر بن ثعلبة بن يربوع يختلف إليها، فاتبع ضمضم أثرهما وقد اجتمعا في مكان واحد، فصار تفي خمر إلى جانبهما يراهما ولا يريانه فقال غر:
قديماً تواتيني وتأبى بنـفـسـهـا على المرء جواب التنوفة ضمضم
فشد عليه ضمضم فقتله وقال:
ستعلم أني لست آمن مبغضاً وأنك عنها أن نأيت بمعزل
فقيل له: لم قتلت ابن عمك? قال: ذهب أمس بما فيه، فذهب قوله مثلاً.

ذري بما عندك يا ليغاء

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 120

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 121

ذري، أي أبيني ذروا من كلامك استدل به على مرادك. والليغاء. تأنيث الأليغ، وهو الذي لا يبين كلامه. يضرب لمن يكتم صاحبه ذات نفسه.

ذكرني فوك جماري أهلي

أصله أن رجلاً خرج يطلب حمارين ضلا له فرأى امرأة متنقبة فأعجبته حتى نسي الحمارين، فلم يزل يطلب إليها حتى سفرت له فإذا هي فوهاء، فحين رأى أسنانها ذكر الحمارين فقال: ذكرني فوك حماري أهلي. وأنشأ يقول:
ليت النقاب على النساء محرم كيلا تغر قبيحة إنـسـانـاً

ذهبوا أيدي سباً وتفرقوا أيدي سباً

أي تفرقوا تفرقاً لا اجتماع معه. اخبرنا الشيخ الإمام أبو الحسن علي ابن أحمد الواحدي، أخبرنا الحاكم أبو بكر محمد بن إبراهيم الفارسي، أخبرنا أبو عمرو بن مطر، حدثنا أبو خليفة، حدثنا أبو همام، حدثنا إبراهيم بن طهمان عن أبي جناب، عن يحيى بن هانئ، عن فروة بن مسيك قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، أخبرني عن سبا أرجل هو أم امرأة? فقال: "هو رجل من العرب ولد عشرة، تيامن منهم ستة، وتشاءم منهم أربعة، فأما الذين تيامنوا: فالأزد، وكندة، ومذحج، والأشعرون، وأنمار، ومنهم بجيلة. وأما الذين تشاءموا: فعاملة، وغسان، ولخم، وجذام. وهم الذين أرسل عليهم سيل العرم"، وذلك أن الماء كان يأتي أرض سبأ من الشحر وأودية اليمن، فردموا ردماً بين جبلين وحبسوا الماء، وجعلوا في ذلك الردم ثلاثة أبواب بعضها فوق بعض، فكانوا يسقون من الباب الأعلى ثم من الثاني ثم من الثالث فاخصبوا وكثرت أموالهم، فلما كذبوا رسولهم بعث الله جرذاً نقبت ذلك الردم حتى انتقض فدخل الماء جنتيهم فغرقهما ودفن السيل بيوتهم فذلك قوله تعالى: "فأرسلنا عليهم سيل العرم". والعرم، جمع عرمة، وهي السكر الذي يحبس الماء. وقال ابن الأعرابي: العرم ، السيل الذي لا يطاق. وقال قتادة ومقاتل: العرم اسم وادي سبأ. وأخبرنا الإمام علي بن أحمد الخزاعي، أخبرنا أبو الوليد الأزرقي، حدثنا جدي، حدثنا سعيد ين أحمد الخزاعي، أخبرنا أبو الوليد الأزرقي، حدثنا جدي، حدثنا سعيد بن سالم القداح عن عثمان ابن ساج، عن الكلبي، عن أبي صالح قال: ألفت طريقة الكاهنة إلى عمرو ابن عامر الذي يقال له مزيقياً بن ماء السماء وهو عمرو بن عامر بن حارثة بن ثعلبة بن امرئ القيس بن مازن بن الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد ابن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، وكانت قد رأت في كهانتها أن سد مارب سيخرب، وأنه سيأتي سيل العرم فيخرب الجنتين، فباع عمرو بن عامر أمواله وسار هو وقومه حتى انتهوا إلى مكة فأقاموا بمكة وما حولها فأصابتهم الحمى، وكانوا ببلد لا يدرون فيه ما الحمى، فدعوا طريفه فشكوا إليها الذي أصابهم فقالت لهم: قد أصابني الذي تشكون وهو مفرق بيننا. قالوا: فماذا تأمرين? قالت: من كان منكم ذا هم بعيد، وجمل شديد، ومزاد جديد، فليلحق بقصر عمان المشيد. فكانت أزد عمان. ثم قالت: من كان منكم ذا جلد وقسر وصبر على أزمات الدهر فعليه بالأراك من بطن مر. فكانت خزاعة. ثم قالت: من كان منكم يريد الراسيات في الوحل، المطعمات في المحل، فليلحق بيثرب ذات النخل. فكانت الأوس والخزرج. ثم قالت: من كان منكم يريد الخمر والخمير، والملك والتأمير، ويلبس الديباج والحرير، فليلحق ببصرى وغوير، وهما من أرض الشأم. فكان الذين سكنوها آل جفنة من غسان. ثم قالت: من كان منكم يريد الثياب الرقاق، والخيل العتاق، وكنوز الأرزاق، والدم المهراق، فليلحق بأرض العراق. فكان الذين سكنوها آل جذيمة الأبرش، ومن كان بالحيرة، وآل محرق.
?اذهبي فلا أنده سربك النده، الزجر. والسرب، المال الراعي. وكان يقال للمرأة في الجاهلية، اذهبي فلا أنده سربك. فكانت تطلق بهذه الفظة.
?الذود إلى الذود إبل قال ابن الأعرابي: الذود لا يوحد، قد يجمع أذواداً، وهو اسم مؤنث يقع على قليل الإبل ولا يقع على كثير، وهو ما بين الثلاث إلى العشر إلى العشرين إلى الثلاثين ولا يجاوز ذلك. يضرب في اجتماع القليل إلى القليل حتى يؤدي إلى الكثير.

??الذئب يأدو للغزال

يقال أدوت له أدواً إذا ختلته ونشد:
أدوت له لأحـده فهيها الفتى حذرا
يضرب في الخديعة والمكر. ويجوز أن يكون الهمز في أدوت بدلاً من العين، وكذلك في يادو، أي يعدو لأجله، من العدو.
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 121

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 122

ذئب الخمر

الخمر، ما واراك من شجر أو حجر أو جرف واد، وإنما يضاف إلى الخمر للزومه إياه. ومثله: ذئب غضا، وقنفذ برقة، وتيس حلب، وهو نبت تعتاده الظباء. ويقال: تيس الربل، وضب السحا، وشيطان الحماطة، وأرنب الخلة.

الذئب يكنى أبا جعدة

يقال أن الجعدة الرخل، وهي الأنثى من أولاد الضأن، يكنى الذئب بها لأنه يقصدها ويطلبها لضعفها وطيبها. وقيل الجعدة نبت طيب الرائحة ينبت في الربيع ويجف سريعاً، فكذلك الذئب أن شرف بالكنية فإنه يغدر سريعاً، ولا يبقى على حاله واحدة. وقيل: يعني أن الذئب وإن كانت كنيته حسنة فإن فعله قبيح. وقيل أنه لعبيد بن الأبرص قاله حين أراد النعمان بن المنذر قتله. يضرب لمن يبرك باللسان ويريد بك الغوائل. وسئل ابن الزبير عن المتعة فقال: الذئب يكنى أبا جعدة. يعني أنها كنية حسنة للذئب الخبيث، فكذلك المتعة حسنة الاسم قبيحة المعنى. وقيل كني الذئب بأبي جعدة وأبي جعادة لبخله من قولهم فلان جعد اليدين إذا كان بخيلاً.

ذهبوا إسراء قنفذ

أي كان ذهابهم ليلاً كالقنفذ لا يسري إلا ليلاً.

الذئب خالياً أسد

ويروى أشد، أي إذا وجدك خالياً وحدك كان أجرأ عليك. وهذا قوله قاله بعضهم. وأجود من هذا أن يقال الذئب إذا خلا من أعوان من جنسه كان أسداً لأنه يتكل على ما في نفسه وطبعه من الصرامة والقوة فيثب وثبة لا بقيا معها. وهذا أقرب إلى الصواب لأن، خالياً، حال من الذئب لا من غيره، والتقدير: الذئب يشبه الأسد إذا كان خاليا. كما تقول: زيد ضاحكاً قمر. ومعنى التشبيه عامل في الحال قال أبو عبيد: يقول، إذا قدر عليك في هذه الحال فهو أقوى عليك وأجرأ بالظلم، أي في غير هذه الحال، أراد لا تعجز عنه ولا معين له من جنسه. وقال أيضاً: قد يضرب هذا المثل في الدين، ومنه حديث معاذ رضي الله تعالى عنه: عليكم بالجماعة فإن الذئب إنما يصيب من الغنم الشاذه القاصية. قال أبو عبيد: فصار هذا المثل في أمر الدين والدنيا، يضرب لكل متوحد برأيه أو بدينه أو بسفره.

ذهب في الأخيب الأذهب

وذهب في الخيبة الخيباء، إذا طلب ما لا يجدي ولا يجد عليه طلبه شيئاً، بل يرجع بالخيبة.

الذئب مغبوط بذي بطنه

ويروى: الذئب يغبط بغير بطنه. وذو بطنه، ما في بطنه. ويقال: ذو البطن، اسم للغائط يقال ألقي ذا بطنه، إذا أحدث. قال أبو عبيد: وذلك أنه ليس يظن به أبداً الجوع، إنما يظن به البطنة لأنه يعدو على الناس والماشية. قال الشاعر:
ومن يسكن البحرين يعظم طحاله ويغبط ما في بطنه وهو جـائع
وقال غيره: إنما قيل فيه ذلك لأنه عظيم الجفرة أبداً لا يبين عليه الضمور وأن جهده الجوع. وقال الشاعر:
لكالذئب مغبوط الحشا وهو جائع

الذئب أدغم

قال ابن دريد: تفسير ذلك أن الذئاب دغم، ولغت أو لم تلغ، والدغمة لازمة لها فربما قيل قد ولغ وهو جائع. يضرب لمن يغبط بما لم ينله. والدغمة، السواد. والدغمان من الرجل الأسود.

ذهبوا شغر بغر وشذر مذر=وشذر مذر وخذع مذع

أي في كل وجه.

ذهب دمه درج الرياح

ويروى: أدراج الرياح، وهي جمع درج، وهي طريقها. يضرب في الدم إذا كان هدراً لا طالب له.

ذهبت هيف لأديانها

الهيف، الريح الحارة تهب من ناحية اليمن في الصيف. قال أبو عبيد: واصل الهيف السموم. وقوله لأديانها، جمع دين، وهو العادة، أي لعاداتها، وإنما جمع الأديان لأن الهيف اسم جنس وجاء باللام على معنى إلى، أي رجعت إلى عاداتها، وعادتها أن تجفف كل شيء وتيبسه. يضرب مثلاً عند تفرق كل إنسان لشأنه ويقال: يضرب لكل من لزم عادته ولم يفارقها.

ذليل عاذ بقرملة

قال الأصمعي: القرملة شجيرة ضعيفة لا ورق لها. قال جرير:
كان الفرزدق حين عاذ بخاله مثل الذليل يعوذ وسط القرمل

ذكرتني الطعن وكنت ناسياً

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 122

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 123

قيل أن أصله أن رجلاً حمل على رجل ليقتله، وكان في يد المحمول عليه رمح، فأنساه الدهش والجزع ما في يده فقال له الحامل: ألق الرمح. فقال الآخر: إن معي رمحاً لا أشعر به، ذكرتني الطعن... المثل. وحمل على صاحبه فطعنه حتى قتله أو هزمه. يضرب في تذكر الشيء بغيره. يقال أن الحامل صخر بن معاوية السلمي، والمحمول عليه يزين بن الصعق. وقال المفضل: أول من قاله رهيم بن حزن الهلالي، وكان انتقل بأهله وماله من بلده يريد بلداً آخر، فاعترضه قوم من بني تغلب فعرفوه وهو لا يعرفهم فقالوا له: خل ما معك وانج. قال لهم: دونكم المال ولا تعرضوا للحرم. فقال له بعضهم: إن أردت أن نفعل ذلك فألق رمحك. فقال: وإن معي لرمحاً فشد عليهم فجعل يقتلهم واحداً بعد واحد وهو يرتجز ويقول:
ردوا على أقربها الأقـاصـيا إن لها بالمشـرفـي حـاديا
وذكرتني الطعن وكنت ناسياً

ذقه تغتبط

أصله أن قوماً كانوا على شراب وفيهم رجل لا يشرب فطربوا وهو مسبت، فقيل له هذا القول، أي ذق حتى تطرب كما طربنا. يضرب لمن حرم لتوانيه في السعي.

ذهب أهل الدثر بالأجر

الدثر، كثرة إملال. يقال: مال دثر، ومالان دثر، وأموال دثر، أي كثير. وهذا المثل يروى في الحديث.

ذهب في السمهى

قال أبو عمرو: أي في الباطل. وجرى فلان السمهي، إذا جرى إلى أمر لا يعرفه. وذهبت إبله السمهى، إذا تفرقت في كل وجه. والسمهى الهواء بين السماء والأرض. والسمهى والسميهي، الكذب والباطل.

إذكر غائباً يقترب

ويروى: أذكر غائباً تره. وقال أبو عبيد: هذا المثل يروى عن عبد الله ابن الزبير أنه ذكر المختار يوماً وسأل عنه والمختار يومئذ بمكة قبل أن يقدم العراق فبينا هو في ذكره إذ طلع المختار فقال ابن الزبير: اذكر غائباً... المثل.

ذل لو أجد ناصراً

قال المفضل: كان أصله أن الحرث بن أبي شمر الغساني سأل أنس بن أبي الحجير عن بعض الأمر فأخبره، فلطمه الحرث، فغضب أنس وقال: ذل لو أجد ناصراً. ثم لطمه أخرى فقال: لو نهيت الأولى لانتهت الأخرى. فذهبت كلمتاه مثلين. وتقدير المثل: هذا ذل لو أجد ناصراً لما قبلته.

ذهب كاسباً فلج به

أي، لج الشر به حتى أهلكه وأوقعه في شر إما غرق أو قتل أو غيرهما.

ذهب ماله شعاع

مبني على الكسر، مثل قطام، أي متفرقا. قال الشاعر:
أغل بماله زيد فأضحى وتالده وطارفه شعاع

ذآنين لا رمث لها

الذؤنون، نبت. والرمث، مرعى من مراعي الإبل من الحمض، وهذا الذؤنون يثبت في الرمث. يضرب للقوم لا قديم لهم، ولا يرجى خير من لا قديم له.

ذهب المحلق في نبات طمار

التحليق، الارتفاع في الهواء يقال حلق الطائر. وطمار، المكان المرتفع. قال الأصمعي: يقال انصب عليه من طمار مثل قطام قال الشاعر:
فإن كنت لا تدرين ما الموت فانظري إلى هانئ في السوق وابن عـقـيل
إلى بطل قد عفر السـيف وجـهـه وآخر يهوي من طـمـار قـتـيل
وكان ابن زياد أمر برمي مسلم بن عقيل من سطح عال. وقال الكسائي: من طمار وطمار بفتح الراء وكسرها. يضرب فيما يذهب باطلاً.

ذهب في ضل بن ألٍ

إذا ركب رأسه في الباطل. يقال: ذهب في الضلال والألال، والضلال والتلال، إذا ذهب في غير حق.

ذليل من يذلله خذام

قالوا: خذام كان رجلاً ذليلاً. يضرب للضعيف يقهره من هو أضعف منه.

الذليل من تأكله الوبراء

قالوا: الوبراء، الرخمة. وهي تحمق وتضعف. وأراد وأبو برهاريشها.

ذهب منه الأطيبان

يضرب لمن قد أسن . أي لذة النكاج والطعام. قال، نهشل:
إذا فات منك الأطيبان فلا تـبـل متى جاءك اليوم الذي كنت تحذر

ذكر ولا حساس

مبني على الكسر مثل قطام وحذام. يضرب للذي يعدو لا يحس أنجازه. ويروى: ولا حساس نصباً على التبرئة. ومنهم من يرفعه ونيون ويجعل لا بمنزلة ليس. ومنهم من يقول ولا حسيس ينصب بغير تنوين. ومنهم من يرفع بتنوين.

ذل بعد شماسه اليعفور

يضرب لمن انقاد بعد جماحة. واليعفور اسم فرس.

أذل الناس معتذر إلى لئيم

لأن الكريم لا يحوج إلى الاعتذار، ولعل اللئيم لا يقبل العذر.

الذئب للضبع

أي هو قرنه. يضرب في قريني سوء.

ذهبت طولاً وعدمت معقولاً

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 123

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 124

يضرب للطويل بلا طائل.

ذهبوا تحت كل كوكب

يضرب للقوم إذا تفرقوا.

ذهبوا في اليهير

أي، في الباطل. اليهير بفعل لأنه ليس في الكلام فعيل، وهو صمغ الطلح. وأنشد أبو عمرو:
أطعمت راعي من اليهير فظل يعوي حبطاً بشـر
أي، من هذا الصمغ. وقال الأحمر: حجر يهير أي صلب. ويقال: أكذب من اليهير، وهو السراب. وقال ابن السراج: ربما زادوا فيه الألف فقالوا يهيري وهو من أسماء الباطل.

داك أحد الأحدين

قال ابن الأعرابي: هذا أبلغ المدح. قال: ويقال أحدى الأحد كما تقول واحد لا نظير له. ويقال: فلان واحد الأحدين، وواحد الآحاد. وقولهم: هذا أحدى الأحد. قالوا التأنيث للمبالغة بمعنى الداهية وأنشدوا:
عدوني الثعلب فيمـا عـددوا حتى استثاروا بي أحدى الأحد
يضرب لمن لا نهاية لدهائه، ولا مثل له في نكرائه.

ذهبت في وادي تيه بعد تيه

يضرب لمن يسلك سبيل الباطل.

ذيبة قف ما لها غميس

الفق، ما غلظ من الأرض. والغميس، الوادي فيه شجر ملتف. يضرب لمن جاهر بالعداوة وأظهر المناواة.

الذيخ في خلوته مثل الأسد

الذيخ، الذكر من الضبع. يضرب لمن يدعي منفرداً ما يعجز عنه إذا طولب به في الجميع. وهذا مثل قولهم: كل مجر في الخلاء يسر.

ذباب سيف لحمه الوقائص

الوقيصة، المكسورة العنق من الدواب. يضرب لمن له مال وسعة وهو مقتر على عياله، ولمن له قدرة وقوة فهو لا ينازع إلا ضعيفاً ذليلاً.

ذيبة معزى وظليم في الخبر

يقال في جمع الماعز معز ومعيز ومعزى، والألف في معزى للإلحاق بفعلل، مثل هجرع وهبلع ودرهم، وتصغيرها معيز. والخبر، اسم من الاختبار يقول هو في الخبث كالذئب وقع في المعزى وفي الاختبار كالظليم إن قيل له طر قال أنا جمل، وإن قيل له أحمل قال أنا طائر. يضرب للخلوب المكار.

ما على أفعل من هذا الباب

أذل من قيسي بحمص

وذلك أن حمص كلها لليمن ليس بها من قيس إلا بيت واحد.

أذل من يد في رحم

يريد الضعف والهوان. وقيل يعني يد الجنين. وقال أبو عبيدة: معناه أن صاحبها يتوقى أن يصيب بيده شيئاً.

أذل من بعير سانية

وهو البعير الذي يستقى عليه الماء. قال الطرماح:
قبيلة أذل مـن الـسـوانـي وأعرف للهوان من الخصاف
يعني النعل.

أذل من حمار قبان

وهو ضرب من الخنافس يكون بين مكة والمدينة. وقال:
يا عجباً وقد رأيت عجبـا حمار قبان يقود أرنـبـا
خاطمها زأمها أن تذهبـا فقلت أردفني فقال مرحبا

أذل من قراد بمنسم

قال الفرزدق:
هنالك لو تبغي كليباً وجدتهـا أذل من القردان تحت المناسم

أذل من وتد بقاع

لأنه يدق أبداً. وأما قولهم:

أذل من حمار مقيد

فقد قال فيه الشاعر وفي الوتد:
إن الهوان حمار الأهل يعرفـه والحر ينكره والجسرة الأجـد
ولا يقيم بدار الذل يعـرفـهـا إلا الأذلان غير الأهل والوتـد
هذا على الخسف مربوط برمته وذا يشج فلا يأوي لـه أحـد

أذل من فقع بقرقرة

لأنه لا يمتنع على من اجتازه. ويقال: بل لأنه يوطأ بالأرجل. والفقع، الكماءة البيضاء والجمع فقعة مثل جبء وجبأة. ويقال: حمام فقيع، إذا كان أبيض. ويشبه الرجل الذليل بالفقع فيقال: هو فقع قرقر، لأن الدواب تنجله بأرجلها. قال النابغة يهجو النعمان بن المنذر:
حدثوني بني أشقيقة ما يمنع فقعا بقرقر أن يزولا
لأن الفقعة لا أصول لها ولا أغصان. ويقال: فلان فقعة القاع. كما يقال في مولد الأمثال لمن كان كذلك: هو كشوث الشجر، لأن الكشوث نبت يتعلق بأغصان الشجر من غير أن يضرب بعرق في الأرض. قال الشاعر:
هو الكشوت فلا أصل ولا ورق ولا نسيم ولا ظل ولا ثـمـر

أذل من السقبان بين الحلائب

السقبان، جمع السقب، وهو ولد البعير الذكر ويقال للأنثى حائل. والحلائب، جمع الحلوبة وهي التي تحلب.

أذل من اليعر

هو الجدي، أو العناق، يشد على فم الزبية ويغطي رأسه، فإذا سمع السبع صوته جاء في طلبه فوقع في الزبية فأخذ.

أذل من النقد

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 124

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 125

قال أهل اللغة: النقد جنس من الغنم، فصار الأرجل، قباح الوجوه، يكون بالبحرين. الواحد نقدة. قال الأصمعي: أجود الصوف صوف النقد. وقال:
عقيم باشر تميم محـتـدا لو كنتم ضأناً لكنتم نقـدا
أو كنتم ماء لكنتم زبـداً أو كنتم صوفاً لكنتم قردا

أذل ممن بالت عليه الثعالب

هذا مثل للشيء يستذل. كما يقال في المثل الآخر: هدمة الثعلب، يعني حجره المهدوم. ويقال في الشر يقع بين القوم وقد كانوا على صلح: بال بينهم الثعلب، وفسا بينهم الظربان، وكسر بينهم رمح، ويبس بينهم الثرى، وخريت بينهم الضبع. قال حميد بن ثور:
ألم تر ما بيني وبين ابن عامـر من الود قد بالت عليه الثعالب
وأصبح باقي الود بيني وبـينـه كأن لم يكن والدهر فيه عجائب

أذل من قرملة

القرمل، شجر قصار لا ذرى لها ولا ملجأ ولا ستر. ويقال في مثل آخر: ذليل عاذ بقرملة، أي بشجرة لا تستره ولا تمنعه، أي هو ذليل عاذ بأذل من نفسه.

أذل من النعل

هذا من قول البعيث:
وكل كليبي صفـيحة وجـهـه أذل على مس الهوان من النعل
ويروى: أذل لأقدام الرجال من النعل.

أذل من البذج

يعنون لحمل، والجمع بذجان. وأنشد:
قد هلكت جارتنا من الهـمـج وإن تجمع تأكل عتوداً أو بذبح
وفي الحديث: يؤتى بابن آدم يوم القيامة كأنه بذج من الذل.

أذل من بيضة البلد

هي بيضة تتركها النعامة في فلاة من الأرض فلا ترجع إليها. قال الراعي:
تأبى قضاعة أن تعرف لكم نسباً وإبنا نزار فأنتم بيضة البـلـد

أذكى من الورد ومن المسك الأصهب والعنبر الأشهب

أذل من أموي بالكوفة يوم عاشوراء

أذل من قمع

يعنون هذا الملتزق بأعلى التمر يرمى به فيوطأ بالأرجل.

أذل من عير

العير، الوتد. وإنما قيل ذلك لأنه يشجج رأسه أبداً. ويجوز أن يراد به الحمار.

أذل من حوار

وهو ولد الناقة، ولا يزال يدعى حوار حتى يفصل.

أذل من الحذاء

لأنه يمتهن في كل شيء عند الوطء. وكذلك يقولون:

أذل من الرداء وأذل من الشسع

أذل من البساط

يعنون هذا الذي يبسط ويفرش فيطؤه كل أحد.

المولدون

"ذئب في مسك سحلة" "ذئب استنعج" "ذل العزل يضحك من تيه الولاية" "ذنب الكلب يكسبه الطعم وفمه يكسبه الضرب" "ذل من لا سفيه له" "ذدت السباع ثم تفرسني الضباع" "ذهب الحمار يطلب قرنين فعاد مصلوم الأذنين" "ذهب الناس وبقي النسناس" "ذهب عصيري وبقي ثديري" للشيء تذهب منفعته وتبقى كلفته.
"ذكر الفيل بلاده" "ذممتني على الإساءة فلم رضيت عن نفسك بالمكافأة" قاله علي بن أبي عبيدة.
"ذر مشكل القول وإن كان حقاً" "الذل في أذناب البقر"

الباب العاشر

في

ما أوله راء

رعى فأقصب

يقال: قصب البعير يقصب، إذا امتنع من الشرب. وأقصب الراعي، إذا فعلت إبله ذلك، أي أساء رعيها فامتنعت من الشرب. وليس في قوله رعى ما يدل على الإساءة والتقصير، ولكمن استدل بقوله أقصب على سوء الرعي، وذلك أن الإبل امتنعت من الشرب أما لخلاء أجوافها، وإما لإمتلائها، وهما يدلان على إساءة الرعي. يضرب لمن لا ينصح ولا يبالغ فيما تولى حتى يفسد الأمر.

رمتني بدائها وانسلت

هذا المثل لإحدى ضرائر رهم بنت الخزرج امرأة سعد بن زيد مناة، رمتها رهم بعيب كان فيها فقالت الضرة: رمتني بدائها... المثل. وقد ذكرت القصة بتمامها في باب الباء في قوله: ابدئيهن بفعال سبيت. يضرب لمن يعير صاحبه بعيب هو فيه.

رماه بأقحاف رأسه

أي، أسكته بداهية عظيمة أوردها عليه. وإنما قيل بلفظ الجمع لأنهم أرادو رماه به مرة بعد مرة. ويجوز أن يجمع بما حوله إرادة أن كل جزء منه قحف. كما قالوا: غليظ المشافر، وعظيم المناكب. والقحف، اسم لما يعلو الدماغ من الرأس، ولا يرميه به ما لم يزله عن موضعه وينزعه منه، وهذا كناية عن قتله فكأنه بلغ به في الإسكات غاية لا وراء لها وهو القتل، والمقتول لا يتكلم.

رماه الله بداء الذئب

معناه أهلكه الله، وذلك أن الذئب لا داء له إلا الموت. ويقال: معناه، رماه الله بالجوع، لأن الذئب أبداً جائع.

رماه الله بثالثة الأثافي

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 125

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 126

قالوا: هي القطعة من الجبل يوضع إلى جنبها حجران وينصب عليها القدر. يضرب لمن رمي بداهية عظيمة. ويضرب لمن لا يبقي من الشر شيئاً، لأن الأثفية ثلاثة أحجار كل حجر مثل رأس الإنسان، فإذا رماه بالثالثة فقد بلغ النهاية. كذا قاله الأزهري. قال البديع الهمذاني:
ولي جسم كواحدة المثاني له كبد كثالثة الأثـافـي
يريد القطعة من الجبل.

رمي فلان بحجره

أي، بقرنه الذي هو مثله في الصلابة والصعوبة. جعل الحجر مثلاً للقرن لأن الحجر يختلف باختلاف المرمي، فصغار هذا لصغار ذاك وكباره لكباره. وفي حديث صفين أن معاوية لما بعث عمرو بن العاص حكماً مع أبي موسى، جاء الأحنف بن قيس إلى علي كرم الله وجهه فقال: إنك قد رميت بحجر الأرض، فاجعل معه ابن عباس فإنه لا يشد عقدة إلا حلها. فأراد علي أن يفعل ذلك فأبت اليمامة إلا أن يكون أحد الحكمين منهم، فعند ذلك بعث أبا موسى. ومعناه: أنك رميت بحجر لا نظير له، فهو حجر الأرض في انفراده. كما تقول: فلان رجل الدهر، أي لا نظير له في الرجال.

رمي فلان من فلان في الرأس

إذا أعرض عنه وساء رأيه حتى لا نظير إليه. قال أبو عبيد: ومنه حديث عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، حين سلم عليه زياد بن حذير فلم يرد عليه، فقال زياد: لقد رميت من أمير المؤمنين في الرأس. وكان ذلك لهيئة رآها عليه فكرهها. وأراد زياد لقد ساء رأي أمير المؤمنين في. فإذا قيل: رمي فلان من فلان في الرأس، كان التقدير، رمي في رأسه منه شيء، أي ألقي في دماغه منه وسوسة حتى ساء رأيه فيه. والألف واللام من قولهم، في الرأس، ينوبان عن الإضافة كقوله:
وآنفنا بين اللحى والحواجب

رهبوت خير من رحموت

أي، لأن ترهب خير من أن ترحم. قال المبرد: رهبوني خير من رحموتي. ومثله في الكلام جبروت وجبروتي.

رويداً الغزو ينمرق

هذه مقالة امرأة كانت تغزو، تسمى رقاش من بني كنانة، فحملت من أسير لها فذكر لها الغزو فقالت: رويد الغزو، أي أمهل الغزو حتى يخرج الولد. يضرب في التمكث وانتظار العاقبة. ذكر المفضل: أن امرأة كانت من طيئ يقال لها رقاش، فكانت تغزو بهم ويتيمنون برأيها، وكانت كاهنة لها حزم ورأي، فأغارت طيئ، وهي عليهم، على أياد بن نزار بن معد، يوم رحى جابر، فظفرت بهم، وغنمت، وسبت، فكان فيمن أصابت من أياد شاب جميل فاتخذته خادماً، فرأت عورته فأعجبها فدعته إلى نفسها، فحملت، فأتيت في إبان الغزو تقول: رويد الغزو ينمرق. فأرسلتها مثلاً. ثم جاؤا لعادتهم فوجدوها نفساء مرضعاً قد ولدت غلاماً فقال شاعرهم:
نبئت أن رقاش بعد شمـاسـهـا حبلت وقد ولدت غلاماً أكحـلا
فالله يحظيها ويرفع بعـضـهـا والله يلقحها كشافـاً مـقـبـلا
كانت رقاش تقود جيشاً جحفـلا فصبت وأحر بمن صبا أن يحبلا

رويد الشعر يغب

الغاب، اللحم البائت، أي دعه حتى تأتي عليه أيام فتنظر كيف خاتمته أيحمد أم يذم. ويجوز أن يراد، دع الشعر يغب، أي يتأخر عن الناس من قولهم: غبت الحمى، إذا تأخرت يوماً، أي لا يتواتر شعرك عليهم فيملوه.

رويداً يعلون الجدد

ويروى: يعدون الخبار. الخبار، الأرض الرخوة. والجدد، الصلبة. يضرب مثلاً للرجل يكون به علة فيقال: دعه حتى تذهب علته. قاله قيس يوم داحس، حين قال له حذيفة: سبقتك يا قيس. فقال: أمهل حتى يعدوا الجدد، أي في الجدد. ومن روى، يعلون، كان الجدد مفعولاً. وقد ذكرت هذه القصة بتمامها في باب القاف عند قولهم: قد وقعت بينهم حرب داحس.

رويداً يلحق الداريون

الداري، رب النعم، سمي بذلك لأنه مقيم في داره فنسب إليها. يضرب في صدق الاهتمام بالأمر، لأن اهتمام صاحب الإبل أصدق من اهتمام الراعي.

روغي جعار وانظري أين المفر

جعار، اسم للضبع سميت بذلك لكثرة جعرها. وهي مبنية على الكسر مثل قطام. يضرب للجبان الذي لا مفر له مما يخاف.

ريح حزاء فالنجاء

الحزاء، بفتح الحاء، نبت ذفر يتدخن به للأرواح، يشبه الكرفس، يزعمون أن الجن لا تقرب بيتاً هو قيه. يضرب للأمر يخاف شره فيقال أهرب فإن هذا ريح شر. والنجاء، الإسراع، يمد ولا يقصر إلا في ضرورة الشعر كما قال:
ريح حزاء فالنجا لا تكن فريسة للأسد الـلابـد
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 126

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 127

قيل: دخل عمر بن حكيم النهدي على يزيد بن المهلب، وهو في الحبس، فلما رآه قال: يا أبا خالد، ريح حزاء. أي أن هذا تباشير شر، وما يجيء بعد شر منه، فهرب من الغد.

ريحهما جنوب

يضرب للمتصافيين، فإذا تكدر حالهما قيل: شملت ريحهما. وقال:
لعمري لئن ريح المودة أصبحت شمالا لقد بدلت وهي جنـوب

أرعي فزارة لأهناك المرتع

يضرب لمن يصيب شيئاً ينفس به عليه.

رمى فيه بأرواقه

يضرب لمن ألقى نفسه في شيء. قال الشاعر:
لما رأى الموت محمراً جوانبـه رمى بأرواقه في الموت سربال
قال الليث: روق الإنسان همه ونفسه إذا ألقاه على الشيء حرصاً. يقال: ألقي عليه أرواقه. وسربال، اسم رجل.

رأس برأي وزيادة خمسمائة

قالوا أول من تكلم به الفرزدق في بعض الحروب، وكان صاحب الجيش، قال: من جاءني برأس فله خمسمائة درهم. فبرز رجل وقتل رجلاً من العدو فأعطاه خمسمائة درهم، ثم برز ثانية فقتل، فبكى أهله عليه فقال الفرزدق: أما ترضون أن يكون رأس برأس وزيادة خمسمائة. فذهب مثلاً.

رب قول أشد من صول

يضرب عند الكلام يؤثر فيمن يواجه به قال أبو عبيد: وقد يضرب هذا المثل فيما يتقي من العار. وقال أبو الهيثم: أشد في موضع خفض لأنه تابع للقول، وما جاء بعد رب فالنعت تابع له.

رب حام لأنفه وهو جادعه

يضرب لمن يأنف من شيء ثم يقع في أشد مما حمى منه أنفه.

أراك بشر ما أحار مشفر

أي، لما رأيت بشرته أغناك ذلك أن تسأل عن أكله. يضرب للرجل ترى له حالاً حسنة أو سيئة. ومعنى أحار، رد ورجع، وهو كناية عن الأكل، يعني ما رد مشفرها إلى بطونها مما أكل. يقال: حارت الغصة، إذا انحدرت إلى الجوف. وأحارها صاحبها، أي حدرها.

أراد أن يأكل بيدين

يضرب لمن له مكسب من وجه فيشره لوجه آخر فيفوته الأول.

رددت يديه في فيه

يضرب لمن غظته. ومنه قوله تعالى: فردوا أيديهم في أفواههم.

رماه فأشواه

الأشواء، أخطاء المقتل، من الشوى. وهو الأطراف. والشوى القوائم. ومنه: سليم النظاعيل الشوي شنج النسا. يضرب لمن يقصد بسوء فيسلم منه.

أرجلكم والعزفط

قالوا: حديثه أن عامر بن ذهل بن ثعلبة كان أشد من الناس قوة فأسن وأقعد فاستهزأ منه شباب من قومه وضحكوا من ركوبه، فقال: أجل والله، أني لضعيف فأدنوا مني فأحملوني. فدنوا منه ليحملوه، فضم رجلين إلى إبطه ورجلين بين فخذيه، ثم زجر بعيره فنهض بهم مسرعاً وقال: بني أخي، أرجلكم والعرفط. فأرسلها مثلاً. وضمهم حتى كادوا يموتون. يضرب لمن يسخر ممن هو فوقه في المال والقوة وغيرهما.

أريها إستها وتريني القمر

قال الشرقي بن القطامي: كانت في الجاهلية امرأة أكملت خلقاً وجمالاً، وكانت تزعم أن أحداً لا يقدر على جماعها لقوتها، وكانت بكراً، فخاطرها ابن ألغز الأيادي، وكان واثقاُ بما جماعها لقوتها، وكانت بكراً، فخاطرها ابن ألغز الأيادي، وكان واثقاًُ بما عنده، على أنه إن غلبها أعطته مائة من الإبل وإن غلبته أعطاها مائة من الإبل، فلما واقعها رأت لمحاً باصراً ورهزاً شديداً وأمراً لم تر مثله قط. فقال لها: كيف ترين? قالت طعناً بالركبة يا ابن ألغز. قال: فانظري إليه فيك. قالت: القمر هذا? فقال: أريها إستها وتريني القمر. فأرسلها مثلاً. وظفر بها وأخذ مائة من الإبل. وبعضهم يرويه: أريها السها وتريني القمر. يضرب لمن يغالط فيما لا يخفى.

رب أخ لك لم تلده أمك

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 127

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 128

يروى هذا المثل للقمان بن عاد، وذلك أنه أقبل ذات يوم فبينا هو يسير إذ أصابه عطش فهجم على مظلة في فنائها امرأة تداعب رجلاً، فاستسقى لقمان فقالت المرأة: اللبن تبغي أم الماء? قال لقمان: أيهما كان ولا عداء. فذهبت كلمته مثلاً. قالت المرأة: أما اللبن فخلفك وأما الماء فأمامك. قال لقمان: المنع كان أوجز. فذهبت مثلاً. قال فبينا هو كذلك إذ نظر إلى صبي في البيت يبكي فلا يكترث له، ويستسقي فلا يسقى. فقال: إن لم يكن لكم في هذا الصبي حاجة دفعتموه إلي فكفلته. فقالت المرأة: ذاك إلى هانئ، وهانئ زوجها. فقال لقمان: وهانئ من العدد. فذهبت كلمته مثلاً. ثم قال لها: من هذا الشاب إلى جنبك فقد علمته ليس ببعلك? قالت: هذا أخي. قال لقمان: رب أخ لم تلده أمك. فذهبت مثلاً. ثم نظر إلى أثر زوجها في فتل الشعر، فعرف في فتله شعر البناء أنه أعسر فقال: ثكلت الأعيسر أمه، لو يعلم العلم لطال غمه. فذهبت مثلاً. فذعرت المرأة من قوله ذعراً شديداً، فعرضت عليه الطعام والشراب فأبى وقال: المبيت على الطوى حتى تنال به كريم المثوى، خير من إتيان ما لا تهوى. فذهبت مثلاً. ثم مضى حتى إذا كان مع العشاء إذا هو برجل يسوق إبله وهو يرتجز ويقول:
روحي إلى الحي فإن نفسي رهينة فيهم بغير عـرس
حسانة المقـلة ذات أنـس لا يشتري اليوم لها بأمـس
فعرف لقمان صوته ولم يره، فهتف به: يا هانئ، يا هانئ. فقال: ما بالك? فقال:
يا ذا البجاد الحلكـه والزوجة المشتركه
عش رويداً أبلـكـه لست لمن ليست لكه
فذهبت مثلاً. قال هانئ: نوّر، نوّر، لله أبوك. قال لقمان: علي التنوير وعليك التغيير، إن كان عندك نكير، كل امرئ في بيته أمير. فذهبت مثلاً. ثم قال: إني مررت، وبي أوام، فدفعت إلى بيت، فإذا أنا بامرأتك تغازل برجلاً، فسألتها عنه فزعمته أخاها، ولو كان أخاها لجلى عن نفسه وكفاها الكلام. فقال هانئ: وكيف علمت أن المنزل منزلي والمرأة امرأتي? قال: عرفت عقائق هذه النوق في البناء، وبوهدة الخلية في الفناء، وسقب هذه الناب وأثر يدك في الأطناب. قال: صدقتني، فداك أبي وأمي، وكذبتني نفسي فما الرأي? قال: هل لك علم? قال: نعم، بشأني. قال لقمان: كل امرئ بشأنه عليم. فذهبت مثلاً. قال له هانئ: هل بقيت بعد هذه? قال لقمان: نعم. قال: وما هو? تحمي نفسك، وتتحفظ عرسك. قال هانئ: افعل. قال لقمان: من يفعل الخير يجد الخير. فذهبت مثلاً. ثم قال: الرأي أن تقلب الظهر بطناً والبطن ظهراً حتى يستبين لك الأمر أمراً. قال: أفلا أعالجها بكية توردها المنية? فقال لقمان: آخر الدواء الكي فأرسلها مثلاً. ثم انطلق الرجل حتى أتى امرأته فقص عليها القصة، وسل سيفه فلم يزل يضربها به حتى بردت.

رأي الشيخ خير من مشهد الغلام

قاله علي رضي الله تعالى عنه في بعض حروبه.

أرغو لها حوارها تقر

وأصله أن الناقة إذا سمعت رغاء حوارها سكنت وهدأت. يضرب في إغاثة الملهوف بقضاء حاجته، أي أعطه حاجته يسكن.

رثمت له بوضيم

البوّ، جلد الحوار المحشو تبناً. وأصله أن الناقة إذا ألقت سصقطها فخيف انقطاع لبنها أخذوا جلد حوارها فيحشى ويلطخ بشيء من سلاها فترأمه وتدر عليه. يقال: ناقة راثم ورؤوم إذا رئمت بوها أو ولدها، فإن رئمته ولم تدر عليه فتلك العلوق. وينشد:
أني جزوا عامراً سوءى بفعـلـهـم أم كيف يجزونني السوءى من الحسن
أم كيف ينفع ما تعطي العلـوق بـه رئمان أنف إذا ما ضن بـالـلـبـن
وأنشد المبرد:
رئمت بسلمى بو ضيم وأنني قديماً لآبى الضيم وابن أبـاة
فقد وقفتني بين شك وشبـهة وما كنت وقافاً على الشبهات
يضرب المثل لمن ألف الضيم ورضي بالخسف طلباً لرضا غيره. واللام في، له، معناه لأجله. واستعار للضيم بوا ليوافق الرئمان. يريد قبلت وألفت هذا الضيم لأجله.

أرخت مشافرها للعس والحلب

يضرب للرجل يطلب إليك الحاجة فترده فيعاود فتقول: أرخت مشافرها، أي طمع فيها.

رمدت الضأن فربق ربق

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 128

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 129

الترميد، أن تعظم ضروعها، فإذا عظمت لم تلبث الضان أن تضع. وربق، أي هيئ الأرباق، وهي جمع ربق والواجدة ربقة. وهو أن يعمد إلى حبل فيجعل فيه عرا يشد فيها رؤوس أولادها. يضرب لما لا ينتظر وقوعه انتظاراً طويلاً. وفي ضده يقال:

رمدت المعزى فرنق رنق

الترنيق والترميق، الانتظار. وإنما يقال هذا لأنها تبطئ وإن عظمت ضروعها.

إرق على ظلعك

يقال: ظلع البعير. يظلع إذا غمز في مشيته. ومعنى المثل: تكلف ما تطيق، لأن الراقي في سلم أو جبل إذا كان ظالعاً فإنه يرفق بنفسه. ويقال: قِ على ظلعك. ومن وقى يقي، أي أبق عليه. يضرب لمن يتوعد فيقال له أقصد بذرعك وأرق على ظلعك، أي على قدر ظلعك، أي لا تجاوز حدك في وعيدك وأبصر نقصك وعجزك عنه. ويقال: أرقأ على ظلعك، بالهمز، أي أصلح أمرك أولاً، من قولهم: رقأت ما بينهم، أي أصلحت. ويقال: معناه كف وأربع وأمسك، من رقأ الدمع يرقأ. قال الكسائي: معنى ذلك كله اسكت على ما فيك من العيب. قال المرار الأسدي:
من كان يرقى على ظلع يدارئه فإنني ناطق بالحق مفتـخـر

رب صلف تحت الراعدة

الصلف، قلة النزل والخير. والراعدة، السحابة ذات الرعد. يضرب للبخيل مع الوجد والسعة. كذلك قاله أبو عبيد.

رب عجلة تهب ريثاً

ويروى تهب ريثا. قاله أبو زيد. وريثا نصب على الحال في هذه الرواية، أي تهب رائثة فأقيم المصدر مقام الحال. وفي الرواية الأولى نصب على المفعول به. وأول من قال ذلك، فيما يحكي المفضل، مالك ابن عوف بن أبي عمرو بن عوف بن محلم الشيباني، وكان سنان بن مالك ابن أبي عمرو بن عوف بن محلم شام غيما، فأراد أن يرحل بامرأته خماعة بنت عوف بن أبي عمرو. فقال له مالك: أين تظعن يا أخي? قال: أطلب موقع هذه السحابة. قال: لا تفعل فإنه ربما خيلت وليس فيها قطر: وأنا أخاف عليك بعض مقانب العرب. قال: لكني لست أخاف ذلك. فمضى وعرض له مروان القرظ بن زنباع بن حذيفة العبسي فأعجله عنها، وانطلق بها، وجعلها بين بناته وأخواته ولم يكشف لها سترتاً. فقال مالك بن عوف لسنان: ما فعلت بأختي? قال: نفتني عنها الرماح. فقال مالك: رب عجلة تهب ريثاً، ورب فروقة يدعى ليثاً، ورب غيث لم يكن غيثاً. فأرسلها مثلاً. يضرب للرجل يشتد حرصه على حاجة ويخرق فيها حتى تذهب لكها.

أرنيها نمرة أركها مطرة

الهاء في، أرنيها، راجعة إلى السحابة، أي إذا رأيت دليل الشيء علمت ما يتبعه. يقال: سحاب نمر وأنمر إذا كان على لون النمر. وقوله: مطرة، يجوز أن يكون للأزدواج. ويجوز أن يقال سحاب ماطر ومطر، كما يقال هاطل وهطل.

رأى الكوكب ظهراً

أي أظلم عليه يومه حتى أبصر النجم نهاراً. كما قال طرفة:
أن تنوله فقد تـمـنـعـه وتريه النجم يجري بالظهر
يضرب عند اشتداد الأمر.

رجعت أدراجي

أي، في أدراجي، فحذف، في، وأوصل الفعل، يعني رجعت عودي على بدئي. وكذلك رجع أدراجه، أي طريقه الذي جاء منه. قال الراعي:
لما دعا الدعوة الأولى فأسمعني أخذت ثوبي فاستمررت أدراجي
ولقب عامر بن مجنون الجرمي جرم زبان مدرج الريح ببيته:
أعرفت رسماً من سمية باللـوى درجت عليه الريح بعدك فاستوى
يقال أنه قال: أعرفت رسماً من سمية باللوى. ثم ارتج عليه سنة، ثم أرسل خادماً له إلى منزل كان ينزله، فقد خبأ فيه خبيئة، فلما أتته قال لها: كيف وجدت أثر منزلنا? قالت: درجت عليه الريح بعدك فاستوى. فأتم البيت بقولها. ولقب مدرج مدرج الريح.

أرقب لك صبحاً

يقوله الرجل لمن يتوعده فيقول: ستصبح فترى أنك لا تقدر على ما تتوعدني به. ويقال أيضاً للرجل يحدثك بحديث فتكذبه فتقول: أرقب لك صبحاً. أي سيظهر كذبك.

رضيت من الغنيمة بالإياب

أول من قاله أمرؤ القيس بن حجر في بيت له وهو:
وقد طوفت في الآفاق حتى رضيت من الغنيمة بالإياب
يضرب عند القناعة بالسلامة.

أرخ يديك واسترخ=إن الزناد من مرخ

يضرب للرجل يطلب الحاجة إلى كريم فيقال له: لا تتشدد في طلب حاجتك فإن صاحبك كريم. والمرخ يكتفي باليسير فمن القدح.

رجع بأفوق ناصل

الناصل، السهم سقط نصله. والأفوق، الذي انكسر فوقه. يضرب لمن رجع عن مقصده بالخيبة أو بما لا غناء عنده.
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 129

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 130

رموه عن شريانة

الشريان، شجر يتخذ منه القسي، أي اجتمعوا عليه ورموه عن قوس واحدة.

رماه بنبله الصائب

إذا أجاب كلام خصمه بكلام جيد. قال لبيد:
فرميت القوم نبلاً صائبـاً ليس بالعصل ولا بالمفتعل

ارجع إن شئت في فوقي

أي، عد إلى ما كنت وكنا من التواصل والمؤاخاة. قال الشاعر:
هل أنت قـائلة خـيراً وتـاركة شراً وراجعة إن شئت في فوقي

ركب المغمضة

أصلها الناقة ذيدت عن الحوض فغمضت عينيها، فحملت على الذائد، فوردت الحوض مغمضة. قال أبو النجم. يرسلها التغميض إن لم ترسل. وقال بعضهم: إياك ومغمضات الأمور. يعني الأمور المشكلة. قال الكميت:
تحت المغمضة الـعـمـا س وملتقى الأسل النواهل
يضرب لمن ركب الأمر على غير بيان. وتقدير المثل: ركب الخطة المغمضة. أي الخطة التي يغمض فيها. ويجوز أن يقال: أراد ركب ركوب المغمضة، أي ركب رأسه ركوب الناقة المغمضة رأسها.

أرطي إن خيرك بالرطيط

أرط، أي جلب وصاح. والرطيط، الجلبة والصياح. يريد جلبي وصيحي فإن خيرك لا يأتيك إلا بذاك. يضرب لمن لا يأتيه خيره إلا بمسئلة وكد.

رجع بخفي حنين

قال أبو عبيد: أصله أن حنيناً كان اسكافاً من أهل الحيرة، فساومه أعرابي بخفين فاختلفا حتى أغضبه فأراد غيظ الأعرابي، فلما ارتحل الأعرابي أخذ حنين أحد خفيه وطرحه في الطريق، ثم ألقى الآخر في موضع آخر، فلما مر الأعرابي بأحدهما قال: ما أشبه هذا الخلف بخف حنين. ولو كان معه الآخر لأخذته، ومضى، فلما انتهى إلى الآخر ندم على تركه الأول، وقد كمن له حنين، فلما مضى الأعرابي في طلب الأول، عمد حنين إلى راحلته وما عليها فذهب بها، وأقبل الأعرابي وليس معه إلا الخفان فقال له قومه: ماذا جئت به من سفرك? فقال: جئتكم بخفي حنين. فذهبت مثلاً. يضرب عند اليأس من الحاجة والرجع بالخيبة. وقال ابن السكيت: حنين كان رجلاً شديداً أدعى إلى أسد بن هاشم بن عبد مناف، فأتى عبد المطلب وعليه خفان أحمران فقال: يا عم، أنا ابن أسد بن هاشم. فقال عبد المطلب: لا وثياب ابن هاشم ما أعرف شمائل هاشم فيك فارجع، فرجع. فقالوا: رجع حنين بخفيه. فصار مثلاً.

رب نعل شر من الحفاء

قال الكسائي: يقال رجل حاف بين الفوة والحفية والحفاية والحفاء، بالمد. وكان الخيل بن أحمد رحمه الله تعالى يساير صاحباً له فانقطع شسع نعله، فمشى حافياً، فخلع الخيل نعله وقال: من الجفاء أن لا أواسيك في الحفاء.

رب أكلة تمنع أكلات

يضرب في ذم الحرص على الطعام. قال المفضل: أول من قال ذلك عامر بن الظرب العدواني، وكان من حديثه أنه كان يدفع بالناس في الحج فرآه ملك من ملوك غسان فقال: لا أترك هذا العدواني أو أذله. فلما رجع الملك إلى منزله أرسل إليه: أحب أن تزورني فأحبوك وأكرمك وأتخذك خلاً. فأتاه قومه فقالوا: تفد ويفد معك قومك إليه، فيصيبون في جنبك، ويتجيهون بجاهك. فخرج وأخرج معه نفراً من قومه فلما قدم بلاد الملك أكرمه وأكرم قومه ثم انكشف له رأي الملك فجمع أصحابه وقال: الرأي نائم والهوى يقظان ومن أجل ذلك يغلب الهوى الرأي، عجلت حين عجلتم ولن أعود بعدها، إنا قد توردنا بلاد هذا الملك فلا تسبقوني بريث أمر أقيم عليه ولا بعجلة رأي أخف معه فإن رأبي لكم. فقال قومه له: قد أكرمنا كما ترى وبعد هذا ما هو خير منه. قال: لا تعجلوا فإن لكل عام طعاماً، ورب أكلة تمنع أكلات. فمكثوا أياماً ثم أرسل إليه الملك فتحدث عنده، ثم قال له الملك: قد رأيت أن أجعلك الناظر في أموري. فقال له: أن لي كنز علم لست أعلم إلا به، تركته في الحي مدفوناً، وإن قومي أضناء بي، فاكتب لي سجلاً بجباية الطريق فيرى قومي طمعاً تطيب به أنفسهم، فاستخرج كنزي وأرجع إليك وافراً. فكتب له بما سأل، وجاء إلى أصحابه فقال: ارتحلوا، حتى إذا أدبروا قالوا: لم ير كاليوم وافد قوم أقل ولا أبعد من نوال منك. فقال: مهلاً، فليس على الرزق فوت، وغنم من نجا من الموت، ومن لا يرَ باطناً يعش واهناً. فلما قدم على قومه أقام فلم يعد.

ربضك منك وإن كان سماراً

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 130

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 131

يقال لقوت الإنسان الذي يقيمه ويعتمده من اللبن ربض. والسمار، اللبن الممذوق. يقول: منك اهلك وخدمك ومن تأوي إليه وإن كانوا مقصرين. وهذا كقولهم: أنفك منك وإن كان أجدع.

رب مكثر مستقل ما في يديه

يضرب للرجل الشحيح الشره الذي لا يقنع بما أعطي.

أرني غياً أزد فيه

يضرب للرجل يتعرض للشر ويوقع نفسه فيه.

رأيته بأخي الخير

أي، رأيته بشر. ورأيته بأخي الشر، أي رأيته بخير.

ربي سامع عذرتي لم يسمع قفوتي

العذرة، المعذرة. والقفوة، الذنب. يقال: قفوت الرجل، إذا قذفته بفجور صريحاً. وفي الحديث: لأحد إلا في القفو البين. والاسم القفوة. والمثل يقوله الرجل يعتذر من أمر شئتم به إلى الناس، ولو سكت لم يعلم به. ويروى: رب سامع قفوتي ولم يسمع عذرتي. قال الأصمعي: معناه سمع ما أكره من أمري ولم يسمع ما يغسله عني.

رهباك خير من رغباك

ويروى: رهباك خير من رغباك. والضم أجود من: الفتح لأنه فتح إذ مد. يقال: الرغى والرغباء والنعمى والنعماء والبؤسي والبأساء، اللهم إلا أن يقال أرادوا المد فقصروا. وكلاهما مصدر أضيف إلى المفعول. يقول: فرقه منك خير لك من حبه لك. وقيل: لان تعطي على الرهبة منك خير من أن ترغب إليهم. ومثل هذا قولهم: رهبوت خير من رحموت. وقد مر قبل ذلك.

رآه الصادر والوارد

يضرب لكل أمر مشهور يعرفه كل واحد.

استراح من لا عقل له

يقال أن أول من قال ذلك عمرو بن العاص لابنه قال: يا بني، وال عادل خير من مطر وابل، وأسد حطوم خير من وال ظلوم، ووال ظلوم خير من فتنة تدوم. يا بني، عثرة الرجل عظم يجبر، وعثرة اللسان لا تبقي ولا تذر، وقد استراح من لا عقل له. قال الراعي:
ألف الهموم وسادة وتجنبـت كسلان يصبح في المنام ثقيلا

رب لائم مليم

وقال بعض المتأخرين: مستراح من لا عقل له. أي، إن الذي يلوم الممسك هو الذي قد ألام في فعله لا الحافظ له. قاله أكثم بن صيفي.

رب سامع بخبري لم يسمع عذري

يقول: لا أستطيع أن أعلنه لأن في الإعلان أمراً أكرهه، ولست أقدر أن أوسع الناس عذراً. والباء في، بخبري، زائدة.

رب رمية من غير رام

أي، رب رمية مصيبة حصلت من رام مخطئ، لا أن تكون رمية من غير رام، فإن هذا لا يكون قط. وأول من قال ذلك الحكم بن عبد يغوث المنقري، وكان أرمى أهل زمانه، وآلى يميناً ليذبحن على الغبغب مهاة. ويروى، ليدجن. فحمل قوسه وكنانته فلم يصنع يومه ذلك شيئاً، فرجع كثيباً حزيناً وبات ليلته على ذلك، ثم خرج إلى قومه فقال ما أنتم صانعون? فإني قاتل نفسي أسفاً إن لم أذبحها اليوم ويروى، أدجها. فقال له الحصين بن عبد يغوث، أخوه: يا أخي، دج مكانها عشرتاً من الإبل ولا تقتل نفسك. قال: لا، واللات والعزى لا أظلم عاترة وأترك النافرة. فقال ابنه المطعطم بن الحكم: يا أبت احملني معك أرفدك. فقال له أبوه: وما أحمل من رعش وهل جبان فشل. فضحك الغلام وقال: إن لم تر أوداجها تخالط أمشاجها فاجعلني وداجها. فانطلقا فإذا هما بمهاة، فرماها الحكم فأخطأها، ثم مرت به أخرى فرماها فأخطأها، فقال: يا أبت أعطني القوس. فأعاطاه فرماه فلم يخطئها. فقال أبوه: رب رمية من غير رام.

??ركب جناحي نعامة

يضرب لمن جد في أمر، إما انهزام وإما غير ذلك.

رب ساع لقاعد

ويروى معه: وآكل غير حامد. يقال أن أول من قاله النابغة الذبياني، وكان وفد إلى النعمان بن المنذر وفود من العرب فيهم رجل من بني عبس، يقال له شقيق، فمات عنده، فلما حبا النعمان الوفود بعث إلى أهل شقيق بمثل حباء الوفد، فقال النابغة حين بلغه ذلك: رب ساع لقاعد. وقال للنعمان:
وأبقيت للعبسي فضلاً ونعـمة ومحمدة من باقيات المحامـد
حباء شقيق فوق أعظم قبـره وما كان يجيء قبله قبر وافد
أتى أهله منه حباء ونـعـمة ورب امرئ يسعى لآخر قاعد
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 131

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 132

ويروى: أسلمي أم خالد رب ساع لقاعد. قالوا: إن أول من قال ذلك معاوية بن أبي سفيان، وذلك إنه لما أخذ من الناس البيعة ليزيد ابنه قال له: يا بني، قد صيرتك ولي عهدي بعدي،، وأعطيتك ما تمنيت، فهل بقيت لك حاجة، أو في نفسك أمر تحب أن أفعله? قال يزيد: يا أمير المؤمنين، ما بقيت لي حاجة، ولا في نفسي غصة ولا أمر أحب أن أناله إلا أمر واحد. قال: وما ذاك يا بني? قال: كنت أحب أن أتزوج أم خالد امرأة عبد الله بن عامر بن كريز، فهي غايتي ومنيتي منن الدنيا. فكتب معاوية إلى عبد الله بن عامر فاستقدمه، فلما قدم عليه أكرمه وأنزله أياماً ثم خلا به فأخبره بحال يزيد، ومكانه منه، وإيثاره هواه، وسأله طلاق أم خالد على أن يطعمه فارس خمس سنين، فأجابه إلى ذلك، وكتب عهده، وخلى عبد الله سبيل أم خالد. فكتب معاوية إلى الوليد بن عتبة، وهو عامل المدينة، إن يعلم أم خالد أن عبد الله قد طلقها لتعتد، فلما انقضت عدتها دعا معاوية أبا هريرة فدفع إليه ستين ألفاً وقال له: ارحل إلى المدينة حتى تأتي أم خالد فتخطبها على يزيد، وتعلمها أنه ولي عهد المسلمين، وإنه سخي كريم، وإن مهرها عشرون ألف دينار، وكرامتها عشرون ألف دينار، وهديتها عشرون ألف دينار. فقدمك أبو هريرة المدينة ليلاً فلما أصبح أتى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقيه الحسن بن علي فسلم عليه وسأله متى قدمت? قال: قدمت البارحة. قال: وما أقدمك? فقص عليه القصة. فقال له الحسن: فاذكرني لها. قال: نعم. ثم مضى فلقيه الحسن ابن علي، وعبيد الله بن العباس رضي الله تعالى عنهم، فسألاه عن مقدمه، فقص عليهما القصة فقالا له: اذكرنا لها. قال: نعم. ثم مضى فلقيه عبد الله ابن جعفر بن أبي طالب، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن مطيع بن الأسود، فسألوه عن مقدمه فقص عليهم القصة فقالوا: اذكرنا لها. قال: نعم. ثم أقبل حتى دخل عليها فكلمها بما أمر به معاوية ثم قال لها: إن الحسن والحسين، ابني علي، وعبد الله بن جعفر، وعبيد الله بن العباس، وابن الزبير، وابن مطيع سألوني أن أذكرهم لك. قالت: أما همي فالخروج إلى بيت الله والمجاورة له حتى أموت أو تشير علي بغير ذلك. قال أبو هريرة: أما أنا ففلا أختار لك هذا. قالت: فاختر لي. قال: اختاري لنفسك. قالت: لا بل اختر أنت لي. قال لها: أما أنا فقد اخترت لك سيد شباب أهل الجنة. فقالت: قد رضيت بالحسن بن علي. فخرج إليه أبو هريرة فأخبر الحسن بذلك وزوجها منه، وانصرف إلى معاوية بالمال، وقد كان بلغ معاوية قصته، فلما دخل عليه قال له: إنما بعثتك خاطباً ولم أبعثك محتسباً. قال أبو هريرة: إنها استشارتني، والمستشار مؤتمن. فقال معاوية عند ذلك: اسلمي أم خالد، رب ساع لقاعد، وآكل غير حامد. فذهبت مثلاً.

رضا الناس غاية لا تدرك

هذا المثل يروى في كلام أكثم بن صيفي.

الرباح مع السماح

الرباح، الربح. يعني أن الجود يورث الحمد ويربح المدح.

أرها أجلى أني شئت

أجلى، مرعى معروف. وهذا من كلام حنيف الحناتم، لما سئل عن أفضل مرعى، وكان من آبل. فقال: كذا وكذا، فعد مواضع. ثم قال بعد هذا: أرها، يعني الإبل، أجلى أني شئت. يعني متى شئت، أي أعرض عليها. ويروى: أرعها أجلى. يضرب مثلاً للشيء بلغ الغاية في الجودة.

أركب لكل حال سيساءه

السيساء، ظهر الحمار. ومعناه أصبر على كل حال.

راض من المركب بالتعليق

أي، أرض من عظيم الأمور بغيرها. يضرب في القناعة بأدراك بعض الحاجة. والمركب، يجوز أن يكون بمعنى الركوب، أي أرض بدل ركوبك بتعليق أمتعتك عليه. ويجوز أن يراد به المركوب، أي أرض منه بأن تتعلق به في عقبتك ونوبتك.

أرق على خمرك أو تبين

أي، رققها بالماء لئلا تذهب بعقلك، أو تبين فانظر ما تصنع.

رب مخطئة من الرامي الذعاف

أي، رب رمية مخطئة من الرامي القاتل. من قولهم: ذعفه، إذا سقاه الذعاف، وهو السم القاتل. وهذا قريب من قولهم: قد يعثر الجواد.

رب شد في الكرز

يقال أن فارساً طلبه عدو، وهو على عقوق، فألقت سليلها وعدا السليل مع أمه، فنزل الفارس وحمله في الجوالق فرهقه العدو وقال له: ألق إلي الفلو. وقال هذا القول. يعني أنه ابن منجبين. يضرب لمن يحمد مخبره.

رب حثيث مكيث

يقال مكث فهو ماكث ومكيث. يضرب لمن أراد العجلة فحصل على البطء.
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 132

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 133

رجلاً مستعير أسرع من رجلي مؤد

يضرب لمن يسرع في الاستعارة ويبطئ فقي الرد.

رب شانئة أحفى من أم

يعني أنها تعني بطلب عيوبك، فعنايتها أشد من عناية الأم، لأن الأم تخفي عيبك فتبقي عليه وهي تظهره فتتهذب بسببها.

رب أخ لك لم تلده أمك

يعني به الصديق فإنه ربما أربى في الشفقة على الأخ من الأب والأم.

رب ريث يعقب فوتاً

هذا مثل قولهم: في التأخير آفات. أي ربما أخر أمر فيفوت.

رب طلب جر إلى حرب

أي، ربما طلب المرء ما فيه هلاك ماله. ومثله:

رب أمنية جلبت منية

ويروى: نتجت منية. ومثلهما:

رب طمع أذنى إلى عطب

وقريب مما تقدم قولهم:

رب نار كي خيلت نار شيء

وقال:
لا تتبعن كل دخان ترى فالنار قد توقد للكـي

ربما كان السكوت جواباً

هذا كقولهم: ترك الجواب جواب. قال أبو عبيد: يقال ذلك للرجل الذي يجل خطره عن أن يكلم بشيء فيجاب بترك الجواب.

ربما أعلم فأذر

أي، ربما أعلم الشيء فأذره لما أعرف من سوء عاقبته.

رأى الكواكب مظهراً

يقال أظهر إذا دخل في وقت الظهيرة. يضرب لمن دهى فأظلم عليه يومه.

رضي من الوفاء باللفاء

الوفاء، التوفية. يقال: وفيته حقه توفية ووفاء. واللفاء، الشيء الحقير. يقال: لفاه حقه، إذا بخسه. فاللفاء والوفاء مصدران يقومان مقام التوفية والتلفية. يضرب لمن رضي بالتافه الذي لا قدر له دون التام الوافر.

أرسل حكيماً وأوصه

أي، إنه وإن كان حكيماً فإنه يحتاج إلى معرفة غرضك. وبضده يقال:

أرسل حكيماً ولا توصه

أي، هو مستغن بحكمته عن الوصية. قالوا أن هذين المثلين للقمان الحكيم، قالهما لابنه.

الرشف أنقع

أي، أذهب وأقطع للعطش. والرشف، التأني في الشرب. يضرب في ترك العجلة.

الرغب شؤم

يعني، أن الشره يعود بالبلاء. يقال: رغب رغباً فهو رغيب. والرغيب أيضاً، الواسع الجوف. وأكثر ما يستعمل في ذم كثرة الأكل والحرص عليه.

الرفيق قبل الطريق

أي، حصل الرفيق أولاً وأخبره فربما لم يكن موافقاً ولا تتمكن من الاستبدال به.

الراوية أحد الشاتمين

هذا مثل قولهم: سبك من بلغك.

ركبت هجاجي فركب هجاجه

يقال: ركب فلان هجاج غير مجرى، وهجاج مثل قطام، إذا ركب رأسه. يضرب للرجلين إذا تداريا، أي ركبت باطلي فركب باطله.

أرتدت عليه أرعاظ النبل

يضرب لمن طلب شيئاً فلم يصل إليه.

رب فرس دون السابقة

يضرب عند الترضية بالقناعة بما دون المنى.

ركبت عنز بحدج جملا

عنز، امرأة من طسم، سبيت فحملت في هودج يهزأون بها. والتقدير: ركبت عنز جملا مع حدج، أو جملاً سائراً بحدج. وقد ذكرت الكلام فيه في باب الشين عند قوله: شر يوميها وأغواه لها.

أرخ عناجه يدالك

العناج، العنج وهو أن تثني بالزمام. والمدالة، المداراة والرفق، أي أرفق به يتابعك، وذلك أن الرجل إذا ركب البعير الصعب وعنجه بالزمام لم يتابعه. ويجوز أن يكون يدالك من الدلو وهو السير الرويد، يقال: دلوت الناقة أي سيرتها سيراً رويداً، وقال:
لا تقلواها يا ثعال وقد علقت بالحبال
ثعالة الثعلب. يضرب لمن يراوغ وقد وجب عليه الحق.

أرفع باست ممجر ذات ولد

الممجر من الشاء التي لا تستطيع أن تنهض بولدها من الهزال. يضرب للرجل العاجز يضيق عليه أمره فلا ستطيع الخروج منه، فيقال لك أعنه.

رماه الله بالطلاطلة والحمى المماطلة

الطلاطلة، الداء العضال لا دواء له. وقال أبو عمرو: وهو سقوط اللهاة. يضرب هذا لمن دعي عليه، أي رماه الله بالداهية.

أرى خالاً ولا أرى مطرا

الخال، السحاب يرجى من مثله المطر. يضرب للكثير المال لا يصاب منه خير.

ركوض في كل عروض

العروض، الناحية. يضرب لمن يمشي بين القوم بالفساد.

رجعت خسأ وذماً

يضرب لمن يرجع عن مطلوبه خائباً مذموماً. ونصب خسأ وذماً بالواو التي بمعنى مع، أي رجعت مع خسء وذم.

رب فرحة تعود ترحة

يعني، إن الرجل يولد له الولد فيفرح وعسى أن يعود فرحه إلى ترح لجناية يجنيها، أو ركوب أمر فيه هلاكه.

رب جوع مريء

يضرب في ترك الظلم، أي لا تظلم أحداً فتتخم.

رماني من جول الطوي

الجول والجال، نواحي البئر من داخل، أي رماني بما هو راجع إليه.
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 133

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 134

ركب عود عوداً

يعنون السهم والقوس.

رب كلمة سلبت نعمة

يضرب في اغتنام الصمت.

رتوا تحلب الأبكار

قال الأموي: رتوت بالدلو أي مددتها مداً رفيقاً. والأبكار، جمع بكر وهي من الإبل الناقة التي ولدت بطناً واحداً. ونصب رتواً على المصدر، أي أرفق رفقاً يلحق الإتباع.

رب ملوم لا ذنب له

هذا من قول أكثم بن صيفي يقول: قد ظهر للناس منه أمر أنكروه عليه وهم لا يعرفون حجته وعذره فهو يلام عليه. وذكروا أن رجلاً في مجلس الأحنف بن قيس قال: ليس شيء أبغض إلي من التمر والزبد. فقال الأحنف: رب ملوم لا ذنب له.

أرض من العشب بالخوصة

هذا مثل قولهم: أرض من المركب بالتعليق. والخوصة، واحدة الخوص وهي ورق النخل والعرفج. يقال: أخوصت النخلة وأخوص العرفج إذا تفطر بورق. يضرب في القناعة بالقليل من الكثير.

الريع من جوهر البذر

يقال راع الطعام يريع وأروع يريع إذا صارت له زيادة في العجن والخبز. يضرب للفرع الملائم للأصل.

الرفق يمن والخرق شؤم

اليمن، البركة. والرفق، الغسم من رفق به وهو ضد العنف. والذي في المثل من قولهم رفق الرجل فهو رفيق وهو ضد الخرق من الأخرق. وفي الحديث: ما دخل الرفق شيئاً إلا زانه. أراد به ضد العنف. يضرب في الأمر بالرفق والنهي عن سوء التدبير.

الروم إذا لم تغز غزت

يعني أن العدو إذا لم يقهر رام القهر، وفي هذا حض على قهر العدو.

أريد حباءه ويريد قتلي

هذا مثل تمثل به أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه حين ضربه ابن ملجم، لعنه الله. وباقي البيت. عذيرك من خليلك من مراد.

رب طرف أفصح من لسان

هذا مثل قولهم: البغض تبديه لك العينان.

رب كلمة تقول لصاحبها دعني

يضرب في النهي عن الإكثار مخافة الإهجار. ذكروا أن ملكاً من ملوك حمير خرج متصيداً ومعه نديم له كان يقربه ويكرمه، فأشرف على صخرة ملساء ووقف عليها فقال له النديم: لو أن إنساناً ذبح على هذه الصخرة إلى أن كان يبلغ دمه. فقال الملك: اذبحوه عليها ليرى دمه أين يبلغ? فذبح عليها. فقال الملك: رب كلمة تقول لصاحبها دعني.

رب مملول لا يستطاع فراقه

رب رأس حصبد لسان

الحصيد بمعنى المحصود. يضرب عند الأمر بالسكوت.

رب ابن عم ليس بابن عم

هذا يحتمل معنيين: أحدهما، أن يكون شكاية من الأقارب، أي رب ابن عم لا ينصرك ولا ينفعك فيكون كأنه ليس بابن عم. والثاني، أن يريد رب إنسان من الأجانب يهتم بشأنك ويستحي من خذلانك فهو ابن عم معنى وإن لم يكن ابن عم نسباً. ومثله في احتمال المعنيين قولهم: رب أخ لك لم تلده أمك.

رزمة ولا درة

الرزمة، حنين الناقة. والدرة، كثرة اللبن وسيلانه. يضرب لمن يعد ولا يفي.

رد الحدر من حيث جاءك

أي لا تقبل الضيم وأرم من رماك.

ركض ما وجد ميداناً

أي، ركض مدة وجدانه المركض. يضرب لمن تعدى حد القصد.

رب طمع يهدي إلى طبع

الطبع، الدنس. قال الشاعر:
لا خير في طمع يهدي إلى طبع وغفة من أوام العيش تكفينـي

رباعي الإبل لا يرتاع من الجرس

هذا مثل تتبذله العامة. والرباعي الذي ألقى رباعيته من الإبل وغيرها، وهي السن التي بين الثنية والناب. يقال رباع مثل ثمان والأنثى رباعية. قال العجاج يصف حماراً وحشياً: رباعياً مرتبعاً أو شوقبا. ويطلق على الغنم في السنة الرابعة، وعلى البقر والحافر في الخامسة، وعلى الخف في السابعة. يضرب لمن لقي الخطوب ومارس الحوادث.

ربما أصاب الأعمى رشده

أي، ربما صادف الشيء وفقه من غير طلب منه وقصد. وكثيراً ما يقولون: بما أصاب الأعمى رشده، مكان ربما. قال حسان:
إن يكن عث من رقاش حديث فبما تأكل الحديث السمـينـا
قالوا: أراد بما. قلت: يجوز أن تكون الباء في قوله فبما تأكل، باء البدل، كما يقال: هذا بذاك، أي ببذله. يقول إن غث حديثها الآن فببدل ما كنت تسمع السمين من حديثها قبل هذا. ومثله قول ابن أخت تأبط شراً يرثي خاله:
فلئن قالت هذيل شبـاه لبما كان هـذيلاً يفـل
وبما يتركهم في منـاخ جعجع ينقب فيه الأظل

أرينب مقرنفظه على سواء عرفطه

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 134

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 135

أرينب، تصغير أرنب وهي تؤنث. والأقرنفاط، الانقباض. ومنه قول الرجل لامرأته وقد شاخا: يا حبذا مقرنفطك إذ أنا لا أفرطك. فقالت: يا حبذا ذباذبك إذ الشباب غالبك. وهذه أرنب هربت من كلب أو صائد فعلت شجرة عرفطة. وسواء الشيء، وسطه. يضرب لمن يتستر بما ليس يستره.

رماه الله بأحبى أقوس

أي بالداهي. والأجبى الأقوس، الداهية الممارس من الرجال. تقول العرب: قالت الأرنب: لا يدريني، أي لا يختلني، إلا الأحبى الأقوس، الذي يبدرني ولا ييأس. قلت: الأحبى، أفعل من الحبو وهو الصائد الذي يحبو للصيد. والأقوس، المنحني الظهر، وهو من صفة الصائد أيضاً، فصار اسماً للداهية فلذلك نكره. وبعضهم يروي: رماه الله بأحوى، بالواو، كما يقال: رماه الله بأحوى ألوى. هذا من الحي واللي، أي بمن يجمع ويمنع. ومنه، لي الواجد ظلم.

رب حمقاء منجبة

يقال: أنجب الرجل، إذا كانت أولاده نجباً. وأنجبت المرأة، ولدت نجيباً. قال ابن الأعرابي: أربعة موقى، كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، وعجل بن لجيم، ومالك بن زيد مناة بن تميم، وأوس بن تغلب، وكلهم قد أنجب.

رمى الكلام على عواهنه

إذا لم يبال أصاب أم أخطأ. قلت: أصل هذا التركيب يدل على سهولة ولين وقلة عنان في شيء، ومنه العهين المنفوش. ورجل عاهن، أي كسلان مسترخ. والعواهن، عروق في رحم الناقة. ولعل المثل يكون من هذا، أي أن القائل من غير روية لا يعلم ما عاقبة قوله كما لا يعلم ما في الرحم.

ربما أراد الأحمق نفعك فضرك

يضرب في الرغبة عن مخالطة الجاهل.

ركب عرعره

إذا أساء خلقه. وهذا كما يقال: ركب رأسه. وعرعرة الجبل والسنام أعلاه ورأسه.

رجع على حافرته

أي، الطريق الذي جاء منه. وأصله من حافر الدابة كأنه رجع على أثر حافره. يضرب للراجع إلى عادته السوء.

رفع به رأساً

أي، رضي بما سمع وأصاخ له: أنشد ابن الأعرابي في هذا المعنى:
فتى مثل صفو الماء ليس بباخل بشيء ولا مهد ملاماً لباخـل
ولا قائل عوراء تؤذي جليسـه ولا رافع رأساً بعوراء قـائل
ولا مظهر أحدوثة السوء معجباً بأعلانها في المجلس المتقابل
أي، في أهل المجلس. وحكي أن محمد بن زبيدة حبس أبا نواس في أمر فكتب إليه من الحبس:
قل للـخـلـيفة أنـنـي حي أراك بـكـل بـاس
من ذا يكـون أبـا نــوا سك إذ حبست أبا نـواس
إن أنت لم تـرفـع بـه رأساً هديت فنصف رأس
قال: فلم يرفع بما كتبت غليه رأساً، ولم يبال بي، ومكثت في الحبس ثلاثة أشهر.

رماه الله بأفعى حارية

الأفعى، حية يقال لمذكرهتا الأفعوان، وهي أفعل قدينون، كما يقال أروى بالتنوين. والحارية، التي نقص جسمها من الكبر. يقال: حري يحري حرياً، وفلان يحري كما يحري القمر، أي ينقص. يقال أن الأفعى الحارية لا تطني، أي لا تبقي لديغها بل تقتل من ساعتها.

رماه الله بالصدام والأوق والجذام

الصدام، داء يأخذ في رؤوس الدواب. قال الجوهري: هو الصدام بالكسر. وقال الأزهري: بالضم. قلت: وهذا هو القياس، لأن الأدواء على هذا الصيغة وردت مثل الزكام والسعال والجذام والصداع والخراع وغيرها. والأولق، الجنون، وهو فوعل لأنه يقال رجل مؤولق، أي مجنون. قال الشاعر:
ومؤولق انضجت كلبة رأسه فتركته ذفراً كريح الجورب
ويجوز أن يكون وزنه أفعل، لأنه يقال: ألق الرجل فهو مألوق، أي جن فهو مجنون. والجذام، داء تنقرح منه الأعضاء وتتعفن، وربما تساقط. نعوذ بالله منه ومن جميع الأدواء. والمثل من قول كثير بن المطلب بن أبي وداعة. قال الرياشي: كتب هشام إلى والي المدينة أن يأخذ الناس بسبب علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه فقال كثير:
لعن الله من يسب حسـينـاً وأخاه من سـوقة وإمـام
ورمى الله من يسب علـياً بصـدام وأولـق وجـذام
طبت بيتاً وطاب أهلك أهلاً أهل بيت النبي والإسـلام
رحمة الله والسلام عليكـم كلما قـام قـائم بـسـلام
يأمن الطير والظباء ولا يأ من رهط النبي عند المقام
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 135

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 136

قال: فحبسه الوالي، وكتب إلى هشام بما فعل، فكتب إليه هشام يأمره بإطلاقه وأمر له بعطاء.

رماه الله بليلة لا أخت لها

أي بليلة يموت فيها.

رماه الله بدينه

يعنون به الموت، لأن الموت دين على كل أحد سيقضيه إذا جاء متقاضيه.

رماه الله من كل أكمة بحجر

يقال هذا في الدعاء على الإنسان.

أربط حمارك إنه مستنفر

يقال: ربط يربط ويربط. واستنفر، بمعنى نفر، ويكون بمعنى انفر. يضرب لمن يؤذي قومه، ومعناه كف فقد عرت في شتم قومك كما يعير الحمار عن مربطه.

أرني حسناً أركه سميناً

يقولون، قال رجل لرجل: أرني حسناً. فقال: أريكه سميناً. يعني أن الحسن في السمن. وهذا كقولهم: قيل للشحم أين تذهب? قال: أقوم المعوج.

رب كلمة أفادت نعمة

هذا ضد قولهم: رب كلمتة سلبت نعمة.

ربما أصاب الغبي رشده

الغباوة، الحمق. يضرب في التسليم والرضا بالقدر.

??رب بعيد لا يفقد بره وقريب لا يؤمن شره

الرفيق جمال وليس بمال

وهذا كما قالوا: اشتر الموتان ولا تشتر الحيوان.

رب عالم مرغوب عنه وجاهل مستمع منه

رب عزيز أذله خرقه وذليل أعزه خلقه

رب مؤتمن ظنين ومتهم أمين

رب شبعان من النعم غرثان من الكرم

ارتجنت الزبدة

الارتجان، اختلاط الزبدة باللبن، فإذا خلصت للزبدة فقد ذهب الارتجان. يضرب للأمر المشكل لا يهتدي لإصلاحه.

رمى بسهمه الأسود والمدمى

أصل هذا المثل، أن الجموح أخا بني ظفر بيت بني لحيان فهزم أصحابه وفي كنانته نبل معلم بسواد، فقالت له امرأته: أين النبيل التي كنت ترمي بها? فقال:
قالت خليدة لما جـئت زائرهـا هلا رميت ببعض الأسهم السود
والمدمى، الملطخ بالدم. يضرب للرجل لا يبقي في الأمر من الجد شيئاً.

رعداً وبرقاً والجهام جافر

يقال: جفل السحاب وجفر إذا أراق ماءه. ونصب رعداً وبرقاً على المصدر، أي يرعد رعداً ويبرق برقاً. يضرب لمن يتزيا بما ليس فيه.

رأيت أرضاً تتظالم معزاها

أي، تتناطح من سمنها وكثرة عيشها. يضرب لقوم كثرت نعمتهم ولذت معيشتهم فهم يبطرونها.

أراني غنياً ما كنت سوياً

يعني، أن الغني في الصحة. وهذا روي عن أكثم بن صيفي.

الرفق بني الحلم

أي مثله. وينشد:
يا سعد يا ابن عملي يا سعد هل يروين ذودك نزع معد
وساقيات سبط وجـعـد
أراد بقوله: يا ابن عملي، يا من يعمل مثل عملي.

ربما دلك على الرأي الظنون

قال الفراء: يراد ربما أصاب المتهم في عقله، الضعيف في رأيه شاكله الصواب إذا استشير. والظنون، كل ما لم يوثق به من ماء أو غيره. وقال أبو الهيثم: الظنون من الرجال الذي يظن به الخير فلا يوجد كذلك.

أراد ما يحظيني فقال ما يعظيني

الاحظاء، أن تجعله ذا حظوة ومنزلة. والعظي، الرمي يقال عظاه يعظيه عظياً. ولقي فلان ما عجاه وما عظاه إذا لقي شدة. ولقاه الله ما عظاه، أي ما ساءه. يضرب للرجل ينصح صاحبه فيخطئ فيقول له ما يغظبه ويسوءه.

أروية ترعى بقاع سملق

الأروية، الأنثى من الأوعال وهي ترعى في الجبال. والقاع، الأرض المستوية. والسملق والسلق، المطمئن من الأرض. يضرب لمن يرى منه ما لم ير قبل من صلاح أو فساد.

أرم فقد أفقته مريشاً

يقال أفقت السهم إذا وضعت فوقه في الوتر. يضرب لمن تمكن من طلبته.

رحل يعض غارباً مجروحاً

الغارب، أعلى السنام. يقال: عضه، وعض به، وعض عليه. يضرب لمن هو في ضيق وضنك فألقى غيره عليه ثقله.

رأز لك القنفذ أم جابر

الروز، الاختبار. وأم جابر، امرأة كانت دميمة. يقول أن القنفذ اختبر لأجلك هذه المرأة. يعني أنها في حركاتها ودمامتها مثل القنفذ، فقد بين القنفذ لك صفتها. يضرب لمن يدلك تصرفه على ما في قلبه من الضغن.

رأس لشور ما يطار نعرته

شور، اسم رجل. والنعرة، ذباب يتعرض للحمير وسائر الدواب فيدخل أنفها. يضرب لمن أصر على جهله فلا يزجره زجر ناصح.

أرواح وجرى كلها دبور

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 136

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 137

يقال: ريح وأرواح ورياح وأرياح، فمن قال أرواح بناه على أصل، ومن قال أرياح بناه على لفظ الريح. ووجرى، موضع بالشأم قريب من أرمينية فيه برد شديد، ويقال أن ريح الشمال فيها لا تفتر. والدبور، ريح تأتي من جانب القبلة وهي أخبث الأرواح، يقال أنها لا تلقح شجراً ولا تنشيء سحاباً. يضرب لمن كله شر.

رتوت بالغرب العظيم الأثجل

الرتو، الخطو. والغرب، الدلو العظيمة. والأثجل، الواسع. يضرب لمن يحتمل المشاق والأمور العظيمة ناهضاً بها.

رماه بسكاته

أي، رماه بما أسكته، يعني بداهية دهياء.

رب قول يبقي وسماً

قالوا: أن أول من قال ذلك أعرابي، وكان رث الحال فقال له رجل: يا أعرابي، والله ما يسرني أن أبيت لك ضيفاً. قال الأعرابي: فوالله لو بت ضيفاً لي لأصبحت أبطن من أمك قبل أن تلدك بساعة. إنا إذا أخصبنا فنحن آكل للمأدوم، وأعطى للمحروم، ولرب قول يبقي وسماً، قدره منا فعال تحسم ذما. فذهبت من قوله مثلاً.

رب زارع لنفسه حاصد سواه

قال ابن الكلبي: أول من قال ذلك عامر بن الظرب، وذلك أنه خطب إليه صعصعة بن معاوية ابنته فقال: يا صعصعة، إنك جئت تشتري مني كبدي وأرحم ولدي عندي، منعتنك أو بعتك النكاح خير من الأيمة والحسيب كفؤ الحسيب، والزوج الصالح يعد أباً، وقد أنكحتك خشية أن لا أجد مثلك. ثم أقبل على قومه فقال: يا معشر عدوان أخرجت من بين أظهركم كريمتكم على غير رغبة عنكم، ولكن من خط له شيء جاءه رب زارع لنفسه حاصد سواه، ولولا قسم الحظوظ على غير الحدود ما أدرك الأخر من الأول شيئاً يعيش به، ولكن الذي أرسل الحيا أنبت المرعى ثم قسمه أكلاً لكل فمن بقلة ومن الماء جرعة، إنكن ترون ولا تعلمون، لن يرى ما أصف لكم الأكل ذي قلب واع، ولكل شيء راع، ولكل رزق ساع، أما أكيس وإما أحمق، وما رأيت شيئاً قط إلا سمعت حسه ووجدت مسه، وما رأيت موضعاً إلا مصنوعاً، وما رأيت جائياً إلا داعياً ولا غانماً إلا خائباً ولا نعمة إلا ومعها بؤس، ولو كان يميت الناس الداء لأحياهم الدواء، فهل لكم في العلم العليم? قيل: ما هو? قد قلت فأصبت، وأخبرت فصدقت. فقال: أموراً شتى وشيئاً شياً، حتى يرجع الميت حياً، ويعود لا شيء شيا، ولذلك خلقت الأرض والسماء. فتولوا عنه راجعين فقال: ويلها نصيحة ول كان من يقبلها.

أرقب البيت من راقبه

أي، احفظ بيتك من حافظه وانظر من تخلف فيه. وأصله أن رجلاً خلف عبده في بيته فرجع وقد ذهب العبد بجميع أمتعته فقال هذا. فذهب مثلاً.

رب جزة على شاة سوء

الجزة، ما يجز من الصوف. يضرب للبخيل المستغني.

رب مستغزر مستبكيء

يقال: استغزرته، أي وجدته غزيراً، وهو الكثير اللبن. واستبكاؤه، أي وجدته بكياً وهو القليل اللبن. يضرب لمن استقل إحسانك إليه وإن كان كثيراً.

رجع على قرواه

أي، على عادته، وهو فعلى من قروته أي تتبعته. يضرب لمن يرجع إلى طبعه وخلقه.

رب عين أتم من لسان

هذا كقولهم: جلى محب نظره. وكقولهم: شاهد الحظ أصدق.

رب حال أفصح من لسان

هذا كما قيل: لسان الحال أبين من لسان المقال.

رحم الله من أهدى إلي عيوبي

قاله عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى.

رزق الله لأكدك

أي لا ينفعك كدك إذا لم يقدر لك. قال الأصمعي: أي أتاك الأمر من الله لا من أسباب الناس. وهذا كما قال الشاعر:
هون عليك فإن الأمـور بكف الإله مقـاديرهـا
فليس بآتيك منـهـيهـا ولا قاض عنك مأمورها

رمي فلان بريشه على غار به

يضرب لمن خلي ومراده لا ينازعه فيه أحد. وهذا يروى عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت ليزيد بن الأصم الهلالي، ابن أخت ميمونة رضي الله عنها، زوج النبي صلى الله عليه وسلم: ذهبت والله ميمونة ورمي بريشك على غاربك قلت: يمكن أن يكون هذا من قولهم أعطاه مائة بريشها. قال أبو عبيدة: كانت الملوك إذا حبوا حباء جعلوا في أسنمة الإبل ريش نعام ليعرف أنها حباء الملك وإن حكم ملكه ارتفع عنها. فكذلك هذا المخلى ورأيه ارتفع عنه حكم غيره. والرواية الصحيحة في هذا المثل: رمي فلان برسنه على غاربه وعلى هذه الرواية لا حاجة لنا إلى شرحه وتفسيره.

رب يؤدب عبده

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 137

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 138

قال سعد بن مالك الكناني للنعمان بن المنذر، وقد ذكرت قصته في الباب الأول عند قولهم: أن العصا قرعت لذي الحلم.

رأيه دون الحداب يحصر

الحداب، جمع حدب وهو ما ارتفع من الأرض. وحصر، إذا ضاق وعجز. يضرب لمن استبهم عليه رأيه عند صغار الأمور فكيف عند عظامها إذا عرته وهجمت عليه.

ما على أفعل من هذا الباب

أروى من النعامة

لأنها لا تريد الماء فإن رأته شربته عبثاً.

أروى من ضب

لأنه لا يشرب الماء أصلاً، وذلك أنه إذا عطش استقبل الريح ففتح لها فاه فيكون في ذلك ريه. والعرب تقول في الشيء الممتنع: لا يكون كذا حتى يرد الضب. ولا أفعل ذلك حتى يحن الضب في أثر الإبل الصادر. وهذا ما لا يكون.

أروى من حية

لأنها تكون في القفار فلا تشرب الماء ولا تريده. وكذلك:

أروى من النمل

لأنها تكون أيضاً في الفلوات.

أروى من الحوت

ويقال أيضاً: أظمأ من الحوت. وسيرد في باب الظاء.

أروى من بكر هينقة

هو يزيد بن ثروان، وهو الذي يحمق، وكان بكره يصدر عن الماء مع الصادر وقد روى ثم يرد مع الوارد قبل أن يصل إلى الكلا.

أروى من معجل أسعد

هذا كان رجلاً أحمق وقع في غدير فجعل ينادي ابن عم له يقال له أسعد فيقول: ويلك، ناولني شيئاً أشرب به الماء. ويصيح بذلك حتى غرق. وقال الأصمعي في كتابه في الأمثال: أروى من معجل أسعد، مشدداً. وقال: المعجل، الذي يجلب الإبل جلبة ثم يحدرها إلى أهل الماء قبل أن ترد الإبل، ففسر هذه اللفظة ولم يذكر قصة للممثل. وأسعد على هذا التأويل قبيلة.

أرجل من خف

يعنون به خف البعير والجمع أخفاف وخفاف وهي قوائمه.

أرمى من ابن تقن

هو رجل من عاد كان أرمى من تعاطي الرمي في زمانه. وقال: يرمي بها أرمى من ابن تقن.

أرسح من ضفدع

قال حمزة، في تفسيره حديث من أحاديث الأعراب: زعمت الأعراب في خرافاتها أن الضفدع كان ذا ذنب فسلبه الضب ذنبه. قالوا: وكان سبب ذلك أن الضب خاصم الضفدع في الظمأ أيهما أصبر، وكان الضب ممسوح الذنب، فخرجا في الكلا فصبر الضب يوماً فناداه الضفدع: يا ضب ورداً ورداً.
فقال الضب:
أصبح قلبي صردالا يشتهي أن يرداالأعراد أعراد
وصليانا بردا وعـكـــثـــا مـــلـــتـــبـــدا
فلما كان في اليوم الثاني ناداه الضفدع: يا ضب ورداً ورداً. فقال الضب: أصبح قلبي صردا... إلى آخر الأبيات. فلما كان في اليوم الثالث نادى الضفدع: يا ضب ورداً ورداً. فلم يجبه. فلما لم يجبه بادر إلى الماء فتبعه الضب فأخذ ذنبه. وقد ذكره الكميت بن ثعلبة في شعره فقال:
على أخذها عند غب الورود وعند الحكومة أذنـابـهـا

أرسب من حجارة

الرسوب، ضد الطفو، أثبت تحت الماء.

أرق من رقراق السراب

وهو ما تلألأ منه. وكل شيء له تلألؤ فهو رقراق.

أرجل من حافر

يعنون به الرجلة، وهي القوة على المشي راجلاً. يقال: رجل رجيل، وامرأة رجيلة، إذا كانا قويين على المشي. قال الشاعر:
أني هديت وكنت غير رجيلة شهدت عليك بما فعلت عيون

أرق من غرقيء البيض

ومن سحا البيض. الغرقي، القشرة الرقيقة داخل البيض. وسحا كل شيء قشرة وهو مقصور وفي كتاب حمزة ممدود. والصحيح أنه يفتح ويقصر، وسحاء الكتاب يمد ويكسر.

أرق من النسيم

ومن الهواء، ومن الاء، ومن دمع الغمام، ودمع المستهامن ومن دمعة شيعية، وهذا من قول الشاعر:
أرق من دمعة شـيعـية تبكي علي بن أبي طالب

أرق من رداء الشجاع

قالوا: الشجاعن ضرب نم الحيات. ورداؤه قشره. ويقال أيضاً: أرق من ريق النحل، وهو لعابه. ومن دين القرامطة.

أرخص من الزبل

ومن التراب، ومن التمر بالبصرة، ومن قاضي مني، وذلك أنه يصلي بهم ويقضي لهم ويغرم زيت مسجدهم من عنده.

أرزن من النضار

يعني الذهب.

أرمى من أخذ بأفواق النبل

أرفع من السماء

أروغ من ثعالة ومن ذنب ثعلب

قال طرفة:
كل خليل كنت خاللتـه لا ترك الله له واضحه
كلهم أروغ من ثعلـب ما أشبه الليلة بالبارحه

أروح من اليأس

هذا كما قيل: اليأس أحدى الراحتين.

أرعن من هواء البصرة

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 138

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 139

الرعن، الاسترخاء والاضطراب وقال: ورحلوها رحلة فيها رعن. وإنما وصفوا هواءها بذلك لاضطراب فيه، وسرعة تغيره. وأما قولهم: البصرة الرعناء. كما قال الفرزدق:
لولا ابن عتبة عمرو والرجاء لـه ما كانت البصرة الرعناء لي وطناً
فقال ابن دريد: سميت رعناء تشبيهاً برعن الجبل وهو أنفه المتقدم الناتئ. وقال الأزهري: سميت بذلك لكثرة مد البحر وعكيكه بها.

المولدون

"رأسه في القبلة واسته في الخربة" يضرب لمن يدعي الخير وهو عنه بمعزل.
"رأس في السماء واست في الماء" "رأس كلب أحب إليه من ذنب أسد" "رأس المال أحد الربحين" "رأس الدين المعرفة" "رأس الخطايا الحرص والغضب" "رأس الجهل الاغترار" "ركوب الخنافس ولا المشي على الطنافس" "رضي الخصمان وأبي القاضي" "رد من طه إلى بسم الله" يضرب للرفيع يتضع.
"ريح ولكنه مليح" "ريح في القفص" يضرب للباطل.
"رقيق الحافر" للمتهم.
"رقص في زورقه" إذا سخر به وهو لا يشعر.
"ريق العذول سم قاتل" "رب مزح في غوره جد" "رب صديق يؤتى من جهله لا من حسن نيته" "رب صبابة غرست من لحظة" "رب حرب شبت من لفظة" "رب واثق خجل" "رب ضنك أفضى إلى ساحة وتعب إلى راحة" "ربما شرق شارب الماء قبل ريه" "ربما أصحب الحرون" "ربما غلا لاشيء الرخيص" "ربما اتسع الأمر الذي ضاق" "ربما صحت الأجسام بالعلل" "رب سكوت أبلغ من كلام" "رب عطب تحت طلب" "رب مستعجل لأذية ومستقبل لمنية" "رب صباح لامرئ لم يمسه" "رد الطرف من الظرف" "ب كلمة لبلست عليها أذني مخافة أن أقرع لها سني" "الرأس صومعة الحواس" "الرديء لا يساوي حمولته" "الرديء رديء كلما جلوته صدي" "أردى الدواب يبقى على الآري" وقال الشاعر:
والدهر قدماً يا أبا معـمـر يبقى على الآري شر الدواب

الباب الحادي عشر

في

ما أوله زاي

زينب سترة

قالوا: هي زينب بنت عبد الله بن عكرمة بن عبد الرحمن المخزومي، وكانت عجوزاً كبيرة ولها جوار مغنيات، وكان ابن زهيمة المدني الشاعر، واسمه محمد مولى خالد بن أسيد، يتعشق بعض جواريها ويشبب بها، ويغنيه يونس الكاتب ويلقيه على جواريها فيسر بذلك ويصلها ويكسوها فمن قوله فيها:
أقصدت زينب قلبي بعدما ذهب الباطل مني والغزل
وله فيها أشعار. ثم أن زينب حجبتها لشيء بلغها فقال ابن زهيمة:
وجد الفؤاد بزينـبـا وجدا شديداً متعـبـا
أمسيت من كلف بها أدعى الشقي المسهبا
ولقد كتبت عن اسمها عمداً لكيلا تغصبـا
وجعلت زينب سترة وكنيت أمراً معجبـاً
يضرب عند الكناية عن الشيء.

زمان أربت بالكلاب الثعالب

يقال: أرب به إذا ألفه ولزمه. ومنه مرب الغبل حيث لزمته. يعني أشتد الزمان فسمن الكلب من أكل الجيف فلم يتعرض للثعلب. يضرب لمن يوالي عدوه لسبب ما.

زين في عين والد ولد

يضرب في عجدب الرجل برهطه وعترته. يورى عن عمر بن عبد العزيز إنه قيل له: لو بايعت لابنك عبد الملك مع فضله وشأنه وورعه. فقال: لولا أني أخشى أن يكون زين في عيني منه ما يزين للوالد من ولده لفعلت. ثم توفي عبد الملك قبل عمر رحمهما الله. قال الأصمعي: مر بأعرابي ينشد ابناً له فقيل له: لو قلت هذا لدللناك عليه. قال: فأنشدنا:
نعم ضجيع الفتى إذا بـرد الليل سحيراً وقفقت الصرد
زينه الله في الفؤاد كـمـا زين في عين والـد ولـد

زندان في مرقعة

قال أبو عبيد: نرى المرقعة كنانة أو خريطة قد رقعت. يضرب للرجل المحتقر لا يغني شيئاً. وهذا كما قال عند تقليل الشيء: ليس في جفيره غير زندين.

زندان في وعاء

وهذا أيضاً يوضع موضع الدناءة والخسة. يضرب للضعيفين يجتمعان.

أزلأم المعيدي ونفر

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 139

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 140

وأصله، أن مياد بن حن بن ربيعة بن حرام العذري، من قضاعة، نافر رجلاً من أهل اليمن إلى حكم عكاظ، فأقبل مياد بن حن على فرسه وعليه سلاحه فقال: أنا مياد بن حن، أنا ابن حباس الظعن. وأقبل اليماني عليه حلة يمانية فقال: مياد أحكم بيننا أيها الحكم. فقال الحكم: أزلأم المعيدي ونفر. فأرسهلا مثلاً. وقضى لمياد على صاحبه. وأزلأم، ارتفع يقال أزلأم النهار إذا ارتفع. يضرب في فوز أحد الخصمين.

زاحم بعود أودغ

أي، لا تستعن إلا بأهل السن والتجربة في الأمور. وأراد زاحم بكذا أودع المزاحمة، فحذف للعلم به.

زف رأله

الرأل، ولد النعام. وزف، معناه أسرع. يضرب للطائش الحلم، ولمن استخفه الفزع أيضاً.

زوج من عود خير من قعود

هذا المثل لبعض نساء الأعراب. قال المبرد: حدثني علي بن عبد الله عن ابن عائشة قال: كان ذو الأصبع العدواني رجلاً غيوراً وله بنات أربع، وكان لا يزوجهن غيرة، فاستمع عليهن يوماً وقد خلون يتحدثن فقالت قائلة منهن: لتقل كل واحدة منا ما في نفسها، ولنصدق جميعاً. فقالت كبراهن:
ألا ليت زوجي من أناس ذوي غنى حديث شباب طيب النشر والذكـر
لصوق بأكباد الـنـسـاء كـأنـه خليفة حان لا يقيم على هـجـر
وقالت الثانية:
ألا ليته يعطي الجـمـال بـديهة له جفنة تشقى بها النيب والجزر
له حكمات الدهر من غير كبرة تشين فلا وان ولا ضرع غمـر
فقلن لها: أنت تريدين سيداً. وقالت الثالثة:
ألا هل تراها مرة وحـلـيلـهـا أشم كنصل السيف عين المهـنـد
عليم بأدواء النـسـاء ورهـطـه إذا ما انتمى من أهل بيتي ومحتدي
فقلن لها: أنت تريدين ابن عم لك قد عرفته. وقلن للصغرى: ما تقولين? قالت: لا أقول شيئاً. فقلن: لا ندعك وذاك، إنك قد اطلعت على أسرارنا وتكتمين سرك. فقالت: زوج من عود خير من قعود. فخطبن فزوجن جميعاً. ثم أمهلهن حولا، ثم زار الكبرى فقال لها: كيف رأيت زوجك? فقالت: خير زوج، يكرم أهله وينسى فضله. قال: فما ما لكم? قالت: الإبل. قال: وما هي? قالت: نأكل لحمانها مزعاً، ونشرب ألبانها جرعاً، وتحملنا وضعفتنا معاً. فقال: زوج كريم، ومال عميم. ثم زار الثانية فقال: كيف رأيت زوجك? قالت: يكرم الحليلة ويقرب الوسيلة. قال: فما ما لكم? قالت: البقر. قال: وما هي? قالت: تألف الفناء، وتملأ الإناء، وتودك السقاء، ونساء مع نساء. فقال: رضيت فحظيت. ثم زار الثالثة فقال: كيف رأيت زوجك? فقالت: لا سمح بذر ولا بخيل حكر. قال: فما ما لكم? قالت: المعزى. قال: وما هي? قالت: لو كنا نولدها فطما ونسلخها أدماً لم نبغ بها نعماً. فقال: جذو مغنية. ثم زار الرابعة فقال: كيف رأيت زوجك? قالت: شر زوج، يكرم نفسه، ويهين عرسه. قال: فما ما لكم? قالت: شر مال، الضأن. قال: وما هي? قالت: جوف لا يشبعن، وهيم لا ينفعن، وصم لا يسمعن، وأمر مغويتهن يتبعن. فقال: أشبه أمره بعض بره. قال علي ابن عبد الله: قلت لابن عائشة ما قولها وأمر مغويتهن يتبعن? قال: أما تراهن بمررن فتسقط الواحدة منهن في ماء أو وحل أو غير ذلك فيتبعنها عليه. وقوله: جذو مغنية جمع جذوة وهي القطعة.

زلت به نعله

يضرب لمن نكب وزالت نعمته. قال زهير بن أبي سلمى:
تداركتما عبساً وقد ثل عرشها وذبيان إذ زلت بأقدامها النعل

زادك الله رعالة كلما ازددت مثالة

الرعالة، الحماقة، رجل أرعل وامرأة رعلاء. والمثالة، مصدر الرجل إذا صار أفضل من غيره. يضرب لمن يزداد حمقه إذا ازداد ماله وحسن حاله.

زر غباً تزدد حباً

قال المفضل: أول من قال ذلك معاذ بن صرم الخزاعي، وكانت أمه من عك، وكان فارس خزاعة، وكان يكثر زيارة أخواله. قال: فاستعار منهم فرساً وأتى قومه فقال له رجل يقال له جحيش بن سودة، وكان له عدو: أتسابقني على أن من سبق صاحبه أخذ فرسه. فسابقه فسبق معاذ وأخذ فرس جحيش وأراد أن يغتظه فطعن أيطل الفرس بالسيف فسقط فقال جحيش: لا أم لك قتلت فرساً خيراً منك ومن والديك. فرفع معاذ السيف فضرب مفرقه فقتله، صم لحق بأخواله وبلغ الحي ما صنع، فركب أخ لجحيش وابن عم له فلحقاه فشد على أحدهما فطعنه فقتله، وشد على الأخر فضربه بالسيف فقتله وقال في ذلك:  
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 140

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 141

ضربت جحـيشـاً ضـربة لا لـئيمة ولكن بصاف ذي طرائق مـسـتـك
قتلت جحيشـاً بـعـد قـتـل جـواده وكنت قديماً في الحـوادث ذا فـتـك
قصد لعمرو بـعـد بـدر بـضـربة فخر صريعاً مثل عائرة الـنـسـك
لكي يعـلـم الأقـوام أنـي صـارم خزاعة أجدادي وأنمـى إلـى عـك
فقد ذقت يا جحش بن سودة ضربتـي وجدربتني إن كنت من قبل في شـك
تركـت جـحـيشـاً ثـاوياً ذا نـوائح خضيب دم جاراته حولـه تـبـكـي
ترن علـيه أمـه بـانـتـحـابـهـا وتقشر جلدي محجريها من الـحـك
ليرفع أقـوامـاً حـلـولـي فـيهـم ويزري بقوم أن تركتـهـم تـركـي
وحصني سراة الطرف والسيف معقلي وعطري غبار الحرب لا عبق المسك
تتوق غداة الورع نفسي إلى الـوغـى كتوق القطا تسمو إلى الوشل الـرك
ولست برعـديد إذا راع مـعـضـل ولا في نوادي القوم بالضيق المسـك
وكم مـلـك جـدلـتـه بـمـنـهـد وسابغة بيضاء مـحـكـمة الـسـك
قال: فأقام في أخواله زماناً، ثم إنه خرج مع بني أخواله في جماعة من فتيانهم يتصيدون، فحمل معاذ على عير، فلحقه ابن خال له يقال له الغضبان فقال: خل عن العير. فقال: لا، ولا نعمت عين. فقال له الغضبان: إما والله لو كان فيك خير لما تركت قومك. فقال معاذ: زر غباً تزدد حباً. فأرسلها مثلاً. ثم أتى قومه، فأراد أهل المقتول قتله فقال لهم قومه: لا تقتلوا فأرسكم وإن ظلم. فقبلوا منه الدية. ومن هذا المثل قال الشاعر:
إذا شئت أن تقلى فزر متواتـراً وإن شئت أن تزداد حباً فزر غبا
وقال آخر:
عليك بأغبـاب الـزيارة إنـهـا إذا كثرت كانت إلى الهجر مسلكاً
ألم تر أن القـطـر يسـأم دائمـاً ويسأل بالأيدي إذا هو أمسـكـا

زند متين

كلمة تقال للرجل يذم. والزند، الضيق الخلق. والمتين، البخيل الشديد.

أزور أحمائي ليعرفوني

وذلك إن امرأة خرجت إلى أحمائها في أسبوعها، فأنبت على خروجها فقالت هذا القول كأنها تهددتهم وتهزأت بهم. يضرب لمن حذر فلم يحذر.

ازددت رغماً ولم تدرك وغماً

الرغم، الغبط. والوغم، الحقد والثأر. يضرب في الخيبة عن الأمل.

زدهم أعنزاً

زعم أبو عمرو أن كعب بن ربيعة اشترى لأخيه كلاب بن ربيعة بقرة بأربعة أعنز، فركبها كلاب وألجمها من قبل إستها، وحول وجهه إليها، ثم أجراها فأعجبه عدوها فالتفت إلى أخيه وقال: زدهم أعنزاً. فذهبت مثلاً حين أمر بالزيادة بعد البيع. يضرب للأحمق.

زعمت أن العير لا يقاتل

يضرب لمن يظهر منه البأس والنجدة ولم يكن يرى أن ذلك عنده.

زيل زويله وزواله

يضرب لمن أصابه أمر فأقلقه. ويقال: زال الله زواله من زلت الشيء أزيله زيلاً، أي أزلته وفرقته. وكذلك أزال الله زواله إذا دعي عليه بالهلاك. ويقال أيضاً: زيل زويله وزواله. قال ذو الرمة يصف بيض نعامة:
وبيضاء لا تنحاش منا وأمها إذا ما رأتنا زيل منازويلها
أي زيل قلبها من الفزع.

زمامها لدودها

يضرب للرجل والمرأة إذا كان لهما من يزجرهما عن القبيح. قاله أبو عمرو.

زدها على حبل نيكاً

يضرب للرجل الشره. وأصله أن امرأة حملت فرأت أيور حمير فقالت: أروني ذاك. ثم قالت: أروني ذاك. قيل لها: إن الحمير لا تنكح على الحبل، وإن زوجك سيزيدك على حبلك نيكاً. وليس شيء من الذكر يأتي الأنثى بعد حبلها إلا الرجل.

زال سرجهم عن المعد

أي، تغيرت أحوالهم. والمعد، ما تحت رجل الفارس من جنب الفرس.

الزيادة في الحد نقصان من المحدود

يضرب في النهي عن الإفراط في المدح.

الزيت في العجين لا يضيع

يضرب لمن يحسن إلى أقاربه.

زقه زق الحمامة فرخها

يضرب لمن يربي قريبه غير مقصر في الشفقة عليه.

الأزواج ثلاثة

زوج بهر أي يبهر العيون بحسنه وزوج دهر أي يجعل عدة للدهر ونوائبه وزوج مهر أي ليس منه إلا المهر يؤخذ منه.

زند كبا وبنان أجذم

يضرب لمن لا يرتجي خيره بحال. يقال كبا الزند إذا لم تخرج ناره. والأجذم. المقطوع اليد.
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 141

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 142

زلنا وزال الدهر في براد

يقال: البراد، الضعف يبقى بعد ذهاب المرض. يريد ما زلنا وما زال في الدهر ضعف من العيش. فحذف، ما، مثل بيت الحماسة:
تزال حبال مبرمـات أعـدهـا لها ما مشى يوماً على خفه جمل
أي، ما نزال. ويروى: زلنا وزال الدهر، من الزوال، أي نفدنا ونفد دهرنا في شدة عيش وقبول خسف.

أزمولة في الملق الممنع

الأزمولة، الوعل المصوت. والملق، جمع ملقة وهي الحجر الأملس. يضرب للضعيف أجاره القوي.

زلة العالم يضرب بها الطبل وزلة الجاهل يخفيها الجهل

زيادة الكرش

يضرب لمن لا خير فيه ولا يصلح لشيء. ومثله:

زوائد الأديم

وهي أكارعهه التي تطرح.

زلة الرأي تنسي زلة القدم

أزهد الناس في العالم جيرانه

يضرب في السقطة تحصل من العاقل الحازم. هذا كقولهم: مثل العالم مثل الحمة. وقد أوردته في الميم.

ما على أفعل من هذا الباب

أزكن من إياس

هو غياس بن معاوية بن قرة المزني، كان قاضياً فائقاً زكناً تولى قضاء البصرة سنة لعمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى، فمن نوادر زكنه أنه سمع نباح كلب لم يره فقال: هذا نباح كلب مربوط على شفير بئر. فنظروا فكان كما قال، فقيل له في ذلك فقال: سمعت عند نباحه دوياً من مكان واحد، ثم سمعت بعده صدى يجيبه فعلمت أنه عند بئر. ومن نوادر زكنه أيضاً أنه رأى أثر اعتلاف بعير فقال: هذا بعير أعور. فنظروا فكان كما قال. فقيل له: من أين قلت ذاك? فقال: لأني وجدت اعتلافه من جهة واحدة. قالوا: ومن نوادر زكنه أنه رأى قوماً يأكلون تمراً ويلقون النوى متفرقاً، فرأى الذباب يجتمعن في موضع من التمر ولا يقربن موضعاً آخر فقال إياس: إن في هذا الموضع حية. فنظروا فوجدوا الأمر كما قال. فقيل له: من أين علمت? قال: رأيت الذباب لا يقربن هذا الموضع فقلت تجدن ريح سم فقلت حية. ونظر إلى ديك ينقر ولا يقرقر فقال: هذا هرم لأن الشاب إذا وجد حباً نقره وقرقر لتجتمع الدجاج إليه. ورأى جارة في المسجد وعلى يدها طبق مغطى بمنديل فقال: معها جراد. فكان كما قال. فسئل فقال: رأيته خفيفاً على يدها. ومن نوادر زكنه أن رجلين احتكما إليه في مال فجحد المطلوب إليه المال فقال للطالب: أين دفعت إليه المال? فقال: عند شجرة في مكان كذا. قال: فانطلق إلى هذا الموضع لعلك تتذكر كيف كان أمر هذا المال، ولعل الله يوضح لك سبباً. فمضى الرجل وحبس خصمه فقال إياس بعد ساعة: أترى خصمك قد بلغ موضع الشجرة. قال: لا، بعد. قال: قم يا عدو الله أنت خائن. قال: فأقلني أقالك الله. فاحتفظ به حتى أقر ورد المال. قال حمزة: ونوادر إياس كثيرة وقد كتب المدايني عليه كتاباً وسماه كتاب زكن إياس ويقال مات معاوية بن قرة أبو إياس وهو ابن ست وسبعين سنة فقال إياس في العام الذي مات فيه أبوه: رأيت في المنام كأني وأبي على فرسين فجريا جميعاً فلم أسبقه ولمن يسبقني. فعاش إياس أيضاً ستا وسبعين سنة. وذكر بعض الشعراء إياساً في شعره فلم يستقم له أن يذكره بالزكن فوضع مكانه الذكاء فقال:
أقدام عمرو في سماحة حاتـم في حلم أحنف في ذكاء إياس

أزنى من هر

قال ابن الكلبي: هو بنت يامين اليهودية من حضرموت، وهي أحدى الشوامت بموت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذها الماجر بن أبي أمية، عامل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقطع يدها.

أزنى من قرد

زعم الهيثم بن عدي أن قرداً اسم رجل من هذيل يقال له قرد بن معاوية. وقال بعضهم: إن القرد أزنى الحيوان، وزعم أن قرداً زنى في الجاهلية فرجمته القرود.

أزنى من هجرس

قالوا هو القرد. وقالوا هو الدب.

أزنى من سجاح

هي امرأة من بني تميم بن مرة كانت ادعت فيهم النبوة، ثم حملتهم على أن زفوها إلى مسيلمة المتنبي، فوهبت نفسها له. فقال لها:
ألا قومي إلى المخـدع فقد هييء لك المضجع
فإن شئت سلـقـنـاك وإن شئت على أربـع
وإن شئت ففي البـيت وإن شئت ففي المخدع
وإن شئت بـثـلـثـيه وإن شئت به أجـمـع
فقالت: بل به أجمع، فهو أجمع للشمل. وقال الشاعر:
وأزنى من سجاح بني تميم وخاطبها مسيلمة الزنـيم
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 142

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 143

وأهدى من قطاة بني تميم إلى اللؤم التميمي القديم
ويقال أيضاً: أعم من سجاح. قلت: هذا اسم مبني على الكسر مثل قطام وحذام. وأغلم أفعل من الغلمة لا من الاغتلام. يقال: غلم يغلم غلمة. إذا اشتهى الضرب.

أزهى من غراب

لأنه إذا مشى لا يزال يختال وينظر إلى نفسه. وقال:
ألج لجاجاً من الخـنـفـسـاء وأزهى إذا ما مشى من غراب

أزهى من وعل

قيل هو الشاء الجبلي، وزعموا أن اسمه مشتق من الوعلة، وهي البقعة المنيفة من الجبل. ويقولون أيضاً:

أزهى من طاووس

ومن ديك، ومن ذباب، ومن ثور، ومن ثعلب.

أزهى من ضيون

ومن قط، ومن حمامة.

المولدون

"زكاة النعم المعروف" "زكاة البدن العلل" "زل حمارك في الطين" "زاد في الطنبور نغمة" "زاد في الشطرنج بغلة" "زلق الحمار وكان من شهوة المكاري" "زاملة الأكاذيب للكذوب" "زكاة الجاه رفد المستعين" "زجاجه لا يقوي لصخري" "زلة اللسان لا تقال" "زم لسانك تسلم جوارحك" "زين الشرف التغافل" "الزواريق لا تشتري أو تدفع" "الزريبة الخالية خير من ملئها ذئاباً" "الزمانة عدم الأمانة" "الزبون يفرح بلا شيء"

الباب الثاني عشر

في

ما أوله سين

سبق السيف العذل

قاله ضبة بن أد ملا لامه الناس على قتله قاتل ابنه في الحرم. وقد مر تمام القصة فيما تقدم عند قوله. إن الحديث ذو شجون. ويقال إن قولهم، سبق السيف العذل، لخزيم بن نوافل الهمداني.

سقط العشاء به على سرحان

قال أبو عبيد: أصله أن رجلاً خرج يلتمس العشاء فوقع على ذئب فأكله. وقال الأصمعي: أصله أن دابة خرجت تطلب العشاء فلقيها ذئب فأكلها. وقال ابن الأعرابي: أصل هذا أن رجلاً من غني يقال له سرحان بن هزلة كان بطلاً فاتكاً يتقيه الناس فقال رجل يوماً: والله لأرعين إبلي هذا الوادي، ولا أخاف سرحان بن هزلة. فورد بإبله ذلك الوادي فوجد به سرحان وهجم عليه فقتله وأخذ إبله وقال:
أبلغ نصيحة أن راعي أهلها سقط العشاء به على سرحان
سقط العشاء به على متقمـر طلق اليدين معاود لطعـان
يضرب في طلب الحاجة يؤدي صاحبها إلى التلف.

سرت إلينا شبادعهم

الشبدع، العقرب ويشبه بها اللسان لأنه يلسع به الناس. قال الجعدي:
يخبركـم أنـه نـاصـح وفي نصحه ذنب العقرب
ومعنى المثل: سرى إلينا شرهم ولومهم أيانا، وما أشبه ذلك.

سد ابن بيض الطريق

ويروى: ابن بيض، بكسر الباء. قال الأصمعي: أصله أن رجلاً كان في الزمان الأول يقال له ابن بيض عقر ناقة على ثنية فسد بها الطريق، فمنع الناس من سلوكها. وقال المفضل: كان ابن بيض رجلاً من عاد، وكان تاجراً مكثراً؛ وكان لقمان بن عاد يخفره في تجارته ويجيره على خرج يعطيه ابن بيض يضعه له على ثنية إلى أن يأتي لقمان فيأخذه، فإذا أبصره لقمان قد فعل ذلك قال: سد ابن بيض السبيل. يقول إنه لم يجعل لي سبيلاً على أهله وماله حين وفي لي بالجعل الذي سماه لي، وينشد على قول الأصمعي:
سددنا كما سد ابن بيض طريقه فلم يجدوا عند الثنية مطلعـاً
وقال المخبل السعدي:
أقد سد السبيل أبو حـمـيد كما سد المخاطبة ابن بيض

أسعد أم سعيد

هما إبنا ضبة بن أد. وقد ذكرت قصتهما في باب الحاء عند قوله: الحديث ذو شجون. يضرب في العناية بذي الرحم، وفي الاستخبار أيضاً عن الأمرين الخير والشر، أيهما وقع? ومنه قول الحجاج لقتيبة بن مسلم، وقد تزوج، فقال: أسعد أم سعيد. أراد أحسناء أم شوهاء. جعل التصغير مثلاً للقبح، والتكبير مثلاً للحسن. وكما قال أبو تمام:
غنيت به عمن سـواه وحـولـت عجاف ركابي عن سعيد إلى سعد
يعني عن الجدب إلى الخصب.

ساواك عبد غيرك

هذا المثل مثل قولهم: عيد غيرك حر مثلك. يعني إنه بتعاليه عن أمرك ونهيك مثلك وفي الحرية.

السراح من النجاح

يضرب لمن لا يريد قضاء الحاجة، أي ينبغي أن تؤيسه منها إذا لم تقض حاجته.

أسمحت قرونته

القرونة والقرون والقرينة والقرين، النفس. أي استقامت له نفسه وانقادت. وقال مصعب بن عطاء: أي ذهب شكله وعزم على الأمر.

سواسية كأسنان الحمار

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 143

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 144

قال الأصمعي، وأبو عمرو: وما أشد ما هجا القائل، سواسية كأسنان الحمار ومثله: سواسية كأسنان المشط. قال كثير:
سواسية كأسنان الحمار فلا ترى لذي شيبة منهم على ناشئ فضلاً
وقالت الخنساء:
فاليوم نحن ومن سـوا نا مثل أسنان القوارح
أي، لا فضل لنا على أحد. قال أصحاب المعاني: السواء، العدل. وهو مأخوذ من الاستواء والتساوي. يقال: فلان وفلان سواء، أي متساويان، وقوم سواء. لا يثنى ولا يجمع لأنه مصدر. وأما سواسية فقال الأخفش: وزنه فعلفلة، وهي جمع سواء، على غير قياس، فسواء فعال، وسية فعة، أو فلة، إلا أن فعة أقيس، لأن أكثر ما ينقلون موضع اللام. وأصل سية سوية فلما سكنت الواو وانكسرت ما قبلها صارت الواو ياء، ثم حذفت إحدى الياءين تخفيفاً فبقي سية. وقال بعضهم: الأصل سواء سيّ، يعني السي الذي هو المثل، ثم خافوا إيهام كونهما إسمين باقيين على الأصل فحذفوا مدة سواء وأبدلوا من الياء الثانية من سي هاء كما فعلوا في زنادقة وصيارفة وأصله زناديق وصياريف.

سكت ألفاً ونطق خلفاً

الخلف، الرديء من القول وغيره. قال ابن السكيت: حدثني ابن الأعرابي قال: كان إعرابي مع قوم فحبق حبقة فتشور فأشار بإبهامه إلى إسته وقال: إنها خلف نطقت خلفاً. ونصب ألفاً على المصدر، أي سكت ألف سكتة ثم تكلم بخطأ.

أساء سمعاً فأساء جابة

ويروى: ساء سمعاً فأساء أجابة. وساء في هذا الموضع تعمل عمل نحو قوله تعالى: "ساء مثلاً". ونصب سمعاً على التمييز. وأساء سمعاً نصب على المفعول به، تقول أسأت القول، وأسأت العمل. وقوله: فأساء جابة. هي بمعنى إجابة. يقال: أجاب إجابة وجابة وجواباً وجيبة. ومثل الجابة في موضع الإجابة الطاعة والطاقة والغارة والعارة. قال المفضل: هذه خمسة أحرف جاءت هكذا. قلت: وكلها أسماء وضعت موضع المصاد. قال المفضل: إن أول من قال ذلك سهيل بن عمرو أخو بني عامر بن لؤي، وكان تزوج صفية بنت أبي جهل بن أبي هشام، فولدت له أنس بن سهيل، فخرج معه ذات يوم وقد خرج وجهه، يريد التحى، فوقفا بحزورة مكة. فأقبل الأخنس بن شريق الثقفي فقال: من هذا? قال سهيل: ابني. قال الأخنس: حياك الله يا فتى. قال: لا والله ما أمي في البيت، انطلقت إلى أم حنظلة تطحن دقيقاً. فقال أبوه: أساء سمعاً فأساء إجابة! فأرسلها مثلاً. فلما رجعا قال أبوه: فضحني ابنك اليوم عند الأخنس، قال كذا وكذا فقالت الأم: إنما ابني صبي. قال سهيل: أشبه امرؤ بعض بزه. فأرسلها مثلاً.

سقط في يده

يضرب لمن ندم. وقال الأخفش: يقال سقط في يده، أي ندم. وقرأ بعضهم: ولما سقط في أيديهم. كأنه أضمر الندم، وجوز أسقط في يده. وقال أبو عمرو: لا يقال أسقط بالألف على ما لم يسم فاعله. وكذلك قال ثعلب. وقال الفراء والزجاج: يقال سقط وأسقط في يده أي ندم. قال الفراء: وسقط أكثر وأجود. وقال أبو القاسم الزجاجي. سقط في أيديهم نظم لم يسمع قبل القرآن، ولا عرفته العرب، ولم يوجد ذلك في أشعارهم، والذي يدل على ذلك أن شعراء الإسلام لما سمعوا هذا النظم واستعملوه في كلامهم خفي عليهم وجه الاستعمال لأن عادتهم لم تجربه فقال أبو نواس: ونشوة سقطت منها في يدي. وأبو نواس هو العالم النحرير، فأخطأ في استعمال هذا اللفظ لأن فعلت لا يبنى إلا من فعل يتعدى، لا يقال رغبت ولا يقال غضبت وإنما يقال رغب في وغضب علي. قال: وذكر أبو حاتم سقط فلان في يده، أي ندم، وهذا خطأ مثل قول أبي نواس. هذا كلامه، قلت: وأما ذكر اليد فلأن النادم يعض على يديه ويضرب إحداهما بالأخرى تحسراً كما قال: "ويوم يعض الظالم على يديه". وكما قال: "فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها". فلهذا أضيف سقوط الندم إلى اليد.

سقط في أم أدراص

الدرص، ولد اليربوع وما أشبه. وأم أدراص، اليربوع. يضرب لمن وقع في داهية! قال طفيل:
وما أم أدارص بليل مضـلـل بأغدر من قيس إذا الليل أظلما
ويروى: بأرض مضلة.

سحاب نوء ماؤه حميم

يضرب لمن له لسان لطيف، ومنظر جميل وليس وراءه خير.

سهمك يا مروان لي شبيع

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 144

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 145

السهم الشبيع القاتل. قلت: وهذا لفظ لم أسمعه إلا في هذا المثل، ولا أدري ما صحته، والله أعلم. وإنما وجدته في أمثال الإصطخري. قال يضرب لسفيه يتبذى على حليم، أي أعدل سهمك إلى من يباذيك.

السر أمانة

قال بعض الحكماء: وفي الحديث المرفوع إذا حدث الرجل بحديث ثم التفت فهو أمانة وإن لم يستكتمه. قال أبو محجن الثقفي في ذلك:
واطعن الطعنة النجلاء عن عرض واكتم السر فيه ضربة العـنـق

إست البائن أعلم

البائن، الذي يكون عند حلب الناقة من جانبها الأيسر. ويقال للذي يكون من الجانب الآخر المعلي والمستعلي، وهو الذي يعلي العلبة إلى الضرع، والبائن الذي يحلب. ويقال بخلاف هذا وهما الحالبان في قولهم: خير حالبيك تنطحين. وهذا المثل يروى أن قائله الحرث بن ظالم. وذلك أن الجميح، وهو منقذ بن الطماح، خرج في طلب إبل له حتى وقع عليها في قبيلة مرة فاستجار بالحرث بن ظالم المري. فنادى الحرث: من كان عنده شيء من هذه الإبل فليردها. فردت جميعاً غير ناقة يقال لها اللفاع، فانطلق يطوف حتى وجدها عند رجلين يحلبانها فقال لهما: خليا عنها فليست لكما. وأهوى إليهما بالسيف فضرط البائن فقال المعلي: والله ما هي لك? فقال الحرث: إست البائن أعلم. فأرسلها مثلاً. يضرب لمن ولي أمراً وصلي به فهو أعلم به ممن لم يمارسه ولم يصل به.

إست لم تعود المجمر

يقال أن أول من قال ذلك حاتم بن عبد الله الطائي، وذلك أن ماوية بنت عفزر كانت ملكة وكانت تتزوج من أرادت، وربما بعثت غلماناً لها ليأتوها بأوسم من يجدونه بالحيرة ، فجاؤها بحاتم فقالت له: استقدم إلي الفراش. فقال: إست لم تعود المجمر. فأرسلها مثلاً.

إسته أضيق من ذلك

قاله مهلهل، أخو كليب، لما أخبره همام بن مرة أن أخاه جساس بن مرة قتل كليباً، وكان همام ومهلهل متصافيين، فلما قتل جساس كليباً أخبرهما مهلهلاً بذلك فقال مهلهل هذا استبعاداً لما أخبر به.

ساعداي أحرز لهما

أول من قال ذلك مالك بن زيد مناة بن تميم، وكان أحمق، فزوجه أخوه سعد بن زيد نوار بنت حل بن عدي بن عبد مناة بن أد، ورجا سعد أن يولد لأخيه، فلما بني مالك بيته وأدخلت عليه امرأته، انطلق به سعد حتى إذا كان عند باب بيته قال له سعد: لج بيتك. فأبى مالك مراراً فقال: لج مالك ولجت الرجم، والرجم القبر. ثم إن مالكاً ولج ونعلاه معلقتان في ذراعيه، فلما دنا من المرأة قالت: ضع نعليك. قال: ساعداي أحرز لهما. فأرسلها مثلاً. ثم أتى بطيب فجعل يجعله في إسته فقالوا: ما تصنع? فقال: إستي أخبثي فأرسلها مثلاً.

اسق أخاك النمري

قال أبو عبيد: أصله أن رجلاً من النمر بن قاسط صحب كعب بن مامة، وفي الماء قلة، فكانوا يشربون بالحصاة، وكان كلما أراد كعب أن يشرب نظر إليه النمري فيقول كعب للساقي: اسق أخاك النمري. فيسقيه حتى نفد الماء، ومات كعب عطشاً. يضرب للرجل يطلب الحاجة بعد الحاجة.

اسق رقاش إنها سقاية

رقاش، مثل حذام، مبني على الكسر، اسم امرأة. يضرب في الإحسان إلى المحسن.

استنت الفصال حتى القرعى

ويروى: استنت الفصلان حتى القريعي. يضرب للذي يتكلم مع من لا ينبغي أن يتكلم بين يديه لجلالة قدره. والقرعى، جمع قريع، مثل مرض ومريض وهو الذي به قرع، بالتحريك، وهو بثر أبيض يخرج بالفصال ودواؤه الملح وحباب ألبان الأبل ومنه المثل هو أحر من القرع.

سرحان القصيم

هذا مثل قولك: ذئب الغضى. والقصيم، رملة تنبت الغضى.

سمن كلبك يأكلك

ويروى: أسمن. قالوا: أول من قال ذلك حازم بن المنذر الحماني، وذلك أنه مر بمحلة همدان فإذا هو بغلام ملفوف في المعاوز، فرحمه وحمله على مقدم سرجه حتى أتى به منزله وأمر أمة له أن ترضعه فأرضعته حتى فطم وأدرك وراهق الحلم، فجعله راعياً لغنمه، وسماه جحيشاً، فكان يرعى الشاء والإبل، وكان زاجراً عائقاً، فخرج ذات يوم فعرضت له عقاب فعافها، ثم مر به غداف فزجره وقال:
تخبرني شواجح الغـدفـان والخطب يشهدن مع العقبان
أني جحيش معشري همدان ولست عبداً لبني حـمـان
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 145

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 146

فلا يزال يتغنى بهذه الأبيات. وإن ابنة لحازم يقال لها رعوم هويت الغلام وهويها. وكان الغلام ذا منظر وجمال فتبعته رعوم ذات يوم حتى انتهى إلى موضع الكلا فسرح الشاء فيه واستظل بشجرة واتكأ على يمينه وأنشأ يقول:
أما لك أم فتدعى لـهـا ولا أنت ذو والد يعرف
أرى الطير تخبرني أنني جحيش وإن أبي حرشف
يقول غراب غدا سائحـاً وشاهده جاهداً يحلـف
بأني لهمدان في غرهـا وما أنا جاف ولا أهيف
ولكنني من كرام الرجال إذا ذكر السيد الأشـرف
وقد كمنت له رعوم تنظر ما يصنع، فرفع صوته أيضاً يتغنى ويقول:
يا حبذا ربيتـي رعـوم وجبذا منطقها الرخـيم
وريح ما يأتي به النسيم أني بها مكلف أهـيم
لو تعلمين العلم يا رعوم أني من همدانها صميم
فلما سمعت رعوم شعره، ازدادت فيه رغبة وبه إعجاباً، فدنت منه وهي تقول:
طار إليكم عرضاً فؤادي وقل من ذكراكمو رقادي
وقد جفا جنبي عن الوساد أبيت قد حالفني سهـادي
فقام إليها جحيش فعانقها وعانقته وقعدا تحت الشجرة يتغازلان، فكانا يفعلان ذلك أياماً. ثم أن أباها افتقدها يوماً وفطن لها فرصدها حتى إذا خرجت تبعها فانتهى إليهما وهما على سواة، فلما رآهما قال: سمن كلبك يأكلك. فأرسلها مثلاً. وشد على جحيش بالسيف فأفلت ولحق بقومه همدان، وانصرف حازم إلى ابنته وهو يقول: موت الحرة خير من العرة. فأرسلها مثلاً. فلما وصل إليها وجدها قد اختنقت فماتت فقال حازم: هان علي الثكل لسوء الفعل. فأرسلها مثلاً. وأنشأ يقول:
قد هان هذا الثكل لولا أننـي أحببت قتلك بالحسام الصارم
ولقد هممت بذاك لولا أننـي شمرت في قتل اللعين الظالم
فعليك مقت الله من غـدارة وعليك لعنته ولعـنة حـازم
وقال قوم: إن رجلاً من طسم ارتبط كلباص فكان يسمنه ويطعمه رجاء أن يصيد به فاحتبس عليه بطعمه يوماً فدخل عليه صاحبه فوثب عليه فافترسه. قال عوف بن الأحوص:
أراني وعوفاً كالمسمن كلبه فخدشه أنيابه وأظـافـره
وقال طرفة:
ككلب طسم وقد تـربـبـه يعله بالحليب في الغلـس
طل عليه يوماً بقـرقـرة أن لا يلغ في الدماء ينتهس

أساف حتى ما يشتكي السواف

الأسافة، ذهاب المال. يقال وقع في المال سواف، بالفتح، أي موت. هذا قول أبي عمرو. وكان الأصمعي يضمه ويلحقه بأمثاله. قال أبو عبيد: يضرب لمن مرن على حوائج الدهر فلا يجزع من صروفه.

سر وقمر لك

أي، اغتنم العمل ما دام القمر لك طالعاً. يضرب في اغتنام الفرصة. ويروى: أسر وقمر لك. من السرى والواو في الروايتين للحال، أي سر مقمراً.

أسائر اليوم وقد زال الظهر

قال يونس: أصله أن قوماً أغير عليهم فاستصرخوا بني عمهم فأبطؤوا عنهم حتى أسروا وذهبهم، ثم جاؤا يسألون عنهم فقال لهم المسؤول هذا القول. يضرب في اليأس من الحاجة. يقول: أتطمع فيما بعد وقد تبين لك اليأس.

سال الوادي فذره

يضرب للرجل يفرط في الأمر.

أساء رعياً فسقى

أصله أن يسيء الراعي رعي الإبل نهاره حتى إذا أراد أن يريحها إلى أهلها كره أن يظهر لهم سوء أثره عليها فيسقيها الماء لتملأ منه أجوافها. يضرب للرجل لا يحكم الأمر ثم يريد إصلاحه فيزيده فساداً.

سلوا السيوف واستللت المنتن

قالوا: المنتن، السيف الردئ. يضرب للرجل لا يخر عنده يريد أن يلحق بقوم لهم فعال. قلت: لفظ المنتن معناه مما ينبو عنه السمع ولا يطمئن إليه القلب، والله أعلم بصحته.

سواء علينا قاتلاه وسالبه

وأوله: فمر على عكل لنقضي لبانة. قالوا معناه إذا رأيت رجلاً قد سلب رجلاً دلك على أنه لم يسلبه وهو حي ممتنع فاعلم بهذا أنه قاتله، فمن هذا جعلوا السالب قاتلاً. وتمثل به معاوية في قتلة عثمان رضي الله عنه. ورأيت في شرح الإصلاح للفارسي أبياتاً ذكر أنها للوليد ابن عقبة أولها:
بني هاشم كيف الهوادة بيننا وعند علي درعه ونجائبه
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 146

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 147

قتلتم أخي كيما تكونوا فوقـهـا وكيف يوقي ظهر ما أنت راكبه
ثلاثة رهط قاتـلان وسـالـب سواء علينا قاتـلاه وسـالـبـه
قال: يعني بالقاتلين النجيبي ومحمد بن أبي بكر، وبالسالب علياً رضي الله عنه.

ساجل فلان فلاناً

أصله من السجل، وهو الدلو العظيمة. والمساجلة، أن يستقي ساقيان فيخرج كل واحد منهما في سجله مثل ما يخرج الآخر فأيهما نكل فقد غلب فضربت العرب به المثل في المفاخرة والمساماة. قال الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب:
من يساجلني يساجل ماجداً يملأ الدلو إلى عقد الكرب
يقال أن الفرزدق مر بالفضل وهو يستقي وينشد هذا الشعر، فسرى الفرزدق ثيابه عنه وقال: أنا أساجلك، ثقة بنسبه. فقيل له: هذا الفضل ابن العباس بن عتبة بن أبي لهب، فرد الفرزدق عليه ثيابه وقال: ما يساجلك إلا من عض أير أبيه.

سبق درته غراره

الغرار، قلة اللبن. والدرة، كثرته، أي سبق شره خيره ومثله:

سبق مطره سيله

يضرب لمن يسبق تهديده فعله.

سرعان ذا إهالة

سرعان بمعنى سرع نقلت فتحة العين إلى النون فبني عليها، وكذلك وشكان وعجلان وشتان. قال الخليل: هي ثلاث كلمات سرعان وعجلان ووشكان، وفي وشكان وسرعان ثلاث لغات: فتح الفاء، وضمها، وكسرها. تقول العرب: لسرعان ما خرجت، ولسرعان ما صنعت كذا. وأصل المثل أن رجلاً كانت له نعجة عجفاء، وكان رغامها يسيل من منخريها لهزالها. فقيل له: ما هذا الذي يسيل? فقال: ودكها. فقال السائل. سرعان ذا أهالة. نصب أهالة على الحال، وذا إشارة إلى الرغام، أي سرع هذا الرغام حال كونه أهالة. ويجوز أن يحمل على التمييز على تقدير نقل الفعل مثل قولهم: تصبب زيد عرقاً. يضرب لمن يخبر بكينونة الشيء قبل وقته.

سمنكم هريق في أديمكم

يضرب للرجل ينفق ماله على نفسه ثم يريد أن يمتن به.

سمن حتى صار كأنه الخرس

قالوا: الخرس، الدن العظيم. والخراس، صانعه.

سوء خمل الفاقة يضع الشرف

أي، إذا تعرض للمطالب الدنية حط ذلك من شرفه. قال أوس بن حارثة لابنه: خير الغنى القنوع، وشر الفقر الخضوع. وينشد:
ولقد أبيت على الطوى وأظله حتى أنال به كريم المأكـل
أراد أبيت على الطوى وأظل عليه، فحذف حرف الجر وأوصل الفعل، والباء في به بمعنى مع، أي حتى أنال مع الجوع المأكل الكريم فلا يتضع شرفي، ولا تنحط درجتي. وينشد أيضاً:
فتى كان يدنيه الغنى من صديقه إذا ما هو استغنى ويبعده الفقر
والأصل في هذا كلام أكثم بن صيفي حيث قال: الدنيا دول، فما كان منها لك أتاك على ضعفك، وما كان منها عليك لم تدفعه بقوتك، وسوء حمل الغنى يورث مرحاً، وسوء حمل الفاقة يضع الشرف، والحاجة مع المحبة خير من البغضة مع الغنى، والعادة أملك بالأدب.

سمن كلب ببؤس أهله

يقال: كلب، اسم رجل خيف فسئل رهناً فرهن أهله، ثم تمكن من أموال من رهنهم أهله فساقها وترك أهله قال الشاعر:
وفينا إذا ما أنكر الكلب أهـلـه غداة الصباح الضاربون الدوابرا
يعني إذا ُخذل غيرنا أهله تخلفا عن الحرب فنحن نضرب الدروع. والدوابر، حلق الدروع. يقال درع مقابلة مدابرة إذا ُكانت مضاعفة.

استكت مسامعه

معناه صمت. وأصله السكك، وهو صغر الأذنين وكأن السكك صار كناية عن انتفاء السمع حتى كأن الأذن ليست وفي انتفائها معنى الصمم. والمراد منه: صمت إذنه ولا سمع ما يسره.

اسمح يسمح لك

ويروى: أسمح، بقطع الألف. يضرب في المواتاة والموافقة.

أساء كاره ما عمل

وذلك أن رجلاً أكره رجلاً على عمل فأساء عمله فقال هذا المثل. يضرب لمن يطلب إليه الحاجة فلا يبالغ فيها.

سداد من عوز

السداد، اسم من سد يسده سداً والسداد لغة فيه. قاله ابن السكيت، وقال ثعلب: السداد من سد السهم يسد. وقال النضر ابن شميل: أصل السداد شيء من اللبن ييبس في أحليل الناقة سمي به لأنه يسد مجرى اللبن، والعوز، اسم من الأعواز يقال أعوز الرجل إذا افتقر، وعوز مثله، وعوز الشيء يعوز عوزاً إذا لم يوجد. يضرب للقليل يسد الخلة.

سبح ليسرق

يضرب لمن يرائي في عمله.

سلأت وأقطت

أي إذا بت السمن وجففت الأقط. يضرب لمن اخصب جنابه بعد جدب.
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 147

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 148

استر عورة أخيك لما يعلمه فيك

أي إن بحثت عنه بحث عنك كقولهم: من نجل الناس نجلوه.

سفيه مأمور

هذا من كلام سعد بن ضبيعة للنعمان بن المنذر. وقد ذكرته، في قولهم: إن العصا قرعت لذي الحلم.

سواء هو والعدم

ويقال العدم، وهما لغتان. ويروى: سواء هو والقفر، أي إذا نزلت به فكأنك نازل بالقفار المحملة. قاله أبو عبيد. يضرب للبخيل.

سمن فأرن

الأرن، النشاط. يقال أرن فهو أرن وأرون مثل مرح ومروح. يضرب لمن تعدى طوره.

سواء لواء

هما فعال من استوى والتوى. قلت: هذا شاذ، أن يبنى فعال من غير الثاني. ومثل هذا قول الأخطل: لا بالحصور ولا فيها بسار. وقولهم: جبار، هما من أسأرت وأجبرت. والمثل يضرب للنساء، أي هن يستوين ويلتوين ويجتمعن ويتفرقن ولا يثبتن على حال واحدة. ويضرب للمتلون. ويقال أيضاً للنساء:

سواه لواه

من السهو واللهو. يعني أنهن يسهون عما يجب حفظه ويشتغلن باللهو.

سرق السارق فانتحر

يقال: انتجر الرجل، إذا نحر نفسه حزناً على ما فاته. وأصله أن سارقاً سرق شيئاً فجاء به إلى السوق ليبيعه فسرق، فنحر نفسه حزناً عليه فصار مثلاً للذي ينتزع من يده ما ليس له فيجزع عليه. يقال: سرق منه مالاً، وسرقه مالاً، على حذف حرف الجر وتعدية الفعل بعد الحذف، أو على معنى السلب كأنه قال سلبه مالاً. وتقدير المثل: سرق السارق سرقته، أي مسروقه، فانتحر. أي صار منحوراً كمداً.

سفيه لم يجد مسافهاً

هذا المثل يروى عن الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما قاله لعمرو ابن الزبير حين شتمه عمرو.

السليم لا ينام ولا ينيم

قال المفضل: أول من قال ذلك اليأس بن مضر، وكان من حديث ذلك، فيما ذكر الكلبي عن الشرقي بن القطامي، أن إبل إلياس ندت ليلاً فنادى ولده وقال: إني طالب الإبل في هذا الوجه. وأمر عمر ابنه أن يطلب في وجه آخر وترك عامر ابنه لعلاج الطعام. قال: فتوجه إلياس وعمرو وانقطع عمير ابنه في البيت مع النساء. فقالت ليلى بنت حلوان امرأته لإحدى خادميها: أخرجي في طلب أهلك. وخرجت ليلى فلقيها عامر محتقباً صيداً قد عالجه، فسألها عن أبيه وأخيه فقالت: لا علم لي. فأتى عامر المنزل وقال للجارية: قصي أثر مولاك. فلما ولت قال لها: تقرصعي، أي اتئدي وانقبضي. فلم يلبثوا أن أتاهم الشيخ، وعمرو ابنه قد أدرك الإبل، فوضع لهم الطعام فقال إلياس: السليم لا ينام ولا ينيم. فأرسلها مثلاً. وقالت ليلى امرأته: والله أن زلت اخندف في طلبكما والهة. قال الشيخ: فأنت خندف. قال عمرو: فما فعلت أنا أفضل، أدركت الإبل. قال: فأنت مدركة. سمي عميراً قمعة لانقماعه في البيت. فغلبت هذه الألقاب على أسمائهم. يضرب مثلاً لمن لا يستريح ولا يريح غيره.

اسع بجدك لا بكدك

قالوا إن أول من قال ذلك حاتم بن عميرة الهمداني وكان بعث ابنيه الحسل وعاجنة إلى تجارة فلقي الحسل قوم من بني أسد فأخذوا ماله وأسروه. وسار عاجنة أياماً ثم وقع على مال في طريقه من قبل أن يبلغ موضع متجره فأخذه ورجع، وقال في ذلك:
كفاني الله بـعـد الـير أنـي رأيت الخير في السفر القريب
رأيت البعد فيه شـقـا ونـأياً ووحشة كل منفـرد غـريب
فأسرعت الإياب بخـير حـال إلى حوراء خرعبة لـعـوب
وإنـي لـيس يثـنـين إذا مـا رحلت سنوح شحاج نعـوب
فلما رجع تباشر به أهله وانتظروا الحسل، فلما جاء إبانه الذي كان يجيء فيه ولمن يرجع رأبهم أمره، وبعث أبوه أخاُ له لم يكن من أمه، يقال له شاكر، في طلبه والبحث عنه، فلما دنا شاكر من الأرض التي بها الحسل، وكان الحسل عائفاً يزجر الطير، فقال:
تخبرني بالنجاة القطـاة وقول الغراب بها شاهد
تقول ألا قد دنـا نـازح فداء له الطرف والتالد
أخ لم تكن أمنـا أمـه ولكن أبونا أب واحـد
تداركني رأفة حـاتـم فنعم المربب والوالـد
ثم أن شاكراً سأل عنه فأخبر بمكانه، فاشتراه ممن أسره بأربعين بعيراً، فلما رجع به قال له أبوه: اسع بجدك لا بكدك. فذهبت مثلاً.

سر عنك

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 148

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 149

قالوا أن أول من قال ذلك خداش بن حابس التميمي، وكان قد تزوج جارية من بني سدوس، يقال لها الرباب، وغاب عنها بعد ما ملكها أعواماً، فعلقها آخر من قومها، يقال له سلم، ففضحها. وأن سلماً شردت له إبل فركب في طلبها فوافاه خداش في الطريق فلما علم به خداش كتمه أمر نفسه ليعلم علم امرأته وسار فسأل سلم خداشاً: ممن الرجل? فخبره بغير نسبه. فقال سلم:
أغبت عن الرباب وهام سـلـم بها ولها بعرسـك يا خـداش
فيا لك بعل جـارية هـواهـا صبور حين تضطرب الكباش
ويا لك بعل جـارية كـعـوب تزيد لـذاذة دون الـــرياش
وكنت بها أخا عطـش شـديد وقد يروى على الظمأ العطاش
فإن أرجع ويأتـيهـا خـداش سيخبره بما لاقى الـفـراش
فعرف خداش الأمر عند ذلك، ثم دنا منه فقال: حدثنا يا أخا بني سدوس. فقال سلم: علقت امرأة غاب زوجها فأنا أنعم أهل الدنيا بها وهي لذة عيشي. فقال خداش: سر عنك. فسار ساعة ثم قال: حدثنا يا أخا بني سدوس عن خليلتك. قال: تسديت خباءها ليلاً فبت بأقر ليلة أعلو وأعلى وأعانق وأفعل متا أهوى. فقال خداش: سر عنك. وعرف الفضيحة، فتأخر واخترط سيفه وغطاه بثوبه ثم لحقه وقال: ما آية ما بينكما إذا جئتها? قال: اذهب ليلاً إلى مكان كذا في خبائها وهي تخرج فتقولك
يا ليل هل من ساهر فيك طالب هوى خلة لا ينزحن ملتقاهمـا
فأجاوبها:
نعم ساهر قد كابد الليل هائم بهائمة ما هومت مقلتاهما
فتعرف أني أنا هو. ثم قال خداش: سر عنك. ودنا حتى قرن ناقته بناقته وضربه بسيفه فأطار قحفه وبقي سائره بين سرجي الرحل يضطرب، ثم انصرف فأتى المكان الذي وصفه سلم فقعد فيه ليلاً وخرجت الرباب وهي تتكلم بذلك البيت فجاوبها بالأخر فدنت منه، وهي ترى أنه سلم، فقنعها بالسيف ففلق ما بين المفرق إلى الزور ثم ركب وانطلق. يضرب في التغابي والتغاضي عن الشيء. قلت: بقي معنى قوله: سر عنك. قيل معناه دعني واذهب عني. وقيل معناه لا تربع على نفسك، وإذا ُلم يربع على نفسه فقد سار عنها. وقيل العرب تزيد في الكلام عن فتقول: دع عنك الشك، أي دع الشك. وقيل: أرادوا بعنك لا أبالك وأنشد:
فصار واليوم لـه بـلابـل من حب جمل عنك ما يزايل
أي، لا أبالك. فعلى هذا معناه: سر لا أبالك، على عادتهم في الدعاء على الإنسان من غير إرادة الوقوع.

إست المسؤول أضيق

لأن العيب يرجع إليه. قاله أسد بن خزيمة في وصيته لبنيه عند وفاته قال: يا بني، اسألوا فإن إست المسؤول أضيق.

سوء الاستماك خير من حسن الصرعة

يعني حصول بعض المراد على وجه الاحتياط خير من حصول كله على التهور.

سدك بأمرئ جعله

أي أولع به كما يولع الجعل بشيء. يضرب لمن يفسد شيئاً. قال أبو زيد: وذلك أن يطلب الرجل حاجة فإذا خلا ليذكر إذ بعضها جاء آخر يطلب مثلها فالأول لا يقدر إن يذكر شيئاً من حاجته لأجله فهو جعله. وقال:
إذا أتيت سليمى شب لي جعـل أن الشقي الذي يلكى به الجعل

سقوا بكأس حلاق

يعني أنهم استؤصلوا بالموت. وحلاق، اسم للمنية لأنه يستأصل الأحياء كما يستأصل الحلق الشعر.

سلي هذا من إستك أولاً

يضرب لمن يلومك وهو أحق باللوم منك.

سبني وأصدق

يضرب في الحث على الصدق في القول. وأصل السب إصابة السبة، يعني الإست.

سير السواني سفر لا ينقطع

السواني، الإبل يستقى عليها الماء من الدواليب فهي أبداً تسير.

سلكوا وادي تضلل

يضرب لمن عمل شيئاً فأخطأ فيه.

سقطت به النصيحة على الظنة

أي أسرف في النصيحة حتى أتهم.

سبك من بلغك السبا

أي من واجهك بما قفاك به غيره من السب فهو الساب.

سبح يغتروا

أي أكثر من التسبيح يغتروا بك فيثقوا فتخونهم. يضرب لمن نافق.

سيل به وهو لا يدري

أي، ذهب به السيل. يريد دهي وهو لا يعلم. يضرب للساهي الغافل. وقال:
يا من تنادي في مجون الهوى سال بك السـيل ولا تـدري

سرك من دمك

أي، ربما كان في إضاعة سرك أراقة دمك. فكأنه قيل سرك جزء من دمك.

سوء الاكتساب يمنع من الانتساب

أي، قبح الحال يمنع من التعرف إلى الناس.
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 149

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 150

سيرين في خرزة

يضرب لمن يجمع حاجتين في حاجة. وقال:
سأجمع سيرين ي خرزة أمجد قومي وأحمي النعم
وقال أبو عبيدة: ويروى خرزتين في سير. قال: وهو خطأ. ينصب سيرين على تقدير استعمل أو اجمع. قال أبو عبيد: ويروى خرزتين في خرزة.

سأكفيك ما كان قوالا

كان النمر بن تولب العكلي تزوج امرأة من بني أسد بعد ما أسن، يقال لها جمرة بنت نوفل، وكان للنمر بنو أخ فراودوها عن نفسها فشكت ذلك إليه فقال لها: إذا أرادوا منك شئياً من ذلك فقولي كذا وقولي كذا. فقالت: سأكفيك ما يرجع إلى القول والمجاملة.

أسرع في نقض امرئ تمامه

يعني أن الرجل إذا تم أخذ في النقصان.

استوت به الأرض

يعنون إنه مات ودرس قبره حتى لا فرق بينه وبين الأرض التي دفن فيها.

أسوأ القول الإفراط

لأن الإفراط في كل أمر مؤد إلى الفساد.

?السعيد من وعظ بغيره

أي ذو الجد من اعتبر بما لحق غيره من المكروه فيجتنب الوقوع في مثله. قيل إن أول من قال ذلك مرثد بن سعد، أحد وفد عاد الذين بعثوا إلى مكة يستقون لهم، فلما رأى ما في السحابة التي رفعت لهم في البحر من العذاب أسلم مرثد وكتم أصحابه إسلامه، ثم أقبل عليهم فقال: ما لكم حيارى كأنكم سكارى إن السعيد من وعظ بغيره ومن لم يعتبر الذي بنفسه يلقى نكال غيره. فذهبت من قوله أمثالاً.

?سيان أنت والعزل

الأعزل الذي لا سلاح معه. يضرب لمن لا غناء عنده في أمر.

?سفه بالناب الرغاء

أي سفه بالشيخ الكثير الصبا والتضجر.

??سوف ترى وينجلي الغبار أفرس تحتك أم حمار

يضرب لمن ينهى عن شيء فيأبى.

أسمع صوتاً وأرى فوتاً

يضرب لمن يعد ولا ينجز.

أسرع فقداناً تسرع وجداناً

أي، إذا كنت متفقداً لأمرك لم تفتك طلبتك.

سلط الله عليه الأيهمين

ويقال الأعميين، يعني السيل والجمل الهائج.

سوري سوارٍ

مثل قولهم: صمي صمام، للداهية. قال الأزدي:
فقام مؤذن منـا ومـنـهـم ينادي بالضحى سوري سوار

سبهلل يعلو الأكم

السبهلل، الفارغ. يضرب لمن يصعد في الأكام نشاطاً وفراغاً.

سائل الله لا يخيب

يضرب في الرغبة عن الناس وسؤالهم.

سحابة صيف عن قليل تقشع

يضرب في انقضاء الشيء بسرعة.

السفر قطعة من العذاب

يعني من عذاب جهنم لما فيه من المشاق.

السفر ميزان السفر

أي أنه يسفر عن الأخلاق.

سوء الظن من شدة الضن

هذا مثل قولهم: إن الشفيق بسوء ظن مولع.

سقط العشاء به على متقمر

قالوا: هو الأسد يطلب الصيد في القمراء. وأراد سقط طلب العشاء به على كذا. وعلى هذا تقدير ما تقدم من قولهم: سقط العشاء به على سرحان.

سمعاً لا بلغاً

يضرب في الخبر لا يعجب، أي نسمع به ولا يتم. ويقال سمعاً لا بلغاً. وقال الكسائي: إذا ُسمع الرجل الخبر لا يعجبه قال: اللهم سمع لا بلغ وسمع لا بلغ. قلت: السمع مصدر وضع موضع المفعول. والبلغ البالغ. يقال: أمر الله بلغ. والسمع، بالكسر، فعل بمعنى مفعول كالذبح والطحن والفرق والفلق. والبلغ، بالكسر، ازدواج وإتباع للسمع. ونصب سمعاً وبلغاً على معنى اللهم اجعله، يعني الخبر، مسموعاً لا بالغاً. ومن رفع حذف المبتدأ، أي هذا مسموع لا يبلغ تمامه وحقيقته على طريق التفاؤل.

سهم الحق مريش يشك غرض الحجة

الشك، الشق. ومنه قول عنترة:
فشككت بالرمح الأصم ثيابـه ليس الكريم على القنا بمحرم

سلم أديمه من الحلم

يقال حلم الأديم إذا وقع فيه الحلمة. يضرب لمن كان بارعاً سالماً من الدنس.

سبنتاة في جلد بخنداة

السبنتى، الثمر، وألفه ليست للتأنيث، ويقال للمؤنث سبنتاة، والجمع سبانت. ومنهم من يقول سبانيت. وبعضهم يقول سبات. وكذلك في جمع بخنداة بخاند وبخاد، وفي جمع علندات علاند وعلاد. يضرب للمرأة السليطة الصخابة.

اسمع ممن لا يجد منك بداً

يضرب في قبول النصيحة، أي أقبل نصيحة من يطلب نفعك، يعني الأبوين، ومن لا يستجلب بنصحك نفعاً إلى نفسه بل إلى نفسك.

سال بهم السيل وجاش بنا البحر

أي وقعوا في أمر شديد ووقعنا نحن في أشد منه، لأن الذي يجيش به البحر أشد حالاً من الذي يسيل به السيل.

سحابة خالت وليس شائم

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 150

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 151

يقال: أخالت السحابة وتخيلت، إذا رجت المطر، فأما خالت فلا ذكر له في كتب اللغة، والصحيح أخالت. والشائم، الناظر إلى البرق. يضرب لمن له مال ولا آكل له.

إسأل عن النقي النشول المصطلب

النقي، المخ. والنشول، مبالغة الناشل، وهو الذي ينشل اللحم من القدر. والمصطلب، الذي يأخذ الصليب وهو الودك. يضرب لمن احتجن مال غيره إلى نفسه.

سلقة ضب وأمت مكوناً

السلقة، الضبة التي قد ألقت بيضها. والمكون، التي جمعت بيضها في جوفها. والمواءمة، المفاخرة. يضرب للضعيف يباري القوي.

أسرع بذاكم صابة نقاباً

يقال أن امرأة خرجت من بيتها لجاجة فلما رجعت لم تهتد إلى بيتها، فكانت تتردد بين الحي على تلك الحال خمساً، ثم اشرفت فرأت بيتها إلى جنبها فعرفته فقالت: أسرع بذاكم صابة نقاباً. يقال: لقيت فلاناً نقاباً، أي فجأة. وتعني بقولها صابة أصابة، وهي مثل الطاقة والطاعة والجابة، أي ما أسرع هذه الإصابة مفاجئة. يضرب لمن بالغ في إبطائه ويرى أنه أسرع فيما أمر به.

سيل بدمن دب في ظلام

الدمن، البعر والروث يدب السيل تحته فلا يشعر به حتى يهجم ولا سيما في الظلام. يضرب لمن يظهر الود ويضمر العداوة.

سميتك الفشفاش إن لم تقطع

الفشفاش، السيف الكهام. وروى أبو حاتم الفشفاش، بكسر الشين، جعله مثل قطام ورقاش، ثم أدخل عليه الألف واللام. يضرب لمن ينفذ في الأمور ثم خيف منه النبو.

سيري على غير شجر فإني غير متعته له

قال المؤرج: سمعت رجلاً من هذيل يقول لصاحبه: إذا روي بعيرك فسره بهذه الصخرة، أي أربطه بها. والشجر جمع شجار وهو العود يلقى عليه الثياب. والتعته التنوق والتحذلق. يقول: أربطي على غير عود معروض فإني غير متنوق فيه وذلك لأن العود إذا عرض فربط عليه القد كان أثبت له. ومعنى المثل لا تكلفني فوق ما أطيق. قاله المؤرج.

ما على أفعل من هذا الباب

اسرق من شظاظ

هو رجل من بني ضبة كان يصيب الطريق مع مالك بن الريب المازني. زعموا أنه مر بامرأة من بني نمير، وهي تعقل بعيراً لها وتتعوذ من شر شظاظ، وكان بعيرها مسناً، وكان هو على حاشية من الإبل، وهي الصغير، فنزل وقال لها، أتخافين على بعيرك هاذ شظاظاً? فقالت: ما آمنة عليه. فجعل يشغل وجعلت تراعي جمله بعينها فأغفلت بعيرها فاستوى شظاظ عليه وجعل يقول:
رب عجوز من نمير شهبره علمتها الأنقاض بعد القرقره
الأنقاض، صوت صغار الإبل. والقرقرة، صوت مسانها. فهو يقول: علمتها استماع صوت بعيري الصغير بعد استماعها قرقرة بعيرها الكبير.

أسأل من فلحس

ويروى: أعظم في نفسه من فلحس. وهو رجل من بني شيبان كان سيداً عزيزاً يسأل سهماً في الجيش، وهو في بيته، فيعطى لعزه، فإذا أعطيه سأل لامرأته، فإذا أعطيه سأل لبعيره. قال الجاحظ: كان لفلحس ابن يقال له زاهر بن فلحس مر به عزي من بني شيبان فاعترضهم وقال: إلى أين? قالوا: نريد عزو بني فلان؛ قال: فاجعلوا لي سهماً في الجيش. قالوا: قد فعلنا. قال: ولامرأتي. قالوا: لك ذلك. قال: ولناقتي. قالوا: أما ناقتك فلا. فإني جار لكل من طلعت عليه الشمس ومانعه منكم. فرجعوا عن وجههم ذلك خائبين ولم يغزوا عامهم ذلك. وقال أبو عبيدة: معنى قولهم اسأل من فلحس إنه الذي يتحين طعام الناس. يقال: أتانا فلان يتفلحس. كما يقال في المثل الآخر: جاءنا يتطفل. ففلحس عنده مثل طفيل.

أسأل من قرثع

هو رجل من بني أوس بن ثعلبة. وكان على عهد معاوية، وفيه يقول أعشى بني تغلب:
إذا ما القرثع الأوسي وافى عطاء الناس أوسعهم سؤالا

أسرع من حداجة

هو رجل من عبس بعثته بنو عبس حين قتلوا عمرو بن عمرو بن عدس إلى الربيع بن زياد ومروان بن زنباع لينذرهما قبل أن يبلغ بني تميم قتل صاحبهم فيغتالوهما، فكان أسرع الناس، فضرب به المثل في السرعة.

أسرع من نكاح أم خارجة

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 151

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 152

هي عمرة بنت سعد بن عبد الله بن قدار بن ثعلبة، كان يأتيها الخاطب فيقول: خطب. فتقول: نكح. فيقول: أنزلي. فتقول: أنخ. ذكر أنها كانت تسير يوماً وابن لها يقود جملها، فرفع لها شخص، فقالت لابنها: من ترى ذلك الشخص? فقال: أراه خاطباً. فقالت: يا بني تراه يعجلنا أن نحل، ماله إل وغل. وكانت ذواقة تطلق الرجل إذا ذجربته وتتزوج آخر، فتزوجت نيفاً وأربعين زوجاً، وولدت عامة قبائل العرب. تزوجت رجلاً من أياد فخلعها منه ابن أختها خلف بندعد فخلف عليها بعد الأيادي بكر بن يشكر بن عدوان بن عمرو بن قيس عيلان، فولدت له خارجة، وبه كنيت، وهو بطن ضخم من بطون العرب، ثم تزوجها عمرو بن ربيعة بن حارثة بن عمرو مزيقياً فولدت له سعد أبا المصطلق والحيا، وهما بطنان في خزاعة، ثم خلف عليها بكر بن عبد مناة بن كنانة فولدت له ليثاً والديل وعريجاً، ثم خلف عليها مالك بن ثعلبة بن دودان بن أسد فولدت له غاضرة وعمراً، ثم خلف عليها جشم بن مالك بن كعب بن القين بن جسر من قضاعة فولدت له عرانية بطناً صخماً، ثم خلف عليها عامر بن عمرو ابن لحيون البهراني من قضاعة فولدت له ستة: بهراء وتعلبة وهلالاً وبياناً ولخوة والعنبر، ثم خلف عليها عمرو بن تميم فولدت له أسيد والهجيم. قال المبرد: أم خارجة قد ولدت في العرب نيف وعشرين حياً من آباء متفرقين. قال حمزة: وكانت أم خارجة هذه، ومارية بنت الجعيد العبدية، وعاتكة بنت مرة بن هلال بن فالج بن ذكوان السلمية، وفاطمة بنت الخرشب الأنمارية، والسواء العنزية، ثم الهزانية، وسلمى بنت عمرو بن زيد بن لبيد أحد بني النجار وهي أم عبد المطلب بن هاشم، إذا تزوجت الواحدة منهن رجلاً وأصبحت عنده كان أمرها إليها إن شاءت أقامت وإن شاءت ذهبت، ويكون علامة ارتضائها للزود أن تعالج له طعاماً إذا أصبح.

أسرع من ذي عطس

يعين به العطاس. وهذا كما يقال: أسرع من رجع العطاس.

أسرع من اليد إلى الفم

وأقصد من اليد إلى الفم. قال زهير بن أبي سلمى:
بكرن بكوراً واستحرن بسحة فهن ووادي الرس كاليد للفم

أسمع من الفرس يسقط الشعر منه فيسمع وقعه على الأرض.

أسرع من فريق الخيل

هذا فعيل بمعنى مفعل كنديم وجليس، ويعني به الفرس الذي يسابق فيسبق، فهو يفارق الخيل وينفرد عنها.

أسرع غدرة من الذئب

وقال فيه بعض الشعراء:
وكنت كذئب السوء إذ قال مـرة لعمروسة والذئب غرثان مرمل
أأنت التي في غير ذنب شتمتنـي فقالت متى ذا? قال ذا عام أول
فقالت ولدت العام بل رمت غدرة فدونك كلني لا هنا لك مـأكـل

أسرع من ورل الحضيض

قال الخليل: الورل شيء على خلقة الضب إلا أنه أعظم، يكون في الرمل فإذا نظر إلى إنسان مر في الأرض لا يرده شيء.

أسمع من قراد

وذلك أنه يسمع صوت أخفاف الإبل من مسيرة يوم فيتحرك لها. قال أبو زياد الأعرابي: رما رحل الناس عن دارهم بالبادية وتركوها قفاراً، والقردان منتثرة في أعطان الإبل وأعقار الحياض، ثم لا يعودون إليها عشر سنين وعشرين سنة، ولا يخلفهم فيها أحد من سواهم، ثم يرجعون إليها فيجدون القردان في تلك المواضع أحياء وقد أحست بروائح الإبل قبل أن توافي فتحركت. قال ذو الرمة:
بأعقاره القردان هزلى كأنهـا نوادر صيصاء المبيد المحطـم
إذا سمعت وطء الركاب تنعشت حشاشاتها في غير لحم ولا دم

أسرع من الخذروف

هو حجر يثقب وسطه فيجعل فيه خيط يلعب بها الصبيان إذا مدوا الخيط در دريراً. قال يصف الفرس:
وكأنهـن أجـادل وكـأنـه خذروف يرمعة بكف غلام

أسرع من عدوي الثوباء

وذلك أن من رأى آخر يتثاءب لم يلبث أن يفعل مثل فعله.

أسرع من تلمظ الورل

ويروى: من تلميظة. الورل، قالوا هو دابة مثل الضب. واللمظ، الأكل والشرب بطرف الشفة. يقال: لمظ يلمظ لمظاً وتلمظ يتلمظ أيضاً إذا تتبع بلسانه بقية الطعام في فمه، أو أخرج لسانه فمسح به شفتيه. ومن روى تلميظة ورل أراد الكثرة ويقال تلمظت الحية إذا أخرجت لسانها كتلمظ الأكل.

أسرع من المهثهثة

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 152

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 153

وهي النمامة. هذه رواية محمد بن حبيب. وروى ابن الأعرابي: المهتهتة بالتاء العجمة من فوقها بنقطتين. وقال: هي التي إذا تكلمت قالت: هت هت. قال حمزة: وهذا التفسير غير مفهوم قلت: قال ابن فارس الهثهثة الاختلاط، والهتهتة صوت البكر، ورجل مهت خفيف في العمل. وقال الأصمعي: رجل مهت وهتات أي خفيف كثير الكلام وكلاهما، أعني التاء والثاء، يدلان على ما ذهب إليه محمد بن حبيب، لأن النمامة تخف وتسرع في نقل الكلام وتخليطه. وحكي عن أبي عمرو أن الهتاء الكذابة والنمامة. وأما ما قاله ابن الأعرابي أنها هي التي إذا تكلمت قالت هت هت فإنه أراد قلة مبالاتها بما تقول لسخافة عقلها وكلامها وجعل قولهما صوتاً لا معنى وراءه كقولهم في حكاية الأصوات غسغس إذا قال غس غس، وهجهج إذا قال هج هج، وأشباه ذلك. وإذا كان على هذا الوجه فتفسير ابن الأعرابي مفهوم.

أسرع غضباً من فاسية

يعنون الخنفساء لأنها إذا حركت فست ونتنت.

أسرع من العير

قالوا أن العير ههنا إنسان العين سمي عيراً لنتوئه. ومن هذا قولهم في المثل الآخر: جاء فلان قبل عير وما جرى، يريدون به السرعة، أي قبل لحظة العين. قال تأبط شراً:
ونار قد حضأت بعيد وهن بدار ما أردت بها مقاما
سوى تحليل راحلة وعير أكالئه مخافة أن ينـامـا
ويروى: أغالبه. وقوله: حضأت. أي أوقدت. ومما يجري هذا المجرى قول الحرث بن حازة:
زعموا أن كمل من ضرب العير موال لنا وأنا الولاء
قالوا معنى قوله: كل من ضرب العير. أي كل من ضرب بجفن على عين. وهذا قول الخليل بن أحمد في كتاب العين. وحكى أبو حاتم عن أبي عبيدة والأصمعي، عن أبي عمرو ابن العلاء أنه قال: ذهب من كان يحسن تفسير هذا البيت. وقال قوم العير السيد، وعني به ههنا كليب وائل سماه عيراً لأن كل ما أشرف من عظم الرجل يسمى عيراً، فلما كان كليب أشرف قومه سماه عيراً. وزعم آخرون ممن العير عندهم السيد أن السيد إنما سمي عيراً على التشبيه، لأن العير قيم الأتن وقريعها. وقال آخرون: معنى قوله زعموا أن كل من ضرب العير موال لنا، أن العرب ضرب العير في أمثالها من وجوه كثيرة فقالوا: أقبل عير وما جرى. والعير يضرط. والمكواة في النار. وكذب العير وإن كان برح. فيقول هذا الشاعر أن العرب كلها قد ضربت العير مثلاً وكل من جنى عليكن من العرب ألزمتمونا ذنبه. وقال بعضهم: إن هذا الشاعر عني بقوله العير الوتد سماه عيراً لنتوئه مثل عير النصل، وهو الناتئ في وسطه، وذلك أن العرب كلها تضرب لبيوتها أوتاداً فيقول كل من ضرب لبيته وتداً ألزمتمونا ذنبه. وقال بعضهم: العير جبل معروف ومعنى قوله ضرب العير، أي ضرب في عير وتد الحيمة، فيقول كل من سكن ناحية عير الزمتمونا ما يجنيه عليكم. وجاء في الحديث: أن عيراً يسير في آخر الزمان إلى موضع كذا ثم يسير أحد بعده فيراع الناس فيقولون سار أحدكما سار عير. وقال قوم: عني بقوله كل من ضرب العير أياد، أي أنهم أصحاب حمير. وقال آخرون: بل عني به المنذر بن ماء السماء لأن شمراً قتله يوم عين أباع وشمر حنفي من ربيعة فهو منهم. وقال آخرون: المعنى أن العرب تضرب الأخبية لأنفسها والمضارب لملوكها، والمضارب إنما ترتبط بالأوتاد، فيقول: إن كل من تضرب له المضارب لناخول وعبيد. قال أبو حاتم: قد أكثر الناس في هذا وليس شيء منه بمقنع وإنما أصل العير، العير والعائر، فأحوجه الشعر واضطره إلى أن قال العير. والعير والعائر كلها هو ما ظهر على الحوض من قذى فإذا أرادوا أن ينفوا عنه ما عارضه من القذى نضحوه بالماء فانتفت الأقذاء عنه إلى جدران الحوض وصفا الماء لشاربه، فالعرب أصحاب حياض وهذا فعلهم بها، فيقول هذا الشاعر: أن اخواننا من بكر بن وائل زعموا أن كل من قوي في الحياض ونقى عن مائها موال لنا وإن لنا الولاء عليهم.

أسمع من سمعٍ

ويقال أيضاً: أسمع من السمع الأزل، لأن هذه الصفة لازمة له، كما يقال للضبع العرجاء. والسمع، سبع مركب لأنه ولد الذئب من الضبع، والسمع كالحية لا يعرف الأسقام والعلل، ولا يموت حتف أنفه، بل يموت بعض من الأعراض يعرض له، وليس في الحيوان شيء عدوه كعدو السمع لأنه أسرع من الطير. قال الشاعر:
تراه حديد الطرف أبلج واضحـاً أغر طويل الباع أسمع من سمع
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 153

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 154

يقال: وثبات السمع تزيد على عشرين أو ثلاثين ذراعاً. قال حمزة: ومن المركبات العسبار والأسبور والديسم. فأما العسبار، فلد الضبع. وأما الديسم، فولد الذئب من الكلبة. قال: ومن المركبات حيوان بين الثعلب والهرة الوحشية. حكى ذلك يحيى بن حكيم. ويقال: يحيى ابن بجيم. وأنشد لحسان بن ثابت الأنصاري في ذلك:
أبوك أبوك وأنت ابنـه فبـــــئس الأب
وأمك سوداء نـوبـية كأن أناملها الحنظـب
يبيت أبوك لها مردفـاً كما سافد الهرة الثعلب
ومن المركبات نوع أخر إلا أنه لا يكون بأرض العرب وهو الزرافة، وذلك أن بأرض النوبة يعرض الذيخ للناقة من الحوش فيسفدها فيجيء شيء بين الضبع والناقة، فإن كان الولد أنثى عرض لها الثور الوحشي فيضربها فتجيء الزرافة، وإن كان الولد ذكراً عرض للمهاة فألحقها الزرافة. قلت: قوله للناقة من الحوش، يحتاج إلى تفسير وهو أنهم زعموا أن الحوش بلاد الجن وهو من وراء رمل يبرين لا يسكنها أحد من الناس، والإبل الحوشة منسوبة إلى الحوش، يعني أن فحولها من الجن لأن العرب تزعم أنها ضربت في نعم بعضهم فنسبت الإبل إليها. فقوله: للناقة من الحوش، أي من نسل فحول الحوش. ويقال أيضاً للنعم المتوحشة الحوش. فيجوز على هذا أن الزيخ يعرض للناقة منها فيسفدها. قالوا: ومن المركبات نوع آخر من الحيات يقال له الهرهير، حكى ذلك المبرد، وزعم أنه مركب بين السلحفاة وبين أسود سالخ. قالوا: وهو من أخبث الحيات ينام ستة أشهر ثم لا يسلم سليمة.

أسمع من لافظة

قد اختلفوا فيها فقال بعضهم: هي العنز التي تشلى للحلب فتجيء لافظة بجرتها فرحاً بالحلب. وقال بعضهم: هي الحمامة لأنهها تخرج ما في بطنها لفرخها. وقال بعضهم: هي الديك لأنه يأخذ الحبة بمنقاره فلا يأكلها ولكن يلقيها إلى الدجاجة. والهاء فيها للمبالغة ههنا. وقال بعضهم: هي الرجى لأنها تلفظ ما تطحنه، أي تقذف به. وقال بعضهم: هي البحر لأنه يلفظ بالدرة التي لا قيمة لها. قال الشاعر:
تجود فتجزل قبل السؤال وكفك أسمتع من لافظه
أسمح من مخة الرير
الرير والرار إسمان للمخ الذي قد ذاب في العظم حتى كأنه خيط أو ماء. يقال: سماحهما من حيث الذوبان والسيلان لأنهما لا يحوجانك إلى إخراجهما.

أسرق من برجان

يقال أنه كان لصاً من ناحية الكوفة صلب في السرق فسرق وهو مصلوب.

أسرق من تاجة

قال حمزة: حكى هذا المثل محمد بن حبيب فلم ينسب الرجل ولا ذكر له قصة.

أسرق من زبابة

هي الفأرة البرية. والفأر ضروب: فمنها الجرذ، والفأر المعروفان، وهما كالجواميس والبقر والبخت والعراب. ومنها، اليرابيع والزباب والخلد. فالزباب صم يقال زبابة صماء، ويشبه بها الجاهل. قال الحرث ابن حازة:
ولقد رأيت معاشـراً جمعوا لهم مالاً وولدا
وهـم زبـاب حـائر لا تسمع الآذان رعدا
أي لا يسمعون شيئاً، يعني الموتى. والخلد ضرب منها أعمى.

أسلط من سلقة

قال حمزة: هي الذئبة، ولم يزد على هذا. وفي بعض النسخ ولا يقال للذكر سلق. قلت: السلق الذئب والسلقة الذئبة، وتشبه بها المرأة السليطة فيقال: هي سلقة. وأما قولهم: أسلط من سلقة. فإن أرادوا امرأة بعينها تسمى سلقة فلا وجه لتنكيرها، وإن أرادوا بالسلاطة الصخب فالكلام صحيح، كأنهم قالوا أصخب من ذئبة. ويقولون: امرأة سليطة أي صخابة. ويجوز أن يكون من السلاطة التي هي القهر والغلبة، ومنها يقال: السلطان. وأناث السباع أجرأ من ذكورها. يقولون: اللبوة أجرأ من الأسد. وهذا وجه.

أسهل من جلذان

هو حمى قريب من الطائف لين مستو كالراة. وفي بعض الأمثال: قد صرخت بجلذان. يضرب للأمر الواضح الذي لا يخفى لأن جلذان لا خمر فيه يتوارى به.

أسلح من حباري ومن دجاجة

الحباري تسلح ساعة الخوف والدجاجة ساعة الأمن.

أسبح من نونٍ

يعنون السمك. وجمع النون أنوان ونينان، كما يقال أحوات وحيتان في جمع الحوت.

أسير من شعرٍ

لأنه يرد الأندية ويلج الأخبية سائراً في البلاد مسافراً بغير زاد:
يرد المباه فلا يزال مداولاً في القوم بين تمثل وسماع
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 154

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 155

وقال بعض حكماء العرب: الشعر قيد الأخبار وبريد الأمثال، والشعراء أمراء الكلام وزعماء الفخار، ولكل شيء لسان ولسان الدهر هو الشعر.

أسرى من جراد

قال حمزة: هو في السرى التير هي سير الليل. والجراد لا يسري ليلاً. قلت: لو قيل أسرأ من قولهم سرأت الجرادة تسرأ سراءاً إذا باضت، فلينت الهمزة فقيل أسرار من جراد، أي أكثر بيضاً منه لم يكن باس. والسراة بالكسر بيضة الجراد. وقد يقال سروة. والأصل الهمز.

أسرى من أنقد

هذا من السرى. وأنقد، اسم معرفة لا يصرف ولا تدخله الألف واللام كقولهم للأسد أسامة، وللذئب ذؤالة، والقنفذ لا ينام الليل بل يجول ليله أجمع. ويقال في مثل آخر: بات فلان بليل أنقد. وفي مثل آخر: اجعلوا ليلكم ليل أنقد.

أسعى من رجل

قال حمزة: لا أدري أرجل الإنسان يراد بها أم رجل الجراد? قلت: أكثر الحيوانات يسعى على الرجل، فلا يبعد أن يراد به رجل الإنسان وغيره التي يسعى عليها.

أسهر من قطرب

هو دويبة لا تنام الليل من كثرة سيرها. هذا قول أبي عمرو. وغيره لا يرويه أسهر وإنما يروى أسعى، ويحتج بأن سهره إنما يكون نهاراً لا ليلاً، ويستشهد بقول عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه: لا أعرفن أحدكم جيفة ليل قطرب نهار. قال: وذلك القطرب لا يستريح النهار.

أسهر من النجم=أسرى من الخيال

أسهر من جدجدٍ

هو شيء شبيه بالجراد، قفاز، يقال له صرار الليل.

أسمن من يعرو

ويقال يغرو. قالوا: هو دابة تكون بخراسان تسمن على الكد.

أسرع من الريح

ومن البرق ومن الإشارة ومن الجواب ومن البين

ومن اللمح ومن الطرف ومن لمح البصر ومن طرف العين

ومن رجع الصدى

وهو الذي يجيبك بمثل صوتك من الجبل وغيره.

ومن رجع العطاس ومن حلب شاة

ومن مضغ ثمرة ومن لمع الكف

اللمع، التحريك. ومنه: كلمع اليدين في حبي مكلل. وألمعت بالشيء والتمعته أي اختلسته.

ومن السم الوحي ومن الماء إلى قراره

ومن كلب إلى ولوغه

يقال: ولغ الكلب يلغ ولوغاً إذا شرب ما في الإناء.

ومن لحسة الكلب أنفه ومن لفت رداء المرتدي

ومن السيل الحدور ومن النار في يبيس العرفج

ومن شرارة في قصباء ومن النار تدني من الحلفاء

وأسرع من دمعة الخصي ومن قول قطاة قطاً أسمع من حية

ومن ضب ومن قنفذ ومن دلدل ومن صدى

ومن فرخ العقاب أسفد من هجرس

ومن ضيون ومن ديك ومن عصفور

أسود من الأحنف

هذا من السيادة.

أسجد من هدهد

يضرب لمن يرمى بالأبنة.

أسبق من الأجل ومن الأفكار أسير من الخضر

عليه السلام.

أسمج من شيطان على فيل

أسر من غني بعد عدم وبرء بعد سقم

أسأل من صماء

قال ابن الأعرابي: يعنون الأرضِ، وذلك أنها لا تسمع صليل الماء ولا تمل انصبابه فيها وأنشد:
فلو كنت تعطي حين تسأل سامحت لك النفس وأحولاك كل خـلـيل
أجل لا ولكن أنت ألأم من مشـى وأسأل من صماء ذات صـلـيل
يعني الأرض. وصليلها، صوت دخول الماء فليها.

المولدون

"سوسوا السفل بالمخافة" "سلطان غشوم خير من فتنة تدوم" "سوء الخلق يعدي" "سماع الغناء برسام حاد" لأن المرء يسمع فيطرب، ويطرب فيسمح، ويسمح فيفتقر، ويفتقر فيغتم، ويغتم فيمرض، ويمرض فيموت. قاله الكندي.
"سبحان الجامع بين الثلج والنار" "وبين الضب والنون" يضرب للمتضادين يجتمعان.
"سواء قوله وبوله سبع في قفص"
يضرب للرجل الجلد المحبوس.
"سراويله في زيقه" أي أن الحاجة والجهد ألجآه إلى أن رفع قميصه بسروايله.
"سارت به الركبان" يضرب للحديث الفاشي.
"السكوت أخو الرضا سيد القوم أشقاهـم"
لأنه يمارس الشدائد دون العشيرة.
"سامعاً دعوت" يخاطب به الرجل الرجل قد أمره بشيء فظن أنه لم يفهمه.
"سوقنا سوق الجنة" كناية عن الكساد.
"سال به السيل" إذا هلك.
"سخن صدره عليك" "سفير السوء يفسد ذات البين" "ستساق إلى ما أنت لاق" "السؤدد مع السواد" أي مع الجماعة والجمهور.
"السلف تلف الأسواق موائد الله في أرضه"  
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 155

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 156

"السيف يقطع بحده الساجور خير من الكلب" "الاستقصاء فرقة السالم سريع الأوبة" "السعيد من كفي السلامة إحدى الغنيمتين" "السعر تحت المنجل السلطان يعلم ولا يعلم" "السودان بالتمر يصطادون استندت إلى خص مائل" "استغن أو مت اسمع ولا تصدق" "اسجد لقرد السوء في زمانه استر ما ستر الله" "استعينوا على حوائجكم بالإبرام" "السنور الصياح لا يصطاد شيئاً" لأن الفار يأخذ منه حذره. يضرب لم يوعد ولا يفي.

الباب الثالث عشر

في

ما أوله شين

شتى يؤوب الحلبة

وذلك أنهم يوردون إبلهم وهم مجتمعون فإذا صدروا تفرقوا واشتغل كل واحد منهم بحلب ناقته، ثم يؤوب الأول فالأول. يضرب في اختلاف الناس وتفرقهم في الأخلاق. وشتى في موضع الحال، أي يؤوب الحلبة متفرقين. وشتى فعلى من شت يشت إذا تفرق.

شغلت شعابي جدواي

ويروى سعاتي، وهو اسم من سعى يسعى. والجدوى، العطاء. أي شغلتني النفقة على عيالي عن الأفضال على غيري. قال المنذري: سعاتي تصحيف وقع في كثير من النسخ.

شاكه أبا يسار

المشاكهة، المشابهة. وأصل المثل أن رجلاً كان يعرض فرساً له على البيع فقال له رجل يقال له أبو يسار: أهذه فرسك التي كنت تصدي الوحش عليها? فقال له صاحب الفرس: شاكه أبا يسار، يعني أقصد في مدحك، وقارب الموصوف في وصفك وشابهه. وقوله: أبا يسار. نداء لا مفعول شاكه. يضرب لمن يبالغ في وصف الشيء.

شر ما يجيئك إلى مخة عرقوب

ويروى: ما يشيئك. ولاشين، بدل من الجيم. وهذه لغة تميم، يقال أجأته إلى كذا أي ألجأته والمعنى: ما ألجأك إليها إلا شر، أي فقر وفاقة، وذلك أن العرقوب لا مخ له وإنما يحوج إليه من لا يقدر على شيء. يضرب للمضطر جداً.

شر الرأي الدبري

وهو الرأي الذي يأتي ويسنح بعد فوت الأمر، مأخوذ من دبر الشيء، وهو آخره. يقال: فلان لا يصلي الصلاة إلا دبرياً أي في آخر وقتها. والمحدثون يقولون دبرياً، بالضم. وقال ابن الأعرابي دبرياً ودبرياً. وقال أبو الهيثم: يجزم الباء. قال القطامي:
وخير الأمر ما استقبلت منه وليس بان تتبعه اتبـاعـا
وقيل الدبري منسوب إلى دبر البعير الذي يعجزه عن تحمل الأحمال، كذلك هذا الرأي يعجز عن حمل عبئ الكفاية في الأمور.

شر ما رام امرؤ ما لم ينل

لا يتعب، ثم لا يحلى ولا يفوز بمطلوبه.

شر السير الحقحقة

يقال: هي أرفع السير وأتعبه للظهر. ويقال: هي كف ساعة وأتعاب ساعة. قال مطرف بن عبد الله بن الشخير لابنه لما اجتهد في العباد: خير الأمور أوساطها وشر السير الحقحقة.

شر المال القلعة

وروى أبو زيد، القلعة، بتحريك اللام، يعني المال الذي لا يثبت مع صاحبه مثل العارية والمستأجر من قولهم: مجلس قلعة، إذا احتاج صاحبه كل ساعة أن يقوم وينتقل. يقال: إياك وصدر المجلس فإنه مجلس قلعة.

شر يوميها وأغواه لها

أصله أن امرأة من طسم يقال لها عنز أخذت سبية فحملوها في هودج وألطفوها بالقول والفعل فعند ذلك قالت: شر يوميها وأغواه لها. تقول شر أيامي حين صرت أكرم للسباء. قال أبو عبيد: وفيها بيت سائر وهو:
شر يومبيها وأغواه لهـا ركبت عنز بحدج جملا
وشر، نصب على الظرف والعامل فيه باقي البيت وهو: ركبت عنز بحدج جملاً. وأغوى، أفعل من الغي. والهاء، راجع إلى اليوم على الاتساع كقوله تعالى: "بل مكر الليل والنهار". وكقول جرير: ونمت وما ليل المطي بنائم. وقوله: بحدج، أي في حدج. والحدج والحداجة، مركب من مراكب النساء. ومن روى شر، بالرفع، أراد هذا شر يوميها، أي يومي أعزازها وأذلالها. وأغواه، أي أكثرهما غياً. ويجوز أن تعود الهاء في أغواه إلى الشر، ويكون أغوى أفعل من الأغواء وهو الإهلاك، أي أهلك شر يوميها لها هذا اليوم. وبناء التفضيل من المنشعبة شاذ كقولك: ما أعطاه للمال. وما أولاه للمعروف.

شر أيام الديك يوم تغسل رجلاه

ويقال: براثنه. وذلك أنه إنما يقصد إلى غسل رجليه بعد الذبح والتهيئة للاستواء. قال الشيخ علي بن الحسن الباخرزي في بعض مقطعاته يشكو قومه:
ولا أبالي بإذلال خصصـت بـه فيهم ومنهم وإن خصوا بأعـزاز
رجل الدجاجة لا من عزها غسلت ولا من الذل حيصت مقلة البـاز
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 156

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 157

شر المال ما لا يزكى ولا يذكى

أي، لا يذبح. يعنون الحمر، لأنه لا زكاة فيها لقوله صلى الله عليه وسلم: "ليس في الجبهة ولا في الكسعة ولا في النخة صدقة". فالجبهة، الخيل. والكسعة، الحمير. والنخة، الرقيق. ويقال البقر العوامل.

شوى أخوك حتى إذا أنضج رمد

الترميد، القاء الشيء في الرماد. يضرب لمن يفسد اصطناعه بالمن، ويردف صلاحه بما يورث سوء الظن. ويروى عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه مر بدار رجل عرف بالصلاح، فسمع من داره صوت بعض الملاهي فقال: شوى أخوك حتى إذا انضج رمد.

شخب في الإناء وشخب في الأرض

يقال شخب اللبن والدم إذا خرج كل واحد منهما من موضعه ممتدا. والغابر يشخب ويشخب. والمصدر الشخب بالفتح، والشخب بالضم الاسم. وأصل المثل في الحالب يحلب فتارة يخطئ فيحلب في الأرض وتارة يصيب فيحلب في الإناء. يضرب مثلاً لمن يتكلم فيخطئ مرة ويصيب مرة.

شراب بأنقع

أي، معاود للأمر مرة بعد مرة وأصله الحذر من الطير لا يرد المشاعر لكنه يأتي المناقع يشرب منها، فكذلك الرجل الكيس الحذر لا يقتحم الأمور. والأنقع، جمع نقع، وهو الأرض الحرة الطين يستنقع فيها الماء، والجمع نقاع وانقع. وهذا مثل قاله ابن جريج في معمر بن راشد.

شرق ما بينهم بشر

أي، نشب الشر فيهم فلا يفارقهم.

شب شوباً لك بعضه

يضرب في الحث على أعانة من لك فيه منفعة. وهو مثل قولهم: أحلب حلباً لك شطره. وقد مر في باب الحاء.

شمط حب دعد

دعد اسم امرأة يصرف ولا يصرف قال الشاعر:
لم تتلفع بفضل مـئزرهـا دعد ولم تغذ دعد في العلب
يضرب في قدم المودة وثبوتها.

شد له حزيمه

ويقال: حيزومه، وهما الصدر. ومعناه تشمر وتأهب.

شرق بالريق

أي، ضره أقرب الأشياء إلى نفعه لأن ريق الإنسان أقرب شيء إليه.

شنشنة أعرفها من أخزم

قال ابن الكلبي: إن الشعر لأبي أخزم الطائي، وهو جد أبي حاتم أو جد جده، وكان له ابن يقال له أخزم، وقيل كان عاقاً، فمات وترك بنين فوثبوا يوماً على جدهم أي أخزم فأدموه فقال:
أن بني ضرجوني بالـدم شنشنة أعرفها من أخزم
ويروى: زملوني، وهو مثل ضرجوني في المعنى، أي لطخوني، يعني أن هؤلاء أشبهوا أباهم في العقوق. والشنشنة، الطبيعة والعادة. قال شمر: وهو مثل قولهم: العصا من العصية. ويروى: نشنشة، وكأنه مقلوب شنشنة. وفي الحديث أن عمر قال لابن عباس رضي الله عنهم، حين شاوره فأعجبه: إشارة شنشنة أعرفها من أخزم. وذلك أنه لم يكن القرشي مثل رأي العباس رضي الله عنه. فشبهه بأبيه في جودة الرأي. وقال الليث: الأخزم، الذكر. وكمرة خزماء، قصر وترها. وذكر أخزم. قال: كأن لأعرابي بني يعجبه فقال يوماً: شنشنة من أخزم. أي قطران الماء من ذكر أخزم. يضرب في قرب الشبه.

شريقة تعلم من اطفح

يقال: اطفحت القدر، على افتعلت، إذا أخذت طفحاتها، وهي زبدها. وشريقة، امرأة. يضرب لمن يعلم كيفية أمر ويعلم المذنب فيه من البريء.

شاهد البغض اللحظ

ومثله: في الحب جليى محب نظره. ومنه قول زهير:
متى تك في صديق أو عدو تخبرك الوجوه عن القلوب

شفيت نفسي وجدعت أنفي

يضرب لمن يضر بنفسه من وجه ويشتفي من وجه.

أشدد يديك بغرزه

يضرب لم يحث على التمسك بالشيء ولزومه.

شمر وائتزر والبس جلد النمر

يضرب لمن يؤمر بالجد والأجتهاد.

شيطان الحماطة

يقال: كأنه شيطان الحماطة، وما هو إلا شيطان الحماطة. يقال ليبيس الأفاني حماط. قال أبو عمرو: الأفاني، من أحرار البقول واحدتها أفانية. والشيطان، الحية، وأضيف إلى الحماط لإلفه إياه كما يقال ضب كدبة وذئب غضى. يضرب للرجل إذا كان ذا منظر قبيح.

شهدت بأن الخبز باللحم طيب

أن الحباري خالة الكروان

ويروى بأن الزبد بالتمر طيب. قال أبو عمرو: يضرب عند الشيء يتمنى ولا يقدر عليه.

شمر ذيلاً وأدرع ليلاً

يضرب في الحث على التشمير والجد في الطلب.

أشرق ثبير كيما نغير

أشرق، أي أدخل يا ثبير في الشروق كي نسرع للنحر. يقال أغر الثعب، أي أسرع. قال عمر رضي الله عنه أن المشركين كانوا يقولون: أشرق ثبير كيما نغير، وكانوا لا يفيضون حتى تطلع الشمس. يضرب في الإسراع والعجلة.
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 157

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 158

شرعك ما بلغك المحل

أي، حسبك من الزاد ما بلغك مقصدك. ومنه قول الراجز:
من شاء أن يكثر أو يقلا يكفيه ما بلغه المحـلا

أشبه شرج شرجاً لو أن أسيمراً

قال أبو عبيد: كان المفضل يحدث أن صاحب المثل لقيم بن لقمان، وكان هو وأبوه قد نزلا منزلاً يقال له شرج، فذهب لقيم يعشي إبله، وقد كان لقمان حسد لقيما وأراد هلاكه فاحتفر له خندقاً وقطع كل ما هناك من السمر ثم ملأ به الخندق فأوقد عليه ليقع فيه لقيم، فلما أقبل عرف المكان، وأنكر ذهاب السمر فعندها قال: أشبه شرج شرجاً لو أن أسيمرا. فشرج ههنا موضع بعينه. والشرج في غير هذا الموضع مسيل الماء من الحرة إلى السهل والجمع شراج. وقوله لو أن أسيمراً كانت فيه أو به، يعني أن هذا الذي أراه الآن هو الذي قبل هذا كان لو أن أسيمراً موجودة. يضرب في الشيئين يتشابهان ويفترقان في شيء.

شجر يرف

أي يهتز نضارة. ويجوز يرف بالتخفيف من ورف الظل إذا اتسع. وحقه أن يذكر معه الظل، أي شجر يرف ظله. يضرب لمن له منظر ولا مخبر عنده.

شر الرعاء الحطمة

وهو الذي يحطم الراعية بعنفه. يضرب لمن يلي شيئاً ثم لا يحسن ولايته، وإنما ينبغي أن يكون الراعي كما قال الراعي:
ضعيف العصا بادي العروق ترى له عليها إذا ما أمحل الناس إصبـعـا
أي أثراً حسناً.

شغل عن الرامي الكنانة بالنبل

أصله أن رجلاً من بني فزارة، ورجلاً من بني أسد كانا متواخين وكان راميين لا يسقط لهما سهم، ومع الفزاري كنانة جديدة ومع الأسدي كنانة رثة فأعجبته كنانة الفزاري فقال الأسدي: أينا ترى أرمى أنا أم أنت? قال الفزاري: أنا أرمى منك، وأنا علمتك. قال الأسدي: انصب لي كنانتك وانصب لك كنانتي. فقال له الفزاري: انصب لي كنانتك. فعلق الأسدي كنانته على شجرة ورماها الفزاري، فجعل لا يرمي بسهم إلا شكلها حتى قطعها بسهامه فلما نفدت سهامه قال: انصب لي كنانتك حتى أرميها. فرمى فسدد السهم نحوه فشك كبد الفزاري فسقط الفزاري ميتاً، فأخذ الأسدي قوسه وكنانته. قال الفرزدق:
فقلت أظن ابن الخبيثة أنـنـي شغلت عن الرامي الكنانة بالنبل
يريد بهذا جريراً يقول: أراد جرير بهجائه البعيث غيره، وهو أنا، أي أرادني ولم يرد البعيث كما أن الأسدي أراد رمي الفزاري ولم يرد رمي الكنانة. قلت: ومعنى المثل شغل فلان عن الذي يرمي الكنانة بالنبل. يعني أنه لم يعلم أن غرض الرامي أن يرميه لا أن يرمي كنانته. يضرب لمن يغفل عما يراد به ويكاد له. وقريب من هذا البيت الحماسة:
فإن كنت لا أرمي وترمي كنانتـي تصب جانحات النبل كشحي ومنكبي

شق فلان عصا المسلمين

إذا فرق جمعهم. قال أبو عبيد: معناه فرق جماعتهم. قال: والأصل في العصا الاجتماع والائتلاف، وذلك أنها لا تدعي عصا حتى تكون جميعاً، فإن انشقت لم تدع عصا. ومن ذلك قولهم للرجل إذا أقام بالمكان، واطمأن به، واجتمع له فيه أمره: قد ألقى عصاه.
قال معقر البارقي:
فألقت عصاها واستقرت بها النوى كما قر عيناً بالأياب المسـافـر
قالوا: وأصل هذا أن الحاديين يكونان في رفقة فإذا فرقهم الطريق شقت العصا التي معهما فأخذ هذا نصفها وهذا نصفها. يضرب مثلاً لكل فرقة. قال صلة بن أشيم لأبي السليل: إياك أن تكون قاتلاً أو مقتولاً في شق عصا المسلمين.

الشجاع موقى

وذلك أنه قل من يرغب في مبارزته خوفاً على نفسه. وهذا كما يقال: أحرص على الموت توهب لك الحياة.

شخب طمح

الشخب، اللبن يمتد من الضرع. يضرب للرجل يكون منه السقطة. ويقال معناه حظ فات، يقال: طمح الشخب، وهو أن يسقط على الأرض فلا ينتفع به.

شحمتي في قلعي

القلع، كنف يجعل الراعي فيه أداته. قيل للذئب: ما تقول في غنم يكون معها غلام? قال: أخاف أحدى خطياته، أي سهامه. فقيل: في غنم معها جارية? قال: شحمتي في قلعي، أي أتصرف فيها كما أريد. يضرب للشيء الذي هو في ملك الإنسان يضرب بيده إليه متى شاء، وكذلك إن كان في ملك من لا يمنعه منه. وجمع القلع قلعة وقلاع.

أشنأ حق أخيك

قال ابن الأعرابي: يقول، سلم إليه حقه فلا تحملنك محبة الشيء أن تمنعه.

الشر يبدؤه صغاره

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 158

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 159

قال أبو عبيد: يقول فاصفح عنه واحتمله لئلا يخرجك إلى أكثر منه. قال مسكين الدارمي:
ولقد رأيت الشر بين الحي يبدؤه صغاره
وقال آخر:
الشر يبدؤه في الأصل أصـغـره وليس يصلى بحر الحرب جانيها
والحرب يلحق فيها الكارهون كما تدنو الصحاح إلى الجربي فتعديها

الشر أخبث ما أوعيت من زاد

يضرب في اجتناب الذم والشر. قاله أبو عبيد. وهو بيت أوله: الخير يبقى وإن طال الزمان به. وزعموا أن هذا بيت قالته الجن. وقيل بل هو لعبيد بن الأبرص.

الشحيح أعذر من الظالم

قال أبو عبيد: هذا مثل مبتذل عند العامة وإنما نراهم جعلوا له عذراً إذا ُكان استقاؤه ماله ليصون به وجهه وعرضه عن مسألة الناس. يقولون فهذا ليس بمليم إنما هو تارك للفضل، ولا عتب على من حفظ شيئه إنما يلزمه اللائمة الآخذ مال غيره. قال: وهاذ ُكالمثل الذي يلوم الممسك هو الذي قد ألام في فعله لا الحافظ له. وقال أبو عمرو: الشحيح أعذر من الظالم، أي من بخل عليك بماله فشتمته فقد ظلمته وهو أعذر منك. قالوا: إن أول من قال ذلك عامر بن صعصعة وكان جمع بنيه عند موته ليوصيهم، فمكث طويلاً لا يتكلم، فاستحثه بعضهم فقال: إليك يساق الحديث. ثم قال: يا بني جودوا ولا تسألوا الناس، وأعلموا أن الشحيح أعذر من الظالم، أي من بخل عليك بماله فشتمته فقد ظلمته وهو أعذر منك. قالوا: أن أول من قال ذلك عامر بن صعصعة وكان جمع بنيه عند موته ليوصيهم، فمكث طويلاً لا يتكلم، فاستحثه بعضهم فقال: إليك يساق الحديث. ثم قال: يا بني جودوا ولا تسألوا الناس، واعلموا أن الشحيح أعذر من الظالم، وأطعموا الطعام ولا يستذلن لكم جار.

شربنا على الخسف

أي، على غير أكل. من قولهم: باتت الدابة على الخسف، أي على غير علف. وكذلك بات القوم على الخسف، أي جياعاً. قلت: واصل الخسف الذل والمشقة. يقال: سامه خسفاً وخسفاً، بالضم، أي كلفه مشقة وذلاً، وفي كل ما تقدم ضرب من الذل ونوع من المشقة.

اشتر لنفسك وللسوق

أي اشتر ما ينفق عليك إذا بعته.

اشتدي زيم

الاشتداد، العدو. وزيم اسم فرس. يضرب في انتهاز الفرصة.

الشعير يؤكل ويذم

ويقال: خبز الشعير يؤكل ويذم. وهذا كالمثل الآخر: أكلاً وذماً.

أشوار عروس ترى

الشوار، الفرج. قالته الزباء لجذيمة، وقد مر ذكرها في باب الخاء، والتقدير: أترى شوار عروس? تتهكم بجذيمة. يضرب عند الهزء.

شبر فتشبر

أي، أكرم فاستحمق وعظم فتعظم. والشبر، القربان الذي يقرب. ومعناه قرب فتقرب. يضرب للذب يجاوز قدره.

شعبان في يده كسرة

يضرب لمن ماله يربي على حاجته.

شيئاً ما يطلب السوط إلى الشقراء

أي يطلب العدو. وأصله أن رجلاً ركب فرساً له شقراء فجعل كلما ضربها زادته جرياً. يضرب لمن طلب حاجة وجعل يدنو من قضائها والفراغ منها. وما، صلة. قاله أبو زيد.

شم خمارها الكلب

يضرب للمرأة إذا كانت سهكة الريح. ويقال ذلك للفاجرة أيضاً.

شفاؤه نكء الدبر

أي ألق الشر بمثله. يضرب لمن لا يصلح إلا على الذل.

الشر للشر خلق

كقولهم: الحديد بالحديد يفلح.

أشئت عقيل إلى عقلك

عقيل، اسم رجل. وأشئت، ألجئت. يريد لما ألجئت إلى عقلك ووكلت إلى رأيك جلباً إليك ما تكره. قال أبو عمرو: اشئت إلى عقلك يا عقيل. قال: والعقل، العرج. وكان عقيل أعرج. يضرب هذا للرجل يقع في أمر يهتم للخروج منه فيقال اضطررت إلى نفسك فاجتهد وإن كنت عليلاً، إذا اجتهدت كنت قمنا أن تنجو.

شبعنان مقصور له

يضرب لمن حسن حاله بعد الهزال. مثل قولهم: القيد والرتعة. والقصر، الحبس. وقوله: مقصور له، أي محبوس لنفسه، لأن فائدة حبسه ترجع إليه وهو سمنة وحسن حاله.

أشدد حيازيمك لذلك الأمر

أي، وطن نفسك عليه وخذه بجد. قال أحيحة بن الجلاح لابنه:
اشدد حيازيمك للموت فإن الموت لاقيكـا
ولا تجزع من الموت إذا حـل بـواديكـا
أشدد في البيت زيادة. ويسمي العروضيون هذا خزماً. والنقصان خرماً، الزاي مع الزاي، والخزم يكون من حرف إلى أربعة كاشدد في هذا البيت. والخرم إسقاط الحرف الأول من الجزء الأول من البيت، وفيه اختلاف بينهم.

شيخ يعلل نفسه بالباطل

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 159

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 160

يضرب للعنين، أو الشيخ الكبير الذي لا يقدر على الباه.

شاخس له الدهر فاه

أي، تغير عما كان له عليه من قولهم تشاخست أسنانه إذا اختلفت نبتتها.

شق عصاهم نوى شجور

أي مخالفة بعيدة. وشجور، من قولهم: ما شجرك عن كذا? أي ما صرفك? ونوى شجور، بعد بعيد يصرف القاصد له لغور بعده.

الشرط أملك عليك أم لك

يضرب في حفظ الشرط يجري بين الأخوان.

الشر قليله كثير

هذا قريب من قولهم: الشر تحقره وقد ينمي.

الشيب قناع المقت

يعني أن الغواني تمقت المشايخ. كما قال:
رأين شيخاً ذرئت محـالـيه تتيقلي الغواني والغواني تقليه

الشباب مطية الجهل

ويروى: مظنة الجهل. أي منزله ومحمله الذي يظن به.

شر العيشة الرمق

العيشة، العيش. والرمق، جمع رمقة، وهي البلغة التي يتبلغ بها. ويروى: الرمق، أي العيش الرمق، وهو الذي يمسك الرمق. يضرب في ضيق المعيشة وشدتها.

الشماتة لوم

قاله أكثم بن صيفي التميمي. أي لا يفرح بنكبة الإنسان إلا من لؤم أصله. وقال:
إذا ما الدهر جر على أناس كلاكله أناخ بـآخـرينـا
فقل للشامتين بنا أفـيقـوا سيلقى الشامتون كما لقينا
وفي حديث أيوب عليه السلام، أنه لما خرج من البلاء الذي كان فيه قيل له: أي شيء كان أشد عليك من جملة ما مر بك? قال: شماتة الأعداء.

الشر كشكله

أي الشر يشبه بعضه بعضاً. ويروى الشيء كشكله.

شر من المرزئة سوء الخلف منها

المرزئة، الرزء، وهو المصيبة. يضرب للخلف قام مقام الخلف. وقيل أراد بالخلف ما يستوجبه من الصبر إن صبر وسوؤه أن يحبط ذلك بالجزع.

شر من الموت ما يتمنى معه الموت

يضرب في الداهية الدهياء.

شر اللبن الوالج

يقال ولج إذا دخل، يريد شر اللبن ما دخل بيتك، يحث على بذل اللبن للضيف وإيثاره على نفسك وولدك. يضرب في الحث على الإحسان إلى الناس. وقيل الوالج ما يرد في الضرع بأن يرش عليه الماء. قال الحرث بن حازة لابنه عمرو:
قلت لعمرو حين أرسلته وقد حبا من دونها عالج
لا تكسع الشول بأغبارها إنك لا تدري من الناتج
وأصبب لأضيافك ألبانها فإن شر اللبن الوالـج
قوله: حبا، أي عرض. والهاء للإبل. وعالج رمل. والكسع ضرب الماء على الضرع ليرتفع اللبن فتسمن الناقة. ومغبر بقية اللبن.

أشربتني ما لم أشرب

أي أدعيت علي ما لم أفعل.

الشبهة أخت الحرام

يضرب للشيئين لا يكون بينهما كثير بون.

الشر خير إذا كان مشتركا

يضرب في تهوين الأمر العظيم يهجم على الخق الكثير.

الشبعان يفت للجائع فتاً بطيئاً

يضرب لمن يلا يهتم بشأنك ولا يأخذه ما أخذك.

شقشقة هدرت ثم قرت

الشقشقة، شيء كالرئة يخرجها البعير من فيه إذا هاج. وإذا قالوا للخطيب ذو شقشة فإنما يشبه بالفحل. ولأمير المؤمنين علي رضي الله عنه خطبة تعرف بالشقشقية لأن ابن عباس رضي الله عنهما قال له حين قطع كلامه: يا أمير المؤمنين لو أطردت مقالتك من حيث أفضيت. فقال: هيهات يا ابن عباس تلك شقشقة هدرت ثم قرت.

شر الضروع ما در على العصب

وهو أن يشد فخذ الناقة حتى تدر. ويقال لتلك الناقة عصوب.

شر الناس من ملحه على ركبته

يضرب للنزيق السريع الغضب، وللغادر أيضاً. قلت: هذا لفظ يحتاج إلى شرح. والأصل فيه أن العرب تسمي الشحم ملحاً لبياضه وتقول: أملحت القدر، إذا ُجعلت فيها الشحم. وعلى هذا فسر قوله:
لا تلمها إنهـا مـن نـسـوة ملحها موضوعة فوق الركب
يعني من نسوة همها السمن والشحم. فكان معنى المثل: شر الناس من لا يكون عنده من العقل ما يأمره بما فيه طيش وخفة وميل إلى أخلاق النساء، وهو حب السمن. والملح يذكر ويؤنث.

أشأم كل امرئ بين فكيه

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 160

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 161

ويروى: لحييه، وهما واحد. وأشأم، بمعنى الشؤم كقوله: فتنتج لكم غلمان أشأم. أي غلمان شؤم. يراد أن شؤم كل إنسان في لسانه، وهذا كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أيمن امرئ وأشأمه بين لحييه". وكما قيل: مقتل الرجل بين فكيه. قال أبو الهيثم: للعرب أشياء جاؤا بها على أفعل هي كالأسامي عندهم في معنى فاعل أو فعيل أو فعل كقولهم أشأم كل امرئ بين لحييه، بمعنى شؤم. و كقولهم المرء بأصغريه، أي بصغيريه. وكقولهم أني منه لأوجل وأوجر، أي وجل ووجر، أي خائف. وكقول الشاعر:
لا أعتب ابن العم أن كان عاتبـاً وأغفر عنه الجهل إن كان أجهلا
أي جاهلاً.

أشبه فلان أمه

يضرب لمن يضعف ويعجز.

شجي بريقه

إذا غص بريقه. يضرب لمن يؤتى من مأمنه.

شديد الحجزة

قالوا: هي معقد الأزار. يضرب للصبور على الشدة والجهد. وسئل علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن بني أمية فقال: أشدنا حجزاً وأطلبنا للأمر لا ينال فينالونه.

شر أهر ذا ناب

يقال: أهر، إذا حمله على الهرير. وشر، رفع بالابتداء وهو نكرة، وشرط النكرة أن لا يبتدأ بها حتى تخصص بصفة كقولنا رجل من بني تميم فارس، وابتدأ بالنكرة ههنا من غير صفة، وإنما جاز ذلك لأن المعنى ما أهر ذا ناب الأشر. وذو الناب السبع. يضرب في ظهور إمارات الشر ومخايله.

اشدد حظني قوسك

هذا من أمثال بني أسد. وحظني اسم رجل. ويضرب عند الأمر بتهيئة الأمر والاستعداد له.

شرب فما نقع ولا بضع

يقال بضعت من الماء بضعاً رويت ونقعت، أي شفيت غليلي. يضرب لمن لا يسأم أمراً.

شهر ثرى وشهر ترى وشهر مرعى

يعنون شهور الربيع، أي يمطر أولاً، ثم يطلع النبات فتراه، ثم يطول فترعاه النعم. وأرادوا شهر ثرى لا فيه وشهر ترى فيه فحذفا كما قال:
فيوم علينا ويوم لنـا ويوم نساء ويوم نسر
أي نساء فيه، ونسر فيه. وإنما حذف التنوين من ثرى ومرعى، في المثل، لمتابعة ترى الذي هو الفعل.

شعبت قومي شعوب

الشعب، من الأضداد، يكون بمعنى الجمع وبمعنى التفريق، وهو بمعنى التفريق ههنا. وشعوب، اسم للمنية لأنها تشعب بين الناس، أي تفرق. يضرب عند تفرق القوم.

شوف النحاس يظهر النحاسا

الشوف، الجلاء. يقال: شفته، إذا جلوته. يقول: إذا شفت النحاس فإن شوفه لا يخرجه من النحاسية. يضرب للئيم يحث على الكرم فيأباه.

شريب جعد قروه المقير

الشريب، الذي يشاربك. وجعد، اسم رجل. والقرو، أصل شجرة ينقر فيجعل كالحوض يصب فيه العصير. والمقير المطلي بالقير. يضرب للبخيل لا فضل عنده يعطى أحداً.

شنوة بين يتامى رضع

الشنؤة، ما يستقدر من القول والفعل. يضرب لقوم اجتمعوا على فجور وفاحشة، ليس فيهم مرشد ولا ناه.

شيك بسلاءة أم جندع

السلاءة، شوكة النخل. وأم جندع امرأة. يضرب لمن يؤتى من مأمنه.

شر دواء الإبل التذبيح

وذلك إن السنة إذا كانت مجدبة يخاف منها على الإبل ذبحوا أولادها لتسلم الأمهات. يضرب لمنن فر من أمر فوقع في شر منه.

شم بخنابة أم شبل

الخنابة، ما لان من الأنف مما يلي الخد. وأما شبل الأسد. يضرب للمتكبر.

شمر ثروان وصاو هكعة

يقال رجل ثروان إذا كان كثير المال. والصاوي، اليابس، يقال صوى يصوي صوياً إذا يبس. والهكعة، الأحمق الكسلان. يضرب للغني المشمر الجاد في أمره يباهيه ويباريه كسلان رث الحال فمن أين يلتقيان.

شيخ بحوران له ألقاب

حوران، من أرض الشام. وبعده: الذئب والعقعق والغراب. يضرب لمن يظهر للناس العفاف والصلاح ومن حقه أن يحترز من قربه.

شهر ربيع كجمادى البوس

جمادى عبارة عن الشتاء وجمود الماء فيه. يضرب لمن يشكو حاله في جميع الأوقات أخصب أم أجدب.

شريف قوم يطعم القديد

يقال أن القديد شر الأطعمة، والرجل الشريف لا يقدد اللحم، وهذا الشريف يقدد. يضرب لمن يظهر السخاء ولا يرى منه إلا قليل خير.

شكوت لوحاً فحزا لي يلمعا

اللوح، العطش وحزا يحزو حزواً رفع. واليلمع، السراب. يضرب لم يشكو حاله إلى صاحب له فأطمعه فيما لا مطمع فيه.

شمل تعالى فوق خصبات الدقل

الشمل والشل ما يبقى على النخل بعد الصرام. والخصبة، النخلة الكثيرة الحمل. قال الأعشى:  
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 161

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 162

كأن على انسائها عذق خصبة تدلى من الكافور غير مكمكم
والدقل، أردأ التمر. يضرب لمن قل خيره، وإن استخرج منه شيء كان مع تعب وشدة.

شوال عين يغلب الضمارا

الشوال، الشيء القليل. والضمار، النسيئة. والعينن النقد. والمعنى: قليل النقد خير من النسيئة. قاله أبو جابر بن مليل الهذلي، أيام حاصر الحجاج بن يوسف عبد الله بن الزبير، وكان عبد الله يحسن الوعد، ويطيل الإنجاز، وكان الحجاج يفجأ أصحابه بالعطيات، فقيل لأبي جابر: كيف ترى ما نحن فيه? فقال هذا القول. فذهب مثلاً.

أشرى الشر صغاره

أي، ألجه وأبقاه من قولهم: شري البرق، إذا ُكثر لمعانه، وشري الفرس، إذا ُلج في سيره. قالوا إن صياداً قدم بنحي من عسل ومعه كلب له، فدخل على صاحب حانوت فعرض عليه العسل ليبيعه منه فقطر من العسل قطرة فوقع عليها زنبور، وكان لصاحب الحانوت ابن عرس، فوثب ابن عرس على الزنبور فأخذه، فوثب كلب الصائد على ابن عرس فقتله، فوثب صاحب الحانوت على الكلب فضربه بعصا ضربة فقتله، فوثب صاحب الكلب على صاب الحانوت فقتله، فاجتمع أهل قرية صاحب الحانوت فوثبوا على صاحب الكلب فقتلوه، فلما بلغ ذلك أهل قرية صاحب الكلب اجتمعوا فاقتتلوا هم وأهل قرية صاحب الحانوت حتى تفانوا، فقيل هذا المثل في ذلك.

أشب لي أشباباً

قال أبو زيد: إذا عرض لك إنسان من غير أن تذكره قلت هذا. أي رفع لي رفعاً. قلت: وأصله من شب الغلام يشب إذا ُترعرع وارتفع، وأشبه الله أشباباً. أي رفعه. يضرب في لقاء الشيء فجأة.

شر مرغوب إليه فصيل ريان

وذلك أن الناقة لا تكاد تدور إلا على ولد أو على بو، فإذا كان الفصيل ريان لم يمرها فبقي أربابها من غير لبن. يضرب للغني التجأ إليه محتاج.

شوق رغيب وزبير أصمع

قيل الشوق ههنا الشقو وهو فتح الفم فقدم الواو في المصدر والفعل جاء على أصله. يقال شقا فمه يشقوه إذا ُفتحه. والزبير، اللقمة. والأصمع، الصغير. يضرب لمن وعد وأكد ثم لا يفي بشيء مما قال، وإن وفي قل وصغر.

شر إخوانك من لا تعاتب

هذا كقولهم: معاتبة الأخ خير من فقده. أي لأن تعاتبه ليرجع إلى ما تحب خير من أن تقطعه فتفقده. وقوله من لا تعاتب، أي لا تعاتبه. ومن روى بالياء أراد من لا يعاتبك.

الشمس أرحم بنا

يعني أنها دثارهم في الشتاء كما قال الشاعر:
إذا حضر الشتاء فأنت شمـس وإن حضر المصيف فأنت ظل

شدة الحذر متهمة

أي موقعة في التهمة.

شنئتهار في أهلها=من قبل أن ترءى إلي

أي أبغضتها من قبل أن تزف إلي. يضرب للمشنوء. قلت: كذا وجدت هذا المثل من: قبل أن تزءى. والصواب: تزوى، أي تضم وتجمع، وإلا فليس لهذا التركيب ذكر في كتب اللغة. ويمكن أن يحمل على أن الهمزة بدل من الهاء، أي تزهى، ومعناه ترفع يقال: زها السراب الشيء يزهاه إذا رفعه.

شفرت له الدنيا برجلها

شفرت، أي رفعت. والباء، في برجلها زائدة. يضرب لمن ساعدته الدنيا فنال منها حظه.

شر الأخلاء خليل يصرفه واش

يضرب للكثير التلون في الوداد.

اشرب تشبع واحذر تسلم واتق توقه

قال أبو عبيد: يضرب في التوقي في الأمور. قال: وهو في بعض كتب الحكمة. قلت: والهاء في قوله توقه يجوز أن تكون للسكت، ويجوز أن تكون كناية عن الشر، كأنه قال اتق الشر توقه.

شاور في أمرك الذين يخشون الله

هذا يروى عن عمر رضي الله عنه.

شدة الحرص من سبل المتالف

يضرب في الشهوان الحريص على الطعام وغيره.

شوى زعم ولم يأكل

يعني: زعم أنه تولى شيه ثم لم يأكل. يضرب لمن تولى أمراً ثم نزع نفسه منه.

شغل الحلي أهله أن يعارا

أي، أهل الحلي احتاجوا أن يعلقوه على أنفسهم، فلذلك لا يعيرون. وهذا قريب من قولهم: شغلت شعابي جدواي. يضرب المسؤول شيئاً هو أحوج إليه من السائل.

ما على أفعل من هذا الباب

أشد الرجال الأعجف الأضخم

يعني المهزول الكبير الألواح.

أشأم من البسوس

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 162

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 163

هي بسوس بنت منقذ التميمية خالة جساس بن مرة بن ذهل الشيباني قاتل كليب، وكان من حديثه أنه كان للبسوس جار من جرم يقال له سعد ابن شمس، وكانت له ناقة يقال لها سراب، وكان كليب قد حمى أرضاً من أرض العالية في أنف الربيع فلم يكن يرعاه أحد إلا إبل جساس لمصاهرة بينهما، وذلك أن حليلة بنت مرة أخت جساس كانت تحب كليباً، فخرجت سراب ناقة الجرمي في إبل جساس ترعى في حمى كليب، ونظر إليها كليب فأنكرها فرماها بهم فاختل ضرعها فولت حتى بركت بفناء صاحبها وضرعها يشخب دما ولبناً، فلما نظر إليها صرخ يا للذل، فخرجت جارية البسوس ونظرت إلى الناقة فلما رأت ما بها ضربت يدها على رأسها ونادت: وا ذلاه. ثم أنشأت تقول:
لعمرك لو أصبحت في دار منقـذ لما ضيم سعد وهو جار لأبياتـي
ولكنني أصبحت فـي دار غـربة متى يعد فيها الذئب يعد على شاتي
فيا سعد لا تغرر بنفسك وارتحـل فإنك في قوم عن الجار أمـوات
ودونك أذوادي فـإنـي عـنـهـم لراحلة لا يفقـدونـي بـنـياتـي
فلما سمع جساس قولها سكنها وقال: أيتها المرأة ليقتلن غداً جمل هو أعظم عقراً من ناقة جارك. ولم يزل جساس يتوقع غرة كليب حتى خرج كليب لا يخاف شيئاً، وكان إذا خرج تباعد عن الحي، فبلغ جساساً خروجه، فخرج على فرسه وأخذ رمحه وتبعه عمرو بن الحرث فلم يدركه حتى طعن كليباً ودق صلبه، ثم وقف عليه فقال: يا جساس أغثني بشربة ماء. فقال جساس: تركت الماء وراءك. وانصرف عنه ولحقه عمرو فقال: يا عمرو أغثني بشربة. فنزل إليه فأجهز عليه. فضرب به المثل فقيل:
المستجير بعمرو عند كربـتـه كالمستجير من الرمضاء بالنار
قال: وأقبل جساس يركض حتى هجم على قومه فنظر إليه أبوه وركبته بادية فقال لمن حوله: لقد أتاكم جساس بداهية. قالوا: ومن أين تعرف ذلك? قال: لظهور ركبته، فإني لا أعلم أنها بدت قبل يومها. ثم قال: ما وراءك يا جساس? فقال: والله لقد طعنت طعنة لتجمعن منمها عجائز وائل رفضا. قال: وما هي? ثكلتك أمك. قال: قتلت كليباً. قال أبوه: بئس لعمر الله ما جنيت على قومك. فقال جساس.
تأهب عنك أهبة ذي امتناع فإن الأمر جل عن التلاحي
فإني قد جنيت عليك حربـاً تغص الشيخ بالماء القراح
فأجابه أبوه:
فإن تك قد جنيت عليب حجرباً فلا وانٍ ولا رث الـسـلاح
سألبس ثوبهـا وأذب عـنـي بها يوم المذلة والفـضـاح
قال: ثم قوضوا الأبنية وجمعوا النعم والخيول وأزمعوا للرحيل، وكان همام بن مرة أخو جساس نديماً لمهلهل بن ربيعة أخي كليب، فبعثوا جارية لهم إلى همام لتعلمه الخبر، وأمروها أن تسره من مهلهل، فأتتهما الجارية وهما على شرابهما، فسارت هماماً بالذي كان من الأمر، فلما رأى ذلك مهلهل سأل هماماً عما قالت الجارية وكان بينهما عهد أن لا يكتم أحدهما صاحبه شئياً فقال له: أخبرتني أن أخي قتل أخاك. قال مهلهل: أخوك أضيق إستاً من ذلك. وسكت همام، وأقبلا على شرابهما فجعل مهلهل يشرب شرب الآمن، وهمام يشرب شرب الخائف، فلم تلبث الخمر مهلهلاً أن صرعته فانسل همام. فرأى قومه وقد تحملوا، فتحمل معهم وظهر أمر كليب فقال مهلهل لنسوته: ما دهاكن? قلن: العظيم من الأمر قتل جساس كليباً. ونشب أشر بين تغلب وبكر أربعين سنة كلها يكون لتغلب على بكر. وكان الحرث بن عباد البكري قد اعتزل القوم فلما استحر القتل في بكر اجتمعوا إليه وقالوا: قد فني قومك، فأرسل إلى مهلهل بجيراً ابنك، وقل له: أبو بجير يقرئك السلام ويقول لك قد علمت أني اعتزلت قومي لأنهم ظلموك وخليتك وإياهم وقد أدركت وترك، فأنشدك الله في قومك. فأتى بجير مهلهلاً وهو في قومه فأبلغه الرسالة فقال: من أنت يا غلام? قال: بجير بن الحرث بن عباد. فقتله، ثم قال: بؤ بشسع كليب. فلما بلغ الحرث فعله قال: نعم القتيل بجير أن أصلح بين هذين الغارين قتله، وسكنت الحرب به. وكان الحرثث من أحلم الناس في زمانه، فقيل له أن مهلهلاً قال له حين قتله: بؤ بشسع كليب. فلما سمع هذا خرج مع بني بكر مقاتلاً مهلهلاً وبني تغلب، ثائراً ببجير، وأنشأ يقول:  
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 163

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 164

قربـا مـربـط الـنـعـــامة مـــنـــي أن بـيع الـكـريم بـالـشـســـع غـــال
قربـا مـربـط الـنـعـــامة مـــنـــي لقـحـت حـــرب وائل عـــن حـــيال
لم أكن من جناتها علم الله وأني بشرها اليوم صال
ويروى: والنعامة، فرس الحرث. وكان يقال للحرث فارس النعامة، ثم جمع قومه والتقى وبني تغلب على جبل يقال له قضة فهزمهم وقتلهم ولم يقوموا لبكر بعدها.

أشغل من ذات النحيين

هي امرأة من بني تيم الله بن ثعلبة، كانت تبيع السمن في الجاهلية، فأتاها خوات بن جبير الأنصاري يبتاع منها سمناً فلم ير عندها أحداً وساومها فحلت نحياً فنظر إليه ثم قال: أمسكيه حتى أنظر إلى غيره. فقالت: حل نحياً آخر، ففعل، فنظر إليه فقال: أريد غير هذا فامسكيه. ففعلت. فلما شغل يديها ساورها فلم تقدر على دفعه حتى قضى ما أراد وهرب فقال:
وذات عيال واثقين بعقـلـهـا خلجت لها جار إستها خلجات
شغلت يديها إذ أرادت خلاطها بنحيين من سمن ذوي عجرات
فأخرجته ريان ينطف رأسـه من الرامك المدموم بالمقرات
يروى: بالثفرات، جمع ثفرة. والرامك، شيء تضيق به المرأة قلبها. والمدموم، المخلوط. والمقرة، الصبر.
فكان لها الويلات من ترك سمنها ورجعتها صفراً بغي ربـتـات
فشدت على النحيين كفاً شحـيحة على سمنها والفتك من فعلاتي
ثم أسلم خوات رضي الله عنه، وشهد بدراً، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم "يا خوات كيف شرادك"? ويروى كيف شراؤك? وتبسم صلوات الله عليه فقال: يا رسول الله قد رزق الله خيراً، وأعوذ بالله من الحور بعد الكور. وفي رواية حمزة: فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "ما فعل بعيرك أيشرد عليك"? فقال: أما منذ أسلمت، أو منذ قيده الإسلام، فلا. ويدعي الأنصار أنه عليه السلام دعا له بأن تسكن غلمته فسكنت بدعائه. وهجا رجل بني تيم الله فقال:
أناس ربة النحيين منهم فعدوها إذا عد الصميم
وزعموا أن أم الورد العجلانية مرت في سوق من أسواق العرب، فإذا رجل يبيع السمن، ففعلت به كما فعل خوات بذات النحيين من شغل يديها، ثم كشفت ثيابه وأقبلت تضرب شق إسته بيديها وتقول: يا ثارات ذات النحيين.
?أشأ من خوتعة  
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 164

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 165

وهو أحد بني عفيلة بن قاسط بن هنب بن أقصى بن دعمى بن جديل. ومن حديثه أنه دل كثيف بن عمرو التغلبي على بني الزبان الذهلي لثروة كانت له عند عمرو بن الزبان وكان سبب ذلك أن مالك بن كومة الشيباني لقي كثيف بن عمرو في بعض حروبهم، وكان مالك نحيفاً قليل اللحم، وكان كثيف ضخماً، فلما أراد مالك أسر كثيف اقتحم كثيف عن فرسه لينزل إليه مالك فأوجره مالك السنان وقال: لتستأسرن أو لأقتلنك. فاحتق فيه هو عمرو بن الزبان، وكلاهما أدركه، فقالا: قد حكمنا كثيفاً. يا كثيف، من أسرك? فقال: لولا مالك بن كومة كنت في أهلي. فلطمه عمرو بن الزبان، فغضب مالك وقال: تلطم أسيري. إن فداءك يا كثيف مائة بعير، وقد جعلتها لك بلطمة عمرو وجهك، وجز ناصيته وأطلقه، فلم يزل كثيف يطلب عمراً بالطمة حتى دل عليه رجل من غفيلة، يقال له خوتعة، وقد ندت لهم إبل فخرج عمرو واخوته في طلبها فأدركوها فذبحوا حواراً فاشتووه وجلسوا يتغذون فأتاهم كثيف بضعف عددهم، وأمرهم إذا جلسوا معهم على الغذاء أن يكتنف كل رجل منهم رجلان، فمروا بهم مجتازين، فدعوا فأجابوهم، فجلسوا كما ائتمروا، فلما حسر كثيف عن وجهه العمامة عرفه عمرو فقال: يا كثيف، إن في خدي وفاء من خدك وما في بكر بن وائل خد أكرم منه، فلا تشب الحرب بيننا وبينك. فقال: كلا بل أقتلك وأقتل أخوتك. قال: فإن كنت فاعلاً فأطلق هؤلاء الفتية الذين لم يتلبسوا بالحروب فإن وراءهم طالباً أطلب مني، يعني أباهم. فقتلهم وجعل رؤوسهم مخلاة وعلقها في عنق ناقة لهم يقال لها الديهم، فجاءت الناقة والزبان جالس أمام بيته حتى بركت فقال: يا جارية، هذه ناقة عمرو، وقد أبطأ هو واخوته. فقامت الجارية فجست المخلاة فقالت: قد اصاب بنوك بيض نعام. فجاءت بها إليه، وأدخلت يدها فأخرجت رأس عمرو أول ما أخرجت، ثم رؤوس اخوته وفغسلها ووضعها على ترس وقال: آخر البز على القلوص. قال أبو الندى: معناه هذا آخر عهدي بهم لا أراهم بعده. فأرسلها مثلاً. وضرب الناس بحمل الدهيم المثل فقالوا: أثقل من حمل الدهيم. فلما أصيح نادى: يا صباحاه. فأتاه قومه فقال: والله لأحولن بيتي ثم لا أرده إلى حاله الأول حتى أدرك ثأري وأطفئ ناري. فمكث بذلك حيناً لا يدري من أصاب ولده ومن دل عليهم، حتى خبر بذلك، فحلف لا يحرم دم غفلي حتى يدلوه كما دلوا عليه فجعل يغزو بني غفيلة حتى اثخن فيهم، فبينما هو جالس عند ناره إذ سمع رغاء بعير فإذا رجل قد نزل عنه حتى أتاه فقال: من أنت، فقال: رجل من بني غفيلة. فقال: أنت وقد آن لك. فأرسلها مثلاً. فقال: هذه خمسة وأربعون بيتاً من بني تغلب بالأقطانتين، يعني موضعاً بناحية الرقة، فسار إليهم الزبان ومعه مالك بن كومة. قال مالك: فنعست على فرسي، وكان ذريعاً، فتقدم بي فما شعرت إلا وقد كرع في مقراة القوم، فجذبته فمشى على عقبيه، فسمعت جارية تقول: يا أبت، هل تمشي الخيل على أعقابها? فقال لها أبوها: وما ذاك يا بنية? قالت: رأيت الساعة فرساً كرع في المقراة ثم رجع على عقبيه. فقال لها: أرقدي فإني أبغض الجارية الكلوء العين. فلما أصبحوا أتتهم الخيل دواس، أي يتبع بعضها بعضاً فقتلوهم جميعاً. قوله دواس، كذا أورده حمزة في كتابه، والصواب دوائس، يقال داستهم الخيل بحوافرها، وأتتهم الخيل دوائس، أي يتبع بعضها بعضاً. ووجدت في بعض النسخ يقال: دست الخيل تدس دساً إذا تبع بعضها بعضاً. وأنشد: ?خيلاً تدس إليهم عجلاً=وبنو رحائلها ذوو بصر أي ذوو حزم.

أشأم من أحمر عاد

هو قدار بن سالف عاقر. ويقال له أيضاً قدار بن فديرة، وهي أمه، وهو الذي عقر ناقة صالح عليه السلام فأهلك الله بفعله ثمود.

??أشهر من الفرس الأبلق

ويقال أيضاً: أشهر من فارس الأبلق.

أشأم من داحس

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 165

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 166

وهو فرس لقيس بن زهير العبسي، وهو داحس بن ذي العقال، وكان ذو العقال. فرساً لحوط بن جابر بن حميري بن رياح بن يربوع بن حنظلة، وكانت أم داحس فرساً لقرواش بن عوف بن عاصم بن عبيد بن يربوع، يقال لها جلوى، وإنما سمي داحساً لأن بني يربوع احتملوا سائرين في نجعة لهم، وكان ذو العقال من ابنتي حوط بن جابر يجنبانه، فمرت به جلوى فلما رآها ذو العقال ودى، فضحك شاب منهم، فاستحيت الفتاتان فأرسلتاه فنزا على جلوى، فوافق قبولها، فاقصت ثم أخذه لهما بعض رجال القوم، فلحق بهم حوط، وكان رجلاً سيئ الخلق، فلما نظر إلى عين فرسه قال: والله لقد نزا فرسي، فأخبراني ما شأنه. فأخبرتاه بما كان فنادى: يال رياح، والله لا أرضى حتى آخذ ماء فرسي. قال بنو ثعلبة: والله ما استكرهنا فرسك وما كان إلا منفلتاً. قال: فلم يزل الشر بينهم حتى عظم، فلما رأوا ذلك قالوا: ما تريدون يا بني رياح? قالوا: نريد ماء فرسنا. قالوا: فدونكم الفرس. فسطا عليها حوط وجعل يده في ماء وملح ثم أدخلها في رحمها ودحس بها حتى ظن أنه فتح الرحم وأخرج الماء، واشتملت الرحم على ما فيها فنتجها قرواش بن عوف داحساً، فسمي داحساً لذلك. والدحس، إدخال اليد بين جلد الشاة ولحمها حين يسلخها. ثم رآه حوط فقال: هذا ابن فرسي. فكرهوا الشر فبعثوا به إليه مع لقوحين وراوية من لبن فاستحيا فرده إليهم. وهو الذي ذكره جرير حيث يقول:
إن الجياد يبتن حول قبابـنـا من آل أعوج أو لذي العقال

أشأم من قاشر

هو فحل لبني عوافة بن سعد ين زيد مناة بن تميم، وكان لقوم إبل تذكر، فاستطرقوه رجاء أن يؤنث إبلهم فماتت الأمهات والنسل. ويقال: قاشر اسم رجل وهو قاسر بن مرة أخو زرقاء اليمامة، وهو الذي جلب الخيل إلى جو حتى استأصلهم.

أشجع من ليث عفرين

زعم الأصمعي أنه دابة مثل الحرباء تتعرض للراكب وتضرب بذنبها. وقالوا: هو منسوب إلى عفرين اسم بلد. ويقال: ليث عفرين دويبة مأواها التراب السهل في أصول الحيطان تدور ثم تندس في جوفها فإذا هيجت رمت بالتراب صعداً. وقال الجاحظ: إنه ضرب من العناكب يصيد الذباب صيد الفهود، وهو الذي يسمى الليث وله ست عيونه، فإذا رأى الذباب لطئ بالأرض وسكن أطرافه فمتى وثب لم يخطئ. ويقولون في سن الرجل: ابن العشر سنين لعاب بلقلين، وابن العشرين باغي نسين، أي طالب نساء، وابن الثلاثين أسعى الساعين، وابن الأربعين أبطش الباطشين، وابن الخمسين ليث عفرين، وابن الستين مؤنس الجليسين، وابن السبعين أحكم الحاكمين، وابن الثمانين أسرع الحاسبين، وابن التسعين أحد الأرذلين، وابن المائة لا حاء ولا ساء، أي لا رجل ولا امرأة.

أشد حمرة من بنت المطر

وهي دويبة حمراء تظهر غب المطر.

أشأم من حميرة

هي فرس شيطان بن مدلج الجشمي، ثم أحد بني إنسان. وكان من حديثه أن بني جشم ابن معاوية أسهلوا قبل رجب بأيام يطلبون المرعى فأقلت حميرة فجاء صاحبها يريفها عامة نهاره حتى أخذها. وخرجت بنو أسد وبنو ذبيان غازين فرأوا آثار حميرة فقالوا: إن هؤلاء لقريب منكم. فاتبعوا آثارها حتى هجموا على الحي فغنموا وذلك يوم بيسان. فقال شيطان يذكر شؤمها:
جاءت بما تزبي الدهيم لأهلـهـا حميرة أو مسرى حميرة أشـأم
فلا ضير آن عرضتها ووقفتهـا لوقع القنا كيما يضرجهـا الـدم
وعرضتها في صدر أظمى يزينه سنان كنبراس التهامي لـهـذم
وكنت لها دون الـرمـاح دريئة فتنجو وضاحي جلدها ليس يكلم
وبينا أرجى أن أوفـي غـنـيمة أتتني بألفـي دارع يقـقـمـم

أشأم من منشم

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 166

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 167

ويقال أشأم من عطر منشم. وقد اختلف الرواة في لفظ هذا الاسم ومعناه وفي اشتقاقه وفي سبب المثل. فأما اختلاف لفظه فإنه يقال منشِم ومنشَم ومشام. وأما اختلاف معناه فإن أبا عمرو بن العلاء زعم أن المنشم الشر بعينه. وزعم آخرون أنه شيء يكون في سنبل العطر يسميه العطارون قرون السنبل وهو سم ساعة قالوا وهو البيش. وقال بعضهم إن المنشم ثمرة سوداء منتنة. وزعم قوم أن منشم اسم امرأة. وأما اختلاف اشتقاقه فقالوا إن منشم اسماً واحداً، وكان الأصل، من شم، فحذفوا الميم الثانية من شم وجعلوا الأولى حرف أعراب. وقال آخرون هو من نشم إذا بدأ يقال نشم فقي كذا إذا أخذ فيه، يقال ذلك في الشر دون الخير. وفي الحديث: لما نشم الناس في عثمان، أي طعنوا فيه. فأما من رواه مشأم فإنه يجعله اسماً مشتقاً من الشؤم. وأما اختلاف سبب المثل فإنما هو في قول من زعم أن منشم اسم امرأة، وهو أن بعضهم يقول: كانت منشم عطارة تبيع الطيب فكانوا إذا قصدوا الحرب غمسوا أيديهم في طيبها وتحالفوا عليه بأن يستميتوا في تلك الحرب، ولا يولوا أو يقتلوا، فكانوا إذا دخلوا الحرب بطيب تلك المرأة يقول الناس: قد دقوا بينهم عطر منشم. فلما كثر منهم هذا القول سار مثلاً، فممن تمثل به زهير بن أبي سلمى حيث يقول:
تداركتما عبساً وذبيان بعدمـا تفانوا ودقوا بينهم عطر منشم
وزعم بعضهم أن منشم كانت امرأة تبيع الحنوط، وإنما سموا حنوطها عطراً في قولهم: قد دقوا بينهم عطر منشم، لأنهم أرادوا طيب الموتى. وزعم الذين قالوا أن اشتقاق هذا الاسم إنما هو عطر منشم، إنها كانت امرأة يقال لها خفرة تبيع الطيب، فورد بعض أحياء العرب عليها فأخذوا طيبها وفضحوها، فلحقها قومها ووضعوا السيف في أولئك وقالوا: اقتلوا من شم أي من شم من طيبها. وزعم آخرون أنه سار هذا المثل في يوم حليمة، أعني قولهم: قد دقوا بينهم عطر منشم. قالوا: ويوم حليمة هو اليوم الذي سار به المثل فقيل: ما يوم حليمة بشر. لأن فيه كانت الحرب بين الحرث بن أبي شمر ملك الشام وبين المنذر بن المنذر بن امرئ القيس ملك العراق، وإنما أضيف هذا اليوم إلى حليمة لأنها أخرجت إلى المعركة مراكن من الطيب فكانت تطيب به الداخلين في الحرب فقاتلوا من أجل ذلك حتى تفانوا. وزعم آخرون أن منشم امرأة كان دخل بها زوجها فنافرته فدق أنفها بفهر، فخرجت إلى أهلها مدماة فقيل لها: بئس ما عطرك به زوجك. فذهبت مثلاً. وقال ابن السكيت: العرب تكني عن الحرب بثلاثة أشياء: أحدها، عطر منشم. والثاني، ثوب محارب. والثالث، برد فاخر. ثم حكى في تفسير عطر منشم قول الأصمعي. وقال في ثوب محارب إنه كان رجلاً من قيس عيلان يتخذ الدروع، والدرع ثوب الحرب، وكان من أراد أن يشهد حرباً اشترى درعاً. وأما برد فاخر فإنه كان رجلاً من تميم، وكان أول من لبس البرد الموشى فيهم، وهو أيضاً كناية عن الدرع، فصار جميع ذلك كناية عن الحرب.

أشأم من رغيف الحولاء

قالوا أنها كانت خبازة. ومن حديثها، فيما ذكر ابن أخي عمارة بن عقيل ابن بلال بن جرير، إن هذه الخبازة كانت في بني سعد بن زيد مناة بن تميم فمرت بخبزها على رأسها فتناول رجل منهم على رأسها رغيفاً فقالت له: والله ما لك علي حق، ولا استطعمتني، فيم أخذت رغيفي? أما إنك ما أردت بما فعلت ألا أبس فلان، رجل كانت في جواره. فثار القوم فقتل بينهم ألف إنسان.

أشأم من طير العراقيب

هو طير الشؤم عند العرب، وكل طائر يتطير منه للإبل فهو طير عرقوب لأنه يعرقبها.

أشأم من الأخيل

هو الشقراق وذلك أنه لا يقع على ظهر بعير دبر الأجزل ظهره. قال الفرزدق يخاطب ناقته:
إذا قطنا بلغتنـيه ابـن مـدرك فلقيت من طير العراقيب أخيلا
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 167

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 168

ويروى: من طير الأشائم. ويقال بعير مخيول، إذا وقع الأخيل على عجزه فقطعه، ويسمونه مقطع الظهور. وإذا لقي الأخيل منهم مسافر تطير وأيقن بالعقر في الظهر أن لم يكن موت، وإذا عاين أحدهم شيئاً من طير العراقيب قالوا: أتيح له أبنا عيان، كأنه قد تعاين القتل أو العقر. وإذا تكهن كاهنهم، أو زجر زاجر طيرهم، أو خط خاطهم فرأي في ذلك ما يكره قال: أبنا عيان أظهرا البيان. ويورى: أسرعا البيان. وهما خطان يخطهما الزاجر ويقول هذا اللفظ كأنه بهما ينظر إلى ما يريد أن يعلمه. ويروى: ابني عيان أظهرا البيان، على النداء، أي يا ابني عيان أظهر البيان.

أشأم من غراب البين

إنما لزمه هذا الاسم لأن الغراب إذا بان أهل الدار للنجعة وقع في موضع بيوتهم يتلمس ويتقمم فتشاءموا به وتطيروا منه إذ كان لا يعتري منازلهم إلا إذا باتوا فسموه غراب البين، ثم كرهوا إطلاق ذلك الاسم مخافة الزجر والطيرة، وعلموا أنه نافذ البصر، صافي العين حتى قالوا: أصفى من عين الغراب. كما قالوا: أصفى من عين الديك، وسموه الأعور كناية كما كنوا طيرة عن الأعمى فكنوه أبا بصير، وكما سموا الملدوغ والمنهوس السليم، وكما قالوا للمهالك من الفيافي المفاوز وهذا كثير. ومن أجل تشاؤمهم بالغراب اشتقوا من اسمه الغربة والاغتراب والغيب، ولي في الأرض بارح ولا نطيح ولا قعيد ولا أعضب ولا شيء مما يتشاءمون به إلا والغراب عندهم أنكد منه ويرون إن صياحاً أكثر إخباراً وإن الزجر فيه أعم. قال عنترة:
حرق الجناح كان لحي رأسه جلمان بالأخبار هش مولـع
وقال غيره:
وصاح غراب فوق أعـواد بـانة بأخبار أحبابي فقسمني الـفـكـر
فقلت غراب بـاغـتـراب وبـانة تبين النوى تلك العيافة والـزجـر
وهبت جنوب باجتنابـي مـنـهـم وهاجت صبا قلت الصبابة والهجر
وقال آخر:
تغنى الطائران ببين سلـمـى على غصنين من غرب وبان
فكان البان إن بانت سلـيمـى وفي الغرب اغتراب غير دان
وقال آخر:
الآن أعلم أن الغصن لي غصص وإنما البان بـين عـاجـل دان
فقمت تخفضني أرض وترفعني حتى ونيت وهد السير أركانـي
فهذا نمط شعرهم في الغراب لا يتغير، بل قد يزجرون من الطير غير الغراب على طريقين: أحدهما على طريق الغراب في التشاؤم، والآخر على طريق التفاؤل به. قال الشاعر:
وقالوا تغنى هدهد فوق بانة فقلت هدى يغدو به ويروح
وقال آخر:
وقالوا عقاب قلت عقبى من النوى دنت بعد هجر منهـم ونـزوح
وقال آخر:
وقالوا حمام قلت حم لقاؤها وعاد لنا ريح الوصال يفوح
فهذا إلي الشاعر. لأنه إن شاء جعل العقاب عقبى خير، وإن شاء جعلها عقبى شر. وإن شاء جعل الحمام حماماً وإن شاء قال حم اللقاء. والهدهد هدى وهداية. والحباري حبور وحبرة. والبان بيان يلوح. والدوم دوام العهد. كما صارت الصبا عنده صبابة، والجنوب اجتناباً، والصرد تصريداً، إلا أن أحداً منهم لم يزجر في الغراب شيئاً من الخير. هذا قول أهل اللغة. وذكر بعض أهل المعاني أن نعيب الغراب يتطير منه ونغيقه يتفاءل به. وأنشد قول جرير:
إن الغراب بما كرهت لمولع بنوى الأحبة دائم التشحـاج
ليت الغراب غداة ينعب دائماً كان الغراب مقطع الأوداج
وقول ابن أبي ربيعة:
نعب الغراب بين ذات الدملج ليت الغراب ببينها لم يشحج
ثم انشدوا في النغيق:
تركت الطير عاكفة عليهم وللغربان من شبع نفـيق
قال: ويقال نغق الغراب نغيقاً إذا قال غيق فيقال عندها نغق بخير. ويقال نعب نعيباً إذا قال غاق فيقال عندها نعب بشر. قال: ومنهم من يقول نغق ببين، زهير منهم، وأنشد له:
ألقى فراقهم في المقلتين قـذى أمسى بذاك غراب البين قد نغقا
وقال من احتج للغراب: العرب قد تتيمن بالغراب. فيقول: هم في خير لا يطير غرابه. أي يقع الغراب فلا ينفر لكثرة ما عندهم فلولا تيمنهم به لكانوا ينفرونه. فقال الدافعون لهذا القول: الغراب في هذا المثل السواد، واحتجوا بقول النابغة:  
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 168

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 169

ولرهط حراب وقـد سـورة في المجد ليس غرابها بمطار
أي، من عرض لهم لم يمكنه أن ينفر سوادهم لعزهم وكثرتهم.

أشأم من ورقاء

يعنون الناقة، وهي مشئومة، وذلك أنها ربما نفرت فذهبت في الأرض. وهذا المثل ذكره أبو عبيد القاسم بن سلام ولم يعتل فيه بأكثر من هذا. قاله حمزة. قلت: روى أبو الندى أشأم من زرقاء. وقال: هي اسم ناقة نفرت براكبها فذهبت في الأرض.

أشم من نعامة ومن ذئب ومن ذرة

قالوا: أن الرأل يشم ريح أبيه وأمه وريح الضبع والإنسان من كل مكان بعيد. وزعم أبو عمرو الشيباني أنه سأل الأعراب عن الظليم هل يسمع? فقالوا: لا، ولكن يعرف بأنفه ما لا يحتاج معه إلى سمع. قال: وإنما لقب بيهس بنعامة لأنه كان شديد الصمم. والذئب يشم ويستروح من ميل وأكثر من ميل. والذرة تشم كرجل الجرادة تنبذها من يدك في موضع لم تر فيه ذرة قط ثم لا تلبث أن ترى الذر إليها كالخيط الممدود.

أشهر من فلق الصبح

والأصل اللام. قال الله تعالى: "قل أعوذ برب الفلق". يعني الصبح ويقال: يعني الخلق. ويقال: الفلق اسم واد في جهنم. فأما قولهم أشهر وأبين من فلق الصبح فيجوز أن يكون فعلاً في معنى مفعول كأنه من مفلوق الصبح. والأصل من الصبح المفلوق الذي الله فالقه. وإن جعلت الفلق الصبح نفسه كما قال ذو الرمة:
حتى إذا ما انجلى عن وجه فلق هاديه في أخريات الليل منتصب
فإنما إضافة في المثل لاختلاف اللفظين.

أشبه به من التمرة بالتمرة

في هذا حديث، وذلك أن عبيد الله بن زياد بن ظبيان، أحد بني تيم اللات بن ثعلبة، دخل على عبد الملك بن مروان وكان أحد فتاك العرب في الإسلام، وهو الذي حز رأس مصعب بن الزبير فدخل به على عبد الملك ابن مروان وألقاه بين يديه فسجد عبد الملك وكان عبد الله هذا يقول بعد ذلك: ما رأيت أعجز مني أن لا أكون قتلت عبد الملك فأكون قد جمعت بين قتلي ملك العراق وملك الشام في يوم واحد. وكان يجلس مع عبد الملك على سريره بعد قتله مصعب بن الزبير فبرم به فجعل له كرسياً يجلس عليه، فدخل يوماً وسويد بن منجوف السدوسي جالس على السرير مع عبد الملك فجلس على الكرسي مغضباً. فقال له عبد الملك: يا عبيد الله، بلغني أنك لا تشبه أباك. فقال: لأنا أشبه بأبي من التمرة بالتمرة، والبيضة بالبيضة، والماء بالماء، ولكني أخبرك، يا أمير المؤمنين، عمن لا تنضجه الأرحام، ولا ولد لتمام، ولا أشبه الأخوال والأعمام. قال: ومن ذلك? قال: سويد بن منجوف. فقال عبد الملك: سويداً كذلك أنت? فقال: إنه ليقال ذلك. وإنما عرض بعبد الملك لأنه ولد لسبعة أشهر. فلما خرجا قال له عبيد الله: والله يا ابن عمي ما يسرني بحملك على حمر النعم. فقال له سويد: وأنا والله ما يسرني بجوابك إياه سود النعم.

أشره من الأسد

وذلك أنه يبتلع البضعة العظيمة من غير مضغ. وكذلك الحية لأنهما واثقان بسهولة المدخل وسعة المجرى.

أشهى من كلبة حومل

قلت: أشهى، من قولهم، شهيت الطعام أشهى شهوة، أي اشتهيته. ويقال: رجل شهوان، وامرأة شهوى، ورجال ونساء شهاوي، وأشهى أشد شهوة، وذلك أنها رأت القمر طالعاً فعوت إليه تظنه لاستدارته رغيفاً. وحومل، امرأة من العرب كانت تجيع كلبة لها. وقد ذكرت قصتها في حرف الجيم.

أشبق من حبى

هي امرأة مدنية كانت مزواجاً فتزوجت على كبر سنها فتى يقال له ابن أم كلاب، فقام ابن لها كهل فمشى إلى مروان بن الحكم وهو والي المدينة وقال: إن أمي السفيهة على كبر سنها وسني تزودت شاباً مقتبل السن فصيرتني ونفسها حديثاً. فاستحضرها مروان وابنها فلم تكترث لقوله. ولكنها التفت إلى ابنها وقالت: يا برذعة الحمار، أما رأيت ذلك الشاب المقدود العنطنط والله ليصرعن أمك بين الباب والطاق فليشفين غليلها ولتخرجن نفسها دونه، ولوددت أنه ضب وأني ضبيبته وقد وجدنا خلاء. فانتشر هذا الكلام عنها فضربت بها الأمثال. فممن ضرب في الشعر المثل بها هدبة بن الخشرم العذري قال:
فما وجدت وجدي بها أم واحد ولا وجد حبي بابن أم كلاب
رأته طويل الساعدين عنطنطا كما انبعثت من قوة وشباب
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 169

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 170

وكانت نساء المدينة تسمين حبى حواء أم البشر لأنها علمتهن ضروباً من هيئات الجماع، ولقبت كل هيئة منها بلقب منها: القبع، والغربلة، والتخير، والرهز. فذكر الهيثم بن عدي أنها زوجت بنتاً لها من رجل ثم زارتها وقالت: كيف ترين زوجك? قالت: خير زوج، أحسن الناس خلقاً وخلقاً، وأوسعهم رحلاً وصدراً، يملأ بيتي خيراً وحري أيراً إلا أنه يكلفني أمراً صعباً قد ضقت به ذرعاً. قالت: وما هو? قالت: يقول عند نزول شهوته وشهوتي، انخري تحتي. فقالت حبى: وهل يطيب نيك بغير رهز ونخير? جاريتي حرة إن لم يكن أبوك قدم من سفر وأنا على سطح مشرفة على مر بدابل الصدقة، وكل بعير هناك قد عقل بعقالين، فصرعني أبوك، ورفع رجلي، وطعنني طعننة نخرت لها نخرة نفرت منها إبل الصدقة نفرة قطعت عقلها وتفرقت فما أخذ منها بعيران في طريق، فصار ذلك أول شيء نقم على عثمان، وما كان له في ذلك ذنب، الزوج طعن، والزوجة نخرت، والإبل نفرت فما ذنبه?

أشبق من جمالة

هو رجل من بني قيس بن ثعلبة دخل على ناقة له في العطنى باركة تجتر فجعل ينيكها، فقامت الناقة وتشبث ذيله بمؤخر كورها، فأتت به كذلك وسط الحي والقوم جلوس، فجرت فيه هذه الأمثال فقالوا: أشبق من جمالة. وأخرى من جمالة. وأفضح من جمالة. وأرفع مناكاً من جمالة.

أشرد من خفيدد

هو الظليم الخفيف السريع. من خفد إذا أسرع وقال:
هم تركوك أسلح من حباري وهم تركوك أشرد من ظليم
ويقال: أشرد من نعامة.

أشرد من ورل

هو دابة تشبه الضب. ويقال أيضاً: أشرد من ورل الحضيض. وذلك أنه إذا رأى الإنسان مر في الأرض لا يرده شيء.

أشكر من بروقة

هي شجرة تخضر من غير مطر، بل تنبت بالسحاب إذا نشأ فيما يقال.

أشكر من كلب

قال محمد بن حرب: دخلت على العتابي بالمخرم فرأيته على حصير وبين يديه شراب في إناء، وكلب رابض في الفناء، يشرب كأساً ويولغه أخرى. قال: اسمع، أنه يكف عني أذاه، ويكفيني أذى سواه، ويشكر قليلي، ويحفظ مبيتي ومقيلي، فهو من بين الحيوان خليلي. قال ابن حرب: فتمنيت والله أن أكون كلباً له لأحوز هذا النعت منه. وقولهم:

أشره من وافد البراجم

قد ذكرت قصته في أول الكتاب عند قولهم: إن الشقي وافد البراجم.

أشقى من راعي بهم ثمانين

قد مر ذكره في باب الحاء في قولهم: أحمق من راعي ضأن ثمانين.

أشعث من قتادة

هي شجرة شديدة الشوك، وهذا أفعل من شعث أمره يشعث شعثاً فهو شعث، إذا انتشر. يقال: لم الله شعثك. أي ما انتشر من أمرك.

أشح من ذات النحيين

قد ذكرت قصتها في هذا الباب عند قولهم: أشغل من ذات النحيين.

أشد من لقمان العادي

قالوا أنه كان يحفر لإبله بظفره حيث بدا له إلا الصمان والدهناء فإنهما غلبتاه بصلابتهما.

أشد من فيلٍ

قال حمزة: إن الهند تخبر عنه إن شدته وقوته مجتمعان في نابه وخرطومه، ثم زعموا أن قرنه نابه وإن خرطومه أنفه وأوردوا من الحجة على ذلك أن نابيه خرجا مستطيلين حتى خرقا الحنك وخرجا أعقفين. قالوا: ودليلنا على ذلك أنه لا يعض بهما كما يعض الأسد بنابه بل يستعملهما كما يستعمل الثور قرنه عند القتال والغضب، وأما خرطومه فهو وإن كان أنفه فإنه سلاح من أسلحته ومقتل من مقاتله أيضاً.

أشد من فرسٍ

هذا يجوز أن يكون من الشدة، ومن الشد أيضاً، وهو العدو.

أشأى من فرس

هذا من الشاو، وهو السبق. يقال: شأوت وشأيت.

أشد قويس سهما

يقال هذا في موضع التفضيل. ومثله: هو أعلاهم ذا فوق. أي سهما.

أشرب من الهيم

وهي الإبل العطاش. قال الله تعالى: فشاربون شرب الهيم. وهو جمع أهيم وهيماء من الهيام، وهو أشد العطش. وقال الأخفش: هي الرمل. جعله من الهيام وهو الرمل الذي لا يتماسك في اليد. قلت: هذا وجه جيد، إلا أن جمعه هيم، مثال قذال وقذل. ثم يجوز أن يقدر سكون الياء فيصير فعلاً مثل قذل وسحب، في تخفيف قذل وسحب، ثم فعل به ما فعل بعين وبيض ليفرق بني الواوي واليائي. والمفسرون على أنها الإبل العطاش. قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: هي التي بها الهيام، وهو داء، فلا تروى. قال الشاعر:
ويأكل أكل الفيل من بعـد شـبـعـه ويشرب شرب الهيم من بعد أن يروى

أشرب من رمل

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 170

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 171

قال إعرابي يصف حفظه: كنت كالرملة لا يصب عليها ماء إلا نشفته. قال الشاعر:
فيا آكل مـن نـار ويا أشرب من رمل
ويا أبعد من خلق الله إن قال من الفعـل

أشهى من الخمر

هذا من المثل الآخر: كالخمر يشتهى شربها ويكره صداعها. وأشهى، أفعل من المفعول يقال: طعام شهي. أي مشتهى، من قولك شهيت الطعام، أي اشتهيته.

أشأم من شولة الناصحة

يقال أنها كانت أمة لعدوان رعناء وكانت تنصح مواليها فتعود نصيحتها وبالاً عليهم لحمقها.

أشهى من كلبة بني أفصى

قال المفضل: بلغنا أن كلبة كانت لبني أفصى بن تدمر من بجيلة، وإنها أتت قدراً لهم قد نضج ما فيها فصار كالقطر حرارة فأدخلت رأسها في القدر فنشب رأسها فيها واحترقت، فضربت برأسها الأرض فكسرت الفخارة، وقد تشيط رأسها ووجهها فصارت آية، فضرب الناس بها المثل في شدة شهوة الطعام.

أشبه من الماء بالماء

قالوا: إن أول من قال ذلك أعرابي ذكر رجلاً فقال: والله لولا شواربه المحيطة بفمه ما دعته أمه باسمه، ولهو أشبه بالنساء من الماء بالماء. فذهبت مثلاً.

أشأم من الزماح

هذا مثل من أمثال أهل المدينة. والزماح، طائر عظيم زعموا أنه كان يقع على دور بني خطمة من الأوس، ثم في بني معاوية كل عام أيام التمر والثمر فيصيب طعما من مرابدهم ولا يتعرض أحد له فإذا استوفى حاجته طار ولم يعد إلى العام المقبل. وقيل أنه كان يقع على آطام يثرب ويقول: خرب خرب. فجاء كعادته عاماً فرماه رجل فقتله ثم قسم لحمه في الجيران فما امتنع أحد من أخذه إلا رفاعة بن مرار فإنه قبض يده ويد أهله عنه، فلم يحل الحول على أحد ممن أصاب من ذلك اللحم حتى مات، وأما بنو معاوية فهلكوا جميعاً حتى لم يبق منهم ديار. قال قيس بن الخطيم الأوسي:
أعلى العهد أصبحت أم عمرو ليت شعري أم عافها الزماح

أشأم من سراب

قالوا: هو اسم ناقة البسوس. وقد تقدم ذكرها في هذا الباب.

أشأم من طويس

قد مر ذكره في باب الخاء عند قولهم: أخنث من طويس.

أشهر ممن قاد الجمل

ومن الشمس ومن القمر ومن البدر ومن الصبح

ومن راية البيطار ومن العلم، يعنون الجبل.

ومن قوس قزح ومن علائق الشعر، ويروى الشجر.

أشجى من حمامة

يجوز أن يكون من شجي يشجى شجاً، أي حزن. ومن شجا يشجو إذا أحزن.

أشجع من ديك

ومن صبي ومن أسامة ومن ليث عريسة

ون هني وهو رجل

أشد من ناب جائع

ومن وخز الأشافي ومن الحجر ومن الأسد

أسرب من الرمال ومن القمع ومن عقد الرمل

وهو ما تعقد وتلبد منه.

أشد من عائشة بن عثم

زعموا أنه كان يحمل الجزور.

أشد من دلم

قالوا الدلم شيء يشبه الحية وليس بالحية، يكون بناحية الحجاز، والجمع إدلام، مثل زلم وأزلام، وضم وأصنام. يضرب في الأمر العظيم.

أشعث من وتد

أشغل من مرضع بهم ثمانين أشم من هقل

مثل قولهم: أشم من نعامة.

المولدون

"شر السمك يكدر الماء" أي لا تحقر خصماً صغيراً.
"شبر في ألية خير من ذراع في رية" يضرب في صرف ما بين الجيد والرديء.
"شرطه أهل الجنة" لمن يقول بالمرد.
"شهر ليس لك فيه رزق لا تعد أيامه" "شغلين الشعير عن السعر والبر عن البر" "شفيع المذنب إقراره وتوبته اعتذاره" "شر الناس من لا يبالي أن يراه الناس مسيئاً" "شهادات الفعال أعدل من شهادات الرجال" "الشباب جنون بروه الكبر" "الشر قديم" "الشاة المذبوحة لا تألم السلخ" "الشيطان لا يخرب كرمه" "شهادة العقول أصح من شهادة العدول"

الباب الرابع عشر

في

ما أوله صاد

صدقني سن بكره

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 171

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 172

البكر، الفتى من الإبل. ويقال: صدقته الحديث، وفي الحديث. يضرب مثلاً في الصدق. وأصله أن رجلاً ساوم رجلاً في بكر فقال: ما سنه? فقال صاحبه: بازل. ثم نفر البكر فقال له صاحبه: هدع هدع. وهذه لفظة يسكن بها الصغار من الإبل، فلما سمع المشتري هذه الكلمة قال: صدقني سن بكره. ونصب سن على معنى عرفني سن. ويجوز أن يقال أراد صدقني خبر سن، ثم حذف المضاف. ويروى: صدقني سن، بالرفع، جعل الصدق للسن توسعاً. قال أبو عبيد: وهذا المثل يروى عن علي رضي الله عنه أنه أتى فقيل له: أن بني فلان وبني فلان اقتتلوا فغلب بنو فلان، فأنكر ذلك، ثم أتاه آت فقال: بل غلب بنو فلان، للقبيلة الآخرى، فقال علي: صدقني سن بكره. وقال أبو عمرو: دخل الأحنف على معاوية بعد ما مضى علي رضي الله تعالى عنه، فعاتبه معاوية وقال له: أما أني لم أنس ولم أجهل اعتزالك يوم الجمل ببني سعد ونزولك بهم سفوان وقريش تذبح بناحية البصرة ذبح الحيران، ولم أنسى طلبك إلى ابن أبي طالب أن يدخلك في الحكومة لتزيل عني أمراً جعله الله لي وقضاه، ولم أنس تحضيضك بني تميم يوم صفين على نصرة علي كل يبكته. قال: فخرج الأحنف من عنده فقيل له: ما صنع بك? وما قال لك? قال: صدقني سن بكره، أي خبرني بما في نفسه وما انطوت عليه ضلوعه.

صباء في همامة

الصباء الصبا، إذا فتحت مددت وإذا كسرت قصرت. والهمامة، مصدر الهم، يقال شيخ هم، إذا أشرف على الفناء، وهم عمره بالنفاد: يضرب للشيخ يتصابى.

صمت حصاة بدم

قال الأصمعي: أصله أن يكثر القتل وسفك الدماء حتى إذا ما وقعت حصاة من يد راميها لمن يسمع لها صوت، لأنها لا تقع إلا في دم فهي صماء، وليست تقع على الأرض فتصوت. ومثله في تجاوز الحد: بلغت الدماء البنن. وإنما جعل الصمم فعلاً للحصاة وهو، أعني الصمم، انسداد طريق الصوت على السامع حتى لا يدخل إذنه، لأنهم جعلوا الدم ساداً لما يخرج من صوت الحصاة إلى السامع، فعدوا عدم الخروج كعدم الدخول ويجوز أن يقال جعل الحصاة صماء لأنها تسمع صوت نفسها لكثرة الدم ولولا ذلك لصوتت فسمعت. يضرب في الإسراف في القتل وكثرة الدم.

صبراً على مجامر الكرام

قال قوم راود يسار الكواعب مولاته عن نفسها فنهته فلم ينته فقالت: إني منجرتك نجوراً فإن صبرت عليه طاوعتك. ثم أتته بجمرة فلما جعلتها تحته قبضت على مذاكيره فقطقتها وقالت: صبراً على مجامر الكرام. ويضرب لمن يؤمر بالصبر على ما يكره تهكماً. وقال المفضل: بلغنا أن إعرابياً قدم الحضر بابل فباعها بمال جم وأقام لحوايج له، ففطن قوم من جيرته لما معه من المال فعرضوا عليه تزويج جارية وصفوها بالجمال والحسب والكمال، طمعاً في ماله، فرغب فيها فزوجوه إياها، ثم إنهم اتخذوا طعاماً وجمعوا الحي وأجلس الأعرابي في صدر المجلس فلما فرغوا من الطعام ودارت الكؤوس وشرب الأعرابي وطابت نفسه، أتوه بكسوة فاخرة وطيب فالبس الخلع ووضعت تحته مجمرة فيها بخور لا عهد له بذلك، وكان لا يلبس السراويل، فلما جلس عليها سقطت مذاكيره في المجمرة فاستحيا أن يكشف ثوبه وظن أن تلك سنة لا بد منها، فصبر على النار وهو يقول: صبراً على مجامر الكرام. فذهبت مثلاً. واحترقت مذاكيره، وتفرق القوم، وارتحل الأعرابي إلى البادية وترك امرأته وماله فلما قص على قومه قالوا: ما رأي إست لم تعود المجمرة? فذهب قولهم مثلاً أيضاً. يضرب لمن لم يكن له عهد قديم.

صمي ابنة الجبل مهما يقل تقل

ابنة الجبل، الصدى، وهو الصوت يجيبك من الجبل وغيره. والداهية، يقال لها ابنة الجبل أيضاً. وأصلها الحية فيما يقال. يقول: اسكتي إنما تتلمين إذا تكلم. يضرب مثلاً للامعة الذليل، أي أنك تابع لغيرك. قاله أبو عبيدة.

صيدك لا تحرمه

يضرب للرجل يطلب غيره بوتر فيسقط عليه وهو مغتر، أي أمكنك الصيد فلا تغفل عنه، أي اشتف منه.

صفقة لم يشهدها حاطب

هو حاطب بن أبي بلتعة، وكان حازماً، وباع بعض أهله بيعة غبن فيها حين لم يشهدها حاطب، فضرب هذا المثل لكل أمر يبرم دون صاحبه.

صادف دراء السيل درأ يصدعه

الدرء، الدفع. ويسمى ما يحتاج إلى دفعه من الشر دراء. ويعني به ههنا دفعات السيل، أي صادف الشر شراً يغلبه. وهذا كما يقال: الحديد بالحديد يفلح.

أصابنا وجار الضبع

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 172

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 173

هذا مثل تقوله العرب عند اشتداد المطر. يعنون مطراً يستخرج الضبع من وجارها.

صارت الفتيان حمما

هذا من قول الحمراء بنت ضمرة بن جابر، وذلك أن بني تميم قتلوا سعد ابن هند، أخا عمرو بن هند الملك، فنذر عمرو ليقتلن بأخيه مائة من بني تميم، فجمع أهل مملكته، فسار إليهم فبلغهم الخبر، فتفرقوا في نواحي بلادهم، فأتى دارهم فلم يجد إلا عجوزاً كبيرة وهي الحمراء بنت ضمرة، فلما نظر إليها وإلى حمرتها قال لها: إني لأحسبك أعجمية. فقالت: لا، والذي أسأله أن يخفض جناحك، ويهد عمادك، ويضع وسادك، ويسلبك بلادك، ما أنا بأعجمية. قال: فمن أنت? قالت أنا بنت ضمرة بن جابر، ساد معداً كابراً عن كابر، وأنا أخت ضمرة بن ضمرة. قال: فمن زوجك? قالت: هوذة بن جرول. قال: وأين هو الآن أما تعرفين مكانه? قالت: هذه كلمة أحمق، لو كنت أعلم مكانه حال بينك وبيني. قال: وأي رجل هو? قالت: هذه أحمق من الأولى، أعن هوذة يسأل?. هو والله طيب العرق، سمين العرق، لا ينام ليلة يخاف، ولا يشبع ليلة يضاف، يأكل ما وجد، ولا يسأل عما فقد. فقال عمرو: أما والله لولا أني أخاف أن تلدي مثل أبيك وأخيك وزجك لاستبقيتك. فقالت: وأنت والله لا تقتل إلا نساء أعاليها ثدي وأسفلها دمي، ووالله ما أدركت ثأراً ولا محوت عاراً وما من فعلت هذه به بغافل عنك ومع اليوم غد. فأمر بإحراقها فما نظرت إلى النار قالت: هيهات صارت الفتيان حمما. فذهبت مثلاً. ثم ألقيت في النار ولبث عمرو عامة يومه لا يقدر على أحد حتى إذا كان في آخر النهار أقبل راكب يسمى عماراً توضع به راحلته حتى أناخ إليه فقال له عمرو: من أنت? قال: أنا رجل من البراجم. قال فما جاء بك إلينا? قال: سطع الدخان وكنت قد طويت منذ أيام فظننته طعاماً. فقال عمرو: إن الشقي وافد البراجم. فذهبت مثلاً. وأمر به فألقي في النار فقال بعضهم: ما بلغنا أنه أصاب من بني تميم غيره وإنما أحرق النساء والصبيان. وفي ذلك يقول جرير:
وأخزاكم عمرو كما قد خزيتم وأدرك عماراً شقي البراجم
ولذلك عيرت بنو تميم بنقب الطعام لما لقي هذا الرجل. قال الشاعر:
إذا ما مات ميت من تـمـيم فسرك أن يعيش فجئ بزاد
بخبز أو بلحم أو بـتـمـر أو الشيء الملفف في البجاد
تراه ينقـب الآفـاق حـولاً ليأكل رأس لقمان بن عـاد

صدقته الكذوب

يعني بالكذوب النفس. يضرب لمن يتهدد الرجل فإذا رآه كذب، أي كع وجبن، قال الشاعر:
فأقبل نحوي على غرة فلما دنا صدقته الكذوب

صهب السبال

كناية عن الأعداء. قال الأصمعي: صهب السبال وسود الأكباد يضربان مثلاً للأعداء وإن لم يكونوا كذلك. قال ابن قيس الرقيات:
إن تريني تغـير الـلـون مـنـي وعلا الشيب مفرقـي وقـذالـي
فظلال السـيوف شـيبـن رأسـي وأعتناقي في الحرب صهب السبال
يقال: أصله الروم، لأن الصهوبة فيهم، وهم أعداء العرب.

الصبي أعلم بمضغ فيه

يضرب لمن يشار عليه بأمره هو أعلم بأن الصواب في خلافه. وروى أبو عبيدة: بمصغى فيه، بالصاد غير معجمة، من صغى يصغى إذا مال، أي يعلم كيف يميل بلقمته إلى فيه. كما قيل أهدى من اليد إلى الفم. وروى أبو زيد: الصبي أعلم بمصغى خذه. أي يعلم إلى من يميل، ويذهب إلى حيث ينفعه، فهو أعلم به وبمن يشفق عليه.

صفرت يداه من كل خبر

أي خلتا. وفي الدعاء: نعوذ بالله من صفر الإناء وقرع الفناء.

صدرك أوسع لسرك

يضرب في الحث على كتمان السر. يقال: من طلب لسره موضعاً فقد أفشاه. وقيل لإعرابي: كيف كتمانك للسر? قال: أنا لحده.

صار شأنهم شويناً

يضرب لمن نقصوا وتغيرت حالهم. يقال: تقدم المهلب بن أبي صفرة إلى شريح القاضي فقال له: أبا أمية، لعهدي بك وإن شأنك لشوين. فقال له شريح: أبا محمد، أنت تعرف نعمة على غيرك وتجهلها من نفسك.

صمي صمام

يقال للداهية والحرب صمام، على وزن قطام وحذام، وصمي ابنة الجبل. وأصلها الحية فيما يقال. أنشد ابن الأعرابي لدوس بن ضباب:
إني إلـى كـل أيسـار وبـادية أدعو حبيشاً كما تدعى ابنة الجبل
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 173

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 174

أي، أنوه به كما ينوه بابنة الجبل، وهي الحية. وإنما يقولون: صمي صمام، وصمي ابنة الجبل، إذا أبى الفريقان الصلح ولجوا في الاختلاف، أي لا تجيبي الراقي ودومي على حالك. قال ابن أحمر:
فردوا ما لديكم من ركابي ولما تاتكم صمي صمام
فجعلها عبارة عن الداهية. وقال الكميت:
صقر يلوذ حمامه بالعوسج
يضرب للرجل المهيب، وخص العوسج لأنه متداخل الأغصان يلوذ به الطير خوفاً من الجوارح. قال عمران بن عصام العنزي لعبد الملك بن مروان:
بعثت من ولد الأغر معتـبـاً صقراً يلوذ حمامه بالعوسج
فإذا طبخت بناره أنضجـتـه وإذا ُطبخت بغيرها لم تنضج
يعني الحجاج بن يوسف.

صنعة من طب لمن حب

أي، أصنع هذا الأمر لي صنعة من طب لمن حب، أي صنعة حاذق لإنسان يحبه. يضرب في التنوق في الحاجة واحتمال التعب فيها. وإنما قال، حب، لمزاوجة طب، وإلا فالكلام أحب. وقال بعضهم: حببته وأحببته لغتان، وقال:
ووالله لولا تمره ما حبـبـتـه ولا كان أني من عبيد ومشرف
وهذا وإن صح شاذ نادر لأنه لا يجيء من باب فعل يفعل، بكسر العين، في المستقبل من المضاعف فعل يتعدى إلا أن يشركه يفعل، بضم العين. نحو: نم الحديث ينمه وينمه، وشد الشيء يشده ويشده، وعل الرجل يعله ويعله، وكذلك أخواتها، وحبه يحبه جاءت وحدها شاذة لا يشركها، يفعل، بالضم.

أصاب قرن الكلا

يضرب للذي يصيب مالاً وافراً لأن قرن الكلا أنفه الذي لم يؤكل منه شيء.

صلدت زناده

إذا قدح فلم يور. يضرب للبخيل يسأل فلا يعطي. قال الشاعر:
صلدت زنادك يا يزيد وطالمـا تعبت زنادك للضريك المرمل

صار الأمر إلى الوزعة

يعني، قام بإصلاح الأمر أهل الأناة والحلم. والوزعة، جمع وازع يقال: وزع إذا كف. وذكر أن الحسن البصري لما استقضي ازدحم الناس عليه فآذوه فقال: لا بد للسلطان من وزعة. فلذلك ارتبط السلاطين هذا الشرط.

سار خير قويس سهماً

أي، صار إلى الحال الجميلة بعد الخساسة. وتقدير الكلام: صار خير سهام قويس سهما. وصغر القوس لأنها إذا كانت صغيرة كانت أنفذ سهماً من العظيمة.

أصمى رميته

يقال: أصمى الرامي إذا أصاب. وأنمى إذا أشوى، أي أصاب الشوى ولم يصب المقتل. ويقال: بل يقال هو الذي يغيب عنك ثم يموت. وفي الحديث: كل ما أصميت ودع ما أنميت. يضرب للرجل يقصد الأمر فيصيب منه ما يريد.

أصاخ إصاخة المنده للناشد

الإصاخة، السكوت. والناشد، الذي ينشد الشيء. والناده، الزاجر. والمنده، الكثير النده، أي الزجر للإبل. يضرب لمن جد في الطلب ثم عجز فأمسك.

صرح الحق عن محضه

أي انكشف الأمر وظهر بعد غيوبه. وقال أبو عمرو: أي انكشف الباطل واستبان الحق فعرف.

صفرت وطابه

الوطب، سقاء اللبن. وصفرت، خلت. وهذا اللفظ كناية عن الهلاك: قال امرؤ القيس:
فافلتهن علباء جـريضـا ولو أدركته صفر الوطاب
قوله جريضاً أي بآخر رمق، ولو أردكته لقتل، ومن قتل أو مات ذهب قراه وخلت وطابه من حلبه.

صدقني وسم قدحه

وسم القدح، العلامة التي تدل عليه لتدل على نصيبه، وربما كانت العلامة بالنار. ومعنى المثل خبرني بما في نفسه. وهو مثل قولهم: صدقني سن بكره.

الصدق ينبي عنك لا الوعيد

يقول: إنما ينبي عدوك عنك إن تصدقه في المحاربة وغيرها لا أن توعده ولا تنفذ لما توعد به.

صغراهن شراهن

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 174

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 175

ويروى صغراها شراها. ويروى مراها. وأول من قال ذلك امرأة كانت في زمن لقمان لها زوج يقال له: الشجي. وخليل يقال له: الخلي. فنزل لقمان بهم، فرأى هذه المرأة ذات يوم انتبذت من بيوت الحي فارتاب لقمان بأمرها فتبعها فرأى رجلاً عرض لها ومضيا جميعاً وقضيا حاجتهما، ثم أن المرأة قالت للرجل: إني أماوت، فإذا اسندوني في رجمي فأتني ليلاً فأخرجني ثم أذهب إلى مكان لا يعرفنا أهله. فلما سمع لقمان ذلك قال: ويل للشجي من الخلي. فأرسها مثلاً. ثم رجعت المرأة إلى مكانها وفعلت ما قالت، فأخرجها الرجل وانطلق بها أياماً إلى مكان آخر، ثم تحولت إلى الحي بعد برهة فبينا هي ذات يوم قاعدة مرت بها بناتها فنظرت إليها الكبرى فقالت: أمي والله. قالت الوسطى: صدقت والله. قالت المرأة: كذبتما ما أنا لكما بأم ولا لأبيكما بامرأة. فقالت لهما الصغرى: أما تعرفان محياها. وتعلقت بها وصرخت فقالت الأم حين رأت ذلك: صغراهن شراهن. فذهبت مثلاً. ثم إن الناس اجتمعوا فعرفوها فرفعوا القصة إلى لقمان بن عاد وقالوا له: اقض بيننا فلما نظر لقمان إلى المرأة عرفها فقال: عند جهينة الخبر اليقين. يعني نفسه وما عاين منها. فأخبر لقمان الزوج بما عرف فقال: عند جهينة الخبر اليقين. يعني نفسه وما عاين منها. فأخبر لقمان الزوج بما عرف، وأقبل على المرأة فقص عليها قصتها كيف صنعت? وكيف قالت لصديقها? فلما أتاها بما لا تنكر قالت: ما كان هذا في حسابي. فأرسلتها مثلاً. فقال لقمان: أحكم فيها. فقال: ارجموها كما رجمت نفسها في حياتها. فرجمت. فقال الشجي: أحكم بيني وبين الخلي فقد فرق بيني وبين أهلي. فقال: يفرق بين ذكره وأنثيه كما فرق بينك وبين أنثاك. فأخذ الخلي فجب ذكره.

صحيفة المتلمس

قال المفضل: كان من حديثها أن عمرو بن المنذر بن امرئ القيس، كان يرشح أخاه قابوس، وهما لهند بنت الحرث بن عمرو الكندي آكل المرار، ليملك بعده، فقدم عليه المتلمس وطرفة فجعلها في صحابة قابوس وأمرهما بلزمه. وكان قابوس شاباً يعجبه اللهو وكان يركب يوماً في الصيد فيركض ويتصيد وهما معه يركضان حتى رجعا عشية وقد لغبا فيكون قابوس من الغد في الشراب فيقفان بباب سرادقه إلى العشي، وكان قابوس يوماً على الشراب فوقفا ببابه النهار كله ولم يصلا إليه، فضجر طرفة وقال:
فليت لنا مكان الملك عمـرو رغوثاً حول قبتنا تـخـور
من الزموات أسبل قادماهـا ودرتهـا مـركـبة درور
يشاركنا لنا رخـلان فـيهـا وتعلوها الكباش فما تثـور
لعمرك أن قابوس بن هنـد ليخلط ملكه نـوك كـبـير
فسمت الدهر في زمن رخي كذاك الحكم يقصدا ويجـور
لنـا يوم ولـلـكـروان يوم تطير البائسات ولا نـطـير
فأما يومهـن فـيوم سـوء يطاردهن بالخراب الصقور
وأما يومنا فنظـل ركـبـا وقوفاً لا نحل ولا نـسـير
وكان طررفة عدواً لابن عمه عبد عمرو، وكان كريماً على عمرو بن هند، وكان سميناً بادناً، فدخل مع عمرو الحمام فلما تجرد قال عمرو بن هند: لقد كان ابن عمك طرفة رآك حين قال ما قال. وكان طرفة هجا عبد عمرو فقال:
ولا خير فيه غير أن له غـنـى وإن له كشحاً إذا قام أهضمـا
تظل نساء الحي يعكفن حـولـه يقلن عسيب من سرارة ملهمـا
له شربتان بالعـشـي وشـربة من الليل حتى آض جبسامورما
كأن السلاح فوق شعـبة بـانة ترى نفحاً ورد الأسرة أصممـا
ويشرب حتى يغمر المحض قلبه فإن أعطه أترك لقلبي مجثمـا
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 175

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 176

فلما قال له عبد عمرو أنه قال ما قال وأنشد ذلك، قال: فليت لنا مكان الملك عمرو..... فقال عمرو: ما أصدقك عليه. وقد صدقه، ولكن خاف أن ينذره وتدركه الرحم، فمكث غير كثير ثم دعا المتلمس وطرفة فقال: لعلكما اشتقتما إلى أهلكما وسركما أن تنصرفا! قالا: نعم! فكتب لهما إلى أبي كرب، عامله على هجر، أن يقتلهما، وأخبرهما أنه قد كتب لهما بحباء معروف، وأعطى كل واحد منهما شيئاً. فخرجا، وكان المتلمس قد اسن، فمر بنهر الحيرة على غلمان يلعبون فقال المتلمس: هل لك في كتابينا فإن كان فيهما خير مضينا له وإن كان شراً اتقيناه. فأبى طرفة عليه، فأعطى المتلمس كتابه بعض الغلمان فقرأه عليه فإذا فيه السوأة، فألقى كتابه في الماء وقال لطرفة: أطعني وألق كتابك. فأبى طرفة ومضى بكتابه. قال: ومضى المتلمس حتى لحق بملوك بني جفنة بالشام. وقال المتلمس في ذلك:
من مبلغ الشعراء عن أخويهـم نبأ فتصدقهم بـذاك الأنـفـش
أودى الذي علق الصحيفة منهما ونجا خذا رحبائه المتلـمـس
ألقى صحيفته ونجـت كـوره وجناء محمر المناسم عرمـس
عيرانة طبخ الهواجر لحمـهـا فكأن نقبتـهـا أديم أمـلـس
ألق الصحيفة لا أبـا لـك إنـه يخشى عليك من الحباء النقرس
ومضى طرفة بكتابه إلى العامل فقتله وروى عبيد رواية الأعشى قال: حدثني الأعشى قال حدثني المتلمس، واسمه عبد المسيح بن جرير، قال: قدمت أنا وطرفة بن العبد على عمرو بن هند، وكان طرفة غلاماً معجباً تائهاً، فجعل يخلج في مشيه بيزيديته، فنظر إليه نظرة كادت تقتلعه من مجلسه، وكان عمرو لا يتبسم ولا يضحك، وكانت العرب تسميه مضرط الحجارة لشدة ملكه، وملك ثلاثاً وخمسين سنة، وكانت العرب تهابه هيبة شديدة، وهو الذي يقول له الذهاب العجلي، واسمه مالك بن جندل بن سلمة من بني عجل، ولقب بالذهاب لقوله:
وما سيرهن إذ علون قراقـرا بذي أمم ولا الذهـاب ذهـاب
أبى القلب أن يأتي السدير وأهله وإن قيل عيش بالسدير غـرير
به البق والحمى وأسد خـفـية وعمرو بن هند يعتدي ويجور
قال المتلمس: فقلت لطرفة حين قمنا: يا طرفة إني أخاف عليك من نظرته إليك مع ما قلت لأخيه. قال: كلا. قال: فكتب له كتاباً إلى المكعبر، وكان عامله على البحرين وعمان، لي كتاب ولطرفة كتاب، فخرجنا حتى إذا هبطنا بذي الركاب من النجف إذا أنا بشيخ عن يساري يتبرز ومعه كسرة يأكلها ويقصع القمل فقلت: تالله أن رأيت شيخاً أحمق وأضعف وأقل عقلاً منك. قال: ما تنكر? قلت: تتبرز وتأكل وتقصع القمل. قال: أخرج خبيثاً وادخل طيباً واقتل عدواً. وأحمق مني وألأم حامل حتفه بيمينه لا يدري ما فيه. فنبهني وكأنما كنت نائماً، فإذا أنا بغلام من أهل الحيرة يسقي غنيمة له من نهر الحيرة فقلت: يا غلام، أتقرأ? قال: نعم. قلت: اقرأ. فإذا فيه باسمك اللهم، من عمرو بن هند إلى المكعبر، إذا ُأتاك كتابي هذا مع المتلمس فاقطع يديه ورجليه و ادفنه حياً. فالقيت الصحيفة في النهر. وذلك حين أقول:
ألقيتها بالثني من جنب كافـر كذلفك أقنو كل قط مضلـل
رضيت لها لما رأيت مدارها يجول به التيار في كل جدول
وقلت: يا طرفة، معك والله مثلها. قال: كلا، ما كان ليكتب بمثل ذلك في عقر دار قومي. فأتى المكعبر فقطع يديه ورجليه ودفنه حياً. يضرب لمن يسعى بنفسه في حينها ويغررها.

صاحت عصافير بطنه

قال الأصمعي: العصافير الأمعاء. يضرب للجائع.
أصمم عماً ساءه سميع
أي أصم من القبيح الذي يكربه ويغمه وسميع لما يسره. أي يسمع الحسن ويتصامم عن القبيح فعل الرجل الكريم.

صابت بقر

أي نزل الأمر في قراره فلا يستطاع له تحويل. وصابت، من الصوب وهو النزول. والقر، القرار. يضرب عند شدة تصيبهم، أي صارت الشدة في قرارها. ويروى: وقعت بقر. قال عدي بن زيد:
ترجيها وقد وقعت بـقـر كما ترجو أصاغرها عتيب

صبحناهم فغدوا شأمة

أي أوقفنا بهم صبحاً فأخذوا الشق الأشأم. أي صاروا أصحاب شأمة وهي ضد اليمنة.

أصلح غيث ما أفسد البرد

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 176

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 177

يعني إذا أفسد البرد الكلأ بتحطيمه إياه أصحله المطر بإعادته له. يضرب لمن أصلح ما أفسده غيره.

الصمت حكم وقليل فاعله

الحكم، الحكمة ومنه قوله تعالى: "وآتيناه الحكم صبياً". ومعنى المثل استعمال الصمت حكمة ولكن قال من يستعملها. يقال أن لقمان الحكيم دخل على دواد عليهما السلام وهو يصنع درعاً، فهم لقمان أن يسأله عما يصنع، ثم أمسك ولم يسأل حتى تمم داود الدرع وقام فلبسها وقال: نعم أداة حرب فقال لقمان: الصمت حكم وقليل فاعله.

الصمت يكسب أهله المحبة

الحكم، الحكمة ومنه قوله تعالى: وآتيناه الحكم صبياً. ومعنى المثل استعمال الصمت حكمة ولكن قل من يستعملها. يقال أن لقمان الحكيم دخل على داود عليهما السلام وهو يصنع درعاً، فهم لقمان أن يسأله عما يصنع، ثم أمسك ولم يسأل حتى تمم داود الدرع وقام فلبسها وقال: نعم أداة حرب. فقال لقمان: الصمت حكم وقليل فاعله.

الصمت يكسب أهله المحبة

أي محبة الناس لسلامتهم منه. يضرب في مدح قلة الكلام.

صار الأمر عليه لزام

مكسور مثل حذام وقطام. أي صار هذا الأمر لازماً له.

صوت امرئ واست ضبع

وذلك أن رجلاً من بني عقيل كان أسيراً في عنزة اليمن، فبقي أربع حجج، فعلق النساء يرسلنه فيحطبهن ويسقيهن الماء، فإذا ُأقبل نظرن إلى صدره وإذا ما نهض تضاعف فقلن: يا أبا كليب أما حين تقوم فصدرة أم أسد وأما إذا أدبرت فرجلاً أم ضبع، وأنه كره أن يهرب نهاراً فتأخذه الخيل، فأرسلته عشية مع الليل فمر من تحت الليل فأصبح وقد استحرز. يضرب للداهي الذي يخادع القوم.

صاحب سر فطنته في غربة

أي أنه لا يدري كيف يدبره ويحفظه حتى يضيعه، يعني السر.

صبراً وإن كان قتراً

القترة، شدة المعيشة. ويروى: وإن كان قبراً. يضرب عند الشدائد والمشاق.

صه صاقع

يقال: صه، أي اسكت. وصقع، إذا كذب. قال ابن الأعرابي: الصاقع الذي يصقع في كل النواحي. أي اسكت فقد ضللت عن الحق. يضرب لمن عرف بالكذب.

صري واحلبي

الصر، شد الضرع بالصرار. يضرب في حفظ المال.

أصيد القنفذ أم لقطة

يضرب لمن وجد شيئاً لم يطلبه.

أصابتهم خطوب تنبل

أي تختار الأنبل فالأنبل، يعني تصيب الخيار منهم.

أصابته حطمة حتت ورقة

أي نكبة زلزلت أركانه.

أصغر القوم شفرتهم

أي خادمهم الذي يكفي مهنتهم. شبه بالشفرة تمتهن في قطع اللحم وغيره.

صار الزج قدام السنان

يضرب في سبق المتأخر المتقدم من غير استحقاق.

أصبح ليل

ذكر المفضل بن محمد بن يعلي الضبي أن امرأ القيس بن حجر الكندي كان رجلاً مفركاً لا تحبه النساء ولا تكاد امرأة تصبر معه، فتزوج امرأة من طيء فابتنى بها فأبغضته من تحت ليلتها وكرهت مكانها معه، فجعلت تقول: يا خير الفتيان أصبحت أصبحت. فيرفع رأسه فينظر فإذا الليل كما هو. فتقول: أصبح ليل. فلما أصبح قال لها: قد علمت ما صنعت الليلة، وقد عرفت إن ما صنعت كان من كراهية مكاني في نفسك، فما الذي كرهت مني? فقالت: ما كرهتك. فلم يزل بها حتى قالت: كرهت منك إنك خفيف العزلة، ثقيل الصدر، سريع الأراقة، بطيء الإفاقة. فلما سمع ذلك منها طلقها وذهب قولها: أصبح ليل. مثلاً. قال الأعشى:
وحتى يبيت القوم كالضيف ليلة يقولون أصبح ليل والليل عاتم
وإنما يقال ذلك في الليلة الشديدة التي يطول فيها الشر. ومعنى بيت الأعشى حتى يبيت القوم غير مطمئنين.

أصاب تمرة الغراب

يضرب لمن يظفر بالشيء النفيس لأن الغراب يختار أجود التمر.

أصبح فيما دهاه كالحمار الموحول

يضرب لمن وقع في أمر لا يرجى له التخلص منه. والموحول، المغلوب بالوحل. يقال: وأحلته فوحلته أو حله إذا غلبته به.

أصم الله صداه

أي دماغه وموضع سمعه. يقال في الدعاء على الإنسان بالموت. قال الأصمعي: العرب تقول الصدى في الهامة، والسمع في الدماغ، واصم الله صداه من هذا. قلت: الصحيح في هذا أن يقال الصدى الذي يجبيبك بمثل صوتك من الجبال وغيرها، وإذا مات الرجل لم يسمع الصدى منه شيئاً فيجيبه كأنه صم.

صاح بهم حادثات الدهر

يضرب لقوم انقرضوا واستأصلتهم حوادث الزمان.

صفرت عياب الود بيننا

يضرب في انقطاع المودة وانقضائها.

صار حلس بيته

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 177

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 178

إذا لزمه لزوماً بليغاً. والحلس، ما ولي ظهر البعير تحت المقتب من كساء أو مسح يلازمه ولا يفارقه. ومنه حديث أبي بكر رضي الله عنه في فتنة ذكرها: كن حلس بيتك حتى تأتيك يد خاطئة أو منية قاضية. يأمره بلزوم بيته.

صرحت كحل

وذلك إذا أصابت الناس سنة شديدة يقال صرح بالضم صراحة وصروحة إذا خلص، وكذلك صرح بالتشديد. وكحل السنة والجدب معرفة لا تدخلها الألف واللام فإذا قيل صرحت كحل كان معناه خلصت السنة في الشدة والدوبة. وقيل كحل اسم للسماء يقال صرحت كحل إذا لم يكن في السماء غيم. قال سلامة بن جندل:
قومن إذا صرحت كحل بـيوتـهـم مأوى الضريك ومأوى كل قرضوب
ومعنى صرحت ههنا انكشفت كما يقال صرح الحق عن محضه.

صر عليه الغزو إسته

الصر، شد الصرار على أطباء الناقة. يضرب لمن ضيق تصرفه عليه أمره. قال المؤرج: دخل رجل على سليمان بن عبد الملك، وكان سليمان أول من أخذ الجار بالجار، وعلى رأس سليمان وصيفة روقة، فنظر إليها الرجل فقال له سليمان: أتعجبك? فقال: بارك الله لأمير المؤمنين فيها. فقال: أخبرني بسبعة أمثال قيلت في الإست وهي لك. فقال الرجل: إست البائن أعلم. قال سليمان: واحد. قال: صر عليه الغزو إسته. قال سليمان: اثنان. قال: إست لم تعود المجمر. قال سليمان ثلاثة. قال: إست المسؤول أضيق. قال سليمان أربعة. قال: الحر يعطي والعبد يألم إسته. قال سليمان خمسة. قال الرجل: إستي أخبثي. قال سليمان: ستة. قال: بلى أخذت الجار بالجار كما يأخذ أمير المؤمنين. قال: خذها لا بارك الله لك فيها.

صدقني قحاح أمره

وقح أمره، أي صحة أمره وخالصه من قولهم عربي قح، أي خالص.

صرخت بجلذان

كذا أورده الجوهري بالذال المعجمة. ووجدت عن الفراء غير معجمة قال: يقال صرحت بجلدان وبجدان وبجداء، إذا تبين لك الأمر وصرح. وقال ابن الأعرابي: يقال صرحت بجد وجدان وجلدان وجداء وجلداء. وأورده حمزة في أمثال بالذال المعجمة، وأظن الجوهري نقل عنه، وهو على الجملة موضع بالطائف لين مستو كالراحة لا خمر فيه يتوارى به. والتاء في صرحت عبارة عن القصة أو الخطة.

صرح المحض عن الزبد

يقال للأمر إذا انكشف وتبين.

الصريح تحت الرغوة

قال أبو الهيثم: معناه أن الأمر مغطى عليك وسيبدو لك.

صلخاً كصلخ النعامة

أي صلخه الله كما صلخ النعامة. وهذا كما يقال للنعامة مصلم الأذنين.

صلمعة بن قلمعة

قال ابن الأعرابي: هذا مثل قولهم، طامر بن طامر، إذا كان لا يدري من هو ولا يعرف أوبوه وهو من طمر إذا وثب. يضرب لمن يظهر ويثب على الناس من غير أن يكون له قديم وينشد:
صلمعة بن قلمعة بن فـقـع بقاع ما حديثـك تـزدرينـي
لقد دافعت عنك الناس حتـى ركبت الرحل كالجرز السمين

أصابه ذباب لاذع

يضرب لمن نزل به شر عظيم يرق له من سمعه.

صبان ثوب لقبت هرانعا

الهرنوع، القملة الكبيرة. والصبئان، جمع صؤاب وهي بيضة القلمة. يضرب لمن يظهر جدة والناس يعلمون أنه سيئ المال.

صارت ثرياً وهي عود أقشر

الثرية والثرياء، الأرض الندية. ومال ثري، أي كثير. ورجل ثروان، وامرأة ثروى، إذا كثر مالها. وثريا تصغير ثروى. والأقشر، الأحمر الذي كأنه نزع قشره. يضرب لمن حسنت حاله بعد فقر وكثر مادحوه بعد ذم.

صبراً أتان فالجحاش حول

الحول، جمع حائل وهي التي لم تحمل عامها. ونصب صبراً على المصدر. يضرب لمن وعد وعداً حسناً والموعود غير حاضر، وخص الجحاش ليكون التحقيق أبعد.

صبوح حيان به جموح

حيان، اسم رجل. والصبوح، ما يشرب عند الصبح وهو يجمح بشاربه لأنه شربها في غير وقتها. يضرب لمن يتصدر للرياسة في غير حينها.

صبحى شكوت فاستشنت طالق

يقال ناقة صبحى إذا حلب لبنها. والطالق الناقة التي يتركها الراعي لنفسه فلا يحلبها على الماء. يقول: هذه الصبحى شكوتها إذا حلبت فما بال هذا الطالق صار ضرعها كالشن البالي. يضرب للرجلين يعذر أحدهما في أمر قد تقلداه معاً ولا يعذر الآخر فيه لاقتداره عليه أن عجز عنه صاحبه.

صبعت لي إصبعك العمالة

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 178

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 179

يقال صبعت بفلان وعلى فلان أصبع صبعاً إذا اشرت نحوه بإصبعك مغتاباً. وههنا صبعت لي، ولم يقل علي ولا بي لأنه أراد استعملت إصبعك العمالة لي، أي لأجلي. ويصح أن تقول صبعت إصبعك، أي أصبتها، كما يقول رأسته وصدرته ويديته، أي أصبت هذه الأشياء والأعضاء منه. ويجوز أن يكون لي بمعنى إلي كما يقال هديته للطريق وإلى الطريق وأوحيت إليه وله، فتكون من صلة معنى صبعت، وهو أشرت، كأنه قال أشرت لي، أي إلي. والعمالة، مبالغة العاملة، أي أنها تعودت ذلك العمل. يضرب لمن يعيبك باطناً ويثني عليك ظاهراً.

صراة حوض من يذقها يبصق

الصراة، الماء المجتمع في الحوض أو في البئر أو غير ذلك. فيبقى الماء فيه أياماً ثم يتغير. يضرب للرجل يجتنبه أهله وجيرانه لسوء مذهبه.

صبابتي تروي وليست غيلاً

الصبابة، بقية الماء في الإناء وغيره. والغيل، الماء يجري على وجه الأرض. يضرب لمن ينتفع بما يبذل وإن لم يدخل في حد الكثرة.

الصوف ممن ضن بالرسل حسن

يقال: هذا قاله رجل نظر إلى نعجة لها صوف كثير فاغترر بصوفها وظن أن لها لبناً فلما حلبها لم يكن بها لبن فقال هذا. يضرب لمن نال قليلاً ممن طمع في كثير.

صكاً ودرهماك لك

قال المفضل: إن امرأة بغيا كانت تؤجر نفسها من الرجال بدرهمين لكل من طلبها فاستأجرها يوماً رجل بدرهمين، فلما جاء معها أعجبها جماعه وقوته وشدة رهزه فجعلت تقول: صكاً، أي صك صكاً، ودرهماك لك. فذهبت مثلاً. وروى ابن شميل: غمزا ودرهماك لك فإن لم تغمز فبعد لك، رفعت البعد. قال يضرب مثلاً للرجل تراه يعمل العمل الشديد.

اصطناع المعروف يقي مصارع السوء

يقال: صنع معروفاً، واصطنع كذلك في المعنى، أي فعل المعروف في أهله يقي فاعله الوقوع في السوء.

الصدق عز والكذب خضوع

قاله بعض الحكماء. يضرب في مدح الصدق وذم الكذب.

صالبي أشد من نافضك

هما نوعان من الحمى. يضرب في الأمرين يزيد أحدهما على الآخر شدة.

الصدق في بعض الأمور عجز

أي ربما يضر الصدق صاحبه.

صررنا حب ليلى فانتثر

أي صناه فضاع. يضرب لما يتهاون به.

صبح بني فلان زوير سوء

إذا عراهم في عقر دارهم. والزوير، زعيم القوم وقال:
قد نضرب الجيش الخميس الأزورا حتـى تـرى زويره مـجـورا

صبراً وبضبي

قاله شتير بن خالد لما قتله ضرار بن عمرو الضبي بابنه حصين. ونصب صبراً على الحال، أي اقتل مصبوراً، أي محبوساً. وقوله وبضبي، أي اقتل بضبي، كأنه يأنف أن يكون بدل ضبي. يضرب في الخصلتين المكروهتين يدفع الرجل إليهما.

ما على أفعل من هذا الباب

أصبر من قضيب

قال ابن الأعرابي: هو رجل كان في الدهر الأول من بني ضبة. وله حديث سيأتي في باب اللام. وضربت به العرب المثل في الصبر على الذل وأنشد:
أقيمي عبد غنـم لا تـراعـي من القتلى التي بلوى الكـئيب
لأنتم حين جاء الـقـوم سـيراً على المخزاة أصبر من قضيب

أصبر من عد بدفيه جلب

وأصبر من ذي ضاغط معرك

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 179

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 180

قال محمد بن حبيب: كان من حديث هذين المثلين أن كلباً أوقعت ببني فزارة يوم العاء قبل اجتماع الناس على عبد الملك بن مروان، فبلغ ذلك عبد العزيز بن مروان فأظهر الشماتة، وكانت أمه كلبية، وهي ليلى بنت الأصبغ بن زيان وأم بشر بن مروان قطبة بنت بشر بن عامر بن مالك ابن جعفر، فقال عبد العزيز لبشر أخيه: أما علمت ما فعل أخوالي بأخوالك? قال بشر: وما فعلوا? فأخبره الخبر فقال: أخوالك أضيق أستاهاً من ذلك. فجاء وفد بني فزارة إلى عبد الملك بخبرونه بما صنع بهم، وإن حريث بن بجدل الكلبي أتاهم بعهد من عبد الملك أنه مصدق، فسمعوا له وأطاعوا فاغترهم فقتل منهم نيفاً وخمسين رجلاً فأعطاهم عبد الملك نصف الحمالات وضمن لهم النصف الباقي في العام المقبل، فخرجوا ودس إليهم بشر بن مروان مالاً فاشتروا السلاح والكراع ثم اغتروا كلباً ببني فزارة فلقوهم ببنات قين فتعدوا عليهم في القتل فخرج بشر حتى أتى عبد الملك وعنده عبد العزيز بن مروان فقال: أما بلغك ما فعل أخوالي بأخوالك? فأخبره الخبر، فغضب عبد الملك لأخفارهم ذمته وأخذهم ماله وكتب إلى الحجاج يأمره إذا فرغ من أمر بن الزبير أن يوقع ببني فزارة أن امتنعوا ويأخذ من أصاب منهم. فلما فرغ الحجاج من أمر ابن الزبير نزل ببني فزارة فأتاهم حلحلة بن قيس بن أشيم، وسعيد بن أبان بن عيينة بن حصن ابن حذيفة بن بدر، وكانا رئيس القوم. فأخبرا الحجاج أنهما صاحبا الأمر ولا ذنب لغيرهما، فأروثقهما وبعث بهم إلى عبد الملك فلما ادخلا عليه قال: الحمد لله الذي أقاد منكما. قال حلحلة: أما والله ما أقاد مني ولقد نقضت وتري وشفيت صدري وبردت وحري. قال عبد الملك: من كان له عند هذين وتر يطلبه فليقم إليهما. فقام سفيان بن سويد الكلبي، وكان أبوه فيمن قتل يوم بنات قين، فقال: يا حلحلة، هل حسست لي سويداً? قال: عهدي به يوم بنات قين وقد انقطع خرؤه في بطنه. قال: أما والله لأقتلنك. قال: كذبت والله ما أنت تقتلني وإنما يقتلني ابن الزرقاء. والزرقاء إحدى أمهات مروان بن الحكم، وكانت لها راية، وكانوا يسبون بالزرقاء. فقال بشر: صبراً حلحل. فقال: أي والله.
أصبر من عود بجنبيه جلب قد أثر البطان فيه والحقب
ثم التفت إلى ابن سويد فقال: يا ابن إستها، أجد الضربة فقد وقعت مني بأبيك ضربة أسلحته. فضرب عنقه. ثم قيل لسعيد نحو ما قيل لحلحلة فرد مثل جواب حلحلة، فقام إليه رجل من بني عليم ليقتله فقال له بشر: اصبر. فقال:
أصبر من ذي ضاغط معرك ألقى بواني زوره للمبـرك
ويوى: من ذي ضاغط عركرك، وهو البعير الغليظ القوي. والضاغط، الورم في إبط البعير في إبط البعير شبه الكيس بضغطه، أي بضيقه. ويقال: فلان جيد البواني، إذا كان جيد القوائم والأكتاف.

أصح من عير أبي سيارة

هو رجل من بني عدوان اسمه عملية بن خالد بن الأعزل، وكان له حمار أسود أجاز الناس عليه من المزدلفة إلى منى أربعين سنة، وكان يقول: أشرق ثبير كيما نغير. ويقول:
لاهم أنـي بـائع بـياعـه أن كان إثم فعلى قضاعـه
لاهم مالي في الحمار الأسود أصبحت بين العالمين أحسد
هلا يكاد ذو البعير الجلعـد فق أبا سيارة المـحـسـد
من شر كل حاسد إذا حسـد ومن أذاة النافثات في العقد
اللهم حبب بين رعائنا، واجعل المال في سمحائنا. وفيه يقول الشاعر:
خلوا الطريق عن أبى سياره وعن مواليه بنـي فـزاره
حتى يجيز سالماً حـمـاره مستقبل القبلة يدعو جـاره
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 180

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 181

وكان خالد بن صفوان، والفضل بن عيس الرقاشي يختاران ركوب الحمير على ركوب البراذين ويجعلان أبا سيارة لهما قدوة. فأما خالد فإن بعض الأشراف بالبصرة بلقاه فرآه على حمار فقال: ما هذا المركب أبا صفوان? فقال: عير من نسل الكداد، أصحر السربال، مفتول الأجلاد، محملج القوائم، يحمل الرجلة ويبلغ العقبة، ويقل داؤه ويخف دواؤه، ويمنعني أن أكو ن جباراً في الأرض أو أكون من المفسدين، ولولا ما في الحمار من المنفعة لما امتطى أبو سيارة ظهر عير أربعين سنة. وأما الفضل بن عيس فإنه سئل أيضاً عن ركوب الحمار فقال: لأنه أقل الدواب مؤنة، وأكثرها معونة، وأسهلها جماحاً، وأسلمها صريعاً، واخفضها مهوى، وأقربها مرتقى، يزهى راكبه وقد تواضع بركوبه، ويسمى مقتصداً وقد أسرف في ثمنه، ولو شاء عملية بن خالد أبو سيارة أن يركب جملاً مهرباً أو فرساً عربياً لفعل، ولكنه امتطى عيراً أربعين سنة. فسمع أعرابي كلامه فعارضه فقال: الحمار شنار، والعير عار، منكر الصوت، بعيد الفوت، متغرق في الوحل، متلوث في الضحل، ليس بركوبه فحل، ولا مطية رحل، أن وقفته أدلى، وإن تركته ولى، كثيرر الروث، قليل الغوث، سريع إلى الفراره، بطيء في الفاره، لا ترفأ به الدماء، ولا تمهر به النساء، ولا يحلب في إناء. قال أبو اليقظان: أبو سيارة أول من سن في الدية مائة من الإبل.

أصنع من سرفة

هي دويبة. وقد اختلفوا في نعتها. قال اليزيدي: هي دويبة صغيرة تنقب الشجر وتبني فيه بيتاً. وقال أبو عمرو بن العلاء: هي دويبة مثل نصف عدسة تنقب الشجر ثم تبني فيه بيتاً من عيدان تجمعها مثل عزل العنكبوت منخرطاً من أعلاه إلى أسفله كأن زواياه قومت بخط، وله في إحدى صفائحه باب مربع قد ألزمت أطراف عيدانه من كل صفيحة أطراف عيدان الصفيحة الأخرى كأنها مفروة. وقال محمد بن حبيب: هي دويبة تنسج على نفسها بيتاً فهو ناووسها حقاً، والدليل على ذلك أنه إذا نقض هذا البيت لم توجد الدودة فيه حية أصلاً. وزاد بعض رواة الأخبار على نفسها بيتاً فهو ناووسها حقاً، والدليل على ذلك أنه إذا نقض هذا البيت لم توجد الدودة فيه حية أصلاً. وزاد بعض رواة الأخبار على ابن حبيب زيادة فزعم أن الناس في أول الدهر حين كانوا يتعلمون الحيل من البهائم تعلموا من السرفة أحداث بناء النواويس على موتاهم فإنها في خرط وشكل بيت السرفة ويقال: واد سرف، أي كثير السرفة. وأرض سرفة، وسرفت الشجرة، إذا أصابتها السرفة. ويقال أيضاً: اصنع من سرف ويقال:
أصنع من تنوط ويقال من تنوط
قال الأصمعي: إنما سمي تعنوطاً لأنه يدلي خيوطاً من شجرة ثم يفرخ فيها، والواحد تنوطة. وقال حمزة: هو طائر يركب عشه تركيباً بين عودين من أعواد الشجر فينسجه كقارورة الدهن ضيق الفم واسع الداخل فيودعه بيضه فلا يوصل إليه حتى تدخل اليد فيه إلى المعصم.

أصنع من نخل

ويقال: من النحل. إنما قيل هذا لما فيه من النيقة في عمل العسل. قال الشاعر:
فجاؤا بمزج لم ير الناس مثلـه هو الضحك إلا أنه عمل النحل

أصدق من قطاة

لأن لها صوتاً واحداً لا تغيره، وصوتها حكاية لاسمها، تقول قطاقطا، ولذلك تسميها العرب الصدوق. وكذلك قولهم: أنسب من قطاة، لأنها إذا صوتت عرفت. قال أبو وجرة السعدي:
ما زلن ينسبن وهنا كل صادقة باتت تباشر عرما غير أزواج
قلت: قوله ما زلن، يعني الإتن التي وردت الماء ينسبن، جعل الفعل لهن لأنهن أثرن القطا عن أماكنها حتى قالت قطاطا، فلما كن سبب النسبة جعل الفعل لهن كقوله تعالى: "كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما". لما كان إبليس سبب النزع جعل النزع له نفسه، ونصب وهنا على الظرف، والجملة بعد قوله كل صادقة صفة لها. والعرم، جمع الأعرم، وهو الذي فيه بياض وسواد أي باتت القطا تباشر بيضات عرما، وكذلك يكون بيض القطا. وجعل البيض غير أزواج لأن بيض القطا يكون أفراداً ثلاثاً أو خمساً.

أصدق ظناً من المعي

قالوا: هو الذيب يظن الظن فلا يخطئ. واشتقاقه من لمعان النار وتوقدها. وعرفه بعضهم نظماً فقال:
ألا لمعي الذي يظن بك الظن كأن قد رأى وقد سمعا
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 181

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 182

واللوذعي مثل الألمعي، واشتقاقه من لذع النار. والأحذي، القطاع للأمور الخفيف في العمل لحذقه، من الحوذ وهو السوق السريع. وقال الأصمعي: هو المشمر في الأمور القاهر الذي لا يشذ عليه منها شيء. والأحوزي، الجامع لما يشذ من الأمور، من الحوز وهو الجمع.

أصفى من ماء المفاصل

قال الأصمعي: هو منفصل الجبل من الرملة يكون بينهما رضراض وحصى صغار يصفو ماؤه ويرق. قال أبو ذؤيب:
وإن حديثاً منك لو تـبـذلـينـه حنى النحل في ألبان عوذ مطافل
مطافيل أبكار حديث نتـاجـهـا تشاب بماء مثل ماء المفاصـل

أصفى من جنى النحل

هو العسل. ويقال له: المزج، والأري، والضحك، والضرب أيضاً.

أصفى من لعاب الجراد

قالوا هو مأخوذ من قول الأخطل:
إذا ما نديمي علني ثم علنـي ثلاث زجاجات لهن هـدير
عقاراً كعين الديك صرفاً كأنه لعاب جرتاد في الفلاة يطير

أَصرد من جرادة

من الصرد الذي هو البرد، وذلك لأنها لا ترى في الشتاء أبداً لقلة صبرها على البرد. يقال: صرد الرجل يصرد صرداً فهو صرد ومصراد للذي يجد البرد سريعاً. ومنه قولهم حكاية عن الضب: أصبح قلبي صرداً.

أصرد من عنز جرباء

وذلك أنها لا تدفأ لقلة شعرها ورقة جلدها فالبرد أضر لها.

أصرد من عين الحرباء

قال حمزة: هذا المثل تصحيف للمثل الذي قبله، يعني صحف عنز من عين، وحرباء بجرباء. قلت: إنما يكون هذا لو قيل من عين حرباء، منكراً، فأما إذا قالوا من عين الحرباء، معرفاً بالألف واللام، ولا يقال عنز الجرباء، فكيف يقع التصحيف. ثم قال: إلا أن بعض الناس فسره على وجه مطرد فقال: الحرباء أبداً تستقبل الشمس بعينها تستجلب إليها الدفء. وهذا مخلص حسن.

أصرد من السهم

هذا من الصرد الذي هو بمعنى النفوذ. يقال: صرد السهم صرداً، إذا نفذ في الرمية. قال الشاعر:
فما بقيا علي تركتمانـي ولكن خفتما صرد النبال

أصرد من خازق ورقة

هذا صرد السهم أيضاً. يقال: خزق السهم وخسق، إذا نفذ. ويقال في مثل آخر: وقع على خازق ورقة. يقال ذلك للداهي الذي يخزق الورقة من ثقافته وضبطه للأشياء ويقال: ما زال فلان يخزق علينا منذ اليوم.

أصعب من رد الشخب في الضرع

هذا من قول من قال:
صاح هل ريت أو سمعتـن بـراع رد في الضرع ما قرى في العلاب
العلاب، جمع علبة. ويروى: في الحلاب، وهو إناء يحلب فيه. وريت يريد به رأيت.

أصعب من وقوف على وتد

هذا من قول الشاعر:
ولي صاحبان على هامتي جلوسهما مثل حد الوتـد
ثقيلان لم يعرفـا خـفة فهذا الزكام وهذا الرمد

أصول من جمل

معناه أعض. يقال صال الجمل وعقر الكلب. قاله حمزة. قلت: وقال غيره صال إذا وثب صولاً وصولة وصيالاً. والفحلان يتصاولان، أي يتواثبان. وصال العير إذا حمل على العانة. فأما صال إذا عض فمماً تفرد به حمزة. وأما قولهم: جمل صؤل. فقال أبو زيد: صؤل البعير، بالهمز، يضؤل صآلة إذا صار يقتل الناس ويعدو عليهم فهو صؤل. وفي الحديث: أن المعرفة تنفع عند الجمل الصؤل والكلب العقور. وقال:
ولم يخشوا مصاءلة علـيهـم وتحت الرغوة اللبن الصريح
ويروى: ولم يخشوا مصالته عليهم. وهما رواية حمزة. قلت: والصحيح، ولم يخشوا مصالته عليهم، وهو مصدر صال، كالمقالة مصدر قال. والشعر لنضلة وأوله:
ألم تسل الفوارس يوم غـول بنضلة وهو موتور مشـيح
رأوه فازدروه وهـو حـر وينفع أهله الرجل القـبـيح
ولم يخشوا مصالته علـيهـم وتحت الرغوة اللبن الصريح
أي صوله. قال المبرد: يقول إذا رأيت الرغوة، وهو ما يرغو كالجلدة في أعلى اللبن، لم تدر ما تحتها. فربما صادفت اللبن الصريح إذا كشفتها، أي أنهم رأوني فازدروني لدمامتي فلما كشفوا عني وجدوا غير ما رأوا.

أصح من بيض النعام

قلت هذا من قول الفرزدق:
خرجن إلي لم يطئن قلـبـي وهن أصح من بيض النعام
فبتن بجانبي مـصـرعـات وبت أفض أغلاق الخـتـام
كأن مفالق الرمـان فـيهـا وجمر غضا جلسن عليه حام
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 182

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 183

أصب من المتمنية

هذا مثل من أمثال أهل المدينة سار في صدر الإسلام. والمتمنية، امرأة مدنية عشقت فتى من بنس سليم يقال له نصر بن حجاج، وكان أحسن أهل زمانه صورة، فضنيت من حبه، ودنفت من الوجد به، ثم لهجت بذكره حتى صار ذكره هجيراها، فمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه ذات ليلة بباب دارها فسمعها تقول رافعة عقيرتها:
ألا سبيل إلى خمر فأشربـهـا أم لا سبيل إلى نصر بن حجاج
فقال عمر رضي الله عنه: من هذه المتمنية? فعرف خبرها، فلما أصبح استحضر الفتى المتمنى فلما رآه بهره جماله فقال له: أأنت الذي تتمناك الغانيات في خدورهن? لا أم لك، أما والله لأزيلن عنك رداء الجمال. ثم دعا بحجام فحلق جمته ثم تأمله فقال له: أنت محلوقاً أحسن. فقال: وأي ذنب لي في ذلك. فقال: صدقت، الذنب لي أن تركتك في دار الهجرة. ثم أركبه جملاً وسيره إلى البصرة وكتب إلى مجاشع بن مسعود السلمي: إني قد سيرت المتمنى نصر بن حجاج السلمي إلى البصرة. فاستلب نساء المدينة لفظة عمر فضربن بها المثل وقلن: أصب من المتمنية. فسارت مثلاً. قال حمزة: وزعم النسابون أن المتمنية كانت القريعة بنت همام أم الحجاج بن يوسف، وكانت حين عشقت نصراً تحت المغيرة بن شعبة، واحتجوا في ذلك بحديث رووه. زعموا أن الحجاج حضر مجلس عبد الملك يوماً وعروة بن الزبير عنده يحدثه ويقول: قال أبو بكر كذا، وسمعت أبا بكر يقول كذا، يعني أخاه عبد الله بن الزبير. فقال له الحجاج: أعند أمير المؤمنين تكنى أخاك المنافق لا أم لك. فقال له عروة: يا ابن المتمنية إلي تقول هذا لا أم لك وأنا ابن عجائز قريش وفيهن حفصة وعائشة رضي الله عنهن. وكما قالوا بالمدينة أصب من المتمنية قالوا بالبصرة أدنف من المتمني. وذلك أن نصر بن حجاج لما ورد البصرة أخذ الناس يسألون عنه ويقولون: أين هذا المتمنى الذي سيره عمر رضي الله عنه? فغلب هذا الاسم عليه بالبصرة كما غلب ذلك الاسم على عشيقته بالمدينة. ومن حديث هذا المثل أن نصراً لما ورد البصرة أنزله مجاشع بن مسعود السلمي منزله من أجل قرابته وأخدمه امرأته شميلة، وكانت أجمل امرأة بالبصرة، فعلقته وعلقها وخفي على كل واحد منهما خبر الآخر لملازمة مجاشع لضيفه، وكان مجاشع أمياً ونصر وشميلة كاتبين فعيل صبر نصر فكتب على الأرض بحضرة مجاشع أمياً ونصر وشميلة كاتبين فعيل صبر نصر فكتب على الأرض بحضرة مجاشع: إني قد أحببتك حباً لو كان فوقك لأظلك ولو كان تحتك لأقلك. فوقعت تحته غير محتشمة: وأنا. فقال لها مجاشع: ما الذي كتبه? فقال: كتب كم تحلب ناقتكم? فقال: وما الذي كتبت تحته? فقال: كتبت وأنا. فقال مجاشع: كم تحلب ناقتكم وأنا، ما هذا لهذا بطبق. فقالت: أصدقك أنه كتب كم تغل أرضكم? فقال مجاشع: كم تغل أرضكم وأنا، ما بين كلامه و جوابك قرابة، ثم كفأ على الكتابة جفنة ودعا بغلام من الكتاب فقرأ عليه، فالتفت إلى نصر فقال له: يا بن عم، ما سيرك عمر من خير، فقم فإن وراءك أوسع، فنهض مستحيياً وعدل إلى منزل بعض السلميين ووقع لجنبه فضني من حب شميلة ودنف حتى صار رحمة، وانتشر خبره فضرب نساء البصرة به المثل فقلن: أدنف من المتمني. ثم إن مجاشعاً وقف على خبر علة نصر بن حجاج فدخل عليه فلحقته رقة لما رأى به من الدنف، فرجع إلى بيته وقال لشميلة: عزمت عليك لما أخذت خبزة فلكتها بسمن ثم بادرت بها إلى نصر. فبادرت بها إليه فلم يكن به نهوض، فضمته إلى صدرها وجعلت تلقمه بيدها، فعادت قواه وبرأ كأن لم يكن به قلبة. فقال بعض عواده: قاتل الله الأعشى فكأنه شهد منهما النجوى حيث قال:
لو أسندت ميتاً إلى صدرها عاش ولم ينقل إلى قابـر
فلما فارقته عاوده النكس فلم يزل يتردد في علته حتى مات فيها.

أصلف من ملح في ماء

الصلف، قلة الخير. يضرب لمن لا خير فيه، وذلك أن الملح إذا وقع في الماء ذاب فلا يبقى منه شيء. ومنه: صلفت المرأة، إذا لم يبق لها عند زوجها قدر ومنزلة.

أصلف من جوزتين في غرارة

لأنهما يصوتان باصطحاكهما ولا معنى وراءهما.

أصلب من الأنضر

يعنون جمع النضر، وهو الذهب.

ومن الجندل، ومن الحجر، ومن الحديد، ومن النضار، ومن عود النبع

أصفى من الدمعة

ومن الماء، ومن عين الغراب، ومن عين الديك، ومن لعاب الجندب

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 183

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 184

أصعب من رد الجموح

ومن نقل صخر، ومن قضم قت

أصفر من ليلة الصدر

ومن بلبل

هذا من الصفير، والأول من الصفر والخلاء.

أصيد من ليث عفرين

ومن صيون

أصبر من حمار

ومن ضب، ومن الود على الذل، ومن الأثافي على النار

ومن الأرض، ومن حجر، ومن جذل الطعان

أصنع من دود القز، أصح من ظبي

أصغر من قراد

ومن صؤابة، ومن حبة، ومن صعوة، ومن صعة

المولدون

"صورة المودة الصدق، صاحب الحاجة أعمى" "صارت البئر المعطلة قصراً مشيداً" يضرب للوضيع يرتفع.
"صاحب ثريد وعافية" يضرب لمن عرف بسلامة الصدر.
"صار إلى ما منه خلق" يضرب للميت.
"صار الأمر حقيقة كعيان الطريقة" "صلابة الوجه خير م غلة بستان" "صفقة بنقد خير من بدرة بنسيئة" "صبعه الشيطان" يضرب للتائه في ولايته.
"صديق الوالد عم الولد، صام حولاً ثم شرب بولاً" "صبر ساعة أطول للراحة، صيغ وفاق الهوى وكفى المراد" "صبرك عن محارم الله أيسر من صبرك على عذاب الله" "الصعو في النزع والصبيان في الطرب" "الصبر مفتاح الفرج" "الإصلاح أحد الكاسبين" "الصناعة في الكف أمان من الفقر" "الصرف لا يحتمله الظرف" "أصاب اليهودي لحماً رخيصاً فقال هذا منتن" "الصبوح جموح"

الباب الخامس عشر

في

ما أوله ضاد

ضرب أخماساً لأسداس

الخمس السدس من أظماء الإبل. والأصل فيه أن الرجل إذا أراد سفراً بعيداً عود إبله أن تشرب خمساً ثم سدساً حتى إذا أخذت في السير صبرت عن الماء. وضرب بمعنى بين وأظهر كقوله تعالى: "ضرب لكم مثلاً". والمعنى أظهر أخماساً لأجل أسداس، أي رقى إبله من الخمس إلى السدس. يضرب لمن يظهر شيئاً ويريد غيره. أنشد ثعلب:
الله يعلم لـولا أنـنـي فـرق من الأمير لعاتبت ابن نبـراس
في موعد قاله لي ثم أخلفـنـي غداغدا ضرب أخماس لأسداس

ضرب في جهازه

أصله في البعير يسقط عن ظهره القتب بأداته فيقع بين قوائمه فينفر منه حتى يذهب في الأرض. وضرب، معناه سار. وفي من صلة المعنى، أي صار عاثراً في جهازه. يضرب لمن ينفر عن الشيء نفوراً لا يعود بعده إليه.

ضرب عليه جروته

الجروة، النفس ههنا. أي وطن عليه نفسه، وكذلك ألقى جروته. وقال ابن الأعرابي: معناه اعترف له وصبر عليه.

ضغث على إبالة

الإبالة، الحزمة من الحطب. والضغث، قبضة من حشيش مختلطة الرطب باليابس. ويروى: إيبالة. وبعضهم يقول: إبالة، مخففاً، وأنشد:
لي كل يوم من ذؤالـه ضغث يزيد على إباله
ومعنى المثل: بلية على أخرى.

ضربه ضرب غرائب الإبل

ويروى: أضربه ضرب غريبة الإبل. وذلك أن الغريبة تزدحم على الحياض عند الورود وصاحب الحوض يطردها ويضربها بسبب إبله. ومنه قول الحجاج في خطبته يهدد أهل العراق: والله لأضربنكم ضرب غرائب الإبل. قال الأعشى:
كطوف الغريبة وسط الحياض تخاف الردي وتريد الجفـارا
يضرب في دفع الظالم عن ظلمه بأشد ما يمكن.

ضل دريص نفقه

ويروى: ضل الدريص نفقه. الدرص، ولد الفأرة واليربوع والهرة وأشباه ذلك. ونفقه، جحره. ويقال: ضل عن سواء السبيل، إذا مال عنه. وضل المسجد والدار، إذا لم يهتد إليهما ولمن يعرفهما. يضرب لمن يعنى بأمره ويعد حجة لخصمه فينسى عند الحاجة.

ضح رويداً

هذا أمر من التضحية، أي لا تعجل في ذبحها، ثم استعير في النهي عن العجلة في الأمر. ويقال: ضح رويداً لم ترع، أي لم تفزع. ويقال: ضح رويداً تدرك الهيجا حمل، يعني حمل ابن بدر. وقال زيد الخيل:
فلو أن نصراً أصلحت ذات بيننـا لصحت رويداً عن مطالبها عمرو
ولكن نصراً أرتعت وتخـاذلـت وكانت قديماً من خلائقها الغفـر
أي المغفرة. ونصر وعمرو، ابنا قعين، وهما حيان من بني أسد.

ضل حلم امرأة فأين عيناها

أي هب أن عقلها ذهب فأين ذهب بصرها. يضرب في استبعاد عقل الحليم.

ضريت فهي تخطف

يعني العقاب. يضرب لمن يجترئ عليك فيعاود مساءتك.

الضجور قد تحلب العلبة

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 184

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 185

الضجور، الناقة الكثيرة الرغاء فهي ترغو وتحلب. يضرب للبخيل يستخرج من الشيء وإن رغم أنفه. ونصب العلبة على المصدر كأنه قيل قد تحلب الحلبة المعهودة وهي أن تكون ملء العلبة.

ضرب وجه الأمر وعينه

يضرب لمن يداور الشؤون ويقلبها ظهراً لبطن من حسن التدبير.

أضحك من ضرطه ويضرط من ضحكي

أصله أن رجلاً كان في عصابة يتحدثون فضرط رجل منهم فضحك رجل من القوم فلما رآه الضارط يضحك ضحك الضارط فاستغرق في الضحك فجعل لا يملك إسته ضرطاً فقال الضاحك: العجب أضحك من ضرطه ويضرطه من ضحكي. فأرسلها مثلاً.

أضرطاً وأنت الأعلى

قاله سليك بن سلكة السعدي، وذلك أنه بينما هو نائم إذ جثم عليه رجل من الليل وقال: استأسر. فرقع إليه سليك رأسه فقال: الليل طويل وأنت مقمر. فأرسلها مثلاً. ثم جعل الرجل يلهزه ويقول: يا خبيث استأسر. فلما آذاه بذلك أخرج سليك يده وضم الرجل إليه ضمة أضرطته وهو فوقه فقال له سليك: أضرطاً وأنت الأعلى. فأرسلها مثلاً. يضرب لمن يشكو في غير موضع الشكوى.

ضرح الشموس ناجزاً بناجز

الضرح، الدفع بالرجل وأصله التنحية. يضرب لمن يكايد مثله في الشراسة. ونصب ناجزاً على الحال.

ضرط ذلك

تزعم العرب أن الأسد رأى الحمار فرأى شدة حوافره وعظم أذنيه وعظم أسنانه وبطنه فهابه وقال: إن هذا الدابة لمنكر وإنه لخليق أن يغلبني فلو زرته ونظرت ما عنده. فدنا منه فقال: يا حمار، أرأيت حوافره. فقال: أرأيت أسنانك هذه لأي شيء هي? قال: للحنظل. قال الأسد: قد أمنت أسنانه. قال: أرأيت أذنيك هاتين المنكرتين لأي شيء هما? قال: للذباب. قال: أرأريت بطنك هذا لأي شيء هو? قال: ضرط ذلك. فعلم أنه لا غناء عنده فافترسه. يضرب لما يهول منظره ولا معنى وراءه.

الضبع تأكل العظام ولا تادري ما قدر إستها

يضرب للذي يسرف في الشيء.

إضطره السيل إلى معطشة

يضرب لمن القاه الخير الذي كان فيه إلى الشر.

أضئ لي أقدح لك

أي كن لي أكن لك. وقيل بين حاجتك حتى أسعى فيها، كأنه رأى في لفظ السائل استبهاماً فقال له: صرح ما تريد أحثل لك غرضك. ويروى أكدح لك. يضرب للمساواة في المكافأة بالأفعال. وقال يونس ابن حبيب: زعم بعض العرب أنه هزؤ، لأنه إذا قال أضئ لي كيف يقول أقدح لك، لأن القادر على القدح لا يتعرض لإضاءة غيره، كأنه يقول واسني مع استغنائي عن ذلك. هذا كلامه. وحقيقة المعنى: كن لي أكثر مما أكون لك، لأن الإضاءة أكثر من القدح.

ضربه فركب قطره

إذا سقط على أحد قطريه، أي جانبيه.

ضعيف العصا

يقال للراعي الشفيق هو ضعيف العصا، وفي ضده صلب العصا.

ضرط البلقاء جالت في الرسن

قال ابن الأعرابي: يضرب للباطل الذي لا يكون وللذي يعد الباطل.

ضربك بالفطيس خير من المطرقة

أي إذا أذلك إنسان فليكن أكبر منك.

ضغا مني وهو ضغاء

أصل الضغو في الكلب والثعلب إذا اشتد عليه أمر عوى عواء ضعيفاً، ثم كثر ذلك حتى جعل لكل من عجز عن شيء. وضغا المقامر ضغواً وضغاء إذا خان ولم يعدل. يضرب لمن لا يقدر من الإنتقام إلا على صياح.

ضل بن ضل

يضرب لمن لا يعرف هو ولا أبوه.

ضرباً وطعناً أو يموت الأعجل

يضرب للعدو، أي نتجاهد حتى يموت أعجلنا أجلاً.

أضللت من عشر ثمانياً

يضب لمن يفسد أكثر ما يليه من الأمر.

ضرط وردان بواد قي

وردان، اسم حمار. والقي، الفلاة. يضرب لمن يخاصم غيره في باطل.

ضرط البلقاء وخواخ نفق

الوخواخ، الضعيف. والنفق، السريع النفاد. يضرب للنفاج المبقبق. ويروى ضرط رفعاً ونصباً، فالرفع على تقدير هذا ضرط، والنصب على المصدر، أي ضرط ضرط البلقاء.

الضرب يجلي عنك لا الوعيد

يعني لا يدفع الوعيد عنك الشر وإنما يدفعه الضرب. وهذا كقولهم: الصدق ينبي عنك لا الوعيد.

ضجت فزدها نوطاً

النوط، جلة صغيرة فيها تمر تعلق من البعير. وضجت، ضجرت. يضرب لمن يكلف حاجة فلا يضبطها فيطلب أن يخفف عنه فيزاد أخرى.

ضاقت عليه الأرض برحبها

يضرب لمن يتردد في أمره.

ضرم شذاه

يضرب للجائع إذا اشتد جوعه. قال الخليل.

ضببوا لصبيكم

ويقال أيضاً: ضبب لأخيك واستبقه. الضبيبة، سمن ورب يجعل في العكة للصبي يطعمه. يضرب في إبقاء الإخاء وتربية المودة.
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 185

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 186

ضربه ضربة ابنة اقعدي وقومي

أي، ضربة من يقال لها أقعدي وقومي، يعني ضربة أمة لقيامها وقعودها في خدمة مواليها.

ضباب أرض حرشها الأراقم

حرشها، أي محروشها وما يحصل عليه منها. والأرقم، الحية تقتل إذا لسعت. يضب لمن له هيبة وجاه ثم لا يسلم عليه جار ولا قريب.

ضروع معز ما لها أرماث

الرمث، بقية قليلة من اللبن تبقى في الضرع، يعني أن هذه معز لا أرماث لها في ضروعها. يضرب لمن له ظاهر بشر ولا يكون وراءه إحسان.

ضرة جبار رعاها المنصل

الضرة، المال الكثير من الإبل والشاء وجميع السوائم. ورجل مضر إذا كان صاحب أموال كثيرة. يضرب للضعيف يستجير القوي فيحميه ويكنفه بكنفه.

ضائف الليث قتيل المحل

يقال ضافه يضيفه إذا أتاه ضيفاً. يقول لا يضيف الأسد إلا من قتله المحل والجدب. يضرب لمن اضطر فغرر بنفسه.

ضوارب بست لعرف باليد

الضارب، الناقة تضرب حالبها، ولم يلحق الهاء لأنها في معرض النسبة، أي ذات الضرب، كقولهم امرأة حائض، ولابن، وتامر. والبسّ، السوق اللين. والعرف والعرفة، قروح تخرج باليد يقال رجل معروف إذا كان به عرفة، وإذا عرف الحالب لم يقدر أن يحلب. والتقدير هذه نوق ضوارب سيقت إلى ذي عرف بيده ليحلبها. يضرب لمن كلف ما يعجز عنه.

ضبة حزن في حوامي قلع

الحوامي، النواحي والأطراف. والقلع، الصخرة العظيمة، والضبة إذا كانت في مث لهذا المكان لا يقدر عليها صائدها. يضرب لليقظ الحازم لا يخادع عن نفسه وماله.

ضيق الغزو إسته

يضرب للجبان يحضر الحرب.

ضربة بيضاء في ظرف سوء

الضرب، العسل الأبيض الغليظ. يضرب للشيء المرآة الكريم الخبر.

أضرطاً آخر اليوم وقد زال الظهر

أي تضرط ضرطاً. نصبه على المصدر. وهذا المثل قاله عمرو بن تقن للقمان بن عاد حين نهض لقمان بالدلو فضرط. وقد ذكرته في باب الهمزة عند قوله: أحدى حظيات لقمان، في قصة طويلة.

ضج فزده وقراً

هذا مثل قولهم: إن جرجر العود فزده نوطاً. وقد مر قبل هذا.

ما على أفعل من هذا الباب

أضبط من عائشة بن عثم

من بني عبشمس بن سعد، وكان من حديثه إنه سقى إبله يوماً وقد أنزل أخاه في الركية يميحه، وازدحمت الإبل فهوت بكرة منها في البئر، فأخذ بذنبها وصاح به أخوه: يا أخي الموت. قال: ذاك إلى ذنب البكرة، يريد أنه إذا انقطع ذنبها وقعت، ثم اجتذبها فأخرجها فضرب به المثل في قوة الضبط فقيل: اضبط من عائشة بن عثم. هذه رواية حمزة وأبي الندى. وقال المنذري: عابسة، بالباء والسين، من العبوس والله أعلم. وقال بعضهم: عائشة بن غنم، بالغين والنون.

أضعف من يد في رحم وأضل من يد في رحم

يريد الجنين. قاله أبو عمرو. وقيل معناه أن صاحبها يتوقى أن يصيب بيده شيئاً.

أضيع من قمر الشتاء

لأنه لا يجلس فيه. ولابن حجاج يصف نفسه:
حدث السن لـم يزل يتـلـهـى علمه بالمشـايخ الـعـلـمـاء
خاطر يصفع الفرزدق في الشع ر ونحو ينيك أم الـكـسـائي
غير أني أصبحت أضيع في القو م من البدر في ليالي الشـتـاء

أضيع من غمد بغير نصل

قال حمزة: ذكره بعض الشعراء بأحسن لفظ فقال:
وإني واسـمـعـيل يوم وداعـه لكالغمد يوم الروع فارقه النصل
فإن أغش قوماً بعده أو أزورهـم فكالوحش يدنيها من الأنس المحل

أضيع من دم سلاغ

ويروى بالعين غير معجمة. قال حمزة: هو رجل من عبد القيس له حديث في مثل آخر: دم سلاغ جبار. قال: وهذان المثلان حكاهما النضر ابن شميل في كتابه في الأمثال. قال أبو الندى: قتل سلاغ بحضرموت فترك دمه وثأره فلم يطلب، فضربت العرب به المثل.

أضل من موؤدة

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 186

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 187

هي اسم كان يقع على من كانت العرب تدفنها حية من بناتها. قال حمزة: واشتقاق ذلك من قولهم: قد آدها بالتراب، أي أثقلها به. ويقولون آدته العلة. ويقول الرجل للرجل اتئد، أي تثبت في أمرك. قلت: هذا حكم فيه خلل، وذلك أن قوله اشتقاق الموؤدة من آدها بالتراب لا يستقيم، لأن الأول من المعتل الفاء والثاني من المعتل العين، تقول من الأول وأد يئد وأداً ون الثاني آد يؤد أوداً، اللهم إلا أن يجعل من المقلوب ولا أعلم أحداً حكم به. قال حمزة: وذكر الهيثم بن عدي أن الوأد كان مستعملاً في قبائل العرب قاطبة، وكان يستعمله واحد ويتركه عشرة، فجاء الإسلام وقد قل ذلك فيها إلا من بني تميم فإنه تزايد فيهم ذلك قبل الإسلام وكان السبب في ذلك أنهم كانوا منعوا الملك ضريبته، وهي الأتاوة التي كانت عليهم، فجرد إليهم النعمان أخاه الريان مع دوسر، ودوسر أحدى كتائبه، وكان أكثر رجالها من بكر بن وائل، فاستاق نعمهم وسبى ذراريهم وفي ذلك يقول أبو المشمرج اليشكري:
لما رأوا راية النعمان مـقـبـلة قالوا ألا ليت أدنى دارنا عـدن
يا ليت أم تميم لم تكن عـرفـت مراً وكانت كمن أودى به الزمن
أن تقتلونا فـأعـيار مـجـدعة أو تنعموا فقديماً منكم المـنـن
فوفدت وفود بني تميم على النعمان بن المنذر وكلموه في الذراري فحكم النعمان بأن يجعل الخيار في ذلك إلى النساء فأية امرأة اختارت زوجها ردت عليه، فاختلفن في الخيار وكان فيهن بنت لقيس بن عاصم فاختارت سابيها على زوجها فنذر قيس بن عاصم أن يدس كل بنت تولد له في التراب فوأد بضع عشرة بنتاً، وبضيع قيس بن عاصم وإحيائه هذه السنة نزل القرآن في ذم وأد البنات.

أضل من سنان

هو سنان بن أبي حارثة المري، وكان قومه عنفوه على الجود فقال: لا أراني يؤخذ على يدي. فركب ناقة له يقال لها الجهول ورمى بها الفلاة فلم ير بعد ذلك فسمته العرب ضالة غطفان، وقالوا في ضرب المثل به: لا أفعل ذلك حتى يرجع ضالة غطفان. كما قالوا: لا أفعل ذلك حتى يرجع قارظ عنزة. وقال زهير في ذلك:
إن الرزية لا رزية مثلـهـا ما تبتغي غطفان يوم أضلت
إن الركاب لتبغـي ذا مـرة بجنوب خبت للشهور أهلت
وزعمت أعراب بني مرة أن سناناً لما هام استفحلته الجن تطلب كرم نجله.

أضل من قارظ عنزة

هو يذكر بن عنزة. واقتص ابن الأعرابي حديثه فذكر أن بسببه كان خروج قضاعة من مكة. وذلك أن جزيمة بن مالك بن نهد هوي فاطمة بنت يذكر بن عنزة فطرد عنها، فخرج ذات يوم هو وأبوها يذكر يطلبان القرظ فمر بقليب فيه معسل النحل، فتقارعا للنزول فيه فوقعت القرعة على يذكر فنزل واجتنى العسل حتى رفع منه حاجته ثم قال: أخرجني ثم أخطبها فإني أزوجكها. فأبى وتركه ومضى، فلما انصرف إلى الحي سألوه عنه فقال: أخذ طريقاً وأخذت أخرى. فلم يقبلوا منه، ثم سمعوه يترنم بهذا الشعر:
فتاة كأن فتات العبـير بفيها يعل به الزنجبيل
قتلت أباها على حبها فيمنعني نيلها أو تنيل
فأتهموه وأرادوا قتله فمنعه قومه، فاحتربت بكر وقضاعة بسببه فكان أول سبب لتفرقهم عن تهامة، فلما أخذوا يتفرقون قيل لجزيمة: إن فاطمة قد ذهب بها فلا سبيل إليها. فقال: أما ما دامت حية فإني أطمع فيها. وقال في ذلك:
إذا الجوزاء أردفتـا الـثـريا ظننت بآل فاطمة الظنـونـا
وأعرض دون ذلك من همومي هموم تخرج الداء الـدفـينـا
قال أبو الندى: أي إذا كان الصيف ورجع الناس إلى المياه ظننت بها على أي المياه هي. فهذا هو حديث أحد القارظين. وأما القارظ الثاني فليس له حديث غير أنه فقد في طلب القرظ، واسمه هميم، وقد ذكرت بعض هذا في حرف الحاء.

أضل من ضب

ومن ورل، ومن ولد اليربوع

لأنها إذا خرجت من حجرتها لم تهتد إلى الرجوع إليها، وسوء الهداية أكثر ما يوجد في الضب والورل والديك.

أضل من يد في رحم

زعم محمد بن حبيب أنها يد الجنين. وقال غيره هي يد الناتج.

أضيق من ظل الرمح ومن خرت الإبرة ومن سم الخياط

ويقال أيضاً:

أضيق من زج يعنون زج الرمح ومن تسعين

أرادوا عقد تسعين لأنه أضيق العقود قال الشاعر:  
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 187

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 188

مضى يوسف عنا بتسعين درهماً فعاد وثلث المال في كف يوسف
وكيف يرجى بعد هذا صلاحـه وقد ضاع ثلثا ماله في التصرف

أضيق من مبعج الضب

هو مستقر الضب في حجره حيث يبعجه، أي يشقه ويوسعه.

أضيق من النخرب

وهو بيت الزنابير.

أضعف من بقة

ومن بعوضة ومن فراشة ومن قارورة

أضعف من بروقة

هي شجرة ضعيفة. وقد مر وصفها في حرف السين وقال:
تطيح أكف القوم فيها كـأنـمـا تطيح بها في النقع عيدان بروق

أضيع من لحم على وضم

ومن بيضة البلد ومن تراب في مهب ريح، ومن وصية

أضرط من عير

ومن عنز ومن غول

أضبط من ذرة

ومن نملة ومن الأعمى ومن صبي

أصوأ من الصبح

ومن نهار ومن ابن ذكاء

وهو الصبح أيضاً. وسميت الشمس ذكاء لأنها تذكو، من ذكت النار، إذا توقدت، تذكو ذكا، مقصور، يقال هذه ذكاء طالعة.

المولدون

"ضحك الجوزة بين حجرين" "ضيق الحوصلة" للبخيل.
"ضرطت فلطمت عين زوجها" "ضع الأمور مواضعها تضعك موضعك" "اضرب البرئ حتى يعترف السقيم" "الضرب في الجناح والسب في الرياح" "ضحك الأفاعي في جراب النورة"

الباب السادس عشر

في

ما أوله طاء

طويته على بلاله

وعلى بللته

البلال، جمع بلة، مثل برمة وبرام. يقال: ما في سقائك بلال، أي ماء. قال الراجز:
وصاحب مرامق داجيته على بلال نفسه طويته
ويقال: طويت السقاء على بللته، إذا طويته وهو ندي، لأنك إن طويته وهو يابس تكسر، وإذا ُطوي على بلته تعفن وصار معيباً. يضرب للرجل تتحمله على ما فيه من العيب وداريته وفيه بقية من الود. وقال:
ولقد طويتكم على بلالتـكـم وعلمت ما فيكم من الأذراب
فإذا القرابة لا تقرب قاطعـاً وإذا المودة أقرب الأنسـاب
الأذراب، جمع ذرب وهو الفساد، يقال: ذربت معدته، إذا فسدت، وقيل: قدم إعرابي على نصر بن سيار فقال: أتيتك من شقة بعيدة أحفيت فيها الركاب، وأخلقت فيها الثياب، وقرابتي قريبة ورحمي ماسة. قال: وما قرابتك? قال: ولدتني فلانة. قال: رجم عودة. قال: إنما مثل الرحم العودة مثل الشنة البالية ملقاة لا ينتفع بها فإذا بلت انتفع بها أهلها فكذلك قرابتي إن تبلها تقرب منك وإن تقطعها تبعد عنك. قال: لله أنت! ما تشاء? قال: ألف شاة ربي ومائة ناقة أبي. فأعطاه إياها.

طارت بهم العنقاء

قال الخليل: سميت عنقاء لأنه كان في عنقها بياض كالطوق. ويقال: لطول في عنقها. قال ابن الكلبي: كان لأهل الرس نبي يقال له حنظلة بن صفوان، وكان بأرضهم جبل يقال له دمخ مصعده في السماء ميل، وكانت تنتابه طائرة كأعظم ما يكون، لها عنق طويل من أحسن الطير فيها من كل لون، وكانت تقع منتصبة فكانت تكون على ذلك الجبل تنقض على الطير فتأكله، فجاعت ذات يوم وأعوزت الطير فانقضت على صبي فذهبت به فسميت عنقاء مغرب بأنها تعرب كل ما أخذته، ثم إنها انقضت على جارية فضمتها إلى جناحين لها صغيرين ثم طارت بها، فشكوا ذلك إلى نبيهم فقال: اللهم خذها واقطع نسلها وسلط عليها آفة. فأصابتها صاعقة فاحترقت، فضربتها العرب مثلاً في أشعارها، وأنشد لعنترة بن الأخرس الطائي في مرثية خالد بن زيد:
لقد حلقت بالجود فتخاء كاسر كفتخاء دمخ حلقت بالحزور

طال الأبد على لبد

يعنون آخر نسور لقمان بن عاد، وكان قد عَمرَّ عُمَرَ سبعة أنسر، وكان يأخذ فرخ النسر فيجعله في جوبة في الجبل الذي هو في أصله فيعيش الفرخ خمسمائة سنة أو أقل أو أكثر، فإذا مات أخذ آخر مكانه، حتى هلكت كلها إلا السابع أخذه فوضعه في ذلك الموضع وسماه لبداً، وكان أطولها عمراً، فضربت العرب به المثل فقالوا: طال الأبد على لبد، قال الأعشى:
وأنت الذي ألهيت قـيلا بـكـاسـه ولقمان إذ خيرت لقمان في العمـر
لنفسك أن تختار سـبـعة أنـسـر إذا ما مضى نسر خلوت إلى نسـر
فعمر حـتـى خـال أن نـسـوره خلود وهل تبقى النفوس على الدهر
فعاش لقمان، زعموا، ثلاثة آلاف وخمسمائة سنة. قال النابغة: أخنى عليها الذي أخنى على لبد. وقال لبيد:  
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 188

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 189

ولقد جرى لبد فأدرك جـريه ريب المنون وكان غير مثفل
لما رأى لبد النسور تطايرت رفع القوادم كالفقير الأعزل
من تحته لقمان يرجو نهضه ولقد يرى لقمان أن لا تأتلي
قال أبو عبيدة: هو لقمان بن عاديا بن لجين بن عاد بن عوص بن أرم بن سام بن نوح. كأنه جعل عادياً وعاد اسمي رجل. والعرب تزعم أن لقمان خير بين بقاء سبع بعرات سمر من أظب عقر في جبل وعر لا يمسها القطر، وبين بقاء سبعة أنسر كلما هلك نسر خلف بعده نسر، فاستحقر الأبعار واختار النسور، فلما لم يبق غير السابع قال ابن أخ له: يا عم ما بقي من عمرك إلا عمر هذا. فقال لقمان: هذا لبد. ولبد بلسانهم الدهر. فلما انقضى عمر لبد رآه لقمان واقعاً فناداه: انهض لبد. فذهب لينهض فلم يستطع، فسقط ومات، ومات لقمان معه. فضرب به المثل فقيل: طال الأبد على لبد. وأتى أبد على لبد.

أطري فإنك ناعلة

الأطرار، أن تركب طرر الطريق، وهي نواحيه. وقال ابن السكيت: معناه أدلي. وقال أبو عبيد: معناه اركب الأمر الشديد فإنك قوي عليه. قال: وأصله أن رجلاً قال لراعية كانت له ترعى في السهولة وتدع الحزونة: أطري، أي خذي طرر الوادي، وهي نواحيه، فإن عليك نعلين. قال: أحسبه عنى بالنعلين غلظ جلد قدميها. يضرب لمن يؤمر بارتكاب الأمر الشديد لاقتداره عليه. ويستوي فيه خطاب المذكر والمؤنث والجمع والاثنين على لفظ التأنيث، كذا قاله المبرد، وابن السكيت. وقال قوم: أظري، بالظاء المعجمة، أي اركبي الظرر، وهو الحجر المحدد، والجمع ظران، ويصعب المشي عليها قال الشاعر:
يفرق ظران الحصى بمـنـاسـم صلاب العجى ملثومها غير أمعرا

اطرقي وميشي

الطرق، ضرب الصوف بالمطرقة. والميش، خلط الشعر بالصوف. قال رؤبة:
عاذل قد أولعت بالترقيش إلي سراً فاطرقي وميشي
أراد يا عاذلة، فحذف التاء للترخيم، وحذف حرف النداء، وذلك لا يجوز إلا في الأسماء الأعلام، وأما قولهم صاح وعاذل فإنما حذف، يا، منهما لكثرة الاستعمال ولعلم المخاطب. والترقيش، التزيين. ونصب سراً على التمييز وتقديره أولعت بترقيش سر، بإضافة المصدر إلى المفعول، لكنه فك الإضافة بإدخال الألف واللام فخرج سر مميزاً. ويجوز أن يكون نصب على الحال، أي بالترقيش المسر إلي، فلما قطع منه الألف واللام نصب على القطع. يضرب لمن يخلط في كلامه بين خطأ وصواب. وقال أبو عبيدة: الميش، أن تخلط صوفاً حديثاً بنكث صوف عتيق ثم تطرقه، أي تندفه. قال: يضرب في المزاول ما لا يتجه له.

أطعمتك يد شبعت ثم جاعت ولا أطعمتك يد جاعت ثم شبعت

قال الشرقي: أول من قاله امرأة قال لها ابنها: إني أخرج فأطلب من فضل الله. فدعت له بهذا. وزعموا أن الحرقة بنت النعمان بن المنذر، واسمها هند، وهي صاحبة الدير، أتاها عبيد الله بن زياد فسألها عما أدركت ورأت فأخبرته ثم قالت: كنا مغبوطين فأصبحنا مرحومين. فأمر لها بوسق من طعام ومائة دينار فقالت: أطعمتك يد شبعى فجاعت لا يد جوعى فشبعت.

طار باست فزعة

يضرب للرجل يفلت فزعاً بعد ما كاد يقع.

طلب الأبلق العقوق

يقال: أعقت الفرس فهي عقوق، ولا يقال معق، وذلك إذا حملت والأبلق لا يحمل. قال رجل لمعاوية: أفرض لي. قال: نعم. قال: ولولدي. قال: لا. قال: ولعشيرتي. فتمثل معاوية بهذا البيت:
طلب الأبلق العقوق فلمـا لم يجده أراد بيض الأنوق
يضرب لما لا يكون ولا يوجد.

أطعم أخاك من عقنقل الضب

إنك إن تمنع أخاك يغضب

عقنقل الضب، كرشه، وهو معي من أمعائه فيه جميع ما يأكله يضرب مثلاً في المواساة.

أطرق إطراق الشجاع

يعني الحية. يضرب للمفكر الداهي في الأمور. قال المتلمس:
وأطرق إطراق الشجاع ولو أري مساغاً لنابيه الشجاع لصمـمـا

أطرق كرا إن النعامة في القرى

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 189

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 190

يقال: الكرا الكروان نفسه. ويقال: إنه مرخم الكروان، وجمع الكروان كروان: ومثله فرس صلتان وهو النشيط، وصميان وهو الصلب، والجمع صلتان وصميان، ورجل غذيان أي نشيط. قال الخليل: الكرا الذكر من الكروان. ويقال له: أطرق كراً إنك لن ترى. قال: يصيدونه بهذه الكلمة، فإذا سمعها يلبد في الأرض فيلقى عليه ثوب فيصاد. قال أبو الهيثم: هو طائر شبيه البلط لا ينام بالليل فسمي بضده من الكرا. قال: ويقال للواحدة كروانة وللجمع الكروان والكرى. يضرب للذي ليس عنده غناء ويتكلم فيقال له: اسكت وتوق انتشار ما تلفظ به كراهة ما يتعقبه. وقولهم: إن النعامة في القرى، أي تأتيك فتدوسك بأخفافها. ويقال أيضاً:

أطرق كرا يخلب لك

يضرب للأحمق تمنيه الباطل فيصدق.

طارت عصافي رأسه

يضرب للمذعور. أي كأنما كانت على رأسه عصافير عند سكونه فلما ذعرت طارت.

طيور فيوء

يضرب للسريع الغضب السريع الرجوع، من فاء يفيء.

طامر بن طامر

قال أبو عمرو: أي بعيد بن بعيد، من قولهم: طمر إلى بلد كذا، إذا ذهب إليها. يضرب لمن يثب عليه الناس وليس له أصل ولا قديم.

طمعوا أن ينالوه فأصابوا سلعاً وقاراً

السلع، شجر مر، وكذلك القار. قال ابن الأعرابي: ويقال هذا أقير من ذلك. أي أمر من ذلك. يضرب لمن لا يدرك شأوه.

الطعن يظأر

يقال: ظأرت الناقة أظأرها ظأراً إذا عطفتها على ولد غيرها. يضرب في الإعطاء على المخالفة، أي طعنك إياه يعطفه على الصلح.

أطيب مضغة صيحانية مصلبة

أي أطيب ما يمضغ صيحانية، وهي ضرب من التمر، ومصلبة، من الصليب وهو الودك. أي ما خلط من هذا التمر بودك فهو أطيب شيء يمضغ. يضرب للمتلائمين المتوافقين.

أطعم أخاك من كلية الأرنب

مثل قولهم: أطعم أخاك من عقنقل الضب. يضربان في المواساة.

طعن فلان فلاناً الأثجلين

إذا رماه بداهية من الكلام، وهو من الثلجة، وهي عظم البطن وسعته. قلت: يروى هذا على وجه التثنية، والصواب الأثلجين، على وجه الجمع، مثل الأقورين والفنكرين والبلغين وأشباهها، والعرب تجمع أسماء الدواهي على هذا الوجه للتأكيد وللتهويل والتعظيم.

??طارت عصا بني فلان شققاً

إذا تفرقوا في وجوه شتى. قال الأسدي:
عصى الشمل من أسـد أراهـا قد انصدعت كما انصدع الزجاج

طرقته أم اللهيم وأم قشعم

وهما المنية.

طعن اللسان كوخز السنان

لأن كلم الكلمة يصل إلى القلب والطعن يصل إلى اللحم والجلد.

طراثيث لا أرطى لها

الطرثوث، نبت ينبت في الأرطى . يضرب لمن لا أصل له يرجع إليه.

أطاع يداً بالقود فهو ذلول

يضرب للصعب يذل ويسامح. ونصب يداً على التمييز.

طالب عذر كمنجحٍ

قال أبو عمرو: أي إذا غضب عليك قوم فاعتذرت إليهم فقبلوا عذرك فقد أنجحت في طلبتك.

طلب أمراً ولاة أوانٍ

يضرب لمن طلب شيئاً وقد فاته وذهب وقته وقال:
طلبوا صلحنا ولات أوان فأجبنا أن ليس حين بقاء
قال ابن جني: من العرب من يخفض بلات، وأنشد هذا البيت.

طار طائر فلان

إذا استخف. كما يقال في ضده: وقع طائره، إذا كان وقوراً.

طحت بك البطنة

يضرب لمن يكثر ماله فيأشر ويبطر. وهذا مثل قولهم: نزت بك البطنة.

اطلع عليه ذو العينين

أي اطلع عليه إنسان. يضرب في التحذير.

طمس الله كوكبه

يضرب لمن ذهب رونق أمره وأنهد ركنه.

طمح مرثمه

أي، علا مكاناً لم يكن ينبغي له أن يعلوه. والمرثم، الأنف، من الرثم، وهو الكسر. وطمح، علا وارتفع.

طار أنضجها

قالها رجل اصطاد فراخ هامة فملهن في رماد هامد، وهن أحياء، فانفلت أحدها فلم يرعه إلا وهو يطير فعند ذلك قال: طار أنضجها. فبينا هو كذلك إذ انفلت آخر يسعى، وبقي تحت الرماد واحد فجعل يصأى فقال: أصأ صويان فالدويرجان أنضج منك. قال أبو عمرو: وكلهن يضربن أمثالاً. ولم يبين في أي موضع تستعمل.

طاطئ بَحْرَكَ

أي، على رسلك ولا تعجل. يقال: طأطأت رأسي، أي خفضته. جعل البحر بما فيه من اضطراب الأمواج مثلاً للعجلة، وجعل الطأطأة مثلاً لتسكين ما يعرض منها. يضرب للغضبان.

أطلق يديك تنفعاك يا رجل

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 190

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 191

ويروى: أطلق، بقطع الألف، من الإطلاق، وهو ضد التقييد، يقال: أطلقت الأسير، وأطلقت يدي بالخبر، وطلقتها أيضاً، ومعنى المثل الحث على بذل المال واكتساب الثناء.

طويته على غره

غر الثوب أثر تكسره يقال: أطوه على غره، أي على كسره الأول. يضرب لمن يوكل إلى رأيه، أي تركته على ما انطوى عليه وركن إليه.

طعم ذكرك معسول بكل فم

يقال طعام معسول ومعسل إذا جعل فيه العسل، وهذا مثل على صيغة الخبر والمراد منه الأمر، أي ليكن ذكرك حلواً في أفواه الناس، وفي هذا حث على حسن القول والفعل.

طال طوله

ويقال: طيله وطوله وطيله، ساكنة الواو والياء. ويقال: طال طوله، بضم الطاء وفتح الواو. وطال طواله وطياله، بالفتح كل يقال، ولها معنيان: قالوا: معناه طال عمرك. وقالوا: معناه طالت غيبتك. قال القطامي:
أنا محبوك فاسلم أيها الطـلـل وأن بليت وإن طالت بك الطيل
أراد وإن طالت بك الغيبة، فلهذا أنث الفعل. ويجوز أنه قدر أن الطيل جمع طيلة، فأنث فعلها على هذا التقدير.

طعنت في حوص أمر لست منه في شيء

الحوص، الخياطة في الجلد لا يكون في غير ذلك. قاله أبو الهيثم. ومنه حص عين البازي، وحص شق كعبك. ويقال: لأطعنن في حوصهم، أي لأخرقن ما خاطوه ولفقوه من الأمر. والحوص، المصدر. ويجوز أن يكون بمعنى المحوص، كالقول بمعنى المقول، والنول بمعنى المنول. يضرب لمن تناول من الأمر ما ليس له بأهله.

طاعة النساء ندامة

الطاعة، بمعنى الإطاعة، كالطاقة والجابة. والمصدر في قوله طاعة النساء مضاف إلى المفعول، أي طاعتك النساء، والطاعة لا تكون نفس الندامة ولكن سببها كأنه قال طاعتك النساء مورثة للندامة. يضرب في التحذير عواقب طاعتهن فيما يأمرن.

طول التنائي مسلاة للتصافي

مسلاة، مفعلة من السلو والسلوان. يقال: الخمر مسلاة للهم، أي مذهبة للحزن، وهذا كما أنشده الرياشي:
يسلي الحبيبين طول النأي بينهمـا وتلتقي طرق أخرى فتأتـلـف
فيحدث الواصل الأدنى مـودتـه ويصرم الواصل الأنأى فينصرف

طالما متع بالغنى

ويروى أمتع، وكلاهما بمعنى واحد، وبنو عامر يقولون أمتع في موضع تمتع. ومنه قول الراعي: وكانا بالتفرق أمتعا. ومعنى المثل: طالما تمتع الإنسان بغناه. يضرب في حمد الغنى.

اطمئن على قدر أرضك

هذا قريب من قول العامة: مد رجلك على قدر الكساء. يضرب في الحث على اغتنام الاقتصاد.

طرافة يولع فيها القعدد

الطرافة، مصدر الطريف والطرف، وهما الكثير الآباء إلى الجد الأكبر، ويمدح به. والقعدد، نقيضه ويذم به لأنه من أولاد الهرمى، وينسب إلى الضعف. قال الشاعر:
دعاني أخي والخيل بيني وبينه فلما دعاني لم يجدني بقعـدد
وقال في الطرف:
طرفون ولاَّدون كل مبـارك أمرّون لا يرثون سهم القعدد
ومعنى المثل: أولع هذا القعدد بالوقيعة في طرافة هذا الطرف والغض منه. يضرب لمن يحتقر محاسن غيره ولا يكون له منها حظ ولا نصيب.

طليت عن فيقته للعجلي

يقال طليت الطلا وطليته إذا حبسته عن أمه. والفيقة، ما يجتمع من اللبن في الضرع بين الحلبتين. والعجلي، والولد تموت أمه فيربيه صاحبه بلبن غيرها. يقال عجوته أعجوه إذا فعلت ذلك به. يضرب لمن يظلم من لا ناصر له ولا يقاومه.

اطلب تظفر

الظفر، الفوز بالمراد والبغية. يقول: الظفر ثان للطلب فاطلب طلبتك أولاً تظفر به ثانياً. يطلب في الحث على طلب المقصود.

اطلبه من حيث وليس

حيث كلمة تبنى على الضم كقط وعلى الفتح ككيف وتضاف إلى الجمل تقول: اجلس حيث تجلس، واقعد حيث عمرو، أي حيث عمرو قاعد، وحيث يقوم زيد. وليس أصله لا أيس، ولا أيس اسم للموجود، فإذا قيل لا أيس فمعناه لا موجود ولا وجود، ثم كثر استعماله فحذفت الهمزة فالتقى ساكنان أحدهما ألف لا والثاني ياء ليس فحذفت الألف فبقي ليس، وهي كلمة نفي ملا في الحال، ويوضع موضع لا كقول لبيد: إنما يجزى الفتى ليس الجمل، أي لا الجمل. وفي هذا المثل وضع موضع لا، يعني اطلب ما أمرتك من حيث يوجد ولا يوجد، وهذا على طريق المبالغة. يقول: لا يفوتنك هذا الأمر على أي حال يكون وبالغ في طلبه.

طرف الفتى يخبر عن لسانه

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 191

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 192

ويروى عن ضميره. وقال بعض الحكماء: لا شاهد على غائب أعدل من طرف على قلب.

طريق يحن فيه العود

ويروى: يحن فيه إلى العود. فمعنى الأول يحن، أي ينشط فيه العود لوضوحه. ومعنى الثاني، أي يحتاج فيه إلى العود لدروسه والعود أهدى في مثله من غيره. ويجوز أن يكون العود في معنى الأول يحن لصعوبته، فيكون المعنيان واحداً.

طأ معرضاً حيث شئت

أي ضع رجليك حيث شئت ولا تنق شيئاً قد أمكنك. يضرب لمن قرب مما كان يطلبه في سهولة.

ما على أفعل من هذا الباب

أطول من ظل الرمح

هذا من قول يزيد بن الطثرية:
ويوم كظل الرمح قصر طولـه دم الزق عنا واصكاك المزاهر
ويقال للإنسان إذا ُأفرط في الطول ظل النعامة. ويقال فلان ظل الشيطان للمنكر الضخم. فأما لطيم الشيطان فإنما يقال ذلك للذي بوجهه لقوة.

أطول من طنب الخرقاء

وذلك لأن الخرقاء لا تعرف المقدار فتطيله، وذكرهم للخرقاء ههنا كذكرهم للحمقاء في موضع آخر وهو قولهم: إذا طلع السماك ذهب العكاك وبرد ماء الحمقاء وذلك أن الحمقاء لا تبرد الماء فيقولون أن البرد يصيب ماءها وإن لم تبرده.

أطول من الصبح

ويروى: من الفلق أيضاً. والصبح يعرض ويطول عند انتشاره لكنهم اكتفوا بذكر الطول عن ذكر العرض للعلم بوجوده.

أطول من السكاك

ويقال له السكاكة أيضاً، وهما الهواء الذي يلاقي عنان السماء، ومنه قولهم: لا أفعل ذلك ولو نزوت في السكاك. أي في السماء. ويقال له اللوح أيضاً.

أطول ذماء من الضب

الذماء، ما بين القتل إلى خروج النفس ولا ذماء للإنسان. ويقال: الذماء بقية النفس وشدة انعقاد الحياة بعد الذبح. وهشم الرأس، والطعن الجائف، والتامور أيضاً، بقية النفس. وبعضهم يفصح عنه فيجعله دم القلب الذي ما بقي بقي الإنسان. والضب يبلغ من قوة نفسه أنه يذبح فيبقى ليلته مذبوحاً مفري الأوداج ساكن الحركة ثم يطرح من الغد في النار فإذا قدروا أنه نضج تحرك حتى يتوهموا أنه قد صار حياً وإن كان في العين ميتاً.

أطول ذماء من الأفعى

وذلك أن الأفعى تذبح فتبقى أياماً تتحرك.

أطول ذماء من الحية

لأنه ربما قطع منها الثلث من قبل ذنبها فتعيش إن سلمت من الذر.

أطول ذماء من الخنفساء

وذلك أنها تشدخ فتمشي. ومن الحيوان ضروب يطول ذماؤها ولا يضرب بها المثل كالكلب والخنزير.

أطول من فراسخ دير كعب

هذا من قول الشاعر:
ذهبت تمادياً وذهبت طـولاً كأنك من فراسخ دير كعب
وقولهم:

أطول صحبة من الفرقدين

هو من قول الشاعر أيضاً حيث يقول:
وكل أخ مفارقه أخـوه لعمر أبيك إلا الفرقدان

أطول صحبة من ابني شمام

من قول الشاعر أيضاً:
وكل أخ مفارقه أخـوه لعمر أبيك ألا ابني شمام

أطول صحبة من نخلتي حلوان

هذا من قول الشاعر:
أسعدني يا نخلـتـي حـلـوان وأرثيا لي من ريب هذا الزمان
وأعلما أن بقيتما أن نـحـسـاً سوف يلقاكما فتـفـتـرقـان
وكان المهدي خرج إلى أكناف حلوان متصيداً فانتهى إلى نخلتي حلوان فنزل تحتهما وقعد للشرب فغناه المغني:
أيا نخلتي حلوان بالشعب إنـمـا أشذكما عن نخل جوخى شقاكما
إذا نحن جاوزنا الثنية لـم نـزل على وجل من سيرنا أو نراكما
فهم بقطعهما، فكتب إليه أبوه المنصور: مه يا بني واحذر أن تكون ذلك النحس الذي ذكره الشاعر في خطابهما حيث قال:
وأعلما أن بقيتما أن نحساً سوف يلقاكما فتفترقان

أطير من عقاب

وذلك أنها تتغدى بالعراق وتتعشى باليمن وريشها الذي عليها هو فروتها في الشتاء وخيشها في الصيف.

أطير من حباري

لأنها تصاد بظهر البصرة فتوجد في حواصلها الحبة الخضراء الغضة الطرية وبينها وبين ذلك بلاد وبلاد.

أطيش من فراشة

لأنها تلقى نفسها في النار.
وأما قولهم:

أطيش من ذباب

فهو من قول الشاعر:
ولأنت أطيش حين تغدو سـادراً رعش الجنان من القدوح الأقرح
السادر، الراكب رأسه. والجنان، القلب. والقدوح الأقراح، الذباب، وذلك أنه إذا سقط حك ذراعاً بذراع كأنه يقدح. والأقرح، من القرحة، وكل ذباب في وجهه قرحة.
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 192

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 193

أطيش من عفر

قال ابن الأعرابي: العفر، ذكر الخنازير. والعفر أيضاً الشيطان وهو العفريت أيضاً.

أطيب نشراً من الروضة

النشر، الريح، يعني الرائحة.

أطيب من نشراً من الصور

قالوا الصور المسك وأنشد:
إذا لاح الصوار ذكرت ليلى وأذكرها إذا نفح الصـوار

أطمع من قالب الصخرة

هو رجل من معد رأى حجراً ببلاد اليمن مكتوباً عليه بالمسند: اقلبني أنفعك. فاحتال في قلبه فوجد على جانبه الآخر: رب طمع يهدي إلى طبع. فما زال يضرب بهامته الصخرة تلهفاً حتى سال دماغه وفاظ.

أطمع من أشعب

هو رجل من أهل المدينة يقال له أشعب الطماع، وهو أشعب بن جبير مولى عبد الله بن الزبير، وكنيته أبو العلاء. سأل أبو السمراء أبا عبيدة عن طمعه فقال: اجتمع عليه يوماً غلمة من غلمان المدينة يعابثونه، وكان مزاحاً ظريفاً مغنياً، فآذاه الغلمة فقال لهم: إن في دار بني فلان عرساً فانطلقوا إلى ثَمَّ فهو أنفع لكم. فانطلقوا وتركوه، فلما مضوا قال: لعل الذي قلت من ذلك حق. فمضى في أثرهم نحو الموضع فلم يجد شيئاً وظفر به الغلمان هناك فآذوه. وكان أشعب صاحب نوادر وإسناد وكان إذا قيل له حدثنا يقول: حدثنا سالم بن عبد الله وكان يبغضني في الله. فيقال له: دع ذا. فيقول: ما عن الحق مدفع. ويروى: ليس للحق مترك. وكانت عائشة بنت عثمان كفلته وكفلت معه ابن أبي الزناد فكان يقول أشعب: تربيت أنا وابن أبي الزناد في مكان واحد، فكنت أسفل ويعلو حتى بلغنا إلى ما ترون. وقيل لعائشة: هل آنست من أشعب رشداً? فقالت: قد أسلمته منذ سنة في البر فسألته بالأمس أين في الصناعة? فقال: يا أمه، قد تعلمت نصف العمل وبقي علي نصفه. فقلت كيف? فقال: تعلمت النشر في سنة وبقي علي تعلم الطي. وسمعته اليوم يخاطب رجلاً، وقد ساومه قوس بندق، فقال: بدينار. فقال: واله لو كنت إذا رميت عنها طائراً وقع مشوياً بين رغيفين ما اشتريتها بدينار. فأي رشد يؤنس منه. قال مصعب ابن الزبير: خرج سالم بن عبد الله بن عمر إلى ناحية من نواحي المدينة هو وحرمه وجواريه، وبلغ ِأشعب الخبر فوافى الموضع الذي هم به يريد التطفل فصادف الباب مغلقاً، فتسور الحائط فقال له سالم: ويلك يا أشعب من بناتي وحرمي. فقال: لقد علمت ما لنا في بناتك من حق، وإنك لتعلم ما نريد. فوجه إليه من الطعام ما أكل وحمل إلى منزله. وقال أشعب: وهب لي غلام فجئت إليه من الطعام ما أكل وحمل إلى منزله. وقال أشعب: وهب لي غلام فجئت إلى أمي بحمار موقور من كل شيء والغلام فقالت أمي: ما هذا الغلام? فأشفقت عليها من أن أقول وهب لي فتموت فرحاً فقلت: وهب لي غين. فقالت: وما غين? قلت: لام. قالت: وما لام? قلت: ألف. قالت: وما ألف? قلت: ميم. قالت: وما ميم? قلت: وهب لي غلام. فغشي عليها فرحاً ولو لم أقطع الحروف لماتت. وقال له سالم بن عبد الله: ما بلغ من طمعك? قال: ما نظرت قط إلى اثنين في جنازة يتساران إلا قدرت أن الميت قد أوصى لي من ماله بشيء؛ وما أدخل أحد يده في كمه إلى أظنه يعطيني شيئاً. وقال له ابن أبي الزناد: ما بلغ من طمعك? فقال: ما زفت بالمدينة امرأة إلا كسحت بيتي رجاء أن يغلط بها إلي. وبلغ من طمعه أنه مر برجل يعمل طبقاً فقال: أحب أن تزيد فيه طوقاً. قال: ولم? قال: عسى أن يهدى إلي فيه شيء. ومن طمعه أنه مر برجل يمضغ علكاً فتبعه أكثر من ميل حتى علم أنه علك. وقيل له: هل رأيت أطمع منك? قال: نعم! فقلت: الكاذب منا كذا من الراهب في كذا منه. فنزل الراهب وقد انعظ وقال: أيكما الكاذب? ثم قال أشعب: ودعوا هذا، امرأتي أطمع مني ومن الراهب. قيل له: وكيف? قال: إنها قالت لي: ما يخطر على قلبك من الطمع شيء يكون بين الشك واليقين إلا وأتيقنه.

أطمع من طفيل

هو رجل من أهل الكوفة مشهور بالطمع واللعمظة، وإليه ينتسب الطفيليون، وسيأتي ذكره مستقصى في باب الواو عند قولهم: أوغل من طفيل.

أطمع من فلحس

قد مر ذكره في باب السين عند قولهم: أسأل من فلحس. فأغنى عن الإعادة.

أطمع من قرلى

قد مر ذكره والاختلاف فيه في باب الخاء عند قولهم: أخلف من قرلى.

أطمع من مقمور

إنما قيل هذا لأنه يطمع أن يعود إليه ما قمر.

أطوع من ثواب

هذا رجل من العرب كان مطواعاً فضرب به المثل. قال الأخفس ابن شهاب:  
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 193

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 194

وكنت الدهر لست أطيع أنثى فصرت اليوم أطوع من ثواب

أطوع من فرس

ومن كلب

أطب من ابن حذيم

هذا رجل كان معروفاً بالحذق في الطب. قال أبو الندى: هو حذيم رجل من تيم الرباب كان أطب العرب، وكان أطب من الحرث، قال أوس بن حجر يذكره:
فهل لكم فيها إلي فـإنـنـي بصير بما أعيا النطاسي حذيما

أطغى من السيل ومن الليل أطير من جرادة

أطمر من برغوث

أطول من يوم الفراق

ومن شهر الصوم ومن السنة الجدبة

أطفل من ليل على نهار

ومن شيب على شباب

ويقال أيضاً:

أطفل من ذباب

أطيب من الحياة

ومن الماء على الظمأ

أطول من الدهر

ومن اللوح

وهو السكاك وقد مر قبل.

المولدون

"طاعة اللسان ندامة" "طبيب يداوي الناس وهو مريض" "طريق الحافي على أصحاب النعال" "وطريق الأصلع على أصحاب القلانس" "طبل بسري" إذا أفشاه.
"طول اللسان يقصر الأجل" "طواه طي الرداء" "طلاب العلا بركوب الغرر" "طعمة الأسد تخمة الذئب" "طول بلا طول ولا طائل" "طاعة الولاة بقاء العز" "طول التجارب زيادة في العقل" "الطمع الكاذب فقر حاضر" "الطمع الكاذب يدق الرقبة " قاله خالد بن صفوان حين وأكله الأعرابي، وذلك أنه كان قد بنى دكاناً مرتفعاً لا يسع غيره ولا يصل إليه الراجل، فكان إذا تغدى قعد عليه وحيداً يأكل لبخله، فجاء إعرابي على جمل ساوي الدكان ومد يده إلى طعامه فبينما هو يأكل إذ هبت ريح وحركت شناً هناك فنفر البعير وألقى الأعرابي فاندقت عنقه فقال خالد: الطمع الكاذب يدق الرقبة. فذهبت مثلاً.
"الطير بالطير يصطاد" "الطيور على ألافها تقع" "الطبل قد تعود اللطام" "اطرح نهدك وكل جهدك" "اطلع القرد في الكنيف فقال هذه المرآة لهذا الوجيه"
"أطـخ وأفـرخ طفيلي ومقترح"
يضرب للفضولي.

الباب السابع عشر

في

ما أوله ظاء

ظئار قوم طعن

الظئار، المظاءرة. يقال ظأرت الناقة وظاءرتها إذا عطفتها على ولد غيرها. وظأرت الناقة أيضاً يتعدى ولا يتعدى. وهذا مثل قولهم: الطعن يظأر. يضرب لمن يحمل على الصلح خوفاً.

ظلت على فراشها تكرى

أي تنام. يضرب مثلاً للخلي الفارغ من الأمر.

أظن ماءكم هذا ماء عناق

قالوا: كان من حديثه أن رجلاً بينا هو يستقي وبيته تلقاء وجهه، فنظر فإذا هو برجل معانق امرأته يقبلها، فأخذ العصا وأقبل مسرعاً لا يشك فيما رأى، فلما رأته امرأته جعلت الرجل في خالفة البيت بين الخالفة والمتاع، فنظر يميناً وشمالاً فلم ير شيئاً، وخرج فنظر في الأرض فلم ير شيئاً، فكذب بصره. فقالت المرأة، كأنها تريه أنها قد استنكرت من أمره شيئاً: ما دهاك يا أبا فلان، أرعبك شيء? فكتمها الذي رأى ومضى لحاجته، فلما كان في الورد الثاني قالت: يا أبا فلان: هل لك أن أكفيك السقي وتودع اليوم فإني قد أشفقت عليك? قال: نعم إن شئت. فأقام في المنزل، فانطلقت تسقي، وتحينت منه غفلة فأخذت العصا ثم أقبلت حتى تفلق بها رأسه فشجته. فقال: ويلك، مالك، وما دهاك? قالت: وما دهاني يا فاسق، أين المرأة التي رأيتها معك تعانقها? فقال: لا والله ما كانت عندي امرأة، وما عانقت اليوم امرأة. قالت: بلى، أنا نظرت إليها بعيني وأنا على الماء. فتحالفا، فلما أكثرت قال: أن تكوني صادقة فإن ماءكم هذا ماء عناق. يضرب مثلاً في الدواهي. قاله أبو عمرو. وروى غيره عناق، بفتح العين، وقال: العناق والعناقة الخيبة. وأنشد:
سرى لك بالعناقة من سعاد خيال فاحتني ثمر الفـؤاد
وهما مستعار للخيبة والأمر المظلم من عناق الأرض. ومنه قولهم: لقيت منه أذني عناق، لأنهما مسودان ولا يفارقهما السواد.

ظمأ قامح خير من ري فاضح

قال الخليل: القامح والمقامح من الإبل الذي قد اشتد عطشه حتى فتر لذلك فتوراً شديداً. ويقال: القامح الذي يرد الحوض ولا يشرب،. يضرب في القناعة وكتمان الفاقة. ويروى: ظمأ فادح خير من ري فاضح. الفادح، المثقل. يقال فدحه الدين، أي أثقله. والفضح والفضوح، انكشاف الأمر وظهوره. يقال فضح الصبح إذا بدا، وافتضح فلان إذا انكشفت مساويه، وفضحه غيره إذا أظهر مقابحه.

الظلم مرتعه وخيم

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 194

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 195

قاله حنين بن خشرم السعدي، أي عاقبته مذمومة. وجعل للظلم مرتعاً لتصرف الظالم فيه، ثم جعل المرتع وخيماً لسوء عاقبته إما في الدنيا وإما في العقبى.

الظلم ظلمات يوم القيامة

هذا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ظلت الغنم عبيثة واحدة

وذلك إذا لقي الغنم غنماً أخرى فاختلط بعضها ببعض. يضرب في اختلاط القوم وتساويهم في الفساد ظاهراً وباطناً.

الظباء على البقر

يضرب عند انقطاع ما بين الرجلين من القرابة والصداقة، وكان الرجل في الجاهلية إذا قال لامرأته: الظباء على البقر، بانت منهم، وكان عندهم طلاقاً. ونصب الظباء على معنى اخترت أو اختار الظباء على البقر، والبقر كناية عن النساء. ومنه قولهم: جاء يجر بقره، أي عياله وأهله.

ظنوا بني الظنانات

الظنانة، المرأة التي تحدث بما لا علم لها به. قالها رجل غاب له أخ وبقي له أخوة مقيمون فاستبطؤوه لموعده الذي وعدهم فقال أحدهم: ظنوا بني الظنانات. فقال أحدهم: أظنه لقيه ذو النبالة الكثيرة فقتله، يعني القنفذ. وقال الآخر: أظنه لقيه الذي رمحه في إسته فقتله، يعني اليربوع. وقال الآخر: أظنه لقيته حجمة عينين فأكلته، يعني الأرنب، ويقال يعني الذئب، كذا قاله المنذري. وقال الآخر: أظنه اضطره السيل إلى جرثومة فمات من العطش. يضرب عند الحكم بالظنون.

ظن الرجل قطعة من عقله

قال الأصمعي الذنب فقرة من الصلب، والضرع ابنه من الكرش، وظن الرجل قطعة من عقله. وقال عمر رضي الله عنه: لا يعيش أحد بعقله حتى يعيش بظنه. وقال سليمان بن عبد الملك: جودة اللسان بلا عقل خدعة، وجودة العقل بلا لسان هجنة، ولكن بين ذلك.

ظل سيال ريحه حرور

السيال، شجر من العضاه ولها وردة طيبة الرائحة. والحرور، ريح حارة تهب بالليل، وقيل بالنهار. يضرب للرجل له سيما حسنة ولا خير عنده.

ظالع يعود كسيراً

الكسير، فعيل بمعنى مفعول، يعنون المكسور الرجل. والظلع، مثل الغمز يكون في رجل الدابة وغيرها. وقوله يعود من العيادة. يضرب للضعيف ينصر من هو أضعف منه.

ظفره يكل عن حك مثلي

يضرب لمن يناويك ولا يقاويك.

ظلال صيف ما لها قطار

الظلال، ما أظلك من سحاب وغيره، والمراد به ههنا السحاب. يضرب لمن له ثروة ولا يجدي على أحد.

ظئر رؤوم خير من أم سؤوم

الظئر، الحاضنة والجمع ظوائر، وهو جمع نادر. والرؤوم، العطوف. والسؤوم، الملول. يضرب في عدم الشفقة وقلة الاهتمام.

ظاهر العتاب خير من باطن الحقد

هذا قريب من قولهم: ويبقى الود ما بقي العتاب.

ظل السلطان سريع الزوال

الظفر بالضعيف هزيمة

يضرب لمن يستضعف.

ظن العاقل خير من يقين الجاهل

ما على أفعل من هذا الباب

أظلم من حية

لأنها تجيء إلى جحر غيرها فتدخله وتغلبه عليه. وكذلك قولهم:

أظلم من أفعى

يقال أنك لتظلمني ظلم الأفعى. قال الشاعر:
وأنت كالأفعى التي لا تحتقر ثم تجي سادرة فتنجـحـر
وذلك أن الحية لا تتخذ لنفسها بيتاً فكل بيت قصدت إليه هرب أهله منه وخلوه لها. وأما قولهم:

أظلم من ورل

فلأن كل شدة يلقاها ذو حجر من الحية فهو يلقى مثل ذلك من الورل. والورل ألطف بدنا من الضب، وهو يقوى على الحيات ويأكلها أكلاً ذريعاً.

أظلم من ذئب

قد كثرت أمثال العرب وأشعار الشعراء بظلم الذئب فقالوا في أمثالهم: من استرعى الذئب ظلم. ومستودع الذئب أظلم. وكافأه مكافأة الذئب. وأما ما جاء في أشعارهم فحكى ابن الأعرابي أن إعرابياً ربى بالبادية ذئباً فلما شب افترس سخلة له فقال الأعرابي:
فرست شويهتي وفجعت طفلا ونسواناً وأنت لـهـم ربـيب
ونشأت مع السخال وأنت طفل فمـا أدراك أن أبــاك ذيب
إذا كان الطباع طبـاع سـوء فليس بمصلح طبـعـاً أديب
وقال آخر:
وأنت كجرو الذئب ليس بآلـف أبي الذئب إلا أن يخون ويظلما
وقال آخر:
وأنت كذئب السوء إذ قال مـرة لعمروسة والذئب غرثان مرمل
أأنت التي من غير جرم سببتنـي فقالت متى ذا قال ذا عـام أول
فقالت ولدت العام بل رمت ظلمنا فدونك كلني لا هنالك مـأكـل
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 195

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 196

قال حمزة: وهذه الأبيات منقولة من حديث طويل من أحاديث الأعراب.

أظلم من التمساح

وكافأني مكافأة التمساح

قال حمزة: له حديث من أحاديثهم طويل تركت ذكره.

أظلم من الجلندى

هذا مثل من أمثال أهل عمان، ويزعمون أنه جرى ذكره في القرآن في قوله عز وجل: "وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصباً". ويزعم كثير من الناس أن الجلندى وقع إلى سيف فارس في دولة الإسلام، وإن الذي كان يأخذ السفن كان في بحر مصر لا في بحر فارس.

أظلم من فلحس

قد مر ذكره في باب السين عند قولهم: أسأل من فلحس.

أظلم من صبي

لأنه يسأل ما لا يقدر عليه. ولذلك يقال: وأعطاه حكم الصبي، إذا أعطاه ما شاء.

أظلم من ليل

يراد من الظلمة، قلت: قد قال بعضهم هذا شاذ أن يبنى أفعل التفضيل من الإظلام وليس كما ظن فإن ظلم يظلم ظلمة لغة في أظلم إظلاماً، وإذا صح هذا فالبناء وقع على سمته وقاعدته.

أظلم من الليل

هذا يراد به أفعل من الظلم لا من الظلمة، وإنما نسب إلى الظلم لأنه يستر السارق وغيره من أهل الريبة.

أظمأ من حوت

قال حمزة: يزعمون، دعوى بلا بينة، إنه يعطش في البحر، ويحتجون بقول الشاعر:
كالحوت لا يرويه شيء يلهمه يصبح ظمآن وفي البحر فمه
ثم ينقضون هذا بقولهم: أروى من حوت. فإذا سئلوا عن علة قولهم هذا قالوا: لأنه لا يفارق الماء.

أظمأ من رمل

وإنما قالوا هذا لأنه أشرب شيء للماء.

أظل من حجرٍ

وذلك لكثافة ظله. قلت: ليس للظل فعل يتصرف في ثلاثيه فيبنى منه أفعل التفضيل وحقه أشد ظلالاً. وقال: كأنما وجهك ظل من حجر. يعني أسود لأن ظل الحجر لا يكون كظل الشجر.

أظلم من الشيب

لأنه ربما يهجم على صاحبه قبل إبانه.

المولدون

"ظريف في جيبه عدد" إذا تكلف ما لا يليق به.
"ظلم الأقارب أشد من وقع السيف" قلت: هذا معنى قديم فإنه جاء في مشهور شعر الجاهلية: قال طرفة:
فظلم ذوي القربى أشد مضـاضة على المرء من وقع الحسام المهند

الباب الثامن عشر

في

ما أوله عين

عند الصباح يحمد القوم السرى

قال المفضل: إن أول من قال ذلك خالد بن الوليد لما بعث إليه أبو بكر رضي الله عنهما، وهو باليمامة، أن سر إلى العراق، فأراد سلوك المفازة فقال له رافع الطائي: قد سلكتها في الجاهلية، هي خمس للإبل الواردة، ولا أظنك تقدر عليها إلا أن تحمل من الماء. فاشترى مائة شارف فعطشها ثم سقاها الماء حتى رويت، ثم كتبها وكم أفواهها ثم سلك المفازة حتى إذا مضى يومان وخاف العطش على الناس والخيل وخشي أن يذهب ما في بطون الإبل نحر الإبل واستخرج ما في بطونها من الماء فسقى الناس والخيل ومضى، فلما كان في الليلة الرابعة قال رافع: انظروا هل ترون سدراً عظاماً، فإن رأيتموها وإلا فهو الهلاك. فنظر الناس فرأوا السدر فأخبروه، فكبر وكبر الناس، ثم هجموا على الماء فقال خالد:
لله در رافعـأنـي اهـتـدى فوز من قرار إلـى سـوى
خمساً إذا سار به الجيش بكى ما سارها من قبله أنس يرى
عند الصباح يحمد القوم السرى وتنجلي عنهم غيابات الكـرى
يضرب للرجل يحتمل المشقة رجاء الراحة.

عند جهينة الخبر اليقين

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 196

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 197

قال هشام بن الكلبي: كان من حديثه أن حصين بن عمرو بن معاوية ابن كلاب خرج ومعه رجل من جهينة يقال له الأخنس بن كعب وكان الأخنس قد أحدث في قومه حدثاً فخرج هارباً فلقيه الحصين فقال له: من أنت ثكلتك أمك? فقال له الأخنس: بل من أنت ثكلتك أمك? فردد هذا القول حتى قال الأخنس: أنا الأخنس بن كعب فأخبرني من أنت وإلا أنفذت قلبك بهذا السنان. فقال له الحصين: أنا الحصين بن عمرو الكلابي. ويقال، بل هو الحصين بن سبيع الغطفاني. فقال له الأخنس: فما الذي تريد? قال: خرجت لما يخرج له الفتيان. قال الأخنس: وأنا خرجت لمثل ذلك. فقال له الحصين: هل لك أن نتعاقد أن لا نلقى أحداً من عشيرتك أو عشيرتي إلا سلبناه. قال: نعم. فتعاقدا على ذلك، وكلاهما فاتك يحذر صاحبه، فلقيا رجلاً فسلباه فقال لهما: هل لكما أن تردا علي بعض ما أخذتما مني وأدلكما على مغنم. قالا: نعم. فقال: هذا رجل من لخم قد قدم من عند بعض الملوك بمغنم كثير وهو خلفي في موضع كذا وكذا. فردا عليه بعض ماله وطلبا اللخمي فوجداه نازلاً في ظل شجرة وقدامه طعام وشراب فحيياه وحياهما وعرض عليهما الطعام، فكره كل واحد أن ينزل قبل صاحبه فيفتك به فنزلا جميعاً فأكلا وشربا مع اللخمي، ثم أن الأخنس ذهب لبعض شأنه فرجع واللخمي يتشحط في دمه. فقال الجهني، وهو الأخنس، وسل سيفه لأن سيف صاحبه كان مسلولاً: ويحك فتكت برجل قد تحرمنا بطعامه وشرابه. فقال: اقعد يا أخا جهينة فلهذا وشبهه خرجنا. فشربا ساعة وتحدثا ثم إن الحصين قال: يا أخا جهينة، أتدري ما صعلة وا صعل? قال الجهني: هذا يوم شرب وأكل. فسكت الحصين حتى إذا ظن أن الجهني قد نسي ما يراد به قال: يا أخا جهينة، هل أنت للطير زاجر? قال: وما ذاك? قال: ما تقول هذه العقاب الكاسر? قال الجهني: وأين تراها? قال: هي ذه. وتطاول ورفع رأسه إلى السماء، فوضع الجهني بادرة السيف في نحره فقال: أنا الزاجر والناصر. واحتوى على متاعه ومتاع اللخمي وانصرف راجعاً إلى قومه فمر ببطنين من قيس يقال لهما مراح وأنمار فإذا هو بامرأة تنشد الحصين بن سبيع فقال لها: من أنت? قالت: أنا صخرة امرأة الحصين. قال: أنا قتلته. فقالت: كذبت ما مثلك يقتل مثله، أما لو لم يكن الحي خلوا ما تكلمت بهذا. فانصرف إلى قومه فأصلح أمرهم، ثم جاءهم فوقف حيث يسمعهم وقال:
وكم من ضيغم ورد همـوس أبي شبلين مسكنه العـرين
علوت بياض مفرقه بعضب فأضحى في الفلاة له سكون
وأضحت عرسه ولها علـيه بعيد هدوء ليلتـهـا رنـين
وكم من فـارس لا تـزدريه إذا شخصت لموقعه العيون
كصخرة إذ تسائل في مراح وإنمار وعلمهمـا ظـنـون
تسائل عن حصين كل ركب وعند جهينة الخبر الـيقـين
فمن يك سائلاً عنه فعـنـدي لصاحبه البيان المستـبـين
جهينة معشري وهم ملـوك إذا طلبوا المعالي لم يهونوا
قال الأصمعي، وابن الأعرابي: هو جفينة، بالفاء، وكان عنده خبر رجل مقتول وفيه يقول الشاعر:
تسائل عن أبيها كل ركب وعند جفينة الخبر اليقين
قال: فسألوا جفينة فأخبرهم خبر القتيل. وقال بعضهم: هو حفينة، بالحاء المهملة. يضرب في معرفة الشيء حقيقته.

عثرت على الغزل بأخرة فلم تدع بنجد قردة

القرد، ما تمعط من الإبل والغنم من الوبر والصوف والشعر. قال الأصمعي: أصله أن تدع المرأة الغزل وهي تجد ما تغزله من قطن أو كتان أو غيره حتى إذا فاتها تتبعت القرد في القمامات فتلقطها فتغزلها. يضرب لمن ترك الحاجة وهي ممكنة ثم جاء يطلبها بعد الفوت قال الراجز:
لو كنتم صوفاً لكنتم قراد أو كنتم ماء لكنتم زبدا
أو كنتم لحماً لكنتم غددا أو كنتم شاء لكنتم نقـدا
أو كنتم قولاً لكنتم فندا

عادت لعترها لميس

العتر، الأصل. ولميس، اسم امرأة. يضرب لمن يرجع إلى عادة سوء تركها، واللام في لعترها بمعنى إلى، يقال عدت إليه وله. قال الله تعالى: "ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه".

عبد صريخه أمة

يضرب في استغاثة الذلي بآخر مثله، أي ناصره إذل منه. والصريخ، المصرخ ههنا.

عبد غيرك حر مثلك

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 197

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 198

يضرب للرجل يرى لنفسه فضلاً على الناس من غير تفضل وتطول.

عبد وحلي في يديه

يضرب في المال يملكه من لا يستأهله. ويروى: عبد اوحلي في يديه. ويروى: عبد وحلي في يديه. وكلها في المعنى قريب. والتقدير هذا عبد، أو هو عبد، فالابتداء محذوف والخبر مبقى.

عبد ملك عبداً فأولاه تباً

يضرب لمن لا يليق به الغنى والثروة. والتب، والتباب، وهو الخسار.

عبد أرسل في سومه

السوم، اسم من التسويم وهو الإهمال، أي أرسل مسوماً في عمله، وذلك إذا وثقت بالرجل وفوضت إليه أمرك فأتى فيما بينك وبينه غير السداد والعفاف.

أعطاه بقوف رقبته وبصوف رقبته

وبطوف رقبته وبظوف رقبته

قال ابن دريد: يقال أخذت بقوفة قفاه، وهو الشعر المتدلي في نقرة القفا. يضرب لمن يعطي الشيء بجملته وعينه ولا يأخذ ثمناً ولا أجراً.

أعور عينك والحجر

يريد: يا أعور احفظ عينك واحذر الحجر، أو ارقب الحجر. وأصله أن الأعور إذا أصيبت عينه الصحيحة بقي لا يبصر، كما قال إسمعيل بن جرير البجلي الشاعر لطاهر بن الحسين، وكان طاهر أعور، وكان إسمعيل مداحاً، فقيل له أنه ينتحل ما يمدحك به من الشعر، فأحب طاهر أن يمتحنه فأمره أن يهجوه فأبى إسمعيل، فقال طاهر: إنما هو هجاؤك لي أو ضرب عنقك. فكتب في كاغد هذه الأبيات:
رأيتـــك لا تـــرى ألا بـــعــــــين وعــينـــك لا تـــرى إلا قـــلـــيلا
فأمـا إذا أصـبــت بـــفـــرد عـــين فخـذ مـن عـينـك الأخـرى كـــفـــيلا
فقد أيقنت أنك عن قليل بظهر الكف تلتمس السبيلا
ثم عرض هذه الأبيات على طاهر: فقال: لا أريت تنشدها أحداً. ومزق القرطاس وأحسن صلته. ويقال أن غراباً وقع على دبرة ناقة فكره صاحبها أن يرميه فتثور الناقة فجعل يشير إليه بالحجر ويقول: أعور عينك والحجر. ويسمى الغراب أعور لحدة بصره على التشاؤم، أو على القلب، كالبصير للضرير، وأبي البيضاء للحبشي.

عنده من المال عائرة عين

يقال عرت عينه، أي عورتها. ومعنى المثل أنه من كثرته يملأ العين حتى يكاد يعورها. وقال أبو حاتم: عارت عينه أي ذهبت. قال: ومعنى المثل عنده من المال ما تعير فيه العين، أي تجيء وتذهب وتحير. وقال الفراء: عنده من المال عائرة عين، وعائرة عينين، وعيرة عينين. وأصل هذا أنهم كانوا إذا كثر عندهم المال فقؤا عين بعير دفعاً لعين الكمال وجعل العور لها لأنها سببه، وكانوا يفعلون ذلك إذا بلغت الإبل ألفاً. والتقدير: عنده من المال إبل عائرة عين، أي مقدار ما يوجب عور عين، أي ألف.

عين عرفت فذرفت

يضرب لمن رأى الأمر فعرف حقيقته.

أعييتني بأشر فكيف بدردر

أصل ذلك أن رجلاً أبغض امرأته وأحبته، فولدت له غلاماً فكان الرجل يقبل دردره، وهو مغرز الأسنان، ويقول: فديت دردرك. فذهبت المرأة فكسرت أسنانها، فلما رأى ذلك منها قال: أعييتني بأشر فكيف بدردر. فأزداد لها بغضاً. والأشر، تحزيز الأسنان، وهو تحديد أطرافها، والباء في باشر وبدردر بمعنى مع، أي أعييتني حين كنت مع أشر فكيف أرجو فلاحك مع دردر. قال أبو زيد: معنى المثل أنك لم تقبلي الأدب وأنت شابة ذات أشر في أسنانك فيكف الآن وقد أسننت. ومثله:

أعييتني من شُبَّ إلى دبَّ=ومن شُبٍّ إلى دبٍ

فمن تون جعله بمنزلة الاسم بإدخال من عليه، ومن لم ينون جعله كقولهم: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قيل وقال. على وجه الحكاية للفعل. والمثلان يضربان لمن يكون في أمر عظيم غير مرضي فيمتد فيه أو يأتي بما هو أعظم منه. ويقال في قولهم: من شب، أي من لدن كنت شاباً إلى أن دببت على العصا، أي أنك معهود منك الشر منذ قديم فلا يرجى منك أن تقصر عنه. يقال شب الغلام يشب شباباً وشببة إذا ترعرع. قلت: الكلام شب، بالفتح، والمثل شب، بالضم، ولا وجه له يحمل عليه إلا أن يقال هذا من الشب الذي هو الإظهار، يقال: شعرها يشب لونها، أي يظهره. وكذلك شب النار إذا أوقدها وأظهرها، كأنهم أرادوا: أعييتني من لدن قيل ظهر، أي ولد وظهر للرائين، إلى أن شاب ودب على العصا، ثم نزل الفعل. ورفعوا دب في الوجهين على سبيل الإتباع والمزاوجة لأن دب لا يتعدى البتة. ويروى: من لدن شب إلى دب.

عليه من الله لسان صالحة.

يعني الثناء. يضرب لمن يثني عليه بالخير.

عض على شبدعه

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 198

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 199

الشبدع، العقرب. يضرب لمن يحفظ اللسان عما لا يغنيه.

على يدي دار الحديث

يضربه من كان عالما بالأمر. ويروى هذا المثل عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه أنه تكلم به في حديث المتعة.

على يدي عدل

قال ابن السكيت: هو العدل بن جزء بن سعد العشيرة، وكان على شرط تبع، وكان تبع إذا أراد قتل رجل دفعه إليه فجرى به المثل في ذلك الوقت فصار الناس يقولون لكل شيء قد يئس منه: هو على يدي عدل.

أعطى عن ظهر يد

أي ابتداء لا عن بيع ولا مكافأة. قال الأصمعي: أعطيته مالاً عن ظهر يد، يعني تفضلاً ليس من بيع ولا من قرض ولا مكافأة. قلت: الفائدة في ذكر الظهر هي أن الشيء إذا كان في بطن اليد كان صاحبه أملك لحفظه، وإذا كان على ظهرها عجز صاحبها عن ضبطه فكان بمذولاً لمن يريد تناوله. يضرب لم ينال خيره بسهولة من غير تعب.

عي أبأس من شلل

أصل هذا المثل أن رجلين خطبا امرأة، وكان أحدهما عي اللسان كثير المال، والآخر أشل لا مال له، فاختارت الأشل وقالت: عي أبأس من شلل، أي شر وأشد احتمالاً.

عركت ذلك بجنبي

أي احتملته وسترت عليه.

عرف بطني بطن تربة

هذا رجل كان غاب عن بلاده ثم قدم فألصق بطنه بالأرض فقال هذا القول. وتربة، أرض معروفة من بلاد قيس. يضرب لمن وصل إليه بعد الحنين له.

عير بجير بجرة

البجر، جمع بجرة، وهي نتوء السرة يعبر بها عن العيوب. وبجرة في المثل اسم رجل، وكذلك بجير. ويروى بجرة، بفتح الباء. يقال عير بجيرة بجره نسي بجير خبره. والتعيير، من قولك عار الفرس يعير إذا نفر، وعير نفر، كأنه نفر الناس عنه بما ذكر من عيوبه. وحذف المفعول الثاني للعلم به.

على أختك تطردين

وذلك أن فرساً عارت فركب طالبها أختها فطلبها عليها. يضرب للرجل إذا لقي مثله في العلم والدهاء أو في الجهل والسفه.

عرفتني نسأها الله

النسء، التأخير. يقال نسأه في أجله، وأنسأه أجله. عن الأصمعي: والنسء والنساء اسم منه، ومنه قولهم: ومن سره النساء ولا نساء، فليخفف الرداء، وليباكر الغداء، وليقل غشيان النساء. ومعنى المثل: أخر الله أجلها. وأصله أن رجلاً كانت له فرس فأخذت منه ثم رآها بعد ذلك في أيدي قوم فعرفته، فجمحت حين سمعت كلامه فقال الرجل: عرفتني نسأها الله. فذهبت مثلاً. هذا قول الأصمعي، وأما غيره فقال: المثل لبيهس الملقب بنعامة، وإنما لقب بها لطول ساقيه، وقال حمزة: لقب به لشدة صممه، فطرق امرأته ذات ليلة فجأة في الظلماء فقالت امرأته: على آخرين فلما طلع الصبح قالت امرأة لبعض المغيرين: خالاتك يا عماه. فقال: عرفتني نسأها الله، أي أخر الله مدتها.

اعجب حياً نعمه

حي، اسم رجل أتاه رجل يسأله فلم يعطه شيئاً فشكاه فقيل: أعجب حياً نعمه، أي راقه وأعجبه فبخل به عليك.

العاشية تهيج الآبية

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 199

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 200

يقال عشوت في معنى تعشيت، وغدوت في معنى تغديت، ورجل عشيان أي متعش. وقال ابن السكيت: عشي الرجل وعشيت الإبل تعشى عشاً إذا تعشت. قال أبو النجم: تعشى إذا أظلم عن عشائه. يقول: يتعشى وقت الظلمة. قال المفضل: خرج السليك بن السلكة، واسمه الحرث ابن عمرو بن زيد مناة بن تميم، وكان أنكر العرب وأشعرهم، وكانت أمه أمة سوداء، وكان يدعى سليك المقانب، وكان أدل الناس بالأرض وأعداهم على رجله لا تعلق به الخيل، وكان يقول: اللهم أنك تهيئ ما شئت لما شئت إذا شئت، أني لو كنت ضعيفاً لكنت عبداً، ولو كنت امرأة لكنت أمة، اللهم إني أعوذ بك من الخيبة، فأما الهيبة فلا هيبة، أي لا أهاب أحداً. زعموا أنه خرج يريد أن يغير في ناس من أصحابه فمر على بني شيبان في ربيع، والناس مخصبون في عشية فيها ضباب ومطر، فإذا هو ببيت قد انفرد من البيوت عظيم، وقد أمسى، فقال لأصحابه: كونوا بمكان كذا وكذا حتى آتي هذا البيت فلعلي أصيب خيراً أو آتيكم بطعام. فقالوا له: افعل. فانطلق إليه وجن عليه الليل فإذا البيت بيت يزيد بن رويم الشيباني، وإذا الشيخ وامرأته بفناء البيت، فاحتال سليك حتى دخل البيت من مؤخره فلم يلبث أن أراح ابن الشيخ بإبله في الليل. فلما رآه الشيخ غضب وقال: هلا كنت عشيتها ساعة من الليل. فقال ابنه: أنها أبت العشاء. فقال يزيد: أن العاشية تهيج الآبية. فأرسلها مثلاً. ثم نفض الشيخ ثوبه في وجهها فرجعت إلى مرتعها وتبعها الشيخ حتى مالت لأدنى روضة فرتعت فيها وقعد الشيخ عندها يتعشى، وقد خنس وجهه في ثوبه من البرد، وتبعه السليك حين رآه انطلق فلما رآه مغتراً ضربه من ورائه بالسيف فأطار رأسه وأطرد إبله وقد بقي أصحاب السليك، وقد ساء ظنهم وخافوا عليه، فإذا به يطرد الإبل، فقال سليك في ذلك:
وعاشية روح بطان ذعرتها بصوت قتيل وسطه يتسيف
أي يضرب بالسيف.
كأن عليه لون برد محبر إذا ما أتاه صارخ متلهف
يريد بقوله: لون برد محبر، طرائق الدم على القتيل. وبالصارخ، الباكي المتحزن له.
فبات لها أهل خلاء فناؤهم ومرب بهم طير فلم يتعيفوا
أي لم يزجروا الطير فيعلموا من جملته أيقتل هذا أو يسلم.
وباتوا يظنون الظنون وصحبتي إذا ما علوا نشزاً أهلوا وأوجفوا
أي حملوها على الوجيف، وهو ضرب من السير.
وما نلتها حتى تصعلكت حقبة وكدت لأسباب المنية أعرف
أي أصبر.
وحتى رأيت الجوع بالصيف ضرني إذا قمت يغشاني ظلال فـأسـدف
خص الصيف دون الشتاء لأن بالصيف لا يكاد يجوع أحد لكثرة اللبن، فإذا جاع هو دل على أنه كان لا يملك شيئاً! وقوله: أسدف، يريد أدور، فأدخل في السدفة، وهي الظلمة، يعني يظلم بصري من شدة الجوع. يقال أنه كان افتقر حتى لم يبق عنده شيء فخرج على رجليه رجاء أن يصيب غرة من بعض من يمر عليه فيذهب بإبله حتى إذا أمسى في ليلة من ليالي الشتاء باردة مقمرة اشتمل الصماء، وهو أن يرد فضل ثوبه على عضده اليمنى ثم ينام عليها، فبينا هو نائم إذ جثم عليه رجل فقال له: استأسر. ثم جعل الرجل يلهزه ويقول: يا خبيث استأسر. فلما آذاه أخرج سليك يده فضم الرجل ضمة ضرط منها فقال: أضرطاً وأنت الأعلى. فذهب مثلاً. وقد ذكرته في باب الضاد. ثم قال له سليك: من أنت? فقال: أنا رجل افتقرت فقلت لأخرجن فلا أرجع حتى استغني. قال: فانطلق معي. فانطلقا حتى وجدا رجلاً قصته مثل قصتهما فاصطحبوا جميعاً حتى أتوا الجوف، جوف مراد الذي باليمن، إذا نعم قد ملأ كل شيء من كثرته فهابوا أن يغيروا فيطردوا بعضها فيلحقهم الحي، فقال لهما سليك: كونا قريباً حتى آتي الرعاء فأعلم لكما علم الحي، أقريب هم أم بعيد، فإن كانوا قريباً رجعت إليكما، وإن كانوا بعيداً قلت لكما قولاً أجيء به لكما فأغيرا، فانطلق حتى أتى الرعاء فلم يزل يتسقطهم حتى اخبروه بمكان الحي، فإذا هم بعيد أن طلبوا لم يدركوا، فقال السليك: ألا اغنيكم? قالوا: بلى. فتغنى بأعلى صوته:
يا صاحبي ألا لا حي بالوادي ألا عـبـيد وآم بـين أذواد
تنظراني قليلاً ريث غفلتهـم أم تغدون فإن الربح للغادي
فلما سمعا بذلك أيتاه فأطردوا الإبل، فذهبوا بها ولم يبلغ الصريخ الحي حتى مضوا بما معهم.
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 200

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 201

عود يقلح

العود، البعير المسن، يقال عود تعويداً إذا صار عوداً وهو السن بعد البزول بأربع سنين. ويقال: سؤدد عود، أي قديم. وينشد:
هلا المجد إلا السؤدد العود والندى ورأب الثأى والصبر عند المواطن
والتقليح، إزالة القلح، وهو خضرة أسنانها وصفرة أسنان الإنسان. يضرب للمسن يؤدب ويراض.

عود يعلم العنج

العنج، بتسكين النون، ضرب من رياضة البعير، وهو أن يجذب الراكب خطامه فيرده على رجليه، يقال عنجه يعنجه، والعنج الاسم. ومعنى المثل كالأول في أنه جل عن الرياضة كما جل ذلك عن التقليح، وذلك أن العنج إنما يكون للبكارة فأما العودة فلا تحتاج إليه.

عرض علي الأمر سوم عالة

قال الأصمعي: أصله في الإبل التي قد نهلت في الشرب ثم علت الثانية فهي عالة فتلك لا يعرض عليها الماء عرضاً يبالغ فيه ويقال: سامه سوم عالة، إذا عرض عليه عرضاً ضعيفاً غير مبالغ فيه، والتقدير: عرض علي الأمر عرض عالة، ولكن لما تضمن العرض معنى التكليف جعل السوم له مصدراً فكأنه قال: عرض علي الأمر فسامني ما يسام الإبل التي علت بعد النهل، ومن روى: سامني الأمر سوم عالة، كان على اللقم الواضح.

أعطاني اللفاء غير الوفاء

اللفاء، الخسيس. والوفاء، التام. يضرب لمن يبخسك حقك ويظلمك فيه.

عرف حميق جمله

أي عرف هذا القدر وإن كان أحمق. ويروى: عرف حميقاً جمله، أي أن جمله عرفه فاجترأ عليه. يضرب في الإفراط في مؤانسة الناس. ويقال: معناه عرف قدره. ويقال: يضرب لمن يستضعف إنساناً ويولع به فلا يزال يؤذيه ويظلمه.

عجباً تحدث أيها العود

يضرب لمن يكذب وقد أسن. أي لا يجمل الكذب بالشيخ. ونصب عجباً على المصدر، أي تحدث حديثاً عجباً.

أعديتني فمن أعداك

أصل هذا أن لصاً تبع رجلاً معه مال وهو على ناقة له، فتثاءب اللص فتثاءبت الناقة، فتثاءب راكبها ثم قال للناقة: أعديتني فمن أعداك. وأحس باللص فحذره وركض ناقته. يضرب في عدوى الشر. والعرب تقول: أعدى من الثؤباء، من العدوى.

العنوق بعد النوق

العناق، الأنثى من أولاد المعز، وجمعه عنوق، وهو جمع نادر. والنوق، جمع ناقة. يضرب لمن كانت له حال حسنة ثم ساءت، أي كنت صاحب نوق فصرت صاحب عنوق.

العير أوقى لدمه

يضرب للموصوف بالحذر وذلك أنه ليس شيء من الصيد يحذر حذر العير إذا طلب. ويقال: هذا المثل لزرقاء اليمامة لما نظرت إلى الجيش، وكان كل فارس منهم قد تناول غصناً من شجرة يستتر به، فلما نظرت إليه قالت: لقد مشى الشجر ولقد جاءتكم حمير. فكذبوها. ونظرت إلى عير قد نفر من الجيش فقالت: العير أوقى لدمه من راع في غنمه. فذهبت مثلاً.

عير بعير وزيادة عشرة

قال أبو عبيدة: هذا مثل لأهل الشام ليس يتكلم به غيرهم، وأصل هذا أن خلفاءهم كلما مات منهم واحد وقام آخر زادهم عشرة في اعطياتهم فكانوا يقولون عند ذلك هذا. والمراد بالعير ههنا السيد.

عير عاره وتده

عاره، أي أهلكه. ومنه قولهم: ما أدري أي الجراد عاره? أي، أي الناس ذهب به? يقال: عاره يعوره ويعيره أي ذهب به وأهلكه. وأصل المثل أن رجلاً أشفق على حماره فربطه إلى وتد فهجم عليه السبع فلم يمكنه الفرار، فأهلكه ما احترس له به.

عير ركضته أمه

ويروى وكلته أمه. يضرب لمن يظلمه ناصره.

عيير وحده

يضرب لمن لا يخالط الناس. وقال بعضهم: أي يعاير الناس والأمور ويقيسها بنفسه من غير أن يشاور، وكذلك جحيش نفسه، والكلام في وحده يجيء مستقصى عند قولهم: هو نسيج وحده. إن شاء الله تعالى.

عند النطاح يغلب الكبش الأجم

ويقال أيضاً: التيس الأجم، وهو الذي لا قرن له. يضرب لمن غلبه صاحبه بما أعد له.

عنز بها كل داء

يضرب للكثير العيوب من الناس والدواب. قال الفزاري: للمعزى تسعة وتسعون داء وراعي السوء يوفيها مائة.

عيشي جعار

قال أبو عمرو: يقال للضبع إذا وقعت في الغنم: أفرعت في قراري كأنما ضراري أردت يا جعار. القرار، الغنم. وأفرع، أراق الدم، من الفرع وهو أول ولد تنتجه الناقة، كانوا يذبحونه لآلهتهم. يقال أفرع القوم إذا ذبحوه. وقال الخليل: لكثرة جعرها سميت جعار، يعني الضبع. قال الشاعر:
فقلت لها عيثي جعار وأبشـري بلحم امرئ لم يشهد اليوم ناصره
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 201

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 202

قال المبرد: لما أتى عبد الله بن الزبير قتل أخيه مصعب قال: أشهده المهلب بن أبي صفرة? قالوا: لا. قال: أفشهده عباد بن الحصين الحبطي? قالوا: لا. قال: أفشهده عبد الله بن حازم السلمي? قالوا: لا. فتمثل بهذا البيت. فقلت لها عيثي جعار وأبشري.

عرض عليه خصلتي الضبع

إذا خيره بين خصلتين ليس في واحدة منهما خيار وهما شيء واحد. تقول العرب في أحاديثها أن الضبع صادت ثعلباً فقال لها الثعلب: مني على أم عامر. فقالت: أخيرك بين خصلتين فاختر أيهما شئت. فقال: وما هما? فقالت: إما أن آكلك وإما أن أمزقك. فقال لها الثعلب: أما تذكرين يوم نكحتك? قالت: متى? وفتحت فاها فأفلت الثعلب.

على أهلها تجني براقش

كانت براقش كلبة لقوم من العرب، فأغير عليهم فهربوا ومعهم براقش، فاتبع القوم آثارهم بنباح براقش فهجموا عليهم فاصطلموهم. قال حمزة ابن بيض:
لم تكن عن جناية لحقتنـي لا يساري ولا يميني رمتني
بل جناها أخ علـي كـريم وعلى أهلها براقش تجني
وروى يونس بن حبيب عن أبي عمرو بن العلاء قال: إن براقش امرأة كانت لبعض الملوك فسافر الملك واستخلفها، وكان لهم موضع إذا فزعوا دخنوا فيه فإذا أبصره الجند اجتمعوا، وإن جواريها عبثن ليلة فدخن فجاء الجند فلما اجتمعوا قال لها نصحاؤها: إنك أن رددتهم ولم تستعمليهم في شيء ودخنتهم مرة أخرى لم يأتك منهم أحد. فأمرتهم فبنوا بناء دون دارها. فلما جاء الملك سأل عن البناء فأخبروه بالقصة فقال: على أهلا تجني براقش. فصارت مثلاً. وقال الشرقي بن القطامي: براقش امرأة لقمان بن عاد، وكان لقمان من بني ضد، وكانوا لا يأكلون لحوم الإبل، فأصاب من براقش غلاماً فنزل مع لقمان في بني أبيها فأولموا ونحروا الجزر، فراح ابن براقش إلى أبيه بعرق من جزور فأكله لقمان فقال: يا بني ما هذا? فما تعرفت قط طيباً مثله. فقال: جزور نحرها أخوالي. فقال: وإن لحوم الإبل في الطيب كما أرى. فقالت براقش: جملنا واجتمل. فأرسلتها مثلاً. والجميل، الشحم المذاب. ومعنى جملنا، أي أطعمنا الجميل. واجتمل، أي أطعم أنت نفسك منه. وكانت براقش أكثر قومها إبلاً فأقبل لقمان على إبلها فأسرع فيها وفي إبل قومها، وفعل ذلك بنو أبيه لما أكلوا لحوم الجزور فقيل: على أهلها تجني براقش. يضرب لمن يعمل عملاً يرجع ضرره إليه.

عجلت الكلبة أن تلد ذا عينين

وذلك أن الكلبة تسرع الولادة حتى تأيت بولد لا يبصر، ولو تأخر ولادها لخرج الولد وقد فتح. يضرب للمستعجل عن أن يستتم حاجته.

علقت معالقها وصر الجندب

أي، قد وجب الأمر ونشب فجزع الضعيف من القوم. وأصله أن رجلاً انتهى إلى بئر وعلق رشاءه برشائها، ثم صار إلى صاحب البئر فادعى جواره فقال له: وما سبب ذلك? قال: علقت رشائي برشائك فإني صاحب البئر. وأمره بالرحيل فقال: علقت معالقها وصر الجندب. أي جاء الحر ولا يمكنني الرحيل. قال ابن الأعرابي: رأى رجل امرأة سبطة تامة فخطبها فانكح، ثم هديت إليه امرأة قميئة فقال: ليست هذه التي تزوجتها. فقالت المزفوفة: علقت معالقها وصر الجندب. يعني وقع الأمر. وعلق بمعنى تعلق، والمعالق يجوز أن يكون جمع معلق، وهو موضع العلوق، ويجوز أن يكون جمع متعلق بمعنى موضع التعلق، والتاء، في علقت، يجوز أن تكون كناية عن الدلو، ويجوز أن تكون كناية عن الأرشية، أي تعلقت بمواضع تعلقها.

عند الله لحم حباريات

وعند الله لحم قطا سمان. يتمثل به في الشيء يتمنى ولا يوصل إليه.

العقوق ثكل من لم يثكل

أي، إذا عقه ولده فقد ثكلهم وإن كانوا أحياء. قال أبو عبيد: هذا في عقوق الولد للوالد، وأما قطيعة الرحم من الوالد للولد فقولهم: الملك عقيم. يريدون أن الملك لو نازعه ولده الملك لقطع رحمه وأهلكه حتى كأنه عقيم لم يولد له.

عش ولا تغتر

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 202

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 203

أصل المثل، فيما يقال، أن رجلاً أراد أن يفوز بإبله ليلاً، واتكل على عشب يجده هناك، فقيل له: عش ولا تغتر بما لست منه على يقين. ويروى أن رجلاً أتى ابن عمر وابن عباس وابن الزبير رحمهم الله تعالى فقال: كما لا ينفع مع الشرك عمل كذلك لا يضر مع الأيمان ذنب. فكلهم قال: عش ولا تغتر. يقولون لا تفرط في أعمال الخير وخذ في ذلك بأوثق الأمور، فإن كان الشأن على ما ترجو من الرخصة السعة هناك كان ما كسبت زيادة في الخير، وإن كان على ما تخاف كنت قد احتطت لنفسك.

عش رجباً تر عجباً

قالوا: من حديثه أن الحرث بن عباد بن قيس بن ثعلبة طلق بعض نسائه من بعد ما اسن وخرف، فخلف عليها بعده رجل كانت تظهر له من الوجد به ما لم تكن تظهر للحرث، فلقي زوجها الحرث فأخبره بمنزلته منها، فقال الحرث: عش رجباً ترى عجباً. فأرسلها مثلاً. قال أبو الحسن الطوسي: يريد عش رجباً بعد رجب فحذف. وقيل: رجب كناية عن السنة لأنه يحدث بحدوثها، ومن نظر في سنة واحدة ورأى تغير فصولها قاس الدهر كله عليها، فكأنه قال: عش دهراً تر عجائب. وعيش الإنسان ليس إليه فيصح له الأمر به، ولكنه محمول على معنى الشرط، أي أن تعش تر، والأمر يتضمن هذا المعنى في قولك: زرني أكرمك.

على ما خيلت وعث القصيم

أي لأركبن الأمر على ما فيه من الهول. والقصيم، الرمل. والوعث، المكان السهل الكثير الرمل تغيب فيه الأقدام ويشق المشي فيه. وقوله: على ما خيلت، أي على ما شبهت، من قولهم: فلان يمضي على المخيل، أي على ما خيلت، أي على غرر نم غير يقين. والتاء في خيلت للوعث، وهو جمع وعثة. من صلة فعل محذوف، أي أمض على ما خيلت.

عس الغوير أبؤساً

الغوير، تصغير غار. والأبؤس، جمع بؤس، وهو الشدة. وأصل هذا المثل، فيما يقال، من قول الزباء حين قالت لقومها عند رجوع قصير من العراق ومعه الرجال، وبات بالغوير على طريقه: عس الغوير أبؤساً. أي لعل الشر يأتيكم من قبل الغار. وجاء رجل إلى عمر رضي الله عنه يحمل لقيطاً فقال عمر: عسى الغوير أبؤساً. قال ابن الأعرابي: إنما عرض بالرجل، أي لعلك صاحب هذا اللقيط. قال: ونصب أبؤساً. على معنى عسى الغوير يصير أبؤساً. ويجوز أن يقدر عسى الغوير أن يكون أبؤساً. وقال أبو علي: جعل عسى بمعنى كان ونزله منزلته. يضرب للرجل يقال له لعل الشر جاء من قبلك.

عيصك منك وإن كان أشباً

العيص، الجماعة من السدر تجتمع في مكان واحد. والأشب، شدة التفاف الشجر حتى لا مجاز فيه. يقال: غيضة أشبة. وإنما صار الأشب عيباً لأنه يذهب بقوة الأصول. وربما يوضع الأشب. ويجوز أن يريد به الذم، أي كثرة لا غناء عندها ولا نفع فيها. قال أبو عبيد في معنى المثل: أي منك أصلك وإن كان أقاربك على خلاف ما تريد فاصبر عليهم فإنه لا بد منهم.

عصبه عصب السلمة

ويروى، أعصبه، على وجه الأمر، وهي شجرة إذا أرادوا قطعها عصبوا أغصانها عصباً شديداً حتى يصلوا إليها وإلى أصلها فيقطعوه. يضرب للبخيل يستخرج منه الشيء على كره. قال الكميت:
ولا سمراتي يبتغيهن عاضـد ولا سلماتي في بجيلة تعصب
أراد أن بجليلة لا يقدر على قهرها وإذلالها. وقال الحجاج على منبر الكوفة: والله لأحزمنكم حزم السلمة. ويروى: لأعصبنكم عصب السلمة ولأضربنكم ضرب غرائب الإبل.

عثر بأشرس الدهر

أي بداهية الدهر وشدته. يقال أن الشرس ما صغر من شجر الشوك، ومنه الشراسة في الخلق.

عشب ولا بعير

أي هذا عشب وليس بعير يرعاه. يضرب للرجل له مال كثير ولا ينفقه على نفسه ولا على غيره.

عاد غيث على ما أفسد

ويروى على ما خيل. قيل: أفساده إمساكه وعوده إحياؤه، وإنما فسر على هذا الوجه لأن إفساده يصوبه لا يصلحه عوده. وقد قيل غير هذا وذلك أنهم قالوا: إن الغيث يحفر ويفسد الحياض ثم يعفي على ذلك بما فيه من البركة. يضرب للرجل فيه فساد ولكن الصلاح أكثر.

أعطاه غيضاً من فيض

أي قليلاً من كثير. يضرب لمن يسمح بالقل من كثرة.

عنيته تشفي الجرب

العنية، بول البعير يعقد في الشمس يطلى بها الأجرب. قلت: هي فعيلة من العناء، أي يعنى من طلي بها وتشتد عليه. ويجوز تعيينه، أي تزيل عناءه الذي يلقاه من الجرب فيكون من باب قردته، أي أزلت قراده. يضرب للرجل الجيد الرأي يستشفى برأيه فيما ينوب.
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 203

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 204

عي بالإسناف

قال الخليل: السناف للبعير بمنزلة اللبب للدابة، وقد سنفت البعير شددت عليه السناف. وقال الأصمعي: أسنفت. ويقولون: اسنفوا أمرهم، أي احكموه. ثم يقال لمن تحير في أمره: عي بالأسناف. وأصله أن رجلاً دهش فلم يرد كيف يشد السناف من الخوف فقالوا: عي بالأسناف. قال الشاعر:
إذا ما عي بالأسناف قـوم من الأمر المشبه أن يكونا
قلت، قال الأزهري: الأسناف التقدم، وأنشد هذا البيت، ثم قال: أي عيوا بالتقدم. وليس قول من قال أن ومعنى قوله إذا ما عي بالأسناف أن يدهش فلا يدري أنى يشد السناف بشيء، إنما قاله الليث.

عاد السهم إلى النزعة

أي رجع الحق إلى أهله. والنزعة، الرماة، من نزع في قوسه، أي رمى. فإذا قالوا: عاد الرمي إلى النزعة، كان المعنى: عاد عاقبة الظلم على الظالم. ويكنى بها عن الهزيمة تقع على القوم.

أعط القوس باريها

أي استعن على عملك بأهل المعرفة والحذق فيه وينشد:
يا باري القوس برياً لست تحسنها لا تفسدنها واعط القوس باريها

عصا الجبان أطول

قال أبو عبيد: واحسبه يفعل ذلك من فشله، يرى أن طولها أشد ترهيباً لعدوه من قصرها. قال: وقد عاب خالد بن الوليد من الإفراط في الاحتراس نحو هذا، وذلك يوم اليمامة لما دنا منها خرج إليه أهلها من بني حنيفة، فرآهم خالد قد جردوا السيوف قبل الدنو، فقال لأصحابه: أبشروا فإن هذا فشل منهم. فسمعها مجاعة بن مرارة الحنفي، وكان موثقاً في جيشه، فقال: كلا أيها الأمير، ولكنها الهندوانية وهذه غداة باردة فخشوا تحطمها فأبرزوها للشمس لتلين متونها. فلما تدانى القوم قالوا له: إنا نعتذر إليك يا خالد من تجريد سيوفنا، ثم ذكروا مثل كلام مجاعة.

العبد يقرع بالعصا=والحر تكفيه الإشارة

وقيل: الملامة. يضرب في خسة العبيد. وقولهم:

عبيد العصا

قال المفضل: أول من قيل لهم ذلك بنو أسد، وكان سبب ذلك أن ابناً لمعاوية بن عمرو حج ففقد، فأتهم به رجل من بني أسد يقال له حبال ابن نصر بن غاضرة، فأخبر بذلك الحرث فأقبل حتى ورد تهامة أيام الحج، وبنو أسد بها، فطلبهم فهربوا منه، فأمر منادياً ينادي: من آوى أسدياً فدمه جبار. فقالت بنو أسد: إنما قتل صاحبهم حبال بن نصر وغاضرة منهم من السكون، فانطلقوا بنا حتى نخبره، فإن قتل الرجل فهو منهم وإن عفا فهو أعلم. فخرجوا بحبال إليه فقالوا: قد أتيناك بطلبتك. فأخبره حبال بمقالتهم فعفا عنه، وأمر بقتلهم. فقالت له امرأة من كندة من بني وهب بن الحرث يقال لها عصية، وأخوالها بنو أسد: أبيت اللعن، هبهم لي فإنهم أخوالي. قال: هم لك فاعتقيهم. فقالوا: إنا لا نأمن إلا بأمان الملك. فأعطى كل واحد منهم عصا، وبنو أسد يومئذ قليل، فأقبلوا إلى تهامة ومع كل رجل منهم عصا، فلم يزالوا بتهامة حتى هلك الحرث فأخرجتهم بنو كنانة من مكة وسموا عبيد العصا بعصية التي أعتقتهم، وبالعصي التي أخذوها. قال الحرث بن ربيعة بن عامر يهجو رجلاً منهم:
أشدد يديك على العصا إن العصا جعلت أمارتكم بكـل سـبـيل
إن العصا إن تلقها يا ابن إستهـا تلقى كفقع بالفـلاة مـحـيل
وقال عتية بن الوعل لأبي جهمة الأسدي:
أعتيق كندة كيف تفخر سـادراً وأبوك عن مجد الكرام بمعزل
إن العصا لا در درك أحرزت أشياخ قومك في الزمان الأول
فاشكر لكندة ما بقيت فعالهـم ولتكفرن الله إن لم تـفـعـل
وهذا المثل يضرب للذليل الذي نقعه في ضره، وعزه في إهانته.

أعرض ثوب الملبس

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 204

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 205

وذلك إذا عرضت القرفة فلم يدرك الرجل من يأخذ. ويروى عرض. فمن روى أعرض كان معناه ظهر كقول عمرو: وأعرضت اليمامة واشمخرت. ومن روى عرض كان معناه صار عريضاً. والملبس، المغطى، وهو المتهم. كأنه قال ظهر ثوب المتهم، يعني ما هو فيه واشتمل عليه من التهمة. وهذا قريب من قولهم أعرضت القرفة، وذلك إذا قيل لك: من تتهم? فتقول: بني فلان، للقبيلة بأسرها، وهذا من قولهم: أعرضت الشيء، جعلته عريضاً. قال أبو عمرو: كان أب حاضر الأسدي أسيد بن عمرو بن تميم من أجمل الناس وأكملهم منظراً، فرآه عبد الله بن صفوان بن أمية الجمعي يطوف بالبيت، فراعه جماله، فقال لغلام له: ويحك أدنني من الرجل فإني أخاله امرأ من قريش العراق. فأدناه منه، وكان عبد الله أعرج، فقال: ممن الرجل? فقال أبو حاضر: أنا امرؤ من نزار. فقال عبد اله: أعرض ثوب الملبس. نزار كثير، أيهم أنت? قال: امرؤ من مضر. قال: مضر كثير أيهم أنت? قال: أحد بني عمرو بن تميم، ثم أحد بني أسيد بن عمرو، وأنا أبو حاضر. فقال ابن صفوان: أفه لك عهيرة تياس. والعهيرة، تصغير العهر، وهو الزناء قلت: لعله أدخل الهاء في عهيرة للمبالغة. أو أرادة القبيلة ونصبه على الذم. أو أراد يا عهيرة تياس. قال أبو عمرو: وتزعم العرب أن بني أسد تياسو العرب. وقال الفرزدق في أبي حاضر، وبعضهم يرويها لزياد الأعجم، وكان أبو حاضر أحد المشهورين بالزنا:
أبا حاضر ما بال برديك أصبـحـا على ابنه فـروج رداء ومـئزرا
أبا حاضر من يزن يظهـر زنـاؤه ومن يشرب الصهباء يصبح مسكرا
وبنت فروج اسمها حمامة، وكان أبو حاضر يتهم بها.

أعلل تحظب

الخظوب، السمن والامتلاء، أي أشرب مرة بعد مرة تسمن. يضرب في التأني عند الدخول في الأمور رجاء حسن العاقبة.

عن صبوح ترقق

الصبوح، ما يشرب صباحاً. والغبوق، ضده. وترقيق الكلام، تزيينه وتحسينه، أي ترقق وتحسن كلامك كائناً عن صبوح. وأصله أن رجلاً اسمه جابان نزل بقوم ليلاً فأضافوه وغبقوه فلما فرغ قال: إذا صبحتموني كيف آخذ في طريقي وحاجتي? فقيل له: عن صبوح ترقق. وعن من صلة معنى الترقيق، وهو الكناية، لأن الترقيق تلطيف وتزيين، وإذا كنت عن شيء فهو ألطف من التصريح، فكأنه قيل: عن صبوح تكني. يضرب لمن كنى عن شيء وهو يريد غيره، كما أن الضيف أراد بهذه المقالة أن يوجب الصبوح عليهم. قال أبو عبيد: ويروى عن الشعبي أنه قال لرجل سأله عمن قبل أم امرأته فقال: أعن صبوح ترقق? حرمت عليه امرأته. قال أبو عبيد: ظن الشعبي فيما أحسب ما وراء ذلك.

عدا القارص فحزر

القارص، اللبن يحذي اللسان. والحاذر، الحامض جداً. يضرب في الأمر يتفاقم قال العجاج:
يا عمر بن معمر لا منتظـر بعد الذي عدا القروص فحزر
يعني الحروري الذي مرق فجاوز قدره. ويروى المثل عدا القارص، بالنصب، أي عدا اللبن القارص، يعني حد القارص، ومن رفع جعل المفعول محذوفاً، أي جاوز القارص حده فحزر.

استعجلت قديرها فامتلت

يضرب لمن يعجل فيصيب بعض مراده ويفوته بعضه. والقدير، اللحم المطبوخ في القدر. والأمتلال، الملل، وهو جعل اللحم في الرماد الحار، وهو الملة.

عرف النخل أهله

أصله أن عبد القيس وشن بن أقصى لما ساروا يطلبون المتسع والريف وبعثوا بالرواد والعيون فبلغوا هجر وأرض البحرين ومياهاً ظاهرة وقرى عامرة ونخلاً وريفاً وداراً أفضل وأريف من البلاد التي هم بها ساروا إلى البحرين وضاموا من بها من أياد والأزد وشدوا خيولهم بكرانيف النخل فقالت أياد: عرف النخل أهله. فذهبت مثلاً. يضرب عند وكول الأمر أهله.

أعط أخاك تمرة فإن أبى فجمرة

يضرب للذي يختار الهوان على الكرامة.

عر فقره بفيه لعله يلهيه

يقال ذلك للفقير ينفق عليه وهو يتمادى في الشر، أي خله وغيه. والعر، اللطخ، أي الطخ فاه بفقره لعله يشغله عن ركوب الشر. والمعنى: كله إلى فقره ولا تنفق عليه يصلح. ويروى أغر، بالغين المعجمة، وهو أصوب. يقال: غروت السهم إذا الزقت الريش عليه بالغراء. ومعناه الزق فقره بفيه، أي ألزمه إياه ودعه فيه لعله يلهيه. قال الأزهري: يريد خله وغيره إذا لم يطعك في الإرشاد فلعله يقع في هلكة تلهيه عنك وتشغله.

عند النوى يكذبك الصادق

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 205

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 206

قال المفضل: إن رجلاً كان له عبد لم يكذب قط فبايعه رجل ليكذبنه، أي يحملنه على الكذب، وجعلا الخطر بينهما أهلهما ومالهما فقال الرجل لسيد العبد: دعه يبت عندي الليلة. ففعل، فأطعمه الرجل لحم حوار وسقاه لبناً حليباً، وكان في سقاه حازر، فلما أصبحوا تحملوا وقال للعبد: الحق بأهلك. فلما توارى عنهم نزلوا فأتى العبد سيده فسأله فقال: أطعموني لحماً لا غثاً ولا سميناً، وسقوني لبناً لا مخضاً ولا حقيناً، وتركتهم قد ظعنوا فاستقلوا، ولا أعلم أساروا بعد أو حلوا، وفي النوى يكذبك الصادق. فأرسلها مثلاً. وأحرز مولاه مال الذي بايعه وأهله. يضرب للصدوق يحتاج إلى أن يكذب كذبة. وقال أبو سعيد: يضرب للذي ينتهي إلى غاية ما يعلم، ويكف عما ولاء ذلك لا يزيد عليه شيئاً. ويروى: وفي النوى ما يكذبك. وما صلة والتقدير: وفي نواهم يكذب الصادق أن أخبر أن لآخر عهدي بهم كان هذا.

عدو الرجل حمقه وصديقه عقله

قاله أكثم بن صيفي.

على الشرف الأقصى فأبعد

هذا دعاء على الإنسان، أي باعده الله وأسحقه. والشرف، المكان العالي. وأبعد، من بعد إذا هلك، كأنه قال أهلك كائناً أو مطلاً على المكان المرتفع، يريد سقوطه منه.

عيل ما هو عائله

أي غلب ما هو غالبه، من العول وهو الغلبة والثقل، يقال عالني الشيء أي غلبني وثقل علي، وهذا دعاء للإنسان يعجب من كلامه أو غير ذلك من أموره.

أعوذ بك من الخيبة فأما الهيبة فلا هيبة

قالها سليك بن سلكة. والمعنى أعوذ بك أن تخيبني فأما الهيبة فلا هيبة، أي لست بهيوب.

علمان خير من علمٍ

وأصله أن رجلاً وابنه سلكا طريقاً فقال الرجل: يا بني، استبحث لنا عن الطريق. فقال: إني عالم. فقال: يا بني، علمان خير من علم. يضرب في مدح المشاورة والبحث.

عضلة من العضل

قال أبو عبيد: هو الذي يسميه الناس باقعة من البواقع، من قولهم عضل به القضاء، أي ضاق، وعضلت المرأة نشب فيها الولد، كأنه قيل له عضلة لنشوبه في الأمور، أو لتضييقه الأمر على من يعالجه. قال أوس:
ترى الأرض منا بالفضاء مريضة معضلة منا بجـيش عـرمـرم

عاد الحيس يحاس

يقال هذا الأمر حيس أي ليس بمحكم، وذلك أن الحيس تمر يخلط بسمن وأقط فلا يكون طعاماً فيه قوة. يقال: حاس يحيس إذا اتخذ حيساً فصار الحيس اسماً للمخلوط، ومنه يقال للذي احدقت به الأماء من طرفيه محيوس. والمعنى: عاد الأمر المخلوط يخلط، أي عاد الفاسد يفسد. وأصله أن رجلاً أمر بأمر فلم يحكمه فذمه آمره فقام آخر ليحكمه ويجيء بخير منه فجاء بشر منه، فقال الآمر: عاد الحيس يحاس. وقال:
تعيبين أمراً ثم تأتـين مـثـلـه لقد حاس هذا الأمر عندك حائس

اعتبر السفر بأوله

يعني أن كل شيء يعتبر بأول ما يكون منه.

على الخبير سقطت

الخبير، العالم والخبر العلم. وسقطت، أي عثرت، عبر عن العثور بالسقوط لأن عادة العاثر أن يسقط على ما يعثر عليه. يقال إن المثل لمالك ابن جبير العامري، وكان من حكماء العرب، وتمثل به الفرزدق للحسين ابن علي رضي الله عنهما حين أقبل يريد العراق فلقيه وهو يريد الحجاز، فقال له الحسين رضي الله عنه: ما وراءك? قال: على الخبير سقطت، قلوب الناس معك وسيوفهم مع بني أمية، والأمر ينزل من السماء. فقال الحسين رضي الله عنه: صدقتني.

عاط بغير أنوط

العطو، التناول. والأنواط، جمع نوط وهو كل شيء معلق. يقول: هو يتناول وليس هناك معاليق. يضرب لمن يدعي ما ليس يملكه.

عادة السوء شر من المغرم

قيل معناه: من عودته شيئاً ثم منعته كان أشد عليك من الغريم. وقيل معناه أن المغرم إذا أديته فارقك وعادة السوء لا تفارق صاحبها بل توجد فيه ضربة لازب.

العجب كل العجب بين جمادى ورجب

أول من قال ذلك عاصم بن المقشعر الضبي، وكان أخوه أبيدة علق امرأة الخنيفس بن خشرم الشيباني، وكان الخنيفس أغير أهل زمانه وأشجعهم، وكان الخنيفس فرسه وأخذ رمحه وانطلق يرصد أبيدة، وأقبل أبيدة وقد قضى حاجته راجعاً إلى قومه وهو يقول:
ألا إن الخنيفس فاعلمـوه كما سماه والده اللعـين
بهيم اللون محتقر ضـئيل لئيمات خلائقه ضـنـين
أيوعدني الخنيفس من بعيد ولما ينقطع منه الوتـين
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 206

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 207

لهوت بجاريته وحاد عني ويزعم أنه أنف شنـون
قال: فشد عليه الخنيفس. فقال أبيدة: أذكرك حرمة خشرم. فقال: وحرمة خشرم لأقتلنك. قال: فأمهلني حتى استلئم. قال: أو يستلئم الحاسر. فقتله وقال:
أيا ابن المقشعر لقيت ليثـاً له في جوف أيكته عـرين
تقول صددت عنك خناً وجبناً وإنك ماجد بطـل مـتـين
وإنك قد لهوت بجارتـينـا فهاك أبيد لاقاك الـقـرين
ستعلم أينا أحـمـى ذمـاراً إذا قصرت شمالك واليمين
لهوت بها فقد بدلت قـبـراً ونائحة عليك لهـا رنـين
قال: فلما بلغ نعيه أخاه عاصماً لبس أطماراً من الثياب، وركب فرسه، وتقلد سيفه، وذلك في آخر يوم من جمادى الآخرة، وبادر قتله قبل دخول رجب لأنهم كانوا لا يقتلون في رجب أحداً، وانطلق حتى وقف بفناء خباء الخنيفس فنادى: يا بن خشرم، أغث المرهق فطالما أغثت. فقال: ما ذاك? قال: رجل من بني ضبة غصب أخي امرأته فشد عليه فقتله، وقد عجزت عنه. فأخذ الخنيفس رمه وخرج معه، فانطلقا، فلما علم عاصم أنه قد بعد عن قومه داناه حتى قارنه، ثم قنعه بالسيف فأطار رأسه وقال: العجب كل العجب بين جمادى ورجب. فأرسلها مثلاً. ورجع إلى قومه.

عي الصمت أحسن من عي المنطق

العي، بالكسر، المصدر، والعي، بالفتح، الفاعل. يعني: عي مع صمت خير من عي مع نطق. وهذا كما يقال: السكوت ستر ممدود على العي وفدام على الفدامة. وينشد:
خل جـــنـــبـــيك لــــرام وامـض عـنـــه بـــســـلام
مت بـداء الـصــمـــت خـــير لك مـــن داء الـــكـــــلام
عش من الناس أن اسطعت سلاماً بسلام
قال ابن عون: كنا جلوساً عند ربيعة بن أبي عبد الرحمن. قال: فجعل يتكلم، وعنده رجل من أهل البادية، فقال له ربيعة: ما تعدون البلاغة فيكم? قال: الإيجاز في الصواب. قال: فما تعدون العي فيكم? قال: ما كنت فيه منذ اليوم. حدث المنذري عن الأصمعي قال: حدثني شيخ من أهل العلم قال: شهدت الجمعة بالضربة، وأميرها رجل من الأعراب، فخرج وخطب، ولف ثيابه على رأسه، وبيده قوس فقال: الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين أما بعد، فإن الدنيا دار بلاء والآخرة دار قرار، فخذوا من ممركم لمقركم ولا تهتكوا أستاركم عند من لا تخفى عليه أسراركم، وأخرجوا من الدنيا إلى ربكم قبل أن يخرج منها أبدانكم، ففيها جئتم ولغيرها خلقتكم، أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم، والمدعو له الخليفة والأمير جعفر، قوموا إلى صلاتكم. قلت: ومثل هذا في الوجازة والفصاحة كلام أبي جعفر المنصور، حين خطب بعد إيقاعه بأبي مسلم فقال: أيها الناس، لا تخرجوا من أنس الطاعة إلى وحشة المعصية، ولا تسروا غش الأثمة فإنه لا يسره أحد إلا ظهر في فلتات لسانه وصفحات وجهه، إنه من نازعنا عروة هذا القميص أوطأناه خب هذا الغمد، وإن أبا مسلم بايعنا وبايع لنا على أنه من نكث عهداً فقد أباحنا دمه، ثم نكث علينا فحكمنا عليه لأنفسنا حكمه على غيره لنا، لا تمنعنا رعاية الحق له من إقامة الحق عليه.

العلفوف مولع بالصوف

العلفوف، الجافي من الرجال المسن. قاله ابن السكيت وأنشد:
يسر إذا هب الشمال وأمحلوا في القوم غير كبنة علفوف
ومعنى المثل أن الشيخ المهتزئ الفاني يولع بأن يلعب بشيء. يضرب للمسن الخرف.

أعرضت القرفة

يقال: فلان قرفتي، أي الذي أتهمه، فإذا قال الرجل: سرق ثوبي رجل من خراسان، أو العراق. يقال له: اعرضت القرفة، أي التهمة، حين لم تصرح. وأعرض الشيء جعله عريضاً ويجوز أن يكون من قولهم: أعرض، أي ذهب عرضاً وطولاً، فيكون المعنى أعرضت في القرفة، ثم حذف في وأوصل الفعل. يضرب لمن يتم غير واحد.

اعقل وتوكل

يضرب في أخذ الأمر بالحزم والوثيقة. ويروى أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أرسل نماقتي وأتوكل? قال: اعقلها وتوكل.

عاد الأمر إلى الوزعة

جمع وازع، يعني أهل الحلم الذين يكفون أهل الجهل.

عدوك إذ أنت ربع

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 207

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 208

أي أعد عدوك إذ كنت شاباً. يضرب في التحضيض على الأمر عند القدرة بإتيان ما كان يفعله قبل من الحزم وحسن التدبير. ويروى: عدوك إذ أنت ربع، أي إحذر عدوك إذ كنت ضعيفاً.

عير رعى أنفه الكلا

أي وجد ريحه فطلبه. يضرب لمن يستدل على الشيء بظهور مخايله.

علقت بثعلبة العلوق

يضرب للواقع في أمر شديد. والعلوق، المنية. وثعلبة، اسم رجل.

عن ظهره يحل وقراً

أي لنفسه يعلم، وذلك أن الدابة تسرع في السير لتضع الحمل عن ظهرها. ويروى: يحل، أي يضع.

عض من نابه على جذم

يضرب للمنجد المحنك. والجذم، الأصل. وقال:
الآن لما أبيض مسـربـتـي وعضضت من نابي على جذم

عجل لإبلك ضحاءها

الضحاء مثل الغداء. يضرب في تقديم الأمر.

عودي على مباركك

يضرب لمن نفر من شيء أشد النفار. وأصل المثل لإبل نفرت.

عاد في حافرته

أي عاد إلى طريقه الأولى. يضرب في عادة السوء يدعها صاحبها ثم يرجع إليها.

عش تر ما لم تر

أي من طال عمره رأى من الحوادث ما فيه معتبر.

عم العاجز خرجه

ويروى: عمك خرجك. وأصله أن رجلاً خرج معه عمه إلى سفر ولمن يتزود اتكالاً على ما في خرج عمه، فلما جاع قال: يا عم، أطعمني. فقال له عمه: عمك خرجك. يضرب لمن يتكل على طعام غيره.

على هذا درا القمقم

أي إلى هذا صار معنى الخبر. وأصله، فيما يقال، أن الكاهن إذا أراد استخراج السرقة أخذ قمقمة وجعلها فمقمة وجعهلها بين سبابتيه ينفث فيها ويرقي ويديرها فإذا انتهى في زعمه إلى السارق دار القمقم، فجعل ذلك مثلاً لمن ينتهي إليه الخبر ودار عليه.

علق سوطك حيث يراه أهلك

هذا يروى عن النبي عليه الصلاة والسلام. والمعنى: أجعل نفسك يحيث يهابك أهلك، ولا تغفل عنهم وعن تخويفهم وردعهم.

أعطي مقولاً وعدم معقولاً

يضرب لمن له منطق لا يساعده عقل.

عاقول حديث

يضرب لمن لا يفوته حديث سمعه. والعاقول من النهر والوادي المعوج منه، وذلك يحفظ ما يتستر به ويلجأ إليه.

أعشار أرفضت

يقال: برمة أعشار، إذا كانت كسراً. وارفضت، تفرقت. يضرب للقوم عند تفرقهم.

عز الرجل استغناؤه عن الناس

هذا يروى عن بعض السلف.

على غريبتها تحدى الإبل

وذلك أن تضرب الغريبة لتسير فتسير بسيرها الإبل.

عطشاً أخشى على جاني كمأة لا قراً

الكمأة، تكون آخر الربيع، فإذا باكر جانيها وجد البرد، فإذا حميت الشمس عطش، والعطش أضر له من القر الذي لا يدوم.

أعذر عجب

أراد يا عجب، وهو اسم أخي القاتل، وكان الأخ على طعام الجيش فقال له أخوه: عجب لو زدتني. فقال: لا أستطيع. فقال: بلى، ولكنك علق. فهم بذلك فنهوه فقال: أعذر عجب. وقال أبو عمر: وقال له أخوه: فأما إذ أبيت فانظر فإني حاز بقفا الشفرة فإن غفل القوم أتيت سؤلك، وإن انتبه القوم لفعلي فالعم أنهم لحظهم أحفظ. فطفق يحز بقفا الشفرة فهتف به القوم فقال: أعذر عجب. يضرب مثلاً لما لا يقدر عليه.

عثيثة تفرم جلداً أملساً

يضرب للرجل يجتهد أن يؤثر في الشيء فلا يقدر عليه. قال الأحنف ابن قيس لحارثة بن بدر الغداني، وقد عابه عند زياد للدخول فيما لا يعنيه، وذلك أنه طلب إلى أمير المؤمنين علي رضي الله عنه أن يدخله في الحكومة، فلما بلغ الأحنف عيب حارثة إياه قال: عثيثة تقرم جلداً أملساً. وهي تصغير عثة، وهي دويبة تأكل الأدم. قال المخبل:
فإن تشتمونا على لؤمكـم فقد تقرم العث ملس الأدم
يضرب عند احتقار الرجل واحتقار كلامه.

عي صامت خير من عي ناطق

أصل عي قالوا عي فأدعم، قاله أبو الهيثم. قلت: ويجوز أن يكون عي فعلاً لا فعيلاً، يقال عي يعيا عياً فهو عي، كما يقال حي يحيا حياة فهو حي، ومثله رجل طب، وصب، وبر، وغيرها. وهذا كما مضى: عي الصمت خير من عي النطق. إلا أنه جرى على المصدر هناك وههنا على الفاعل. يقال: عيي يعيا عياً فهو عي وعيي. ويجوز أن يقال أصله فعل، بكسر العين، على قياس جدب فهو جدب، وترب فهو ترب، وعلى هذا قياس بابه، أعني باب فعل يفعل. يضرب هذا المثل عند اغتنام السكوت لمن لا يحسن الكلام. ويروى: عي صامت، على المصدر، يجعل صامت مبالغة كما يقال: شعر شاعر.

أعذر من أنذر

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 208

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 209

أي من حذرك ما يحل بك فقد أعذر إليك، أي صار معذوراً عندك.

أعمى يقود شجعة

الشجعة، الزمني، أي ضعيف يقود ضعيفاً ويعينه. قاله أبو زيد. قال: وإذا رأيت أحمق ينقاد له العاقل قلت هذا للعاقل أيضاً. وقال الأزهري: الشجعة، بسكون الجيم، الضعيف.

العدة عطية

أي يقبح إخلافها كما يقبح استرجاع العطية. ويقال: بل معناه تعدلها، كما يقال: سرور الناس بالآمال أكثر من سرورهم بالأموال.

علة ما علة أوتاد وأخله وعمد المظله أبرزوا لصهركم ظله

قالتها امرأة زوجت وأبطأ أهلها هداءها إلى زوجها، واعتلوا بأنه ليس عندهم أداة للبيت، فقالته استحثاثاً لهم وقطعاً لعلتهم. يضرب في تكذيل العلل.

عجلت بخارجة العجول

خارجة، اسم رجل. والعجول، أمه ولدته لغير تمام. يضرب عندما عجل قبل أناه.

عن مهجتي أجاحش

المجاحشة، المدافعة. وهذا مثل قولهم: جاحش عن خيط رقبته.

علقتني من هذا الأمر قيرة

أي ما يكره ويثقل القيرة القير والقار، وهما ما مر.

عند رؤوس الإبل أربابها

يضرب لمن يندرئ ويطغى على صاحبه. أي عندي من يمنعك.

عن الشر لا تناسين

ويروى: لا تنسين. يضرب لمن لا يردعه عن الشر زجر زاجر. وعن، من صلة الزجر، كأنه قال: زجره عن الشر لا تتركين.

أعرف ضرطي بهلال

قال يونس بن حبيب: زعموا أن رقية بنت جسم بن معاوية ولدت نميراً وهلالاً وسواءة، ثم اعتاطت، فأتت كاهنة بذي الخلصة فأرتها بطنها وقالت: إني قد ولدت ثم اعتطت. فنظرت إليها، ومست بطنها، وقالت: رب قبائل فرق، ومجالس حلق، وظعن خرق، في بطنك لزق. فلما مخضت بربيعة بن عامر قالت: إني أعرف ضرطي بهلال. أي هو غلام، كما أن هلالاً كان غلاماً. يضرب هذا المثل حين يحدثك صاحبك بخبر فتقول: ما كان من هذا شيء. فيقول صاحبك: بلى، إني أعرف بعض الخبر ببعض كما قالت القائلة: أعرف ضرطي بهلال.

أعن أخاك ولو بالصوت

يضرب في الحث على نصرة الإخوان.

على شصاصاء ترى عيش الشقي

أي لا ترى الشقي إلى على شدة حال. والشصاصاء، شدة العيش.

عند التصريح تريح

أي إذا صرح الحق استرحت ولم يبق في نفسك شيء. وأراح معناه استراح. وصرح معناه صرح.

الاعتراف يهدم الاقتراف

عجعج لما عضه الظعان

عجعج، أي صاح. والظعان، نسع يشد به الهودج. يضرب لمن يضج إذا لزمه الحق. وهذا قريب من قولهم: دردب لما عضه الثقاف.

عطوت في الحمض

العطو، التناول. أي أخذت في رعي الحمض. يضرب للمسرف في القول.

عارية أكسبت أهلها ذماً

وذلك أن قوماً أعاروا شيئاًً ثم استردوه فذموا، فقالوا هذا القول. يضرب للرجل يحسن إليه فيذم المحسن.

عرفت الخيل فرسانها

يضرب لمن يعرف قرنه فينكسر عنه لمعرفته به.

العبد من لا عبد له

يضرب لمن لا يكون له من يكفيه عمله فيعمله بنفسه.

عندك وهي فارقعيه

أي بك عيب وأنت تعيبين غيرك.

عناق الأرض إن ذنبي اقتفر

عناق الأرض، دابة نحو الكلب الصغير، ويقال له الثفه، وليس يوبر من الدواب إلا الأرنب، وعناق الأرض، والتوبير أن تضم براثنها إذا مشت فلا يرى لها أثر في الأرض. والاقتفار، الإتباع. يضربه البريء الساحة يقول: إنا عناق الأرض أن تتبع أثري في الذي أرمى به، يعني لا يرى له على أثر.

عودك والبدء درن ببدن

العرب تقول في موضع السرعة والخفة: ما هو الأدرن ببدن، لسرعة اتساخ البدن. يقول: عودك إلى هذا الأمر وبدؤك به كان سريعاً. يضرب لمن يعجل فيما هم به خير أو شر.

على فاض من نتاقي الألبة

فاض الشيء يفيض فيضاً كثر. ونتقت المرأة تنتق نتقاً إذا كثر أولادها. و الألبة، جمع آلب، يقال: ألب يألب إذا رجع. والنتاج والنتاق واحد. وهذا من قول امرأة اجتمع عليها ولدها وولد ولدها يضرب لمن جنى على نفسه شراً.

أعز الحديث للخطيب الأول

يقال: عزوت وعزيت إذا نسبت. يضرب للرجل إذا حدث فيقال: إلى من تنسب حديثك فإن فيه ريبة. أي انسبه إلى من قاله وانج.

على بدء الخير واليمن

يقال هذا عند النكاح، أي ليكن ابتداؤه على الخير واليمن، أي البركة. ويروى: على يد الخير واليمن. ومعناه ليكن أمرك في قبضة الخير.

علموا قليلاً وليس لهم معقول

يضرب للإنسان تسمعه بين الكلام ولا عقل له.
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 209

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 210

استعنت عبدي فاستعان عبدي عبده

جعل العبد مثلاً لمن هو دونه في القوة، وعبد العبد مثلاً لم هو دونه بدرجتين.

العتاب قبل العقاب

يروى بالنصب على إضمار استعمل العتاب، وبالرفع على أنه مبتدأ يقول: أصلح الفاسد ما أمكن بالعتاب فإن تعذر وتعسر فبالعقاب.

عرفطة من الغوابق

يقال غبقته إذا سقيته بالغبوق. والعرفط، من شجر العضاه ينضح المغفور. يضرب لمن يكرم مخافة شره. وأراد بالغوابق السحاب جعل سقيها إياه غبقاً.

العتاب خير من مكتوم الحقد

ويروى: من مكنون الحقد. قاله بعض الحكماء من السلف.

أعمرت أرضاً لم تلس حوذانها

اللوس، الأكل. والحوذان، بقلة طيبة الرائحة والطعم. وأعمرتها، وصفتها بالعمار. يضرب لمن يحمد شيئاً قبل التجربة.

المعتذر أعيا بالقرى

قالوا أنهم يحمدون تلقي الضيف بالقرى قبل الحديث، ويعيبون تلقيه بالحديث والإلتجاء إلى المعذرة والسعال والتنحنح، ويزعمون أن البخيل يعتريه عند السؤال بهر وعي فيسعل ويتنحنح وأنشدوا لجرير:
والتغلبي إذا تنحنح للقرى حك إسته وتمثل الأمثالا
ويحكون أن جريراً قال: رميت الأخطل ببيت لو نهشته بعده الأفعى في إسته ما حكها. يعني هذا البيت. قالوا: وإلى هذا ذهب زيد الأرانب حين سئل عن خزاعة فقال: جوع وأحاديث. واحتجوا أيضاً بقول الآخر:
ورب ضيف طرق الحي سرى صادف زاداً وحديثاً ما اشتهى
إن الحديث جانب من القرى
فجعل الحديث بعد الزاد جانباً من القرى لا قبله. قالوا: والذي يؤكد ما قلناه، مثلهم السائر على وجه الدهر: المعذرة طرف من البخل.

عثرة القدم أسلم من عثرة اللسان

عقرة العمل النسيان

العقرة، خرزة تشدها المرأة في حقويها لئلا تحبل.

عاد إلى عكره

العكر، الأصل، والعكرة، أصل اللسان. وهذا كقولهم:

عادت لعترها لميس

أي أصلها.

على جارتي عقق وليس علي عقق

العقة، العقيقة، وهي قطعة من الشعر، يعني الذؤابة. قالته امرأة كانت لها ضرة، وكان زوجها يكثر ضربها، فحسدت ضرتها على أن تضرب، فعند ذلك قالت هذه الكلمة، أي أنها تضرب وتحب وتكرم وهي لا تضرب ولا تكرم. يضرب لمن يحسد غيره محسود.

عتاب وضن

أي لا يزال بين الخليلين ود ما كان العتاب، فإذا ذهب العتاب فقد ذهب الوصال.

عذرتني كل ذات أب

قالتها امرأة قيل أن أباها وطئها فقالت: عذرتني كل ذات أب. أي كل امرأة لها أب تعلم أن هذا كذب. يضرب في استبعاد الشيء وإنكار كونه.

عمك أول شارب

أي عمك أحق بخيرك ومنفعتك من غيره فابدأ به. يضرب في اختصاص بعض القوم.

أعندي أنت أم في العكم

يقال: عكمت المتاع أعكمه عكما إذا شددته في الوعاء، وهو العكم. وعكمت الرجل العكم إذا عكمته له. يضرب لمن قل فهمه عند خطابك إياه.

أعض به الكلاليب

يقال أعضه إذا حمله على العض، أي جعل الكلاليب تعضه. يقال: عضه، وعض به، وعض عليه، أي ألصق به شراً.

على وضر من ذا الإناء

الوضر، الدرن والدسم. وعلى من صلة فعل محذوف، أي أرجي الدهر على كذا. يضرب لمن يتبلغ بالتسير.

عرض للكريم ولا تباحث

البحث للصرف الخالص، أي لا تبين حاجتك له ولا تصرح فإن التعريض يكفيه.

عمل به الفاقرة

أي عمل به عملاً كسر فقاره. وفي التنزيل: "تظن أن يفعل بها فاقرة". أي داهية.

عرض ما وقع فيه حمد ولا ذم

يضرب لمن لا خير عنده ولا شر.

عذاب رعف به الدهر عليه

يقال: رعف الفرس يرعف ويرعف إذا تقدم. يضرب لمن استقبله الدهر بشر شمر أي شديد.

العود أحمد

يحوز أن يكون أحمد أفعل من الحامد، يعني أنه إذا ابتدأ العرف جلب الحمد إلى نفسه فإذا عاد كان أحمد له، أي أكسب للحمد له. ويجوز أن يكون أفعل من المفعول، يعني أن الابتداء محمود والعود أحق بأن يحمد منه. وأول من قال ذلك خداش بن حابس التميمي، وكان خطب فتاة من بني ذهل، ثم من بني سدوس يقال لها الرباب، وهام بها زماناً ثم أقبل يخطبها، وكان أبواها يتمنعان لجمالها وميسمها، فردا خداشاً، فأضرب عنها زماناً ثم أقبل ذات ليلة راكباً فانتهى إلى محلتهم وهو يتغنى ويقول:
ألا ليت شعري يا رباب متى أرى لنا منك نجعاً أو شفاء فأشتفـي
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 210

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 211

فقد طالما عنـيتـنـي ورددتـنـي وأنت صفيي دون من كنت أصطفي
لحى الله من تسمو إلى المال نفسـه إذا كان ذا فضل به ليس يكتـفـي
فينكح ذا مـال دمـيمـاً مـلـومـا ويترك حراً مثله ليس يصطـفـي
فعرفت الرباب منطقه، وجعلت تتسمع إليه، وحفظت الشعر، وأرسلت إلى الركب الذين فيهم خداش أن أنزلوا بنا الليلة، فنزلوا، وبعثت إلى خداش أن قد عرفت حاجتك فاغد على أبي خاطباً. ورجعت إلى أمها فقالت: يا أمه، هل أنكح إلا من أهوى وألتحف إلا من أرضي? قالت: لا، فما ذاك? قالت: فانكحيني خداشاً. قالت: وما يدعوك إلى ذلك مع قلة ماله? قالت: إذا جمع المال السيء الفعال فقبحاً للمال. فأخبرت الأم أباها بذلك فقال: ألم نكن صرفناه عنا، فما بدا له? فلما أصبحوا غداً عليهم خداش فسلم وقال: العود أحمد، والمرء يرشد، والورد يحمد. فأرسلها مثلاً. ويقال: أول من قال ذلك وأخذ الناس منه مالك بن نويرة حين قال:
جزينا بني شيبان أمس بقرضهم وعدنا بمثل البدء والعود أحمد
فقال الناس: العود أحمد.

عند الرهان يعرف السوابق

يضرب للذي يدعي ما ليس فيه.

عليك وطبك فادوه

الأدواء، أكل الدواية. وعليك، أغراء، أي لا تتكل على مال غيرك.

عاد الأمر إلى نصابه

يضرب في الأمر يتولاه أربابه.

العزيمة حزم والاختلاط ضعف

هذا من كلام أكثم بن صيفي. يضرب في اختلاط الرأي وما فيه من الخطأ والضعف.

على الحازي هبطت

يقال: حزا يحزو ويحزى إذا قدر. والحازي الذي ينظر في خيلان الوجه وفي بعض الأعضاء ويتكهن. وهذا مثل قولهم: على الخبير سقطت. وقد مر.

عاش عيشاً ضارباً بجران

الجران، باطن عنق البعير. ويقال: ضرب الأرض بجرانه، إذا ألقى عليها كلاكله. يضرب لمن طاب عيشه في دعة وأقامة.

أعطني حظي من شواية الرضف

قال يونس: هذا مثل قالته امرأة كانت غريرة، وكان لها زوج يكرمها في المطعم والملبس، وكانت قد أوتيت حظاً من جمال فحسدت على ذلك، فابتدرت لها امرأة لتشينها فسألتها عن ضيع زوجها فأخبرتها بإحسانه إليها، فلما سمعت ذلك قالت: وما إحسانه وقد منعك حظك من شواية الرضف? قالت: وما شواية الرضف? قالت: هي من أطيب الطعام، وقد استأثر بها عليك فأطلبيها منه. فأحبت قولها لغرارتها، وظنت أنها قد نصحت لها، فتغيرت على زوجها، فلما أتاها وجدها على غير ما كان يعهدها، فسألها ما بالها? قالت: يا ابن عم، تزعم أني عليك كريمة، وإن لي عندك مزية، كيف وقد حرمتني شواية الرضف? بلغني حظي منها. فلما سمع مقالتها عرف أنها قد دهيت، فأصاخ، وكره أن يمنعها فترى أنه إنما منعها إياها ضناً بها فقال: نعم وكرامة، أنا فاعل الليلة إذا راح الرعاء، فلما راحوا وفرغوا من مهنهم ورضفوا غبوقهم، دعاها فاحتمل منها رضفة فوضعها في كفها، وقد كانت التي أوردتها قالت لها: إنك ستددين لها سخناً في بطن كفك، فلا تطرحيها فتفسد، ولكن عاقبي بين كفيك ولسانك. فلما وضعها في كفها أحرقتها فلم ترم بها، فاستعانت بكفها الأخرى فأحرقتها، فاستعانت بلسانها تبردها به فاحترق، فمجلت يديها، ونفطت لسانها، وخاب مطلبها، فقالت: قد كان عيي وشيي يصريني عن شر. فذهبت مثلاً. يضرب في الذراية على العائر الذي يتكلف ما قد كفي قال وقولها: أعطني حظي من شواية الرضف. يضرب للذي يسمو إلى ما لا حظ له فيه. هذا ما حكاه يونس عن أبي عمرو، وكذلك في أمثال شمر. قلت: قولها شواية الرضف. الشواية بالضم، الشيء الصغير من الكبير، كالقطعة من الشاة، يقال: ما بقي من الشاة إلا شواية. وشواية الخبز القرص منه. وشواية الرضف اللبن يغلي بالرضفة فيبقى منه شيء يسير قد انشوى على الرضفة. وقولها: قد كان عيي وشيي يصريني. الصري، القطع، ومنه: هواهن إن لم يصره الله قاتله. والعي مصدر قولهم عيي بالكلام يعيا عياً. والشي اتباع له. ويقال عيي شيي ابتاع له. وبعضهم يقول: شوي. ويقال: ما أعياه وما أشياه وما أشواه، أي ما أصغره. وجاء بالعي والشي. فالعي من بنات الياء، والشي من بنات الواو، وصارت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها. ومعناه: جاء بالشيء الذي يعيا فيه لحقارته. ومعنى المثل: قد كان عجزي عن الكلام وسكوتي يدفع عني هذا الشر، تندم على ما فرط منها.

أعلة وبخلاً

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 211

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 212

قاله النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله تعالى عنها حين قال لها: أرخي علي مرطك. فقالت: أنا حائض.

أعشبت فأنزل

أي أصبت حاجتك فاقنع. يقال: أعشب الرجل إذا وجد عشباً، وأخصب إذا وجد خصباً.

العقوبة ألأم حالات القذرة

يعني أن العفو هو الكرم.

العجلة فرصة العجزة

يضرب في مدح التأني وذم الاستعجال.

العاقل من يرى مقر سهمه من رميته

يضرب في النظر في العواقب.

العين أقدم من السن

أي أن الحديث لا يغلب القديم.

عند الامتحان يكرم المرء أو يهان

عند النازلة تعرف أخاك

عليه من الله إصبع حسن

أي أثر حسن. يقال للراعي: على ماشيته إصبع. أي أثر حسن.

عليه واقية كواقية الكلاب

يضرب للئيم الموقى. و الواقية، الوقاية، وهو في المثل مصدر أضيف إلى الفاعل، أي كما تقي الكلاب أولادها.

عليك نفسك

أي اشتغل بشأنك. وهذا يسمى إغراء، ونصباً على الإغراء. وحروف الإغراء: عليك، وعندك، ودونك، وهن يقمن مقام الفعل، ومعنى كلها خذ. ويجوز عليك نفسك، بالضم، إذا أردت أن تؤكد الكاف وحده، كأنك قلت: عليك نفسك زيداً.

عقراً حلقا

في الدعاء بالهلكة. وفي الحديث، حين قيل له عليه السلام أن صفية بنت حيي رضي الله تعالى عنها حائض فقال: عقرى حلقى، ما أراها إلا حابستنا. قال أبو عبيد: هو عقرا حلقا، بالتنوين، والمحدثون يقولون: عقرى حلقى. وأصل هذا ومعناه: عقرها الله وحلقها، أي أصابها الله بوجع في حلقها. وهذا كما تقول: رأسته وعضدته وبطنته. وقال أبو نصر أحمد بن حاتم: يقال عند الأمر يعجب منه: خمشى عقرى حلقى، كأنه من الحلق والعقر والخمش، وهو الخدش، وقال:
ألا قومي أولو عقرى وحلقى لما لاقت سلامان بن غنـم
يعني: قومي أولو نساء عقرى وحلقي، أي قد عقرن وجوههن وحلقن شعورهن متسلبات على أزواجهن. قلت: عقرى وحلقى في البيت جمع عقرى، مثل قتيل وقتلى. قال الليث: يقال للمرأة عقرى حلقى، يعني أنها تحلق قومها وتعقرهم بشؤمها.

عركه عرك الأديم

وعرك الرحى بثفالها. وعرك الصناع أديماً غير مدهون.

عالى به كل مركب

إذا كلفه كل أمر شاق.

عسى غد لغيرك

يريد عسى غد يكون لغيرك، أي لا تؤخر أمر اليوم إلى غد فلعلك لا تدركه.

عسى البارقة لا تخلف

البارقة، السحابة ذات البرق. يضرب في تعليق الرجاء بالإحسان.

عذرت القردان فما بال الحلم

القردان، جمع قراد. والحلم، جنس منه صغار. وهذا قريب من قولهم: استنت الفصال حتى القرعى.

عاث فيهم عيث الذئاب يلتبسن بالغنم

العيث، الفساد. يضرب لمن يجاوز الحد في الفساد بين القوم.

أعرب عن ضميره الفارسي

يضرب لمن يظهر ما في قلبه.

عند فلان كذب قليل

أي هو الصدوق الذي لا يكذب. وإذا قالوا: عنده صدق، فهو الكذوب.

عليه العفار والدبار وسوء الدار

العفار، التراب، والعفر مقصور منه كالزمان والزمن. والدبار، اسم من الأدبار كالعطاء من الإعطاء، ويجوز أن تكون الباء بدلاً من الميم، فيراد به الدمار وهو الهلاك. وسوء الدار، قال المفسرون: هو جهنم، نعوذ بالله تعالى منها.

عليه العفاء والذئب العواء

العفاء، بالفتح والمد، التراب. قال صفوان بن محرز: إذا دخلت بيتي فأكلت رغيفاً وشربت عليه ماء فعلى الدنيا العفاء. وقال أبو عبيد: العفاء الدروس والهلاك وأنشد لزهير يذكر داراً:
تحمل أهلها عنها فبانـوا على آثارها ذهب العفاء
قال وهذا ك قولهم: عليه الدبار، إذا دعا عليه أن يدبر فلا يرجع. والذئب العواء، الكثير العواء.

عرفت شواكل ذلك الأمر

أي ما أشكل من أمرهم. قاله عمارة بن عقيل.

عجب من أن يجيء من جحن خير

الجحن، القصير النبات، يعني النماء، يقال: جحن يجحن فهو جحن، إذا كان سيء الغذاء، واجحنه غيره إذا أساء غذاءه. يضرب للقصير لا يجيء منه خير.
أعانك المون قلـيلاً أو أبـاه والعون لا يعين إلا ما اشتهاه
قال أبو الهيثم: يعني من أعانك من غير أن يكون ولداً أو أخاً أو عبداً يهمه ما أهمك، ويسعى معك فيما ينفعك، فإنما يعينك بقدر ما يجب ويشتهي ثم ينصرف عنك.

العجز وطيء

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 212

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 213

يقال: وطؤ فهو وطيء بين الوطاءة، وفراش وطيء أي وثير. يضرب لمن استوطأ مركب العجز وقعد عن طلب المكاسب والمخامد، ولمن ترك حقه مخافة الخصومة.

العجز ريبة

يعين أن الإنسان إذا قصد أمراً وجد إليه طريقاً فإن أقر بالعجز على نفسه ففي أمره ريبة. قال أبو الهيثم: هذا أحق مثلف ضربته العرب.

عهدك بالفاليات قديم

يضرب لما فات ويتعذر تداركه. وأصله في الرأس يبعد عهده بالدهن والفلي.

عرفطة تسقى من الغوادق

العرفطة، شجرة من العضاه خشنة المس. والغدق، الماء الكثير، وهو في الأصل مصدر، يقال: غدقت عين الماء، أي غزرت، ثم يوصف به فيقال: ماء غدق. ويقال: سحابة غادقة. والغوادق، السحاب الكثير الماء. يضرب للشرير يكرم ويبجل.

عوراء جاءت والندي مقفر

العوراء، الكلمة الفاحشة. والندي والنادي، المجلس. والمقفر، الخالي. يضرب لمن يؤذي جليسه بكلامه وتعطيمه عليه من غير استحقاق.

عرجلة تعتقل الرماح

العرجلة، الرجالة في الحرب. والاعتقال، أن يمسك الفارس رمحه بين جنب الفرس وفخذه. يضب لمن يخبر عن نفسه بما ليس في وسعه.

أعتوبة بين ظماء جوع

يقال: بينهم أعتوبة يتعاتبون بها، أي إذا تعاتبوا أصلح ما بينهم العتاب. يضرب لقوم فقرأ إذلاء يفتخرون بما لا يملكون.

عارية الفرج وبت مطرح

لبت، كساء غليظ النسج، ويقال هو طيلسان ن خز. يضرب لمن رضي بالتقشف وهو قادر على ضده، أي هي عارية الفرج وعندها بت مطروح. ويحتمل أن يعني به أنها تتجمل وقد عجزت عما يستر عورتها.

عشيرة رفاغها توسع

يعني أن أفنية العشيرة أوسع وأحمل لجناياته. يضرب لمن يرجع بجنايته إلى العشيرة ويؤذيها بالقول والفعل.

عين بذات الحبقات تدمع

العين، عين الماء. والحبق، بقل من بقول السهل و الحزن. وتدمع كناية عن قلة الماء فيها. يضرب لمن له غنى وخيره قليل ولا ينتفع به إلا الإخساء، لأنه قال فيما بعد: وأردها الذئب وكلب أبقع.

عيش المضر حلوه مر مقر

المضر، الذي له ضرائر. والمقر، الشديد المرارة. يقال أنه يضرب لمن كان له كفاف فطلب عيشاً أرفع وأنفع فوقع فيما يتعبه.

عينك عبى والفؤاد في دد

الدد والددن والدداء، اللعب واللهو. ويقال: رجل عبران، وامرأة عبرى، أي باكية. يضرب لمن يظهر حزناً لحزنك وفي قلبه خلاف ذلك.

أعلام أرض جعلت بطائحا

الأعلام، الجبال واحدها علم. والبطائح، جمع البطيحة، وهي الأرض المنخفضة. يضرب لشراف قوم صاروا وضعاء، ولمن كان حقه أن يشكر فكفر.

عافيم في القدر ماء أكدر

العافي، ما يبقى في أسفل القدر لصاحبها. وقال: إذا رد عافي القدر من يستعيرها. وماء كدر وأكدر في لونه كدرة. يضرب لمن أحسن إليه فأساء المكافأة.

عراضة توري الزناد الكائل

العراضة، الهدية. والزند الكائل، الكابي يقال: كال الزند يكيل كيلاً إذا لم تخرج ناره، وإنما قيل الزناد الكائل ولم يقل الكائلة لأن الزناد وإن كان جمع زند فهو على وزن الواحد مثل الكتاب والجدار. وهذا كما قال امرؤ القيس: تزول اليماني ذي العياب المحمل. وكما قال زهير: من أفال مرء نم. يضرب لمن يخدع الناس بحسن منطقه. ويضرب في تأثير الرشا عند انغلاق المراد.

عشر والموت شجا الوريد

التعشير، نهيق الحمار عشرة أصوات في طلق واحد قال الشاعر:
لعمري لئن عشرت من خيفة الردى نهاق الحمير أنـنـي لـجـزوع
وذلك أنهم كانوا إذا خافوا من وباء بلد عشروا تعشير الحمار قبل أن يدخلوه، وكانوا يزعمون أن ذلك ينفعهم. يقول عشر هذا الرجل والموت شجا وريده، أي مما شجا به وريده. يريد قرب الموت منه. يضرب لمن يجزع حين لا ينفعه الجزع.

أعلم بمنبت القصيص

والمعنى: أنه عارف بموضع حاجته. و القصيص، منابت الكمأة ولا يعلم بذلك إلا عالم بأمور النبات. وأما قولهم:

أعلم من أين يؤكل الكتف

فزعم الأصمعي أن العرب تقول للضعيف الرأي: لا يحسن أكل لحم الكتف. قلت: أورد حمزة هذين المثلين في كتاب أفعل، وهما وإن كانا لأفعل فهذا الموضع أولى بهما لأنهما عريا من، من.

ما على أفعل من هذا الباب

أعز من كليب وائل

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 213

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 214

هو كليب بن ربيعة بن الحرث بن زهير، وكان سيد ربيعة في زمانه، وقد بلغ من عزه أنه كان يحمي الكلأ فلا يقرب حماه، ويجير الصيد فلا يهاج، وكان إذا مر بروضة أعجبته، أو غدير ارتضاه، كنع كليباً ثم رمى به هناك، فحيث بلغ عواؤه كان حمى لا يرعى، وكان اسم كليب ابن ربيعة وائلاً، فلما حمى كليبه المومى الكلأ قيل أعز من كليب وائل، ثم غلب هذا الاسم عليه حتى ظنوه اسمه، وكان من عزه لا يتكلم أحد في مجلسه ولا يحتبي أحد عنده، ولذلك قال أخوه مهلهل بعد موته:
نبئت أن النار بعـدك أوقـدت واستب بعدك يا كليب المجلس
وتكلموا في أمر كل عظـيمة لو كنت شاهدهم بها لم ينسبوا
وفيه أيضاً يقول معبد بن سعنة التميمي:
كفعل كليب كنت خبرت أنه يخطط أكلاء المياه ويمنـع
يجير على أفناء بكر بن وائل أرانب ضاح والظباء فترتع
وكليب هذا هو الذي قتله جساس بن مرة الشيباني، وقد ذكرت قصته عند قولهم: أشأم من البسوس، في باب الشين.

أعيا من باقل

هو رجل من أياد. قال أبو عبيدة: باقل رجل من ربيعة بلغ من عيه أنه اشترى ظبياً بأحد عشر درهماً، فمر بقوم فقالوا له: بكم اشتريت الظبي? فمد يده ودلع لسانه، يريد أحد عشر، فشرد الظبي وكان تحت إبطه. قال حميد الأرقط، في ضيف له أكثر من الطعام حتى منعه ذلك من الكلام:
أتانا وما دانـاه سـحـبـان وائل بياناً وعلماً بـالـذي هـو قـائل
فما زال منه اللقم حتـى كـأنـه من العي لما أن تكـلـم بـاقـل
يقول وقد ألقى المراسي للقـرى أبن لي ما الحجاج بالناس فاعـل
يدلل كـفـاه ويحـدر حـلـقـه إلى البطن ما ضمت عليه الأنامل
فقلت لعمري ما لهذا طرقـتـنـا فكل ودع الأرجاف ما أنت آكـل

أعز من الزباء

هي امرأة من العماليق، وأمها من الروم، وكانت ملكة الحيرة تغزو بالجيوش، وهي التي غزت مارداً والأبلق، وهما حصنان كانا للسموءل بن عاديا اليهودي، وكان مارد مبنياً من حجارة سود، والأبلق من حجارة سود وبيض، فاستصعبا عليها فقالت: تمرد مارد وعز الأبلق. فذهبت مثلاً. وقد تقدمت قصتها مع جذيمة قبل.

أعيا من يد في رحم

يضرب لمن يتحير في الأمر ولا يتوجه له. قال أبو الندى: ما في الدنيا أعيا منها لأن صاحبها يتقي كل شيء، قد دهن يده بدهن وغسلها بماء حتى تلين ولا يلتزق بها الرحم، فهو لا يكاد يمس بيده شيئاً حتى يفرغ.

أعز من الأبلق العقوق

يضرب لما يعز وجوده، وذلك لأن العقوق ف ي الإناث ولا تكون في الذكور. قال المفضل: إن المثل لخالد بن مالك النهشلي قاله للنعمان بن المنذر، وكان أسر ناساً من بني مازن بن عمرو بن تميم فقال: من يكفل بهؤلاء? فقال خالد: أنا. فقال النعمان: وبما أحدثوا? فقال خالد: نعم، وإن كان الأبلق العقوق. فذهبت مثلاً. يضرب في عزة الشيء. والعرب كانت تسمي الوفاء الأبلق العقوق لعزة وجود.

أعقر من بغلة وأعقم من بغلة أعز من بيض الأنوق

قالوا: الأنوق الرحمة، وعز بيضها لأنه لا يظفر به لأن أوكارها في رؤوس الجبال والأماكن الصعبة البعيدة قال الأخطل:
من الجاريات الحور مطلب سرها كبيض الأنوق المستكنة في الوكر

أعز من الغراب الأعصم

قال حمزة: هذا أيضاً في طريق الأبلق العقوق في أنه لا يوجد، وذلك أن الأعصم الذي تكون أحدى رجليه بيضاء، والغراب لا يكون كذلك. وفي الحديث: إن عائشة في النساء كالغراب الأعصم.

أعز من قنوع

هو من قول الشاعر:
وكنت أعز عزاً من قنـوع ترفع عن مطالبة الملـول
فصرت أذل من معنى دقيق به فقر إلى ذهن جـلـيل
وأما قولهم:

أعز من الكبريت الأحمر

فيقال هو الذهب الأحمر. ويقال بل هو لا يوجد إلا أن يذكر. وقال:
عز الوفاء فلا وفاء وإنه لأعز وجداناً من الكبريت

أعز من مروان القرظ

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 214

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 215

هو مروان بن زنباع العبسي، وكان يحمي القرظ لعزه. ويقال: بل سمي بذلك لأنه كان يغزو اليمن وبها منابت القرظ. ووصف مروان هذا للمنذر بن ماء السماء فاستوقده عليه فقال له: أنت مع ما حببت به من العز في قومك كيف علمك بهم? فقالت: أبيت اللعن، أني إن لم أعلمهم لم أعلم غيرهم. قال: ما تقول في عبس? قال: رمح حديد أن لم تطعن به يطعنك. قال: ما تقول في فزارة? قال: واد يحمى ويمنع. قال: فما تقول في مرة? قال: الحر بوادي عوف. قال: فما تقول في أشجع? قال: ليسوا بداعيك ولا بمجيبيك. قال فما تقول في عبد الله بن غطفان? قال: صقور لا تصيدك. قال: فما تقول في ثعلبة بن سعد? قال: أصوات ولا أنيس.

أعز من حليمة

هي بنت الحرث بن أبي شمر، ملك عرب الشام، وفيها سار المثل فقيل: ما يوم حليمة بسر. وهذا اليوم هو اليوم الذي قتل فيه المنذر بن ماء السماء ملك العراق، وكان قد سار بعربها إلى الحرث الأعرج الغساني، وهو الأكبر، وكان في عرب الشام، وهو أشهر أيام العرب، وإنما نسب هذا اليوم إلى حليمة لأنها حضرت المعركة محضضة لعسكر أبيها، فتزعم العرب أن النغبار ارتفع في يوم حليمة حتى سد عين الشمس فظهرت الكواكب المتباعدة عن مطلع الشمس، فسار المثل بهذا اليوم فقيل: لأرينك الكواكب ظهراً. وأخذه طرفة فقال:
إن تنوله فقد تـمـنـعـه وتريه النجم يجري بالظهر
وقد ذكر النابغة يوم حليمة في شعره فقال يصف السيوف:
تخيرن من أزمان عهد حلـيمة إلى اليوم قد جربن كل التجارب

أعز من أم قرفة

هي امرأة فزارية كانت تحب مالك بن حذيفة بن بدر، وكان يعلق في بيتها خمسون سيفاً لخمسين رجلاً كلهم لها محرم.

أعدى من الظليم

وذلك أنه إذا عدا مد جناحيه فكان حضره بين العدو والطيران.

أعدى من الحية

هذا من العداء وهو الظلم. و هذا كقولهم: أظلم من حية. وأما قولهم:

أعدى من الذئب

فمن العداء والعداوة والعدو. وقولهم:

أعدى من العقرب

هذا من العداء والعداوة. وقولهم:

أعدى من الجرب

من العدوى. وكذلك:

أعدى من الثؤباء

من العدوى أيضاً والثؤباء، التثاؤب. وزعموا أن شظاظاً كان على ناقة يتبع رجلاً مغيراً، فتثاءب شظاظ، فتثاءبت ناقته، وتثاءبت ناقة الرجل المطلوب، فتثاءب الرجل من فوقها فقال:
أعديتني فمن ترى أعـداك لا حل من أغفى ولا عداك
قال حمزة: يقول لا حل رحله من أركضك قلت قد روى حمزة: لا حل من غفا. ثم قال في تفسيره: لا حل رحله من أركضك. وليس في البيت ما يدل على هذا المعنى لأن غفا غير معروف. قال ابن السكيت: تقول أركضت إذا نمت، ولا تقل غفوت. يقول: لا حل رحله من نام ولم يركضك حتى تفلت. والدليل عليه قول حمزة بعد هذا: ثم التفت الرجل فإذا شظاظ في طلبه فأجهدها حتى أفلت. وهذا هو الوجه.

أعدى من الشنفري

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 215

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 216

هذا من العدو. ومن حديثه، فما ذكر أبو عمرو الشيباني، أنه خرج هو وتأبط شراً وعمرو بن براق فأغاروا على بجيلة فوجدوا لهم رصداً على الماء، فلما مالوا له في جوف الليل قال لهما تأبط شراً: أن بالماء رصداً، وإني لأسمع وجيب قلوب القوم. فقالا: ما تسمع شيئاً، وما هو إلا قلبك يجب. فوضع أيديهما على قلبه وقال: والله ما يجب، وما كان وجاباً. قالوا: فلا بد لنا من ورود الماء. فخرج الشنفري، فلما رآه الرصد عرفوه، فتركوه حتى شرب من الماء ورجع إلى أصحابه فقال: والله ما بالماء أحد، ولقد شربت من الحوض. فقال تأبط شراً للشنفري: بلى، ولكن القوم لا يريدونك وإنما يريدونني. ثم ذهب ابن براق فشرب ورجع، ولم يعرضوا له. فقال تأبط شراً للشنفري: إذا أنا كرعت في الحوض فإن القوم سيشدون علي فيأسرونني، فاذهب كأنك تهرب، ثم كن في أصل ذلك القرن، فإذا سمعتني أقول: خذوا خذوا. فتعال فأطلقني. وقال لان براق: إني سآمرك أن تستأسر للقوم، فلا تنأعنهم، ولا تمكنهم من نفسك. ثم مر تأبط شراً: حتى ورد الماء، فحين كرع في الحوض شدوا عليه فأخذوه وكتفوه بوتر، وطار الشنفري فأتى حيث أمره، وانحاز ابن براق حيث يرون، فقال تأبط شراً: يا معشر بجيلة، هل لكم في خير? أن تياسرونا في الفداء ويستأسر لكم ابن براق. قالوا: نعم. فقال: ويلك يا ابن براق، أما الشنفري فقد طار وهو يصطلي نار بني فلان، وقد علمت ما بيننا وبين أهلك، فهل لك أن تستأسر وتياسرونا في الفداء? قال: لا والله حتى أروز نفسي شوطاً أو شوطين. فجعل يستن نحو الجبل ويرجع. حتى إذا رأوا أنه قد أعيا طمعوا فيه فاتبعوه، ونادى تأبط شراً: خذوا خذوا. فخالف الشنفري إلى تأبط شراً فقطع وثاقه، فلما رآه ابن براق. وقد خرج من وثاقه مال إلى عنده، فناداهم تأبط شراً: يا معشر بجيلة، أعجبكم عدو ابن براق، أما والله لأعدون لكم عدواً ينسيكم عدوه، ثم أحضروا ثلاثتهم فنجوا. وفي ذلك يقول تأبط شراً:
ليلة صاحوا وأغروا بي سراعهم بالعيبتين لدى معدى ابن بـراق
كأنما حثحثوا حصـا قـوادمـه أو أم خشف بذي شث وطبـاق
لا شيء أسرع مني غير ذي عذر أو ذي جناح بجنب الريد خفـاق
فكل هؤلاء الثلاثة كانوا عدائين ولم يسر المثل إلا بالشنفري.

أعدى من السليك

هذا من العدو أيضاً. ومن حديثه فيما زعم أبو عبيدة، أنه رأته طلائع جيش لبكر بن وائل، جاءوا متجردين ليغيروا على تميم ولا يعلم بهم، فقالوا: إن علم السليك بنا أنذر قومه. فبعثوا إليه فارسين على جوادين، فلما هايجاه خرج يمحص كأنه ظبي، فطارداه سحابة نهاره ثم قالا: إذا كان الليل أعيا فسقط فنأخذه. فلما أصبحا وجدا أثره قد عثر بأصل شجرة فنزا وندرت قوسه فانحطمت، فوجدا قصدة منها قد ارتزت في الأرض فقالا: لعل هذا كان من أول الليل ثم فتر. فتبعاه فإذا أثره متفاجاً قد بال في الأرض وخد فقالا: ما له? قاتله الله، ما أشد متنه! والله لأتبعناه. وانصرفا. فنم السليك غلى قومه فأنذرهم، فكذبوه لبعد الغاية فقال:
يكذبني العمران عمرو بن جندب وعمرو بن سعد والمكذب أكذب
سعيت لعمري سعي غير معجز ولا نأنا لـو أنـنـي لا أكـذب
ثكلتكما أن لم أكن قـد رأيتـهـا كراديس يهديها إلى الحي موكب
كراديس فيها الحوفزان وحولـه فوارس همام متى يدع يركبـوا
وجاء الجيش فأغاروا. وسليك تميمي من بني سعد، وسلكة أمة، وكانت سوداء وإليها ينسب. والسلكية، ولد الحجل. وذكر أبو عبيدة السليك في العدائين مع المنتشرين وهب الباهلي وأوفى بن مطر المازني، والمثل سار بسليك من بينهم.

أعق من ضب

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 216

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 217

قال حمزة: أرادوا ضبة، فكثر الكلام بها فقالوا ضب قلت يجوز أن يكون الضب اسم الجنس كالنعام والحمام والجراد، وإذا كان كذلك وقع على الذكر والأنثى. قال: وعقوقها: أنها تأكل أولادها، وذلك أن الضبة إذا باضت حرست بيضها من كل ما قدرت عليه من ورل وحية وغير ذلك، فإذا نقبت أولادها وخرجت من البيض ظنتها شيئاً يريد بيضها فوثبت عليها تقتلها فلا ينجو منها إلا الشريد. وهذا مثل قد وضعته العرب في موضعه، وأتت بعلته، ثم جاءت إلى ما هو في العقوق مثل الضبة فضربت به المثل على الضد فقالوا: أبر من هرة، وهي أيضاً تأكل أولادها، فحين سئلوا عن الفرق، وجهوا أكل الهرة أولادها إلى شدة الحب لها فلم يأتوا في ذلك بحجة مقنعة. قال الشاعر:
أما ترى الدهر وهذا الورى كهـرة تـأكـل أولادهـا
وقالوا أيضاً: أكرم من الأسد، وألأم من الذئب، فحين طولبوا بالفرق قالوا: كرم الأسد أنه عند شبعه يتجافى عما يمر به. ولؤم الذئب أنه في كل أوقاته متعرض لكل ما يعرض له. قالوا: ومن تمام لرمه أنه في كل أوقاته متعرض لكل ما يعرض له. قالوا: ومن تمام لؤمه أنه ربما يعرض للإنسان منه اثنان فيتساندان ويقبلان عليه إقبالاً واحداً، فإن أدمى الإنسان واحداً من الذئبين وثب الذئب الآخر على الذئب المدمى فمزقه وأكله وترك الإنسان. وأنشدوا لبعضهم:
وكنت كذئب السوء لما رأى دماً بصاحبه يوماً أحال على الـدم
أحال، أي أقبل. قالوا: فليس في خلق الله تعالى ألأم من هذه البهجة إذ يحدث لها عند رؤية الدم بمجانسها الطمع فيه، ثم يحدث ذلك الطمع لها قوة تعدو بها على الآخر. ومما أجروه مجرى الذئب والأسد والضب والهر في تضاد النعوت الكبش والتيس فإنه يقولون للرئيس يا كبش، وللجاهل يا تيس، ولا يأتون في ذلك بعلة. وكذلك المعز والضأن يقولون فيهما: فلان ماعز من الرجال، وفلان أمعز من فلان، أي أمتن منه. ثم يقولون: فلان نعجة من النعاج، إذا وصفوه بالضعف والموق. و قالوا: العنوق بعد النوق، ولم يقولوا الحمل بعد الجمل. قال حمزة: فمعنى قولهم العنوق بعد النوق، أي بعد الحال الجليلة صغر أمركم، وهذا كما يقال الحور بعد الكور. وكذلك يقولون: أبعد النوق العنوق، فإن أرادوا ضد ذلك قالوا: أبعد العنوق النوق. والأفراس عند العرب معز الخيل، والبرازين ضأنها، كما أن البخت ضأن الإبل، والجواميس ضأن البقر. وهذا كما حكي عن ثمامة أنه قال: النمل ضأن الذر. وخالفه مخالف فقال: النمل والذر. وخالفه مخالف فقال: النمل والذر كالفأر والجرذان.

أعق من ذئبة

لأنها تكون مع ذئبها فيرمى، فإذا رأته أنه قد دمي شدت عليه فأكلته. قال رؤبة:
فلا تكوني يا ابنة الأشـم ورقاء دمى ذئبها المدمى
وقال آخر:
فتى ليس لابن العم كالذئب أن رأى بصاحبه يوماً دماً فهـو آكـلـه
أعطش من ثعالة قد اختلفوا في التفسير. فزعم محمد بن حبيب أنها الثعلب. وخالفه ابن الأعرابي فزعم أن ثعالة رجل من بني مجاشع، خرج هو ونجيح ابن عبد الله بن مجاشع في غزاة ففوزا، فلقم كل واحد منهما فيشلة الآخر، وشرب بوله، فتضاعف العطش عليهما من ملوحة البول، فماتا عطشانين، فضربت العرب بثعالة المثل، وأنشد لجرير:
ما كان ينكر في غزي مجـاشـع أكل الخزي رولا ارتضاع الفيشل
وقال:
وضعتم ثم بال على لحاكم ثعالة حين لم تجدوا شرابا

أعطش من النقاقة

ويروى من النقاق أيضاً، يعنون به الضفدع، وذلك أنه إذا فارق الماء مات. ويقال للإنسان إذا جاع: نقت ضفادع بطنه، وصاحت عصافير بطنه.

أعطش من النمل

لأنه يكون في القفار حيث لا ماء ولا مشرب.

أعذب من ماء البارق

وهو ماء السحاب يكون فيه البرق.

وماء الغنادية

وهو ماء السحابة التي تغدو.

وماء المفاصل

وهو ماء المفصل بين الجبلين. قال أبو ذؤيب:
وأن حديثاً منك لو تـبـذلـينـه جنى النحل في ألبان عوذ مطافل
مطافل أبكار حديث نتـاجـهـا تشاب بماء مثل ماء المفاصـل

وماء الحشرج

وهو ماء الحصى. قال:
فلثمت فاها آخذاً بـقـرونـهـا شرب النزيف ببرد ماء الحشرج
ويقال: الحشرج الحسى. ويقال وهو الكوز اللطيف.
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 217

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 218

أعجل من نعجة إلى حوض لأنها إذا رأت الماء لم تنثن عنه بزجر ولا غيره حتى توافيه.

أعجل من معجل أسعد

قد مر تفسيره والخلاف فيه في باب الراء عند قولهم: أروى من معجل أسعد.

أعبث من قرد

لأنه إذا رأى إنساناً يولع بفعل شيء يفعله أخذ يفعل مثله.

أعيث من جعار

العيث، الفساد. وجعار، الضبع. وقد مر ذكره في مواضع من هذا الكتاب.

أعقد من ذنب الضب

قالوا أن عقده كثيرة. وزعموا أن بعض الحاضرة كسا أعرابياً ثوباً فقال له: لأكافنئك على فعلك بما أعلمك. كم في ذنب الضب من عقدة? قال: لا أدري. قال: فيه إحدى وعشرون عقدة.

أعزب رأياً من حاقن

الحاقن، الذي أخذه البول. ومن ذلك يقال: لا رأي لحاقن. وكذلك يقال:

أعزب رأياً من صارب

وهو الذي حبس غائطه. ومنه قولهم: صرب الصبي ليسمن.

أعمر من قراد

قال حمزة: العرب تدعي أن القراد يعيش سبعمائة سنة. قال: وهذا من أكاذيب الأعراب، والضحر منهم به دعاهم إلى هذا القول فيه.

أعمر من ضب

حكى الزبادي عن الأصمعي أنه قال: يبلغ الحسل مائة سنة ثم تسقط سنه، فحينئذ يسمى ضباً، وأنشد لرؤبة:
فقلت لو عمرت سن الحسل أو عمر نوح زمن الفطحل
والصخر مبتل كطين الوحل صرت رهين هرم أو قتل

أعمر من نسر

تزعم العرب أن النسر يعيش خمسمائة سنة. وقد مر ذكر لقمان ولبد فيما تقدم من الكتاب في باب الهمزة عند قولهم: أتى أبد على لبد.

أعمر من نصر

يعنون نصر بن دهمان. زعم أبو عبيدة أنه كان من قادة غطفان وسادتها فعمر حتى خرف، ثم عاد شاباً يافعاً، ورجع بياض شعره سواداً، ونبتت أسنانه بعد الدرد. قال أبو عبيدة: فليس في العرب أعجوبة مثلها. و أنشد لبعض شعراء العرب فيه:
كنصر بن دهمان الهنيدة عاشها وتسعين حولاً ثم قوم فانصاتـا
وعاد سواد الراس بعد بياضـه وراجعه شرخ الشباب الذي فاتا
فعاش بخير في نعيم وغـبـطة ولكنه من بعد ذا كلـه مـاتـا

أعمر من معاذ

هذا مثل مولد إسلامي. ومعاذ هو معاذ بن مسلم، وكان صحب بني مروان في دولتهم، ثم صحب بني العباس وطعن في مائة وخمسين سنة فقال فيه الشاعر:
إن مـعـاذ بـــن مـــســـلـــم رجـــل ليس يقـــينـــا لـــعـــمـــره أمـــد
قد شـاب رأس الـزمـــان واكـــتـــهـــل الـدهــر وأثـــواب عـــمـــره جـــدد
قل لـــمـــعـــاذ إذا مـــررت بـــــه قد ضـج مـن طــول عـــمـــرك الأبـــد
يا بـكـر حـواء كـــم تـــعـــيش وكـــم تسـحـــب ذيل الـــحـــياة يا لـــبـــد
قد أصـــبـــحـــت دار آدم خـــربـــت وأنـت فـيهـــا كـــأنـــك الـــوتـــد
تسـأل غـربـانــهـــا إذا ُنـــعـــبـــت كيف يكــون الـــصـــداع والـــرمـــد
مصـحـحـاً كـالـظـلـيم تــرفـــل فـــي برديك مـنـك الـــجـــبـــين يتـــقـــد
صاحبت نوحاً وضت بغلة ذي القرنين شيخاً لولدك الولد
ما قصر الجد يا معاذ ولا زحـزح عـنـك الـــثـــراء والـــعـــدد
فاشـخـص ودعـنـا فـإن غـايتـك الــمـــوت وإن شـــد ركـــنـــك الـــجـــلـــد

أعقل من ابن تقن

هذا رجل يقال له عمرو بن تقن، وهو الذي يضرب به المثل فيقال: أرمى من ابن تقن. وكان من عاد من عقلائها ودهاتها، وكان لقمان ابن عاد أراده على بيع إبل له معجبة، فامتنع عليه، واحتال لقمان في سرقتها منه فلم يمكنه ذلك، ولا وجد غرة منه. وفيه قال الشاعر:
أتجمع أن كنت ابن تقن فطانة وتغبن أحياناً هنات دواهـيا
وأما قولهم:

هو أعلم بمنبت القصيص

فالمعنى أنه عارف بموضع حاجته. والقصيص، منابت الكمأة، ولا يعلم ذلك إلا عالم بأمور النبات. وأما قولهم: هو

أعلم من أين يؤكل الكتف

فزعم الأصمعي أن العرب تقول للضعيف الرأي أنه لا يحسن أكل لحم الكتف.

أعجز من هلباجة

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 218

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 219

هو النؤوم الكسلان العطل الجافي. قال حمزة: وقد سار في وصف الهلباجة فصل لبعض الأعراب المتفصحين، وفصل آخر لبعض الحضريين، فأما وصف الأعرابي فإن الأصمعي قال: أخبرني خلف الأحمر أنه سأل ابن أبي كبشة بن القبعثرى عن الهلباجة فتردد في صدره من خبث الهلباجة ما لم يستطع معه إخراج وصفه في كلمة واحدة ثم قال: الهلباجة الضعيف العاجز الأخرق الأحمق الجلف الكسلان الساقط، لا معنى فيه ولا غناء عنده، ولا كفاية معه ولا عمل لديه، وبلى يستعمل، وضرسه أشد من عمله، فلا تحاضرن به مجلساً، وبلى فليحضر ولا يتكلمن. وأما وصف الحضري فإن بعض بلغاء الأمصار سئل عن الهلباجة فقال: هو الذي لا يرعوي لعذل العاذل، ولا يصغي إلى وعظ الواعظ، ينظر بعين حسود، ويعرض أعراض حقود، إن سأل ألحف، وإن سئل سوف، وإن حدث حلف، وإن وعد أخلف، وإن زجر عنف، وإن قدر عسف، وإن احتمل أسف، وإن استغنى بطر، وإن افتقر قنط، وإن فرح أشر، وإن حزن يئس، وإن ضحك زأر، وإن بكى جأر، وإن حكم جار، وإن قدمته تأخر، وإن أخرته تقدم، وإن أعطاك من عليك، وإن أعطيته لم يشكرك، وإن أسررت إليه خانك، وإن أسر إليك اتهمك، وإن صار فوقك قهرك، وإن صار دونك حسدك، وإن وثقت به خانك، وإن انبسطت إليه شانك، وإن أكرمته أهانك، وإن غاب عنه الصديق سلاه، وإن حضر قلاه، وإن فاتحه لم يجبه، وإن أمسك عنه لم يبدأه، وإن بدأ بالود هجر، وإن بدأ بالبر جفا، وإن تكلم فضحه العي، وإن عمل قصر به الجهل، وإن اؤتمن غدر، وإن أجار اخفر، وإن عاهد نكث، وإن حلف حنث، لا يصدر عنه الآمل إلا بخيبة، ولا يضطر إليه حر غلا بمحنة. قال خلف الأحمر: سألت إعرابياً عن الهلباجة فقال: هو الأحمق الضخم القدم الأكول الذي والذي. ثم جعل يلقاني بعد ذلك ويزيد في التفسير كل مرة شيئاً، ثم قال لي بعد حين، وأراد الخروج: هو الذي جمع كل شر.

أعجز ممن قتل الدخان

هو الذي ضرب به المثل فقيل: أي فتى قتل الدخان? وقد مر ذكره في الباب الأول من الكتاب. قال ابن الأعاربي: هو رجل كان يطبخ قدراً فغشيه الدخان، فلم يتحول حتى قتله، فجعلت ابنته تبكيه وتقول: يا أبتاه، وأي فتى قتل الدخان? فلما أكثرت قال لها قائل: لو كان ذا حيلة تحول. وهذا أيضاً مثل. ولقوله تحول وجهان: أحدهما التنقل، والآخر طلب الحيلة. وأما قولهم:

أعجز عن الشيء من الثعلب عن العنقود

فإن أصل ذلك أن العرب تزعم أن الثعلب نظر إلى العنقود فرامه فلم ينله، فقال: هذا حامض. وحكى الشاعر ذلك فقال:
أيها العائب سلمـى أنت عندي كثعالـه
رام عنقوداً فلـمـا أبصر العنقود طاله
قال هذا حـامـض لما رأى أن لا يناله

أعجز من مستطعم العنب من الدفلى

هذا من قول الشاعر:
هيهات جئت إلى دفلى تحركها مستطعماً عنباً حركت فالتقط

أعجز من جاني العنب من الشوك

هذا أيضاً من قول الشاعر:
إذا وترت أمرا فاحـذر عـداوتـه من يزرع الشوك لا يحصد به عنباً
قال حمزة: وهذا الشاعر أخذ هذا المثل من حكيم من حكماء العرب من قوله: من يزرع خيراً يحصد غبطة، ومن يزرع شراً يحصد ندامة، ولن يجتني من شوكة عنبة.

أعطف من أم إحدى وعشرين

هي الدجاجة لأنها تحضن جميع فراخها وتزق كلها، وإن ماتت إحداهن تبين الغم فيها.

أعز من إست النمر

ويقال أمنع.

أعز من أنف الأسد

ويراد المنعة أيضاً.

أعطش من قمع

أعجل من كلب إلى ولوغه

أعرض من الدهماء

أعرى من إصبع ومن مغزل ومن حية

ومن الأيم ومن الراحة ومن الحجر الأسود

أعلق من قراد ومن الحناء أعطى من عقرب

لم يذكر حمزة معنى قوله: أعطى من عقرب. ويمكن أن يقال أنه اسم رجل معطاء، أو يقال أرادوا هذا العقرب المعروفة. وأعطى على هذا من العطو الذي هو التناول، أي أنه أكثر تناولاً لأعراض الناس من العقرب التي تأبر كل ما مرت به. فأما عقرب الذي يضرب به المثل فيقال: اتجر من عقرب، وأمطل من عقرب، فهو ممن لا يضرب به المثل في كثرة العطاء. هذا ما سنح في معنى هذا المثل. والله أعلم.

أعدل من الميزان

أعتق من بر

أعلم من دغفل

أعمر من ابن لسان الحمرة

أعلم من دعي

أعمق من البحر

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 219

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 220

أعز من الترياق ومن ابن الخصي

ومن مخ البعوض ومن عقاب الجو

المولدون

"عز المرء استغناؤه عن الناس عار النساء باق" "عي القلادة ورأس التخت وأول الجريدة وبيت القصيدة" "ونكتة المسألة" "عناية القاضي خير من شاهدي عدل" "عين الهوى لا تصدق" "عليك بالجنة فإن النار في الكف" "عصارة لؤم في قرارة خبث" "عليه الدمار وسوء الدار" "عليه ما على الطبل يوم العيد" "عليه ما على أصحاب السبت" أي اللعنة.
"عليه ما على أبي لهب" "على هذا قتل الوليد" يعنون الوليد بن طريف الخارجي. يضرب للأمر العظيم يطلبه من ليس له بأهل.
"عذر لم يتول الحق نسجه" "عقول الرجال تحت أسنة أقلامها" "على حسب التكبر في الولاية يكون التذلل في العزل" "عليك من المال ما يعولك ولا تعوله" "العادة توأم الطبيعة" "العزل طلاق الرجال وحيض العمال" قال الشاعر:
وقالوا العزل للعمال حـيض لحاه الله من حيض بغـيض
فإن يك هكذا فأبـو عـلـي من اللائي يئسن من المحيض
"العادة طبيعة خامسة" "العرق نزاع" "العز في نواصي الخيل" "العفة جيش لا يهزم" "العرق يسري إلى النائم" "العقل يهاب ما لا يهاب السيف" "الأعمى يخرأ فوق السطح ويحسب الناس لا يرونه" "العجيزة أحد الوجهين" "عادة ترضعت بروحها تنزعت" تم الجزء الأول من كتاب أمثال العرب للميداني ^

المجلد الثاني

وهو يشتمل على نيف وستة آلاف مثل، ورتبه على حروف المعجم في أوائلها، وذكر في كل مثل من اللغة والإعراب ما يفتح الغلق، ومن القصص والأسباب ما يوضح الغرض ويسيغ الشرق، وافتتح كل باب بما في كتاب أبي عبيد أو غيره، ثم أعقبه بما على أفعل من ذلك الباب، ثم بأمثال المولدين، وجعل ثمانية وعشرين باباً، وجعل التاسع والعشرين في أسماء أيام العرب، والثلاثين في نبذ من كلام النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين. وبالجملة فهو غاية في حسن التأليف والوضع، وبسط العبارة، وكثرة الفوائد.

الباب التاسع عشر

في

ما أوله غين

غرة بين عيني ذي رحم

أي، ليس تخفى الودادة والنصح من صاحبك كما لا يخفى عليك حب ذي رحمك لك في نظره فإنه ينظر بعين جلية، والعدو ينظر شزراً. وهذا كقولهم: جلى محب نظره. والتقدير: غرته غرة ذي رحم.

غضب الخيل على اللجم

يضرب لمن يغضب غضباً لا ينتفع به ولا موضع له. ونصب غضب على المصدر، أي غضب غضب الخيل.

غلبت جلتها حواشيها

الحاشية، صغار الإبل، سميت حاشية وحشواً لأنها تحشو الكبار، أي تتخللها. ويجوز أن يكون من أصابتها حشى الكبار إذا انضمت إلى جنبها. والجلة، عظامها جمع جليل ويراد بهما الصغار والكبار. يضرب لمن عظم أمره بعد أن كان صغيراً فغلب ذوي الأسنان.

غشمشم يغشى الشجر

يراد به السيل لأنه يركب الشجر فيدقه ويقلعه. ويراد أيضاً الجمل الهائج. ويقال لهما الايهمان. يضرب للرجل لا يبالي ما يصنع من الظلم. وتقدير: سيل غشمشم، أي هذا سيل، أو هو سيل.

غرثان فأربكوا له

يقال: دخل ابن لسان الحمرة على أهله، وهو جائع عطشان، فبشروه بمولود، وأتوه به فقال: والله ما أدري أآكله أم أشربه. فقالت امرأته: غرثان فأربكوا له. وروى ابن دريد: فأبكلوا له. من البكيلة وهي اقط يلت بسمن. والربيكة شيء من حساء واقط. قال: فلما طعم وشرب قال: كيف الطلا وأمه? فأرسلها مثلاً. يضرب لمن قد ذهبه همه وتفرغ لغيره.

غزو كولغ الذئب

الولغ، شرب السباع بألسنتها. أي غزو متدارك متتابع.

غدة كغدة البعير وموت في بيت سلولية

ويروى أغدة وموتاً، نصباً على المصدر، أي أؤغد أغداداً وأموت موتاً. يقال: أغد البعير إذا صار ذا غدة، وهي طاعونة. ومن روى بالرفع فتقديره غدتي كغدة البعير، وموتي موت في بيت سلولية. وسلول عندهم أقل العرب وأذلهم وقال:
إلى الله أشكو أنني بت طاهراً فجاء سلولي فبال على رجلي
فقلت اقطعوها بارك الله فيكم فإني كريم غير مدخلها رحلي
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 220

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 221

وهذا من قول عامر بن الطفيل، قدم على النبي صلى الله عليه وسلم، وقدم معه أربد بن قيس أخو لبيد بن ربيعة العامري الشاعر لأمه، فقال رجل: يا رسول الله، هذا عامر بن الطفيل قد أقبل نحوك. فقال: دعه، فإن يرد الله تعالى به خيراً يهده. فأقبل حتى قام عليه فقال: يا محمد، ما لي إن أسلمت? قال: لك ما للمسلمين، وعليك ما عليهم. قال: تجعل لي الأمر بعدك. قال: لا. ليس ذاك إلي إنما ذاك إلى الله تعالى يجعله حيث يشاء. قال: فتجعلني على الوبر وأنت على المدر. قال: لا. قال: فماذا تجعل لي? قال صلى الله عليه وسلم: أجعل لك أعنة الخيل تغزو عليها. قال: أو ليس ذلك إلى اليوم، وكان أوصى إلى أربد بن قيس: إذا رأيتني أكلمه فدر من خلفه واضربه بالسيف. فجعل عامر يخاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم ويراجعه، فدار أربد خلف النبي صلى الله عليه وسلم ليضربه، فاخترط من سيفه شبراً ثم حبسه الله تعالى فلم يقدر على سله، وجعل عامر يومئ إليه، فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى أربد وما يصنع بسيفه، فقال صلى الله عليه وسلم: اللهم اكفنيهما بما شئت. فأرسل الله تعالى على أربد صاعقة في يوم صائف صاح فأحرقته، وولى عامر هارباً وقال: يا محمد، دعوت ربك فقتل أربد، والله لأملأنها عليك خيلاً جرداً وفتياناً مرداً. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يمنعك الله تعالى من ذلك وابنا قيلة. يريد الأوس والخزرج. فنزل عامر ببيت امرأة سلولية، فلما أصبح ضم عليه سلاحه وخرج وهو يقول: واللات لئن أصحر محمد إلي وصاحبه، يعني ملك الموت، لأنفذتهما برمحي. فلما رأى الله تعالى ذلك منه، أرسل ملكاً فلطمه بجناحه فاذرأه في التراب، وخرجت على ركبته غدة، في الوقت، عظيمة فعاد إلى بيت السلولية وهو يقول: غدة كغدة البعير وموت في بيت سلولية، ثم مات على ظهر فرسه. يضرب في خصلتين إحداهما شر من الأخرى.

غمرات ثم ينجلين

يقال إن المثل للأغلب العجلي. يضرب في احتمال الأمور العظام والصبر عليها. ورفع غمرات على تقدير، هذه غمرات. ويروى: الغمرات ثم ينجلين. وكأنه قال: هي الغمرات، أو القصة الغمرات، تظلم ثم تنجلي. وواحدة الغمرات، وهي الشدائد غمرة وهي ما تغمر الواقع فيها بشدتها، أي تقهره.

غنيت الشوكة عن التنقيح

أي عن التسوية والتحديد. يقال: نقحت العود إذا بريت عنه أبنه وسويته. يضرب لمن يبصر من لا يحتاج إلى التبصير.

أغيرة وجبناً

قال امرأة من العرب تعير به زوجها، وكان تخلف عن عدوه في منزله فرآها تنظر إلى قتال الناس، فضربها فقالت: أغيرة وجبناً، أي أتغار غيرة وتجبن جبناً، نصباً على المصدر، ويجوز أن يكونا منصوبين بإضمار فعل وهو أتجمع. يضرب لمن يجمع بين شرين. قاله أبو عبيد.

غرني برداك من خدافلي

ويروى غدافلي، وبالخاء أصح وعليه الاعتماد. قال المنذري: قرأته بخط أبي الهيثم خدافلي، قال: وهي الخلقان، ولا واحد للخدافل. وأصل المثل أن رجلاً استعار من امرأة برديها فلبسهما ورمي بخلقان كانت عليه، فجاءت المرأة تسترجع برديها فقال الرجل: غرني برداك من خدافلي. يضرب لمن ضيع ماله طمعاً في مال غيره.

غثك خير من سمين غيرك

قال المفضل: أول من قال ذلك معن بن عطية المذحجي، وذلك أنه كانت بينهم وبين حي من أحياء العرب حرب شديدة، فمر معن في حملة حملها برجل من حربه صريعاً فاستغاثه وقال: امتن علي كفيت البلاء. فأرسلها مثلاً. فأقامه معن، وسار به حتى بلغه مأمنه، ثم عطف أولئك القوم على مذحج فهزموهم، وأسروا معناً وأخاً له يقال له روق، وكان يضعف ويحمق، فلما انصرفوا إذا صاحب معن الذي نجاه أخو رئيس القوم، فناداه معن وقال:
يا خير جاز بـيد أوليتها نج منجيكا

هل من جزاء عندك اليوم لمن رد عواديكا

من بعد ما نلتك بالكلم لدى الحرب عواشيكا

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 221

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 222

فعرفه صاحبه فقال لأخيه: هذا المان علي، ومنقذي بعد ما أشرفت على الموت، فهبه لي. فوهبه له فخلى سبيله وقال: إني أحب أن أضاعف لك الجزاء، فاختر أسيراً آخراً. فاختار معن أخاه روقاً، ولم يلتفت إلى سيد مذحج، وهو في الأسارى، ثم انطلق معن وأخوه راجعين، فمرا بأسارى قومهما فسألوا عن حاله فأخبرهم الخبر فقالوا لمعن: قبحك الله، تدع سيد قومك وشاعرهم لا تفكه، وتفك أخاك هذا الأنوك الفسل الرذل: فوالله ما نكأ جرحاً، ولا أعمل رمحاً، ولا ذعر سرحاً، وإنه لقبيح المنظر، سيئ المخبر لئيم. فقال معن: غثك خير من سمين غيرك. فأرسلها مثلاً. ولما بايع الناس عبد الله بن الزبير تمثل بهذا المثل عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما فقال: أين المذهب عن ابن الزبير? أبوه حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجدته عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية بنت عبد المطلب، وعمته خديجة بنت خويلد زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وخالته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وجده صديق رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر رضي الله عنه، وأمه ذات النطاقين. قال ابن عباس رضي الله عنهما: فشددت على يده وعضده، ثم آثر على الحميدات والأسامات، فبأوت نفسي ولم أرض بالهوان، وإن ابن أبي العاصي مشى اليقدمية وإن ابن الزبير مشى القهقرى. ثم قال لعلي ابن عبد الله بن عباس: الحق بابن عمك، فغثك خير من سمين غيرك، ومنك أنفك وإن كان أجدع. فلحق ابنه علي بعبد الملك بن مروان. فكان آثر الناس عنده قوله: آثر على الحميدات. أراد قوماً من بني أسد ابن عبد العزى من قرابته، وكأنه صغرهم وحقرهم. قال الأصمعي: الحميديون من بني أسد من قريش، وابن أبي العاصي عبد الملك بن مروان، نسبه إلى جده. وقوله: مشى اليقدمية، أي تقدم بهمته وأفعاله "قلت" يقال مشى فلان اليقدمية والقدمية إذا تقدم في الشرف والفضل ولم يتأخر عن غيره في الأفضال على الناس. قال أبو عمرو: معناه التبختر، وهو مثل ولم يرد المشي بعينه. كذا رواه القوم اليقدمية، بالياء، والجوهري أورده في كتابه بالتاء، وقال: قال سيبويه التاء زائدة. وفي التهذيب بخط الأزهري بالياء منقوطة من تحتها بنقطتين كما روى هؤلاء.

الغبط خير من الهبط

ويقولون: اللهم غبطاً ولا هبطاً. يريدون: اللهم ارتفاعاً لا اتضاعاً، أي نسألك أن تجعلنا بحيث نغبط. والهبط، الذل. يقال: هبط فهبط، لازم ومتعد. قاله الفراء.

غل قمل

يضرب للمرأة السيئة الخلق. قال الأصمعي: إنهم كانوا يغلون الأسير بالقد وعليه الوبر، فإذا طال القد عليه قمل فلقي منه جهداً، فضرب لكل ما يلقى منه شدة.

غيض من فيض

أي قليل من كثير. الغيض، النقصان، الزيادة. يقال: غاض يغيض غيضاً، ومثله فاض. وهذا كقولهم: برض من عد. والبرض، القليل من كل شيء. والعد، الماء الذي له مادة. ومنه قول ذي الرمة:
دعت مية الأعداد واستبدلت بها خناطيل آجال من العين خذل

غل يداً مطلقها واسترق رقبة معتقها

يضرب لمن يستعبد بالإحسان إليه.

غادر وهية لا ترقع

أي فتق فتقاً لا رتق له. يضرب في الداهية الدهياء.

غضبان لم تؤدم له البكيلة

هذا قريب من قولهم: غرثان فاربكوا له. والبكيلة، الأقط بالدقيق يلت به فيؤكل بالسمن من غير أن تمسه النار.

الغمج أروى والرشيف أشرب

الغمج، الشرب الشديد. والرشيف، القليل. قال أبو عمرو: أي أنك إذا أقبلت ترشف قليلاً أوشك أن يهجم عليك من ينازعك فاحتكر لنفسك. يضرب في أخذ الأمر بالوثيقة والحزم.

غلبتهم أني خلقت نشبة

يضرب لمن طلب شيئاً فألح حتى أحرز بغيته. ونشبة، مثل همزة، من النشوب. يقال: نشب في الشيء إذا علق به، ورجل نشبة أي كثير النشوب في الأمور.

???????????استغاث من جوع بما أماته

يضرب لمن استغاث بمن يؤتى من جهته قال الشاعر:
لعلك أن تغص برأس عظم وعلك في شرابك أن تحينا

غداً غدها إن لم يعقني عائق

الهاء كناية عن الفعلة، أي غدا غد قضائها إن لم يحبسني حابس.

اغفروا هذا الأمر بغفرته

أي أصلحوه بما ينبغي أن يصلح به. والغفرة، في الأصل، ما يغطى به الشيء من الغفر، وهو الستر والتغطية.

الغضب غول الحلم

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 222

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 223

أي مهلكة. يقال: غاله يغوله واغتاله إذا أهلكه. ويقال: أية غول أغول من الغضب. وكل ما أغال الإنسان فأهلكه فهو غول.

غلق الرهن بما فيه

يضرب لمن وقع في أمر لا يرجو انتياشاً منه. وفي الحديث: لا يغلق الرهن، أي لا يستحقه مرتهنه إذا لم يرد الراهن ما رهنه فيه، وكان هذا من فعل الجاهلية فأبطله الإسلام.

غنظوك غنظ جرادة العيار

الغنظ، أشد الغيظ والكرب، يقال غنظه غنظاً، أي جهده وشق عليه. وكان أبو عبيدة يقول: هو أن يشرف الرجل على الموت من الكرب ثم يفلت منه. وأصل المثل أن العيار كان رجلاً أثرم فأصاب جراداً في ليلة باردة، وقد جف، فأخذ منه كفاً فألقاه في النار، فلما ظن أنه انشوى طرح بعضه في فيه فخرجت جرادة من بين سنيه فطارت، فاغتاظ منها جداً، فضربت العرب بذلك المثل، أنشد البياري لمسروح الكلبي يهاجي جريراً.
ولقد رأيت فوارساً من قومنا غنظوك غنظ جراد العيار
ولقد رأيت مكانهم فكرهتهم ككراهة الخنزير للإيغـار
يضرب في خضوع الجبان. ويقال: جرادة، اسم فرس للعيار وقع في مضيق حرب فلم يجد منه مخرجاً. وذكر عمر بن عبد العزيز الموت فقال: غنظ ليس كالغنظ، وكظ ليس كالكظ.

غني حتى غرف البحر بدلوين

يضرب لمن انتاش حاله فتصلف

الغرة تجلب الدرة

يقال غارت الناقة تغار مغارة وغراراً إذا قل لبنها، والغرة اسم منه، يعني أن قلة لبنها تعد وتخبر بكثرته فيما يستقبل. يضرب لمن قل عطاؤه ويرجى كثرته بعد ذلك.

غاط بن باط

يقال: غاط في الشيء يغوط ويغيط إذا دخل فيه. ويقال: هذا رمل تغوط فيه الأقدام، أي تغوص. وباط، مثل فاض، من بطا يبطو إذا اتسع، ومنه، الباطية لهذا الإناء. يضرب للأمر الذي اختلط فلا يهتدى فيه. ويضرب للمخلط في حديثه إذا أرادوا تكذيبه.

غريت بالسود وفي البيض الكثر

يقال غري بالشيء يغرا غراً إذا ولع به. والكثر الكثرة. يقال: الحمد لله على القل والكثر. يضرب لمن لزم شيئاً لا يفارقه ميلاً منه إليه.

غذيمة بالظفر ليست تقطع

الغذيمة، الأرض تنبت الغذم. يقال: حلو في غذيمة منكرة. والغذم، نبت. قال القطامي: في عثعث ينبت الحوذان والغذما. وتقدير المثل: غذم غذيمة، فحذف المضاف، وذلك أن الغذم ينبت في المزارع فيقلع ويرمى به، وهذا يقول هذه غذيمة لا تقطع بالظفر. ويضرب لمن نزلت به ملمة لا يقدر كل أحد على دفعها لصعوبتها.

غمام أرض جاد آخرين

يضرب لمن يعطي الأباعد ويترك الأقارب

الغراب أعرف بالتمر

وذلك أن الغراب لا يأخذ إلا الأجود منه، ولذلك يقال: وجد تمرة الغراب. إذا وجد شيئاً نفيساً.

غيبه غيابه

أي دفن في قبره. والغياب، ما يغيب عنك الشيء، فكأنه أريد به القبر. يضرب في الدعاء على الإنسان بالموت.

غزيل فقد طلاً

غزيل، تصغير غزال، أي ناعم فقد نعمة. يضرب للذي نشأ في نعمة فإذا وقع في شدة لم يملك الصبر عليها.

غبر شهرين ثم جاء بكلبين

يضرب لمن أبطأ ثم أتى بشيء فاسد. صام حولاً ثم شرب بولاً.

ألغظ المواطئ الحصا على الصفا

أي مواطئ الحصا. يضرب للأمر يتعذر الدخول فيه والخروج منه.

ما على أفعل من هذا الباب

أغنى عن الشي من الأقرع عن المشط

هذا من قول سعيد بن عبد الرحمن بن حسان:
قد كنت أغنى ذي غنى عنكم كما أغنى الرجال عن المشاط الأقر

أغنى عنه من التفة عن الرفة

التفة، هي السبع الذي يسمى عناق الأرض. والرفة، التبن، ويقال دقاق التبن. والأصل فيهما تفهة ورفهة، قاله حمزة، وجمعهما تفات ورفات. قال الشاعر:
غنينا عن حديثكـم قـديمـاً كما غني التفات عن الرفات
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 223

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 224

ويقال في مثل آخر: استغنت التفة عن الرفة. وذلك أن التفة سبع لا يقتات الرفة وإنما يغتذي باللحم فهو يستغني عن التبن "قلت" التفة والرفة مخففتان. وقال الأستاذ أبو بكر: هما مشددتان. وقد أورد الجوهري في باب الهاء التفه والرفه. وفي الجامع مثله، إلا أنه قال ويخففان. وأما الأزهري فقد أورد الرفة في باب الرفت، بمعنى الكسر، وقال: قال ثعلب عن ابن الأعرابي: الرفت التبن. ويقال في المثل: أنا أغنى عنك من التفه عن الرفت. قال الأزهري: والتفه يكتب بالهاء، والرفت بالتاء "قلت" وهذا أصح الأقوال لأن التبن مرفوت مكسور.

أغر من الدباء في الماء

من الغرور. والدباء، القرع. ويقال في المثل أيضاً: لا يغرنك الدباء وإن كان في الماء. قال حمزة: ولست أعرف معنى هذين المثلين "قلت" معنى المثل الأول منتزع من الثاني، وذلك أن أعرابياً تناول قرعاً مطبوخاً، وكان حاراً، فأحرق فمه فقال: لا يغرنك الدباء وإن كان نشؤه في الماء. يضرب للرجل الساكن ظاهراً الكثير الغائلة باطناً، فأخذ منه هذا المثل الآخر فقيل: أغر من الدباء في الماء.

أغر من سراب

لأن الظمآن يحسبه ماء. ويقال في مثل آخر: كالسراب يغر من رآه، ويخلف من رجاه.

أغر من الأماني

هذا من قول الشاعر:
إن الأمانـي غـرر والدهر عرف ونكر

من سابق الدهر عثر

أغر من ظبي مقمر

وذلك أن الخشف يغتر بالليل المقمر فلا يحترز حتى تأكله السباع. ويقال: بل معناه أن الظبي صيده في القمراء أسرع منه في الظلمة لأنه يعشى في القمراء. ويقال: معناه من الغرة بمعنى الغرارة، لا من الاغترار، وذلك أنه يلعب في القمراء.

أغدر من غدير

قال حمزة: هذا من قول الكميت:
ومن غدره نبز الأولون بأن لقبوه الغدير الغديرا
وقال غير حمزة: زعم بنو أسد أن الغدير إنما سمي غديراً لأنه لا يغدر بصاحبه وهو أحوج ما يكون إليه، وفي ذلك يقول الكميت، وهو أسدي، وأنشد البيت الذي تقدم "قلت" وأهل اللغة يجعلونه من المغادرة، أي غادره السيل، أي تركه، وهو فعيل بمعنى مفاعل من غادره، أو فعيل بمعنى مفعل من أغدره، أي تركه.

أغدر من كناة الغدر

هم بنو سعد تميم، وكانوا يسمون الغدر فيما بينهم إذا راموا استعماله بكنية هم وضعوها له وهي كيسان. قال النمر بن تولب:
إذا كنت في سعد وأمك منـهـم غريباً فلا يغررك خالك من سعد
إذا ما دعوا كيسان كانت كهولهم إلى الغدر أدنى من شبابهم المرد

أغوى من غوغاء الجراد

الغوغاء، اسم للجراد إذا ماج بعضه في بعض قبل أن يطير "قلت" الغوغاء، يجوز أن يكون فعلالاً مثل قمقام عند من يصرفه، وفعلاء عند من لم يصرفه. قال أبو عبيدة: الغوغاء، شيء شبيه بالبعوض إلا أنه لا يعض ولا يؤذي وهو ضعيف. وقال غيره: الغوغاء، الجراد بعد الدبي، وبه سمي الغوغاء من الناس، وهم الكثير المختلطون.

أغزل من عنكبوت وأغزل من سرفة

قالوا هما من الغزل. وأما قولهم:

أغزل من امرئ القيس

فهو من الغزل، وهو التشبيب بالنساء في الشعر. قال حمزة وقولهم:

أغزل من فرعل

من الغزل. والفرعل، ولد الضبع. ولم يزد على هذا "قلت" الغزل هاهنا الخرق، يقال: غزل الكلب إذا تبع الغزال، فإذا أدركه ثفا الغزال في وجهه ففتر وخرق، أي دهش، ولعل الفرعل يفعل كذلك إذا تبع صيده فقيل:أغزل من فرعل. ويقال هذا أيضاً من الأول. وفرعل، رجل قديم.

أغدر من قيس بن عاصم

زعم أبو عبيدة أنه كان من أغدر العرب، وذكر أنه جاوره رجل تاجر، فربطه وأخذ متاعه وشرب خمره وسكر حتى جعل يتناول النجم ويقول:
وتاجر فاجر جاء الإله به كأن لحيته أذناب أجمال
ومن حديثه في الغدر أيضاً أنه جبى صدقة بني منقر للنبي صلى الله عليه وسلم، فلما بلغته موته صلى الله عليه وسلم قسمها في قومه وقال:
ألا أبلغا عني قريشـاً رسـالة إذا ما أتتهم مهديات الـودائع
جبوت بما جمعته آل منـقـر وآيست منها كل أطلس طامع

أغدر من عتيبة بن الحرث

ذكر أبو عبيدة أنه نزل به أنيس بن مرة بن مرداس السلمي في صرم بن بني سليم، فشد على أموالهم فأخذها وربط رجالها حتى افتدوا، فقال عباس بن مرداس، عم أنيس:  
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 224

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 225

كثر الضجاج وما سمعت بغادر كعتيبة بن الحرث بن شهـاب
ملكت حنظلة الدناءة كـلـهـا ودنست آخر هذه الأحـقـاب
أغلى فداء من حاجب بن زرارة وإلى فداء من بسطام بن قـيس
ذكر أبو عبيدة أنهما أغلى عكاظي فداء قال: وكان فداؤهما فيما يقول المقلل مائتي بعير، وفيما يقول المكثر أربعمائة بعير. وقال أبو الندى: يقال أغلى فداء من الأشعث بن قيس الكندي غزا مذحجاً فأسر، ففدى نفسه بألفي بعير، وألف من غير ذلك، يريد من الهدايا والطرف، فقال الشاعر:
فكان فداؤه ألفي بعـير وألفاً من طريفات وتلد

أغلم من تيس بني حمان

قالوا أن بني حمان تزعم أن تيسهم قفط سبعين عنزاً بعد ما فريت أوداجه، وفخروا بذلك. قال حمزة: يقال للتيس قفط وسفد وقرع، ولذوات الحافر كام وكاش وباك، وللإنسان نكح وهرج وناك. قال: وزعموا أن مالك بن مسمع قال للأحنف بن قيس هازلاً، وهو يفتخر بالربيعة على المضرية: لأحمق بكر بن وائل أشهر من سيد بني تميم، يعني بالأحمق هنيفة القيسي. فقال الأحنف، وكان لفاعة، أي حاضر الجواب: لتيس بني تميم أشهر من سيد بكر بن وائل، يعني تيس بني حمان، وحمان من تميم. قال أبو الندى: واسمه عبد العزى بن سعد بن زيد مناة، وسمي حمان لسواد شفتيه.

أغير من الفحل ومن جمل ومن ديك ومن عقيل

يعني عقيل بن علفة.

أغرب من غراب

أغوص من قرلى

وهو طائر. وقد مر ذكره في مواضع من الكتاب.
أغنج من مغنقة وهم المرأة الناعمة

أغلظ من حمل الجسر

أغشم من السيل

أغدر من ذئب

أعلم من خوات

يعنون خوات بن جبير. وقد مر ذكره.

أغلم من هجرس ومن ضبون.

المولدون

غيرة المرأة مفتاح طلاقها

غداؤه مرهون بعشائه

يضرب للفقير.

غراب نوح

يضرب للمتهم، وللمبطئ أيضاً.

غضب العشاق كمطر الربيع

غضب الجهال في قوله وغضب العاقل في فعله

غبار العمل خير من زعفران العطلة

غاص غوصة وجاء بروثة

غاب حولين وجاء بخفي حنين

غش القلوب يظهر في فلتات الألسن وصفحات الوجوه

غلول الكتب من ضعف المروة

غنى المرء في الغربة وطن وفقره في الوطن غربة

غبن الصديق نذالة

الغيرة من الإيمان

الغزو أدر للقاح وأحد للسلاح

الغائب حجته معه

الغناء رقية الزنا

الغلط يرجع

الغرباء برد الآفاق

الغرثان لا يمعك

غريم لا ينام

يضرب للملح في طلب الشيء.

غضبه على طرف أنفه

للرجل سريع الغضب.

الباب العشرون

في

ما أوله فاء

في بطن زهمان زاده

زهمان اسم كلب. روى أبو الندى، وابن الأعرابي زهمان، بفتح الزاي. وروى أبو الهيثم، وابن دريد، بضمها. يضرب لمن يكون معه عدته وما يحتاج إليه. وقال أبو عمرو: أصله أن رجلاً نحو جزوراً فقسمها فأعطى زهمان نصيبه، ثم رجع زهمان ليأخذ أيضاً مع الناس فقال صاحب الجزور: في بطن زهمان زاده. يضرب للرجل يطلب الشيء وقد أخذه مرة.

في الصيف ضيعت اللبن

ويروى: الصيف ضيعت اللبن. والتاء من ضيعت مكسورة في كل حال إذا خوطب به المذكر والمؤنث والاثنان والجمع، لأن المثل في الأصل خوطبت به امرأة، وهي دختنوس بنت لقيط بن زرارة، كانت تحب عمرو ابن عمرو بن عدس، وكان شيخاً كبيراً ففركته فطلقها، ثم تزوجها فتى جميل الوجه، وأجدبت فبعثت إلى عمرو تطلب منه حلوبة فقال عمرو أفي الصيف صنعت اللبن، فلما رجع الرسول وقال لها ما قال عمرو ضربت يدها على منكب زوجها وقالت: هذا ومذقه خير. تعني أن هذا الزوج مع عدم اللبن خير من عمرو. فذهبت كلمتاهما مثلاً. فالأول يضرب لمن يطلب شيئاً قد فوته على نفسه، والثاني يضرب لمن قنع باليسير إذا لم يجد الخطير، وإنما خص الصيف لأن سؤالها الطلاق كان في الصيف، أو أن الرجل إذا لم يطرق ماشيته في الصيف كان مضيعاً لألبانها عند الحاجة.

فرق بين معد تحاب

قال الأصمعي: يقول أن ذوي القرابة إذا تراخت ديارهم كان أحرى أن يتحابوا، وإذا تدانوا تحاسدوا وتباغضوا. وكتب عمر رضي الله تعالى عنه إلى أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه أن مر ذوي القربى أن يتزاوروا ولا يتجاوروا.

في رأسه خطة

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 225

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 226

الخطة، الأمر العظيم. يضرب لمن في نفسه حاجة قد عزم عليها. والعامة تقول: في رأسه خطية.

في رأسه نعرة

هي الذباب يدخل في أنف الحمار. يضرب للطامح الذي لا يستقر على شيء.

في وجه المال تعرف إمرته

أي نماءه وخيره. يقال: أمرت أموال فلان تأمر أمراً إذا نمت وكثرت وكثر خيرها. يضرب لمن يستدل بحسن ظاهره على حسن باطنه "قلت" قد أورد الجوهري إمرته، بسكون الميم، وكذلك هو في الديوان، وأورد الأزهري إمرته، بتشديد الميم، وكذلك أبو زيد وغيرهما. قال الأزهري: وبعضهم يقول إمرته من أمر المال أمراً.

فتل في ذروته

الذروة، أعلى السنان وأعلى كل شيء. وأصل فتل الذروة في البعير هو أن يخدعه صاحبه ويتلطف له بفتل أعالي سنامه حكاً ليسكن إليه، فيتسلق بالزمام عليه. قال أبو عبيدة: ويروى عن ابن الزبير أنه حين سأل عائشة رضي الله عنها الخروج إلى البصرة أبت عليه، فما زال يفتل في الذروة والغارب حتى أجابته. الذروة والغارب واحد. وأدخل في على معنى تصرف فيه بأن فتل بعضه دون بعض فكأنه قيل: فتل بعض ما في ذروته. قال الأصمعي: فتل في ذروته، أي خادعه حتى أزاله عن رأيه. يضرب في الخداع والمماكرة.

أفلت فلان جريعة الذقن

أفلت، يكون لازماً ويكون متعدياً، وهو هنا لازم. ونصب جريعة على الحال، كأنه قال: أفلت قاذفاً جريعة، وهو تصغير جرعة، وهي كنابة عما بقي من روحه، يريد أن نفسه صارت في فيه وقريباً منه كقرب الجرعة من الذقن، قال الهذلي:
نجا سالم والنفس منه بشدقـه ولم ينج الأجفن سيف ومئزرا
قال يونس: أراد بجفن سيف ومئزر. وقال الفراء: نصبه على الاستثناء كما تقول: ذهب مال زيد وحشمه إلا سعداً وعبيداً. ويقولون: أفلت بجريعة الذقن، وبجريعاء الذقن. وفي رواية أبي زيد: أفلتني جريعة الذقن. وأفلت على هذه الرواية يجوز أن يكون متعدياً ومعناه خلصني ونجاني، ويجوز أن يكون لازماً ومعناه تخلص ونجا مني، وأراد بأفلتني أفلت مني، فحذف من وأوصل الفعل كقول امرئ القيس:
وأفلتهن علباء جـريضـاً ولو أدركنه صفر الوطاب
أراد أفلت منهن، أي من الخيل. وجريضاً، حال من علباء. ثم قال: ولو أدركنه، أي الخيل، لصفر وطابه، أي لمات. فهذا يدل على أن أفلتني معناه أفلت مني، وصغر جريعة تصغير تحقير وتقليل، لأن الجرعة في الأصل اسم للقليل مما يتجرع كالحسوة والغرفة والقدحة وأشباهها، ومنه نوق مجاريع، أي قليلات اللبن. ونصب جريعة على الحال وأضافها إلى الذقن لأن حركة الذقن تدل على قرب زهوق الروح، والتقدير: أفلتني مشرفاً على الهلاك. ويجوز أن يكون جريعة بدلاً من الضمير في أفلتني، أي أفلت جريعة ذقني، يعني باقي روحي، وتكون الألف واللام في الذقن بدلاً من الإضافة كقول الله عز وجل: ونهى النفس عن الهوى. أي عن هواها. وكقول الشاعر: وآنفنا بين اللحى والحواجب. ومن روى بجريعة الذقن فمعناه خلصني مع جريعة كما يقال اشترى الدار بآلاتها، أي مع آلاتها.

أفلت وله حصاص

الحصاص، الحبق: وفي الحديث: أن الشيطان إذا سمع الآذان ولى وله حصاص كحصاص الحمار. يضرب في ذكر الجبان إذا أفلت وأهرب.

أفلت وانحص الذنب

الانحصاص، تناثر الشعر. وهذا المثل يروى عن معاوية رضي الله عنه أنه أرسل رجلاً من غسان إلى ملك الروم وجعل له ثلاث ديات أن ينادي بالآذان إذا دخل عليه، ففعل الغساني ذلك، وعند ملك الروم بطارقته، فأهووا ليقتلوه فنهاهم ملكهم وقال: كنت أظن أن لكم عقولاً، إنما أراد معاوية أن أقتل هذا غدراً، وهو رسول فيفعل مثل ذلك بكل مستأمن ويهدم كل كنيسة عنده فجهزه وأكرمه ورده فلما رآه معاوية قال: أفلت وانحص الذنب. فقال: كلا أنه لبهلبه. ثم حدثه الحديث فقال معاوية: لقد أصاب، ما أردت إلا الذي قال. وقوله: كلا أنه لبهلبه. قالوا: أصله أن رجلاً أخذ بذنب بعير فأفلت البعير وبقي شعر الذنب في يده فقيل: أفلت وانحص الذنب، أي تناثر شعر ذنبه، فهو يقول: لم يتناثر شعر ذنبي بل هو بحاله.

فاها لفيك

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 226

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 227

قال أبو عبيدة: أصله أنه يريد جعل الله تعالى بفيك الأرض، كما يقال: بفيك الحجر، وبفيك الأثلب. وقال: ومعناها الخيبة لك. وقال غيره: فاها، كناية عن الأرض، وفم الأرض التراب لأنها به تشرب الماء، فكأنه قال بفيه التراب. ويقال: ها، كناية عن الداهية، أي جعل الله فم الداهية ملازماً لفيك. ومعنى كلها الخيبة. وقال رجل من بلهجيم يخاطب ذئباً قصد ناقته:
فقلت له فاها لـفـيك فـإنـهـا قلوص امرئ قاريك ما أنت حاذر
يعني الرمي بالنبل.

أفواهها مجاسها

أصله أن الإبل إذا أحسنت الأكل اكتفى الناظر بذلك عن معرفة سمنها وكان فيه غنى جسمها. وقال أبو زيد: أحناكها مجاسها.

في الخير له قدم

يريدون له سابقة في الخير. قال حسان بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه:
لنا القدم الأولى إليك وخلفنا لأولنا في ملة الله تـابـع
ويروى عن الحسن ومجاهد في قوله تعالى: قدم صدق. يعني الأعمال الصالحة. وقال مقاتل بن حيان، في قوله تعالى: إن لهم قدم صدق عند ربهم. القدم، محمد صلى الله عليه وسلم يشفع لهم عند ربهم. قال أبو زيد: يقال رجل قدم إذا كان شجاعاً.

أفضيت غليه بشقوري

إذا أخبرته بسرائرك. والإفضاء، الخروج إلى الفضاء وأدخل الباء المتعدية، أي أخرجت إليه شقوري. قال أبو سعيد: يقال شقور وشقور، ولا أعرف اشتقاقه مم أخذ? وسألت عنه فلم يعرف. قال العجاج: جاري لا تستنكر عذري، سيري وإشفاقي على بعيري وكثرة الحديث عن شقوري. وقال الأزهري: من روى بفتح الشين فهو في مذهب النعت. والشقور، الأمور المهمة، والواحد شقر، ويقال أيضاً: شقور وفقور، وواحد الفقر فقر. وقال ثعلب: يقال لأمور الناس فقور وفقور، وهما هم النفس وحوائجها. يضرب لمن يفضى إليه بما يكتم عن غيره من السر.

في إستها ما لا ترى

يضرب للباذل الهيئة يكون مخبره أكثر من مرآه. ويضرب لمن خفي عليه شيء وهو يظن أنه عالم به.

افتح صررك تعلم عجرك

الصرر، جمع صرة، وهي خرقة تجعل فيها الدراهم وغيرها ثم تصر، أي تشد وتقطع جوانبها لتؤمن الخيانة فيها. والعجر، جمع عجرة، وهي العيب. وأصلها العقدة والابنة تكون في العصا وغيرها. يراد ارجع إلى نفسك تعرف خيرك من شرك.

الفحل يحمي شوله معقولاً

الشول، النوق التي خف لبنها وارتفع ضرعها وأتى عليها من نتاجها سبعة أشهر، أو ثمانية، الواحدة شائلة، والشول جمع على غير قياس، يقال شولت الناقة، بالتشديد، أي صارت شولاء ونصب معقولاً على الحال، أي أن الحر يحتمل الأمر الجليل في حفظ حرمه وإن كانت به علة.

فلم ربض العير إذن

قال امرؤ القيس لما ألبسه قيصر الثياب المسمومة وخرج من عنده، وتلقاه عير فربض، فتفاءل امرؤ القيس، فقيل: لا بأس عليك. قال: فلم ربض العير إذن? أي أنا ميت. يضرب للشي فيه علامة تدل على غير ما يقال لك.

في بيته يؤتى الحكم

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 227

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 228

هذا مما زعمت العرب عن ألسن البهائم. قالوا أن الأرنب التقطت تمرة فاختلسها الثعلب فأكلها، فانطلقا يختصمان إلى الضب، فقال الأرنب: يا أبا الحسل. فقال: سميعاً دعوت. قالت: أتيناك لنختصم إليك. قال: عادلاً حكمتما. قالت: فاخرج إلينا. قال: في بيته يؤتى الحكم. قالت: إني وجدت تمرة. قال: حلوة فكليها. قالت: فاختلسها الثعلب. قال: لنفسه بغى الخير. قالت: فلطمته. قال: بحقك أخذت. قالت: فلطمني. قال: حر انتصر. قالت: فاقض بيننا. قال: قد قضيت. فذهبت أقواله كلها أمثالاً. "قلت" ومما يشبه هذا ما حكي أن خالد بن الوليد لما توجه من الحجاز إلى أطراف العراق دخل عليه عبد المسيح بن عمرو بن نفيلة فقال له خالد: أين أقصى أثرك? قال: ظهر أبي. قال: من أين خرجت? قال: من بطن أمي. قال: علام أنت? قال: على الأرض. قال: فيم أنت? قال: في ثيابي. قال: ابن كم أنت? قال: ابن رجل واحد. قال: أتعقل? قال: نعم، وأفيد. قال: أحرب أنت أم سلم. قال: سلم. قال: فما بال هذه الحصون? قال: بنيناها لسفيه حتى يجيء حليم فينهاه. ومثل هذا أن عدي بن أرطأة أتى إياس بن معاوية قاضي البصرة في مجلس حكمه، وعدي أمير البصرة، وكان أعرابي الطبع فقال: لإياس يا هناه، أين أنت? قال: بينك وبين الحائط. قال: فاسمع مني. قال: للاستماع جلست. قال: إني تزوجت امرأة. قال: بالرفاه والبنين. قال: وشرطت لأهلها أن لا أخرجها من بينهم. قال: أوف لهم بالشرط. قال: فأنا أريد الخروج. قال: في حفظ الله. قال: فاقض بيننا. قال: قد فعلت. قال: فعلى من حكمت? قال: على ابن أخي عمك. قال: بشهادة من? قال: بشهادة ابن أخت خالتك.

في الاعتبار غنى عن الاختبار

أي من اعتبر بما رأى استغنى عن أن يختبر مثله فيما يستقبل

أفنيتهن فاقة فاقة إذا أنت بيضاء رقراقة

الكناية ترجع إلى الأموال. وفاقة، طائفة. والرقراقة، المرأة الناعمة التي تترقرق، أي تجيء وتذهب سمناً. هذا شيخ يقول لامرأته: أفنيت أموالي قطعة قطعة على شبابك. يضرب للذي يهلك ماله شيئاً بعد شيء.

في الجريرة تشترك العشيرة

يضرب في الحث على المواساة.

فر الدهر جذعاً

يقال: فررت عن أسنان الدابة إذا نظرت إليها لتعرف قدر سنها. والجذع قبل الثني بستة أشهر. أي أن الدهر لا يهرم. ونصب جذعاً على الحال. والمعنى: إن فاتنا اليوم ما نطلبه فسندركه بعد هذا.

في مثل حولاء السلى

ويقال: حولاء الناقة. يقال: فلان مثل حولاء الناقة، وهي الماء الذي يخرج على رأس الولد. والسلى، جلدة رقيقة يكون فيها الولد. يضرب لمن كان في خصب ورغد عيش. وكذلك قولهم: في مثل حدقة البعير.

فسا بينهم الظربان

هو دويبة فوق جرو الكلب، منتن الريح، كثير الفسو، لا يعمل السيف في جلده، يجيء إلى حجر الضب فيلقم استه جحره ثم يفسو عليه حتى يغتم ويضطرب فيخرج فيأكله، ويسمونه مفرق النعم، لأنه إذا فسا بينها وهي مجتمعة تفرقت. وقال الراجز يذكر حوضاً يستقي منه رجل: له صنان إزاؤه كالظربان الموفى. إزاؤه، أي صاحبه، من قولهم: فلان إزاء مال، يريد أنه إذا عرق فكأنه ظربان لنتنه. وقال الربيع بن أبي الحقيق:
وأنتم ظرابين إذ تجلسون وما أن لنا فيكم من نديد
وأنتم تيوس وقد تعرفـون بريح التيوس ونتن الجلود

في القمر ضياء والشمس أضوأ منه

يضرب في تفضيل الشيء على مثله.

أفق قبل أن يحفر ثراك

قال أبو سعيد: أي قبل أن تثار مخازيك، أي دعها مدفونة. قال الباهلي: وهذا كما قال أبو طالب:
أفيقوا أفيقوا قبل أن يحفر الثـرى ويصبح من لم يجن ذنباً كذي الذنب

في عضة ما ينبتن شكيرها

يقال: شكرت الشجرة تشكر شكراً أي خرج منها الشكير، وهو ما ينبت حول الشجرة من أصولها. يضرب في تشبيه الولد بأبيه.

في كل شجر نار واستمجد المرخ والعفار

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 228

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 229

يقال: مجدت الإبل تمجد مجوداً إذا نالت من الخلى قريباً من الشبع. واستمجد المرخ والعفار أي استكثرا وأخذا من النار ما هو حسبهما شبهاً بمن يكثر العطاء طلباً للمجد لأنهما يسرعان الوري. يضرب في تفضيل بعض الشيء على بعض. قال أبو زياد: ليس في الشجر كله أورى زناداً من المرخ. قال: وربما كان المرخ مجتمعاً ملتفاً وهبت الريح فحك بعضه بعضاً فأورى فاحترق الوادي كله، ولم نر ذلك في سائر الشجر. قال الأعشى:

زنادك خير الزناد الملو-ك خالط فيهن مرخ عفارا

ولو بت تقدح في ظلمة حصاة بنبع لأوريت نارا
والزند الأعلى يكون من العفار والأسفل من المرخ. كما قال الكميت:
إذا المرخ لو يور تحت العفار وضن بقدر فلـم تـعـقـب

في نظم سيفك ما ترى يا لقيم

حديثه أن لقمان بن عاد كان إذا اشتد الشتاء وكلب كان أشد ما يكون، وله راحلة لا ترغو ولا يسمع لها صوت، فيشدها برحله ثم يقول للناس حين يكاد البرد يقتلهم: ألا من كان غازياً فليغز. فلا يلحق به أحد. فلما شب لقيم، ابن أخته، اتخذ راحلة مثل راحلته، فلما نادى لقمان: ألا من كان غازياً فليغز. قال له لقيم: أنا معك إذا شئت. ثم إنهما سارا فأغارا فأصابا إبلاً ثم انصرفا نحو أهلهما فنزلا فنحرا ناقة، فقال لقمان للقيم: أتعشي أم أعشي لك? قال لقيم: أي ذلك شئت. قال لقمان: اذهب فعشها حتى ترى النجم قم رأس، وحتى ترى الجوزاء كأنها قطار، وحتى الشعرى كأنها نار، فألا تكن عشيت فقد أنيت. قال له لقيم: نعم، واطبخ أنت لحم جزورك حتى ترى الكراديس كأنها رؤوس رجال صلع، وحتى ترى الضلوع كأنها نساء حواسر، وحتى ترى الوذر كأنه قطا نوافر، وحتى ترى اللحم كأنه غطفان يقول غط غط، فألا تكون أنضجت فقد أنهيت. ثم انطلق في إبله يعشيها، ومكث لقمان يطبخ لحمه، فلما أظلم لقمان، وهو بمكان يقال له شرج، قطع سمر شرج فأوقد به النار حتى أنضج لحمه، ثم حفر ونه فملأه ناراً ثم واراها، فلما أقبل لقيم عرف المكان وأنكر ذهاب السمر فقال: أشبه شرج شرجاً لو أن سميراً. فأرسلها مثلاً. وقد ذكرته في حرف الشين. ووقعت ناقة من إبله في تلك النار فنفرت، وعرف لقيم أنه إنما صنع لقمان ذلك ليصيبه، وأنه حسده فسكت عنه، ووجد لقمان قد نظم في سيفه لحماً من لحم الجزور وكبداً وسناماً حتى توارى سيفه، وهو يريد إذا ذهب لقيم ليأخذه أن ينحره بالسيف، ففطن لقيم فقال: في نظم سيفك ما ترى يا لقيم. فأرسلها مثلاً. فحسد لقمان الصحبة فقال له لقيم: القسمة. فقال له لقمان: ما تطيب نفسي أن تقسم هذه الإبل إلا وإنا موثق. فأوثقه لقيم، فلما قسمها لقيم نقى منها عشراً أو نحوها فجشعت نفس لقمان، فنحط نحطة تقبضت منها الإنساع التي هو بها موثق ثم قال: الغادرة والمتغادرة والأفيل النادرة. فذهب قوله هذا مثلاً. وقال لقيم: قبح الله النفس الخبيثة. قوله: الغادرة، من قولهم غدرت الناقة إذا تخلفت عن الإبل. والأفيل، الصغير منها. يريد اقسم جميع ما فيها. والمثل الأول يضرب في المماكرة والخدع. والثاني في الخسة والاستقصاء في المعاملة.

فاق السهم بيني وبينه

يقال فاق السهم وانفاق إذا انكسر فوقه، أي فسد الأمر بيني وبينه.

الفرار بقراب أكيس

كان المفضل يقول: إن المثل لجابر بن عمرو المازني، وذلك أنه كان يسير يوماً في طريق إذ رأى أثر رجلين، وكان عائفاً قائفاً، فقال: أرى أثر رجلين شديداً كلبهما، عزيزاً سلبهما، والفرار بقراب أكيس ثم مضى "قلت" أراد ذو الفرار، أي الذي يفر ومعه قراب سيفه إذا فاته السيف أكيس ممن يفيت القراب أيضاً قال الشاعر:
أقاتل حتى لا أرى لي مقاتلاً وأنجوا إذا لم ينج إلا المكيس

في ذنب الكلب تطلب الإهالة

يضرب لمن يطلب المعروف عند اللئيم قال:
إني وإن ابن عـلاق لـيقـربـنـي كعابط الكلب يرجو الطرق في الذنب

افعل ذلك آثراً ما

قالوا معناه افعله أول كل شيء، أي افعله مؤثراً له. وقال الأصمعي: معناه افعل ذلك عازماً عليه. وما تأكيد. ويقال أيضاً: افعله آثر ذي أثير، أي أول كل شيء. قال عروة بن الورد:
وقالوا ما تشاء فقلت ألهو إلى الأصباح آثر ذي أثير
أراد فقلت أن ألهو إلى الصبح آثر كل شيء يؤثر فعله.

فرقاً أنفع من حب

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 229

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 230

أول من قال ذلك الحجاج للغضبان بن القبعثري الشيباني، وكان لما خلع عبد الله بن الجارود وأهل البصرة الحجاج وانتهبوه قال: يا أهل العراق، تعشوا الجدي قبل أن يتغداكم. فلما قتل الحجاج ابن الجارود، أخذ الغضبان وجماعة من نظرائه فحبسهم، وكتب إلى عبد الملك بن مروان بقتل ابن الجارود وخبرهم، فأرسل عبد الملك عبد الرحمن بن مسعود الفزاري، وأمره بأن يؤمن كل خائف، وأن يخرج المحبوسين. فأرسل الحجاج إلى الغضبان، فلما دخل عليه قال له الحجاج: إنك لسمين. قال الغضبان: من يكن ضيف الأمير يسمن. فقال: أأنت قلت لأهل العراق تعشوا الجدي قبل أن يتغداكم? قال: ما نفعت قائلها ولا ضرت من قيلت فيه. فقال الحجاج: أو فرقاً خير من حب. فأرسلها مثلاً. يضرب في موضع قولهم: رهبوت خير من رحموت. أي لأن يفرق منك فرقاً خير من أن تحب.

الفرع أول النتاج

قالوا أول كل نتاج فرعه، فهو ربع وربعي. يضرب لابتداء الأمور.

في سبيل الله سرجي وبغلي

أول من قال ذلك المقدام بن عاطف العجلي، وكان قد وفد على كسرى فأكرمه، فلما أراد الانصراف حمله على بغل مسرج من مراكبه، فلما وصل إلى قومه قالوا: ما هذا الذي أتيتنا به? فأنشأ يقول:
أتيتكموا ببغـل ذي مـراح أقب حمولة الملك الهمـام
يجول إذا حملت عليه سرجاً كما جال المفدح ذم اللجام
وما يزداد إلا فضل جـري إذا ما مسه عرق الحـزام
وليست أمه منـه ومـا إن أبوه من المسومة الكـرام
له أم مـفـدحة صـفـون وكان أبوه ذا دبر دؤامـي
وكان يروضه رياضة الخيل، فرمحه رمحة كسر بها شر سيفه، فمرض من ذلك برهة، وأمر بالبغل فحمل عليه الكور وأمتعة الحي ولم يعلف، فنفق البغل، وبرئ المقدام من مرضه، فركب إلى الصيد، وحمل السرج على ناقة له علوق، فلما ركبها ومسها وقع الركابين هوت به قيد رمحين، وطارت به في الأرض، فلم يقدر عليها، وتقطع السرج فقال المقدام: نفق البخل وأودى سرجنا في سبيل الله سرجي وبغلي. يضرب في التسلي عما يهلك ويودي به الزمان.

فيحي فياح

هذا مثال قطام، مبني على الكسر، وهو اسم للغارة، أي اتسعي، يقال فاحت الغارة تفيح أي اتسعت، ودار فيحاء، أي واسعة. وأنث الفعل على أن الخطاب للغارة.

فتى ولا كمالك

قال متمم بن نويرة في أخيه مالك بن نويرة لما قتل في الردة، وقد رثاه متمم بقصائد. وتقديره: هذا فتى، أو هذا فتى.

فضل القول على الفعل دناءة

أي من وصف نفسه فوق ما فيه فهو دنيء "وفضل الفعل على القول مكرمة" أي كرم، وهو أن يفعل ولا يقول.

فشاش فشيه من استه إلى فيه

الفش، إخراج الريح من الوطب. وفشاش، مبني على الكسر، ومعناه: افعلي به ما شئت فما به انتصار.

افتد مخنوق

أي يا مخنوق. يضرب لكل مشفوق عليه مضطر. ويروى: افتدي مخنوق.

في حس مس أبصر أن أمره مكس

يقال: مكسني، أي ظلمني. يضرب للرجل إذا فطن أن قومه أرادوا ظلمه فتركهم وخرج من بينهم.

أفرع فيما ساءني وصعد

أفرع، هبط. وصعد، ارتفع. أي لم يأل جهداً في الأذى.

في عيصه ما ينبت العود

العيص، الشجر الكثير الملتف. وما، صلة، أي أن كان العيص كريماً كان العود كريماً، وإن كان لئيماً كان لئيماً، يعني أن الفرع في وزن الأصل.

في الأرض للحر الكريم منادح

أي متسع ومرتزق. والمنادح، جمع مندوحة، وهي السعة. ويجوز أن يكون جمع مندح ومنتدح، وجمع ندح أيضاً كالمقابح في جمع قبح. ومعنى كلها الرحب والسعة.

أفاق فذرق

يضرب لمن كان في غم وكرب ففرج عنه.

في المال أشراك وإن شح ربه

أشراك، جمع شريك، كما يقال شريف وأشراف، يعنون الحادث والوارث.

في النصح لسع العقارب

أول من قال ذلك عبيد بن ضرية النمري، وذلك أنه سمع رجلاً يقع في السلطان فقال: ويحك، أنك غفل لم تسمك التجارب، وفي النصح لسع العقارب، وكأنني بالضاحك إليك باكياً عليك. فذهب قوله مثلاً.

الإفراط في الأنس مكسبة لقرناء السوء

قاله أكثم بن صيفي. يضرب لمن يفرط في مخالطة الناس.

في الطمع المذلة للرقاب

هذا مثل قولهم: أذل رقاب الناس غل المطامع.

أفرخ قيض بيضها المنقاض

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 230

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 231

القيض، قشر البيض الأعلى. والمنقاض، المنشق طولاً. وأفرخ، خرج الفرخ من البيض. أي ظهر أمره ظهور الفراخ من البيض. قال أبو الهيثم: هذا المثل ضرب بعد موت زياد، يعني زياد بن أبي سفيان.

أفسد الناس الأحمران اللحم والخمر

وقيل الأحامرة فيكون فيها الخلوق والزعفران.

في الله تعالى عوض عن كل فائت

قاله عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى.

في التجار علم مستأنف

أي جديد.

في العواقب شاف أو مريح

يعني في النظر في عواقب الأمور.

فعلت ذاك عمد عين

إذا تعمدته بجد ويقين. ويقال: فعلته عمداً على عين. قال خفاف بن ندبة السلمي:
فإن تك خيل قد أصيب صميمها فعمداً على عين تيممت مالكاً
وعمداً مصدر أقيم مقام الحال.

في است المغبون عود

يضرب فيمن غبن، يعنون أنه مثل من أبن.

فق بلحم حرباء لا بلحم ترباء

الحرباء، جنس من القطا معروف. والترباء، التراب. وفق، من فاق بنفسه يفوق فؤوقاً إذا أشرفت نفسه على الخروج. ويقال: فق من فواق حلب الناقة. يقال: تفوق الفصيل وفاق إذا شرب ما في ضرع أمه. وأصل هذا أن رجلاً نظر إلى آخر ينظر إلى إبله، وهي تفوق، فخاف أن يعين إبله فتسقط فتنحر فقال: فق بلحم حرباء، أي اجتلب لحم الحرباء لا لحوم الإبل. وأراد بلحم ترباء لحماً يسقط على التراب. ويقال: الترباء الأرض نفسها.

انفلقت بيضة بني فلان عن هذا الرأي

يضرب لقوم اجتمعوا على رأي واحد.

فارقه فراقاً كصدع الزجاجة

أي فراقاً لا اجتماع بعده، لأن صده الزجاجة لا يلتئم. قال ذو الرمة:
أبى ذاك أو يندى الصفا من متونه ويجبر من رفض الزجاج صدوع

في العافية خلف من الراقية

أي من عوفي لم يحتج إلى راق وطبيب. والهاء، في الراقية، دخلت للمبالغة. ويجوز أن تكون الراقية مصدراً كالباقية والواقية.

فعلنا كذا والدهر إذ ذاك مسجل

أي لا يخاف أحد أحداً. يقال: أسجله، أي أرسله على وجهه.

فرارة تسفهت قرارة

هذا مثل قولهم: نزو الفرار استجهل الفرارا. والفرارة، البهيمة تنفر أو تقوم ليلاً فيتبعها الفم. والقرارة، بالقاف، الغنم. ومعنى تسفهت مالت به. قال ذو الرمة:
جرين كما اهتزت رماح تسفهت أعاليها مر الرياح الـنـواسـم
يضرب للكبير يحمله الصغير على السفه والخفة.

افعل كذا وخلاك ذم

قال ابن السكيت: ولا تقل وخلاك ذنب. وقال الفراء: كلاهما من كلام العرب. وهو من قول قصير اللخمي قاله لعمرو بن عدي، وقد ذكرته في قصة الزباء في باب الخاء. وقوله: وخلاك. الواو للحال. وخلا معناه عدا، أي افعل كذا وقد جاوزك الذم فلا تستحقه. قال ابن رواحة:
فشأنك فانعمي وخـلاك ذم ولا ارجع إلى أهلي ومالي
يضرب في عذر من طلب الحاجة ولم يتوان. وينشد لعروة بن الورد:
ومن يك مثلي ذا عيال ومقـتـراً من المال يطرح نفسه كل مطرح
ليبلغ عـذراً أو يصـيب رغـيبة ومبلغ نفس عذرها مثل منـجـح
وقال بعض الحكماء: إني لأسعى في الحاجة وإني منها لآيس، وذلك للأعذار، ولئلا ارجع على نفسي بلوم.

أفرخ روعك

يقال: أفرخت البيضة إذا انفلقت عن الفرخ فخرج منها. يضرب يدعى له أن يسكن روعه. قال أبو الهيثم: كلهم قالوا روعك، بفتح الراء، والصواب ضم الراء، لأن الروع المصدر، والروع القلب وموضع الروع، وأنشد بيت ذي الرمة بالضم:
ولى يهز انهزاماً وسـطـه زعـلاً جذلان قد أفرخت عن روعه الكرب

أفرع بالظبي وفي المعزى دثر

يقال: أفرع إذا ذبح الفرع، وهو أول ولد تنتجه الناقة كانوا يذبحونه لآلهتهم يتبركون بذلك. وفي الحديث: لا فرع ولا عتيرة. والعتيرة، شاة كانوا يذبحونها لآلهتهم في رجب. ويقال: عكر دثر، بالتحريك، أي كثير. ومال دثر، بالتسكين، ومالان دثر، وأموال دثر أيضاً. والباء في، بالظبي، زائدة، أي أفرع الظبي، يعني، ذبحه وفي المعزى كثرة، يعني أن معزاه كثير وهو يذبح الظبي. يضرب لمن له أخوان كثير وهو يستعين بغيرهم.

أفرط للهيم حبيناً أقعس

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 231

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 232

أفرط، أي قدم وعجل. والهيم، جمع أهيم وهيماء، وهي العطاش من الإبل. وحبيناً، تصغير أحين مرخماً، يقال: رجل أحبن وامرأة حبناء إذا كان بهما السقي، وهو الاستسقاء. والأقعس، الذي دخل ظهره وخرج صدره. أي قدم لسقي الإبل العطاش رجلاً عاجزاً. يضرب لمن استعان بعاجز.

فصيل ذات الزبن لا يخيل

ذات الزبن، الناقة التي تزبن ولدها وحالبها. والتخيل، أن تكون الناقة لا ترأم ولدها فيقال لصاحبها: خيل لها، فيلبس جلد سبع، ثم يمشي على أربع يخيل إلى الأم أنه ذئب يريد أن يأكل ولدها، فتعطف عليه وترأمه. يقول: فهذه التي تزبن ولدها لا يخيل لها لأنه لا ينفع. يضرب للسيء المعاشرة طبعاً فلا يؤثر فيه التودد إليه.

أفرخ القوم بيضتهم

إذا أبدوا سرهم. وأفرخ لازم ومتعد. تقول في اللازم: ليفرخ روعك، أي ليذهب فزعك. وأفرخ الطائر إذا خرج من البيضة. وتقول في المتعدي: أفرخ روعك، أي سكن جأشك. ومعنى أفرخ القوم بيضتهم، أخلوا بيضتهم وفرغوها كما يفرغها الفرخ حين خرج منها، جعلوا خروج السر وظهوره منهم بمنزلة ظهور الفرخ من البيضة.

في دون هذا ما تنكر المرأة صاحبها

قالوا إن أول من قال ذلك جارية من مزينة، وذلك أن الحكم بن صخر الثقفي قال: خرجت منفرداً فرأيت بإمرة، وهي موضع، جاريتين أختين لم أر كجمالها وظرفهما، فكسوتهما وأحسنت إليهما. قال: ثم حججت من قابل ومعي أهلي، وقد اعتللت ونصل خضابي، فلما صرت بإمرة إذا إحداهما قد جاءت فسألت سؤال منكرة "قال" فقلت: فلانة. قالت: فدى لك أبي وأمي، وإن تعرفني وأنكرك "قال" قلت: الحكم بن صخر. قالت: فدى لك أبي وأمي، رأيتك عام أول شاباً سوقة وأراك العام شيخاً ملكاً، وفي دون هذا ما تنكر المرأة صاحبها. فذهب مثلاً. "قال" قلت: ما فعلت أختك? فتنفست الصعداء وقالت: قدم عليها ابن عم لها فتزوجها وخرج بها فذاك حيث تقول:
إذا ما قفلنا نحو نجـد وأهـلـه فحسبي من الدنيا قفولي إلى نجد
"قال": قلت: أما إني لو أدركتها لتزوجتها. قالت: فدى لك أبي وأمي، ما يمنعك من شريكتها في حسبها وجمالها وشقيقتها. "قال" قلت: يمنعني من ذلك قول كثير:
إذا وصلتنا خلة كي تزيلها أبينا وقلنا الحاجبـية أول
فقالت: كثير بيني وبينك، أليس الذي يقول:
هل وصل عزة إلا وصل غانية في وصل غانية وصلها خلف
قال الحكم: فتركت جوابها وما يمنعني من ذلك إلا العي.

فاتكة واثقة بري

زعموا أن امرأة كثر لبنها فطفقت تهريقه فقال زوجها: لم تهريقينه? فقالت: فاتكة واثقة بري. يضرب للمفسد الذي وراء ظهره ميسرة.

فصفصة حمارها لا يقمص

يضرب لمن يصنع المعروف في غير أهله.

في كل أرض سعد بن زيد

قاله الأضبط بن قريع بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة، رأى من أهله وقومه أموراً كرهها، ففارقهم، فرأى من غيرهم مثل ما رأى منهم، فقال: في كل أرض سعد بن زيد.

فقد الأخوان غربة

قريب من هذا قول الشيخ أبي سليمان الخطابي:
وإني غريب بين بست وأهلـهـا وإن كان فيها أسرتي وبها أهلي
وما غربة الإنسان في غربة النوى ولكنها والله في عدم الـشـكـل

فم خلقت إن لم أخدع الرجال

يعني لحيته. يقول: لم خلقت لحيتي إن لم أفعل هذا? يضرب في الخلابة والمكر من الرجل الداهي.

ما على أفعل من هذا الباب

أفلس من ابن المدلق

يروى بالدال والذال، وهو رجل من بني عبد شمس بن سعد بن زيد مناة لم يكن يجد بيتة ليله، وأبوه وأجداده يعرفون بالإفلاس. قال الشاعر في أبيه:
فإنك إن ترجـو تـمـيمـاً ونـفـعـهـا كراجي الندى والعرف والعرف عند المذلق

أفقر من العريان

هو العريان بن شهلة الطائي الشاعر. زعم المفضل أنه غبر دهراً يلتمس الغنى فلم يزدد إلا فقراً.

أفسد من الجراد

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 232

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 233

لأنه يجرد الشجر والنبات، وليس في الحيوان أكثر إفساداً لما يتقوته الإنسان منه، وفي وصية طيء لبنيه: يا بني إنكم قد نزلتم منزلاً لا تخرجون منه، ولا يدخل عليكم فيه، فارعوا مرعى الضب الأعور أبصر جحره وعرف قدره، ولا تكونوا كالجراد رعى وادياً وانقف وادياً، أكل ما وجد وأكله ما وجده. قوله: أنقف وادياً، أي أنقف بيضه فيه. قاله حمزة رحمه الله "قلت" والصواب نقف بيضه فيه، أي شقه وكسره. يقال: نقفت الحنظل إذا كسرته، فأما أنقف وادياً فيجوز أن يكون معناه جعله ذا بيض منقوف بيضه فيه. ويجوز أن يكون وادياً ظرفاً لا معمولاً، أي صار الجراد ذا بيض منقوف فيه كما قالوا أجرب الرجل وألبن وأتمر وأخواتها.

أفسد من أرضة بلحبلى

قال حمزة: يعنون بني الحبلى، وهم حي من الأنصار رهط ابن أبي ابن سلول.

أفسد من السوس

يقال في مثل آخر: العيال سوس المال. ويقال أيضاً: أفسد من السوس في الصوف في الصيف.

أفسد من الضبع

لأنها إذا وقعت في الغنم عاثت ولم تكتف بما يكتفي به الذئب. ومن عبث الضبع وإسرافها في الفساد استعارت العرب اسمها للسنة المجدبة فقالوا: أكلتنا الضبع. وقال ابن الأعرابي: ليسوا يريدون بالضبع السنة المجدبة وإنما هو أن الناس إذا أجدبوا ضعفوا عن الانبعاث، وسقطت قواهم، فعاثت فيهم الضباع والذئاب فأكلتهم. قال الشاعر:
أبا خراشة أما أنت ذا نفـر فإن قومي لم تأكلهم الضبع
أي قومي ليسوا بضعاف تعيث فيهم الضباع والذئاب. فإذا اجتمع الذئب والضبع في الغنم سلمت الغنم. قال حمزة: حدثني أبو بكر بن شقير قال: حضرت المبرد وقد سئل عن قول الشاعر:
وكان لها جاران لا يخفرانهـا أبو جعدة العادي وعرفاء جيأل
فقال: أبو جعدة الذئب. وعرفاء الضبع. فيقول: إذا اجتمعا في غنم منع كل واحد منهما صاحبه. وقال سيبويه في قولهم اللهم ضبعاً وذئباً: أي اجمعهما في الغنم. وأما قولهم:

أفسد من بيضة البلد

فهي بيضة تتركها النعامة في الفلاة فلا ترجع إليها "قلت" أفسد في جميع ما تقدم من الإفساد إلا هذا، وذلك شاذ، وحقها أكثر إفساداً. وكذلك أفلس من الإفلاس شاذ، وأما هذا الأخير فإنه من الفساد لأنها إذا تركت فسدت.

أفسى من ظربان

قالوا هو دويبة فوق جرو الكلب، منتنة الريح، كثيرة الفسو، وقد عرف الظربان ذلك بنفسه، فقد جعله من أحد سلاحه، كما عرفت الحبارى ما في سلحها من السلاح إذا قرب الصقر منها، كذلك الظربان يقصد جحر الضب، وفيه حسوله وبيضه، فيأتي أضيق موضع فيه فيسده بيديه، ويروى بذنبه ويحول دبره إليه فلا يفسو ثلاث فسوات حتى يدار بالضب فيخر مغشياً عليه، فيأكله ثم يقيم في جحره حتى يأتي على آخر حسوله. والضب إنما يخدع، أي يغتال في جحره، حتى يضرب به المثل القائل:

أخدع من ضب

ويغتال في سربه لشدة طلب الظربان له. وكذلك قولهم:

أنتن من الظربان

قال: والظربان يتوسط الهجمة من الإبل فيفسو فتتفرق تلك الإبل كتفرقها عن مبرك فيه قردان، فلا يردها الراعي إلا بجهد، ومن أجل هذا سمت العرب الظربان مفرق النعم. وقالوا للرجلين يتفاحشان ويتشاتمان: إنهما ليتجاذبان جلد الظربان، وإنهما ليتماسان الظربان "قلت" وقد روي: ليتماشنان جلد الظربان. من قولهم مشنه بالسيف إذا ضربه ضربة قشرت الجلد.

أفسى من خنفساء

لأنها تفسو في يد من مسها. قال الشاعر:
لنا صاحب مولع بـالـخـلاف كثير الخطاء قليل الـصـواب
أشد لجاجاً من الخـنـفـسـاء وأزهى إذا ما مشى من غراب

أفسى من نمس

قالوا هو دويبة فاسية أيضاً.

أفحش من فالية الأفاعي وأفحش من فاسية

هما اسمان لدويبة شبيهة بالخنفساء لا تملك الفساء.

أفحش من كلب

لأنه يهر على الناس.

أفرغ من يد تفت اليرمع

قالوا: اليرمع، الحجارة الرخوة. ويقال للمنكسر المغموم: تركته يفت اليرمع. وأما قولهم:

أفرغ من حجام ساباط

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 233

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 234

فإنه كان حجاماً ملازماً لساباط المدائن، فإذا مر به جند قد ضرب عليهم البعث، حجمهم نسيئة بدانق واحد إلى وقت قفولهم، وكان مع ذلك يعبر الأسبوع والأسبوعان فلا يدنو منه أحد، فعندها يخرج أمه فيحجمها حتى يرى الناس أنه غير فارغ، فما زال ذلك دأبه حتى أنزف دم أمه فماتت فجأة، فسار مثلاً. قال الشاعر:
مطبخه قفر وطباخـه أفرغ من حجام ساباط
وقيل إنه حجم كسرى أبرويز مرة في سفره ولم يعد لأنه أغناه عن ذلك.

أفرس من سم الفرسان

هو عتيبة بن الحرث بن شهاب، فارس تميم، وكان يسم صياد الفوارس أيضاً. وحكى أبو عبيدة عن أبي عمرو المدني أن العرب كانت تقول: لو أن القمر سقط من السماء ما التقفه غير عتيبة لثقافته.

أفرس من ملاعب الأسنة

هو أبو براء عامر بن جعفر بن كلاب فارس قيس.

أفرس من عامر

هو عامر بن الطفيل، وهو ابن أخي عامر ملاعب الأسنة، وكان أفرس وأسود أهل زمانه، ومر حيان بن سلمى بن عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب بقبره، وكان غاب عن موته فقال: ما هذه الأنصاب? فاقلوا: نصبناها على قبر عامر. فقال: ضيقتم على أبي علي وأفضلتم منه فضلاً كثيراص. ثم وقف على قبره وقال: انعم ظلاماً أبا علي، فوالله لقد كنت تشن الغارة وتحمي الجارة، سريعاً إلى المولى بوعدك بطيئاً عنه بوعيدك، وكنت لا تضل حتى يضل النجم، ولا تهاب حتى يهاب السيل، ولا تعطش حتى يعطش البعير، وكنت والله خير ما كنت تكون حين لا تظن نفس بنفس خيراً. ثم التفت إليهم فقال: هلا جعلتم قبر أبي علي ميلاً في ميل? وكان منادي عامر ابن الطفيل ينادي بعكاظ: هل من راجل فأحمله، أو جائع فأطعمه، أو خائف فأؤمنه?

أفرس من بسطام

هو بسطام بن قيس الشيباني، فارس بكر. قال حمزة: وحدثني أبو بكر ابن شقير قال: حدثني أبو عبيدة قال، حدثني الأصمعي قال، أخبرني خلف الأحمر أن عوانة بن الحكم روى أن عبد الملك بن مروان سأل يوماً عن أشجع العرب شعراً فقيل: عمرو بن معد يكرب. فقال: كيف? وهو الذي يقول:
فجاشت إلي النفس أول مـرة وردت على مروهها فاستقرت
قالوا: فعمرة بن الأطنابة. فقال: كيف. وهو الذي يقول:
وقولي كلما جشأت وجاشت مكانك تحمدي أو تستريحي
قالوا: فعامر بن الطفيل. قال: كيف? وهو الذي يقول:
أقول لنفسي لا يجاد بمثلهـا أقلي مراحاً إنني غير مدبر
قالوا: فمن أشجعهم عند أمير المؤمنين? قال: أربعة. عباس بن مرداس السلمي، وقيس بن الخطيم الأوسي، وعنترة بن شداد العبسي، ورجل من بني مزينة. أما عباس فلقوله:
أشد على الكتيبة لا أبالـي أفيها كان حتفي أم سواها
وأما قيس بن الخطيم فلقوله:
وإني لدى الحرب العوان موكل بتقديم نفس لا أريد بـقـاهـا
وأما عنترة بن شداد فلقوله:
إذ تتقون بي الأسنة لم أخـم عنها ولكني تضايق مقدمي
وأما المزني فلقوله:
دعوت بني قحافة فاستجابـوا فقلت ردوا فقد طاب الورود
وأما قولهم:

أفتك من البراض

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 234

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 235

فهو البراض بن قيس الكناني. ومن خبر فتكه أنه كان وهو في حيه عياراً فاتكاً، يجني الجنايات على أهله، فخلعه قومه وتبرؤوا من صنيعه، ففارقهم، وقدم مكة فحالف حرب بن أمية، ثم نبا به المقام بمكة أيضاً ففارق أرض الحجاز إلى أرض العراق، وقد على النعمان بن المنذر الملك فأقام ببابه، وكان النعمان يبعث إلى عكاظ بطليمة كل عام تباع له عناك، فقال: وعنده البراض والرحال، وهو عروة بن عتبة بن جعفر بن كلاب، سمي رحالاً لأنه كان وفاداً على الملوك: من يجيز لي لطيمتي هذه حتى يقدمها عكاظ? فقال البراض: أبيت اللعن، أنا أجيزها على كنانة. فقال النعمان: ما أريد إلا رجلاً يجيزها على الحيين قيس وكنانة. فقال عروة الرحال: أبيت اللعن، أهذا العيار الخليع يكمل لأن يجيز لطيمة الملك، أن المجيزها على أهل الشيح والقيصوم من نجد وتهامة. فقال: خذها. فرحل عروة بها، وتبع البراض أثره حتى إذا صار عروة بين ظهراني قومه، بجانب فدك، نزلت العير، فأخرج البراض قداحاً يستسقم بها في قتل عروة، فمر عروة به وقال: ما الذي تصنع يا براض? قال: استخبر القداح في قتلي إياك. فقال: استك أضيق من ذاك. فوثب البراض بسيفه إليه فضربة ضربة حمد بها، واستاق العير، فبسببه هاجت حرب الفجار بين حي خندف وقيس. فهذه فتكة البراض التي بها المثل قد سار، وقال فيها بعض شعراء الإسلام:
والفتى من تعرفته الليالـي والفيافي كالحية النضناض
كل يوم له بصر اللـيالـي فتكة مثل فتكة البـراض

أفتك من الجحاف

هو الجحاف بن حكيم السلمي. ومن خبر فتكه أن عمير بن الحباب السلمي كان ابن معه فنهض في الفتنة التي كانت بالشام بين قيس وكلب وبسبب الزبيرية والمروانية، فلقي في بعض تلك المغاورات خيلاً لبني تغلب فقتلوه، فلما اجتمع الناس على عبد الملك بن مروان ووضعت تلك الحروب أوزراها، دخل الجحاف على عبد الملك والأخطل عنده، فالتفت إليه الأخطل فقال:
ألا سائل الجحاف هل هو ثائر لقتلى أصيبت من سليم وعامر
فقال الجحاف مجيباً له:
بلى أبكيهـم بـكـل مـهـنـد وأبكى عميراً بالرماح الخواطر
ثم قال: يا ابن النصرانية، ما ظننتك تجترئ علي بمثل هذا ولو كنت مأسوراً. فحم الأخطل فرقاً من الجحاف. فقال عبد الملك: لا ترع فإني جارك منه. فقال الأخطل: يا أمير المؤمنين، هبك منه في اليقظة فكيف تجيرني في النوم? فنهض الجحاف من عند عبد المك يسحب كساءه فقال عبد الملك: إن في قفاه لغدره. ومر الجحاف لطيته وجمع قومه وأتى الرصافة، ثم سار إلى بني تغلب، فصادف في طريقة أربعمائة منهم فقتلهم، ومضى إلى البشر، وهو ماء لبني تغلب، فصادف عليه جمعاً من تغلب فقتل منهم خمسمائة رجل، وتعدى الرجال إلى قتل النساء والولدان، فيقال أن عجوزاً نادته فقالت: حربك الله يا جحاف، أتقتل نساء أعلاهن ثدي وأسفلهن دمي? فانخذل ورجع، فبلغ الخبر الأخطل، فدخل على عبد الملك وقال:
لقد أوقع الحجاف بالبشر وقعة إلى الله منها المشتكى والمعول
فأهدر عبد الملك دم الجحاف، فهرب إلى الروم، فكان بها سبع سنين، ومات عبد الملك وقام الوليد بن عبد الملك فاستؤمن للجحاف فأمنه فرجع.

أفتك من الحرث بن ظالم

من خبر فتكه أنه وثب بخالد بن جعفر بن كلاب، وهو في جوار الأسود ابن المنذر الملك، فقتله، وطلبه الملك ففاته فقيل: إنك لن تصيبه بشيء أشد عليه من سبي جارات له من بلى، وبلى حي من قضاعة. فبعث في طلبهن فاستاقهن وأموالهن، فبلغه ذلك فكر راجعاً من وجه مهربه، وسأل عن مرعى إبلهن فدل عليه، وكن فيه، فلما قرب من المعرى إذا ناقة لهن يقال لها اللفاع غزيرة يحلبها حالبان، فلما رآها قال:
إذا سمعت حنة اللـفـاع فادعي أبا ليلى ولا ترعي

ذلك راعيك فنعم الراعي

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 235

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 236

ثم قال: خليا عنها. فعرف البائن كلامه فحبق، فقال المعلى: والله هي لك. فقال الحرث: است البائن أعلم. فذهبت مثلاً. فخليا عنها، ثم استنقذ جاراته وأموالهن وانطق فأخذ شيئاً من جهاز رجل يقال له سنان بن أبي حارثة فأتى به أخته سلمى بنت ظالم وكانت، عند سنان، وقد تبنت ابن الملك شرحبيل بن الأسود فقال: هذه علامة بعلك، فضعي ابنك حتى آتيه به. ففعلت، فأخذه وقتله. فهذه فتكة الحرث بن ظالم، والمثل بها سائر. وأما قولهم: أفتك من عمرو بن كلثوم فإن خبر فتكه يطول. وجملته أنه فتك بعمرو بن عبد الملك في دار ملكه بين الحيرة والفرات، وهتك سرادقه، وانتهب رحله، وانصرف بالتغالبة إلى باديته بالشام موفوراً لم يكلم أحداً من أصحابه، فسار بفتكه المثل.

افصح من العضين

يقال: هما دغفل، وابن الكيس. قال الشاعر:
أحاديث عن أبناء عاد وجرهم يثورها العضان زيد وغفل
يقال للرجل الداهي: عض وقد عضضت يا رجل. أي صرت عضاً.

أفيل من الرأي الدبري

هو الرأي الذي يحاضر به بعد فوت الأمر. قال الشاعر:
تتبع الأمر بعد الفوت تغرير وتركه مقبلاً عجز وتقصير

أفسد من الأرضة ومن الجراد

أفسى من عبدي

أفرع من فؤاد أم موسى

على نبينا وعليه الصلاة والسلام.

أفسق من غراب

أفوه من جرير

أفخر من الحرث بن حلزة

المولدون

في سعة الأخلاق كنوز الأرزاق

في بعض القلوب عيون

في فمي ماء وهل ينطق من في فمه ماء

في رأسه خيوط

في كفه من رقى إبليس مفتاح

في شمك المسك شغل عن مذاقته

فر من المطر وقعد تحت الميراب

فر من الموت وفي الموت وقع

فر أخزاه الله خير من قتل رحمه الله

فوق كل طامة طامة

فالوذج الجسر وفالوذج السوق

يضربان لذي المنظر بغير مخبر.

في نصحه حمة العقرب

فم يسبح ويد تذبح

فرشت له دخلة أمري

فوت الحاجة خير من طلبها إلى غير أهلها

في تقلب الأحوال علم جواهر الرجال

فاز بخصل الناصل للخائب

الفضول علاوة الكفاية

الإفلاس بذرقة

أفرش له بنفخة

الفضل للمبتدي وإن أحسن المقتدي

الفرص تمر مر السحاب

الفتنة ينبوع الأحزان

الفاختة عنده أبو ذر

الفطام شديد

الباب الحادي والعشرون

في

ما أوله قاف

قطعت جهيزة قول كل خطيب

أصله أن قوماً اجتمعوا يخطبون في صلح بين حيين قتل أحدهما من الآخر قتيلاً، ويسألون أن يرضوا بالدية، فبينا هم في ذلك إذ جاءت أمة يقال لها جهيزة فقالت: إن القاتل قد ظفر به بعض أولياء المقتول فقتله. فقالوا عند ذلك: قطعت جهيزة قول كل خطيب. أي قد استغني عن الخطب. يضرب لمن يقطع على الناس ما هم فيه بحماقة يأتي بها.

قوري والطفي

قاله رجل لامرأته، وكان لها صديق طلب إليها أن تقد له شراكين من شرج است زوجها، فلما سمعت ذلك استعظمته وزجرته، فأبى إلا أن تفعل، فاختارت رضاه على صلاح زوجها، فنظرت فلم تجد له وجهاً ترجو به إليه السبيل إلا أن عصبت على مبال ابن لها صغير بقصبة وأخفتها، فعسر عليه البول، فاستغاث بالبكاء، فلما سمع أبوه البكاء سألها ما يبكيه? فقالت: أخذه الأسر، وقد نعت لي دواؤه طريدة تقد له من شرج استك. فأعظم الرجل ذلك، وجعل الأمر لا يزداد بالصبي إلا شدة، فلما رأى أبوه ذلك اضطجع وقال: دونك يا أم فلام قوري والطفي. فاقتطعت منه طريدة لترضي صديقها وأطلقت عن الصبي. يضرب للرجل الغمر الغر ليحذر.

قيل لحبلى ما تشتهين فقالت التمر وأهاليه

أي، اشتهي كل شيء يذكر لي مع التمر. وواهاليه، أي اشتهيه ويعجبني. يضرب لمن يشتهي ما يذكر. وواها، كلمة تعجب. تقول لما يعجب: واهاً له. قال أبو النجم:
واهاً لريا ثم واها واهايا ليت عيناها لنا وفاهابثمن نرضي به أباها

قبل النفاس كنت مصفرة

يضرب للبخيل يعتل بالإعدام وهو مع الإثراء كان بخيلاً.

قبل البكاء كان وجهك عابساً

يضرب لمن يكون العبوس له خلقة. ويضرب للبخيل يعتل بالإعسار وقد كان في اليسار مانعاً.

قد نجذته الأمور

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 236

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 237

يضرب لمن أحكمته التجارب. ولعله من بنات النواجذ. يقال: عض على ناجذه، أي قد أسن. قال سحيم بن وثيل الرياحي:
أخو خمسين قد تمت شذاتي ونجذني مداورة الشـؤون

اقصد بذرعك

الذرع والذراع واحد. يضرب لمن يتوعد، أي كلف نفسك ما تطيق، والذرع، عبارة عن الاستطاعة، كأنه قال: اقصد الأمر بما تملكه أنت لا بما يملكه غيرك، أي توعد بما تسعه قدرتك ولا تطلب فوق ذلك في تهددي.

انقطع السلى في البطن

السلى، جلدة رقيقة يكون فيها الولد من المواشي إن نزعت عن وجه الفصيل ساعة يولد، عاش، وإلا قتلته، وكذلك انقطع السلى في البطن، فإذا خرج السلى سلمت الناقة وسلم الولد وإلا هلكت وهلك الولد. يقال: ناقة سلياء، إذا انقطع سلاها. يضرب في فوات الأمر وانقضائه.

قلب الأمر ظهراً لبطن

يضرب في حسن التدبير. واللام في البطن، بمعنى على. ونصب ظهراً على البدل، أي قلب ظهر الأمر على بطنه حتى علم ما فيه.

قدح في ساقه

القدح، الطعن. والساق، الأصل، مستعار من ساق الشجرة وهو جذعها وأصلها. يضرب لمن يعمل فيما يكره صاحبه.

قرع له ظنبوبه

إذا جد فيه ولم يفتر. قال سلامة بن جندل:
أنا إذا ما أتانا صـارخ فـزع كان الصراخ له قرع الظنابيب
أي، إذا أتانا مستغيث كانت إغاثته الجد في نصرته.

قد شمرت عن ساقها فشمري

يضرب في الحث على الجلد في الأمر. والتاء في، شمرت، للداهية والخطاب في، شمري، على التأنيث للنفس.

قبل الضراط استحصاف الأليتين

أي قبل وقوع الأمر تعد الآلة.

قرب الوساد وطول السواد

يضرب للأمر الذي يلقي الرجل فيما يكره. وقيل لابنة الخس: لم زينت وأنت سيدة قومك? فقالت هذه المقالة. وقال بعض العلماء: لو أتمت الشرح لقالت: قرب الوساد، وطول السواد، وحب السفاد. والسواد، المسارة، وهو قرب السواد من السواد، يعني الشخص من الشخص.

قد يبلغ القطوف الوساع

القطوف من الدواب الذي يقارب الخطو. والوساع ضده. يضرب في قناعة الرجل ببعض حاجته دون بعض.

قد يبلغ الخضم بالقضم

الخضم، أكل بجميع الفم. والقضم، بأطراف الأسنان. قال ابن أبي طرفة: قدم أعرابي على ابن عم له بمكة فقال له: إن هذه بلاد مقضم وليست بلاد مخضم. ومعنى المثل: قد تدركه الغاية البعيدة بالرفق كما أن الشبعة تدرك بالأكل بأطراف الفم. قال الشاعر:
تبلغ بأخـلاق الـثـياب جـديدهـا وبالقضم حتى تدرك الخضم بالقضم

قد استنوق الجمل

أي صار ناقة. وكان بعض العلماء يخبر أن هذا المثل لطرفة بن العبد، وذلك أنه كان عند بعض الملوك، والمسيب بن غلس ينشد شعراً في وصف جمل، ثم حوله إلى نعت ناقة فقال طرفة: قد استنوق الجمل. ويقال إن المنشد كان المتلمس أنشد في مجلس لبني قيس بن ثعلبة، وكان طرفة يلعب مع الصبيان ويتسمع، فأنشد المتلمس:
وقد أتناسى الهم عند احتضاره بناج عليه الصيعرية مكـدم
كميت كناز اللحم أو حميرية مواشكة تنفي الحصى بملثم
كأن على أنسائها غدق خصبة تدلى من الكافور غير مكمم
والصيعرية، سمة توسم بها النوق باليمن. فلما سمع طرفة البيت قال: استنوق الجمل. قالوا: فدعاه المتلمس وقال له: أخرج لسانك. فأخرجه فإذا هو أسود فقال: ويل لهذا من هذا. قال أبو عبيد: يضرب هذا في التخليط.

قودوه بي باركاً

وذلك أن امرأة حملت على بعير، وهو بارك، فأعجبها وطئ المركب فقال: قودوه بي باركاً. يضرب لمن يتعود مباشرة الترفة ثم باشرها.

قرب الحمار من الرذهة ولا تقل له سأ

الردهة: مستنقع الماء. وسأ، زجر للحمار. يقال سأسأت بالحمار إذا دعوته ليشرب. يضرب للرجل يعلم ما يصنع. أي: كل الأمر إليه ولا تكرهه على فعله إذا أريته رشده.

إقلب قلاب

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 237

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 238

هذا مثل يضرب للرجل تكون منه سقطة فيتداركها بأن يقلبها عن جهتها ويصرفها عن معناها، وهو في حديث عمر رضي الله عنه. قال أبو الندى في أمثاله: يقال أحمق من عدي بن جناب، وهو أخو زهير بن عدي ابن جناب، وكان زهير وفاداً على الملوك، وفد على النعمان ومعه أخوه عدي فقال النعمان: يا زهير، إن أمي تشتكي فبم يتداوى نساؤكم? فالتفت عدي فقال: دواؤها الكمرة. فقال النعمان لزهير: ما هذه? فقال: هي الكمأة أيها الأمير. فقال عدي: اقلب قلاب، ما هي إلا كمرة الرجال.

قد يضرط العير والمكواة في النار

أول من قال ذلك عرفطة بن عرفجة الهزاني، وكان سيد بني هزان، وكان حصين بن نبيت االعكلي سيد بني عكل، وكان كل واحد منهما يغير على صاحبه، فإذا أسرت بنو عكل من بني هزان أسيراً قتلوه، وإذا أسرت بنو هزان منهم أسيراً فدوه، فقدم راكب لبني هزان عليهم فرأى ما يصنعون فقال لبني هزان: لم أر قوماً ذوي عدد وعدة وجلد وثروة، يلجؤون إلى سيد لا ينقض بهم وتراً، أرضيتم أن يفنى قومكم رغبة في الدية، والقوم مثلكم تؤلمهم الجراح ويعضهم السلاح، فكيف تقتلون ويسلمون? ووبخهم توبيخاً عنيفاً، وأعلمهم أن قوماً من بني عكل خرجوا في طلب إبل لهم فخرجوا إليهم فأصابوهم، فاستاقوا الإبل وأسروهم، فلما قدموا محلتهم قالوا: هل لكم في اللقاح، والأمة الرداح، والفرس الوقاح? قالوا: لا. فضربوا أعناقهم، وبلغ عكلاً الخبر فساروا يريدون الغارة على بني هزان، ونذرت بهم بنو هزان فالتقوا فاقتتلوا قتالاً شديداً حتى فشت فيهم الجراح، وقتل رجل من بني هزان وأسر رجلان من بني عكل، وانهزمت عكل. وأن عرفطة قال للأسيرين: أيكما أفضل لأقتله بصاحبنا? وعسى أن يفادي الآخر. فجعل كل واحد منهما يخبر أن صاحبه أكرم منه، فأمر بقتلهما جميعاً، فقدم أحدهما ليقتل فجعل الآخر يضرط فقال عرفطة: قد يضرط العير والمكواة في النار. فأرسلها مثلاً. يضرب للرجل يخاف الأمر فيجزع قبل وقوعه فيه. وقال أبو عبيدة: إذا أعطى البخيل شيئاً مخافة ما هو أشد منه، قالوا: قد يضرط العير والمكواة في النار. ويقال إن أول من قاله مسافر بن أبي عمرو بن أمية، وذلك أنه كان يهوى بنت عتبة وكانت تهواه، فقالت له: إن أهلي لا يزوجونني منك لأنك معسر، فلو قد وفدت إلى بعض الملوك لعلك تصيب مالاً فتتزوجني. فرحل إلى الحيرة وافداً على النعمان فبينما هو مقيم عنده إذ قدم عليه قادم من مكة فسأله عن خبر أهل مكة بعده، فأخبره بأشياء وكان فيها أن أبا سفيان تزوج هنداً، فطعن مسافر من الغم، فأمر النعمان أن يكوى، فأتاه الطبيب بمكاويه فجعلها في النار ثم وضع مكواة منها عليه، وعلج من علوج النعمان واقف، فلما رآه يكوى ضرط فقال مسافر: قد يضطر العير والمكواة في النار. ويقال أن الطبيب ضرط.

قبل عير وما جرى

أي أول كل شيء. يقال: لقيته أول ذات يدين، وأول وهلة، وقبل عير وما جرى. قال أبو عبيد: إذ أخبر الرجل بالخبر من غير استحقاق ولا ذكر كان لذلك قيل: فعل كذا وكذا قبل عير وما جرى. قالوا خص العير لأنه أحذر ما يقنص، وإذا كان كذلك كان أسرع جرياً من غيره، فضرب به المثل في السرعة. وقال الأصمعي: معناه قبل أن يجري عير، وهو الحمار. وقال غيره: يريد بالعير المثال في العين، وهو الذي يقال له اللعبة، والذي يجري عليه هو الطرف، وجريه حركته. فيكون المعنى: قبل أن يطرف الإنسان. قال الشماخ:
وتعدو القبضى قبل عير وما جرى ولم تدر ما بالي ولم أدر ما لهـا
ويروى القبصي والقمصي، والباء بدل من الميم، وهما ضرب من العدو فيه نزو ومن روى بالضاد فهو من القباضة، وهي السرعة. ومنه: يعجل ذا القباضة الوحيا. ويقال: جاء فلان قبل عير وما جرى، وضرب قبل عير وما جرى، يريدون السرعة في كله.

قد حيل بين العير والنزوان

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 238

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 239

أول من قال ذلك صخر بن عمرو، أخو الخنساء، قال ثعلب: غزا صخر بن عمرو بني أسد بن خزيمة فاكتسح إبلهم، فجاءهم الصريخ، فركبوا فالتقوا بذات الأثل، فطعن أبو ثور الأسدي صخراً طعنة في جنبه وأفلت الخيل فلم يقعص مكانه، وجوي منها فمرض حولاً حتى مله أهله، فسمع امرأة تقول لامرأته سلمى: كيف بعلك? فقالت: لا حي فيرجى ولا ميت فينعى، لقد لقينا منه الأمرين. فقال صخر: أرى أم صخر لا تمل عيادتي. وفي وراية أخرى: فمرض زماناً حتى ملته امرأته، وكان يكرمها، فمر بها رجل وهي قائمة، وكانت ذات خلق وإدراك، فقال لها: يباع الكفل? فقالت: نعم، عما قليل. وكان ذلك يسمعه صخر فقال: أما والله لئن قدرت لأقدمنك قبلي. ثم قال لها: ناوليني السيف أنظر إليه هل تقله يدي? فناولته فإذا هو لا يقله فقال:
أرى أم صخر لا تمل عيادتـي وملت سليمى مضجعي ومكاني
فأي امرئ ساوى بـأم حـلـيلة فلا عاش إلا في شقا وهـوان
أهم بأمر الحزم لو أستطـيعـه وقد حيل بين العير والنـزوان
وما كنت أخشى أن أكون جنازة عليك ومن يغتر بالـحـدثـان
فللموت خير من حياة كأنـهـا معرس يعسوب برأس سنـان
لعمري لقد نبهت من كان نائمـاً وأسمعت من كانت لـه أذنـان
قال أبو عبيدة: فلما طال به البلاء، وقد نتأت قطعة من جنبه مثل اللبد في موضع الطعنة، قيل له: لو قطعتها لرجونا أن تبرأ. فقال: شأنكم. وأشفق عليه قوم فنهوه فأبى، فأخذوا شفرة فقطعوا ذلك الموضع فيئس من نفسه وقال:
أجارتنا إن الحـتـوف تـنـوب على الناس كل المخطئين تصيب
أجارتنا إن تسألـينـي فـإنـنـي مقيم لعمري ما أقـام عـسـيب
كأني وقد أدنوا لحز شـفـارهـم من الصبر دامي الصفحتين نكيب
ثم مات فدفن إلى جنب عسيب، وهو جبل يقرب من المدينة، وقبره معلم هناك.

قرارة تسفهت قرارة

قال الأصمعي: القرار والقرارة النقد، وهو ضرب من الغنم قصار الأرجل قباح الوجوه.وهذا مثل قولهم: نزو الفرار استجهل الفرار. يضرب للرجل يتكلم في القوم بالخطأ فيطابقونه على ذلك. وقال المنذري: فرارة، بالفاء، قال: وهي البهمة تنفر إلى أمها فيتبعها الغنم.

القردان حتى الحلم

يضرب لمن يتكلم ولا ينبغي له أن يتكلم لنذالته. والحلم أصغر القردان.

القرنبى في عين أمها حسنة

هي دويبة مثل الخنفس، منقطعة الظهر، طويلة القوائم.

قيل للشقي هلم إلى السعادة فقال حسبي ما أنا فيه

يضرب لمنن قنع بالشر وترك الخير وقبول النصح.

قد يدفع الشر بمثله إذا أعياك غيره

قاله بعض الماضين. وهذا مثل قول الفند الزماني:

وبعض الحلم عند الجه-ل للذلة إذعان

وفي الشر نجاة ح-ين لا ينجيك إحسان

قد قلينا صفيركم

أصله أن رجلاً كان يعتاد امرأة، فكأن يجيء، وهي جالسة مع بنيها وزوجها، فيصفر لها، فتخرج عجزها من وراء البيت، وهي تحدث ولدها، فيقضي الرجل حاجته وينصرف، فعلم ذلك بعض بنيها، فغاب عنها يومه ثم جاء في ذلك الوقت فصفر ومعه مسمار محمى، فلما أن فعلت كعادتها كواها به، فجاء خلها بعد ذلك فصفر فقال: قد قلينا صفيركم. قال الكميت:
أرجو لكم أن تكونوا في مودتكم كلباً كورهاء تقلي كل صفار
لما أجابت صفيراً كان آتـيهـا من قابس شيط الوجعاء بالنار

انقضب قوي من قاوية

الانقضاب، الانقطاع. أي انقطع الفرخ من البيضة، أي خرج منها كما يقال: برئت قابية من قوب. يضرب عند انقضاء الأمر والفراغ منه. ويقال: انقضبت قابية من قوبها. فالقابية، البيضة. والقوب، الفرخ. قال الكميت، يصف النساء وزهدهن في ذوي الشيب:
لهن من المشيب ومن علاه من الأمثال قابية وقـوب
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 239

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 240

أي إذا رأين الشيب فارقن صاحبه وللم يعدن إليه. وأما اشتقاق قوي فقال أبو الهيثم: لا يعرف قاو وقوي، مصغراً ولا مكبراً، بمعنى الفرخ، اسماً له: وقال بعضهم: أصله من قوى الحبل، لأنه إذا انقطعت قوة من قواه لا يمكن اتصالها "قلت": يمكن أن يحمل هذا على قولهم: قويت الدار إذا خلت من أهلها، مثل أقوت، لغتان مشهورتان، فهي قاوية ومقوية، فيقال: قويت البيضة إذا خلت من الفرخ، وقوي الفرخ إذا خرج وخلا منها، فالبيضة قاوية، أي خالية، والفرخ قاو، أي خال من البيض، وقوي تصغير قاو على مذهب الاسم، لأن كل فاعل إذا كان اسم علم فتصغيره على فعيل، كما قالوا لصالح إذا كان اسماً صليح، ولعامر عمير، ولخالد خليد، طلباً للخفة. وإذا كان نعتاً صويلح وعموير وخويلد. وقيل: القوي غير موجود في الشعر والكلام إلا في هذا المثل والله أعلم.

قد أفرخ روعه

أي ذهب عنه خوفه. قال الأزهري: كل من لقيته من أهل اللغة يقوله بفتح الراء إلا ما أخبرني به المنذري عن أبي الهيثم بضم الراء. قال: ومعناه خرج الروع من قلبه. قال: والروح في الروع كالفرخ في البيضة "قلت" بعض هذا قد مضى في باب الفاء، فإذا قيل: أفرخ روعه أو روعه، جاء أن يكون على مذهب الدعاء وعلى معنى الخبر أيضاً. فإذا قلت: قد أفرخ. لا يصلح أن يكون للدعاء.

قرب طب

ويروى: قرب طباً. وهو مثل: نعم رجلاً. وأصل المثل، فيما يقال: أن رجلاً تزوج امرأة، فلما أهديت إليه، وقعد منها مقعد الرجال من النساء قال لها: أبكر أنت أم ثيب? فقالت: قرب طب. ويقال أيضاً في هذا المعنى: أنت على المجرب. أي على التجربة. وعلى، من صلة الإشراف، أي مشرف عليه قريب منه ومن علمه.

قد صرحت بجلذان

هو حمى قريب من الطائف، لين مستو كالراحة، لا خمر فيه يتوارى به. يضرب للأمر الواضح البين الذي لا يخفى على أحد. وقد مر ما ذكر فيه من الخلاف.

قد بين الصبح لذي عينين

بين هنا بمعنى تبين. يضرب للأمر يظهر كل الظهور.

قد سيل به وهو لا يدري

ويقال أيضاً: قد سال به السيل. يضرب لمن وقع في شدة.

اقدح بدفلى في مرخ ثم شد بعد أو أرخ

قال المازني: أكثر الشجر ناراً المرخ ثم العفار ثم الدفلى. قال الأحمر: يقال هذا إذا حملت رجلاً فاحشاً على رجل فاحش فلم يلبثا أن يقع بينهما شر. وقال ابن الأعرابي: يضرب للكريم الذي لا يحتاج أن تكده وتلح عليه.

القيد والرتعة

قال المفضل: أول من قال ذلك عمرو بن الصعق بن خويلد بن نفيل ابن عمرو بن كلاب، وكانت شاكر من همدان أسروه فأحسنوا إليه وروحوا عنه، وقد كان يوم فارق قومه نحيفاً، فهرب من شاكر، فبينما هو بقيء من الأرض إذ اصطاد أرنباً فاشتواها، فلما بدأ يأكل منها أقبل ذئب فأقعى غير بعيد فنبذ إليه من شوائه فولى به، فقال عمرو عند ذلك:
لقد أوعدتني شـاكـر فـخـشـيتـهـا ومن شعب ذي همدان في الصدر هاجس
ونـار بـمـومـاة قـلـيل أنـيسـهـا أتاني عليهـا أطـلـس الـلـون بـائس
قبـائل شـتـى ألـف الـلـه بـينـهـا لها حجف فـوق الـمـنـاكـب يابـس
نبـذت إلـيه حـزة مـن شـوائنـــا فآب وما يخشى علـى مـن يجـالـس
فولى بـهـا جـذلان ينـفـض رأسـه كما آض بالنهب المغير الـمـخـالـس
فلما وصل إلى قومه قالوا: أي عمرو، خرجت من عندنا نحيفاً وأنت اليوم بادن. فقال: القيد والرتعة. فأرسلها مثلاً. وهذا كقولهم: العز والمنعة والنجاة والأمنة.

قد أنصف القارة من راماها

القارة، قبيلة، وهم عضل والديش، ابنا الهون بن خزيمة، وإنما سموا قارة لاجتماعهم والتفافهم لما أراد الشداخ أن يفرقهم في بني كنانة فقال شاعرهم:
دعونا قارة لا تنفـرونـا فنجفل مثل إجفال الظليم
وهم رماة الحدق في الجاهلية، وهم اليوم في اليمن. ويزعمون أن رجلين التقيا، أحدهما قاري، فقال القاري: إن شئت صارعتك، وإن شئت سابقتك، وإن شئت راميتك. فقال الآخر: قد اخترت المراماة. فقال القاري: قد أنصفتني. وأنشأ يقول:
قد أنصف القارة من راماها أنا إذا ما فئة نـلـقـاهـا

نرد أولاها على أخراها

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 240

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 241

ثم انتزع له بسهم فشك به فؤاده. قال أبو عبيد: أصل القارة الأكمة وجمعها قور. قال ابن واقد: وإنما قيل: انصف القارة من راماها. في حرب كانت بين قريش وبين بكر بن عبد مناف بن كنانة قال: وكانت القارة مع قريش، وهم قوم رماة، فلما التقى الفريقان رماهم الآخرون فقيل: قد أنصفهم هؤلاء إذا ساووهم في العمل الذي هو شأنهم وصناعتهم. وفي بعض الآثار: ألا أخبركم بأعدل الناس. قيل: بلى. قال: من أنصف من نفسه. وفي بعضها أيضاً: أشد الأعمال ثلاثة: إنصاف الناس من نفسك، والمواساة بالمال، وذكر الله تعالى على كل حال.

قبل الرماء تملأ الكنائن

قال رؤبة: قبل الرماء يملأ الجفير. أي تؤخذ أهبة الأمر قبل وقوعه.

قلب له ظهر المجن

يضرب لمن كان لصاحبه على مودة ورعاية ثم حال عن العهد. كتب أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه إلى ابن عباس رضي الله عنه حين أخذ من مال البصرة ما أخذ: إني شركتك في أمانتي ولم يكن رجل من أهلي أوثق منك في نفسي، فلما رأيت الزمان على ابن عمك قد كلب، والعدو قد حرب، قلبت لابن عمك ظهر المجن لفراقه مع المفارقين وخذله مع الخاذلين، واختطفت ما قدرت عليه من أموال الأمة اختطاف الذئب الأزل رابية المعزى، أصح رويداً فكأن قد بلغت المدى وعرضت عليك أعمالك بالمحل الذي ينادي به المغتر ويتمنى المضيع التوبة والظالم الرجعة.

قبل الرمي يراش السهم

يضرب في تهيئة الآلة قبل الحاجة إليها. وهو مثل قولهم: قبل الرماء تملأ الكنائن.

قد ركب ردعه

يقال: به ردع من زعفران أو دم، أي لطخ وأثر. ثم يقال للقتيل: ركب ردعه إذا خر لوجهه على دمع. ويقال: معنى ركب ردعه، أي دخل عنقه في جوفه، من قولهم: ارتدع السهم إذا رجع نصله في سنخه.

قد ألقى عصاه

إذا استقر من سفر أو غيره. قال جرير:
فلما التقى الحيان ألقيت العصـا ومات الهوى لما أصيبت مقاتله
"وحكي" أنه لما بويع لأبي العباس السفاح قام خطيباً فسقط القضيب من يده، فتطير من ذلك، فقام رجل فأخذ القضيب ومسحه ودفعه إليه وأنشد:
فألقت عصاها واستقرت بها النوى كما قر عيناً بالإياب المسـافـر
وقال علي بن الحسن بن أبي الطيب الباخرزي في ضده:
حمل العصا للمبتلـى بالشيب عنوان البلـى
وصف المسافـر أنـه ألقى العصا كي ينزلا
فعلى القياس سبيل من حمل العصا أن يرحلا

قشرت له العصا

يضرب في خلوص الود، أي أظهرت له ما كان في نفسي. ويقال: اقشر له العصا، أي كاشفه وأظهر له العداوة.

قتل ما نفس مخيرها

ما، صلة. ومخيرها، تخييرها. قال عطاء بن مصعب: معناه أنه كان بين رجلين مال فاقتسما فقال أحدهما لصاحبه: اختر أي القسمين شئت. فجعل ينظر إلى هذا القسم مرة وإلى هذا أخرى فيرى كل واحد جيداً فيقول صاحبه: قتل ما نفس مخيرها. أي قتلت نفسك حين خيرتك. يوضع في الشره والجشع. ويروى: قتل نفساً مخيرها. أي إذا جعلت الحكم إلى من تسأله الحاجة حمل لك على نفسه.

قد علقت دلوك دلو أخرى

أصله أن الرجل يدلي دلوه للاستقاء فيرسل آخراً دلوه أيضاً فتتعلق بالأولى حتى تمنع صاحبها أن يستقي. يضرب في الحاجة تطلب فيحول دونها حائل، أي قد دخل في أمرك داخل.

قد نهيتك عن شربة بالوشل

الوشل، الماء القليل. أي قد نهيتك عن سؤال اللئيم

قل خيسه

قال أبو عمرو: الخيس، اللبن. يقال في الدعاء على الإنسان: قلل الله خيسه، أي لبنه.

قد قيل ذلك إن حقاً وإن كذباً

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 241

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 242

قالوا: إن أول من قال ذلك اللنعمان بن المنذر اللخمي للربيع بن زياد العبسي، وكان له صديقاً ونديماً، وأن عامراً ملاعب الأسنة، وعوف ابن الأحوص، وسهيل بن مالك، ولبيد بن ربيعة، وشماساً الفزاري، وقلابة الأسدي، قدموا على النعمان وخلفوا لبيداً يرعى إبلهم، وكان أحدثهم سناً، وجعلوا يغدرون إلى النعمان ويروحون، فأكرمهم وأحسن نزلهم، غير أن الربيع كان أعظم عنده قدراً، فبينما هم ذات يوم عند النعمان إذ رجز بهم الربيع وعابهم وذكرهم بأقبح ما قدر عليه، فلما سمع القوم ذلك انصرفوا إلى رحالهم وكل إنسان منهم مقبل على بثه، وروح لبيد الشول فلما رأى أصحابه وما بهم من الكآبة سألهم: ما لكم? فكتموه فقال لهم: والله لا أحفظ لكم متاعاً، ولا أسرح لكم إبلاً أو تخبروني بالذي كنتم فيه. وإنما كتموا عنه لأن أم لبيد امرأة من بني عبس، وكانت يتيمة في حجر الربيع. فقالوا: خالك قد غلبنا على الملك وصد بوجهه عنا. فقال لبيد: هل فيكم من يكفيني الإبل وتدخلونني على النعمان معكم، فواللات والعزى لأدعنه لا ينظر إليه أبداً. فخلفوا في إبلهم قلابة الأسدي وقالوا للبيد: أو عندك خير? قال سترون. قالوا: إنا نبلوك في هذه البقلة، لبقلة بين أيديهم دقيقة الأغصان قليل الأوراق لاصقة بالأرض تدعى التربة، صفها لنا واشتمها. فقال: هذه التربة التي لا تذكي ناراً ولا تؤهل داراً ولا تسر جاراً، عودها ضئيل وفرعها كليل وخيرها قليل، شر البقول مرعى وأقصرها فرعاً فتعساً لها وجدعاً، ألقوا بي أخا عبس أرده عنكم بتعس وأدعه من أمره في لبس. قالوا: نصبح فنرى رأينا. فقال لهم عامر: انظروا هذا الغلام فإن رأيتموه نائماً فليس أمره بشيء إنما يتكلم بما جاء على لسانه ويهذي بما يهجس في خاطره، وإن رأيتموه ساهراً فهو صاحبكم. فرمقوه فرأوه قد ركب رحلاً حتى أصبح، فخرج القوم وهو معهم حتى دخلوا على النعمان وهو يتغدى والربيع يأكل معه فقال لبيد: أبيت اللعن، أتأذن لي في الكلام. فأذن له فأنشأ يقول:
يا رب هيجا هي خير مـن دعة أكل يوم هامتـي مـقـرعـه
نحن بنو أم الـبـنـين الأربـعة ونحن خير عامر بن صعصعـه
المطعمون الجفنة المـذعـذعة والضاربون الهام تحت الخيضعه
يا واهب الخير الكثير من سـعة إليك جاوزنا بلاداً مـسـبـعـه
نخبر عن هذا خبيراً فاسمـعـه مهلاً أبيت اللعن لا تأكل معـه
إن إسته من برص مـلـمـعة وإنه يدخل فـيهـا إصـبـعـه
يدخلها حتى يواري أشـجـعـه كأنه يطلب شـيئاً أطـمـعـه
ويروى: ضيعه. فلما سمع النعمان الشعر أفف ورفع يده من الطعام وقال للربيع: أكذاك أنت? قال: لا واللات لقد كذب ابن الفاعلة. قال النعمان: لقد خبث علي طعامي. فغضب الربيع وقام وهو يقول:
لئن رحلت ركابي أن لـي سـعة ما مثلها سعة عرضاً ولا طـولا
ولو جمعت بني لخم بـأسـرهـم ما وازنوا ريشة من ريش سمويلا
فابرق بأرضك يا نعمان متـكـئاً مع النطاسي طوراً وابن توفـيلا
وقال: لا ابرح أرضك حتى تبعث إلي من يفتشني فتعلم أن الغلام كاذب. فأجابه النعمان:
شرد برحلك عني حيث شئت ولا تكثر علي ودع عنك الأباطـيلا
قد رميت بداء لست غـاسـلـه ما جاور النيل يوماً أهل إبلـيلا
قد قيل ذلك أن حقاً وأن كـذبـاً فما اعتذارك من شيء إذا قيل
قوله: بنو أم البنين الأربعة، هم خمسة: مالك بن جعفر ملاعب الأسنة، وطفيل بن مالك أبو عامر بن الطفيل، وربيعة بن مالك، وعبيدة بن مالك، ومعاوية بن مالك، وهم أشراف بني عامر، فجعلهم أربعة لأجل القافية، وسمويل أحد أجداد الربيع وهو في الأصل اسم طائر، وأراد بالنطاسي رومياً يقال له سرحون، وابن توفيل رومي آخر كانا ينادمان النعمان.

قد اتخذ الباطل دغلاً

الدغل، أصله الشجر الملتف، أي قد اتخذ الباطل مأوى يأوي إليه، أي لا يخلو منه. يضرب لمن جعل الباطل مطية لنفسه.

قد أحزم لو أعزم

أي إن عزمت الرأي فأمضيته فأنا حازم، وإن تركت الصواب وأنا أراه وضيعت العزم لم ينفعني حزمي، كما قال سعد بن ناشب المازني:  
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 242

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 243

إذ هم ألقى بين عينيه عزمـه ونكب عن ذكر العواقب جانبا

قد بلغ منه البلغين

أي، الداهية. قالت عائشة لعلي رضي الله عنهما يوم الجمل حين أخذت. قد بلغت منا البلغين. ويراد بالجمع على هذه الصيغة الدواهي العظام، وأصله من البلوغ، أي داهية بلغت النهاية في الشر.

قد ألنا وإيل علينا

الإيالة، السياسة. أي قد سسنا وساسنا غيرنا. وهذا المثل يروى أن زياداً قاله في خطبته.

قد حمي الوطيس

قال الأصمعي وغيره: الوطيس، حجارة مدورة فإذا حميت لم يمكن أحد أن يطأ عليها. يضرب للأمر إذا اشتد. ويروى أن النبي صلى الله عليه وسلم رفعت له أرض مؤتة فرأى معترك القوم فقال: الآن حمي الوطيس. أي اشتد الأمر.

قد تقطع الدوية الناب

الدو والدوية، المفازة. والناب، الناقة المسنة. يضرب للشيخ فيه بقية.

اقتلوني ومالكاً

أول من قال ذلك عبد الله بن الزبير، وذلك أنه عانق الأشتر النخعي فسقطا عن جواديهما إلى الأرض، واسم الأشتر مالك، فنادى عبد الله بن الزبير:
اقتلوني ومالـكـاً واقتلوا مالكاً معي
فضرب مثلاً لكل من أراد بصاحبه مكروهاً وإن ناله منه ضرر.

قد كان ذلك مرة فاليوم لا

أول من قال ذلك فاطمة بنت مر الخثعمية، وكانت قد قرأت الكتب، فأقبل عبد المطلب ومعه ابنه عبد الله يريد أن يزوجه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب، فمر على فاطمة وهي بمكة، فرأت النبوة في وجه عبد الله فقالت له: من أنت يا فتى? قال: أنا عبد الله بن عبد المطلب ابن هاشم. فقالت: هل لك أن تقع عليك وأعطيك مائة من الإبل? فقال:
أما الحرام فالممات دونـه والحل لا حل فاسـبـينـه
فكيف بالأمر الذي تنوينـه يحمي الكريم عرضه ودينه
ومضى مع أبيه فزوجه آمنة وظل عندها يومه وليلته فاشتملت بالنبي صلى الله عليه وسلم، ثم انصرف وقد دعته نفسه إلى الإبل، فأتاها فلم ير منها حرصاً فقال لها: هل لك فيما قلت لي? فقالت: قد كان ذلك مرة فاليوم لا. فأرسلته مثلاً. يضرب في الندم والإنابة بعد الاجترام. ثم قالت له: أي شيء صنعت بعدي? قال: زوجني أبي آمنة بنت وهب فكنت عندها. فقالت: رأيت في وجهك نور النبوة فأردت أن يكون ذلك في فأبى الله تعالى إلا أن يضعه حيث أحب. وقالت:
بني هاشم قد غادرت من أخيكم أمينة إذ للبـاه يعـتـلـجـان
كما غادر المصباح بعد خبـوه فتائل قد ميثت لـه بـدهـان
وما كل ما نال الفتى من نصيبه بحزم ولا ما فاتـه بـتـوان
فاجمل إذا طالبت أمراً فـإنـه سيكفيكه جدان يصطـرعـان
وقالت في ذلك أيضاً:
إني رأيت مخيلة نـشـأت فتلألأت بخنام الـقـطـر
لله ما زهـرية سـلـبـت ثوبيك ما استلبت وما تدري

قصيرة عن طويلة

قال ابن الأعرابي: القصيرة التمرة. والطويلة النخلة. يضرب لاختصار الكلام.

قمقم اله عصبه

يقال في الدعاء على الإنسان. قال ابن الأعرابي وغيره: معناه جمع الله تعالى بعضه إلى بعض وقبض عصبه. مأخوذ من القمقام، وهو الجيش يجمع من ههنا وهاهنا حتى يعظم.

القوم طبون

ويروى: ما أطبون، أي ما أبصرهم. يقال: رجل طب، أي عالم حاذق. وما أطبهم، أي ما أحذقهم. فأما رواية من روى ما أطبون فلا أعلم لها وجهاً إلا أن يقال رجل طب وأطب كما يقال خشن وأخشن ووجل وأوجل ووجر وأوجر. وما، صلة، فيكون كقوله: القوم طبون.

القول ما قالت حذام

أي، القول السديد المعتد به ما قالته وإلا فالصدق والكذب يستويان في أن كلاً منهما قول. يضرب في التصديق. قال ابن الكلبي: أن المثل للجيم بن صعب والد حنيفة وعجل، وكانت حذام امرأته، فقال فيها زوجها لجيم:
إذا قالت حذام فصدقوها فإن القول ما قالت حذام
ويروى فانصتوها، أي أنصتوا لها. كما قال الله تعالى: وإذا كالوهم أو وزنوهم. أي كالوا لهم أو وزنوا لهم.

قد أسمعت لو ناديت حياً

يضرب لمن يوعظ فلا يقبل ولا يفهم

قاتل نفس مخيلها

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 243

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 244

التخييل، التشبيه. يقال فلان يمضي على المخيل، أي على غرر من غير يقين. وعلى ما خيلت أي على شبهة، والتاء للخطة، أي يمضي على الخطة التي خيلت له أو إليه. يضرب لمن يطمع فيما لا يكون. ويروى: قاتل نفس مخيلتها، أي خيلاؤها. يضرب في ذم التكبر.

قبلك ما جاء الخبر

أصله أن رجلاً أكل محروتاً، وهو أصل الانجذان، فبات تخرج منه رياح منتنة فتأذى به أهله، فلما أصبح أخبرهم أنه أكل محروتاً فقالوا: قبلك ما جاء الخبر. أي قبل إخبارك جاء الخبر. وما، صلة.

قبل حساس الأيسار

يقال: حسست اللحم وحسحسته إذا ألقيته على الجمر. والأيسار، أصحاب الجزور في الميسر، والواحد يسر. يضرب في تعجيل الأمر. يقال: لأفعلن كذا قبل حساس الأيسار. وذلك أنهم كانوا يستعجلون نصب القدور.

قرن الحرمان بالحياء وقرنت الخيبة بالهيبة

هذا كقولهم: الحياء يمنع الرزق. وكقولهم: الهيبة خيبة.

قرده حتى أمكنه

أي خدعه حتى تمكن منه. وأصله نزع القراد من البعير الصعب حتى يتمكن من خطمه.

قيد الإيمان الفتك

يعني الغيلة، وهي القتل مكراً وفجأة. وهذا يروى عن النبي صلى الله علي وسلم.

قد أصبحوا في مخض وطب خائر

أي في باطل.

أقلل طعامك تحمد منامك

أي أن كثرته تورث الآلام المسهرة.

قد أخطأ نوأه

يضرب لمن رجع عن حاجته بالخيبة. والنوء، النهوض والسقوط، وهو واحد أنواء النجوم التي كانت العرب تقول: مطرنا بنوء كذا، أي بطلوع النجم أو بسقوطه، على اختلاف بين أهل اللغة فيه.

اقشعرت منه الذوائب

ويقال الدوائر، وهما لا يقشعران إلا عند اشتداد الخوف. والدوائر، جمع دائرة، وهي حيث اجتمع الشعر من جنب الفرس وصدره. ويقال: قد قف شعره من كذا إذا قام من الفزع. يضرب مثلاً للجبان.

أقصته شعوب

هي اسم للمنية معرفة لا تدخلها الألف واللام، أي تبعته داهية ثم نجا. قال الفراء: يقال قصه الموت وأقصه أي دنا منه.

أقصر لما أبصر

أي أمسك عن الطلب لما رأى سوء العاقبة.

قيل لشحم أين تذهب قال أقوم المعوج

يعني أن السمن يستر العيوب. يضرب للئيم يستغني فيبجل ويعظم.

قد هلك القيد وأودى المفتاح

يضرب للأمر الذي يفوت فلا يمكن

قد أصبحوا في مخض وطب خائر

أي في باطل.

أقلل طعامك تحمد منامك

أي أن كثرته تورث الآلام المسهرة.

قد أخطأ نوأه

يضرب لمن رجع عن حاجته بالخيبة. والنوء، النهوض والسقوط، وهو واحد أنواء النجوم التي كانت العرب تقول: مطرنا بنوء كذا، أي بطلوع النجم أو بسقوطه، على اختلاف بين أهل اللغة فيه.

اقشعرت منه الذوائب

ويقال الدوائر، وهما لا يقشعران إلا عند اشتداد الخوف. والدوائر، جمع دائرة، وهي حيث اجتمع الشعر من جنب الفرس وصدره. ويقال: قد قف شعره من كذا إذا قام من الفزع. يضرب مثلاً للجبان.

أقصته شعوب

هي اسم للمنية معرفة لا تدخلها الألف واللام، أي تبعته داهية ثم نجا. قال الفراء: يقال قصه الموت وأقصه أي دنا منه.

أقصر لما أبصر

أي أمسك عن الطلب لما رأى سوء العاقبة.

قيل لشحم أين تذهب قال أقوم المعوج

يعني أن السمن يستر العيوب. يضرب للئيم يستغني فيبجل ويعظم.

قد هلك القيد وأودى المفتاح

يضرب للأمر الذي يفوت فلا يمكن إدراكه لأنه إذا ذهب القيد لم يجد المفتاح ما يفتحه.

الانقباض عن الناس مكسبة للعداوة

وإفراط الأنس مكسبة لقرناء السوء

قاله أكثم بن صيفي. قال أبو عبيد: يريد أن الاقتصار في الأمور أدنى إلى السلامة. يضرب في توسط الأمور بين الغلو والتقصير كما قال الشاعر:
إن كنت منبسطاً سميت مسخرة أو كنت منقبضاً قالوا به ثقـل
وإن أعاشرهم قالوا لهيبتـنـا وإن أجانبهم قالوا به مـلـل

أقصدي تصيدي

يضرب في الحث على الطلب.

قتل أرضاً عالمها

أصل القتل التذليل. يقال: قتلت الخمر إذا مزجتها بالماء قال:
إن التي ناولتني فـرددتـهـا قتلت قتلت فهات من لم تقتل
ويراد بالمثل، إن الرجل العالم بالأرض عند سلوكها يذلل الأرض ويغلبها بعلمه. يضرب في مدح العلم ويقال في ضده:

قتلت أرض جاهلها

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 244

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 245

يضرب لمن يباشر أمراً لا علم له به، وأما قولهم: قتل فلان فلاناً، فهو من القتال وهو الجسم فكأنه ضربه وأصاب قتاله كما يقال، بطنه إذا أصاب بطنه، وأنفه إذا ضرب على أنفه، وكذلك صدره ورأسه وفخذه، وهذا قياس، قال ذو الرمة، في أن القتال هو الجسم:
ألم تعلمي يا مي أنا وبينـنـا مهاويد عن الجلس نحلاً قتالها
أي ناحلاً جسمها.

قد ترهيأ القوم

إذا اضطرب عليهم أمرهم وزأيهم قال أبو عبيدة: ترهيأ الرجل في أمره، إذا هم به ثم أمسك وهو يريد أن يفعله، وأصل قولهم، ترهيأ الجمل، هو أن يكون أحد العدلين أثقل من الآخر، وإذا كان كذلك، ظهر اضطرابها فصار مثلاً لفقد الاستقامة.

قد يؤتى على يدي الحريص

يقال، أتى عليه، إذا أهلكه، واليد، عبارة عن التصرف لأن أكثر تصرف الإنسان بها كأنه قيل، أتت المقادير على يديه فمنعته عن المقصود، ويجوز أن تكون اليد صلة فيكون قد يؤتى على الحريص أي قد يهلك الحريص. يضرب، للرجل يوقع نفسه في الشر حرصاً وشرهاً.

قد كالن يشرق بالريق

يضرب، لمن اشرف على الهلكة ثم نجا ولمن لا يقدر على الكلام من الرعب.

قد يؤخذ الجار بذنب الجار

مثل إسلامي في شعر الحكمى.

قول الحق لم يدع لي صديقاً

يروى عن أبي ذر، رضي الله تعالى عنه.

قد يمتطي الصعب بعد ما رمح

هذا قريب من قولهم، الضجور قد تحلب العلبة.

قامة تنمي وعقل يحري

النماء، الزيادة، يقال: نما ينمو وينمي والحرى النقصان يقال: حرى يحري. قال أبو نخيلة:
ما زال مذ كان على است الدهر ذا حمق ينمى وعقـل يحـري
يضرب، للذي له منظر من غير مخبر.

قد يدرك المبطئ من حظه

هذا ضد قولهم، وآخرها أقلها شرباً.

قرن الظهر للمر شاغل

أقران الظهر، الذين يجيئون من وراء ظهرك في الحرب.

قد كنت قبلك مقرورة

تزعم العرب، أن الضبع رأت ناراً من مكان بعيد فقابلتها وأقعت فعل المصطلي وقالت: قد كنت قبلك مقرورة. يضرب، لمن يسر بما لا يناله منه خير.

قد ركب السيل الدرج

أي طريقه المعهود، يضرب للذي يأتي الأمر على عهد، ويروى، قد علم السيل الدرج أي علم وجهه الذي يمر فيه ويمضي.

قد طرقت ببكرها أم طبق

التطريق، أن ينشب الولد في البطن فلا يسهل خروجه، والبكر أول ما يولد، وأم طبق، السلحفاة وهي اسم للداهية. يضرب، للأمر لا مخلص منه، ويروى، طرقت بالتخفيف من قولهم، طرقته إذا أتيته ليلاً، يعني أتت الداهية ليلاً بأمر لم يعهد مثله صعوبة.

قيل للبغل من أبو قال الفرس خالي.

يضرب للمخلط.

قد عرفتني سيرتي وأطت

يضرب لمن يشفق ويعطف عليك.

قد فك وفرج

يقال، فك الرجل يفك فكوكاً، فهو فاك، إذ استرخى فكه هرماً وكذلك فرج من قولهم، قوس فارج وفريج إذا بان وترها عن كبدها، ويروى فرج وفرج. يضرب للشيخ قد استرخى لحياه هرماً.

قد وقع بينهم حرب داحس والغبراء

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 245

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 246

قال المفضل: داحس فرس قيس بن زهير بن جذيمة العبسي والغبراء فرس حذيفة بن بدر الفزاري وكان يقال لحذيفة، هذا رب معد في الجاهلية. وكان من حديثهما، أن رجلاً من بني عبس يقال له قرواش بن هنى، كان يباري حمل بن بدر أخا حذيفة في داحس والغبراء، فقال حمل: الغبراء أجود. وقال قرواش: داحس أجود، فتراهنا عليهما عشراً في عشر، فأتى قرواش قيس بن زهير فأخبره فقال له قيس: راهن من أحببت وجنبني بني بدر فإنهم قوم يظلمون لقدرتهم على الناس في أنفسهم وأنا نكد أباء. فقال قرواش: إني قد أوجبت الرهان. فقال قيس: ويلك ما أردت إلا أشأم أهل بيت والله لتشغلن عليناً شراً. ثم إن قيساً أتى حمل بن بدر فقال: إني قد أتيتك لأواضعك الرهان عن صاحبي، فقال: لا أواضعك أو تجيء بالعشر فإن أخذتها أخذت سبقي وإن تركتها رددت حقاً قد عرفته لي وعرفته لنفسي فاحفظ قيساً فقال: هي عشرون. قال حمل: هي ثلاثون فتلاجا وتزايدا حتى بلغ به قيس مائة ووضع السبق على يدي غلاق أو ابن غلاق أحد بني ثعلبة بن سعد، ثم قال قيس: وأخيرك بين ثلاث، فإن بدأت فاخترت فلي منه خصلتان، قال حمال: فابدأ. قال قيس: فإن الغاية مائة غلوة وإليك المضمار ومنتهى الميطان أي حيث يوطن الخيل للسبق، قال: فخرج لهم رجل من محارب فقال: وقع البأس بين ابني بغيض. فضمروهما أربعين ليلة ثم استقبل الذي ذرع الغاية بينهما من ذات الأصاد وهي ردهة وسط هضب القليب فانتهى الذرع إلى مكان ليس له اسم فقادوا الفرسين إلى الغاية وقد عطشوهما وجعلوا السابق الذي يرد ذات الأصاد وهي ملأى من الماء ولم يكن ثم قصبة ولا غيرها. ووضع حمل حيساً في دلاء وجعله في شعب من شعاب هضب القليب على طريق الفرسين فسمى ذلك الشعب شعب الحيس لهذا. وكمن معه فتيان فيهم رجل يقال له زهير بن عبد عمرو وأمرهم أن جاء داحس سابقً أن يردوا وجهه عن الغاية وأرسلوهما من منتهى الذرع فلما طلعا قال حمل: سبقتك يا قيس، فقال قيس: بعد اطلاع إيناس، فذهبت مثلاً، ثم أجدا فقال حمل: سبقتك يا قيس، فقال: رويداً يعددون الجدد أي يتعدينه إلى الوعث والخبار، فذهبت مثلاً. فلما دنوا وقد برز داحس قال قيس: جري المذكيات غلاب ويقال غلاء كما يتغالى بالنبل، فذهب مثلاً. فلما دنا من الفتية وثب زهير فلطم وجه داحس فرده عن الغاية ففي ذلك يقول قيس بن زهير.:
كما لا قيت من حمل بن بدر وأخوته على ذات الأصـاد
هم فخروا علي بغير فخـر وردوا دون غايته جـوادي
فقال قيس: يا حذيفة أعطوني سبقي، قال حذيفة: خدعتك، فقال قيس: ترك الخداع من أجري من مائة، فذهبت مثلاً. فقال الذي وضعا السبق على يديه لحذيفة: إن قيساً قد سبق وإنما أردت أن يقال، سبق حذيفة، وقد قيل: أفأدفع إليه سبقه. قال: نعم، فدفع إليه الثعلبي السبق ثم أن عركى بن عميرة وابن عم له من فزارة ندما حذيفة وقالا: قد رأى الناس سبق جوادك وليس كل الناس الذي رأى أن جوادهم لطم، فدفعك السبق تحقيق لدعواهم فاسلبهم السبق فإنه أقصر باعاً وأكل حداً من أن يردك، قال لهما: ويلكما أراجع فيهما متئداً على ما فرط. عجز والله فما زالا به حتى ندم فنهى حميصة بن عمرو حذيفة وقال له: إن قيساً لم يسبقك إلى مكرمة بنفسه وإنما سبقت دابة دابة فما في هذا حتى تدعى في العرب ظلوماً، قال: أما إذا تكلمت فلا بد من أخذه، ثم بعث حذيفة ابنه أبا قرفة إلى قيس يطلب السبق فلم يصادفه فقالت له امرأته هر بنت كعب: ما أحب أنك صادفت قيساً فرجع أو قرفة إلى أبيه فأخبره بما قالت فقال: والله لتعودن إليه، ورجع قيس فأخبر امرأته الخبر فأخذت قيساً زفرات فأقبل متقلباً ولم ينشب أبو قرفة أن رجع إلى قيس فقال: يقول أبي أعطني سبقي، فتناول قيس الرمح فطعنه، فدق صلبه، ورجعت فرسه عاثرة، فاجتمع الناس فاحتملوا دية أبي قرفة مائة عشراء فقبضها حذيفة وسكن الناس فأنزلها على النفرة حتى نتجها ما في بطونها ثم إن مالك بن زهير نزل اللقاطة وهي قريب من الحاجر وكان نكح من بني فزارة امرأة فأتاها فبنى بها وأخبر حذيفة بمكانه فعدا عليه فقتله وفي ذلك يقول عنترة:
لله عيناً من رأى مثل مالـك عقيرة قوم إن جرى فرسان
فليتهما لم يجريا نصف غلوة وليتهما لم يرسلا لـرهـان
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 246

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 247

فأتت بنو جذيمة حذيفة فقالت بنو مالك بن زهير لمالك بن حذيفة: ردوا علينا مالنا. فأشار سنان بن أبي حارثة المزني على حذيفة أن لا يرد أولادها معها وأن يرد المائة بأعيانها، فقال حذيفة: أرد الإبل بأعيانها ولا أرد النسل، فأبوا أن يقبلوا ذلك فقال قيس بن زهير:
يود سنان لـو يحـارب قـومـنـا وفي الحرب تفريق الجماعة والأزل
يدب ولا يخفى لـيفـسـد بـينـنـا دبيباً كما دبت إلى حجرها النـمـل
فيا ابني بغيض راجعا السلم تسلـمـا ولا تشمتا الأعداء يفترق الشـمـل
وإن سبل الحـرب وعـر مـضـلة وإن سبيل السـلـم آمـنة سـهـل
قال، والربيع بن زياد يومئذ مجاور بني فزارة عند امرأته وكان مشاحناً لقيس في درعه ذي النور كان الربيع لبسها فقال: ما أجودها أنا أحق بها منك، وغلبه عليها فأطرد قيس لبوناً لبني زياد فعارض بها عبد الله بن جدعان التيمي بسلاح، وفي ذلك يقول قيس بن زهير:
ألم يأتيك والأنباء تـنـمـى بما لاقت لبون بـنـي زياد
ومحبسها لدى القرشي تشرى بأفراس وأسـتـاف حـداد
فلما قتلوا مالك بن زهير تواحوا نيتهم بينهم فقالوا: ما فعل حماركم، قالوا: صدناه، قال الربيع: ما هذا الوحي، إن هذا الأمر ما أدري ما هو، قالوا: قتلنا مالك بن زهير، قال: بئس ما فعلتم بقومكم قبلتم الدية ورضيتم ثم عدوتم على ابن عمكم وصهركم وجاركم فقتلتموه وغدرتم، قالوا: لولا أنك جار لقتلناك. وكانت خفرة الجارة ثلاثاً فقالوا لك ثلاثة أيام فخرج وأتبعوه فلم يدركوه حتى لحق بقومه وأتاه قيس بن زهير فصالحه ونزل معه ثم دس أمة له يقال له رعية إلى الربيع تنظر ما يعمل فدخلت بين الكفاء والقصد لتنظر أمحارب هو أم مسالم، فأتته امرأته تعرض له وهي على طهر فدحرها وقال للجارية: اسقيني، فلما شرب أنشأ يقول:
منع الرقاد فما أغمض حاري جلل من النبأ المهم السـاري
من كان محزوناً بمقتل مالك فليأت نسوتنا بوجه نـهـار
يجد النساء حواسراً يندبـنـه يلطمن أوجههن بالأسحـار

أفبعد مقتل مالك بن زهير ترجو النساء عواقب الأطهار

فأتت رعية قيساً فأخبرته خبر الربيع فقال: أنت حرة فأعتقها، وقال: وثقت بأني منصور، وقال قيس:
فإن تلك حربكم أمست عواناً فإني لم أكن ممن جنـاهـا
ولكن ولد سـوء أرثـوهـا وحشوا نارها لمن اصطلاها
فإني غبر خاذلكـم ولـكـن سأسعى الآن إذ بلغت مداها
ثم قاد بني عبس وحلفاءهم بني عبد الله بن غطفان يوم ذي المريقب إلى بني فزارة ورئيسهم إذ ذاك حذيفة بن بدر فالتقوا فقتل أرطأة أحد بني مخزوم من بني عبس عوف بن بدر وقتل عنترة ضمضماً ونفراً ممن لايعرف اسمهم وفي ذلك يقول:
ولقد خشيت بأن أموت ولم تكـن للحرب دائرة على ابني ضمضم
الشاتمي عرضي ولم أشتمهمـا والناذرين إذا لم ألقهمـا دمـي
إن يفعلا فلقد تركت أبـاهـمـا جزر السباع وكل نسر قشهـم
وقال:
ولقد علمت إذا التقت فرساننـا بلوى المريقب إن ظنك أعمق

يوم ذي حسى

ثم إن بني ذبيان تجمعوا لما أصاب بنو عبس منهم من أصابوا فغزوا ورئيسهم حذيفة بن بدر بني عبس وحلفاءهم بني عبد الله بن غطفان ورئيسهم الربيع بن زياد فتوافوا بذي حسى وهو وادي الهباءة في أعلاه فهزمت بنو عبس وأتبعتهم بنو ذبيان حتى لحقوهم بالمغيقة ويقال بعيقة فقال التغاني: أو تقيدونا? فأشار قيس على الربيع بن زياد أن يماركهم وخاف إن قاتلوهم أن لا يقوموا لهم وقال: إنهم ليسوا في كل حين يتجمعون وحذيفة لا يستنفر أحداً لاقتداره وعلوه ولكن نعطيهم رهائن من أبنائنا فتدفع حدهم عنا فإنهم لن يقتلوا الولدان ولن يصلوا إلى ذلك منهم مع الذين نضعهم على يديهم وإن هم قتلوا الصبيان فهو أهون من قتل الآباء وكان رأي الربيع مناجزتهم فقال: يا قيس أتنفخ سحرك وملأ جمعهم صدرك? وقال الربيع:
أقول ولم أملك لنفسـي نـصـيحة أرى ما يرى والله بالغيب أعـلـم
أنبقى على ذبيان من بعد مـالـك وقد حش جاني الحرب ناراً تضرم
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 247

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 248

وقال قيس: يا بني ذبيان، خذوا منا رهائن ما تطلبون ونرضاكم إلى أن تنظروا في هذا، فقد ادعيتم ما نعلم وما لا نعلم ودعونا حتى نتبين دعواكم ولا تعجلوا إلى الحرب فليس كل كثير غالباً، وضعوا الرهائن عند من ترضون به ونرضى به. فقبلوا ذلك وتراضوا أن تكون الرهائن عند سبيع بن عمرو الثعلبي فدفعوا إليه عدة من صبيانهم، وتكاف الناس فمكثوا عند سبيع حتى حضره الموت فقال لابنه مالك: إن عندك مكرمة لن تبيد إن احتفظت بهؤلاء الأغيلة وكأني بك لو قدمت أتاك أخاً لك حذيفة، وكانت أم مالك أخت حذيفة يعصر عينيه ويقول: هلك سيدنا ذم يخدعك عنهم حتى تدفعهم إليه فيقتلهم ثم لا تشرف بعدها أبداً فإن خفت ذلك فاذهب به إلى قومهم. فلما ثقل سبيع جعل حذيفة يبكي ويقول: هلك سيدنا فلما هلك طاف بمالك وعظمه ثم قال: أنا خالك وأسن منك فادفع إلي هؤلاء الصبيان يكونون عندي إلى أن ننظر في أمرنا فإنه قبيح أن تملك علي شيئاً، ولم يزل به حتى دفعهم غليه فلما صاروا عنده أتى بهم اليعمرية وهو ماء بواد من بطن نخل وأحر أهل الذين قتلوا، فجعل يبرز كل غلام منهم فينصبه غرضاً ويقول له: ناد أباك، فينادي أباه، فلم يزل يرميه حتى يخرقه فإن مات من يومه ذاك وإلا تركه إلى الغد ثم فعل به مثل ذلك حتى يموت، فلما بلغ ذلك بني عبس أتوهم باليعمرية فقتلت بنو عبس من بني ذبيان اثني عشر رجلاً منهم مالك ويزيد ابنا سبيع وعركي بن عميرة وقال عنترة في قتل عركي:
سائل حذيفة حين ارش بينـنـا حرب ذوائبها بموت تخفـق
واسأل عميرة حين أجلب خيلها رفضا غرين بأي حي تلحـق

يوم الهباءة

ثم إنهم تجمعوا فالتقوا إلى جفر الهباءة في يوم قائظ فاقتتلوا من بكرة حتى انتصف النهار وحجز الحر بينهم، وكان حذيفة يحرق ركوب الخيل فخذيه، وكان ذا خفض فلما تحاجروا أقبل حذيفة ومن كان معه إلى جفر الهباءة ليبتردوا فيه فقال قيس لأصحابه: إن حذيفة رجل محرق الخيل ناره وإنه مستنقع الآن في جفر الهباءة هو وأخوته فاتبعوهم. فنهضوا وأتوهم ونظر حصن بن حذيفة إلى الخيل، ويقال عيينة ابن حصن، فبعل وانحدر في الجفر فقال حمل بن بدر: من أبغض الناس إليكم أن يقف على رؤوسكم? قالوا: قيس والربيع قال: فهذا قيس قد جاءكم. فلم ينتقض كلامه حتى وقف قيس وأصحابه على شفير الجفر وقيس يقول: لبيكم لبيكم، يعني الصبية وفي الجفر حذيفة ومالك وحمل بن بدر فقال حمل: نشدتك الرحم يا قيس، فقال قيس: لبيكم لبيكم. فعرف حذيفة أن لن يدعهم فنهر حملاً وقال: إياك والمأثور في الكلام، وقال حذيفة: بنو مالك بمالك وبنو حمل بذي الصبية ونرد السبق، قال قيس: لبيكم لبيكم. قال حذيفة: لئن قتلتني لا تصطلح غطفان أبداً، قال قيس: أبعدك الله، قتلك خير لغطفان، سيربع على قدره كل سيد ظلوم، وجاء قرواش بن هنى من خلف حذيفة فقال له بعض أصحابه: احذر قرواشاً، وكان قد رباه، فظن أنه سيشكر ذاك له قال: خلوا بين قرواش وظهري فنزع له قرواش بمعبلة فقصهم بها صلبه وابتدره الحرث ابن زهير وعمرو بن الأسلع فضرباه بسيفيهما حتى ذففا عليه، وأخذ الحرث ابن زهير سيف حذيفة ذي النون ويقال أنه كان سيف مالك بن زهير أخذه حذيفة يوم قتل مالك، ومثلوا بحذيفة، فقطعوا مذاكيره فجعلوها في فمه وجعلوا لسانه في استه ورمى جنيدب بن زيد مالك بن بدر بسهم فقتله، وكان نذر ليقتلن بابنه رجلاً من بني بدر، فأحل به نذره وقتل مالك ابن الأسلع الحرث بن عوف بن بدر بابنه واستصغروا عيينة بن حصن فخلوا سبيله وقتل الربيع بن زياد حمل بن بدر فقال قيس بن زهير يرثيه:
تعلم أن خير النـاس طـرا على جفر الهبـاءة لا يريم
فلولا ظلمه ما زلت أبكـي عليه الدهر ما طلع النجوم
ولكن الفتى حمل بـن بـدر بغى والبغي مرتعه وخـيم
أظن الحلم دل علي قومـي وقد يستجهل الرجل الحلـيم
ألاقي من رجال منكـرات فأنكرها وما أنا بالظـلـوم
ومارست الرجال ومارسوني فمعوج علي ومسـتـقـيم
وقال زبان بن زياد يذكر حذيفة وكان يحسد سؤدده:
وإن قتيلاً بالهباءة في استه صحيفته إن عاد للظلم ظالم
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 248

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 249

متى تقرؤوها تهدكم من ضلالكم وتعرف إذا ما فض عنها الخواتم
فإن تسألوا عنها فوارس داحـس ينبئك عنها مـن رواحة عـالـم
ونعى ذلك عقيل بن علقه على عويف القوافي حين هاجاه فقال:
ويوقد عوف للعشيرة نارهـا فهلا على جفر الهباءة أوقدا
فإن على جفر الهباءة هامة تنادي بني بدر وعاراً مخلدا
وإن أبا ورد حذيفة مثـفـر بأبر على جفر الهباءة أسودا
وقالت بنت مالك بن بدر ترثي أباها:
إذا هتفت بالرقمتين حـمـامة أو الرس فأبكي فارس الكتفان
أحل به أمس الجنـيدب نـذره وأي قتيل كان في غطـفـان

يوم الفروق

فلما أصيب يوم الهباءة استعظمت غطفان قتل حذيفة وكبر ذلك عندها، فتجمعوان وعرفت بنو عبس، أن لا مقام لهم بأرض غطفان، فخرجت متوجهة نحو اليمامة يطلبون أخوالهم، وكانت عبلة بنت الدؤل بن حنيفة أم رواحة فأتوا قتادة بن مسلمة فنزلوا اليمامة زميناً، فمر قيس ذات يوم مع قتادة فرأى قحفاً فضربه برجله وقال: كم من ضيم قد اقررت به مخافة هذا المصرع، ثم لم تنشل منه، فلما سمعها قتداة كرهها وأوجس منه فقال: ارتحلوا عنا، فارتحلوا حتى نزلوا هجر ببني سعد بن زيد مناة بن تميم فمكثوا فيهم زميناً، ثم أن بني سعد أتوا الجون ملك هجر فقالوا له: هل لك في مهرة شوهاء وناقة حمراء وفتاة عذراء? قال: نعم. قالوا: بنو عبس غارون تغير عليهم مع جندك وتسهم لنا من غنائمهم? فأجابهم: وفي بنس عبس امرأة من سعد ناكح فيهم فأتاها أهلها ليضموها وأخبروها الخبر فأخبرت به زوجها فأتى قيساً فأخبره فأجمعوا على أن يرحلوا الظعائن وما قوى من الأموال من أول الليل ويتركوا النار في الرثة فلا يستنكر ظعنهم عن منزلهم وتقدم الفرسان إلى الفروق فوقفوا دون الظعن وبين الفروق وسوق هجر نصف يوم فإن تبعوها قاتلوهم وشغلوهم حتى تعجل الظعن، ففعلت ذلك وأغارت جنود الملك مع بني سعد في وجه الصبح فوجدوا الظعن قد أسرين ليلتهن ووجدوا المنزل خلاء فاتبعوا القوم حتى انتهوا إلى الخيل بالفروق، فقاتلوهم حتى خلوا سربهم، فمضوا حتى لحقوا بالظعن، فساروا ثلاثة أيام ولياليهن حتى قالت بنت قيس لقيس: يا أبت أتسير الأرض? فعلم أن قد جهدن فقال: أنيخوا فأناخوا ثم ارتجل. وفي ذلك يقول عنترة:
ونحن منعنا بالفروق نسـاءنـا نطرق عنها مشعلات غواشيا
حلفت لها والخيل تدمى نحورها نفارقكم حتى تهزوا العوالـيا
ألم تعلموا أن الأسنة أحـرزت بقيتنا لو أن للـدهـر بـاقـيا
ونحفظ عورات النساء ونتقـي عليهن أن يلقين يوماً مخـازيا
فلحقوا ببين ضبة وزعموا أن مالك بن بكر بن سعد وعبساً أخوان لأم ويقال لهما ابنا ضخام، فكانوا فيهم زمناً وأغارت ضبة وكانت تميم تأكلهم قبل أن يترببوا، فأغاروا على بني حنظلة، فاستاق رجل من بني عبس امرأة من بني حنظلة في يوم قائظ حتى بهرها ولهست فقال رجل من بني ضبة: ارفق بها. فقال العبسي: إنك بها لرحيم. فقال الضبي: نعم، فأهوى العبسي لعجزها بطرف السنان فنادت: يا آل حنظلة، فشد الضبي على العبسي فقتله وتنادى الحيان ففارقتهم عبس فمرت تريد الشام وبلغ بني عامر ارتفاعهم إلى الشام فخافوا انقطاعهم من قيس فخرجت وفود بني عامر حتى لحقتهم فدعتهم إلى أن يرجعوا ويحالفوهم فقال قيس: يا بني عبس، حالفوا قوماً في صبابة بني عامر ليس لهم عدد فيبغوا عليكم بعددهم فإن احتجتم أن يقوموا بنصرتكم قامت بنو عامر فحالفوا معاوية بن شكل فمكثوا فيهم، ثم إن شاعراً يقال أنه عبد الله بن همام أحد بني عبد الله بن غطفان ويقال أنه النابغة الذبياني قال:
جزة الله عبـسـاً آل بـغـيض جزاء الكلاب العاويات وقد فعل
بما انتهكوا من رب عدنان جهرة وعوف يناجيهم وذلكـم جـلـل
فأصبحتم والله يفـعـل ذلـكـم يعزكم مولى مواليكـم شـكـل
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 249

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 250

فلما بلغ قيساً قال: ما له، قاتله الله، أفسد علينا حلفنا، فخرجوا حتى أتوا بني جعفر بن كلاب فقالوا: نكره أن تتسامع العرب أنا حالفناكم بعد الذي كان بينها وبينكم، ولكنهم حلفاء بني كلاب فكانوا فيهم حتى كان يوم جبلة فتهايجوا في شأن ابن الجون قتله رجل من بني عبس بعدما كان أعتقه عوف بن الأحوص فقال عوف: يا بني جعفر إن بني عبس أدنى عدوكم إليكم إنما يجمعون كراعهم ويحدون سلاحهم ويأسون قروحهم فأطيعوني وشدوا عليهم قبل أن يندملوا وقال:
وإن وقيساً كالمسمن كلبه فخدشه أنيابه وأظافـره
فلما بلغ ذلك بني عبس أتوا ربيعة بن قرط أحد بني أبي بكر بن كلاب فحالفوه فقال في ذلك قيس:
أحاول ما أحـاول ثـم آوي إلى جار كجـار أبـو داود
منبع وسط عكرمة بن قيس وهوب للطريف وللـتـلاد
كفاني ما خشيت أبو هـلال ربيعة فانتهيت عن الأعادي
تظل جياده يسرين حـولـي بذات الرمث كالحدأ العوادي

يوم شعواء

ثم إن بني ذبيان غزوا بني عامر وفيهم بنو عبس في يوم شعواء وفي يوم آخر فأسر طلحة بن سنان قرواش بن هنى فنسبه فكنى عن نفسه فقال: أنا ثور بن عاصم البكائي فخرج به إلى أله فلما انتهى إلى أدنى البيوت عرفته امرأة من أشجع أمها عبسية كانت تحت رجل من فزارة فقالت لزوجها: إن أرى أبا شريح? قال: ومن أبو شريح? قالت: قرواش بن هنى أبو الأضياف مع طلحة بن سنان قال: ومن أين تعرفينه? قالت: يتمت أنا وهو من أبوينا فربانا حذيفة في أيتام غطفان. فخرج زوجها حتى أتى خزيم بن سنان فقال: أخبرتني امرأتي أن أسير طلحة أخيك قرواش بن هنى، فأتى خزيم طلحة فأخبره فقال: لا تغرني على أسيري لتسلبه مني قال خهزيم: لم أرد ذلك ولكن امرأة فلان عرفته فاسمع كلامها فأتوها فقال طلحة: ما علمك أنه قرواش? قالت: هو هو وبه شامة في موضع كذا، فرجعوا إليه ففتشوه فوجدوا الذي ذكرت. قال قرواش: من عرفني? قالوا: فلانة الأشجعية وأمها عبسية قال: رب شر حملته عبسية. فذهبت مثلاً. ودفع إلى حصن فقتله فقال النابغة الذبياني:
صبراً قطيع بني عبس إنها رحم حبتم بها فأناختكم بجـعـجـاع
فما أشطت سمى إن هم قتلـوا بني أسيد ومروان بن زنـبـاع
كانت قروض رجال يطلبون بها بني رواحة كيل الصاع بالصاع
سمى هو ابن مازن فزارة ولم تزل عبس في بني عامر حتى غزا غزي من بني عامر يوم شواحط بني ذبيان فأسر منهم ناس أحدهم أخو حنبص الضبابي أسره رجل من بني ذبيان فلما نفدت أيام عكاظ استودعه يهودياً خماراً من أهل تيماء فوجده اليهودي يخلفه في أهله، فأجب مذاكيره، فمات، فوثب حنبص على بني عبس فقال: إن غطفان قتلت أخي فدوه، فقال قيس: إن يدي مع أيديكم على غطفان ومع هذا فإنما وجده اليهودي مع امرأته فقال حنبص: والله لو قتلته الريح لوديتموه فقال قيس لقومه: دوه والحقوا بقومكم فالموت في غطفان خير من الحياة في بني عامر وقال:
لحا الله قوماً أرشوا الحرب بيننـا سقونا بها مراً من الماء آجـنـا
وكايد ذا الخصيين إن كان ظالمـاً وإن كنت مظلوماً وإن كان شاطنا
فهلا بني ذبـيان أمـك هـابـل وهنت بفيف الريح إن كنت راهنا
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 250

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 251

فلما ودت عبس أخا حنبص خرجت حتى نزلت بالحرث بن عوف ابن أبي حارثة وهو عند حصن بن حذيفة جاء بعد ساعة من الليل فقيل: هؤلاء أضيافك ينتظرونك، قال: ب أنا ضيفهم، فحياهم وهش إليهم وقال: من القوم? قالوا: إخوانك بنو عبس وذكروا ما لقوا فأقروا بالذنب فقال: نعم وكرامة لكم أكلم حصناً فرجع إليه فقيل لحصن: هذا أبو أسماء قال: ما رده إلا أمر، فدخل الحرث فقال: طرقت في حاجة يا أبا قيس قال: أعطيتها. قال بنو عبس: وجدت وفودهم في منزلي. قال حصن: صالحوا قومكم أما أنا فلا أدي ولا أتدي قد قتلت آبائيوعمومتي عشرين من بني عبس فما أدركت دماءهم. ويقال: انطلق الربيع ويس إلى يزيد بن سنان ابن أبي حارثة وكان فارس بني ذبيان فقالا: أنعم ظلاماً أبا ضمرة قال: نعم ظلامكما فمن أنتما? قالا: الربيع وقيس قال: مرحباً. قالا: أردنا أن تأتي أباك فتعيننا عليه لعله يلم الشعث ويرأب الصدع، فانطلق معهما فقال مرحباً قد آن للأحلام أن تثوب وللأرحام أن تتقى، إني لا أقدر على ذلك إلا بحصن بن حذيفة وهو سيد حليم فائتوه، فأتوا حصناً فقال: من القوم? قالوا: ركبان الموت، فعرفهم قال: بل ركبان السلم مرحباً بكم، إن تكونوا اختللتم إلى قومكم لقد اختل قومكم إليكم، ثم خرج معهم حتى أتوا سناناً فقال له حصن: قم بأمر عشيرتك وارأب بينهم فإني سأعينك، فاجتمعت بنو مرة فكان أول من سعى في الحمالة حرملة بن الأشعر ثم مات فسعى فيها ابنه هاشم بن حرملة الذي يقول فيه القائل:
أحيا أباه هاشم بن حرمـلـه يوم الهباتين ويم العـيمـلـه
ترى الملوك حوله مغربـلـه يقتل ذا الذنب ومن لا ذنب له

يوم قطن

ولما حمل الحاملات وتراضى أبناء بغيض اجتمعت عبس وذبيان بقطن وهو من الشرية، فخرج حصين بن ضمضم يخلي فرسه وهو آخذ بمرسنها فقال الربيع بن زياد: ما لي عهد بحصين بن ضمضم مذ عشرين سنة وإني لأحسبه هذا، قم يا بيحان فأذن منه وناطقه فإن في لسانه حبسة، فقام يكلمه فجعل حصين يدنو منه فلا يكلمه حتى إذا أمكنه جال في متن فرسيه ثم وجهها نحوه فلحقه قبل أن يأتي القوم فقتله بأبيه ضمضم وكان عنترة قتله وكان حصين آلى أن لا يمس رأسه غسل حتى يقتله بأبيه بيحان، فانحازت عبس وحلفاؤها وقالوا لا نصالحكم ما بل بحر صوفة وقد غردت بنا بنو مرة، وتناهض الحيان ونادى الربيع بن زياد: من يبارز? فقال سنان، وكان يومئذ واجداً على ابنه يزيد: ادعوا لي ابني فأتاه هرم بن سنان فقال: لا، فأتاه خارجة فقال: لا، وكان يزيد يحزم فرسه ويقول إن أبا ضمرة غير غافل، ثم أتاه فبرز للربيع وسفرت بينهم السفراء فأتى خارجة ابن سنان أبا بيحان فدفعه إليه وقال: هذا وفاء من ابنك، قال: اللهم نعم، فكان عنده أياماً ثم حمل خارجة لأبي بيحان مائتي بعير فأدى مائة وحط عنه الإسلام مائة فاصطلحوا وتعاقدوا، وفي ذلك يقول خارجة ابن سنان:
أعتبت عن آل يربوع قـتـيلـهـم وكنت أدعى إلى الخيرات أطوارا
أعتبت عنهم أبا بيحان أرسـنـهـا ورداً ودهماص كمثل النخل أبكارا
وكان الذي ولي الصلح عوف ومعقل ابنا سبيع بن عمرو من بني ثعلبة فقال عوف بن خارجة بن سنان: أما إذا سبقني هذين الشيخان إلى الحمالة فهلم إلى الظلم والطعام والحملان فأطعم وحمل وكان أحد الثلاثة يومئذ فصدروا على الصلح بعد ما امتدت الحرب بينهم سنين. قال المؤرخ الدوسي: أربعين سنة. يضرب مثلاً لقوم وقعوا في الشر يبقى بينهم مدة.

قد ونى طرفاه

يضرب للذي ذل وضعف عن أن يتم له أمر، قال ابن السكيت قال النجاشي:
وإن فلاناً والإمارة كـالـذي ونى طرفاه بعد ما كان أجدعا
قال يعقوب: يعني علياً رضي الله عنه، أي لا يتم له إمارة كما أن الذي جدعت أذناه لا تفيآن ولا تعودان كما كانتا. وكان جلده في شرب الخمر في رمضان ثم زاده فقال: ما هذه العلاوة قال: هذا بجراءتك على الله تعالى في هذا الشهر ثم هرب إلى معاوية رضي الله عنه.

قدت سيوره من أديمك

قال أبو الهيثم: إذا كانت السيور مقدودة من أديمين اختلفت فإذا فسدت من أديم واحد لم تكد تفاوت. قال الشاعر:

وقدت من أديمهم سيوري

يضرب للشيئين يستويان في الشبه.

أقر صامت

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 251

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 252

يضرب للرجل يسأل عن شيء فيسكت. يعني، أقر من صمت عن الأمر فلم ينكره. وهذا كما يقال سكوتها رضاها.

القر في بطون الإبل

أي ذهاب القر، يريدون أن البرد يذهب عنهم إذا نتجت الإبل وإنما يتفرجون في الربيع لأن الإبل تنتج فيه ويصيبهم الهزال وسوء الحال في الشتاء.

قريحة يصدى بها المقرح

القريحة، البئر أول ما تحفر ولا تسمى قريحة حتى يظهر ماؤها، والمقرح صاحبها، والصدى العطش. يضرب لمن يتعب في جمع المال ثم لا يحظى به.

قرون بدن ما لها عقاء

البدن جمع بدن وهو الوعل المسن. والعقاء جمع عقوة وهي الطرف المحدد من القرن. يضرب لقوم اجتمعوا في أمر ولا رئيس لهم.

قد ضاق عن شحمته الصفاق

يقال للجلدة التي تضم اقتام البطن الصفاق. يضرب هذا لمن اتسع حاله وكثر ماله فعجز عن ضبطه، ولمن يعجز عن كتمان السر أيضاً.

قمقامة حكت بجنب الباذل

القمقامة، الصغير من القردان، والباذل، من الإبل، ما دخل في السنة التاسعة وهو أقواها. يضرب للضيف الذليل يحتك بالقوي العزيز.

أقرف عيناً والنجار مذهب

الأقراف، مداناة الهجنة في الفرس، وفي الناس تكون الأم عربية والأب ليس كذلك. ونصب عيناً على التمييز. والنجار، الأصل. يضرب لمن طاب أصله وهو في نفسه خبيث القول والفعل. والمذهب الذي عليه الذهب. يعني أن أصله محلى وهو بخلاف ذلك.

قرم معرى الجنب من سداد

القرم، الفحل من الإبل يقتنى للفحلة وذلك لكرمه يقول: هذا قرم سلم جنبه من الدبر لأنه لم يحمل عليه ولم يرحل فيقرح جنبه وظهره فيحتاج إلى السداد وهو الفتيلة ليسد بها المقروح والجمع الأسدة ومنه قول القلاح ابن حزن: ليس بجنبي أسدة الدرن. يعني أنه نقي مهذب. يضرب للسيد الكريم الطاهر الأخلاق.

الأقوس الأحبى من ورائك

يقال، الأقوس، الشديد الصلب. والأحبى، الأفعل من حبا يحبو حبواً وهذان من صفة الدهر لأنه يرصد أن يهجم على الإنسان كالحابي يحبو ليثب متى وجد فرصة. قلت: الأقوس المنحني الظهر وذلك لصلابة تكون في صلبه ولو قيل الشديد الصلب لكان ما أشرت إليه. ويجوز أن يقال الأقوس مقلوب من الأقسى يعني أن الدهر الأصلب الذي لا يبليه شيء والذي يحبو ليثب من ورائك أي أمامك. يضرب لمن يفعل فعلاً لا تؤمن بوائقه فهو يحذر بهذه اللفظة كما يقال الحساب أمامك.

قد جانب الروض وأهوى للجرل

يقال، أهوى له أي قصده، والجرل، الحجارة وكذلك الجرول ومكان جول فيه حجارة. يضرب، لمن فارق الخير واختار الشر وهو كالمثل الآخر، تجنب روضة وأحال يعدو.

أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم

أراد بذوي الهيئات، أصحاب المروآت ويروى ذوي الهنات بالنون جمع الهنة وهي الشيء الحقير. أي من قلت عثراته أو حقرت أقيلوها.

استقدمت رحالتك

الرحالة، سرج من جلود ليس في خشب كانوا يتخذونه للركض الشديد واستقدمت بمعنى تقدمت. يضرب للرجل يعجل إلى صاحبه بالشر.

قد تؤذيني النار فكيف أصلى بها

يضرب، لكل ما يكره الإنسان أن يراه أو يفعل إليه مثله.

قالت النغلة لا أكون وحدي

النغل، فساد الأديم. وأصله أن الضائنة ينتف صوفها وهي حية فإذا دبغوا جلدها لم يصلحه الدباغ لأنه قد نقل ما حواليه. يضرب، للرجل فيه خصلة سوء أي لا تنفرد هذه الخصلة بل تقترن بها خصال أخر.

قد بلغ الشظاظ الوركين

الشظاظ، عويد يجعل في عروة الجوالق، يضرب فيما جاوز الحد وهو كقولهم: قد بل السيل الزبى وجاوز الحزام الطبيين.

قد أوضعت منذ ساعة

الإيضاع الإسراع. يضرب لمن يستبطئ قضاء حاجته ولم تبطؤ بعد.

قد تخرج الخمر من الضنين

يضرب للبخيل يستخرج منه شيء.

قد يمكن المهر بعد ما رمح

يضرب لمن ذل بعد جماحه.

قصارى المتمني الخيبة

يقال، قصرك أن تفعل كذا وقصارك أن تفعلل كذا وقصاراك بضم القاف أي غايتك. يضرب لمن يتمنى المحال.
قرينك سهمك يخطئ ويصيب يضرب في الإغضاء على ما يكون من الأخلاء.

أقبح هزيلين الفرس والمرأة

يحكى أن عمرو بن الليث عرض عليه الجند يوماً يعطى فيه أرزاقهم فعرض عليه رجل له فرساً عجفاء فقال عمرو: هؤلاء يأخذون دراهمي ويسمنون بها أكفال نسائهم، فقال الرجل: لو رأى الأمير كفلها لاستسمن كفل دابتي. فضحك عمرو وأمر له بصلة وقال، سمن بها مركوبيك.

اقلب قلاب

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 252

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 253

قاله عمر رضي الله عنه وهذا مثل، يضرب للرجل تكون منه السقطة فيتداركها بأن يقلبها عن جهتها ويصرفها إلى غير معناها. قال أبو الندى في أمثاله: يقال، أحمق من عدي بن جناب وهو أخو زهير بن عدي ابن جناب وكان زهير وفاداً على الملوك ووفد على النعمان ومعه أخوه عدي فقال النعمان: يا زهير، إن أمي تشتكي فبم تتداوى نساؤكم? فالتفت عدي فقال: دواؤها الكمرة، فقال النعمان لزهير: ما هذه? قال: هي الكمأة أيها الأمير فقال عدي: اقلب قلاب ما هي إلا كمرة الرجال "قلت" ووجدت بخط الأزهريهذا المثل مقيداً: قلب قلاب. وقال عدي: اطلب لها كمرة حارة. فغضب الملك وهم بقتله فقال زهير: إنما أراد أن ينعت لك الكمأة فإنا نسخنها ونتداوى بها وقال لأخيه عدي: إنما أردت كذا. فنظر عدي إلى زهير فقال: اقلب قلاب، فأرسلها مثلاً.

ما على أفعل من هذا الباب

أقصف من بروقة

البروق، نبت خوار. قال جرير:
كأن سيوف التيم عيدان بـروق إذا نضيت عنها لحرب جفونها

أقود من ظلمة

هي امرأة من هذيل وكانت فاجرة في شبابها حتى عجزت ثم قادت حتى أقعدت ثم اتخذت تيساً فكانت تطرقه الناس فسئلت عن ذلك فقالت: إني أرتاح إلى نبيبه على ما بي من الهرم، وسئلت، من أنكح الناس? فقالت: الأعمى العفيف. فحدث عنوانة بهذا الحديث وكان مكفوفاً فقال: قاتلها الله من عالمة بأسباب الطروفة. قال الجاحظ: لما قدم أشعب الطماع من مدينة بغداد في أيام المهدي تلقاه أصحاب الحديث لأنه كان ذا إسناد فقالوا له: حدثنا، فقال: خذوا، حدثني سالم بن عبد الله وكان يبغضني في الله قال: خصلتان لا تجتمعان في مؤمن وسكت فقالوا: اذكرهما. قال نسي إحداهما سالم ونسيت الأخرى فقالوا: حدثنا عافاك الله بحديث غيره، فقال: خذوا. سمعت ظلمة وكانت من عجائزنا تقول: إذا أنا مت فاحرقوني بالنار ثم اجمعوا رمادي في صرة وأتربوا به كتب الأحباب فإنهم يجتمعون لا محالة، وأتوا به اللخاتنات ليذررن منه على جراح الصبيان فإنه يلهجن بالزب ما عشن وقال ابن يسار الكواعب يضرب بظلمة المثل:
بليت بورهـاء ذعـردة تتكاد تقطرها الغلـمة
تنم وتعضه جاراتـهـا وأقود بالليل من ظلمة
فمن كل ساع لها ركله ومن كل جار لها لطمة

أقوى من نملة

يقال أنه ليس شيء من الحيوان يحمل وزنه حديداً إلا النملة وتجر نواة التمر وهي أضعافها زنة وكذلك الذرة أضعافها لو وزنت به.

أقصر من غب الحمار وأقصر من ظاهرة الفرس

ويقال أيضاً: أقصر من ظمء الحمار لا يصبر عن الماء أكثر من غب لا يربع، والفرس لا بد له من أن يسقى كل يوم فالغب بعد الظاهرة والربع بعد الغب والخمس بعده ثم السدس ثم السبع ثم الثمن ثم التسع ثم العشر وجعلت العرب الخمس أشأم الأظماء لأنهم لا يظمؤون في القيظ أكثر منه والإبل في القيظ لا تقوى على أطول منه وهو شديد على الإبل.

أقضى من الدرهم

هذا من قول الشاعر:
لم ير ذو الحاجة في حاجة أقضى من الدرهم في كفه

أقطع من جلم وأقد من شفرة

هذا أيضاً من قول الشاعر:
أقد لنعمـاك مـن شـفـرة وأقطع في كفكرها من جلم

قود من مهر

وذلك لأن المهر إذا قيد عارض قائده وسبقه، وهذا أفعل من المفعول، قال أبو الندى: لأنه يسابق راجلة صاحبه.

أقود من ظلمة

لأن الظلام يستر كل شيء والعرب تقول: لقيته حين وارى الظلام كل شخص ولقيته حين يقال: أخوك أم الذئب.

أقود من ليل

هذا من قول الشاعر:
لا تلق إلا بليل من تواصله فالشمس نمامة والليل قواد

أقذر من معباة

هي خرقة الحائض. والاعتباء والاحتشاء يقال اعتبأت المرأة، وأما قولهم: أقفط من تيس البياع، فقد مر ذكره في باب التاء عند قولهم، أتيس من تيس البياع.

أقفط من تيس بني حمان

مر ذكره في باب الغين في قولهم، أغلم من تيس بني حمان

أقرش من المجبرين

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 253

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 254

القرش، الجمع والتجارة والتقرش، التجمع ومن هذا سميت قريش قريشاً. زعم أبو عبيدة أنهم أربعة رجال من قريش وهم أولاد عبد مناف بن قصي أولهم هاشم ثم عبد شمس ثم نوفل ثم المطلب. بنو عبد مناف سادوا بعد أبيهم، لم يسقط لهم نجم، جبر الله تعالى بهم قريشاً فسموا المجبرين وذلك أنهم وفدوا على الملوك بتجاراتهم أخذوا منهم لقريش العصم أخذ لهم هاشم جبلاً من ملوك الشام حتى اختلفوا بذلك السبب إلى أرض الشام وأطراف الروم وأخذ لهم عبد شمس جبلاً من النجاشي الأكبر حتى اختلفوا بذلك السبب إلى ارض الحبشة وأخذ لهم نوفل جبلاً من ملوك الفرس حتى اختلفوا بذلك السبب إلى أرض فارس والعراق وأخذ لهم المطلب جبلاً من ملوك حمير حتى اختلفوا بذلك السبب إلى بلاد اليمن وأما قولهم:

أقرى من زاد الركب

فزعم ابن الأعرابي أن هذا المثل من أمثال قريش ضربوه لثلاثة من أجوادهم مسافرين، أبي عمرو بن أمية وأبي أمية بن المغيرة والأسود ابن المطلب بن أسد بن عبد العزى. سموا زاد الركب لأنهم كانوا إذا سافروا مع قوم لم يتزودوا معهم.

أقرى من حاسي الذهب

هذا أيضاً من قريش وهو عبد الله بن جدعان التيمي الذي قال فيه أبو الصلت الثقفي:
له داع بمكة مشـمـعـل وآخر فوق دارته ينـادي
إلى ردح من الشزى ملاء لباب البر يلبك بالشهـاد
وسمي حاسي الذهب لأنه كان يشرب في إناء من الذهب.

أقرى من غيث الضريك

هذا المثل ربعي وغيث الضريك قتادة بن مسلمة الحنفي، والضريك الفقير.

أقرى من مطاعيم الريح

زعم ابن الأعرابي أنهم أربعة: أحدهم عم أبي محجن الثقفي ولم يسم الباقين قال أبو الندى، هم كنانة بن عبد ياليل الثقفي عم أبي محجن ولبيد بن ربيعة وأبوه. كانوا إذا هبت الصبا أطعموا الناس. وخصوا الصبا لأنها لا تهب إلا في جدب. قالت بنت لبيد:
إذا هبت رياح أبي عقيل ذكرنا عند هبتها ولـيدا
أشم الأنف أبيض عبشميا أعان على مروءته لبيدا

أقرى من آكل الخبز

المثل تميمي وآكل الخبز عبد الله بن حبيب العنبري أحد بني سمرة سمي آكل الخبز لأنه كان لا يأكل الثمر ولا يرغب في اللبن وكان سيد بني العنبر في زمانه، وهم إذا فخروا قالوا منا آكل الخبز ومنا مجير الطير، فأما مجير الطير فهو نور بن شحمة العنيري وأما السبب في تلقيبهم عبد الله بن حبيب بآكل الخبز، فلأن الخبز نفسه عندهم ممدوح. وذكر أبو عبيدة بن هوذة بن علي الحنفي دخل على كسرى أبرويز فقال له: أي أولادك أحب إليك? قال الصغير حتى يكبر والغائب حتى يقدم والمريض حتى يبرأ قال: ما غذاؤك ببلدك? قال: الخبز فقال كسرى: هذا عقل الخبز لا عقل اللبن والتمر، فصار الخبز عندهم ممدوحاً كما صار ما يناسبه بعض المناسبة ممدوحاً وهو الفالوذ لأنه أشرف طعام وقع إليهم ولم يطعم الناس هذا الطعام أحد من العرب إلا عبد الله بن جدعان فمدحه أبو الصلت بذلك وما يناسبه كل المناسبة يعني الثريد وهو في أشرافهم فعام وغلب عليه هاشم حين هشم الخبز لقومه فمدح به في القول الشاعر:
عمرو العلا هشم الثريد لقومه ورجال مكة مسنتون عجاف
قال حمزة: فهذا المثل مع ما يتلوه حكاه عمرو بن بحر الجاحظ في كتابه الموسوم بكتاب أطعمة العرب.

أقرى من أرماق المقوين

زعم أبو اليقظان أنهم ثلاثة كعب وحاتم وهرم.

أقل من واحد ومن أوحد ومن تبنة في لبنة ومن لا شي

في العدد وفي اللفظ من لا

أقر من حبة ومن أنملة ومن فتر الضب

ومن إبهام الضب ومن إبهام الحبارى ومن إبهام القطاة

ومن زب نملة

أقطف من نملة ومن ذرة ومن فريخ الذر ومن حلمة

ومن أرنب

أقبح أثراً من الحدثان ومن قول بلا فعل

ومن من على نبل ومن تيه بلا فضل

ومن زوال النعمة ومن الغول ومن السحر ومن خنزير ومن قرد

أقسى من صخرة ومن الحجر

أقرب من البعث ويروى من البغت

أقرب من حبل الوريد ومن عصا الأعرج

أقطع من البين

أقصر من اليد إلى الفم

أقتل من السم

أقفر من أبرق العزاف ومن برية خساف

قال أبو الندى، هي برية بين السواجير ويانس بأرش الشام بستة فراسخ.
قال: وقد سلكها خساف.

أقدم من البذ

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 254

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 255

أقبح من جهمة قفرة

الجهمة، التي في وجهها كلوح، والقفرة، القليلة اللحم.

المولدون

قل النادرة ولو على الوالدة

قيدوا العلم بالكتابة

قيدوا نعم الله بالشكر

قبل السحاب أصابني الوكف

فبر العاق خير منه

قد يخرج من الصدفة غير الدرة

قد يقدم العير من ذعر على الأسد

قد يهزل المهر الذي هو فاره

قد خلع عذاره وركب رأسه

قد عبر موسى البحر

إذا بلغ غاية الشكر

قد جعل إحدى أذنيه بستاناً والأخرى ميداناً

يضرب لمن لا يسمع الوعظ

قد تعود خبز السفرة

يضرب لمن يوصف بالتجارب، ومثله، قد نام مع الصوفية، ونام تحت حصر الجامع، وضرب بالحراب وجه المحراب.

قد صار من سقط الجند

يضرب للأمر إذا التحى

قد جعل إحدى يديه سطحاً وملأ الأخرى سلحاً

يضرب للمتهتك

قد أفلح الساكت الصموت

قل هو الله أحد شريفة وليست من رجال يس

قطعت القافلة وكانت خيرة

قلة العيال أحد اليسارين قدر ثم اقطع قلم برأسين للمكافئ قدم خيرك ثم أيرك قد ضل من كانت العميان تهديه قد تبلى المليحة بالطلاق قد يتوقى السيف وهو مغمد قد يسترث الجفن والسيف قاطع قلمه لا يرعف إلا بالشر قد استقلع العود فاقلعه القصاب لا تهوله كثرة الغنم القاص لا يحب القاص القلوب تجازي القلوب القلب طليعة الجسد القلم أحد الكاتبين القبح حارس المرأة الإقدام على الكرام مندمة القينة ينبوع الأحزان القوم أخياف كقرع الخريف وإبل الصدقة اقطعها من حيث ركتب أي ضعفت، والعامة تقول رقت.

قد تراك أفلست بشيء

يضرب للصلف الذي يزيف على السبك.

الباب الثاني والعشرون

في

ما أوله كاف

كان عراكاً فصار ذراعاً

يضرب للذليل الضعيف صار عزيزاً قوياً، وهذا المثل يروى عن أبي موسى الأشعري قاله في بعض القبائل، ومثله:

كان عنزاً فاستتيس

أي صار تيساً. وفي ضدهما:

كان حماراً فاستأتن

أي صار أتاناً، وهذا ما لا يكون، وإنما أراد به أنه كان قوياً فطلب أن يكون ضعيفاً أو كان ضعيفاً فطلب أن يكون قوياً، فمعنى استأتن طلب أن يكون أتاناً.

كان جرحاً فبرئ

أصله، أن رجلاً كان أصيب ببعض أعزته فبكاه ورثاه كثيراً ثم أقلع وصبر، فقيل له في ذلك، فأجاب به فصار مثلاً.

كانت بيضة الديك

يضرب لما يكون مرة واحدة، قال بشار:
قد زرتني زورة في الدهر واحدة ثني ولا تجعليها بـيضة الـديك

كانت وقرة في حجر

أي كانت المصيبة ثلمة في حجر. يضرب لمن يحتمل المصيبة ولم تؤثر فيه إلا مثل تلك الهزمة في الصخرة.

كانت لقةو لاقت قبساً

ويروى، لقوة صادفت قبيساً، اللقوة السريعة التلقي لماء الفحل، والقبيس السريع الإلقاح. قال بعض بني أسد:
حملت ثلاثة فولدت ستاً فأم لقوة وأب قبـيس
وتقدير المثل، كانت الناقة لقوة صادفت فحلاً قبيساً. يضرب في سرعة اتفاق الأخوين في المودة، قاله أبو عبيد.

كأنما قد سيره الآن

أي كأنما ابتدئ شبابه الساعة. يضرب لمن لا يتغير شبابه من طول الزمان وقال:
رأيتك لا تموت ولست تبلى كأنك في الحوادث لين طاق

كأنما أنشط من عقال

الأنشوطة، عقد يسهل انحلالها مثل عقدة التكة. ونشطت الحبل أنشطه نشطاً، عقدته أنشوطة وأنشطته حللته. والعقال ما يشد به وظيف البعير إلى ذراعه. يضرب لمن يتخلص من ورطة فينهض سريعاً.

كل شيء مهه ما خلا النساء وذكرهن

ويروى، مهاه ومعناهما اليسير الحقير، أي أن الرجل يحتمل كل شيء حتى يأتي ذكر حرمه فيمتعض حينئذ فلا يحتمله. قال أهل اللغة: المهاه والمهه، الجمال والطراوة أي كل شيء جميل ذكره إلا ذكر النساء. "قلت" يجوز أن يكون المهاه الأصل والمهه مقصور منه، مثل الزمان الزمن والسقام والسقم، ويجوز على الضد من هذا وهو أن يكون المهه الأصل ثم زيدت الألف كراهة التضعيف. والمهاه أكثر في الاستعمال من المهه قال الشاعر:
وليس لعيشنا هذا مهـاه وليست دارنا الدنيا بدار
وقال آخر:
كفى حزناً أن لا مهاه لعيشنـا ولا عمل يرضى به الله صالح
يريد لا جمال ولا طراوة لعيشنا.

كل ذات صدار خالة

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 255

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 256

الصدار كالصدرة تلبسها المرأة. ومعناه أن الغيور إذا رأى امرأة عدها في جملة خالاته لفرط غيرته. وهذا المثل من قول همام بن مرة الشيباني وكان أغار على بني أسد وكانت أمه منهم فقالت له النساء: أتفعل هذا بخالاتك? فقال: كل ذات صدار خالة. فأرسلها مثلاً "قلت": ويجوز أن تكون الخالة بمعنى المختالة. يقال: رجل خال أي مختال. يعني أن كل امرأة وجدت صداراً تلبسه اختالت.

كل ضب عنده مرداته

المرداة الحجر الذي يرمى به. والضب قليل الهداية فلا يتخذ حجره إلا عند حجر يكون علامة له فمن قصده فالحجر الذي يرمى الضب به يكون بالقرب منه. فمعنى المثل، لا تأمن من الحدثان والغير فإن الآفات معدة مع كل أحد. يضرب لمن يتعرض للهلكة.

كل امرئ سيعود مريباً.

أي تصيبه قوارع الدهر فتضعفه. يضرب في تنقل الدهر بأبنائه.

كل ذات بعل ستئيم

هذا من أمثال أكثم بن صيفي. قال الشاعر:
أفاطم إني هالك فتبـينـي ولا تجزعي كل النساء تئيم
يقال: آمت المرأة. تئيم أيوماً أي صارت أيما. وقوله: ستئيم أي ستفارق بعلها فتبقى بلا زوج.

كل شاة برجلها ستناط

النوط، التعليق. أي كل جان يؤخذ بجنايته، قال الأصمعي: أي لا ينبغي لأحد أن يأخذ بالذنب غير المذنب. قال أبو عبيدة: وهذا مثل سائر في الناس.

كل أزب نفور

وذلك أن البعير الأزب، وهو الذي يكثر شعر حاجبيه، يكون نفوراً لأن الريح تضربه فينفر، يضرب في عيب الجبان وإنما قاله زهير بن جذيمة لأخيه أسيد وكان أزب جباناً وكان خالد بن جعفر بن كلاب يطلبه بذحل وكان زهير يوماً في إبله يهنؤنها ومعه أخوه أسيد فرأى أسيد خالد بن جعفر قد أقبل في أصحابه فأخبر زهيراً بمكانهم فقال له زهير: كل أزب نفور، وإنما قال هذا لأن أسيداً كان أشعر، قال زيد الخيل:
فحاد عن الطعان أبو أثـال كما حاد الأزب عن الظلال
وقال النابغة:
أثرت الغي ثم نزعت عنـه كما حاد الأزب عن الطعان

كل امرئ سيرى وقعه

أي وقوعه. يضرب في انتظار الخطب بالعدو يقع.

كلام كالعسل وفعل كالأسل

يضرب في اختلاف القول والفعل.

كم غصة سوغت ريقها عنك

يضرب في الشكاية عن العاق من الأولاد والأحباب.

الكي لا ينفع إلا منضجه

يضرب في الحث على أحكام الأمر والمبالغة فيه.

كالعاطف على العاض

يقال: ناقة عاطف تعطف على ولدها وأصل المثل، إن ابن المخاض ربما أتى أمه يرضعها فلا تمعه وربما عض على ضرعها فلا تمنعه أيضاً. يضرب لمن يواصل من لا يواصله ويحسن لمن يسيء إليه.

كنت تبكي من الأثر العافي فقد لاقيت أخدوداً

يضرب لمن يشكو القليل من الشر، ثم يقع في الكثير.

كل ذات ذيل تختال

أي كل من كان ذا مال يتبختر ويفتخر بماله.

كل امرئ في شأنه ساع

أي كل امرئ في إصلاح شأنه مجد.

كل امرئ في بيته صبي

أي يطرح الحشمة ويستعمل الفكاهة. يضرب في حسن المعاشرة، قيل: كان يزيد بن ثابت من أفكه الناس في أهله وأدمثهم إذا جلس مع الناس وقال عمر رضي الله عنه: ينبغي للرجل أن يكون في أهله كالصبي فإذا التمس ما عنده وجد رجلاً.

كل فتاة بأبيها معجبة

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 256

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 257

يضرب في عجب الرجل برهطه وعشيرته. وأول من قال ذلك العجفاء بنت علقمة السعدي وذلك أنها وثلاث نسوة من قومها خرجن فاتعدن بروضة يتحدثن فيها فوافين بها ليلاً في قمر زاهر وليلة طلقة ساكنة وروضة معشبة خصبة فلما جلسن قلن ما رأينا الليلة ليلة ولا كهذه الروضة روضة أطيب ريحاً ولا أنضر، ثم أفضن في الحديث فقلن أي النساء أفضل? قالت إحداهن: الخرود الودود الولود، قالت الأخرى: خيرهن ذات الغناء وطيب الثناء وشدة الحياء، قالت الثالثة: خيرهن السموع الجموع النفوع غير المنوع، قالت الرابعة: خيرهن الجامعة لأهلها الوادعة الرافعة لا الواضعة. قلن فأي الرجال أفضل? قالت إحداهن: خيرهم الحظي الرضي غير الحظال ولا التبال. قالت الثانية: خيرهم السيد الكريم ذو الحسب العميم والمجد القديم. قالت الثالثة: خيرهم السخي الوفي الرضي الذي لا يغير الحرة ولا يتخذ الضرة. قالت الرابعة: وأبيكن إن في أبي لنعتكن كرم الأخلاق والصدق عند التلاق والفلج عند السباق وبحمده أهل الرفاق، قالت العجفاء عند ذلك: كل فتاة بأبيها معجبة. وفي بعض الروايات أن إحداهن قالت: إن أبي يكرم الجار ويعظم النار وينحر العشار بعد الحوار ويحل الأمور الكبار. فقالت الثانية: إن أبي عظيم الخطر منيع الوزر عظيم النفر يحمد منه الورد الصدر. فقالت الثالثة: إن أبي صدوق اللسان كثير الأعوان يروي السنان عند الطعان. قالت الرابعة: إن أبي كريم النزال منيف المقال كثير النوال قليل السؤال كريم الفعال. ثم تنافرن إلى كاهنة معهن في الحي، فقلن لها: اسمعي ما قلنا واحكمي بيننا واعدلي، ثم أعدن عليها قولهن، فقالت لهن: كل واحدة منكن ماردة على الإحسان جاهدة لصواحباتها حاسدة، ولكن اسمعن قولي: خير النساء المبقية على بعلها الصابرة على الضراء مخافة أن ترجع إلى أهلها مطلقة فهي تؤثر حظ زوجها على حظ نفسها فتلك الكريمة الكاملة، وخير الرجال الجواد البطل القليل الفشل إذا سأله الرجل ألفاه قليل العلل كثير النقل. ثم قالت: كل واحدة منكن بأبيها معجبة.

كل مجر في الخلاء يسر

ويروى: كل مجر بخلاء مجيد. وأصله أن رجلاً كان له فرس يقال له الأبيلق وكان يجريه فرداً ليس معه أحد، وجعل كلها مر به طائر أجراه تحته أو رأى إعصاراً أجراه تحته فأعجبه ما رأى من سرعته فقال: لو راهنت عليه، فنادى قوماً فقال: إني أردت أن أراهن عن فرسي هذا فأيكم يرسل معه? فقال بعض القوم: إن الحلبة غداً. فقال: إني لا أرسله إلا في خطار، فراهن عنه، فلما كان الغد أرسله فسبق فعند ذلك قال: كل مجر في الخلاء يسر. ويقال أيضاً: كل مجر بخلاء سابق.

كل فضل من أبي كعب درك

يضرب للرجل يطلب المعروف من الرجل اللئيم الذي لا يبض حجره فينيله قليلاً فيشكو ذلك فيقال له هذا. أي هو لئيم فقليله كثير.

كل كلب ببابه نباح

يضرب لمن يضرب له: كل مجر في الخلاء يسر.

كل الصيد في جوف الفرا

قال ابن السكيت: الفرا الحمار الوحشي، وجمعه فراء. قالوا: وأصل المثل، أن ثلاثة نفر خرجوا متصيدين، فاصطاد أحدهم أرنباً، والآخر ظبياً، والثالث حماراً، فاستبشر صاحب الأرنب وصاحب الظبي بما نالاه وتطاولا عليه، فقال الثالث: كل الصيد في جوف الفرا. أي هذا الذي رزقت وظفرت به يشتمل على ما عندكما. وذلك أنه ليس مما يصيده الناس أعظم من الحمار الوحشي. وتألف النبي صلى الله عليه وسلم أبا سفيان بهذا القول حين استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم فحجب قليلاً ثم أذن له فلما دخل قال: ما كدت تأذن لي حتى تأذن لحجارة الجلهمتين؛ قال أبو عبيدة: الصواب الجلهتين، وهما جانبا الوادي، فقال صلى الله عليه وسلم: يا أبا سفيان أنت كما قيل: كل الصيد في جوف الفرا، يتألفه على الإسلام. وقال أبو علابس: معناه، إذا حجبتك قنع كل محجوب. يضرب لمن يفضل على أقرانه.

كل نجار إبل نجارها

النجار الأصل وكذلك النجر، وهذا من قول رجل كان يغير على الناس فيطرد إبلهم ثم يأتي بها السوق فيعرضها على البيع، فيقول المشتري: من أي إبل هذه? فيقول البائع:
تسألني الباعة أين دارهـا لا تسألوني وسلوا ما نارها

كل نجار إبل نجارها

يعني: فيها من كل لون. يضرب لمن له أخلاق متفاوتة. والباعة المشترون ههنا. والبيع من الأضداد. وقال:  
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 257

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 258

وباع بنيه بعضهم بخسارة وبعت لذبيان العلاء بمالكا
فجمع اللغتين في بيت واحد:

كل الحذاء يحتذي الحافي الوقع

يقال وقع الرجل يوقع وقعاً إذا حفي من مره على الحجارة. قال الراجز:
يا ليت لي نعلي من جلد الضبع وشركاً من ثغرها لا تنقطـع

كل الحذاء يحتذي الحافي الوقع

نصب كل بيحتذي. يضرب عند الحاجة تحمل على التعلق بما يقدر عليه.

كلي طعام سرق ونامي

السرق والسرقة بكسر الراء الاسم. والسرق بفتح الراء المصدر. يقال سرق منه مالاً وسرقه مالاً. وأصله أن أمة كانت لصة جشعة فنحر مواليها جزوراً فأطعموها حتى شبعت، ثم أن مولاها جعل شحمة في رأس رمحه فسرقتها ثم ملتها فنشت في النار، فقال مولاها: ما هذا? فقالت: نضيض علباء ويحسبه مولاي شحمة، فقال: كلي طعام سرق ونامي. يضرب للحريص يقع في قبيح لجشعه. ويضرب للمريب أيضاً.

كل شيء أخطأ الأنف جلل

وذلك أن رجلاً صرع رجلاً فأراد أن يجدع أنفه فأخطأ، فحدث به رجل فقال: كل شيء أخطأ الأنف جلل. أي سهل. يضرب في تهوين الأمر وتسهيله?

كل جدة ستبليها عدة

يعني عدة الأيام والليالي. وقال الراجز:
لا يلبث المرء اختلاف الأحوال من عهد شوال وبعـد شـوال

يفنيه مثل فناء السربال

كلكم ليحتلب صعوداً

الصعود من النوق التي تخذج فتعطف على ولد عام أول. وقال: لها لبن الخلية والصعود. وأصل المثل أن غلاماً كان له صعود، وكان يلعب مع غلمان ليس لهم فقال مستطيلاً عليهم هذا القول.

كبر عمرو عن الطوق

قال المفضل: أول من قال ذلك جذيمة الأبرش. وعمرو هذا ابن اخته، وهو عمرو بن عدي بن نصر. وكان جذيمة ملك الحيرة، وجمع غلماناً من أبناء الملوك يخدمونه منهم عدي بن نصر، وكان له حظ من الجمال فعشقته رقاش أخت جذيمة، فقالت له: إذا سقيت الملك فسكر فاخطبني إليه. فسقى عدي جذيمة ليلة وألطف له في الخدمة فأسرعت الخمر فيه، فقال له: سلني ما أحببت. فقال: أسألك أن تزوجني رقاش أختك. قال: ما بها عنك رغبة، قد فعلت، فعلمت رقاش أنه سينكرذلك عند إفاقته، فقالت للغلام: ادخل على أهلك الليلة، فدخل بها وأصبح وقد لبس ثياباً جدداً وتطيب، فلما رآه جذيمة قال: يا عدي ما هذا الذي أرى? قال: أنكحتني أختك رقاش البارحة. قال: ما فعلت، ثم وضع يده في التراب وجعل يضرب بها وجهه ورأسه ثم أقبل على رقاش فقال:
حدثيني وأنت غير كذوب أبحر زنيت أم بهجـين
أم بعبد وأنت أهل لعبـد أم بدون وأنت أهل لدون
قالت: بل زوجتني كفؤاً كريماً من أبناء الملوك، فأطرق جذيمة فلما رآه عدي قد فعل ذلك خافه على نفسه فهرب منه ولحق بقومه، وبلاده فمات هناك وعلقت منه رقاش فولدت غلاماً فسماه جذيمة عمراً، وتبناه وأحبه حباً شديداً. وكان جذيمة لا يولد له، فلما بلغ الغلام ثماني سنين كان يخرج في عدة من خدم الملك يجتنون له الكمأة فكانوا إذا وجدوا كمأة خياراً، أكلوها وراحوا بالباقي إلى الملك. وكان عمرو لا يأكل مما يجني ويأتي به جذيمة فيضعه بين يديه ويقول: هذا جناي وخياره فيه، إذ كل جان يده إلى فيه. فذهب مثلاً. ثم أنه خرج يوماً وعليه ثياب وحلي فاستطير ففقد زماناً فضرب في الآفاق فلم يوجد، وأتى على ذلك ما شاء الله ثم وجده مالك وعقيل ابنا فارج رجلان من بلقين كانا يتوجهان إلى الملك بهدايا وتحف فبينما هما نازلان في بعض أودية السماوة انتهى إليهما عمرو بن عدي وقد عفت أظفاره وشعره، فقالا له: من أنت? قال: ابن التنوخية، فلهيا عنه وقالا لجارية معهما: أطعمينا، فأطعمتهما، فأشار عمرو إلى الجارية أن أطعميني فأطعمته، ثم سقتهما فقال عمرو: اسقيني فقالت الجارية: لا تطعم العبد الكراع فيطمع في الذراع، فأرسلتها مثلاً. ثم إنهما حملاه إلى جذيمة فعرفه ونظر إلى فتى ما شاء من فتى فضمه وقبله وقال لهما: حكمكما. فسألاه منادمته فلم يزالا نديميه حتى فرق الموت بينهم وبعث عمراً إلى أمه فأدخلته الحمام وألبسته ثيابه وطوقته طوقاً كان له من ذهب فلما رآه جذيمة قال: كبر عمرو عن الطوق فأرسلها مثلاً. وفي مالك وعقيل يقول متمم بن نويرة يرثي أخاه مالك بن نويرة:
وكنا كندماني جذيمة حـقـبة من الدهر حتى قيل لن نتصدعا
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 258

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 259

وعشنا بخير في الحياة وقبلـنـا أصاب المنايا رهط كسرى وتبعا
فلما تفرقنا كـأنـي ومـالـكـاً لطول اجتماع لم نبت ليلة معـا
"قلت" اللام في لطول اجتماع يجوز أن تتعلق بتفرقا، أي تفرقنا لاجتماعنا. يشير إلى أن التفرق سببه الاجتماع. ويجوز أن تكون اللام بمعنى على وقال أبو خراش الهذلي يذكرهما:
ألم تعلمي أن قد تفرق قبلنا خليلا صفاء: مالك وعقيل
قال ابن الكلبي: يضرب المثل بهما للمتواخيين فيقال: هما كندماني جذيمة. قالوا: دامت لهما رتبة المنادمة أربعين سنة.

كالفاخرة بحدج ربتها

قال الخليل: الحدج مركب ليس برحل ولا هودج تركبه نساء العرب. يضرب لمن يفتخر بما ليس له فيه شيء. كما يحكى عن أبي عبيدة أنه قال: أجريت الخيل للرهان يوماً فجاء فرس فسبق فجعل رجل من النظارة يكبر ويثب من الفرح، فقيل له: أكان الفرس لك? قال: لا ولكنن اللجام لي.

كيف بغلام أعياني أبوه

أي أنك لم تستقم لي فكيف يستقيم لي ابنك وهو دونك، قال الشاعر:
ترجو الوليد وقد أعياك والده وما رجاؤك بعد الوالد الولدا

إكذب النفس إذا حدثتهما

أي لا تحدث نفسك بأنك لا تظفر فإن ذلك يثبطك. سئل بشار المرعث: أي بيت قالته العرب أشعر. قال: إن تفضيل بيت واحد على الشعر كله لشديد، ولكن أحسن لبيد في قوله:
إكذب النفس إذا حـدثـتـهـا إن صدق النفس يزري بالأمل

كدمت غير مكدم

الكدم العض، والمكدم موضع العض. يضرب لمن يطلب شيئاً في غير مطلبه.

كطالب القرن جدعت أذنه

العرب تقول: ذهب النعام يطلب قرناً فجدعت أذنه، ولذلك يقال له: مصلم الأذنين وفيه يقول الشاعر:
مثل النعامة كانت وهي سـائمة أذناء حتى زهاها الحبن والجبن
جاءت لتشري قرناً أو تعوضـه والدهر فيه رباح البيع والغبن
فقيل أذناك ظلم ثمت اصطلمت إلى الصماخ فلا قرن ولا أذن
ويقال: طالب القرن الحمار. قال الشاعر:
كمثل حمار كان للقرن طالباً فآب بلا أذن وليس له قرن
يضرب في طلب الأمر يؤدي بصاحبه إلى تلف النفس.

كفا مطلقة تفت اليرمع

اليرمع حجارة بيض رخوة ربما يجعل منها خذاريف الصبيان. يضرب للرجل ينزل به الأمر يبهظه فيضج ويجلب فلا ينفعه ذلك.

كيف توقى ظهر ما أنت راكبه

أي تتوقى. يضرب لمن يمتنع من أمر لا بد له منه. وما عبارة عن الدهر أي كيف تحذر جماح الدهر وأنت منه في حال الظهر يسير بك عن مورد الحياة إلى منهل الممات.

كمعلمة أمها البضاع

يضرب لمن يجيء بالعلم لمن هو أعلم منه.

كان جواداً فخصي

يضرب للرجل الجلد ينتكث فيضعف. ويقال: كان جواداً فخصاه الزمن.
كالأشقر إن تقدم نحر وإن تأخر عـقـر
العرب تتشاءم من الأفراس بالأشقر. قالوا: كان لقيط بن زرارة يوم جبلة على فرس أشقر فجعل يقول: أشقر إن تتقدم تنحر وإن تتأخر تعقر. وذلك أن العرب تقول: شقر الخيل سراعها وكمتها صلابها. فهو يقول لفرسه: يا أشقر إن جريت على طبعك فتقدمت إلى العدو قتلوك وإن أسرعت فتأخرت منهزماً أتوك من ورائك فعقروك فاثبت والزم الوقار وانف عني وعنك العار. وكان حميد الأرقط عند الحجاج فأتي برجلين لصين من جرهم كانا مع ابن الأشعث فأقيما بين يديه فقال لحميد: هل قلت في هذين شيئاً? قال: نعم قلت، ولم يكن قال شيئاً فارتجل هذه القصيدة ارتجالاً وأنشدها وهي:
لما رأى العبدان لصا جهرمـا صواعق الحجاج يمطرن الدما
وبلاً أحـايين وسـحـاً ديمـاً فأصبحا والحرب تغشى قحما
بموقف الأشقر إن تـقـدمـا بأشر منحوض السنان لهزمـا

والسيف من ورائه إن أحجما

"قلت": الأصل في المثل ما ذكرته من حديث لقيط بن زرارة ثم تداولته العرب وتصرفت فيه كما فعل حميد هذا. يضرب لما يكره من وجهين.

أكرمت فارتبط

ويروى: استكرمت يقال: أكرمته أي وجدته كريماً. يضرب لمن وجد مراده فيقال له: ضن به.

كانت عليهم كراعية البكر

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 259

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 260

ويقال أيضاً: كراغية السقب.يعنون رغاء بكر ثمود حين عقر الناقة قدار بن سالف. والراغية الرغاء. والتاء في كانت تعود إلى الخصلة أو الفعلة. يضرب في التشاؤم بالشيء. قال علقمة بن عبدة لقوم أغير عليهم فاستؤصلوا:
رغا فوقهم سقب السماء فداحص بشكته لم يستـلـب وسـلـيب
يقال دحص المذبوح أي ركض برجله يدحص دحصاً. والشكة السلاح. وقال الجعدي:
رأيت البكر بكر بني ثمود وأنت أراك بكر الأشعرينا

أكرم نجر الناجيات نجره

الناجيات المسرعات. يضرب مثلاً للكريم الأصل.

كالمهدر في العنة

المهدر الجمل له هدير، والعنة مثل الحظيرة تجعل من الشجر للإبل، وربما يحبس فيها الفصيل عن الضراب ويقال لذلك الفصيل المعنى وأصله المعنن من العنة فأبدلت إحدى النونين ياء. كما قالوا: تظنى وتلعى. قال الوليد ابن عقبة لمعاوية:
قطعت الدهر كالسدم المعنى تهدر في دمشق فما تـريم
والسدم الفصيل غير الكريم يكره أهله أن يضرب في إبلهم فيقيد ولا يسرح في الإبل رغبة عنه فهو يصول ويهدر. يضرب للرجل لا ينفذ قوله ولا فعله.

كفضل ابن المخاض على الفصيل

أي الذي بينهما من الفرق قليل. يضرب للمتقاربين في رجولتهما. قال المؤرج: إن المتوج يدعى فصيلاً إذا شرب الماء وأكل الشجر وهو بعد يرضع فإذا أرسل الفحل في الشول دعيت أمه مخاضاً ودعي ابنها ابن مخاض.

كفى برغائها منادياً

قال أبو عبيد: هذا مثل مشهور عند العرب. يضرب في قضاء الحاجة قبل سؤالها. ويضرب أيضاً للرجل تحتاج إلى نصرته أو معونته فلا يحضرك ويعتل بأنه لم يعلم. ويضرب لمن يقف بباب الرجل فيقول: أرسل من يستأذن لك، فيقول: كفى بعلمه بوقوفي ببابه مستأذناً لي. أي قد علم بمكاني فلو أراد أذن لي.

كلا زعمت العير لا تقاتل

يضرب للرجل قد كان أمن أن يكون عنده شيء ثم ظهر منه غير ما ظن به.

كالحادي وليس له بعير

يضرب لمن يتشبع بما لا يملك. ومثله عاط بغير أنواط.

الكلاب على البقر

يضرب عند تحريش بعض القوم على بعض من غير مبالاة. يعني: لا ضرر عليك فخلهم. ونصب الكلاب على معنى أرسل الكلاب. ويقال: الكراب على البقر. هذا من قولك: كربت الأرض إذا قلبتها للزراعة. يضرب في تخلية المرء وصناعته.

كالثور يضرب لما عافت البقر

عاف يعاف عيافاً إذا كره. كانت العرب إذا أوردوا البقر فلم تشرب لكدر الماء أو لأن لا عطش بها، ضربوا الثور ليقتحم البقر الماء. قال نهشل بن حري:
أتتـرك دار بـنـي عـدي وتغرم عامر وهـم بـراء
كذلك الثور يضرب بالهراوي إذا ما عافت البقر الظمـاء
وقال أنس بن مدرك:
إني وقتلي سليكاً ثم أعـقـلـه كالثور يضرب لما عافت البقر
يعني: إن سليكاً كان يستحق القتل فلما قتلته طولبت بدمه. وقال بعضهم: الثور الطحلب، فإذا كره البقر الماء ضرب ذلك الثور ونحي عن وجه الماء فيشرب البقر. يضرب في عقوبة الإنسان بذنب غيره.

كل شاة برجلها معلقة

قال ابن الكلبي: أول من قال ذلك وكيع بن سلمة بن زهير بن إياد، وكان ولي أمر البيت بعد جرهم فبنى صرحاً بأسفل مكة عند سوق الخياطين اليوم وجعل فيه أمة يقال لها حزورة، وبها سميت حزورة مكة، وجعل في الصرح سلماً فكان يرقاه ويزعم أنه يناجي الله تعالى. وكان ينطق بكثير من الخبر. وكان علماء العرب يزعمون أنه صديق من الصديقين. وكان من قوله: مرضعة أو فاطمة ووادعة وقاصمة، والقطيعة الفجيعة، وصلة الرحم حسن الكلم. ومن كلامه زعم ربكم ليجزين بالخير ثواباً وبالشر عقاباً إن من في الأرض عبيد لمن في السماء، هلكت جرهم وربلت إياد وكذلك الصلاح والفساد. فلما حضرته الوفاة جمع إياداً فقال لهم: اسمعوا وصيتي: الكلم كلمتان والأمر بعد البيان، من رشد فاتبعوه ومن غوى فارفضوه وكل شاة برجلها معلقة. فأرسلها مثلاً. قال: ومات وكيع فنعي على الجبال. وفيه يقول بشير بن الحجر الإيادي:
ونحن إياد عـبـاد الإلـه ورهط مناجيه في سلـم
ونحن ولاة حجاب العتيق زمان النخاع على جرهم
يقال إن الله سلط على جرهم داء يقال له النخاع فهلك منهم ثمانون كهلاً في ليلة واحدة سوى الشبان. وفيهم قال بعض العرب:  
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 260

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 261

هلكت جرهـم فـعـالاً وولاة البنية الحـجـاب
نخعوا ليلة ثمانون كهـلاً وشباباً كفي بهم من شباب

كالخروف أينما مال اتقى الأرض بصوف

يضرب لمن يجد معتمداً كلما اعتمد.

كالكبش يحمل شفرة وزناداً

يضرب لمن يتعرض للهلاك. وأصله أن كسرى بن قباذ ملك عمرو بن هند الملك الحيرة وما يلي ملك فارس من أرض العرب، فكان شديد السلطان والبطش، وكانت العرب تسميه مضرط الحجارة، فبلغ من ضبطه الناس وقهره لهم واقتداره في نفسه عليهم إن سنة اشتدت على الناس حتى بلغت بهم كل مبلغ من الجهد والشدة فعمد إلى كبش فسمنه حتى امتلأ سمناً علق في عنقه شفرة وزناداً، ثم سرحه في الناس لينظر هل يجترئ أحد على ذبحه فلم يتعرض له أحد حتى مر ببني يشكر، فقال رجل منهم يقال له علباء بن أرقم اليشكري: ما أراني إلا آخذ هذا الكبش فآكله، فلامه أصحابه فأبى إلا ذبح، فذكروا ذلك لشيخ لهم فقال: إنك لا تعدم الضار ولكن تعدم النافع. فأرسلها مثلاً. وقال قائل آخر منهم: إنك كائن كقدار على أرم فأرسلها مثلاً. ولما كثرت اللائمة قال: فإني أذبحه ثم آتي الملك فواضع يدي في يده ومعترف له بذنبي فإن عفا عني فأهل ذلك هو، وإن كانت منه عقوبة كانت بي دونكم، فذبحه وأكله ثم أتى الملك عمرو بن هند فقال له: أبيت اللعن وأسعدك إلهك يا خير الملوك إني أذنبت ذنباً عظيماً إليك، وعفوك أعظم منه. قال: وما ذنبك? قال: إنك بلوتنا بكبش سرحته ونحن مجهودون فأكلته قال: أو فعلت? قال: نعم. قال: إذن أقتلك. قال: ميلك شيء حكمه. فأرسلها مثلاً. ثم أنشده قصيدة في تلك الخطة فخلى عنه، فجعلت العرب ذلك الكبش مثلاً.

كمجير أم عامر

كان من حديثه أن قوماً خرجوا إلى الصيد في يوم حار، فإنهم لكذلك إذ عرضت لهم أم عامر وهي الضبع فطردوها وأتبعتهم حتى ألجؤوها إلى خباء أعرابي فاقتحمته فخرج إليهم الأعرابي وقال: ما شأنكم? قالوا: صيدنا وطريدتنا، فقال: كللا والذي نفسي بيده لا تصلون إليها ما ثبت قائم سيفي بيدي "قال" فرجعوا وتركوه وقام إلى لقحة فحلبه وماء فقرب منها فأقبلت تلغ مرة في هذا ومرة في هذا حتى عاشت واستراحت. فبينا الأعرابي نائم في جوف بيته إذ وثبت عليه فبقرت بطنه وشربت دمه وتركته فجاء ابن عم له يطلب فإذا هو بقير في بيته فالتفت إلى موضع الضبع فلم يرها فقال: صاحبتي والله فأخذ قوسه وكنانته وأتبعها فلم يزل حتى أدركها فقتلها وأنشأ يقول:
ومن يصنع المعروف مع غير أهله يلاق الذي لا مجـير أم عـامـر
أدام لها حين استجارب بـقـربـه لها محض ألبان اللقـاح الـدرائر
وأسمنها حتى إذا ما تـكـامـلـت فرته بأنـياب لـهـا وأظـافـر
فقل لذوي المعروف هذا جزاء من بدا يصنع المعروف في غير شاكر

كرهت الخنازير الحميم الموعز

وأصله أن النصارى تغلي الماء للخنازير فتلقيها فيه لتنضج فذلك هو الإيغار. قال أبو عبيد: ومنه قول الشاعر:
ولقد رأيت مكانهم فكرهتهم ككراهة الخنزير للإيغار
قال ابن دريد: يغلى الماء للخنزير فيسمط وهو حي. قال: وهو فعل قوم.

كلب عس خير من كلب ربض

ويروى: خير من أشد ربض. ويروى خير من أسد ندس أي خفي. وعس معناه طلب.

كذلك النجار يختلف

النجر والنجار الأصل ومنه قولهم: كل نجار إبل نجارها. يضرب مثلاً للمختلفين. وأصله أن ثعلباً اطلع في بئر فإذا في أسفلها دلو فركب الدلو الأخرى فانحدرت به وعلت الأخرى فشرب وبقي في البئر، فجاءت الضبع فأشرفت فقال لها الثعلب: انزلي فاشربي، فقعدت في الدلو فانحدرت بها وارتفع الأخرى بالثعلب فلما رأته مصعداً قالت له أين تذهب? قال: كذلك النجار يختلف. فذهبت مثلاً. وروى أبو محمد الديمري: كذاك التجار يختلف. جمع تاجر بالتاء.

كالأرقم إن يقتل ينقم وإن يترك يلقم

كانوا في الجاهلية يزعمون أن الجن تطلب بثأر الجان فربما مات قاتله وربما أصابه خبل. وفي حديث عمر رضي الله عنه أن رجلاً كسر منه عظم فأتى عمر يطلب القود، فأبى أن يقيده، فقال الرجل: هو كالأرقم إن يقتل ينقم وإن يترك يلقم، فقال عمر رضي الله عنه: هو كذلك. يعني نفسه.

كيف أعاودك وهذا أثر فأسك

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 261

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 262

أصل هذا المثل على ما كحته العرب على لسان الحية أن أخوين كانا في إبل لهما فأجدبت بلادهما وكان بالقرب منهما واد خصيب وفيه حية تحميه من كل أحد؛ فقال أحدهما للآخر: يا فلان لو أني أتيت هذا الوادي المكلئ فرعيت فيه إبلي وأصلحتها فقال له أخوه: إني أخاف عليك الحية ألا ترى أن أحداً لا يهبط ذلك الوادي إلا أهكلته. قال: فوالله لأفعلن، فهبط الوادي ورعى به إبله زماناً. ثم إن الحية نهشته فقتلته، فقال أخوه: والله ما في الحياة بعد أخي خير فلأطلبن الحية ولأقتلنها أو لأتبعن أخي، فهبط ذلك الوادي وطلب الحية ليقتلها. فقالت الحية له: ألست ترى إن قتلت أخاك فهل لك في الصلح فأدعك بهذا الوادي تكون فيه وأعطيك كل يوم ديناراً ما بقيت، قال: أو فاعلة أنت? قالت: نعم إني أفعل، فحلف لها وأعطاها المواثيق لا يضرها، وجعلت تعطيه كل يوم ديناراً فكثر ماله حتى صار من أحسن الناس حالاً. ثم إنه تذكر أخاه فقال: كيف ينفعني العيش وأنا أنظر إلى قاتل أخي? فعمد إلى فأس فأخذها ثم قعد لها فمرت فتبعها فضربها فأخطأها ودخلت الحجر ووقعت الفأس بالجبل فوق جحرها فأثرت فيه، فلما رأت ما فعل قطعت عنه الدينار فخاف الرجل شرها وندم فقال لها: هل لك في أن نتواثق ونعود إلى ما كنا عليه? فقالت: كيف أعاودك وهذا أثر فأسك? يضرب لمن لا يفي بالعهد. وهذا من مشاهير أمثال العرب. قال نابغة بني ذبيان:
وإن لألقى من ذوي الغي مـنـهـم وما أصبحت تشكو من الشجو ساهره
كما لقيت ذات الصفا من حليفـهـا وكانت تريه المال غبـاً وظـاهـره
فلما رأى أن ثـمـر الـلـه مـالـه واثل موجـوداً وسـد مـفـاقـره
أكب على فأس أن ثمر اللـه مـالـه مذكرة مـن الـمـعـاول بـاتـره
فقام لها من فوق جـحـر مـشـيد ليقتلها أو تخطـئ الـكـف بـادره
فلما وقاها الـلـه ضـربة فـأسـه وللشر عين لا تغـمـض نـاظـره
فقال: تعالي نجعـل الـلـه بـينـنـا على ما لنا أو تنجـزي لـي آخـره
فقالت: يمين اللـه أفـعـل إنـنـي رأيتك مشؤوماً يمـينـك فـاجـره
أبى لي قبـر لا يزال مـقـابـلـي وضربة ففأس فوق رأسي فـاقـره

كل شيء يحب ولده حتى الحبارى

إنما خص الحبارى من جميع الحيوان لأنه يضرب به المثل في الموق. يقول هي على موقها تحب ولدها وتعلمه الطيران.

كأن على رؤوسهم الطير

يضرب للساكن الوادع. وفي صفة مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تكلم اطرق جلساؤه كأنما على رؤوسه الطير. يريد أنهم يسكنون ولا يتكلمون، والطير لا تسقط إلى على ساكن. وأما قولهم:

كأنهم كانوا غراباً واقعاً

فلأن الغراب إذا وقع لا يلبث أن يطير. يضرب فيما ينقضي سريعاً.

كلفتني بيض السمام

هي جمع سمامة: ضرب من الطير مثل الخطاف لا يقدر على بيضه ويروى بيض السماسم وهي جمع المسمسة وهي النملة الحمراء.

كلفتني مخ البعوض

يضرب لمن يكلفك الأمور الشاقة.

كسير وعوير وكل غير خير

قال المفضل: أول من قال ذلك أمامة بنت نشبة بن مرة. كان تزوجها رجل من غطفان أعور يقال له: خلف بن رواحة. فمكثت عنده زماناً حتى ولدت له خمسة ثم نشزت عليه ولم تصبر معه فطلقها، ثم إن أباها وأخاها خرجا في سفر لهما فلقيهما رجل من بني سليم يقال له" حارثة بن مرة فخطب أمامة وأحسن العطية فزوجاها منه وكان أعرج مكسور الفخذ فلما دخلت عليه رأته محطوم الفخذ فقالت: كسير وعوير وكل غير خير. فأرسلتها مثلاً. يضرب في الشيء يكره ويذم من وجهين ولا خير فيه البتة قال الشاعر:
أيدخل من يشاء بغـير إذن وكلهم كسـير أو عـوير
وأبقى من وراء البيت حتى كأني خصية وسـواي أير
"قلت" كسير تصغير كسير. يقال شيء كسير أي مكسور وحقه كسير مشدد الياء إلا أنه خفف لازدواج عوير وهو تصغير أعور مرخماً. أرادت أن أحد زوجيها مكسور الفخذ حارثة بن مرة والآخر أعوف خلف، وكسير مرفوع على تقدير زوجاي كسير وعوير.

كان مثل الذبحة عن النحر

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 262

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 263

الذبحة وجع يأخذ الحلق. يضرب لمن كنت تخاله صديقاً وكان يظهر مودة فلما تبين غشه شكوته فقال الذي تشكوه إليه: كان مثل الذبحة على النحر. يعني كان كهذا الداء الذي لا يفارق صاحبه في الظاهر ويؤذيه في الباطن.

كان ذلك زمن الفطحل

قالوا: هو زمن حين لم يخلق الناس. قال الجرمي: سألت أبا عبيدة عنه فقال: الأعراب تقول ذلك زمن كانت الجارة فيه رطبة وأنشد للعجاج:
وقد أتانا زمن الفـطـحـل والصخر مبتل كطين الوحل
"قلت": روى غيره لرؤبة.
لو أنني أوتيت علم الحكـل علم سليمان كلام النـمـل
أو أنني عمرت عمر الحسل أو عمر نوح زمن الفطحل
والصخر مبتل كطين الوحل كنت رهين هرم أو قتـل
يضرب في شيء قدم عهده.

كأنما ألقمه الحجر

يضرب لمن تكلم فأجيب بمسكتة.

كلا جانبي هرشى لهن طريق

يضرب فيما سهل إليه الطريق من وجهين. وهرشى ثنية في طريق مكة شرفها الله تعالى إلى قرية من الجحفة يرى منها البحر ولها طريقان، فكل من سلكهما كان مصيباً. قال الشاعر:
خذي أنف هرشى أو قفاها فإنه كلا جانبي هرشى لهن طريق
لهن أي للإبل.

كان ذلك كسل أمصوخة

قالوا: هي شيء يستل من الثمام فيخرج أبيض كأنه قضيب دقيق كما تسل البردية.

كأنه النكعة حمرة

النكعة ثمرة الطرثوث. قال الخليل: الطرثوث نبات كالقطن مستطيل دقيق يضرب إلى الحمرة إذا يبس، وهودباغ للعمدة. منه مر ومنه حلو، يجعل في الأدوية.

كانوا مخلين فلاقوا حمضاً

وذلك أن الإبل تكون في الخلة وهو مرتع حلو تأجمه فتنازع إلى الحمض فإذا أرتعت فيه أعطشها حتى تدع المرتع من لهبان الظمأ. يضرب لمن غمط السلامة فتعرض لما فيه شماتة الأعداء.

كثر الحلبة وقل الرعاء

يضرب للولاة الذين يحتلبون لا ويبالون ضياع الرعية.

كمن الغيث على العرفجة

وذلك أنها سريعة الانتفاع بالغيث، فإذا أصابها وهي يابسة أخضرت. قال أبو زيد: يقال ذلك لمن أحسنت إليه فقال لك أتمن علي? فتقول أنت: نعم كمن الغيث على العرفجة. تعني أن أثر نعمتي عليك ظاهر كظهور من الغيث على العرفجة وإن أنت جححدتها وكفرتها.

كالقابض على الماء

يضرب لمن يرجوا ما لا يحصل . قال الشاعر:
فأصبحت من ليلى الغداة كقابـض على الماء لا يدري بما هو قابض

كأنها نار الحباحب

قالوا: الحباحب طائر يطير في الظلام كقدر الذباب له جناح يحمر، يرى في الظلمة كشرارة النار. يقال: نار الحباحب، ونار أبي الحباحب.
قال القطامي:
ألا إنما نيران قيس إذا شتـوا لطارق ليل مثل نار الحباحب
قال الأصمعي: هو رجل كان في الجاهلية، وقد بلغ من بخله أنه كان إذا أوقد السراج فأراد إنسان أن يأخذ منه أطفأه. فضرب به المثل في البخل.

كالمستغيث من الرمضاء بالنار

يضرب في الخلتين من الإساءة تجمعان على الرجل.

كالقابس العجلان

القبس أخذ النار. يضرب لمن عجل في طلب حاجته.

كالمستتر بالغرض

يقوله الرجل يتهدده الرجل ويتوعده، فيجيبه: أنا إذن جبان كالمستتر بالغرض. أي أصحر لك ولا أستتر، لأن المستتر بالغرض يصيبه السهم فكأنه لم يستتر.

كالمتمرغ في دم القتيل

يضرب لمن يدنو من الشر ويتعرض لما يضره وهو عنه بمعزل.

كالحود عن الزبية

وهي حفرة يحفرها الصائد للصيد ويغطيها فيفطن الصيد لها فيحيد عنها. يضرب للرجل يحيد عما يخاف عاقبته.

كالساقط بين الفراشين

يضرب لمن يتردد في أمرين وليس هو في واحد منهما.

كمش ذلاذله

يقال لما استرخى من الثوب ذلذل وذلذل وذلذل وذلذل. يضرب لمن تشمر واجتهد في أمره.

كلابس ثوبي زور

قال الأصمعي: إنه الرجل يلبس ثياب أهل الزهد يريد بذلك الناس، ويظهر من التخشع أكثر مما في قلبه. وفي الحديث: المتشبع بما لا يملك كلابس ثوبي زور، وهو الرجل يتكثر بما ليس عنده كالرجل يرى أنه شبعان وليس كذلك.

كدابغة وقد حلم الأديم

يضرب للأمر الذي قد انتهى فساده. وذلك أن الجلد إذا حلم فليس بعده إصلاح. وهذا المثل يروى عن الوليد بن عتبة أنه كتب إلى معاوية:
فإنك والكتاب إلى علي كدابغة وقد حلم الأديم
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 263

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 264

وقال المفضل: إن المثل لخالد بن معاوية أحد بني عبد شمس بن سعد حيث قال:
قد علمت أحسابنـا تـمـيم في الحرب حين حلم الأديم

كأنما أفرغ عليه ذنوباً

وذلك إذا كلمه بكلام يسكته به ويخلجه

كلفت إليك علق القربة

ويروى: عرق القربة. أي كلفت إليك أمراً صعباً شديداً. قال الأصمعي: لا أدري ما أصله. وقال غيره: العرق إنما هو للرجل لا للقربة. قال: وأصله أن القرب إنما تحملها الإماء الزوافر ومن لا معين له، وربما افتقر الرجل الكريم إلى حملها بنفسه فيعرق لما يحلقه من المشقة والحياء من الناس. "قلت": تقدير المثل: كلفت نفسي في الوصول إليك عرق القربة، أي عرقاً يحصل من حمل القربة. والأصل الراء واللام بدل منه.

كل أداة الخبز عندي غيره

أصله أن رجلاً استضافه قوم، فلما قعدوا ألقى نطعاً ووضع عليه رحا فسوى قطبها وأطبقها فأعجب القوم حضور آلته، ثم أخذ هادي الرحا فجعل يديرها بغير شيء، فقال له القوم: ما تصنع? فقال: كل أداة الخبز عندي غيره. يضرب مثلاً عند اعواز الشيء.

أكل شوائكم هذا جوفان

أصله أن رجلاً من بني فزارة ورجلاً من بني عبس ورجلاً من بني عبد الله بن غطفان صادوا عيراً فأوقدوا ناراً؛ وخرج الفزاري لحاجة فاجتمع رأي العبدي والعبسي على أن يقطعا أير الحمار ثم دساه بين الشواء؛ فلما رجع الفزاري جعل العبدي يحرك الجمر بالمسعر ويستخرج القطعة الطيبة فيأكلها ويطعمها صاحبه وإذا وقع في يده شيء من الجوفان، وهو ذكر الحمار، دفعه إلى الفزاري، فجعل الفزاري كلما مضغ منه شيئاً أخذه في يده وجعل ينظر فيه فيرى فيه ثقباً، فيقول: ناولني غيرها، فيناوله مثلها، فلما فعل ذلك مراراً قال: أكل شوائكم هذا جوفان? فأرسلها مثلاً. يضرب في تساوي الشيء في الشرارة.

كسور العبد من لحم الحوار

يضرب للشي الذي لا يدرك منه شيء. وأصله أن عبداً نحر حواراً فأكله كله ولم يسئر منه لمولاه شيئاً، فضرب به المثل لما يفقد البتة.

كفت إلى وئية

الكفت، القدر الصغير، والوئية الكبيرة؛ والكفت من الكفت وهو الضم سمي به لأنه يكفت ما يلقى فيه. والوئية من الوأي وهو الضخم. يقال: فرس وأي إذا كان ضخماً والأنثى وآة. يضرب للرجل يحملك البلية ثم يزيدك إليها أخرى صغيرة.

كلاهما وتمراً

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 264

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 265

ويروى: كليهما. أول من قال ذلك عمرو بن حمران الجعدي. وكان حمران رجلاً لسناً مارداً. وأنه خطب "صدوف" وهي امرأة كانت تؤيد الكلام وتشجع في المنطق؛ وكانت ذات مال كثير وقد أتاها قوم يخطبونها فردتهم، وكانت تعنت خطابها في المسألة وتقول: لا أتزوج إلا من يعلم ما أسأله عنه ويجيبني بكلام على حده لا يعدوه. فلما انتهى إليها حمران قام قائماً لا يجلس. وكان لا يأتيها خطاب إلا جلس قبل إذنها فقالت: ما يمنعك من الجلوس? قال: حتى يؤذن لي. قالت: وهل عليك أمير? قال: رب المنزل أحق بفنائه ورب الماء أحق بسقائه وكل له ما في وعائه. فقالت: اجلس، فجلس، قالت له: ما أردت? قال: حاجة، ولم آتك لحاجة. قالت: تسرها أم تعلنها? قال: تسر وتعلن. قالت: فما حاجتك? قال: قضاؤها هين وأمرها بين وأنت بها أخبر وبنبحها أبصر. قالت: فأخبرني بها. قال: قد عرضت وإن شئت بينت. قالت: من أنت? قال: أنا بشر ولدت صغيراً ونشأت كبيراً ورأيت كثيراً. قالت: فما اسمك? قال: من شاء أحدث اسماً وقال ظلماً ولم يكن الاسم عليه حتماً. قالت: فمن أبوك? قال: والدي الذي ولدني ووالده جدي فلم يعش بعدي. قالت: فما مالك? قال: بعضه ورثته وأكثره اكتسبته. قالت: فمن أنت? قال: من بشر كثير عدده معروف ولده قليل صعده يفنيه أبده. قالت: ما مورثك أبوك عن أوليه? قال: حسن الهمم. قالت: فأين تنزل? قال: على بساط واسع في بلد شاسع قريبه بعيد وبعيده قريب. قالت: فمن قومك? قال: الذي أنتمي إليهم وأجني عليهم وولدت لديهم. قالت: فهل لك امرأة? قال: لو كانت لي لم أطلب غيرها ولم أضيع خيرها. قالت: كأنك ليس لك حاجة. قال: لو لم تكن لي حاجة لم أنخ ببابك ولم أتعرض لجوابك وأتعلق بأسبابك. قالت: إنك لحمران ابن الأقرع اللجعدي. قال: إن ذلك ليقال. فأنكته نفسها وفوضت إليه أمرها. ثم إنها ولدت له غلاماً فسماه عمراً، فنشأ مارداً مفوهاً؛ فلما أدرك جعله أبوه راعياً يرعى له الإبل. فبينا هو يوماً إذ رفع إليه رجل قد أضر به العطش والسغوب وعمرو قاعد وبين يديه زبد وتمر وتامك، فجنا منه الرجل فقال: أطعمني من هذا الزبد والتامك فقال عمرو: نعم كلاهما وتمراً. فأطعم الرجل حتى انتهى وسقاه لبناً حتى روي. وأقام عنده أياماً فذهبت كلمته مثلاً. ورفع "كلاهما" أي لك كلاهما ونصب "تمراً" على معنى أزيدك تمراً. ومن روى كليهما فإنما نصبه على معنى أطعمك كليهما وتمراً. وقال قوم: من ربيع، حكي أن الرجل قال: أنلني مما بين يديك، فقال عمرو: أيما أحب إليك زبد أم سنام? فقال الرجل: كلاهما وتمراً أي مطلوبي كلاهما وأزيد معهما تمراً، أو وزدني تمراً.

كمستبضع التمر إلى هجر

قال أبو عبيد: هذا من الأمثال المبتذلة ومن قديمها. وذلك أن هجر معدن التمر، والمستبضع إليه مخطئ. ويقال أيضاً: كمستبضع التمر إلى خيبر. قال النابغة الجعدي:
وإن امرأ أهدى إليك قـصـيدة كمستبضع تمراً إلى أرض خيبرا

كل خاطب على لسانه تمرة

يضرب للذي يلين كلامه إذا طلب حاجة.
كل النداء إذا ناديت يحزنيي إلا ندائي إذا ناديت يا مالي
هذا من قول أحيحة، وبعده:
استغن أو مت ولا يغررك ذو نسب من ابن عـم ولا عـم ولا خـال
إني مقيم على الزوراء أعمرهـا إن الحبيب إلى الأخوان ذو مـال

كسفاً وإمساكاً

يقال: وجه كاسف أي عابس. يضرب للبخيل العبوس. أي أتجمع كسفاً وإمساكاً? ويجوز أن ينصب على المصدر، أي أتكسف الوجه كسفاً وتمسك المال إمساكاً?
كل الطعام تشتهي ربـيعة الخرس والإعذار والنقيعة
يضرب لمن عرف بالرغب.

أكثر من الصديق فإنك على العدو قادر

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 265

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 266

أول من قال هذا فيما ذكر الكلبي أبجر بن جابر العجلي. وكان من خبر ذلك أن حجار بن أبجر كان نصرانياً، فرغب في الإسلام فأتى أباه فقال: يا أبت إني أرى قوماً قد دخلوا في هذا الدين ليس لهم مثل قومي ولا مثل آبائي فشرفوا، فأحب أن تأذن لي فيه؛ فقال: يا بني إذا أزمعت على هذا فلا تعجل حتى أقدم معك على عمر فأوصيه بك. وإن كنت لا بد فاعلاً فخذ مني ما أقول: إياك وأن تكون لك همة دون الغاية االقصوى، وإياك والسآمة، فإنك إن سئمت قذفتك الرجال خلف أعقابها؛ وإذا دخلت مصراً فأكثر من الصديق فإنك على العدو قادر؛ وإذا حضرت باب السلطان فلا تنازعن بوابه على بابه، إن أيسر ما يلقاك مننه أن يعلقك اسماً يسبك الناس به؛ وإذا وصلت إلى أميرك فبوئ لنفسك منزلاً يجمل بك؛ وإياك أن تجلس مجلساً يقصر بك. وإن أنت جالست أميرك فلا تجالسه بخلاف هواه، فإنك إن فعلت ذلك لم آمن عليك. وإن لم تعجل عقوبتك أن ينفر قلبه عليك فلا يزال منك منقبضاً. وإياك والخطب فغنها مشوار كثير العثار. ولا تكن حلواً فتزدرد ولا مراً فلتفظ. واعلم أن أمثل القوم رتبة الصابر عند نزول الحقائق، الذاب عن الحرم.

كما خلت قدر بني سدوس

هذا مثل قديم. وقدر بني سدوس كانت قدراً عادية عظيمة تأخذ جزورين. وكان ألطم بن عياش السدوسي سيد بني سدودس يطعم فيها حتى هلك ألطم ولم يكن له في قومه خلف، ولا أحد يطعم في تلك القدر، فخلت قدرها طويلاً. وأن رجلاً من بني عامر يقا له ملهاب بن شهاب مر بهم ليلة فلم ينزل ولم يقر؛ فلما ارتحل مر مغاضباً وهو يرتجز ويقول:
يا صاح رحل ضامرات العيس وابك على ألطم حبر القـوس
فقد خلت قدر بنـي سـدوس وضن فيها بقرى خـسـيس
وسادهم أنـكـس ذو تـيوس قبحه المـلـيك مـن رئيس
ليس بمكمود ولا مـرغـوس فما تبالي كنت في السـدوس
أو كنت في قوم من المجـوس أوفي فلا قفر مـن الأنـيس
ثم إنه رجع إلى قومه فسألوه عن بني سدوس وقدرهم، فحدثهم بأمرها فصار مثلاً لكل ما أتى عليه الدهر وتغير عما عهد عليه.

كل امرئ فيه ما يرمى به

هذا مثل قولهم: أي الرجال المهذب?

كل امرئ مصبح في أهله

ويروى: في رحله. أي يفجؤه ما لا يتوقعه.

كل يجر النار إلى قرصه

أي: كل يريد الخير إلى نفسه.

كل حرباء إذا أكره صل

الحرباء واحد الحرابي، وهي مسامير الدروع. وصل يصل صليلاً إذا صوت. يضرب لمن يؤذى فيشكو. يعني من اشتكى بكى.

كعارمة إذا لم نجد عارماً

يعني: كالمرأة إذا لميكن لها ولد يمص ثديها مصت هي ثديها لئلا يرم. يضرب لمن يتولى أمره نفسه إذا لم يجد من يكفيه.

كل فحل يمذي وكل أنثى تقذي

يقال: مذى الرجل يمذي مذياً، إذا خرج منه المذي. وقذت الشاة تقذي قذياً إذا ألقت بياضاً من رحمها. فالقذي من الأثنى مثل المذي من الذكر. ويقال كل ذكر يمذي وكل أنثى تقذي. يضرب في المباعدة بين الرجال والنساء.

كما تدين تدان

أي: كما تجازي تجازى. يعني: كما تعمل تجازى، إن حسناً فحسن وإن سيئاً فسيء، يعني إن عملت عملاً حسناً فجزاؤك جزاء حسن، وإن عملت عملاً سيئاً فجزاؤك جزاء سيء. وقوله: تدين أراد يصنع فسمىالابتداء جزاء للمطابقة والموافقة. وعلى هذا قوله تعالى: فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم. ويجوز أن يجرى كلاهما على الجزاء أي كما تجازي أنت الناس على صنيعهم كذلك تجازى على صنيعك. والكاف في "كما" في محل النصب نعتاً للمصدر أي تدان ديناً مثل دينك.

كلا زعمت أنه خصر

لقي رجلان فارساً في يوم شات، فحملا عليه وقالا: إن ما به من الخصر شاغله عنا. فلما أهويا إليه حمل فطعن أحدهما؛ فقال المطعون لصاحبه: كلا زعمت أنه خصر. يضرب فيما يخالف الظن.

كيف تبصر القذى في عين أخيك وتدع الجذع المعترض في عينك?

يعني تعييرك غيرك داء هو جزء منن جملة ما فيك من الأدواء. يعني العيوب.

أكثر من الحمقى فأورد الماء

يضرب لمن اتخذ ناصراً سفيهاً.

كيف لي بأن أحمد ولا أرزا شيئاً

أي لا يحصل الحمد مع وفور المال كما قال أبو فراس: وكيف ينال الحمد والوفر وافر.

كالمشتري القاصعاء باليربوع

يضرب للذي يدع العين ويتبع الأثر، ويؤثر ما لا يبقى على ما يبقى.
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 266

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 267

أكدت أظفارك

أي وصلت إلى الكدية التي لا تعمل أظفارك فيها. يضرب للرجل يقهره صاحبه أي وجدت رجلاً وصادفت من يقاومك.

كفيت الدعوة

أصل هذا المثل أن بعض المجان نزل براهب في صومعته وساعده على دينه وجعل يقتدي به ويزيد عليه في صلاته وصيامه؛ ثم إنه سرق صليب ذهب كان عنده واستأذنه فأذن له وزوده من طعامه. ولما ودعه قال له: صحبك الصليب. يريد الدعاء له بالخير. فقال الماجن: كفيت الدعوة. فصار مثلاً لمن يدعو بشيء مفروغ منه.

إكدح لي أكدح لك

الكدح، معناه السعي. ولذلك وصل بإلى في قوله تعالى: إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه. معناه، ساع. ومعنى المثل: اسع لي أسع لك.

كن وصي نفسك

الوصي، اسم يقع على من تكل إليه أمرك بعد اللموت، ولكنه لما قدر فيه النيابة عن الموصي أجرى عليه اسمه وإن عدم فيه الموت؛ كأنه قال: كن من توصي إليه. وأصله في اللغة الوصل. يقال: وصي يصي وصياً إذا وصل، فسمي الوصي لما وصل به من أسباب الوصي. وهو فعيل بمعنى فعول.

أكثر الظنون ميون

المين الكذب وجمعه ميون. يضرب عند الكذب وتزييف الظن.

الكمر أشباه الكمر

يضرب في مشابهة الشيء الشيء. قيل لما قال أبو النجم في أرجوزته:
تبقلت في أول التبـقـل بين رماحي مالك ونهشل
قال رؤبة: أليس نهشل بن مالك? قال أبو النجم: يا أبن أخي، إن الكمر تشابه. هو مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة.

كل دني دون دني

قال أبو زيد: معناه كل قريب وكل خلصان دونه قريب وخلصان. والدني ههنا، فعيل من الدنو بمعنى الداني.

كريم ولا يباغه

"قلت": المباغة، مفاعلة من البغاء وهو الطلب. يقال: فلان لا يباغى. أي لا تطلب مباراته ولا ترجى مناصاته. ولا يباغه جزم لأنه نهى المغايبة وادخل الهاء السكت، كما قيل هنئت ولا تنكه. قال الشاعر:
إما تكرم إن أصبت كريمة فلقد أراك ولا تباغ لئيمـا
أراد: لا تباغى فاكتفى بالفتحة عن الألف كما يكتفى بالكسرة عن الياء. نحو قوله تعالى: والليل إذا يسر. وذلك ما كنا نبغ. ومعنى البيت: إن تتكرم الآن إذ أصبت امرأة كريمة فلقد كنت أراك وحالك إنك لا تبارى ولا تجارى لؤماً. و"إن" في قوله إن أصبت بمعنى إذ. ويجوز أن تفتح الهمزة أي: لأن أصبت.

كن وسطاً وامش جانباً

أي توسط القوم وزايل أعمالهم. كما قيل: خالطوا الناس وزايلوهم.

كصفيحة المسن تشحذ ولا تقطع

يضرب لمن يخدج ولا يحسن تصرفه.

كدودة القز

يضرب لمن يتعبب نفسه لأجل غيره. قال أبو الفتح البستي:
ألم تر أن المرء طول حـياتـه معنى بأمر ما يزال يعالـجـه
كدودة غدا للقز ينـسـج دائبـاً ويهلك غماً وسط ما هو ناسجه

كذبالة السراج تتضيء ما حولها وتحرق نفسها

كفارة المسك يؤخذ حشوها وينبذ جرمها

يضرب لمن يكون باطنه أجمل من ظاهره.

كالباحث عن المدية

ويروى: عن الشفرة. يقال: إن رجلاً وجد صيداً ولم يكن معه ما يذبحه به، فبحث الصيد بأظلافه في الأرض فسقط على شفرة فذبحه بها. يضرب في طلب الشيء صاحبه إلى تلف النفس.

كالخمر يشتهى شربها ويكره صداعها

يضرب لمن يخفا شره ويشتهى قربه

كالمصطادة باستها

قالوا: ولج ضب بين رجلي امرأة فضمت رجليها وأخذته؛ فضرب مثلاً لكل من أصاب شيئاً من غير وجهة وقدر عليه بأهون سعي.

كمبتغي الصيد في عرينة الأسد

يضرب مثلاً لمن طلب محالاً.

كذي العر يكوى غيره وهو راتع

قال أبو عبيدة: هذا لا يكون. وقال غيره: إن الإبل إذا فشا فيها العر، وهو قروح تخرج بمشافر الإبل، أخذ بعير صحيح وكوي بين أيدي الإبل بحيث تنظر إليه فتبرأ كلها. قال النابغة:
حملت علي ذنـبـه وتـركـتـه كذي العر يكوى غيره وهو راتع
يضرب في أخذ البريء بذنب صاحب الجناية.

كل امرئ بطوال العيش مكذوب

أي: من أوهمته نفسه طول البقاء ودوامه فقد كذبته. وطوال الشيء طوله.

كالنازي بين القرينين

وأصله أن يقرن البعير إلى بعير حتى تقل أذيتهما، فمن أدخل نفسه بنيهما خبطاه. يضرب لمن يوقع نفسه فيما لا يحتاج إليه حتى يعظم ضرره.

كالمحتاض على عرض السراب

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 267

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 268

يضرب لمن يطمع في محال. واحتاض أي اتخذ حوضاً. والصحيح حوض، وحاض يحوض حوضاً إذا اتخذ حوضاً.

كركبتي البعير

للمتساويين.

كفرسي رهان

للمتناصبين.

كن حلماً كنه

يضرب للهائل من الخبر. أي ليكن حلماً من الأحلام ولا يتحقق. وأصله أن رجلاً أهوى برمحه حتى جعله بين عيني امرأة وهي نائمة؛ فاستيقظت، فلما رأته فزعت ثم غمضت عينيها وقالت: كن حلماً كنه.

كاد العروس يكون ملكاً

العرب تقول للرجل: عروس وللمرأة أيضاً. ويراجد هنا الرجل، أي كاد يكون ملكاً لعزته في نفسه وأهله.

كادت الشمس تكون صلاء

الصلاء بالكسر والمد، النار، وكذلك الصلى بالفتح والقصر. يضرب في انتفاع الفقراء بحرها دون النار.

أكبراً وإمعاراً

أي: أتجمع عجباً وفقراً? يقال: أمعر الرجل إذا افتقر. وأصله من المعر، وهو من قلة الشعر والنبات. يقال: رجل معر وأمعر، وأرض معرة، قليلة النبات.

كفى قوماً بصاحبهم خبيراً

أي أعلم الناس بالرجل صاحبه ومخالطه. وروى الكسائي: كفى قوم بالرفع. قال المرزوقي: كان من حقه أن يقول: كفى بقوم خبيراً بصاحبهم. ووضع خبيراً موضع خبراء الجمع، كقوله تعالى: وحسن أولئك رفيقاً. أي رفقاء. ونصب "خبيراً" على الحال، ويجوز على التمييز، وقال غيره: فاعل كفى محذوف، أي: كفى قوم علمهم خبيراً بصاحبهم. ووجه ما روى الكسائي، كفى قوم بعلمهم خبيراً بصاحبهم. أي اكتفى قوم بعلمهم خبراء بمن يصحبهم.

كل امرئ يعدو بما استعد

يضرب في الحث على استعداد ما يحتاج إليه.

كل شيء ينفع المكاتب إلا الخنق

قالها مكاتب سأل امرأة فاعتذرت إليه أنها لا تملك إلا نفسها فبذلتها له، فعند ذلك قال هذا. يضرب عند السكت قل أو كثر.

كذبتك أم عزمك

أم عزمه استه. يضرب للرجل يتوعد ويتهدد.

كالكلب يهرش مؤلفه

يضرب لمن تحسن غليه ويذمك. والتهريش، كالتحريش، وهما الإغراء بين الكلاب. وأراد يهرش الكلب بمؤلفه، فحذف حرف الجر وأوصل الفعل.

كن مريباً واغترب

أي اذا جنيت جناية فاهرب، لا يظهر عليه ولا يظفر بك، وفي ضده يقال:

كن برياً واقترب

كل يأتي ما هو أهل

أي: كل يشبه صنيعه. كما قال الله تعالى: قل كل يعمل على شاكلته. يضرب في الخير والشر.

كل صعلوك جواد

أي من لم يكن له رأس مال يبقي عليه هان عليه ذهاب القليل الذي عنده.

كفى بأمارات الطريق لهم حشماً

يقال: حشمت الرجل أحشمه واحتشمته إذا أغضبته. يضرب في التحضيض على دفع الظلم. وذلك أن رجلاً ظلم قوماً ثم جعل يمر بهم صباحاً ومساء. وأمارات الطريق كثرة اختلافه فيه. فيقول: قد أحشمكم كثرة ما يمر بكم، فأثاروا منه ولا تذلوا.

كلا ولكن لا أعطاه

قال رجل لامرأته، ورأى ابنه من غيرها ضئيلاً؛ ما لا بني سيء الجسم? قالت: إن لأطعمه الشحم فيأباه؛ قال الابن: كلا ولكن لا أعطاه. يضرب لمن يكذب في قوله.

كالمختنقة على آخر طحينها

وذلك أن امرأة طحنت كراً من حنطة؛ فلما بقي منه مد انكسر قطب الرحا، فاختنقت ضجراً منه. يضرب لمن ضجر عند آخر أمره وقد صبر على أوله.

كل مبذول مملول

أي، كل ما منعه الإنسان كان أحرص عليه.

كالغراب والذئب

يضرب للرجلين بينهما موافقة ولا يختلفان؛ لأن الذئب إذا أغار على الغنم تبعه الغراب ليأكل ما فضل منه. "قلت": وبينهما مخالفة من وجه؛ وهو أن الغراب لا يواسي الذئب فيما يصيد؛ كما قال الشاعر:
يواسي الغراب الذئب فيمـا يصـيده وما صاده الغربان في صعف النخل

كارهاً حج بيطر

بيطر، اسم رجل. يضرب للرجل يصنع المعروف كارهاً لا رغبة له فيه.

كالعلاوة بين القودين

يضرب للرجل في الحرب يكون مع القوم ولا يغني شيئاً.

كالمشتري عقوبة بني كاهل

وذلك أن رجلاً اشترى عقوبتهم من وأل، وكان عن ذاك بمعزل، فأخذته بنو كاهل فقتلته. يضرب للداخل فيما لا يعنيه.

كاللذ توقى زبية فاصطيدا

يضرب للرجل يأتي الرجل يسأله شيئاً فيأخذ منه ما سأل.

كالمزداد من الرمح

وهو الرجل يطعن فيستحيي أن يفر، فيدخل في الرمح يمشي إلى صاحبه. يضرب لمن يركب أمراً يخزى فيه فليبس على الناس.

كيف ترى ابن أنسك

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 268

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 269

يعني: كيف تراني? يقوله لرجل لصاحبه? قال أبو الهيثم: يقوله الرجل لنفسه إذا مدحها. قال: ومثله:

كيف ترى ابن صفوك

أي كيف تراني? ويقال: فلان ابن أنس فلان، للصفي، إشارة إلى أنه اشتهر بذلك فصار نسباً له يعرفه.

أكتب شريحاص فارساً مستميتاً

وشريح، اسم رجل. والمستميت، الرجل الشجاع الذي كأنه يطلب الموت لشدة إقدامه في الحرب. نصب "فارساً" على الحال. وهذا رجل جندي يعرض نفسه على عارض الجند وهو يقول هذا القول ويلح حتى كتب. يضرب للرجل يطلب منك فيلح ويلج حتى يأخذ طلبته.

كالسيل تحت الدمن

قالوا: الدمن، البعر. قال لبيد:
راسخ الدمن على أعضاده ثلمته كل ريح وسـبـيل
يضرب لمن يخفي العداوة ولا يظهرها.
كل قائب من قوبة القائب، الفرخ. والقوبة، البيضة. أي كل فرع يبدو من أصل.

كفى بالشك جهلاً

قال أبو عبيد: يقول إذا كنت شاكاً في الحق أنه حق فذلك جهل.

كحماري العبادي

قالوا: العباد، قوم من أفناء العرب، نزلوا الحيرة وكانوا نصارى. منهم عدي بن زيد العبادي. قالوا كان لعبادي حماران. فقيل له: أي حماريك شر? قال: هذا ثم هذا. ويروى أنه قال حين سئل عنهما: هذا هذا. أي لا فضل لأحدهما على الآخر. يضرب في خلتين إحداهما شر من الأخرى. وقال:
رحبسان ما لهما في الناس من مثل إلا حمارا العبادي الذي وصـفـا
مجرحان الكلى تدمى نحورهـمـا قد لازما محرق الأنساع والأكفـا

كلا البدلين مؤتشب بهيم

يقال: أشبت القوم فأتشبوا. أي خلطتهم فاختلطوا. وفلان مؤتشب بالفتح، أي غير صريح النسب. والبهيم المظلم. يضرب للأمرين استويا في الشر.

كل نهر يحسيني إلا الجريب فإنه يرويني

الجريب، واد كبير تنصب إليه أودية. يضرب لمن نعمه أسبغ عليك من نعم غيره.

كل صمت لا فكرة فيه فهو سهو

أي، غفلة لا خير فيه.

كثرة العتاب تورث البغضاء

أكثر مصارع العقول تحت بروق المطامع

الكفر مخبئة لنفس المنعم

يعني بالكفر، الكفران، والمخبئة المفسدة. يعني أن كفر النعمة يفسد قلب المنعم على المنعم عليه.

الكلام ذكر والجواب أنثى ولا بد من النتائج عند الازدواج

كل إناء يرشح بما فيه

ويروى، ينضح بما فيه. أي يتحلب.

كفى بالمشرفية واعظاً

المشرفية، سيوف تنسب إلى مشارف الشام. وهذا قريب من قولهم: ما يزع السلطان أكثر مما يزع القرآن.

كراكب اثنين

أي كراكب مركوبين اثنين؛ وهذا لا يمكن. يضرب لمن يتردد بين أمرين ليس في واحد منهما.

كاد النعام يطير

يضرب لقرب الشيء مما يتوقع منه، لظهور بعض أوقاته.

كل غانية هند

يضرب في تساوي القول عند فساد الباطن.
كالجراد لا يبقي ولا يذر يضرب في اشتداد الأمر واستئصال القوم.

كما تزرع تحصد

هذا، كما يقال: كما تدين تدان. يضرب في الحث على فعل الخير.

كالمحظور في الطول

المحظور، الذي جعل في الحظيرة. والطول: الحبل يشد في إحدى قوائم الدابة ثم ترسل لترعى. يضرب للذي يقل حظه مما أوتي من المال وغيره.

كالمربوط والمرعى خصيب

هذا قريب مما تقدم في المعنى.

كنت مدة نشبة فصرت اليوم عقبة

اي، كنت إذا نشبت بإنسان لقي مني شراً، فقد أعقبت اليوم منه. وهو أن يقول الرجل لزميلة: اعقب، أي انزل حتى أركب عقبتي. ويروى: فقد أعقبت. أي رجعت عنه. وقوله: نشبة، كان حقه التحريك، يقال: رجل نشبة إذا كان علقاً، فخفف لازدواج عقبة والتقدير: ذا عقبة. يضرب لمن ذل بعد العز.

كذب العير وإن كان برح

برح الصيد، إذا جاء من جانب اليسار. وهذا من بيت أبي داود:
قلت لما نصلا مـن قـنة: كذب العير وإن كان بـرح
وترى حلفهمـا إذ مـضـيا من غبار ساطع قوس قزح
قوله، نصلا: أي خرجا. يعني الكلب والعير. والقنة، أراد بها الربوة. وكذب، فتر، أي أمكن، وإن كان بارحاً. ويجوز أن يكون "كذب" إغراء أي: عليك العير فصده، وإن كان برح. يضرب للشيء يرجى وإن استصعب.

كلاء سييجع منه كبد المصرم

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 269

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 270

يضرب للرجل يغنى ويحسن حاله ثم يصرم، فيمر بالروض عند التفاف النبات وكثرة الخصب فيحزن له. وييجع لغة في يوجع. وكذلك ياجع وييجع. والمصرم، الفقير. يعني أنه إذا رأى كثرة النبات ولم يكن له مال يرعاه وجع كبده.

كلاء حابس فيه كمرسل

أي، الذي يحبس الإبل والذي يرسلها سواء فيه لكثرته.

كلاء لا يكتمه البغيض

يعني به الكثرة أيضاً. وكتمت زيداً الحديث إذا كتمته.

كعين الكلب الناعس

يضرب للشيء الذي لا يبدو منه إلا القليل، لأن الناعس لا يغمض جفنيه كل التغميض. قال الشاعر يصف فلاة:
يكون بها دليل القوم نجـم كعين الكلب في هبى قباع
يعني أن النجم الذي يهتدى به خفي لا يبدو منه إلا هذا القدر. وهي جمع هاب وهو الذي وقع وطلع في هبوة، وهي الغبار. وقباع، جمع قابع. يقال: قبع القنفذ إذا غيب رأسه. والتقدير، يكون بها، أي بالفلاة دليل القوم نجم خفي فيما بين نجوم هي قباع.

كرهاً تركب الإبل السفر

يضرب للرجل يركب من الأمر ما يكرهه. ونصب "كرهاً" على الحال، أي كارهة كرهاً، فهو مصدر قام مقام الحال. ومثله بيت الحماسة: حملت به في ليلة مزرودة.

كارهاً يطحن كيسان

يضرب لمن كلف أمراً وهو فيه مكروه. وكيسان اسم رجل.

كالبغل لما شد في الأمهار

يضرب لمن لا يشاكل خصمه. وقبله: يحمي ذمار مقرف خوار. كالبغل الخ. يقال لما بعد من الشبه والقياس: هو كالبغل لما شد في الأمهار

كأنه قاعد على الرضف

يضرب للمستعجل. والرضف الحجارة المحماة. الواحدة رضفة.

كيف الطلا وأمه

قال الأصمعي: يضرب لمن قد ذهب همه وخلا لشأنه، وقد ذكرت قصته في حرف الغين عند قولهم: غرثان فاركبوا له.

كفاقئ عينيه عمداً

يضرب لمن أخطر وغرر بنفسه. وروي عن عبيد أبي شفقل راوية الفرزدق قال: أتتني النوار فقالت: كلم هذا الرجل أن يطلقني. قلت: وما تريدين من ذلك? قالت: كلمه. قال: فأتيت الفرزدق فقلت: يا أبا فراس، إن النوار تطلب الطلاق. فقال: ما تطيب نفسي حتى أشهد الحسن، فأتى الحسن فقال: يا أبا سعيد اشهد أن النوار طالق ثلاثاً. قال: قد شهدنا. قال: فلما صار في بعض الطريق قال: طلقتك، قالت: نعم، قال: كلا. قالت إذن يخزيك الله عز وجل يشهد عليك الحسن وحلقته فترجم، فقال:
ندمت ندامة الكسعي لـمـا غدت مني مطلـقة نـوار
وكانت جنتي فخرجت منها كآدم حين أخرجه الضرار
فكنت كفاقئ عينيه عـمـداً فأصبح ما يضيء له النهار
ولو أني ملكت يدي وقلبـي لكان علي للقدر الـخـيار
وما طلقتها شبعـاً ولـكـن رأيت الدهر يأخذ ما يعار

كالكلب عاره ظفره

أي أهلكه، وهو مثل قولهم: عير عاره وتده.

كزم الجلام أعبر الضوائنا

الكزم، جمع أكزم، وهو الفرس في جحفلته غلظ وقصر. ومنه يذكر ما إذا كانت قصيرة الأصابع. والجلام، جمع جلم، وهو الذي يجز به الصوف مثل المقراض العظيم. والأعبار، أن يترك الصوف أو الشعر فلا يجز. والضوائن، جمع ضائنة، وهي الأنثى من الضأن. وكزم الجلام يجوز أن يكون صفة لواحد، كقولهم: سهم مرط القذاذ جعلوا الجمع صفة لواحد لما بعده من الجمع ومثله: يا ليلة خرس الدجاج طويلة. وكذلك: رقود عن الفحشاء خرس الجبائر. وجعل جلامه كزماً لقصرها وذهاب حدها فلذلك بقي الضوائن معبرة. وأعبر في المثل في موضع الحال مع غضمار "قد" وإنما لم يؤنث فعل الجلام لأنها لفظ الآحاد، وإن كانت جمعاً، كقول زهير: قال مزنم. يضرب لمن ترك شره عجزاً ثم جعل يتحمد به إلى الناس.

كم لك من خباسة لا تقسم

الخباسة، الغنيمة، ورجل خباس أي غنام. يضرب لمن يجمع المال جاهداً ولا يكون له فيه حظ لا في مطعم ولا في لبس ولا غير ذلك.

كدادة تعيي صليب الإصبع

الكدادة، ما لزق بأسفل القدر إذا طبخت فلا تقدر الإصبع، وإن كانت صلبة، أن تنزعها وتقلعها. يضرب للوقور الذي لا يستخف ولا يزعزع، وللبخيل الذي لا يستخرج منه شيء إلا بكدر ومشقة.

كل لياليه لنا حنادس

الحندس، الليل الشديد الظلمة. يضرب لمن لا يصل إليك منه إلا ما تكره.

كلا النسيمين حرور حرجف

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 270

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 271

النسيم من الريح ما يستلذ من هبوبها، وهو تنفس سهل. والحرور الريح الحارة. والحرجف الباردة، وثنى النسيم أراد نسيم الغداة ونسيم العشي. يضرب للرجل يرجى عنده خير فيرى ضده منه.

كالحانة في أخرى الإبل

يعني الناقة المتأخرة تحن إلى الأوائل. يضرب لمن يفتخر بمن لا يبالي به ولا يهتم لأمره.

الكذب داء والصدق شفاء

أي داء للمكذوب فإنه يعمي عليه أمره.

كالممهورة إحدى خدمتيها

الخدمة، السير الذي يشد على رسغ البعير ثم يستعار لما تلبسه المرأة من الخلخال تشبيهاً به. وهذه امرأة تحمق لأنها طالبت بعلها بالمهر فنزع الرجل إحدى خدمتيها ودفعها إليها مهراً فرضيت بذلك فضرب بها المثل في الحمق.
ومثل هذا قولهم:

كالممهورة من مال أبيها

ويروى: من نعم أبيها. وقد ذكرت المثلين وقصتهما في الحاء عند قولهم أحمق من الممهورة.

كيف يعق والداً منن قد ولد

يعني، لا ينبغي للولد أن يعق أباق وقد صار أباً لأنه قد ذاق طعم العقوق.

ما على أفعل من هذا الباب

أكذب من الأخيذ الصبحان

الأخيذ، المأخوذ. والصبحان، المصطبح، وهو الذي شرب الصبوح. والمرأى صبحى. وأصله أن رجلاً خرج من حيه وقد اصطبح فلقيه جيش يريدون قومه فأخذوه وسألوه عن الحي، فقال: إنما بت في القفر ولا عهد لي بقومي. فبينما هم يتنازعون إذ غلبه البول فبال، فعلموا أنه قد اصطبح ولولا ذلك لم يبل؛ فطعنه واحد منهم في بطنه فبده اللبن، فمضوا غير بعيد فعثروا على الحي. وقال الفراء في مصادره: اكذب من الأخيذ الصبحان يعني الفصيل. يقال أخذ يأخذ أخذاً، إذا أكثر شرب اللبن بأن يتفلت على أمه فيمتك لبنها فيأخذه أي يتخم منه، وكذبه أن التخمة تكسبه جوعاً كاذباً فهو لذلك يحرص على اللبن ثانياً.

أكذب من أسير السند

وذلك أنه يؤخذ الرجل الخسيس منهم فيزعم أنه ابن الملك.

أكذب من يلمع

هو السراب. وقيل: هو حجر يبرق من بعيد فيظن ماء.

أكذب من البهير

وهو السراب أيضاً.

أكذب من الشيخ الغريب

لأنه يتزوج في غربته وهو ابن سبعين، فيزعم أنه ابن أربعين سنة.

أكذب من مجرب

لأنه يخاف أن يطلب من هنائه، فيقول أبداً ليس عندي هناء. ويقال: بل لأنه أبداً يحلف أن إبله ليست بجربى لئلا يمنع عن الورود. ولذلك قيل: لا إلية لمجرب.

أكذب من السالئة

لأنها إذا سلأت السمن كذبت مخافة العين. وكذبها أنها تقول: قد ارتجن، قد احترق. والارتجان أن لا يخلص سمنها.

أكذ بمن دب ودرج

أي أكذب الكبار والصغار. دب لضعف الكبر، ودرج لعضف الصغر. ويقال: بلل معناه أكذب الأحياء والأموات؛ فالدبيب للحي والدروج للميت، من قولهم: درج القوم إذا انقرضوا. ومن الأول قد درج الصبي لأول ما يمشي.

أكذب من فاختة

لأن حكاية صوتها هذا أوان الطرب. تقول ذلك والطلع لم يطلع بعد. وقال:
أكذب من فاخـتة تقول وسط الكرب
والطلع لما يطلـع هذا أوان الرطب

أكذب من صنع

وهو الصناع. يقال: رجل صنع اليدين، وصنيع، وامرأة صناع، إذا وصفا بالحذق في الصناعة. وهذا كمال يقال: ده درين سعد القين، لأنه يرجف كل يوم بالخروج، وهو مقيم ليستعمل. وأما قولهم:

أكذب من حجينة

فإنه كان أكذب من في العرب، ولعله الذي مر ذكره في باب الحاء.

أكذب من المهلب

يعنون ابن أبي صفرة. زعم أبو اليقظان أنه كان إذا حدث قيل: قد راح يكذب. وكان ذاماً لمن يكذب.

أكفر من حمار

وهو رجل من عاد يقال له حمار بن مويلغ. وقال الشرقي: هو حمار ابن مالك بن نصر الأزدي، كان مسلماً، وكان له واد طوله مسيرة يوم في عرض أربعة فراسخ لم يكن ببلاد العرب أخصب منه، فيه من كل الثمار فخرج بنوه يتصيدون فأصابتهم صاعقة فهلكوا فكفر، وقال لا أعيد من فعل هذا ببني، ودعا قومه إلى الكفر فمن عصاه قتله فأهلكه الله تعالى وأخرب واديه؛ فضرب به العرب المثل في الكفر. قال الشاعر:
ألم تـر أن ارثة بـن بـدر يصلي وهو أكفر من حمار

أكبر من عجوز بني إسرائيل

قالوا: هي شارخ بنت يسير بن يعقوب عليه الصلاة والسلام، كانت لها مائتا سنة وعشر سنين، فلما مضت لها سبعون عادت شابة. وكانت تكون مع يوسف، على نبينا وعليه الصلاة والسلام.
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 271

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 272

أكسب مننملة وذرة وفأرة وذئب

يقال: هؤلاء أكسب الحيوانات. وسأل عمر رضي الله عنه عمرو بن معد يكرب عن سعد بن أبي وقاص، فقال: خير أمير، نبطي في حبوته، عربي في نمرته، أسد في تامورته، يعدل في القضية ويقسم بالسوية وينقل غلينا حقنا كما تنقل الذرة إلى جحرها. قال الجاحظ: فقال عمر لسر ما تقارضتما الثناء. أراد بالتامورة العرينة وأصلها الصومعة.

أكسى من بصلة

يضرب لمن لبس الثياب الكثيرة. قال أبو الهيثم: هذا من النوارد أن قال للمكتسي كاسي. وقال ابن جني: كسا زيد ثوباً وكسوته ثوباً. وقال الفراء في بيت الحطيئة: "واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي" أراد، المكسو. وقال: هو مثل ماء دافق، وسر كاتم. فإذا اخذت بقول الفراء كان "أكسى" أفعل من المفعول، وهو قليل شاذ، وقد مر قبله مثله.

أكفر من هرمز

قيل: لما سار خالد بن الوليد رضي الله عنه إلى مسيلمة وقاتله وفرغ من قتاله، أقبل إلى ناحية البصرة فلقي هرمز بكاظمة في جمع أعظم من جمع المسلمين؛ ولم يكن أحد من الناس أعدى للعرب والإسلام من هرمز، ولذلك ضربت العرب به المثل فقالوا: أكفر من هرمز. قالوا: فخرج إليه خالد فدعاه إلى البراز فخرج إليه هرمز فقتله خالد، وكتب بخبره إلى الصديق رضي الله تعالى عنه، فنفله سلبه فبلغت قلنسوته مائة ألف درهم. وكانت الفرس إذا شرفت الرجل فيما بينهم جعلت قلنستوته بمائة ألف درهم.

أكذب أحدوثة من أسير

هذا من قول الشاعر:
وأكذب أحدوثة من أسير وأروع يوماً من الثعلب

أكذب من صبي

لأنه لا تمييز له؛ فكل ما يجري على لسانه يتحدث به.
أما قولهم:

أكذب من قيس بن عاصم

فمن قول زيد الخيل:
فلست بفرار إذا الخيل أحجمت ولست بكذاب كقيس بن عاصم

أكسب من فهد

وذلك أن الفهود الهرمة التي تعجز عن الصيد لأنفسها تجتمع على فهد فتي فيصيد لها في كل يوم شبعها.

أكيس من قشة

هي جرو القرد. يضرب مثلاً للصغار خاصة.

أكمد من الحبارى

ويقال في مثل آخر: مات فلان كمد الحبارى. وذلك أن الحبارى تلقي عشرين ريشة بمرة واحدة؛ وغيرها من الطير يلقي الواحدة بعد الواحد فليس يلقي واحدة إلا بعد نبات الأخرى؛ فإذا أصاب الطير فزع طارت كلها وبقي الحبارى، فربما مات منن ذلك كمداً.

أكمر من لبد

هو نسر لقمان بن عاد السابع. وقد كثرت الأمثال فيه فقالوا: أتي أبد على لبد. وأخنى عليها الذي أخنى على لبد.
وقولهم:

أكثر من تفاريق العصا

قد مر تفسيره في باب الباء عند قولهم: أبقى من تفاريق العصا.

أكفر من ناشرة

هذا من كفر النعمة. وبلغ من كفره أن همام بن مرة بن ذهل ابن شيبان كان استنقذه من أمه وهي تريد أن تئده لعجزها عن تربيته، فأخذه ورباه فلما ترعرع سعى في قتل همام.

أكرم من العذيق المرجب

وقال حمزة: أن أكثر العرب تقوله بغير ألف ولام. والعذيق، النخلة يكثر حملها فيجعل تحتها دعامة وتسمى الرجبة، ويقولون: رجبت النخلة، ونخلة مرجبة، وعذق مرجب. فيقول: هو في الكرم كهذه النخلة من كثرة حملها. وللأعداء إذا احتكوا به بمنزلة الجذيل الذي من احتك به كان دواء من دائه.

أكره من خصلتي الضبع

يضرب مثلاً للأمرين ما فيهما حظ يختار. وأصل ذلك فيما تزعم العرب أن الضبع صادت مرة ثعلباً فلما ارادت أن تأكه قال الثعلب: مني علي أم عامر، فقالت الضبع: قد خيرتك يا أبا الحصين بين خصلتين فاختر أيهما شئت. فقال الثعلب: وما هما? فقالت البع: إما أن آكلك، وأما أن أمزقك. فقال الثعلب وهو بين فكي الضبع: أما تذكرين أم عامر يوم نكحتك بهبوب دابرن وهو أرض غلبت الجن عليها، قالوا: وهو يجيء في أسماء الدواهي. كذا أورده حمزة. وقال أبو الندى: هوت دابر "قلت": وبالحري أن تكون هذه الرواية أصح. فقالت الضبع: متى? وانفتح فوها، فأفلت الثعلب. فضربت العرب بخصلتيها المثل، فقالوا: عرض علي خصلتي الضبع لما لا خيار فيه.

أكمن من عيث

قالوا: إنها خنفساء تقصد الأبواب العتق فتضربها باستها، يسمع صوتها ولا ترى حتى تثقبها فتدخلها. ويقولون أيضاً:

أكمن من جدجد

هو أيضاً ضرب من الخنفساء يصوت في الصحارى من الطفل إلى الصبح، فإذا طلبه الطالب لم يره.

أكذب من أخيذ الديلم وأكذب من مسيلمة

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 272

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 273

أكثر من الدبى ومن النمل ومن الغوغاء ومن الرمل أكتم من الأرض أكرم من الأسد أكره من العلقم أكرم من أسيري عنزة وهما حاتم طيء وكعب بن مامة

المولدون

كل شيء وثمنه كل بؤس ونعيم زائل كل ممنوع متبوع كل ما قرت به العين صالح كل زائد ناقص كل هم إلى فرج كل امرئ يختطب في حبله كل غريب للغريب نسيب كل كبير عدو الطبيعة كل ما هو آت قريب كل رأس به صداع كلما كثر الجراد طاب لقطه كلما كثر الذباب هان قتله كل واشبع ثم أزل وارفع كل في بعض بطنك تعف كثرة الشك من صدق المحاماة على اليقين كم من صديق أكسبتنيه العبرة وسلبتنيه الخبرة كأن لسانه مخراق لاعب أو سيف ضارب كل البقل من حيث يؤتى به كف بخت خير من كر علم كيف نوفيك وقد جف القلم كفى المرء فضلاً أن تعد معايبه كعبة الله لا تكسى لإعواز كالكعبة تزار ولا تزور كل إنسان وهمه وميمون ودنه كتب الوكلاء مفاتيح الهموم كلكم طالب صيد للمرائي كأن الشمس تطلع من حرامه للتياه كان سنداناً فصار مطرقة يضرب للذليل يعز.
كما طار قصوا جناحه يضرب لمن لم تطل مدة ولايته.
كشخان بخل وزيت كالمرأة الثكلى والحبة على المقلى في الانقطاع والقلق.
كلامه ريح في قفص كن يهودياً تاماً وإلا فلا تلعب بالتوراة كتبت له طريدة أي وسيلة لا تنفع.
كالضريع لا يسمن ولا يغني من جوع كهرة تأكل أولادها قاله السيد الحميري في عائشة رضي الله عنها.
كلام الليل يحموه النهار كأن وجهه مغسول بمرقة الذئب كأنه سهم زالج ويروى "زالق".
أو برق خاطف يضرب للسريع السير.
كأنه حكاية خلف الإزار يضرب للقبيح.
كأنه وقع في بطن أمه أي في نعمة.
كأنه أبخر نتف سباله للعبوس.
كالبخراء عند صديقها للساكت.
كردي يسخر من جندي إذا تحاذق على من هو أحذق منه.
كن حالماً بجاهل ناطق كلمناه فصار نديماً كالذئب إذا طلب هرب وإن تمكن وثب كذنب الحمار لا لا يزيد ولا ينقص.
كالإبرة تكسو الناس واستها عارية كالعصفور إن أرسلته فات وإن قبضت عليه مات كامل حكم من جوف خرب كالكمأة لا أصل ثابت ولا فرع نابت كصاحب الفيل يركب بدانق وينزل بدرهم كن ذكوراً إذا كنت كذوباً كثرة الضحك تذهب الهيبة كفى بالموت نأياً واغتراباً كلب مبطن بخنزير كثير الزعفران يضرب للمتكلف.
كبت الله كل عدو لك إلا نفسك كم في ضمير الغيب من سر محجب كلام لين وظلم بين كأنما فقئ في وجهه الرمان كأنما زوى بين عينيه علي المحاجم كم من يدر صنعاء في الكسب خرقاء في الإنفاق كم من حاسد أعياه مني عبرة خرق الأدم الكيس نصف العيش الكبر قائد البغض الكدر من رأس العين الكيد أبلغ من الأيد الكلاب تشبع خبزاً يضرب لمن امتن عليك بالقوت.
الكفالة ندامة الكرم فطنة واللوم تغافل الكنى منبهة والأسامي منقصة الكريم لا تحمله التجارب الكافر موقى والمؤمن ملقى الكافر مرزوق الكلب لا ينبح من في داره أكتب ما وعدك على الجمد إكسري عوداً على أنفك يضرب لمن أرادوا رغمه ومكايدته.
كالزنجي إن جاع سرق وإن شبع زنى يضرب للفاسق النكد في جميع أحواله.
كأنه سنور عبد الله يضرب لمن لا يزيد سناً إلا زاد نقصاً وجهلاً. وفيه قال المحدث:
كسنور عبد الله بيع بدرهـم صغيراً فلما شب بيع بقيراط
كالخصي يفتخر بزب مولاه

الباب الثالث والعشرون

في

ما أوله لام

لو ذات سوار لطمتني

أي لو لطمتني ذات سوار لأن "لو" طالبة للفعل داخلة عليه. والمعنى: لو ظلمني من كان كفئاً لي لهان علي، ولكن ظلمني من هو دوني. وقيل: أراد لو لطمتني حرة، فجعل السوار علامة للحرية، لأن العرب قلما تلبس الإماء السوار. فهو يقول: لو كانت اللاطمة حرة لكان أخف علي. وهذا كما قال الشاعر:
فلو أني بليت بهـاشـمـي خؤولته بنو عبد الـمـدان
لهان علي ما ألقى ولكـن تعالوا فانظروا بمن ابتلاني

لو خيرت لاخترت

قاله بيهس لأمه لما قالت له: كيف سلمت من بين أخوتك? وكانوا أحب إليها منه. وقد ذكرت القصة بتمامها في باب التاء.

لو نهيت الأولى لانتهت الثانية

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 273

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 274

قاله أنس بن الحجير الإيادي لما لطمه الحرق بن أبي شمر لطمة بعد أخرى. والمعنى لو عاقبتك بأول ما جنيت لم تجترئ علي.

لو ترك القطا ليلاً لنام

نزل عمرو بن مامة على قوم من مراد فطرقوه ليلاً، فأثاروا القطا من أماكنها، فرأتها امرأته طائرة، فنبهت المرأة زوجها فقال: إنما هي القطا؛ فقالت: لو ترك القطا ليلاً لنام. يضرب لمن حمل على مكروه من غير إرادته. وقال المفضل: أول من قال: لو ترك القطا ليلاً لنام، حذام بنت الريان، وذلك أن عاطس بن خلاج سار إلى أبيها في حمير وخثعم وجعفى وهمدان، ولقيهم الريان في أربعة عشر حياً من أحياء اليمن، فاقتتلوا قتالاً شديداً، ثم تحاجزوا؛ وإن الريان خرج تحت ليلته وأصحابه هراباً، فساروا يومهم وليلتهم ثم عسكروا، فأصبح عاطس فغدا لقتالهم، فإذا الأرض منهم بلاقع؛ فجرد خيله وحث في الطلب فانتهوا إلى عسكر الريان ليلاً؛ فلما كانوا قريباً منه أثاروا القطا فمرت بأصحاب الريان فخرجت جذام بنت الريان إلى قومها فقالت:
ألا يا قومنا ارتحلوا وسيروا فلو ترك القطا ليلاً لنامـا
أي أن القطا لو ترك ما طار هذه الساعة؛ وقد أتاكم القوم. فلم يلتفتوا إلى قولها وأخلدوا إلى المضاجع لما نالهم من التعب؛ فقام ديسم ابن طارق وقال بصوت عال:
إذا قالت خدام فصدقوها فإن القول ما قالت حذام
وثار القوم فلجؤوا إلى واد كان قريباً منهم. فانحازوا به حتى أصبحوا وامتنعوا منهم. "قلت": وفي رواية أبي عبيد أن البيت للجيم بن صعب في امرأته حذام. وقد ذكرته في باب القاف.

لو لك عويت لم أعوه

"قلت": يجوز أن تكون الهاء للسكت. ويجوز أن تكون كناية عن المصدر؛ أي لم أعو العواء. ويدل على المصدر الفعل أعني عويت، كقوله تعالى: وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه. أي الإعادة. ويدل على المصدر قوله يعيده. ومعنى المثل، لم أهتم لك إنما اهتمامي لنفسي. قاله أبو عبيدة. وقيل: عوى رجل ليلاً في قفر لتجيبه الكلاب فيستدل على الحي، فسمع عواءه ذئب فقصده، فقال: لو لك عويت لم أعوه. يضرب لمن طلب خيراً فوقع في ضده.

لو كنت منا حذوناك

قاله مرة بن ذهل لابنه همام، وقد قطع رجله. وذلك أن مرة أصابت رجله أكلة فأمر بقطعها فدعا بنيه ليقطعوها فكلهم كره ذلك، فدعا ابنه نقيذاً، وهو همام بن مرة، وكان من أجسرهم، فقال: اقطعها يا بني، فقطعها همام، فلما رآها مرة بانت قال: لو كنت منا حذوناك. فأرسلها مثلاً. يقول: لو كنت صحيحة جعلناك حذاء. يضرب لمن أهمل إكرامه لخصلة سوء تكون فيه.

لو كان ذا حيلة لتحول

يقال: جلس رجل في بيت وأوقد فيه ناراً فكثر فيه الدخان حتى قتله؛ فقالت امرأته: أي فتى قتله الدخان? فقال لها رجل: لو كان ذا حيلة لتحول. أي لو كان عاقلاً لتحول من ذلك البيت فسلم؛ قال الأصمعي: أي تحول في الأمر الذي هو فيه. يريد التصرف فيه واستعمال الحيلة.

لولا الوئام لهلك الأنام

الوئام، الموافقة. يقال واءمته مواءمة ووئاماً. وهي أن تفعل مثل ما يفعل، أي لولا موافقة الناس بعضهم بعضاً في الصحبة والمعاشرة لكانت الهلكة. هذا قول أبي عبيد وغيره من العلماء. وأما أبو عبيدة فإنه يروي: لولا الوئام لهلك اللئام. وقال: الوئام، المباهاة. قال: إن اللئام ليسوا يأتون الجميل من الأمور على أنها أخلاقهم، وإنما يفعلونها مباهاة وتشبهاً بأهل الكرم؛ ولولا ذلك لهلكوا. ويروى لولا اللئام لهلك الأنام. من قولهم لاءمت بينهما، أي أصلحت، من اللأم وهو الإصلاح. ويروى: اللوام بمعنى الملاومة، من اللوم.

لكن بشعفين أنت جديد

الشعفان، جبلان. والجدود، الناقة القليلة اللبن. وأصل المثل أن عروة بن الورد وجد جارية بشعفين فأتى بها أهله ورباها، حتى إذا سمنت وبطنت بطرت، فقالت يوماً لجوار كن يلاعبنها وقد قامت على أربع: احلبوني فإني خلفة، فقال لها عروة: لكن بشعفين أنت جدود. يضرب لمن نشأ في ضر ثم يرتفع عنه فيبطر.

لم أذكر البقل بأسمائه

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 274

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 275

قال يونس بن حبيب: استعدى قوم على رجل فقالوا: هذا يسبنا ويشتمنا، فقال الرجل للوالي: أصلحك الله، والله لقد أتقيهم حتى لا أسمي البقل بأسمائه، وحتى إني لأتقي إن أذكر البسباس. وكان الذين استعدوا عليه يسمون بني بسباسة وهي أمة سوداء، وكانت ترمى بأمر قبيح فعرض بهم وغمزهم وبلغ منهم ما أراد حين ذكر البسباس، وظن الوالي أنه مظلوم. يضرب لمن يعرض في كلام كثيراً.

ألقى عليه شراشره

الشراشر، البدن. ويقال: هو ما تذبذب من الثياب. قال ذو الرمة:
وكائن نرى من رشده في كريهة ومن غيه نلقى عليه الشراشـر
أي ألقى عليه نفسه من حبه. ويقال: ألقى عليه بعاعه، أي ثقله ومتاعه، ويقال أيضاً: ألقى عليه أجرانه وأجرامه أيضاً، وهو هواه الذي لا يريد أن يدعه من حاجته.

لقيته أول عائنة

أي أول شيء. ويقال: أول عائنة عينين وأول عين أي شيء. وأراد بقوله: عائنة، أول نفس عائنة، أو حدقة عائنة. يقال عنته عيناً، أي أبصرته، وأول نصب على الحال من الفاعل، ويجوز أن يكون من المفعول. وقوله: أول عين، يجوز أن يراد بالعين الشخص، ويجوز أن يراد أول مرئي، أي أول ذي عين، أي أول مبصر.

لأرينك لمحاً باصراً

أي نظراً بتحديث شديد. ومخرج باصر، مخرج لابن وتامر. أي ذا بصر. قال الخليل: معناه لأرينه أمراً مفزعاً، أي أمراً شديداً يبصره، واللامح اللامع، كأنه قال: لأرينك أمراً واضحاً لا يدفع ولا يمنع. وقال أبو زيد: لمحاً باصراً، أي صادقاً. يقولها المتهدد.

ليس لعين ما رأت ولكن ليد ما أخذت

أصله أن رجلاً أبصر شيئاً مطروحاً فلم يأخذه ورآه آخر فأخذه، فقال الذي لم يأخذه: أنا رأيته قبلك، فتحاكما، فقال الحكم: ليس لعين ما رأت ولكن ليد ما أخذت.

ليس على ذلك أذني

وقال: ما لما قرت به العينان من هذا ثمن.

لبست على ذلك أذني

أي، سكت عليه كالغافل الذي لم يسمعه. قدر في الأذن الاسترخاء والاسترسال على المسمع، وفي ذلك سد طريق السماع. واستعار لها اسم اللبس ذهاباً إلى سعتها وضفوها. ويروى: لبست بفتح الباء. ولبس السماع أن يسكت حتى كأنه لم يسمع.

لأنشقنك نشوقاً معطساً

النشوق، اسم لما يجعل في المنخرين من الأدوية. يضرب لمن يستذل ويرغم أنفه.

لألحقن حواقنك بذواقنك

قال أبو عبيد: أما الحاقنة فقد اختلفوا فيها. فقال أبو عمرو: هي النقرة التي بين الترقوة وحبل العاتق، وهما الحاقنتان. قال: والذاقنة، طرف الخلقوم. قال أبو عبيد: ذكرت ذلك للأصمعي فقال: هي الحاقنة والذاقنة ولم أره وقف منهما على حد معلوم. "قلت": قال أبو زيد: الحواقن، ما تحقن الطعام في بطنه، والذواقن أسفل بطنه. وقال أبو الهيثم: الحاقةن، المطمئن بن الترقوة والحلق، والذاقنة، نقرة الذقن. والمعنى على هذا: لأجعلنك متفكراً، لأن المتفكر يطرق فيجعل طرف ذقنه يمس حاقنته. يضرب لمن يهدد بالقهر والغلبة.

لو وجدت إلى ذلك فأكرش لفعلته

أي لو وجدت إليه أدنى سبيل. قال الأصمعي: نرى أن أصل هذا إن قوماً طبخوا شاة في كرشها، فضاق فم الكرش عن بعض العظام، فقالوا للطباخ: ادخله، فقال: لو وجدت إلى ذلك فأكرش لفعلته. قال المدايني: خرج النعمان بن ضمرة مع ابن الأشعث ثم استؤمن له من الحاج فأمنه، فلما أتاه قال له: أنعمان. قال: نعم. قال: خرجت مع ابن الأشعث? قال: نعم. قال: فمن أهل الرس والبس والدهمسة والدخمسة والشكوى والنجوى، أم من أهل المحاشد والمخاطب والمواقف? قال: بل شر من ذلك: إعطاء الفتنة واتباع الضلالة. قال: صدقت، قال: لو أجد فأكرش إلى دمك لسقيته الأرض. ثم أقبل الحجاج على أهل الشام فقال: إن أبا هذا قدم علي وأنا محاصر ابن الزبير، فرمى البيت بأحجاره فحفظت لهذا ما كان من أبيه. "قلت": قوله: من أهل الرس، أراد من أهل الإصلاح بين القوم. يقال: رسست، إذا أصلحت بين القوم. والبس، الرفق واللين. يقال: بسست الإبل، إذا سقتها سوقاً ليناً. وأراد بالدهمسة والدخمسة، الختل والخدع. يقال: دخمس علي، إذا لبس عليك الأمر. ويروى: الرهمسة بالراء. وهي المسارة، وقوله: المحاشد، أراد المحافل. يقال. احتشد القوم إذا اجتمعوا. وأراد بالمخاطب، مواضع الخطب. وقوله: إعطاء الفتنة، يريد الانقياد للفتنة. يقال: أعطى البعير إذا انقاد بعد استصعاب.

لقيته أول ذات يدين

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 275

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 276

قال أبو زيد: أي لقيته أول شيء. وتقديره: لقيته أول نفس ذات يدين. وكنى باليد عن التصرف، كأنه قال: لقيته أول متصرف.

لأطأن فلاناً بأخمص رجلي

وهو أمكن الوطء وأشده. أي لأبلغن منه أمراً شديداً.

لأبلغن منك سخن القدمين

أي لآتين إليك أمراً يبلغ حره قدميك. قال الكميت:
ويبلغ سخنها الأقدام منكم إذا أرتان هيجتا أرينـا

ليس على أمك الدهناء تدل

يضرب لمن يدل في غير موضع دلال.

لم ولمه عصيت أمي الكلمة

يقول الرجل عند ندمه على معصية الشفيق من نصحائه.

لألحقن قطوفها بالمعناق

القطوف، الذي يقارب الخطو، وهو ضد الوساع. والمعناق من الخيل، الذي يعنق في السير، وهو أن يسير سيراً مسبطراً يقال له العنق. يضرب به من له قدرة ومسكة، يلحق آخر الأمر بأوله لشده نظره في الأمور وبصره بها.

اللقوح الربعية مال وطعام

قال أبو عبيد: أصل هذا في الإبل. وذلك أن اللقوح هي ذات الدر. والربعية هي التي تنتج في أول النتاج، فأرادوا أنها تكون طعاماً لأهلها يعيشون بلبنها لسرعة نتاجها، وهي مع هذا مال. يضرب في سرعة قضاء الحاجة.

لكل أناس في بعيرهم خبر

أي كل قوم يعلمون من صاحبهم ما لا يعلم الغرباء. قال الجاحظ: كلم العلباء بن هيثم السدوسي عمر رضي الله عنه حين وفد عليه في حاجة، وكان أعور دميماً جيد اللسان حسن البيان، فلما تكلم أحسن، فصعد عمر رضي الله عنه بصره فيه وحدره، فلما فرغ قال عمر رضي الله عنه: لكل أناس في جملهم خبر.

لقد كنت وما يقاد بي البعير

يضربه المسن حين يعجز عن تسيير المركوب. وأول من قاله سعد بن زيد مناة، وهو الفزر، وكانت تحته امرأة من بني تغلب، فولدت له، فيما يزعم الناس، صعصعة أبا عامر. وولدت له هبيرة بن سعد. وكان سعد قد كبر حتى لم يطق ركوب الجمل، إلا أن يقاد به ولا يملك رأسه. فكان صعصعة يوماً يقوده على جمله فقال سعد: قد كنت لا يقاد بي الجمل. فأرسلها مثلاً. قال المخبل:
كما قال سعد إذ يقود به ابـنـه كبرت فجنبني الأرانب صعصا
قال أبو عبيد: وقد قال بعض المعمرين:
أصبحت لا أحمل السـلاح ولا أملك رأس البعير إن نـفـرا
والذئب أخشاه إن مـررت بـه وحدي وأخشى الرياح والمطرا
من بعد ما قوة أصـيب بـهـا أصبحت شيخاً أعالج الكـبـرا

لأضربنه ضرب أوابي الحمر

يضرب مثلاً في التهديد. يقال: حمار آب يأبى المشي، وحمر أواب.

لعن الله معزى خيرها خطة

قال أبو عبيد: خطة، اسم عنز كانت عنز سوء. أنشد الأصمعي:
يا قوم من يحلب شاة ميتة قد جلبت خطة جبناً مسفته
قال: أراد بالميتة الساكنة عند الحلب. والجنب جمع جنبة، وهي العلبة. والأسفات، الدبغ. يقال: أسفت الزق إذا دبغته بالرب ومتنته به. قال أبو عبيد: يضرب لمن له أدنى فضيلة إلا أنها خسيسة. ويروى: قبح الله. قال أبو حاتم: أي كسر الله. يقال: قبحه قبح الجوز.

لقد كنت وما أخشى بالذئب فاليوم قد قيل الذئب الذئب

قال الأصمعي: أصله أن الرجل يطول عمره فيخوف إلى أن يخوف بمجيء الذئب ويروى: بما لا أخشى الذئب. أي إن كنت كبرت الآن حتى صرت أخشى بالذئب، فهذا بدل ما كنت وأنا شاب لا أخشى. قال بعض العلماء: المثل لقباث بن أشيم الكناني عمر حتى أنكروا عقله؛ وكانوا يقولون له: الذئب الذئب. فقالوا له يوماً وهو غير غائب العقل، فقال: قد عشت زماناً وما أخشى بالذئب. فذهبت مثلاً.

لبست له جلد النمر

يضرب في إظهار العداوة وكشفها. عن أبي عبيد. ويقال للرجل الذي تشمر في الأمر: لبس جلد النمر. وقال معاوية ليزيد عند وفاته: تشمر كل التشمر، والبس لابن الزبير جلد النمر.

لقد ذل من بالت عليه الثعالب

قيل: اصله إن رجلاً من العرب كان يعبد صنماً فنظر يوماً إلى ثعلب جاء حتى بال عليه، فقال:
أرب يبول الثعلبان بـرأسـه لقد ذل من بالت عليه الثعالب

ليس قطاً مثل قطى

قال الأصعمي: يضرب في خطأ القياس. قال أبو قيس بن الأسلت:
ليس قطاً مثـل قـطـى ولا المرعى في الأقوام كالراعي
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 276

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 277

قال اللحياني: قالت القطاة للحجل: حجل حجل تقر في الجبل من خشية الرجل، فقال لها الحجل: قطا قطا، قفاك أمعطا، بيضك ثنتان وبيضي مائتا. أراد مائتان فحذف النون ونصب أمعطا على تقدير: أرى قفاك أمعطا؛ وهو الذي لا شعر عليه.

لاقيت أخيلا

قال ابن الأعرابي: الأخيل، الشقراق، ويتطيرون منه للطمه، ويسمونه مقطع الظهور. يقال: إذا وقع على بعير وإن كان سالماً يئسوا منه، وإذا لقي المسافر الأخيل تطير وأيقن بالعقر، وإن لم يكن موت في الظهر. قال الفرزدق:
إذا قطنا بلغتنـيه ابـن مـدرك فلاقيت من طير العراقيب أخيلا
وكل طائر تتطير منه الإبل فهو طير العراقيب. وهذه لفظة يتكلم بها عند الدعاء على المسافر.

ليس هذا بعشك فأدرجي

أي ليس هذا من الأمر الذي لك فه حق فدعيه. يقال: درج أي مشى ومضى. يضرب لمن يرفع نفسه فوق قدره

لو كان درأ لم تئل

قال يونس: لو كان الأمر كما قلت لم تنج، وللكنه دون ما قلت. الدرء، الدفع، وكل ما يحتاج إلى دفعه يسمى درأ. ومنه درء الأعادي أي شرهم. والوأل النجاة. يضرب لمن يتهم في قومه.

لم يفت من لم يمت

هذا من كلام أكثم بن صيفي. يقول: من مات فهو الفائت حقيقة.

ليس بأول من غره السراب

قالوا: أصله أن رجلاً رأى سراباً فظنه ماء، فلم يتزود الماء فكانت فيه هلكته. فضرب به المثل.

لقيته قبل كل صيح ونفر

الصيح، الصياح؛ والنفر، التفرق، وذلك إذا لقيته قبل طلوع الفجر.

لقيته صكة عمي

قال اللحياني: هي أشد ما يكون من الحر؛ أي حين كاد الحر يعمي من شدته. وقال الفراء: حين يقوم قائم الظهيرة. وزعم بعضهم أن عمياً الحر بعينه. وأنشد:
وردت عميا والغزالة بـرنـس بفتيان صدق فوق خوص عباهم
وقال غير هؤلاء: عمي رجل من عدوان كان يفتي في الحج، فأقبل معتمراً ومعه ركب حتى نزلوا بعض المنازل في يوم شديد الحر، فقال عمي: من جاءت عليه هذه الساعة من غد وهو حرام لم يقض عمرته فهو حرام إلى قابل. فوثب الناس في الظهيرة يضربون حتى وافوا البيت وبينهم وبينه من ذلك البيت الموضع ليلتان. فضرب مثلاً. فقيل: أتانا صكة عمي إذا جاء في الهاجرة الحارة. قال في ذلك كرب بن جبلة العدواني:
وصك بها نحر الظهيرة غائراً عمي ولم ينعلن إلا ظلالهـا
وجئن على ذات الصفاح كأنها نعام تبغي بالشطي رئالـهـا
فطوفن بالبيت الحرام وقضيت مناسكها ولم تحل عقالـهـا

لكل صباح صبوح

أي كل يوم يأتي بما ينتظر فيه.

لقيته ذات العويم

إذا لقيته ذات المرار في الأعوام. ونصب "ذات" على الظرف، وهي كناية عن المدة أو المرة.

ليس الخبر كالمعاينة

قال المفضل: يروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أول من قاله. وكذلك قوله: مات حتف أنفه، ويا خيل الله اركبي.

لن يهلك امرؤ عرف قدره

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 277

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 278

قال المفضل: إن أول من قال ذلك أكثم بن صيفي في وصية كتب بها إلى طيء. كتب إليهم: أوصيكم بتقوى الله وصلة الرحم، وإياكم ونكاح الحمقاء، فإن نكاحها غرر، وولدها ضياع؛ وعليكم بالخيل فأكرموها فإنها حصون العرب، ولا تضعوا رقاب الإبل في غير حقها فإن فيها ثمن الكريمة ورقوء الدم وبألبانها يتحف الكبير، ويغذى الصغير، ولو أن الإبل كلفت الطحن لطحنت؛ ولن يهلك امرؤ عرف قدره؛ والعدم عدم العقل لا عدم المال؛ ولرجل خير من ألف رجل؛ ومن عتب على الدهر طالت معتبته، ومن رضي بالقسم طابت معيشته، وآفة الرأي الهوى، والعادة أملك، والحاجة مع المحبة خير من البغض مع الغنى، والدنيا دول؛ فما كان لك أتاك على ضعفك وما كان عليك لم تدفعه بقوتك، والحسد داء ليس له دواء، والشماتة تعقب، ومن ير يوماً يره. قبل الرماء تملأ الكنائن. الندامة مع السفاهة. دعامة العقل الحلم. خير الأمور مغبة الصبر. بقاء المودة عدل التعاهد. من يزر غباً يزدد حباً. التغرير مفتاح البؤس. من التواني والعجز نتجت الهلكة. لكل شيء ضراوة، فضر لسانك بالخير. عي الصمت أحسن من عي المنطق. الحزم حفظ ما كلفت وترك ما كفيت. كثير التنصح يهجم على كثير الظنة. من ألحف في المسألة أثقل. من سأل فوق قدره استحق الحرمان. الرفق يمن، والخرق شؤم. خير السخاء ما وافق الحاجة. خير العفو ما كان بعد القدرة. فهذه خمسة وثلاثون مثلاً في نظام واحد.

الليل وأهضام الوادي

الهضم، ما اطمأن من الأرض. يضرب في التحذير من الأمرين كلاهما مخوف. وأصله أن يسير الرجل ليلاً في بطون الأودية، ولعل هناك ما لا يؤمن اغتياله وهو لا يدري وينصبان إلى إضمار فعل. أي احذرك الليل وأهضام. ويجوز الرفع على تقدير: الليل وأهضام الوادي محذوران.

الليل أعور

قالوا: إنما قيل ذلك لأنه لا يبصر فيه؛ كما قالوا: نهار مبصر، يبصر فيه.

لم أر كاليوم في الحريمة

أصل هذا أن رجلاً، فيما ذكروا، انتهى إلى أسد في وهدة، فظن أنه وعل فرمى بنفسه عليه ففزع الأسد فنفضه ورمى به ومر هارباً. وكان مع الرجل ابن عم له لما نظر إلى الأسد عرفه، فقال الذي رمى بنفسه عليه: لم أر كاليوم في الحريمة، وهي الحرمان، فقال ابن عمه: لو أر كاليوم واقية، أي وقاية. يضرب لمن فاته ما لا خير له فيه فهو يندم عليه.

لقيته بين سمع الأرض وبصرها

قال أبو عبيدة: قال بعضهم: معناه بين طول الأرض وعرضها. قال: وهذا كلام مخرج، ولكن الكلام لا يوافقه، ولا أدري ما الطول والعرض من السمع والبصر، ولكن وجهه عندي أنه لقيه في مكان خال ليس فيه أحد يسمع كلامه ولا يبصره إلا الأرض القفر دون الناس. وإنما هذا مثل، ليس أن الأرض تسمع وتبصر. وهذا كقوله عليه الصلاة والسلام لأحد: هذا جبل يحبنا ونحبه. والجبل ليست له محبة. وكقوله تعالى: جداراً يريد أن ينقض. ولا إرادة هناك. ومثل ما تقدم قولهم:

لقيته بوحش أصمت

ويروى ببلدة أصمت غير مجرى، إذا لقيته بمكان لا أنيس به.

التقى الثريان

قال أبو عبيد: الثرى هو التراب الندي، فإذا جاء المطر الكثير رسخ في الأرض حتى يلتقي نداه والندى الذي يكون في بطن الأرض، فهو التقاء الثريين. يضرب في سرعة الاتفاق بين الرجلين والأمرين. قال ابن الأعرابي: قيل لرجل: لبس فلان فرواً بلا قميص. فقال: التقى الثريان. يريد شعر الفرو وشعر العانة.

لز فلان بحجره

أي ضم إلى قرن مثله. وهذا مثل قولهم: رمى فلان بحجره. ويروى في حديث صفين أن معاوية لما بعث عمرو بن العاص حكماً مع أبي موسى الأشعري، جاء الأحناف بن قيس إلى أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، فقال له: إنك قد رميت بحجر الأرض فاجعل معه ابن عباس، فإنه لا يشد عقدة إلا حلها. فأراد علي أن يفعل ذلك فأبت عليه اليمانيون إلا أن يكون أحد الحكمين منهم، فبعث عند ذلك أبا موسى الأشعري.

الله أعلم ما حطها من رأس يسوم

يضرب مثلاً في النية والضمير. وأصله أن رجلاً نذر أن يذبح شاة، فمر بيسوم، وهو جبل، رأى فيه راعياً فقال: اتبعيني شاة من غنمك? قال: نعم، فأنزل شاة فاشتراها وأمر بذبحها عنه، ثم ولى فذبحها الراعي عن نفسه. وسمعه ابن الرجل يقول ذلك فقال لأبيه: سمعت الراعي يقول كذا، فقال: يا بني الله اعلم ما حطها من رأس يسوم ويروى، من حطها.

الليل يواري حضناً

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 278

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 279

أي يخفي كل شيء حتى الجبل. وحضن، جبل معروف.

ليس سلامان كعهدان

أي ليس كما عهدت. يضرب لما تغير عما كان قبل. وسلامان، مكان. ويروى سلامان بكسر النون.

ليتك من وراء حوض الثعلب

وحوض الثعلب، فيما يزعمون، واد بشق عمان.

ليست بخلاة بنجاة

الخلاة، العشبة. والنجاة، الأكمة من الأرض. أي لست من لا يمتنع فيضام. يعني لست ممن يختلني من أرادني.

ليت حظي من العشب خوصه

الخوص، ورق النخل والدوم والخزم والنارجيل وما أشبه ذلك، مما نباته نبات النخلة. يضرب لمن يعدك الكثير ولا يعجل القليل.

لتجدني بقرن الكلا

قرن الكلا، منتهى الراعية وعظمها. أي حيثما طلبتني وجدتني.

لأقلعنك قلع الصمغة

قال الحجاج بن يوسف لأنس بن مالك: والله لأقلعنك قلع الصمغة، ولأجزرنك جزر العرب، ولأعصبنك عصب السلمة. فقال أنس: من يعني الأمير? قال: إياك أعني، أصم الله صداك. فكتب أنس بذلك إلى عبد الملك، فكتب عبد الملك إلى الحجاج: يا ابن المستفرمة بعجم الزبيب، لقد هممت أن أركلك ركلة تهوي منها إلى نار جهنم وأضغمك ضغمة كبعض ضغمات الليوث الثعالب وأخبط خبطة تود أنك زاحمت مخرجك من بطن أمك، قاتلك الله أخيفش العينين أصلك الأذنين أسود الجاعرتين أخمش الساقين.

لطة لطم المنتقش

إذا لطمه لطماً متتابعاً وذلك أن البعير إذا شاكته الشوكة لا يزال يضرب يده على الأرض يروم انتقاشها.

ليس لها راع ولكن حلبة

الحلبة جمع حالب. يضرب للرجل يوكل وليس له من يبقي عليه.

ألقت مراسيها بذي رمرام

أي سكنت الإبل واستقرت وقرت عيونا بالكلا والمرتع. والرمرام ضرب من الشجر وحشيش الربيع. يضرب لمن اطمأن وقرت عينه بعيشه.

لو بغير الماء غصصت

يضرب لمن يوثق به ثم يؤتى الواثق من قبله. ومن هذا قول عدي ابن زيد:
لو بغير الماء حلـقـي شـرق كنت كالغصان بالماء اعتصاري
أي لو شرق حلقي بشيء غير الماء لاعتصرت بالماء. وأقام اسم الفاعل مقام الفعل لاجتماعهما في أن كلاً منهما محتمل للحال والاستقبال.

لتجدن نبطه قريباً

النبط، الماء الظاهر من الأرض. يضرب لمن يؤخذ ما عنده سهلاً عفواً.

التقت حلقتا البطان

يقولون: البطان للقتب الحزام الذي يجعل تحت بطن البعير، وفيه حلقتان. فإذا التقتا فقد بلغ الشد غايته. يضرب في الحادثة إذا بلغ النهاية.

ليس الهنء بالدس

الهناء، القطران. والهنء طلي البعير بالهناء. وهو أن يهنأ الجسد كله. والدس أن تطلى المغابن والأرفاغ. يضرب فيمن يقصر في الطلب ولا يبالغ.

لو كنت أنفخ في فحم

الفحم والفحم لغتان. يريد، قد علمت لو كنت أعمل في فائدة. وقال: قد قاتلوا لو ينفخون في فحم. والعامة تقول: إنما ينفخ في رماد.

لو كان عنده كنز النطف ما عدا

النطف بن الخيبري، رجل من بني يربوع كان فقيراً يحمل الماء على ظهره فينطف أي يقطر، فأغار على مال بعث به بأذان إلى كسرى من اليمن، فأعطى منه يوماً حتى غابت الشمس، فضربت العرب به المثل في كثرة المال.

لم أجد لشفرتي محزاً

المحز، موضع الحز، وهو القطع. يضرب عذراً في تعذر الحاجة. أي لم أجد مجالاً في تحصيل ما أردت.

لكل صارم نبوة ولكل جواد كبوة ولكل عالم هفوة

يقال: نبا السيف، إذا تجافى عن الضريبة، وكبا الفرس عثر؛ وهفوة العالم زلته.

لكل داخل دهشة

أي، حيرة.

لأطعنن في حوصهم

الحوص، الخياطة بغير رقعة. يضرب في الوعيد أي أفسد ما أصلحوا.

ليت القسي كلها أرجلاً

كذا ورد المثل نصباً. وهي لغة تميم يعملون ليت إعمال ظن، فيقولون: ليت زيداً شاخصاً. كما يقولون ظننت زيداً شاخصاً. قال ابن الأعرابي: أرجل القسي إذا وترت أعاليها وأيديها أسافلها وأرجلها أشد من أيديها وأنشد: "ليت القسي كلها من أرجل" وقال بعضهم: الذين قالوا ليت القسي كلها أرجلاً، ظنوا أن ذلك ممكن، وليس بممكن. لأنه لما كانت أعالي القسي أطو من أسافلها فلو تركت االأسافل على غلظ الأعالي مع قصرها لم توات النازع فيها ولتخلفت عن الأعالي وخذلتها. يضرب للمتمني محالاً.

ليس بعد الإسار إلا القتل

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 279

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 280

هذا المثل لبعض بني تميم. قاله يوم المشقر، وهو قصر بناحية البحرين، وكان كسرى كتب إلى عامله أن يدخلهم الحصن فيقتلهم، وذلك لجناية كانوا جنوها عليه فأرسل إليهم فأظهر لهم أنه يريد أن يقسم فيهم مالاً وطعاماً، فجعل يدخل واحداً واحداً فيقتله فلما رأوا أنه ليس يخرج أحد ممن يدخل علموا أن الدخول إليه إنما هو أسر ثم قتل، فعندها قال قائلهم: ليس بعد الإسار إلا القتل. فامتنعوا حينئذ من الدخول. يضرب في الإسارة يركبها الرجل من صاحبه فيستدل بها على أكثر منها. قال أبو عبيد.

ليس بعد السلب إلا الإسار

قال حمري بن عبادة يوم المشقر لما رأى قومه يدخلون حصن هجر على هوذة بن علي والمكعبر الضبي ولا يخرجون لأنهم كانوا يقتلون. وكانوا يأخذون أسلحتهم قبل الدخول فقال حمري: ليس بعد السلب إلا الإسار. يعني بعد سلب الأسلحة، وتناول سيفاً وعلى باب المشقر سلسلة ورجل من الأساورة قابض عليها فضرب السلسلة فقطعها ويد الأسوار، فانفتح الباب وإذا الناس يقتلون فثارت بنو تميم، فلما عرف هوذة أنهم نذروا به، أمر المكعبر فأطلق مائة من خيارهم وخرج هارباً هو والأساورة معهم، وتبعهم سعد والرباب فقتل بعضهم وأفلت من أفلت. وكان من قتل يومئذ أربعة آلاف رجل. يضرب للرجل يمكر مكراً متقدماً ثم يخلط ليخدع صاحبه.

ليس في جفيره غير زندين

يضرب لمن ليس عنده خير وهذا قريب من قولهم زندان في مرقعة. يضرب للرجل المحتقر.

ليس الدلو إلا بالرشاء

أي، لا يستقي لك الدلو إذا لم يقرن بالحبل. يضرب في تقوي الرجل بأقاربه وعشيرته.

ليس هذا من كيسك

يضرب لمن يرى منه ما لا يمكن أن يكون هو صاحبه. وأصل هذا أن معاوية لما أراد المبايعة ليزيد دعا عمراً فعرض عليه البيعة له فامتنع، فتركه معاوية ولم يستقص عليه، فلما اعتل معاوية العلة التي توفي فيها دعا يزيد وخلا به، وقال له: إذا وضعتم سريري على شفير حفرتي فادخل أنت القبر، ومر عمراً يدخل معك، فإذا دخل فاخرج فاخترك سيفك ومره فليبايعك، فإن فعل وإلا فادفنه قبلي؛ ففعل ذلك يزيد فبايع عمرو وقال: ما هذا من كيسك، ولكنه من كيس الموضوع في اللحد. فذهبت مثلاً. ويحكى من دهاء عمرو أن معاوية قال له يوماً: هب لي الوهط. فقال هو لك. والوهط ضيعة كانت لعمرو بالطائف ما ملكت العرب مثله. وكان معاوية يشتهي أن يكون له بكل ما يملك فلم يقدر على ذلك فلما وهرها له وقدر معاوية أنه صار ملكاً له قال عمرو: قد وجب أن تسعفني بحاجة أسألكها. قال معاوية: أنت بكل ما سألت مسعف. قال: ترد إلي الوهط؛ فوهبه له معاوية ضرورة.

اللسان مركب ذلول

يعني أن الإنسان يقدر على قول الخير والشر؛ فلا يعود لسانه مقالة السوء.
أله له كما يلهي لك الإلهاء، إلقاء اللهوة. وهو ما يلقيه الطاحن بيده في فم الرحا. ومعنى المثل، اصنع به كما يصنع بك. يضرب في المكافأة والمجازاة.

ليس لمختال في حسن الثناء نصيب

يضرب في ذم الخيلاء والكبر

لج مال ولجت الرجم

قاله سعد بن زيد لأخيه مالك بن زيد؛ وكان مالك بن زيد يحمق، وكان لا يظهر على عورات النساء ولا يدري ما يراد منهن؛ فزوجه أخوه، فلما بنى بأهله أبى أن يدخل الخباء فقال له أخوه سعد: لج مال ولجت الرجم، فأرسلها مثلاً. والرجم القبر.
وليس عتاب الناس للمرء نافعاً إذا لم يكن للمرء لب يعاتبـه
يضرب في ترك العتاب لمن لا يعتب.

لم أجعلها بظهر

الهاء كناية عن الحاجة. يضربه المعني بحاجتك. يقول: لم أجعل حاجتك وراء ظهري ولم أغفل عنها، بل جعلتها نصب عيني.

لأكوينه كية المتلوم

أي كياً بليغاً. والمتلوم، الذي يتتبع الداء حتى يعلم مكانه. يضرب في التهديد الشديد المحقق.

لقد حملتك غير محملك

أي رفعتك فوق قدرك. يضرب لمن لا تجده موضع معروفك وإحسانك.

لو سئلت العارية أين تذهبين لقالت أكسب أهلي ذماً

هذا من كلام أكثم بن صيفي. يعني أنهم يحسنون في بذلها لمن يستعير، ثم يكافؤون بالدم إذا طلبوا. يضرب في سوء الجزاء للمنعم.

لأضمنك ضم الشناتر

قال أهل اللغة: هي لغة يمانية وهي الأصابع. الواحدة شنترة. وذو شناتر ملك من ملوك اليمن.

لولا عتقه لقد بلي

العتق، الكرم. أي لولا كرمه وقوته لاحتمال أعباء ما يحمل لضعف وعجز عن حمله.
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 280

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 281

ليتني وفلاناً يفعل بنا كذا حتى يموت الأعجل

هذا من قول الأغلب العجلي في شعر له، وهو "ضرباً وطعناً أو يموت الأعجل".

ليس عليك نسجه فاسحب وجر

أي أنك لم تنصب فيه فلذلك تفسده.

ألق دلوك في الدلاء

قال أبو عبيد: يضرب في اكتساب المال والحث عليه. قال الشاعر:
وليس الرزق عن طلب حثيث ولكن ألق دلوك في الـدلاء
تجيء بمثلها طوراً وطـوراً تجيء بحمأة وقـلـيل مـاء

لقيت منه عرق الجبين

أي تعبت في أمره حتى عرق جبيني من الشدة.

ليس لشبعة خير من صفرة تحفزها

الصفرة، الجوعة. وفي الحديث: صفرة في سبيل الله خير من حمر النعم، وهي فعلة من الصفورة، وهي الخلاء. يقال: مكان صفر، أي خال، والحفز، الدفع. ومثل هذا في المعنى قولهم:

ليس للبطنة خير من خمصة تتبعها

البطنة، الكظة والامتلاء. والخمصة الجوعة.

ليس الري عن التشاف

الاشتفاف والتشاف أن تشرب جميع ما في الإناء، مأخوذ من الشفافة وهي البقية. يقول: ليس من لا يشف لا يروى، فقد يكون الري دون ذلك. يضرب في قناعة الرجل ببعض ما ينال من حاجته. أي ليس قضاؤك الحاجة أن لا تدع قليلاً ولا كثيراً إلا نلته، فإذا نلت معظمها فاقنع به.

لهذا كنت أحسيك الجرع

يروى المجع جمع مجيع، وهو اللبن ينقع فيه التمر. أي لمثل هذا كنت أربيك لتدفع شراً أو تجلب خيراً. قال الأصمعي: وأصله أن الرجل يغذو فرسه بالألبان يحسيها إياه ثم يحتاج إليه في طلب أو هرب فيقول: لهذا كنت أفعل بك ما أفعل. قال الراجز: "لمثلها كنت أحسيك الحسى".

ليس كل حين أحلب فأشرب

يضرب في كل شيء يمنع من المال وغيره، أي ليس كل دهر يساعدك ويتأتى لك ما تطلب. يحثه على العمل بالتدبير وترك التبذير. قال أبو عبيد: وهذا المثل يروى عن سعيد بن جبير قاله في حديث سئل عنه. قال الطبري: يقوله من يحكم أول أمره مخافة أن لا يمكن من آخره.

لتجلبنها مصراً

يقال: مصرت الناقة أمصرها مصراً، إذا حلبتها بأطراف الأصابع. يضرب لمن يتوعدك فتقول: لا تقدر أن تنال مني شيئاً إلى بعد عناء طويل. ونصب "مصراً" على تقدير لتحلبنها حلباً بجهد وعناء. ويجوز أن يكون نصب على الحال، أي لتحلبنها وأنت ماصر. والهاء كناية عن الخطة التي قدر أن ينالها منه، فجعل الناقة والمصر عبارة عنها.

لم تحلب ولم تغار

المغارة، قلة اللبن. يقول لم تحلب هذه الناقة ولم تغار هي وأودى اللبن. يضرب لمن ضيع ماله أو مال غيره.

لله دره

أي خيره وعطاؤه وما يؤخذ منه. هذا هو الأصل. ثم يقال لكل متعجب به.

ليس الشحم باللحم ولكن بقواصيه

قواصي الشيء نواحيه. يضرب للمتقاربين في الشيء وليس شيئاً واحداً في الحقيقة.

لم يضع من مالك ما وعظك

هذا المثل يروى عن أكثم بن صيفي. قال المبرد: إذا ذهب من مالك شيء فحذرك أن يحل بك مثله فتأديبه إياك عوض من ذهابه.

لفلان كحل ولفان سواد

يعني كثير مال. وأراد بالكحل هذا الذي يكتحل به والغالب عليه السواد. وأراد بالسواد المال الكثير. يعني أن كثرته تمنع حصره وعده، كما أن السواد يمنع من إدراك الشيء وحقيقته. قال أبو عبيد: وكان الأصمعي يتأول في سواد العراق أنه سمي به للكثرة. قال أبو عبيد: وأما أنا فأحسبه سمي للخضرة التي في النخل والشجر والزرع، لأن العرب قد تلحق لون الخضرة بالسواد فتضع أحدهما موضع الآخر. من ذلك قوله تعالى حين ذكر الجنتين: مدهامتان. قال في التفسير: خضراوان. قال ذو الرمة:
قد أطلع النازح المجهود معسفه في ظل أخضر يدعو هامه البوم
يريد بالأخضر الليل. فسماه بهذا لظلمته وسواده.

ليس أخو الشر من توقاه

يقول: إذا وقعت في الشر فلا توقه حتى تنجو منه.

لعالك عالياً

ويقال لعل لك. يقال ذلك للعاثر دعاء له. قال المحجل بن حزن الحارثي:
لنا فحمة زوراء أحمت بـلادنـا متى يرها الشاري يلجج به وهل
وأرماحنا ينهزنهم نهز قـحـمة يقلن لمن أدركن تعساً ولا لعـل

لعل له عذراً وأنت تلوم

يضرب لمن يلوم من له عذر ولا يعلمه اللائم. وأوله "تأن ولا تعجل يلومك صاحباً".

لقيت منه الأقورين والفتكرين والبرحين

إذا لقي منه الأمور العظام.
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 281

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 282

لم يحرم من فصد له

الفصيد، دم كان يجعل في معي من فصد عرق البعير، ثم يشوى ويطعمه الضيف في الأزمة. يقال: من فصد له البعير فهو غير محروم. ويقال: أيضاً: من فصد له بتسكين الصاد تخفيفاً. ويقال: فزد له بالزاي. يضرب في القناعة باليسير.

لأمدن غصنك

أي لأطلين عناءك. وإذا مد غضنه فقد أطال عناءه. والغضن، التشنج. ويروى: لأمدن عصبك؛ وهو قريب من الأول. وأنشد أبو حاتم عن أبي زيد على الغضن:
أريت أن سقت سياقاً حسناً تمد من آباطهن الغضنـا

أنازل أنت فخابر لنا

لتجدن فلاناً ألوى بعيد المستمر

ألوى، أي شديد الخصومة. واستمر استحكم. يعني أنه قوي الخصومة لا يسأم المراس. أنشد أبو عبيد: "وجدتني ألوى بعيد المستمر" أي بعيد شأو المستمر. ويجوز أن يريد: بعيد المذهب. يقال: مر واستمر، أي ذهب. وقوله: ألوى أي ألتوي على خصمي بالحجة. وقبله:
إذا تخازرت وما بي مـن خـزر ثم كسرت الطرف من غير عور
وجدتني ألوى بعيد المسـتـمـر أحمل ما حملت من خير وشـر
كان المفضل يذكر أن المثل للنعمان بن المنذر، قاله في خالد بن معاوية السعدي، ونازعه رجل عنده فوصفه النعمان بهذه الصفة، فذهب مثلاً.

لأقيمن قذلك

ويروى، حدلك. أي عوجك. والحدل، عوج وميل في أحد المنكبين. والقذل، الميل والجور. ويروى: لأقيمن صعرك، أي ميلك.

لكل ساقطة لاقطة

قال الأصمعي وغيره: الساقطة، الكلمة يسقط بها الإنسان. أي لكل كلمة يخطئ فيها الإنسان من يتحفظها فيحملها عنه. وأدخل الهاء في اللاقطة، أراد المبالغة. وقيل أدخلت لازدواج الكلام. يضرب في التحفظ عند النطق. وقال ثعلب: يعني لكل قذر فدر. وقيل: أراد لكل كلمة ساقطة أذن لاقطة؛ لأن أداة لقط الكلام الأذن.

الليل أخفى للويل

أي افعل ما تريد ليلاً، فإنه أستر لسرك. وأول من قال ذلك سارية ابن عويمر بن عدي العقيلي، وكان سبب ذلك أن توبة بن الحمير شهد بني خفاجة وبني عوف وهم يختصمون عند همام بن مطرف العقليلي، وكان مروان ابن الحكم استعمله على صدقات بني عامر، فضرب ثور بن أبي سمعان بن كعب العقيلي توببة بن الحمير بجرز، وعلى توبة درع وبيضة، فجرح أنف البيضة وجه توبة، فأمر همام بن مطرف بثور، فأقعد بين يدي توبة فقال: خذ حقك يا توبة. فقال توبة: ما كان هذا إلا عن أمرك، وما كان ثور يجترئ علي عند غيرك، ولم يقتص منه. وقال:
إن يمكن الدهر فسوف أنتقـم أو لا، فإن العفو أولى بالكرام
ثم عن توبة بلغه أن ثوراً قد خرج في نفر من أصحابه يريد ماء لهم يقال له جرين أو جرين بتثليث، فتبعهم توبة في أناس من أصحابه حتى ذكر لهم أنهم عند رجل من بني عامر، يقال له سارية بن عويمر بن أبي عدي؛ وكان صديقاً لتوبة، فقال توبة: لا أطرقهم وهم عند سارية حتى يخرجوا، وقال سارية للقوم وقد أرادوا أن يخرجوا من عنده مصبحين: ادرعوا الليل فإنه أخفى للويل، ولست آمن عليكم توبة. فلما اظلموا ركبوا الفلاة وتبعهم توبة فقتل ثوراً وجر هذا قتل توبة بن الحمير.

ليس النفاخ بشر الزمرة

أي ليس المحرض في الحرب دون المقاتل.

لقي ما يلقى المنتوف باركاً

وذلك أن البعير ينتف باركاً. يضرب لمن لقي شدة وأذى.

ليست بريشاء ولا عمشاء

الريشاء، الطويلة هدب العين. والعمشاء، السيئة البصر. يضرب للشيء الوسط بين الجيد والرديء.

ليس الحاث بأورع

أي ليس من يحث على العمل بأورع ممن يعمل. وهذا كقولهم: ليس النفاخ بشر الزمرة.

لقي است الكلبة

إذا لقي أمراً شديداً. قالوا: إن ملك الرهاء أطفأ نيران البلاد وأمرهم أن يقتبسوا النار من است الكلبة الميتة. فهرب قوم لذلك من البلاد.

لو ترك الضب بأعداء الوادي

أي بنواحيه. واحدها عداً. وهي جمع عدوة. مثل قولهم: لو ترك القطا ليلاً لنام.

لم يعدم منه خابط ورقاً

يضرب للجواد لا يحرم سائله. والخبط، ضرب الشجرة بالعصا فيسقط ورقها.

لكل ذي عمود نوى

أي لكل أهل بيت نجعة. المعنى، لكل اجتماع افتراق، ولكل امرئ حاجة يطلبها.

ليت حظي من أبي كرب أن يسد عني خيره خبله

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 282

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 283

قيل: نزلت بقوم شدة فقالوا لعجوز عمياء: أبشري، فهذا أبو كرب قد قرب منا، فقالت هذا القول. وأبو كرب تبع من تبايعة اليمن.

لوى مغل إصبعه

ويرىو: مضل. أي لشدة أسفه. قال أبو عمرو: المغل، الغاش يلوي إصبعه في السلح، فيترك شيئاً من اللحم في الإهاب. يضرب للمبذر ماله.

لتحمل عضة جناها

العضاه، شجر طوال ذوات شوك مثل الطلح والسلم والسيال وغيرها. ولكل منها جنى وواحدة العضاه عضهة، وبعضهم يقول عضوة. وهذا مثل قولهم: كل إناء يرشح بما فيه.

لأفقر منا يهدى غمام أرضنا

أي يذهب حظنا إلى غيرنا. ويروى: نهدي غمام، أي نؤثرهم علينا.

لك ما أبكي ولا عبرة بي.

يجوز أن تكون "ما" صلة. أي لكل أبكي، ويجوز أن تكون مصدراً. أي لك بكائي ولا حاجة بي إلى أن أبكي. أي لأجلك أتحمل النصب. يضرب في عناية الرجل بأخيه.

ليس لملول صديق

كما قيل:
إنك والـلـه لـذو مـلة يطرفك الأدنى عن الأبعد
قال أبو عبيد: المثل يروى عن أبي حازم، وكان من الحكماء، قال: ليس لملول صديق ولا لحسود غنى، والنظر في العواقب تلقيح للعقول.

ليس لشره غنى

لأنه لا يكتفي بما أوتي لحرصه على الجمع، فهو لا يزال طالباً فقيراً.

ليس المتعلق كالمتأنق

المتعلق، الذي يكتفي بالعلقة. وهي القليل من الشيء. أي، ليس الراضي بالبلغة من الشيء كالمتخير ذي النيقة، يأكل ما يشاء ويختار منه ما يوافقه، أي يعجبه.

ليس من العدل سرعة العزل

أي لا ينبغي أن تعجل بالعزل قبل أن تعرف العذر.

ليس بصلاد القدح

أي ليس بصلد زنده فيما يقدح. يضرب لمن لا يرجع خائباً عما يقصد.

لو كرهتني يدي ما صحبتني

قال:
لا أبتغي وصل من لا يبتغي صلتي ولا ألين لمن لا يبتغـي لـينـي
والله لو كرهت كفي مصاحبتـي لقلت للكف بيني إذا كرهتينـي.

لقيته صحرة بحرة

أي، خالياً ليس بيني وبينه حاجز. وهما اسمان جعلا اسماً واحداً. ولا ينون؛ وأصل صحرة من الصحراء وهو الفضاء. وأصل بحرة من البحر، وهو الشتق والسعة. ومنه سمي البحر لأنه شق في الأرض.

لقيته بعيدات بين

أي بعد فراق، وذلك إذا كان الرجل يمسك عن إتيان صاحبه زماناً ثم يأتيه ثم يمسك عنه نحو ذلك أيضاً ثم يأتيه. قاله أبو زيد.

لأشأنن شأنهم

أي لأفسدن أمرهم. والشأن ملتقى القبائل من الرأس، ومعناه لأصيبن ذلك الموضع منهم، كما تقول: رأسته إذا أصبت رأسه. وهذا لفظ يتضمن اللوعيد.

لألجئنك إلى قر قرارك

أي إلى محلك الذي تستحقه. قال الأصمعي: القر، المستقر، والقرار مصدر قر يقر، أي لأضطرنك إليه. ويقال: أراد لألجئنك إلى مضجعك ومدفنك، يعنون القبر.

لأمر ما يسود من يسود

إنما دخلت "ما" للتأكيد، أي لا يسود الرجل قومه إلا بالاستحقاق.

لأمر ما جدع قصير أنفه

قالته الزباء لما رأت قصيراً مجدوعاً. وقد مر ذكره في باب الخاء.

للسوق درة وغرار

يقال: سوق دارة أي نافقة، وغارة أي كاسدة. ويقال: درت السوق تدر، إذا كثر خيرها. وغارت تغار غراراً، إذا قل خيرها. وكلاهما على التشبيه بلبن الناقة. وكان القياس أن يقال: سوق دارة ومغارة. لكنهم قالوا غارة للازدواج.

لكن حمزة لا بواكي له

قاله النبي صلى الله عليه وسلم لما وجد نساء المدينة يبكين قتلاهن بعد أحد، فأمر سعد بن معاذ وأسيد بن خضير رضي الله عنهما نساءهم أن يتحزمن ثم يذهبن فيبكين على عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بكاءهن على حمزة خرج إليهن وهن على باب مسجده فقال: ارجعن يرحمكن الله، فقد أسأتن بأنفسكن. يضرب عند فقد من يهتم بشأنك.

لكن خلالي قد سقط

أصله أن شيخاً وعجوزاً حملا على جمل بينهما بخلال، فقال الشيخ للعجوز: خلالك ثابت. قالت: نعم: فقال: لكن خلالي قد سقط؛ وانتزع خلاله فسقط ومات. يضرب لمن يوقع نفسه في الهلكة.

لعلني مضلل كعامر

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 283

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 284

أصله أن شابين كانا يجالسان المستوفر بن ربيعة، فقال أحدهما لصاحبه، واسمه عامر، إني أخالف إلى بيت المستوغر، فإذا قام من مجلسه فأيقظني بصوتك، ففطن المستوغر لفعله فمنعه من الصياح، ثم أخذ بيده إلى منزله، فقال: هل ترى بأساً? قال: لا، ثم أخذه إلى بيت الفتى، فإذا الرجل مع امرأته، فيقول المستوغر: لعلني مضلل كعامر. فذهبت مثلاً. يضرب لمن يطمع في أن يخدعك كما خدع غيرك.

لج فحج

أي نازعه خصمه فحمله اللجاج على أن غلبه بالحجة. ويقال: بل معناه أن رجلاً خرج يطوف في البلاد فاتفق حصوله بمكة، فحج من غير رغبة منه، فقيل، لج في الطواف حتى حج، قال أبو عبيد: يضرب للرجل يبلغ من لجاجته أن يخرج إلى شيء ليس من شأنه. قال: وهذا من أمثالهم في صعوبة الخلق واللجاجة.

لم تفاتي فهاتي

أي لم يفتك ما تطلبين، فهاتي ما عندك، يعني: استقبلي الأمر فإنه لم يفتك. زعموا أن رجلاً خرج من أهله فلما رجع قالت امرأته: لو شهدتنا لأخبرناك وحدثناك بما كان، فقال الرجل: لم تفاتي فهاتي. أي لم يفتك ذاك فهاتي ما عندك.

لقيته في الفرط

إذا لقيته في اليومين والثلاثة فصاعداً مرة؛ ولا يكون الفرط في أكثر من خمس عشرة ليلة. قاله الأحمر.

لقيته عن هجر

وذلك إذا لقيته بعد الحول. وعن بمعنى بعد. أي لقيته بعد هجر.

لكل زعم خصم

الزعم والزعم والزعم ثلاث لغات. والتقدير، لكل ذي زعم خصم. أي لكل مدع خصم يباريه ويناويه. يضرب عند ادعاء الإنسان ما ليس له.

لأضربنك غب الحمار وظاهرة الفرس

غب الحمار أن يشرب يوماً ويدع يوماً. وظاهرة الفرس أن يشرب كل يوم. والمعنى لأضربنك كل وقت.

لم يجد لمسحاته طيناً

هذا مثل قولهم: لم يجد لشفرته محزاً. يضرب لمن حيل بينه وبين مراده.

لن يعدم المشاور مرشداً

يضرب في الحق على المشاورة.

ليس للئيم مثل الهوان

يعني أنك إذا دفعته عنك بالحلم والاحتمال اجترأ عليك، وإن أهنته خافك وأمسك عنك.

لقيته نقاباً

أي فجأة. وهو مصدر. ناقبته نقاباً، إذا فاتحته، والنقاب مشتق من النقب، نقب الحائط. وهو نوع من الفبتح، أو من المنقب، وهو الطريق، وهو مفتوح أيضاً. وانتصابه على المصدر. ويجوز على الحال.

لقيته كفاحاً

أي مواجهة، ومنه: إني لأكفحها وأنا صائم، أي أقبلها. ومنه الكفاح في الحرب، وهو أن يقابل العدو مقاتلاً. وكذلك قولهم:

لقيته صفاحاً

وهو مشتق من الصفح. وهو عرض الشيء وجانبه. ويدل على القرب، كأنك قلت: لقيته وصفحة وجهي إلى صفحة وجهه. يعني لقيته مواجهاً.

لقيته صقاباً

هذا من الصقب، وهو القرب. ومنه: الجار أحق بصقبه. كأنه قال: لقيته متقاربين.

لم يبرد بيدي منه شيء

أي لم يثبت ولم يستقر في يدي منه شيء. وهذا من قولهم: برد حقي، أي ثبت.

لكل مقام مقال

يراد، أن لكل أمر أو فعل أو كلام موضعاً لا يوضع في غيره.
أنشد ابن الأعرابي:
تحنن علي هداك المليك فإن لكل مقام مقـالا
قال: معناه، أحسن إلي حتى أذكرك في كل مقام بحسن فعلك.

لو قلت تمرة لقال جمرة

يضرب عند اختلاف الأهواء.

لحاجة نيك الأصم

يضرب لمن لج في شيء فلا يقلع عنه.

ليس المجالاة كمثل الدمس

المجالاة، المبارزة والمجاهرة. قال الأصمعي: جاليته بالأمر وجالحته، إذا جاهرته به. والدمس، الإخفاء والدفن. يقال: دمست عليه الخبر أدمسه دمساً. يضرب في الفرق بين الجلي والخفي.

ليت لنا من فارسين فارساً

يضرب عند الرضا بالقليل.

لقيته سراة النهار

أي أوله. ويقال: عند ارتفاعه، مأخوذ من سراة الظهر، وهي أعلاه.

لقيته أديم الضحى

أي أوسطه، ويقال: هو أوله.

لقيته رأد الضحى

هو ارتفاعه.

ليس جد الجد ليولينه لميس

قالوا: لميس، اسم للاست. أي ليولينه استه. قال وائل بن سليم اليشكري:
فأما ابن دلماء الذي جاء مخطباً فخصييه زملناهما أمس بالدم
ففر وولانا لميس وفـوقـهـا رشاش كتوليع الكساء المرقم

لسان من رطب ويد من خشب

يضرب للملاذ الذي لا منفعة عنده.

لك ما بت أبردها

نزل برجل ضيف فقراه، فاستطاب قراه وأعجبه، فقال: لقد أطبت، فقال: لك ما بت أبردها. أي لك أعددت هذا الكرامة.
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 284

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 285

لو ترك الحرباء ما صل

الحرباء، مسمار الدرع. وصل، صوت. يضرب لمن يظلم فيضج ويصيح.

لكن عداء لا أم له

عداء، اسم غلا. ويروى عدى. يضرب لمن لا يكون له من يهتم بأمره.

لوى عنه ذراعه

إذا عصاه ولم يسمع منه.

لو كان في غضراء لم ينشف

الغضراء، أرض طينتها حرة. يقال أنببط بئره في غضراء، ونشف الثوب العرق إذا شربه. أي لو كان معروفك عند كريم لم يضع ويشكرك.

لب المرأة إلى حمق

يضرب عذراً للمرأة عند الغيرة.

لقيتها بأصبارها

الهاء راجعة إلى الخصلة المكروهة. أي لقي ما كره وساءه، كلاماً كان أو غيره. وأصبارها، نواحيها. يقال أخذ الشيء بأصباره. أي بكله. الواحد صبر.

ألقى عليه لطاته

قال أبو السمح: إنما يقال هذا إذا لم يفارقه. وقال أبو عمرو أي ثقله. "قلت": اللطاة في الأصل الجبهة. ثم يقال: ألقى عليه بلطاته ولطاته، أي ثقله، قال ابن أحمر:
فألقى التهامي منهما بلطاته وأحاط هذا لا أريم مكانيا

لأفشنك فش الوطب

وذلك أن الوطب ينفخ فيوضع فيه الشيء، فإذا أخرجت منه الريح فقد فش. يضرب للغضبان الممتلئ.

لو كان منه وعل لتركته

يقال: لا وعل من كذا، أي لا بد منه.

ليس أوان يكره الخلاط

أي ليس هذا حين إبقائك على هذا الأمر أن تباشره. أي باشره.

لألجمنك لجاماً معذباً

الإعذاب، الترك للشيء والنزوع عنه. لازم ومتعد. والمعنى لأفطمنك عن هذا الأمر فطاماً تاماً.

للباطل جولة ثم يضمحل

أي لا بقاء للباطل وإن جال جولة. ويضمحل ويذهب.

ليست النائحة الثكلى كالمستأجرة

هذا مثل معروف تبتذله العامة.

لكل قوم كلب فلا تكن كلب أصحابك

قاله لقمان الحكيم لابنه يعظه حين سافر.

لما اشتد ساعده رماني

يضرب لمن يسيء إليك وقد أحسنت إليه، قال الشاعر:
فيا عجباً لمن ربيت طفلاً ألقمه بأطراف البنـان
أعلمه الرماية كـل يوم فلما اشتد ساعده رماني
وكم علمته نظم القوافي فلما قال قافية هجانـي
أعلمه الفتوة كل وقـت فلما طر شاربه جفاني

ليس للأمور بصاحب من لم ينظر في العواقب

قال حمزة: قاله ابن ضمرة للنعمان بن المنذر حين سأله عن أشياء. وهذا كما يقال: النظر في العواقب تلقيح للعقول. وقال أبو عبيد: قاله الصعب ابن عمرو النهدي.

لكل جيش عراة وعرام

أي فساد وشر.

ليس للحاسد إلا ما حسد

أي لا يحصل على شيء، إلا على الحسد فقط. و "ما" مع الفعل مصدر. كأنه قيل: ليس للحاسد إلا حسده.

لم أجد لك مختلاً

أي ختلاً. يعني، ترفقت بك وختلت بك، فلم تمكني من حاجتي فجاهرتك، حتى أدركت ما أردت. وهذا كقولك: مجاهرة، إذا لم أجد مختلاً.

لكل جابه جوزة ثم يؤذن

يقال: جبهت الماء جبهاً، إذا وردته وليس عليه أداته ولا دلاؤه. والجوزة السقية. ولا فعل منه في الثلاثي. والحواز، الماء الذي تسقاه الماشية. يقال: استجزته فأجازني، إذا سقاك ماء لأرضك أو ماشيتك. وقولهم: ثم يؤذن، يقال أذنته تأذيناً. أي رددته. وتلخيص المعنى: لكل من ورد علينا سقية ثم يمنع من الماء ويرد. يضرب للنازل يطيل الإقامة.

لئن التقى روعي وروعك لتندمن

يضرب للمتهدد. والروع، القلب. أي قلبي وقلبك في تدبير أمر لتندمن على مقارنتي، لأنك تجدني أعدل منك وأقدر على دفع شرك.

لأن يشبع واحد خير من أن يجوع اثنان

ليس المزكزك بأنيئهن

أصله أن بعض الأعراب أصاب فراخ المكاء، فدفنها في رماد سخن وجهل يخرجهن ويأكلهن، فنهض واحد منها حياً، فعدا خلفه فأخذه وجعل يأكل، فقال له صاحبه: إنه نيء، فقال: ليس المزكزك بأنيئهن. يضرب في تساوي القوم في الشر. والمزكزك من قولهم: زك الدراج، وهو مثل زاف الحمام، وذلك إذا تبتختر حول الحمامة واستدار عليها ساحباً ذناباه. ويقال: لحم نيء على وزن نيع، بين النيوءة وناء اللحم ينيء نيأ. وكذلك نهوأة اللحم ونهيء نهوأة، إذا لم ينضج.

ألقى على الشيء أوراقه

إذا حرص عليه وأحبه حباً شديداً. وهكذا كما قالوا: ألقى عليه شراشره.

ألقي عليه بحبالته وأوقه

أي ثقله. ويقال: أوقته تأويقاً، أي حملته المشقة والمكروه.

اللقم تورث النقم

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 285

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 286

يضرب في ذم الارتشاء. يعني نقم الله تعالى. ويجوز أن يريد: نعم الراشي، إذا لم يأت الأمر على مراده.

لكل غد طعام

يضرب في التوكل على فضل الله عز وجل.

لكل دهر رجال

هذا من قول بعضهم: لكل مقام مقال، ولكل دهر رجال.

لكل جنب مصرع

المصرع، يكون مصدراً، ويكون موضوع الصرع. والمعنى، لكل حي موت.

لكل عود عصارة

العصارة، ما يخرج من الشيء إذا عصر، إن حلواً فحلو، وإن مراً فمر. أي لكل ظاهر باطن.

لز القتب

أي عضه. يضرب لمن لزمته الحجة. ومنه فلان لزاز خصم

لو غيرت ذات سوار لطمتني

يروي الأصمعي المثل على هذا الوجه. وذلك أن حاتماً الطائي مر ببلاد عنزة في بعض الأشهر الحرم فناداه أسير لهم: يا أبا سفانة أكلني الأسار والقمل، فقال: ويحك أسأت إذ نوهت باسمي في غير بلاد قومي. فساوم القوم به، قم قال: أطلقوه واجعلوا يدي في القيد مكانه، ففعلوا، فجاءته امرأة ببعير ليفصده فقام فنحره، فلطمت وجهه فقال: لو غير ذات سوار لطمتني، يعني، إني لا أقتص من النساء، فعرف ففدى نفسه فداءً عظيماً.

لقيته عداد الثريا

أي مرة في الشهر، وذلك لأن القمر ينزل الثريا في كل شهر مرة. والعداد ما يعاود الإنسان لوقت، من وجع أو غير ذلك.

لقد بليت بغير أعزل

أي قيض لك قرنك. وهذا يقرب من قولهم: رميت بحجر الأرض.

لم يشطط من انتقم

هذا منتزع من قوله تعالى: ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل.

لم يخبأ للدهر شيء إلا أكله

يعني أن الدهر يفني كل شيء، ولا يسامح أحداً من بنيه.

لك العتبى ولا أعود

العتبى، اسم من الأعتاب. يقال: أعتبه، أي أزال عتبه، وهو أن يرضيه. أي لك مني أن أرضيك ولا أعود إلى ما يسخطك. يقوله التائب المعتذر.

لكل قضاء جالب ولكل در حالب

لقد تنوق في مكروهه القدر

التنوق، النظر في الشيء بنيقة، وبعضهم ينكر "تنوق". ويقال الصبح تأنق. يضرب لمن يولع في إيذائه.

لقد استبطنتم بأشهب بازل

قاله العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه لأهل مكة. أي بليتم بأمر صعب مشهور كالبعير الأشهب البازل، وهو الأبيض القوي. والباء في "بأشهب" زائدة. يقال: استبطنت الشيء إذا أخفيته.

لك العتبى بأن لا رضيت

هذا إذا لم يرد الأعتاب. يقول: أعتبك بخلاف ما تهوى. قال بشر:
غضبت تميم أن تقتل عامر يوم النسار فأعتبوا بالصليم
أي أعتبناهم بالسيف والقتل. والباء في "بأن لا رضيت" تقديره: أعتابي إياك بقولي لك لا رضيت، على وجه الدعاء، أي أبداً.

ألقى الكلام على رسيلاته

يضرب للرجل المهذارر يتهاون بما يقول. ورسيلات جمع رسيلة، وهي تصغير رسلة. يقال: ناقة رسلة، إذا كانت سهلة اليسير تمشي هوناً. ويجوز أن يكون تصغير رسلة بكسر الراء. يقال: في فلان رسلة، أي توان وكسل. ومنه قولهم: على رسلك.

لولا جلادي غنم تلادي

أي لولا مدافعتي عن مالي سلب وأخذ.

ليت حفصة من رجال أم عاصم

هذا من أمثال أهل المدينة. وأصله أن عمر رضي الله عنه مر بسوق الليل، وهي من أسواق المدينة فرأى امرأة معها لبن تبيعه ومعها بنت لها شابة وقد همت العجوز أن تمذق لبناها، فجعلت الشابة تقول: يا أمه لا تمذقيه ولا تغشيه، فوقف عليها عمر فقال: من هذه منك? قالت: ابنتي، فأمر عاصماً فتزوجها فولدت له أم عاصم وحفصة، فتزوج عبد العزيز بن مروان أم عاصم فكانت حسنة العشرة لينة الجانب محبوبة عند أحمائها، فولدت له عمر، فلما ماتت خلفت على حفصة فكانت سيئة الخلق تؤذي أحماءها، فسئل مخنث من موالي مروان عن حفصة وأم عاصم فقال: ليت حفصة من رجال أم عاصم، فذهبت مثلاً. يضرب في تفضيل بعض الخلق على بعض.

ليس القدامى كالخوافي

القدماى، المتقدم من ريش الجناح. والخوافي ما خفي خلف القدامى. يضرب عند التفصيل. قال رؤبة:
خلقت من جناحك الغـداف من القدامى لا من الخوافي
وقال آخر:
ليس قدامى النسر كالخوافي ولا توالي الخيل كالهوادي
توالي الخيل، أعاجزها. وهواديها، أعناقها. ويجوز أن يراد بالتوالي التوابع وبالهوادي المتقدمات.

ليغلبن خلقي جديدك

يريد، ليغلبن كبري شبابك. وذلك أن رجلاً شاخ وله امرأة شابة وكانت تتثاقل عن خدمته فقال:  
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 286

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 287

هلم حبي ودعي تعديدك ليغلبن خلقي جـديدك
يعني ليغلبن كبري شبابك في الباءة.

لحفني فضل لحافه

يضرب لمن يعطيك فضل زاده وعطائه.

لأضعن عنك ديني

يضرب عند التخويف بالهجران. أنشد ثعلب:
أيا بثن رنق الماء لا تطعمنه وللماء رنق يتقى ونـقـوع
وإن غلبتك النفس إلا وروده فديني إذاً يا بثن عنك وضيع

لو كويت على داء لم أكره

يعني، لو عوتبت على ذنب ما امتعضت.

ليس أمير القوم بالخب الخداع

يعني أن أمير القوم ورئيسهم لا ينبغي له أن يخب على أصحابه ويخدعهم. ويروى ليس أمين القوم.

لقي فلان ويساً

أي، لقي ما يريد. قال: لقيت من النكاح ويساً. أي ما أردت. قال الخليل: لم يسمع على هذا البناء إلى ويح ويس وويه وويل. "قلت": وقد قالوا: ويب وويك أيضاً، وكلها متقارب في المعنى، إلا ويح وويس، فإنهما كلمتا رأفة واستعجاب.

لست بعمك ولا خالك ولكني بعلك

قالها رجل لامرأته لما دخل عليها. وذلك أنها قالت: يا عماه ارفق. ترده بذلك عن نفسها.

لم يجر سالك القصد ولم يعم قاصد الحق

أي، من سلك سواء السبيل لم يحتج إلى أن يجور عنه.

لوى عنه عذاره

يضرب لمن يعصيك بعد الطاعة.

ألحق الحس بالإس

قال ابن الأعرابي: الحس، الشر، والإس، الأصل. معناه ألحق الشر بأهله. قال الأزهري: الحس والأس بالفتح. وقال الجوهري بالكسر.

ليس لي حشفة ولا خدرة

الحشفة اليابسة، والخدرة التي تقع منن النخلة قبيل أن تنضج. يضرب في الإنكار لثبوت الشيء ويجوز أن يريد بالخدرة الندية، ليكون بإزاء اليابسة. يقال يوم خدر وليلة خدرة. أي ندي وندية.

لئن انتحيت عليك فإني أراك يتخرم زندك

وذلك أن الزند إذا تخرم لم يور به القادح. وتخرمه أن يظهر فيه خروق، ومنه الخورم لصخرة فيها خروق. أراد أنه لا خير فيه كالزند المتخرم لا نار فيه.

لقي هند الأحامس

أي مات، وهذا اسم من أسماء الموت. قال سنان بن جابر:
وددت لما ألقى بهند من الجوى بأم عبدي زرت هند الأحامس
أم عبيد كنية الأرض الخلاء. يريد: تمنيت أن أزور المنية بأرض الخلاء لما ألقى في حب هذه المرأة. ويقال: هند الأحامس، الداهية. قال:
طمعت بنا حتى إذا ما لقيتـنـا لقيت ببنا يا عمرو هند الأحامس
يعني الداهية.

لأقنونك قناوتك

يقال: قنوت الرجل، إذا جازيته. أي لأجيزنك جزاءك، ومثله:

لأنجرنك نجيرتك

النجيرة، حساء من دقيق يجعل عليه سمن. أي لأفعلن بك ما يوازيك.

لأقيمن صعرك

أي، ميلك. قال أبو عبيد: الصعر ميل في العنق في أحد الشقين. ويكون في الوجه أيضاً إذا مال في أحد شقيه.

لقيته أدنى ظلم

يريدون، أدنى شبح، والشبح، الظل والشخص. قاله أبو عمرو. وقيل أصله من الظلام، والظلام يستر عنك الأشياء فكأنه قال: لقيته أول من ستر عني ما سواه بوقوع بصري عليه.

ليس على الشرق طخاء يحجب

الشرق، اسم للشخص، يقال طلع الشرق ولا يقال غاب الشرق. والطحاء السحاب المرتفع. يضرب في الأمر المشهور الذي لا يخفى على أحد.

ليومها تجري مهاة بالعنق

المهاة البقرة الوحشية، والعنق ضرب من السير. يضرب لمن أراد أمراً فأخطأه ثم أصاب بعد ذلك. كذا قيل في معنى هذا المثل. "قلت": ويجوز أن يقال: أن قوله "ليومها" أراد ليوم موتها وهلاكها تجري، أي إلى يومها. فيكون كقولهم أتتك بحائن رجلاه. والمعنى إلى يوم تهلك فيه تجري هذه المهاة بعجلة وسرعة.

ليس بطيء من بني أم الفرس

قالوا: إن أم الفرس جواد، وكانت لا تلد غير جواد. يضرب لبني الكرام، وتقدير الكلام من ولدته الكرام لا يكون لئيماً كما أن بني أم الفرس لا تكون بطاء.

لست بالشقا ولا الضيقى حراً

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 287

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 288

قيل: إن جويريتين صغيرتين زوجتا من رجلين فقالت الصغرى ابتنوا علينا، أي اضربوا لنا خيمة نستتر بها من الرجال، فقالت الكبرى: لا تعجلي، حتى نشب، فأبت الصغرى، فلما ألحت على أهلها، قالت لها الكبرى هذه المقالة "قلت": الشقاء تأنيث الأشق من قولك: شق الأمر يشق شقاً. والاسم الشقق بالكسر. والضيقى تأنيث الأضيق، والضوقى لغة. وكذلك الكيسى والكوسى في تأنيث الأكيس. والأصل فيهما فعلى وإنما صارت الياء واواً لسكونها وضمة ما قبلها. وأرادت لست بالشقا أمراً، أي ليس أمري بأشق من أمرك ولا حري بأضيق من حرك، وأنت لا تبالين بهزء الناس منك فكيف أبالي أنا. يضرب للرجل ينصح فلا يقبل، فيقول الناصح: لست بأرحم عليك منك.
لن يقلع الجد النكد إلا بجد ذي الإبد

في كل ما عام تلد

الجد النكد، القليل الخير. والأبد الولود. يقال: أتان وجارية إبد أي ولود. ولم يجيء على هذا الوزن إلا إبل وإطل في الأسماء، وإبد وبلز في الصفات. ومعنى المثل: لن يقلع جد النكد إلا وهو مقرون بجسد صاحب الأمة التي تلد كل عام. وكون الأمة ولوداً حرمان لصاحبها. يضرب لمن لا يزداد حاله إلا شراً.

لو كان بجسدي برص ما كتمته

قال أبو عبيد: هذا من أمثال العامة.

لو كنت عن نفسي راضياً لقليتكم

هذا من كلام مطرف بن الشخير أو غيره من العلماء. يعني أنه لا يعيرهم ذنباً هو مرتكبه. قالوا: هذا مذهب كثير من السلف في الأمر بالمعروف.

لليدين وللفم

يقال هذا عند الشماتة بسقوط إنسان. وفي الحديث أن عمر رضي الله عنه أتي بسكران في شهر رمضان، فتعثر بذيله، فقال عمر رضي الله عنه: لليدين والفم، أولداننا صيام وأنت مفطر? ثم أمر به فحد. وأراد، على اليدين وعلى الفم، أي أسقطه الله عليهما.

ليس لرجل لدغ من جحر مرتين عذر

قالوا: إن أول من قال ذلك الحرث بن خزاز. وكان من قيس بن ثعلبة، وكان أخطب بكري بالبصرة، فخطب الناس لما قتل يزيد بن المهلب فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس، إن الفتنة تقبل بشبهة وتدبر ببيان، وليس لجر للدغ من جحر مرتين عذر، فاتقوا عصائب تأتيكم من قبل الشام كالدلاء انقطعت أوزامها. ثم نزل فروى الناس خطبته، وصار قوله مثلاً.

لست من غيساني

ويروى، من غساني. قال أبو زيد: أي من رجالي.

لبدوا بالأرض تحسبوا جراثيم

الجرثومة، أصل الشجرة. يقول: إلزقوا بالأرض تحسبوها. يضرب في الحث على الاجتماع، ويضرب للمنهزمين حين يهزأ بهم.

لن يزال الناس بخير ما تباينوا فإذا تساووا هلكوا

أي، ما داموا يتفاوتون في الرتب، فيكون أحدهم آمراً والآخر مأموراً، فإذا صاروا في الرتب سواء لا ينقاد بعضهم لبعض فحينئذ هلكوا. والجالب للباء في "بخير" معنى الفعل وهو لن يزالوا متصلين ومتسمين بخير. وقال أبو عبيد: أحسب قولهم، فإذا تساووا هلكوا، لأن الغالب على الناس الشر، وإنما يكون الخير في النادر من الرجال لعزته، فإذا كان التساوي فإنما هو في السوء.

لكن على بلدح قوم عجفى

بلدح، موضع. وإنما منع الصرف لأنه منقول عن الفعل، من قولهم بلدح الرجل وتبلدح، إذا وعد ولم ينجز، أو لأنه أريد به البقعة. ومن صرفه في غير هذا الموضع أراد به المكان، وقد ذكرت هذا المثل في حديث بيهس في حرف الثاء عند قوله: ثكل أرأمها. وأشار بهذا إلى أن جدبهم بنسبة لذة هذا الخصب الذي هو فيه. يضرب في التحزن بالأقارب.

لكن بالأثلات لحم لا يظلل

هذا أيضاً من كلامه، وقد ذكررته في قصته هناك.

لئن فعلت كذا ليكونن بلدة ما بيني وبينك

ويروى، بلتة من البلت، وهو القطع. والبلدة نقاوة ما بين الحاجبين وخلاؤه من الشعر. والبلدة أيضاً، منزل من منازل القمر، وهي فرجة بين النعائم وسعد الذابح. يعني إن فعلت كذا ليكونن ما بيني وبينك من الوصلة خلاء، أو ليكونن فعلك سبب قطع ما بيننا من الود. يضرب في تخويف الرجل صديقه بالهجران.

ليس عبد بأخ لك

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 288

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 289

قاله خريم. وقد ذكرته عند قوله: إن أخاك من آساك. وأراد بقوله: ليس عبد بأخ لك، أي ليس بمؤاخ، لأن النسب لا يرتفع بالرق ولكنه يذهب بالأخ إلى معنى الفعل، كما ذكره بعض النحويين من أن الخبر لا بد من أن يكون فعلاً أو ما له حكم الفعل، كقولك: زيد أخوك تريد، مؤاخيك: أو يؤاخيك، فيجري مجرى قولك: زيد ضرب ولهذا لم يكن الاسم الجامد خبراً للمبتدأ، نحو قولك: زيد عمرو، إلا أن تريد به التشبيه، أي، هو في الصورة أو في معني من المعاني.

التقى البطان والحقب

البطنان، للقتب الحزام الذي يجعل تحت بطن البعير، وهو بمنزلة التصدير الذي يتقدم الحقب، والحقب الحبل يكون عند ثيل البعير، فإذا التقيا دل التقاؤهما على اضطراب العقد وانحلالها. فجعل مثلاً. يضرب لمن أشرف على الهلاك. وهذا قريب من قولهم: جاوز الحزام الطبيين.

لقيته أول وهلة

الوهلة، فعلة من وهل إليه إذا فزع. قال أبو زيد. يضرب هذا المثل لمن تعثر بع فتفزع بنظرك إليه. ويجوز أن يكون فعلة من وهلت أهل إذا ذهب وهمك إليه، فيكون المعنى: لقيته أول ذي وهلة، أي أول من ذهب وهمي إليه.

لقيته أول صوك وبوك

أي أول شيء. باك الحمار الأتان يبكوها بوكاً، إذا نزا عليها. وصاك الطيب يصيك به صيكاً إذا لصق. صير الصيك صوكاً للازدواج. والصوك يدل على السكون، والبوك على الحركة. كأنه قال: لقيته أول متحرك وساكن.

لقيته أدنى دني

أي أول شيء. والدني، فعيل بمعنى فاعل. أي أدنى دان وأقرب قريب.

لم ينتعل بقبال خذم

القبال، ما يكون بين الإصبعين إذا لبست النعل. والخذم السريع الانقطاع، وإذا انقطع شسع النعل بقي الرجل بغير نعل. يضرب للرجل ينفي عنه الضعف. قال الأعشى:
أخو الحرب لا ضرع واهن ولم ينتعل بقـبـال خـذم

لي الشر أقم سوادك

يضرب عند التشجيع إذا ظهر الخوف. والسواد، الشخص. أي اصبر في هذا الأمر. وقوله: لي الشر، أراد ليكن الشر، مقدراً لي لا لك على سبيل الدعاء.

التأم جرح والأساة غيب

يضرب لمن نال حاجته من غير منة أحد.

ليس بري وإنه تغمر

التغمر، الشرب القليل. يضرب في الحث على القناعة بالقليل.

لو لم يترك العاقل الكذب إلا للمروءة لكان حقيقاً بذلك

فكيف وفيه المأثم والعار

قاله بعض الحكماء.

ألق حبله على غاربه

أصله، الناقة إذا أرادوا إرسالها للرعي ألقوا جديلها على الغارب؛ ولا يترك ساقطاً فيمنعها من الرعي. يضرب لمن تكره معاشرته. تقول: دعه يذهب حيث يشاء.

لولا الحس ما باليت بالدس

الحس، الخبز. يقال: حسست الخبزة إذا رددت النار عليها بالعصى لتنضج. يضربه من تكرر عليه البلاء.

لو خفت خصاهم ولكنها كالمزاد

جواب لو، محذوف. أي لو خفت خصاهم لظعنوا، ولكنها أثقلتهم فأقاموا حتى هلكوا. يضرب لمن منعته الموانع عن قصده.

لحظ أصدق من لفظ

يعني أن أثر الحب والبغض يظهر في العين فلا يعول على اللسان.

اللهم هوراً لا أيا

يقال: هرته بالشيء هوراً، اتهمته به، والأي الحنين والرقة، أي اجعلني ممن يظن به الخير واليسار، لا ممن يرحم ويؤوى له. ونصب "هوراً" على معنى أسألك هوراً، أو اجعلني ذا هور.

ليس يلام هارب من حتفه

يضرب في عذر الجبان.

لو اقتدح بالنبع لأورى ناراً

النبع، شجر يكون في قلة الجبل. والشريان في سفحه، والشوحط في الحضيض، ولا نار في النبع. يضرب لمن يوصف بجودة رأي وحذق بالأمور.

لاين إذا عزك من تخاشن

هذا قريب من قولهم: إذا عز أخوك فهن.

ما جاء فيما أوله لا

لا مخبأ لعطر بعد عروس

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 289

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 290

ويروى: لا عطر بعد عروس. قال المفضل: أول من قال ذلك امرأة من عذرة يقال لها أسماء بنت عبد الله. وكان لها زوج من بني عمها، يقال له عروس، فمات عنها فتزوجها رجل من غير قومها يقال له نوفل، وكان أعسر أبخر بخيلاً دميماً. فلما أراد أن يظعن بها قالت له: لو أذنت لي فرثيت ابن عمي وبكيت عند رمسه، فقال: افعلي، فقالت: أبكيك يا عروس الأعراس، يا ثعلباً في أهله وأسداً عند الباس، مع أشياء ليس يعلمها الناس. قال وما تلك الأشياء? قالت: كان عن الهمة غير نعاس، ويعمل السيف صبيحات الناس. ثم قال: يا عروس الأغر الأزهر، الطيب الخيم، الكريم المحضر، مع أشياء له لا تذكر. قال: وما تلك الأشياء? قالت: كان عيوفاً للخنا والمنكر، طيب النكهة غير أبخر، أيسر غير أعسر. فعرف الزوج أنها تعرض بها، فلما رحل بها قال: ضمي إليك عطرك وقد نظر إلى قشوة عطرها مطروحة، فقالت: لا عطر بعد عروس. فذهبت مثلاً. ويقال: أن رجلاً تزوج امرأة فأهديت إليه فوجدها ثفلة، فقال لها: أين الطيب? فقالت: خبأته، فقال لها: لا مخبأ لعطر بعد عروس. فذهبت مثلاً. يضرب لمن لا يدخر عنه نفيس.

لا تبل في قليب قد شربت منه

يضرب لمن يسيء القول فيمن أحسن إليه.

لا آتيك حتى يؤوب القارظان

القارظ، الذي يجتني القرظ، وهو ورق السلم، يدبغ به. ومنابت القرظ اليمن. ويقال: كبش قرظي، منسوب إلى بلاد القرظ. ويقال: هذان القارظان كانا من عنزة خرجا في طلب القرظ فلم يرجعا. قال أبو ذؤيب:
وحتى يؤوب القارظان كلاهمـا وينشر في القتلى كليب بن وائل
وزعم ابن الأعرابي أن أحد القارظين يذكر بن عنزة، ويقال أيضاً: لا آتيك حتى يؤوب المتنخل. وكانت غيبته كغيبة القارظين. غير أنها لم تكن بسبب القرظ. وأما قول أبي الأسود الدؤلي:
وآليت لا أغدوا إلى رب لقحة أساومه حتى يؤوب المثلـم
فإنما قتلته الخوارج وغيبته، فلم يعلم بمكانه حتى أقر قاتله.

لا آتيك حتى يؤوب هبيرة بن سعد

هو رجل فقد. ومعناه لا آتيك أبداً. ومثله في التأبيد قولهم:

لا آتيك معزى الفزر

قالوا: الفزر لقب سعد بن زيد مناة بن تميم. وإنما لقب بذلك لأنه وافى الموسم بمعزى أنهبها هناك، وقال: من أخذ منها واحدة فهي له، ولا يؤخذ منها فزر، وهو الاثنان فأكثر، والمعنى: لا آتيك حتى تجتمع تلك، وهي لا تجتمع أبداً.

لا ترضى شانئة إلا بجرزة

الجرز، الاستئصال. ومنه ناقة جروز وجراز، إذا استأصلت النبت؛ ومعنى المثل أن المبغضة لا ترضى إلا باستئصال من تبغضه. وأصل المثل في الخبر عن المؤنث، وعلى هذه الصيغة يستعمل في المذكر أيضاً.

لا تعدم الحسناء ذاماً

الذام والذيم، العيب. ومثله الرار والرير، والعاب والعيب في الوزن. وأول من تكلم بهذا المثل فيما زعم أهل الأخبار حتى بنت مالك بن عمرو العدوانية، وكانت من أجمل النساء، فسمع بجمالها ملك غسان فخطبها إلى أبيها وحكمه في مهرها وسأله تعجيله فلما عزم الأمر قالت أمها لتباعها: إن لنا عند الملامسة رشحة فيها هنة، فإذا أردتن إدخالها على زوجها فطيبنها بما في أصدافها. فلما كان الوقت أعجلهن زوجها فأغفلن تطييبها، فلما أصبح قيل له: كيف وجدت أهلك طروقتك البارحة? فقال: ما رأيت كالليلة قط، لولا رويحة أنكرتها. فقالت هي من خلف الستر: لا تعدم الحسناء ذاماً. فأرسلتها مثلاص.

لا تحمد أمة عام اشترائها ولا حرة عام بنائها

ويروى، هدائها. أي أنهما يتصنعان لأهلهما لجدة الأمر، وإن لم يكن ذلك شأنهما. يضرب لكل من حمد قبل الاختيار. قال الشاعر:
لا تحمدن امرءاً حتى تجربه ولا تذمنه من غير تجريب
فإن حمدك من لم تبله صلف وإن ذمك بعد الحمد تكذيب

لا تعدم صناع ثلة

الثلة، لصوف تغزله المرأة. يضرب للرجل الصنع. يعني إذا عدم عملاً أخذ في آخر لحذقه وبصيرته.

لا تعظيني وتعظعظي

أي، لا توصيني وأوصي نفسك. قال الجوهري: وهذا الحرف هكذا جاء عنهم فيما ذكره أبو عبيد، وأنا أظنه: وتعظعظي بضم التاء. أي لا يكن منك أمر بالصلاح، وأن تفسدي أنت في نفسك، كما قال:
لا تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 290

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 291

فيكون من عظعظ السهم، إذا التوى واعوج. يقول: كيف تأمريني بالاستقامة وأنت تتعوجين? قال المؤرج: عظعظ الرجل، إذا هاب وتابع، قال العجاج: "وعظعظ الجبان والزئنى" أراد الكلب الصيني.

لا يدرى أسعد الله أكثر أم جذام

قال الأصمعي: سعد الله وجذام حيان بينهما فضل بين لا يخفى على الجاهل الذي لا يعرف شيئاً. قال أبو عبيد: يروى عن جابر بن عبد العزيز العامري، وكان من علماء العرب أن هذا المثل قاله حمزة بن الضليل البلوي لروج بن زنباع الجذامي:
لقد أفحمت حتى لست تدري أسعد الله أكثـر أم جـذام

لا يدري أي طرفيه أطول

قال الأصمعي: معناه، لا يدري أنسب أبيه أفضل أم نسب أمه. وقال غيره: يقال أن وسط الإنسان سرته، والطرف الأسفل أطول من الأعلى. وهذا يكاد يجهله أكثر الناس حتى يقرر له. يضرب في نفي العلم. وقال ابن الأعرابي: طرفاه ذكره ولسانه. وينشد:
إن القضاء موازين البلاد وقـد أعيا علينا بجور الحكم قاضينـا
قد صابه طرفاء الدهر في تعب ضرب يدق وفرج يهدم الدينـا

لا تعدم من ابن عمك نصراً

أي أن حميمك يغضب بك إذا رآك مظلوماً، وإن كنت تعاديه. ومثله:

لا يملك مولى لمولى نصراً

قال المفضل: إن أول من قاله النعمان بن المنذر. وذلك أن العيار بن عبد الله الضبي كان يعادي ضرار بن عمرو، وهو من أسرته، فاختصم أبو مرحب اليربوعي وضرار بن عمرو عند النعمان في شيء فنصر العيار ضراراً، فقال له النعمان: أتفعل هذا بأبي مرحب في ضرار، وهو معاديك? فقال العيار: آكل لحمي ولا أدعه لآكل، فعندها قال النعمان: لا يملك مولى لمولى نصراً. وتقديره لا يملك مولى ترك نصر أو ادخار نصر لمولاه. يعني أنه يثور به الغضب له فلا يملك نفسه في ترك نصرته.

لا أفعل ما أبس عبد بناقته

الإبساس، أن يقال للناقة عند الحلب: بس بس، وهو صويت للراعي يسكن به الناقة عندما يحلبها. جعل ما للتأييد. أي لا أفعله أبداً.

لا تفش سرك إلى أمة ولا تبل على أكمة

هذا من قول أكثم بن صيفي، وإنما قرن بينهما لأنهما ليسا بمحل لما يودعان. أي لا تجعل الأمة لسرك محلاً، كما لا تجعل الأكمة لبولك موضعاً. ويروى أيضاً: لا تفاكهن أمة. قال أبو عبيد: هذا مثل قد ابتذلته العامة. المفاكهة، الممازحة. والفكاهة، امزح.

لا يلسع المؤمن من جحر مرتين

قيل: هذا كناية عما يؤثمه. أي أن الشرع يمنع المؤمن من الإصرار، فلا يأتي ما يستوجب به تضاعف العقوبة. يضرب لمن أصيب ونكب مرة بعد أخرى. ويقال: هذا من قول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي غرة الشاعر أسره يوم بدر، ثم من عليه وأتاه يوم أحد فأسره فقال: من علي، فقال عليه الصلاة والسلام هذا القول. أي لو كنت مؤمناً لم تعاود لقتالنا.

لا جد إلا ما أقعص عنك ما تكره

يقال: ضربه فأقعصه، أي قتله مكانه. يقول جدك الحقيقي ما دفع عنك المكروه، وهو أن يقتل عدوك دونك. قاله معاوية حين خاف أن يميل الناس إلى عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، فاشتكى عبد الرحمن فسقاه الطبيب شربة عسل فيها سم فأحرقته. فعند ذلك قال معاوية هذا القول.

لا أطلب أثراً بعد عين

قد ذكرت هذا المثل مع قصته في حرف التاء، وإنما أعدته ههنا لأنه في أمثال أبي عبيد على هذا الوجه. ومعنى المثل في الموضعين سواء. أي لا آخذ الدين، وهي أثر الدم وتبعته، وأترك العين، يعني القاتل.

لا يضر السحاب نباح الكلاب

يضرب لمن ينال من إنسان بما لا يضره.

لا تكره سخط من رضاه الجور

أي، لا تبال بسخط الظالم فإن رضا الله من ورائه.

لا أمر لمعصي

أي من عصي فيما أمر، فكأنه لم يأمر. وهذا كقولهم: لا رأي لمن لا يطاع.

لا تقعن البحر إلا سابحاً.

نصب "البحر" على الظرف، أي لا تقع في البحر إلا وأنت سابح. يضرب لمن يباشر أمراً لا يحسنه.

لا يرى لغوي غياً

يضرب لمن لا ينكر الضلالة ولكن يزينها لصاحبها.

لا تلم أخاك واحمد رباً عافاك

لا توك سقاءك بأنشوطة

يضرب في الأخذ بالحزم.

لا تمسك ما لا يستمسك

أي لا تضع المعروف في غير موضعه.

لا تغز إلا بغلام قد غزا

أي لا يصحبك إلا رجل له تجارب دون الغر الجاهل.

لا آتييك ما حملت عيني الماء

ويروى، وسقت. أي جمعت.
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 291

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 292

لا يسمع أذناً خمشاً

الخمش ههنا، الصوت. ومثه الخموش للبعوض، لما يسمع من صوته، أو لما يحصل من خدشه. ويروى جمشاً بالجيم، وهو الصوت أيضاً. وهذا أقرب إلى الصواب. يضرب للذي لا يقبل نصحاً ويتغافل عنه ولا يسمعك جواباً لما تقول له. وقال الكلابي: لا تسمع آذان جمشاً. أي هم في شيء يصمهم، إما نوم وإما شغل غيره.

لا أحب رثمان أنف وأمنع الضرع

هذا مثل قول الشاعر:
أم كيف ينفع ما تعطى العلوق به رئمان أنف إذا ما ضن باللبـن

لا تبطر صاحبك ذرعه

أي لا تحمله ما لا يطيق. وأصل الذرع بسط اليد، فإذا قيل: ضقت به ذرعاً فمعناه ضاق ذرعي به، أي مددت يدي إليه فلم تنله. ولا تبطر، أي لا تدهش، ونصب "ذرعه" على تقدير البدل من الصاحب، كأنه قال: لا تبطر ذرع صاحبك. أي لا تدهش قلبه بأن تسومه ما ليس في طوقه.

لا تجعل شمالك جردباناً

وهو الذي يستر الطعام بشماله شرهاً.
يضرب في ذم الحرص.

لا يدي لواحد بعشرة

أي لا قدرة. قال الشاعر:
اعمد لما تعلو فما لك بالذي لا تستطيع من الأمور يدان

لا يرسل الساق إلا ممسكاً ساقاً

أصل هذا في الحرباء، يشتد عليه حر الشمس فيلجأ إلى ساق الشجرة يستظل بظلها، فإذا زالت عنه تحول إلى أخرى أعدها إلى نفسه. ويقال بخلاف هذا. قال بعضهم: لا بل كلما اشتد حر الشمس ازداد نشاطاً وحركة. يعني الحرباء، فإذا سقط قرص الشمس سقط الحرباء كأنه ميت، وإذا طلعت تحرك وحيي، وإنما يتحول من غصن إلى آخر لزوال الشمس عنه. يضرب لمن لا يدع له حاجة إلا سأل أخرى. وقال:
بلت بأشوش من حربا تنضـبة لا يرسل الساق إلا ممسكاً ساقا

لا ماءك أبقيت ولا حرك أنقيت

ويروى، ولا دربك. أصله أن رجلاً كان في سفر ومعه امرأته، وكانت عاركاً فطهرت وكان معهما ماء يسير، فاغتسلت فلم يكفها لغسلها وأنفدت الماء، فبقيا عطشانين، فعندها قال لها هذا القول. وقال المفضل: أول من قال ذلك الضب بن أروى الكلاعي، وذلك أنه خرج تاجراً من اليمن إلى الشام فسار أياماً، ثم حاد عن أصحابه فبقي مفرداً في تيه من الأرض حتى سقط إلى قوم لا يدري من هم، فسأل عنهم فأخبر أنهم همدان، فنزل بهم وكان طريداً ظريفاً، وإن امرأة منهم يقال لها عمرة بنت سبيع هويته وهويها فخطبها الضب إلى أهل بيتها، وكانوا لا يزوجون إلا شاعراً أو عائفاً أو عالماً بعيون الماء، فسألوه عن ذلك، فلم يعرف منها شيئاً، فأبوا تزويجه، فلم يزل بهم حتى أجابوه فتزوجها. ثم إن حياً من أحياء العرب أرادوا الغارة عليهم فتطيروا بالضب فأخرجوه وامرأته وهي طامث، فانطلقا، ومع الضب سقاء من ماء، فسار يوماً وليلة وأمامهما عين يظنان أنهما يصبحانها، فقالت له: ادفع إلي هذا السقاء حتى أغتسل، فقد قاربنا العين، فدفع إليها السقاء فاغتسلت بما فيه ولم يكفها، ثم صبحا العين فوجداها ناضبة، وأدركهما العطش فقال لها الضب: لا ماءك أبقيت ولا حرك أنقيت. ثم استظلا بشجرة حيال العين، فأنشأ الضبيقول:
تالله مـا طـلة أصـاب بـهـا بعلاً سواء قوارع الـعـطـب
وأي مهر يكون أثقـل مـمـا طلـبـوه إذاً مـن الـضـب
إن يعرف الماء تحت صم الصفا ويخبر الناس منطق الخطـب
أخرجني قومها بأن الـرحـى دارت بشؤم لهم على القطـب
فلما سمعت امرأته ذلك فرحت وقالت: ارجع إلى القوم فإنك شاعر، فانطلقا راجعين، فلما وصلا خرج القوم إليهما وقصدوا ضربهما وردهما، فقال لهم الضب: اسمعوا شعري ثم اقتلوني، فأنشدهم شعره فنجا وصار فيهم آثر من بعضهم، قال الفرزدق:
وكنت كذات الحيض لم تبق ماءها ولا هي من ماء العذابة طاهـر

لا أبوك نشر ولا التراب نفد

قال الأحمر: أصل هذا أن رجلاً قال: لو علمت أين قتل أبي لأخذت من تراب موضعه فجعلته على رأسي فقيل له هذه المقالة، أي أنك لا تدرك بهذا ثأر أبيك، ولا تقدر أن تنفد التراب. يضرب في طلب ما لا يجدي.

لا يكن حبك كلفاً ولا بغضك تلفاً

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 292

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 293

ويروى عن بعض الحكماء أنه قال: لا تكن في الإخاء مكثراً، ثم تكون فيه مدبراً فيعرف سرفك في الإكثار بجفائك في الإدبار. ومنه الحديث: أحبب حبيبك هوناً ما عسى أن يكون بغيضك يوماً ما، وأبغض بغيضك هوناً ما عسى أن يكون حبيبك يوماً ما. ومنه قول النمو بن تولب:
أحبب حبيبـك حـبـاً رويداً فليس يعولك أن تصـرمـا
وأبغض بغيضك بغضاً رويداً إذا أنت حاولت أن تحكمـا
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما المرء بخليله، فلينظر امرؤ من يخالل. وقريب منه بيت عدي بن زيد:
عن المرء لا تسأل وأبصر قرينه فإن القرين بالمقارن يقـتـدي

لا يدعى للجلى إلى أخوها

أي لا يندب للأمر العظيم إلا من يقوم به ويصلح له. ويضرب للعاجز أيضاً. أي ليس مثلك يدعى إلى الأمر العظيم.

لا يعدم شقي مهراً

ويروى مهيراً، المهر شديدة لبطء خيره؛ أي لا يعدم الشقي شقاوة. يضرب للرجل يعنى بالأمر فيطول نصبه.

لا تهرف بما لا تعرف

الهرف، الإطناب في المدح. يضرب لمن يتعدى في مدح الشيء قبل تمام معرفته.

لا تنسبوها وانظروا ما نارها

يضرب في شواهد الأمور الظاهرة على علم باطنها.

لا أحسن تكذابك وتأثامك تشول بلسانك شولان البروق

يقال: البروق، الناقة التي تشول بذنبها فيظن بها لقح وليس بها. ويقال: أبرقت الناقة فهي بروق، كما يقال: أعقت الفرس فهي عقوق، وأنتجت فهي نتوج. وأصل هذا أن مجاشع بن دارم وفد على بعض الملوك فكان يسامره وكان أخوه نهشل بن دارم رجلاً جميلاً، ولم يك وفاداً إلى الملوك، فسأله الملك عن نهشل، فقال: إنه مقيم في ضيعته وليس ممن يفد على الملوك، فقال: أوفده، فلما أوفده اجتهره ونظر إلى جماله، فقال له: حدثني يا نهشل، فلم يجبه، فقال له مجاشع: حدث الملك، فقال: إني والله لا أحسن تكذابك وتأثامك تشول بلسانك شولان البروق. يضرب من يقل كلامه لمن يكثر.

لا يعدم الحوار من أمه حنة

كذا رواه أبو عبيد. أي حنيناً وشفقة. وقال غيره: حنة أي شبهاً. قال ابن الأعرابي: هذا مثل قولهم: من عضة ما ينبين شكيرها. يعني الشبه. وروى بعضهم: خنة من الخنين. ويراد به انتزاع شبه الأصل والحنة الصوت، والحنة فعلة من الحنان، وهو الرحمة. وهذا أشبه بالصواب.

لا آتيك ما حنت النيب

ومثله، ماطت الإبل، أي أبداً.

لا أفعل كذا حتى يلج الجمل في سم الخياط

يقال للإبرة الخياط والمخيط.

لا يضر الحوار ما وطئته أمه

ويروى، لا يضير. وهما بمعنى واحد. يضرب في شفقة الأم، وما طئته مصدر، أي وطأة أمه، والوطأة ضارة في صورتها، ولكنها إذا كانت من مشفق خرجت من حد الضرر، لأن الشفقة تثنيها عن بلوغها حده.

لا ناقتي في هذا ولا جملي

أصل المثل للحرث بن عباد حين قتل جساس بن مرة كليباً، وهاجت الحرب بين الفريقين، وكان الحرث اعتزلهما. قال الراعي:
وما هجرتك حتى قلت معلنة لا ناقة لي في هذا ولا جمل
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 293

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 294

يضرب عند التبري من الظلم والإساءة. وذكروا أن محمد بن عمير ابن عطارد بن حاجب شرور لما خرج الناس على الحجاج فقال: لا ناقتي في ذا ولا جملي، فلما دخل بعد ذلك على الحجاج، قال: أنت القائل لا ناقتي في ذا ولا جملي? لا جعل الله لك فيه ناقة ولا جملاً ولا رحلاً. فشمت به حجار بن أبجر العجلي وهو عند الحجاج، فلما دعا بغدائه جاؤوا بفرنية، فقال: ضعوها بين يدي أبي عبد الله، فإنه لبني يحب اللبن، أراد أن يدفع عنه شماتة حجار. وقال بعضهم: إن أول من قال ذلك الصدوف بنت حليس العذرية. وكان من شأنها أنها كانت عند زيد بن الأخنس العذري، وكان لزيد بنت من غيرها يقال لها الفارعة، وإن زيداً عزل ابنته عن امرأته في خباء لها وأخدمها خادماً، وخرج زيد إلى الشام، وإن رجلاً من عذرة، يقال له شبث هويها وهويته، ولم يزل بها حتى طاوعته، فكانت تأمر راعي أبيها أن يعجل ترويح إبله وأن يحلب لها حلبة إبلها قيلاً فتشرب اللبن نهاراً، حتى إذا أمست وهدأ الحي رحل لها جمل كان لأبيها ذلول، فقعدت عليها وانطلقا، حتى كانا ينتهيان إلى متيهة من الأرض فيكونان بها ليلتهما، ثم يقبلان في وجه الصبح؛ فكان ذلك دأبهما. فلما فصل أبوها من الشام مر بكاهنة على طريقه فسألها عن أهله، فنظرت له ثم قالت: أرى جملك يرحل ليلاً وحلبة تحلب إبلك قيلاً، وأرى نعماً وخيلاً فلا لبث، فقد كان حدث بآل شبث؛ فأقبل زيد لا يلوي على شيء، حتى أتى أهله ليلاً، فدخل على امرأته وخرج من عندها مسرعاً حتى دخل خباء ابنته، فإذا هي ليست فيه، فقال لخادمها: أين الفارعة، ثكلتك أمك? قالت: خرجت تمشي وهي حرود زائرة، تعود لم تر بعدك شمساً ولا شهدت عرساً. فانفتل عنها إلى امرأته فلما رأته عرفت الشر في وجهه، فقالت: يا يزيد لا تعجل واقف الأثر، فلا ناقة لي في هذا ولا جمل. فهي أول من قال ذلك.

لا تقسط على أبي حبال

كان حبال بن طليحة بن خويلد لقي ثابت بن الأقرم وعكاشة بن محصن؛ وكان طليحة تنبأ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقتل ثابت وعكاشة حبالاً، فجاء الخبر إلى طليحة فتبعهما وقتلهما، وقال:
فإن تك أزواد أصبن ونسوة فلن يذهبوا فرغاً بقتل حبال
وما ظنكم بالقوم إذ تقتلونـه أليسوا وإن لم يسلموا برجال
عشية غادرت ابن أقرم ثاوياً وعكاشة الغنمي عنه بحال
فلما رأت بنو أسد صنيع طليحة وطلبه بثأر ابنه، قالوا: لا تسقط على أبي حبال. فذهبت مثلاً. يضرب لمن يحذر جانبه ويخشى وتره.

لا يكظم على جرته

الكظوم، السكوت. وكظم البعير يكظم كظوماً، إذا أمسك عن الجرة. يضرب لمن يعجز عن كتمان ما في نفسه. ومثله:

لا يخنق على جرته

يقال: خنقه يخنقه خنقاً، بكسر النون من المصدر.

لا في العير ولا في النفير

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 294

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 295

قال المفضل: أول من قال ذلك أبو سفيان بن حرب. وذلك أنه أقبل بعير قريش، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تحين انصرافها من الشام. فندب المسلمين للخروج معه، وأقبل أبو سفيان حتى دنا من المدينة وقد خاف خوفاً شديداً، فقال لمجدي بن عمرو: هل أحسست من أحد من أصحاب محمد? فقال: ما رأيت من أحد أنكره إلا راكبين أتيا هذا المكان، وأشار له إلى مكان عدي وبسبس، عيني رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخذ أبو سفيان أبعاراً من أبعار بعيريهما ففتهما، فإذا فيها نوى، فقال: علائف يثرب، هذه عيون محمد، فضرب وجوه عيره فساحل بها وترك بدراً يساراً. وقد كان بعث إلى قريش حين فصل من الشام، يخبرهم بما يخافه من النبي صلى الله عليه وسلم، فأقبلت قريش من مكة، فأرسل إليهم أبو سفيان يخبرهم أنه قد أحرز العير ويأمرهم بالرجوع، فأبت قريش أن ترجع، ورجعت بنو زهرة من ثنية أجدى، ثم عدلوا إلى الساحل منصرفين إلى مكة فصادفهم أبو سفيان، فقال: يا بني زهرة، لا في العير ولا في النفير، قالوا أنت أرسلت إلى قريش أن ترجع. ومضت قريش إلى بدر، فواقعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأظفره الله تعالى بهم. ولم يشهد بدراً من المشركين من بني زهرة أحد. قال الأصمعي: يضرب هذا للرجل يحط أمره ويصغر قدره. وروي أن عبد الله بن يزيد بن معاوية أتى أخاه خالداً فقال: يا أخي، لقد هممت اليوم أن أفتك بالوليد بن عبد الملك؛ فقال له: والله بئس ما هممت به في ابن أمير المؤمنين وولي عهد المسلمين؛ فقال: إن خيلي مرت به فتعبث بها وأصغرها وأصغرني، فقال خالد: أنا أكفيكه؛ فدخل خالد إلى عبد الملك والوليد عنده، فقال: يا أمير المؤمنين إن الوليد مرت به خيل ابن عمه عبد الله ابن يزيد بن معاوية فتعبث بها وأصغره، وعبد الملك مطرق، فرفع رأسه وقال: إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة، إلى آخر الآية. فقال خالد: وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها، إلى آخر الآية. فقال عبد الملك: أفي عبد الله تكلمني? والله لقد دخل علي، فما أقام لسانه لحناً، فقال خالد: أفعلى الوليد تعول? فقال عبد الملك: إن كان الوليد يلحن فإن أخاه سليمان لا، فقال خالد: وإن كان عبد الله يلحن فإن أخاه خالداً لا. فقال له الوليد: اسكت يا خالد، فوالله ما تعد في العير ولا في النفير، فقال خالد: اسمع يا أمير المؤمنين، ثم أقبل عليه فقال: ويحك من في العير والنفير غيري? جدي أبو سفيان صاحب العير، وجدي عتبة بن ربيعة صاحب النفير، ولكن لو قلت: غنيمات وحبيلات والطائف، ورحم الله عثمان. قلنا: صدقت. عني بذلك طرد رسول الله صلى الله عليه وسلم الحكم إلى الطائف إلى مكان يدعى غنيمات. وكان يأوي إلى حبلة وهي الكرمة. وقوله رحم الله عثمان لرده إياه.

لا أفضل كذا ما أرزمت أم حائل

أرزمت الناقة، إذا حنت. والحائل الأنثى من أولادها. أي لا أفعله أبداً.

لا تراهن على الصعبة ولا تنشد القريض

هذا المثل للحطيئة. لما حضرته الوفاة اكتنفه أهله وبنو عمه، فقيل له يا حطيء، أوص. قال: وبم أوصي? مالي بين بني، قالوا: قد علمنا أن مالك بين بنيك، فأوص. فقال: ويل للشعر من راوية السوء . فأرسلها مثلاً. فقالوا: أوص، فقال: أخبروا أهل ضابئ بن الحرث أنه كان شاعراً حيث يقول:
لكل جديد لذة غـير أنـنـي وجدت جديد الموت غير لذيذ
ثم قال: لا تراهن على الصعبة ولا تنشد القريض؛ فأرسلها مثلاً. يضرب في التحذير. وفي بعض الروايات أنه قيل له يا أبا مليكة أوصه، قال: ما لي للذكور دون الإناث. قالوا: إن الله لم يأمر بذا، قال: فإني آمر، قالوا: أوصه، قال: أخبروا آل الشماخ أن أخاهم أشعر العرب حيث يقول:
وظت بأعراف صياماً كأنـهـا رماح نحاها وجهة الريح راكز
قالوا: أوصه، فإن هذا لا يغني عنك شيئاً. قال: أبلغوا كندة أن أخاهم أشعر العرب حيث يقول:
فيا لك من ليل كأن نجومـه بأمراس كتان إلى صم جندل
يعني امرأ القيس. قالوا: أوصه، فإن هذا لا يغني عنك شيئاً. قال: أخبروا الأنصار أن أخاهم أمدح العرب حيث يقول:
يغشون حتى ما تهر كلابهم لا يسألون عن السواد المقبل
قاوا: أوصه، فإن هذا لا يغني عنك شيئاً. قال: أوصيكم بالشعر خيراً، ثم أنشأ يقول:  
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 295

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 296

الشعر صعب وطويل سلـمـه إذا ارتقى فيه الذي لا يعملـه
زلت به إلى الحضيض قدمـه والشعر لا يطيعه من يظلمـه
يريد أن يعربه فـيعـجـمـه ولم يزل من حيث يأتي يخرمه

من يسم الأعداء يبقى ميسمه

قالوا: أوصه، فإن هذا لا يغني عنك شيئاً. قال:
كنت أحياناً شديد المعـتـمـد وكنت أحياناً على خصمي ألد

قد وردت نفسي وما كادت ترد

قالوا: أوصه، فإن هذا لا يغني عنك شيئاً. قال: واجزاعاه على المديح الجيد يمدح به من ليس من أهله. قالوا: أوصه، فإن هذا لا يغني عنك شيئاً. فبكى، قالوا: وما يبكيك? قال: ابكي الشعر الجيد من راوية السوء. قالوا: أوص للمساكين بشيء. قال: أوصيهم بالمسألة، وأوصي الناس أن لا يعطوهم. قالوا: أعتق غلامك فإنه قد رعى عليك ثلاثين سنة. قال: هو عبد ما بقي على الأرض عبسي. ثم قال: احملوني على حماري ودوروا بي حول هذا التل، فإنه لمت على الحمار كريم، فعسى ربي أن يرحمني، فحمله ابناه وأخذا بضبعيه ثم جعلا يسوقان الحمار حول التل وهو يقول:
قد عجل الدهر والأحداث يتمكما فاستغنيا بوشيك إنـنـي عـان
ودلياني في غبراء مـظـلـمة كما تدلى دلاة بـين أشـطـان
قالوا: يا أبا مليكة، من أشعر العرب? قال: هذا الحجير إذا طمع بخير، وأشار بيده إلى فيه. وكان آخر كلامه، فمات وكان له عشرون ومائة سنة؛ منها سبعون في الجاهلية، وخمسون في الإسلام. "ويروى": أنه أراد سفراً لما قدم راحلته قالت له امرأته: متى ترجع? فقال:
عدي السنين لغيبتي وتصبري ودعي الشهور فإنهن قصار
فقالت:
اذكر صبابتنا إليك وشوقنا وارحم بناتك إنهن صغار
قالوا: وما مدح قوماً إلى رفعهم، وما هجا قوماً إلا وضعهم. "وقال": يهجو نفسه، وقد نظر في المرآة، وكان دميماً:
أبت شفتاي اليوم إلا تكلـمـا بسوء فما أدري لمن أنا قائله
أرى لي وجهاً شوه الله خلقه فقبح من وجه وقبح حاملـه

لا تكن أدنى العيرين إلى السهم

أي لا تكن أدنى أصحابك من التلف. يضرب في التحذير لا يأبى الكرامة إلا حمار قال المفضل: أول من قال ذلك أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، وذلك أنه دخل عليه رجلان فرمى لهما بوسادتين فقعد أحدهما على الوسادة ولم يقعد الآخر، فقال علي: اقعد على الوسادة لا يأبى الكرامة إلا حمار، فقعد الرجل على الوسادة.

لا أفعل ذلك ما جبح ابن أتان

قاله عدي. يقال: جبح وجبخ بالخاء والحاء. وابن الأتان، الجحش؛ أي لا أفعل كذا أبداً.

لا تحبق في هذا الأمر عناق حولية

قاله عدي بن حاتم، حين قتل عثمان رضي الله عنه. فلما كان يوم الجمعة فقئت عين عدي وقتل ابنه بصفين، فقيل له: يا أبا طريف، ألم تزعم أنه لا تحبق في هذا الأمر عناق حولية? فقال: بلى، والله التيس الأعظم قد حبق فيه، قالوا: ولما كان بعد ذلك دخل على معاوية وعنده عبد الله ابن الزبير، فقال ابن الزبير: يا أمير المؤمنين حجه، فإن عنده جواباً فقال معاوية: أما أنا فلا، ولكن دونك إن شئت، فقال له ابن الزبير: أي يوم فقئت عينك يا عدي? قال: في اليوم الذي قتل فيه أبوك مدبراً وضربت على قفاك مولياً. فافحمه. يضرب المثل في أمر لا يعبأ به ولا غبر له. أي لا يدرك فيه ثأر. ومثله قولهم:

لا تنفط فيه عناق

أي لا تعطس. والنفيط من العناق مثل العطاس من الإنسان. ومثلهما:

لا ينتطح فيه عنزان

أي لا يكون له تغيير ولا له نكير. فأما قولهم:

لا تنطح بها ذات قرن جماء

فإنما يقال ذلك عند اشتداد الزمان وقلة النشاط.

لا أفعل ذلك ما لألأت الفور بأذنابها

اللألأة، المصع. وهو التحريك. والفور، الظباء، لا واحد لها من لفظها. ويروى: ما لألأت العفر، وهي الظباء أيضاً. أي أبداً.

لا لعاً لفلان

يقال للعاثر: لعاً له، إذا دعوا له. ولا لعاً له، إذا دعوا عليه، وشمتوا به. أي لا أقامه الله من سقطته. قال الأخطل:
فلا هدى الله قيساً من ضلالتهم ولا لعاً لبني ذكوان إذ عثروا

لا قرار على زأر من الأسد

تمثل به الحجاج حين سخط عليه عبد الملك. وهو من قول النابغة:  
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 296

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 297

نبئت أن أبا قابوس أوعـدنـي ولا قرار على زأر من الأسد

لا تقتن من كلب سوء جرواً

وينشد على هذا المعنى:
ترجو الوليد وقد أعياك والده وما رجاؤك بعد الوالد الولدا

لا أفعله سن الحسل

أي أبداً. يقال: إن الحسل، وهو لد الضب، لا تسقط له سن. ويقال: إن الضب والحية والقراد والنسر أطول شيء عمراً، ولذلك قالوا: أحيى من ضب لطول حياته. زعموا أن الضب يعيش ثلاثمائة سنة. والتقدير لا آتيك دوام سن الحسل. أي مدة دوامه.

لا يكون كذا حتى يجن الضب في أثر الإبل الصادرة

وهذا لا يكون. لأن الضب لا يرد ولا حاجة به إلى الماء. وقد مر في الكتاب ذكر الضب والضفدع، فلا فائدة في إعادته هنا.

لا أدري أي الجراد عارة

أي ما أدري من أهلكه ومن دهاه وأتى إليه ما يكره.

لا يلتاط هذا بصفري

ويروى، لا يليق بصفري. قال الكسائي: لاط الشيء بقلبي يلوط ويليط، أي لزق به. ولا يلتاط بصفري، أي لا يلصق بقلبي، وهذا ألوط بقلبي وأليط. وأصل الصفر الخلو، يقال: صفرت يدي، أي خلت. وصفر الإناء، أي خلا، كأنه قيل: لا يلزق ولا يقر هذا في خلاء قلبي.

لا تأكل حتى تطير عصافير نفسك

أي حتى تشتهي وتنطلق نفسك للطعام.

لا يعدم مانع علة

يضرب لمن يعتل فيمنع شحاً وإبقاء على ما في يده.

لا علة لا علة هذه أوتاد وأخلة

أصل المثل لامرأة خرقاء، كانت لا تحسن بناء بيتها وتعتل بأنه لا أوتاد لها. فأتاها زوجها بالأوتاد والأخلة، وقال لها هذا القول. يضرب لمن يعتل عليك بما لا علة فيه.

لا ينام من أثأر

أي من طلب الثأر حرم على نفسه الدعة والنوم. يضرب في الحث على الطلب.

لا أفعله ما حي حي أو مات ميت

أي أبداً.

لا عتاب بعد الموت

يضرب في الحث على الإعتاب

لا يملك الحائن حينه

أي دفع حينه. وأراد بالحائن الذي قدر حينه، لا الذي حان وهلك.

لا عتبا على الجندل

ذكر بعضهم أن ملكة كانت بسبأ فأتاها قوم يخطبونها، فقالت: ليصف كل رجل منكم نفسه وليصدق وليوجز، لأتقدم إن تقدمت، أو أدع إن تتركت على علم. فتكلم رجل منهم، يقال له مدرك، فقال: إن أبي كان في العز الباذخ والحسب الشامخ، وأنا شرس الخليقة، رعديد عند الحقيقة. قالت: لا عتبا على الجندل. فأرسلتها مثلاً. يضرب في الأمر الذي إذا وقع لا مرد له. قال أبو عمر: ثم تكلم آخر منهم، يقال له ضبيس بن شرس، فقال: أنا في مال أثيث وخلق غير خبيث، وحسب غير عثيث، أحذو النعل بالنعل، وأجزي القرض بالقرض، فقالت: لا يسرك غائباً من لا يسرك شاهداً. فأرسلتها مثلاً. ثم تكلم آخر منهم، يقال له شماس بن عباس، فقال: أنا شماس بن عباس، معروف بالنداء والباس، حسن الخلق في سجية، والعدل في قضية، ما لي غير محظور على القل والكثر، وبابي غير محجوب على العسر واليسر، قالت: الخير متبع، والشر محذور. فأرسلتها مثلاً. ثم قالت: اسمع يا مدرك، وأنت يا ضبيس، لن يستقيم معكما معاشرة لعشير حتى يكون فيكما لين عريكة، وأما أنت يا شماس، فقد حللت مني محل الأهزع من الكنانة، والواسطة من القلادة، لدماثة خلقك وكرم طباعك. ثم اسع بجد أودع. فأرسلتها مثلاً وتزوجت شماساً.

لا أفعل كذا ما أن السماء سماء

أي ما كانت السماء سماء. وكذلك:

لا أفعله ما أن في السماء نجماً

ويروى، ما عن في السماء نجم، أي ظهر. ويجوز: ما عن في السماء نجماً، على لغة تميم، فإنهم يجعلون مكان الهمزة عيناً.

لا آتيك السمر والقمر

أي مكان السمر والقمر. قال الأصعمي: السمر عندهم، الظلمة. والأصل في هذا أنهم كانوا يجتمعون فيسمرون في الظلمة، ثم كثر الاستعمال حتى سموا الظلمة سمراً. وأنشد في أن السمر الظلمة:
لا تسقني إن لم أزر سمـراً غطفان موكب جحفل ضخم
تدعى هوازن في طوائفـه يتوقدون توقـد الـنـجـم

لا أفعله ما جمر ابن جمير

قال اللحياني: الجمير، المظلم. "قلت": جمر معناه جمع، والظلام يجمع كل شيء. ومنه جمرت المرأة شعرها، إذ جمعته وعقدته في قفاها ولم ترسله وابن جمير، الليل المظلم. وابن سمير، الليل المقمر. وينشد:
نهارهم ظمآن ضح وليلـهـم وإن كان بدر ظلمة ابن جمير
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 297

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 298

وكذلك، لا أفعله ما سمر ابن سمير. قالوا: السمير والجمير، الدهر. أجمر القوم على الشيء أي اجتمعوا. وابنا جمير، الليل والنهار. سميا بذلك للاجتماع، كما سميا ابن سمير لأنه يسمر فيهما.

لا أفعل كذا سجيس الأوجس

وهو الدهر. وسجيسه، آخره. ويقال: طوله. قال قيس بن زهير يرثي حملاً:
ولولا ظلمه ما زلت أبـكـي سجيس الدهر ما طلع النحوم
ويقال:

لا آتيك سجيس عجيس

وإنما سمي عجيساً، لأنه يتعجس، أي يبطئ، فلا يذهب أبداً. قال:
ووالله لا آتي ابن مائطة استها سجيس عجيس ما أبان لساني
أي، أبداً. يقال: مطا، إذا ضرب. فقوله ماطئة استها، معناه ضاربة استها. يقال: سجيس وعجيس، وسجيس عجيس مصغراً، وسجيس الأوجس ومعنى كله، الدهر. قال ابن فارس: هذا من الكلام المشكل.

لا أفعله دهر الدهارير

قال الخليل: الدهارير، أول يوم من الزمان الماضي، ولا يفرد منه دهرير. قال: والدهر هو النازلة. تقول: دهرهم أمر أي نزل بهم مكروه. ويقال أيضاً: لا أفعله دهر الداهرين، وأبد الآبدين، وعوض العائضين. كله بمعنى أبداً.
لا يلبث المرء اختلاف الأحوال من عهد شوال وبعـد شـوال

يفنيه مثل فناء السربال

لا تيبس الثرى بيني وبينك

يضرب في تخويف الرجل صاحبه بالهجر. ويروى: لا توبس. وينشد:
لا توبسوا بيني وبينكم الثرى فإن الذي بيني وبينكم مثري

لا يبض حجره

البض، أدنى ما يكون من السيان. يضرب للبخيل الذي لا خير فيه.

لا هلك بواد خبر

الخبر، من الخبر. أي بواد ذي شجر من النبق وغيره، ومنافع الماء التي تبقى في الصيف. يقال: خبر الموضع يخبر خبراً، إذا صار ذا سدر، فهو خبر. يضرب مثلاً للرجل الكريم ذي المعروف. أي من نزل به فلا يخاف عليه الهلك.

لا حضنها حضن ولا زناء زناء

يضرب لمن لا يبقى على حالة واحدة، لا في الخير ولا في الشر.

لا يغرنك الدباء وإن كان في الماء

قال أعرابي تناول قرعاً مطبوخاً فأحرق فمه، فقال: لا يغرنك الدباء، وإن كان نشوؤه في الماء. يضرب مثلاً للرجل الساكن الكثير الغائلة.

لا ينبت البقلة إلا الحقلة

يقال: الحقلة القراح، أي لا يلد الوالد إلا مثله. وقال الأزهري يضرب مثلاً للكلمة الخسيسة تخرج من الرجل الخسيس. حكاه عن ابن الأعرابي.

لا تجن من الشوك العنب

أي إذا ظلمت فاحذر الانتصار والانتقام.

لا تنقش الشوكة بمثلها فإن ضلعها معها

أي لا تستعن في حاجتك بمن هو للمطلوب منه الحاجة انصح منه لك. ويروى: فإن ابنها لها. وروى أبو عمر: فإن ضلعها لها. أي ميلها لها.

لا ذنب لي قد قلت للقوم استقوا

وينشد معه:
إن ترد المـاء بـمـاء أرفـق لا ذنب لي قد قلت للقوم استقوا
ثم قال: وهم إلى جنب غدير يفهق يضرب لمن لا يقبل الموعظة.

لا أفعل كذا ما بل البحر صوفة وما أن في الفرات قطرة

أي أبداً.

لا تراءى نارهما

قاله صلى الله عليه وسلم، يعني، نارا المسلم والمشرك. أي لا يحل للمسلم أن يسكن بلاد الشرك، فيكون معهم بحيث يرى كل واحد منهما نار صاحبه، فجعل الرؤية للنار. والمعنى أن تدنو هذه من هذه. وأراد لا تتراءى، فحذف إحدى التائين. وهو نفي يراد به النهي.

لا قدح إن لم تور ناراً بهجر

هذا للعجاج، يخطاب عمرو بن معمر. يقول: إن قدحت في كل موضع فليس بشيء حتى توري بهجر. يضرب لمن ترك ما يلزمه في طلب حاجته.

لا يفل الحديد إلا الحديد

هذا مثل قولهم: الحديد بالحديد يفلح. وقال:
قومنا بعضهم يقتل بعضاً لا يفل الحديد إلا الحديد

لا يجمع سيفان في غمد

قال أبو ذؤيب:
تريدين كيما تضـمـدينـي وخـالـداً وهل يجمع السيفان، ويحك، في غمد?

لا تأمن الأحمق وبيده السيف

يضرب لمن يتهددك وفيه مؤق.

لا تعجل بالإنباض قبل التوتير

الإنباض، أن تمد الوتر، ثم ترسله فتسمع له صوتاً، قال اللحياني: هذا مثل في الاستعجال بالأمر قبل بلوغ أناه.

لا ترفع عصاك عن أهلك

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 298

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 299

قال أبو عبيد: قد علم أنه صلى الله عليه وسلم لم يرد ضربهم بالعصا، إنما هو الأدب. أراد: لا ترفع أدبك عنهم، وقيل: أراد، لا تغب ولا تبعد عنهم، من قولهم: انشقت عصاهم، إذا تباعدوا وتفرقوا. وهذا تأويل حسن.

لا تدخل بين العصا ولحائها

يضرب في المتاخلين المتصافيين. وقال: لا تدخلن بنميمة بين العصا ولحائها.

لا يحزنك دم هرقطه أهله

قاله جذيمة. وقد مر ذكره في قصة قصير والزباء في حرف الخاء. يضرب لمن يوقع نفسه في مهلكة.

لا تسأل الصارخ وانظر ما له

يضرب في قضاء الحاجة قبل سؤالها.

لا جديد لمن لا خلق له

يضرب لمن يتمهن جديده، فيؤمر بالتوقي عليه بالخلق. ويروى أن عائشة رضي الله عنها وهبت مالاً كثيراً، ثم أمرت بثوب لها أن يرقع، وتمثلت بهذا المثل.

لا يعجز مسك السوء عن عرف السوء

قال أبو عبيد: يضرب هذا في الذي يكتم لؤمه وهو يظهر.

لا تحقنها مني في سقاء أوفر

يقال، سقاء أوفر، وقربة وفراء، للتي لم ينقص من أديمها شيء. يضرب هذا للرجل يظلم، فيقول: أما والله لا تحقنها مني في سقاء أوفر. أي لا تذهب بها مني حتى يستفاد منك. ومنه قول أوس:
إن كان ظني يا ابن هند صادقاً لم يحقنوها في السقاء الأوفر
حتى يلف نخيلهم وزروعهـم لهب كناصية الحصان الأشقر

لا أكون أول من التبأ لبأه

يقال: البأت الشاة ولدها، أي أرضعته اللبأ وألبأها ولدها. وأصل المثل أن حكيم بن معية بن ربيعة الجدع كانت عنده امرأة من بني سليط، وكان حكيم راجزاً، وكان جرير يهجو بني سليط، فقالت بنو سليط لحكيم: قبحك الله من صهر قوم، هذا الغلام يقطع أعراضنا، يعنون جريراً، وأنت راجز بني تميم لا تعين أبا بنتك، فخرج حكيم نحوه وأقبل مع بني سليط، ودون الموقف الذي به جرير والجماعة ونجفة، وهي ما ارتفع من الأرض كالأكمة. قال حكيم: فلما وافيتها سمعته يقول:
لا تحسبني عن سليط غـافـلاً أن تغش ليلاً بسلـيط نـازلا
لا تلق أفراساً ولا صـواهـلاً ولا قرى للنازلين عـاجـلا
لا يتقي حـولاً ولا حـوامـلاً يترك أصفان الحصى جلاجلا
فنكصت على عقبي، فقالي لي بنو سليط: أين تريد? فقلت: والله لقد جلجل الحصى جلجلة، لا أكون أول من التبأ لبأه، فعرفت أنه بحر لا ينكش ولا يفثج، فنكصت وانصرفت عنه، وقلت: ايم الله لا جلجلتني اليوم. فأرسلها مثلاً. ومعنى لا أكون أول من التبأ لبأه أي لا أعرض نفسي لهجائه ولا أتحكك به.

لا أفعل كذا ما اختلفت الدرة والجرة

وذلك أن الدرة تسفل، والجرة تعلو، فهما مختلفان.

لا حريز من بيع

أي لا احتراز ولا امتناع من بيع. وهو أن القوم إذا انفضوا فلم يكن عندهم شيء قالوا: اخرجوا بنت فلان وبنت فلان، فيبيعونهن.

لا يلبث الحلب الحوالب

أي لا يلبثونه أن يأتوا عليه، إذا اجتمعوا له. وقيل: معناه، يأخذ الحالب حاجته من اللبن قبل صاحب الإبل.

لا تكن حلواً فتسترط ولا مراً فتعقي

الاستراط، الابتلاع. والإعقاء أن تشتد مرارة الشيء حتى يلفظ لمرارته. وبعضهم يروي: فتعقى بوزن فتسترط. والصواب كسر القاف. يقال أعقى الشيء. والمعنى لا تتجاوز الحد في المرارة فترمى ولا في الحلاء فتبلع. أي كن متوسطاً في الحالين.

لا تسأل عن مصارع قوم ذهبت أموالهم

أي أنهم يتفرقون فيموتون بكل أوب.

لا رأي لمكذوب

قد مرت قصتها في باب الحاء.

لا يذكب الرائد أهله

وهو الذي يقدمونه ليرتاد لهم منزلاً أو ماء أو موضع حرز يلجؤون إليه من عدو يطلبهم؛ فإن كذبهم صار تدبيرهم على خلاف الصواب، وكانت فيه هلكتهم؛ أي أنه وإن كان كذاباً فإنه لا يكذب أهله. يضرب فيما يخاف من غب الكذب. قال ابن الأعراب: بعث قوم رائداً لهم فلما أتاهم قالوا: ما وراءك? قال: رأيت عشباً يشبع منه الجمل البروك، وتشكت منه النساء، وهم الرجل بأخيه. يقال: العشب قليل، لا يناله الجمل من قصره حتى يبرك؛ وقوله: وتشكت منه النساء، أي من قلته تحلب الغنم في شكوة؛ وقوله: وهم الرجال بأخيه. أي تقاطع الناس فهم الرجل أن يدعو أخاه ويصله. من قلة العشب.

لا لآتيك ما دام السعدان مستلقياً

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 299

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 300

قيل لأعرابي كره البادية: هل لك في البادية? قال: أما ما دام السعدان مستلقياً فلا. قالوا: وكذا ينبت السعدان.

لا أفعله حتى ترجع ضالة غطفان

يعنون سنان بن أبي حارثة المري؛ وكان قومه عنفوه على الجود، فقال: لا أراني يؤخذ على يدي، فركب ناقته ورمى بها الفلاة، فلم ير بعد ذلك. فصار مثلاً.

لا حساس من ابني موقد النار

يقال: إن رجلين، كان يقال لهما ابنا موقد النار، كانا يوقدان على الطريق، فإذا مر بهما قوم أضافاهم، فمضيا، ومر بهما قوم فلم يروهما، فقيل: لا حساس من ابني موقد النار. والحساس، ما يحس. أي يرى، يعني لا أثر منهما يبصر. يضرب في ذهاب الشيء البتة حتى لا يرى منه عين ولا أثر.

لا تجعلن بجنبك الأسدة

"قلت": هذا مثل يقع في التصحيف فقد روى بعض الناس لا تحفلن بجنبك الأشد، وتمحل له معنى يبعد عن سنن الصواب. وقد تمثل به أبو مسلم صاحب الدولة حين ورد عليه رؤبة بن العجاج وأنشد شعره، ثم قال له أبو مسلم: إنك أتيتنا والأموال مشفوهة، والنوائب كثيرة، ولك علينا معول، وإلينا عودة، وأنت لنا عاذر، وقد أمرنا لك بشيء وهو وتح، فلا تجعلن بجنبك الأسدة. هكذا أورده السلامي في تاريخه؛ فإن الدهر أطرق مستتب، ثم دعا بكيس فيه ألف دينار فدفعه إليه؛ قال رؤبة: فوالله ما أدري كيف أجيبه. قال الجوهري: السد بالفتح، واحد الأسدة، وهي العيوب، مثل العمى والصم والبكم؛ جمع على غير قياس؛ وكان قياسه سدوداً. ومنه قولهم: لا تجعلن بجنبك السدة. أي لا يضيقن صدرك فتسكت عن الجواب كمن به صمم أو بكم. قال الكميت:
وما يجني من صفح وعـائدة عند الأسدة إن العي كالعضب
يقول: ليس بي عي ولا بكم عن جواب الكاشح، ولكني أصفح عنه لأن العي عن الجواب كالعضب، وهو قطع يد أو ذهاب عضو. والعائدة، العطف. هذا كلامه. وأما قول أبي مسلم فإن الدهر اطرق مستتب، فالطرق، استرخاء وضعف في الركبتين والاستتباب، الاستقامة. يريد أن الدهر تارة يعوج، وتارة يستقيم. وهذا كالاعتذار منه إلى رؤبة.

لا أبقى الله عليه إن أبقيت علي

يقال: أبقيت الشيء، أي جعلته باقياً، وأبقيت على الشيء إذا تركته عطفاً عليه ورحمة له. يقال هذا للمتوعد، ومعناه لا بقيت إن أبقيتني. يعني لا تأل جهداً في الإساءة إلي إن قدرت.

لا في أسفل القدر ولا في أعلاها

هذا قريب من قولهم: لا في العير ولا في النفير.

لا تدعن فتاة ولا مرعاة فإن لكل بغاة

يضرب لمن يؤمر بانتهاز الفرصة وأخذ الأمر بالحزم.

لا ألية لمجرب

الألية، القسم. والمجرب، صاحب الإبل الجربى. وهذا مثل قولهم: أكذب من مجرب، لأنه يسأل الهناء فيحلف أنه لا هناء عنده لاحتياجه إليه.

لا يخفى عليك طريق برك وإن كنت في وادي نعام

برك ونعام، موضعان بناحية اليمن. يضرب لمن له علم بأمر، وإن كان خارجاً منه.

لا يعدم خابط ورقاً

أي من انتجع لا يعدم عشباً.

لا يدري الكذوب كيف يأتمر

أي كيف يمتثل الأمر ويتبعه.

لا تنفع حيلة مع غيلة

يضرب للذي تأتمنه، وهو يغشك ويغتالك. والغيلة، اسم من الاغتيال.

لا ترتد على قرواها

القروى، فعلى من القرو، وهو التتبع. يقال: قروت البلاد إذا تتبعتها بأن تخرج من أرض إلى أرض. يضرب للرجل يتكلم بالكلمة لا يستطيع أن يردها. والتاء في "ترتد" كناية عن الكلمة. أي لا ترجع الكلمة على عقبها بعد ما فهت بها.

لا بقيا للحريمة بعد الحرائم

البقيا، الإبقاء. والحريمة ما فات من كل مطموع فيه. ويراد بها الحرم هنا. ويروى عن محكم اليمامة، إنه كان يقول فيما يحض به قومه يوم مسيلمة الكذاب: الآن تستخف الحرائم غير حظيات، وينكحن غير رضيات، فما كان عندكم من حسب فأخرجوه. يعني لا بقيا بعد هذا اليوم لشيء.

لا ينفعك من جار سوء توق

التوقي، الاتقاء. يضرب في سوء المجاورة. ومثله، ما روي عن داود النبي عليه السلام: اللهم إني أعوذ بك من جار عينه تراني وقلبه يرعاني، إن رأى حسنة كتمها، وإن رأى سيئة نشرها.

لا يحسن التعريض إلا ثلباً

يعني أنه سفيه يصرح بمشاتمة الناس من غير كناية ولا تعريض. والثلب، الطعن في الأنساب وغيرها. ونصب على الاستثناء من غير الجنس.

لا تبرقل علينا

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 300

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 301

هذا مأخوذ من البرقبلا مطر. ومعناه الكلام بلا فعل. يضرب للمتصلف. يقال: أخذنا في البرقلة. أي صرنا في لا شيء.

لا دريت ولا ائتليت

قال الفراء: ائتليت، افتعلت من ألوت إذا اقتصرت. فتقول: لا دريت ولا قصرت في الطلب، ليكون أشقى لك. وأنشد لامرئ القيس:
وما المرء ما دامت حشاشة نفسه بمدرك أطراف الخطوب ولا آلي

لا تعلم اليتيم البكاء

أول من قال ذلك زهير بن جناب الكلبي. وكان من حديثه أن علقمة ابن جذل الطعان بن قراس بن غنم بن ثعلبة، أغار على بني عبد الله بن كنانة ابن بكر، وهم بعسفان، فقتل عبد الله بن هبل وعبيدة بن هبل ومالك ابن عبيدة وصريم بن قيس بن هبل؛ وأسر مالك بن عبد الله بن هبل، فلما أصيبوا وأفلت من أفلت، أقبلت جارية من بني عبد الله بن كنانة فقالت لزهير، ولم تشهد الوقعة: يا عماه ما ترى فعل أبي? قال: وعلى أي شيء كان أبوك? قالت: على شقاء نقاء طويلة الأنقاء، تمطق بالعرق تمطق الشيخ بالمرق. قال: نجا أبوك، ثم أتته أخرى فقالت: يا عماه وما ترى فعل أبي? قال: وعلى أي شيء كان أبوك? قالت: على طويل بطنها، قصير ظهرها، هاديها شطرها، يكبها خصرها. قال: نجا أبوك. ثم أتته بنت مالك بن عبيدة بن هبل فقالت: يا عماه وما ترى فعل أبي? قال: وعلى أي شيء كان أبوك? قالت: على الكزة الأنوح التي يكفيها لبن اللقوح، قال: هلك أبوك، قال: فبكت، فقال رجل: ما أسوأ بكاءها، فقال زهير: لا تعلم اليتيم البكاء.

لا حر بوادي عوف

هو عوف بن محلم بن ذهل بن شيبان. وذلك أن بعض الملوك، وهو عمرو بن هند، طلب منه رجلاً، وهو مروان القرظ، وكان قد أجاره، فمنعه عوف وأبى أن يسلمه، فقال الملك: لا حر بوادي عوف. أي أنه يقهر من حل بواديه، فكل من فيه كالعبد له، لطاعتهم إياه. وقال بعضهم: إنما قيل ذلك لأنه كان يقتل الأسارى. وقد ذكرت قصة مروان مع عوف في حرف الواو عند قولهم: أوفى من عوف بن حلم. وقال أبو عبيد: كان المفضل يخبر أن المثل للمنذر بن ماء السماء، قاله في عوف ابن محلم؛ وذلك أن المنذر كان يطلب زهير بن أمية الشيباني بذحل، فمنعه عوف، فعندها قال المنذر: لا حر بوادي عوف. وكان أبو عبيدة يقول: هو عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم.

لا تسخرن منني شيء فيحور بك

أي يعود عليك. قال عمرو بن شرحبيل: لو عيرت رجلاً برضاع الغنم، لخشيت أن أرضعها. وقوله، يحور، معناه يرجع. أي يرجع بك ما سخرت منه فتبتلى به.

لا يرحلن رحلك من ليس معك

أي لا تستعن إلا بأهل ثقتك. ويروى: لا يرحل رحلك، على وجه النفي، أي لا يعينك من لا يكون صفوه معك.

لا تبرك الإبل على هذا

يضرب لما لا يصبر عليه لشدته.

لا يبرك مثل مالك

قالوا: هو اسم رجل مرغوب في محبته.

لا حاء ولا ساء

أي لم يأمر ولم ينه. قال أبو عمرو: يقال حاء بضأنك أي ادعها. ويقال: سأسأت بالحمار إذا دعوته ليشرب. يضرب للرجل إذا بلغ النهاية في السن.

لا بي عليك ولا هي

أي لا بأس عليك.

لا يغرنك شمط به دب شيخ في الجحيم

لا ينتصف حليم من جهول

لأن الجهول يربي عليه، والحليم لا يضع نفسه لمسافهته.

لا يملك حائن دمة

أي من حان حينه لا يقدر على حقن دمه.

لا يقوم لها إلا ابن أجداها

أي لا يقوم لدفع العظيمة إلا الرجل العظيم، يضرب لمن يغني غناء عظيماً، كأنهم قالوا: إلا كريم الآباء والأمهات من الرجال والإبل. قاله أبو زيد.

لا ينفع حذر من قدر

ويروى لا ينفعك من رديء حذر.

لا ينقصك من زاد تبق

التبقي، الإبقاء. يضرب في الحث على أكل ما يفسد إن أبقي.

لا يعدم عائش وصلات

أي ما دام للمرء أجل فهو لا يعدم ما يتوصل به. يضرب للرجل يزمل من الزاد فيلقى آخر فينال منه ما يبلغه أهله.

لا تمازح الشريف فيحقد عليك ولا الدنيء فيجترئ عليك

قاله سعيد بن العاص أخو عمرو.

لا تكذبن ولا تشبهن

من التشبه، أي لا تكذب على غيرك ولا تشبه بالكذب. ويروى: ولا تشبهن من التشبيه. أي لا تكذب ولا تلبس على غيرك بأن تكذبه، فيلتبس عليه الأمر.

لا تنه عن خلق وتأتي مثله

ينشد في هذا المعنى:
إذا عبت أمراً فلا تـأتـه فذو اللب مجتنب ما يعيب
وقيل أيضاً:  
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 301

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 302

لا تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم

لا تبق إلا على نفسك

أي أنك إن أسرفت أسرف عليك، ومعناه، إن أبقيت على أحد فما أبقيت إلا على نفسك. وقال أبو عبيد: يقال للمتوعد: لا تبق إلا على نفسك. ومعناه، أجهد جهدك، فكأنه يقول: لا تعطف إلا على نفسك، فأما أنا فافعل بي ما تقدر عليه، فلست ممن يبالي وعيدك وتهديدك. ومثله، لا أبقى الله عليك إن أبقيت علي.

لا تعقرها لا أبا لك إما لنا وإما لك

قاله مالك بن المنتقق لبسطام بن قيس حين أغار على إبله، فكان يسوقها فإذا تفرقت طعنها لتجتمع وتسرع.

لا تظعني فتهيجي القوم للظعن

يضرب لمن يتبع فيما ينهج. يعني أنك متبوع فلا تفعل ما لا يليق بك.

لا يطاع لقصير أمره

مضى ذكره في قصة الزباء في حرف الخاء.

لا يلبث الغويان الصرمة

يريد بالغوي، الذئب. أي إذا كانا اثنين أسرعا في تمزيقها. يضرب لمن يفسد ماله وهو قليل. والصرمة، القطعة من الغنم أو الإبل القليلة. والتقدير لا يلبث ولا يمهل الذئبان الغويان القطعة القليلة أن يفرقاها ويهلكاها.

لا فتى إلا عمرو بن تقن

قد ذكرت قصته مع لقمان عند قوله: إحدى حظيات لقمان.

لا أفعل كذا ما غبا غبيس

"قلت": لم أجد في معنى هذا المثل ما يوافق لفظه إلا ما حكاه اللحياني. قال: يقال للظلام غبس وغبيس أيضاً. ورأيت في أمالي الخوارزمي معنى "غبا" أظلم. والغبيش من أسماء الليل. وقال ابن الأعرابي: ما أدري ما أصله. وقال بعضهم: غبيس تصغير أغبس مرخماً، وهو الذئب. وغبا أصله غب، فأبدل من أحد حرفي التضعيف الألف مثل: تقضى وتظنى في تقضض وتظنن. أي ما دام الذئب يأتي الغنم غباً. أنشد الأموي:
وفي بني أم زبير كـيس على الطعام ما غبا غبيس
أي فيهم كياسة على بذل الطعام، يصفهم بالجود. وتكون "على" بمعنى "في" وروى الأزهري عن ابن الأعرابي: أن معناه، ما بقي الدهر. هذا حكاية أقوالهم. وإذا صح ما له اللحياني فالأولى أن يحمل "غبيس" على أنه الليل، ويحمل غباً على غبي في لغة طيء، فإنهم يقولون بقى وفنى، في بقا وفنا. ويصح أن يقال: غبى الليل وإن كان صاحبه يغبى، كما قال أبو كبير: نام ليل الهوجل. والغباوة أن يخفى الأمر على الرجل فلا يفطن له. وإبدال السين من الشين لا ينكر، نحو قولهم: جعسوس وجعشوش، وتسميت العاطس وتشميت العاطس.

لا يلد الوقبان إلا وقباً

الوقب، الأحمق. هذا يتكلم به عند التشاتم.

لا محالة من جلز بعلباء

يضرب عند انقطاع الرجاء. أي صرت إلى الغاية القصوى من الأمر. قاله أبو عمرو. ويروى: لا بد، والجلز شدة عصب العقب على شيء. أي لا بد من النهوض في هذا الأمر. وقال:
ضربت بالسيف حتى أرفض قائمه ولا محالة من جلز بـعـلـبـاء

لا تحيي البيض وتقتل الفراخ

أي لا تحفظ الصغير وتضيع الكبير.

لا حم ولا رم أن أفعل كذا

أي لا بد من ذلك.

لا تحسد الضب على ما في جحره

أي لا تحسد فلاناً على ما رزق من خير.

لا أحب تخديش وجه الصاحب

قال يونس: تزعم العرب أن الثعلب رأى جحراً أبيض بين لصبين، فأراد أن يغتال به الأسد، فأتاه ذات يوم فقال: يا أبا الحرث، الغنيمة الباردة شحمة رأيتها بين لصبين فكرهت أن أدنوا منها وأحببت أن تولى ذلك أنت، فهلم لأريكها. قال: فانطلق به حتى قام به عليه، فقال: دونك يا أبا الحرث، فذهب الأسد ليدخل فضاق به المكان، فقال له الثعلب: اردس برأسك، أي ادفع برأسك. قال: فأقبل الأسد يردس برأسه حتى نشب، فلم يقدر أن يتقدم ولا أن يتأخر. ثم أقبل الثعلب يخوره، أي يخدش خورانه من قبل دبره؛ فقال الأسد: ما تصنع يا ثعالة? قال: أريد لاستنقذك؛ قال: فمن قبل الرأس إذن? فقال الثعلب: لا أحب تخديش وجه الصاحب. يضرب للرجل يريك من نفسه النصيحة ثم يغدر.

لا تدره بعرضك فيلذم

الإدراء، الإغراء. والذم لزم وضري. أي لا تجرئه فيجترئ عليك.

لا ترى العكلي إلا حيث يسوؤك

يضرب لمن لا تزال تراه في أمر تكرهه.

لا يساغ طعامك يا وحوح

يضرب عند كل معروف يكدر بالمن. ووحوح، اسم رجل.

ولا جن بالبغضاء والنظر والشزر

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 302

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 303

أي لا يخفى نظر المبغض. ولا جن، معناه لا خفاء. والبغضاء، البغض. والنظر الشزر، نظر الغضبان بمؤخر العينين. والشعر لأبي جندل الهذلي. وأوله "تحدثني عيناك ما القلب كاتم".

لا أخا لك بالعبد إذا قلت يا أخاه

يضرب لمن يصطنع المعروف إلى من ليس له بأهل. وهذا كقولهم: ليس العبد بأخ لك. وقد ذكر.

لا يشقى بقعقاع جليس

يقال هذا القعقاع بن عمرو، والصحيح قعقاع بن شور، وهو ممن جرى مجرى كعب بن مامة في حسن المجاورة، فضرب به المثل. وكان إذا جاوره رجل أو جالسه فعرفه بالقصد إليه جعل له نصيباً من ماله وأعانه على عدوه، وشفع له في حاجته، وغدا إليه بعد ذلك شاكراً له. فقال فيه الشاعر:
وكنت جليس قعقعاع بن شور ولا يشقى بقعقاع جـلـيس

لا أرى لمن لا يطاع

قاله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه في خطبته التي يعاتب فيها أصحابه.

لا حي فيرجى ولا ميت فينسى

مكتوبة قصته عند قوله: قد حيل بين العير والنزوان، من كلام صخر ابن عمرو بن الشريد في حرف القاف.

لا يذهب العرف بين الله والناس

العرف والمعروف، الإحسان.

لا سيرك سير ولا هرجك هرج

الهرج، الحديث الذي لا يدرى ما هو. يضرب للذي يكثر الكلام، أي لا يحسن يسير ولا يحسن يتكلم.

لا بد للمصدور أن ينفث

المصدور، الذي يشتكي صدره، وهو يستريح ويشفى بالنفث.

لا زيال لزم الحبل العنق

الزيال، المزايلة يضرب للشيء يلزم فلا يرجى الخلاص منه.

لا يرأم بو الهوان

أي لا ينقاد له. والرئمان أن تعطف الناقة على ولدها. والبو جلد جوار، يسلخ فيحشى ويعلق عليها، فتظنه ولدها، فتدر عليه. والمعنى في المثل أنه لا يقبل الضيم.

لا عيش لمن يضاجع الخوف

يضرب في مدح الأمن.

لا تقرع له العصا ولا تقلقل له الحصا

يضرب للمحنك المجرب.

لا أكون كالضبع تتسمع اللدم فتخرج حتى صاد

أي لا أغفل عما يجب التيقظ فيه. قاله أمير المؤمنين علي ريضي الله عنه.

لا تأمن شقياً أوحشت أهله

لا يخدع الأعرابي إلا واحدة

قاله أعرابي خدع مرة ثم سئم الخداع أخرى.

لا يطحن بك العز الفطير

يعني أن العز الحادث لا معول عليه.

لا أصل له ولا فصل

قال الكسائي: الأصل، الحسب. والفصل اللسان يعني النطق.

لا تزال تقرصني منك قارصة

أي كلمة مؤذية.

لا يصدق أثره

يضرب للكاذب. يعني لا يصدق أثر رحله، لأنه إذا كذب هو كذب أثره في الأرض أيضاً مثله. أي أنه إذا قيل له: من أين جئت? قال: من ثم وإنما جاء من ههنا.

لا أم لك

قال أبو الهيثم: لا أم لك، عندنا في مذهب: ليس لك أم حرة. وهذا هو الشتم الصحيح، لأن بني الإماء عند العرب ليسوا بمحمودين ولا لاحقين بما يلحق به غيرهم من أبناء الحرائر. فأما إذا قال: لا أبا لك فلم يترك له من الشتيمة شيئاً. حكي جميع هذا عن أبي سعيد الضرير.

لا خير في رزمة لا درة معها

الرزمة، صوت حنين الناقة. والفعل أرزمت ترزم إرزاماً. والدرة، اللبن. أي لا خير في قول لا فعل معه.

لا يثني ولا يثلث

أي هذا رجل كبير أراد النهوض فلم يقدر في أول مرة ولا في الثانية ولا في الثالثة.

لا ترك الله له في الأرض مقعداً ولا في السماء مصعداً

قالته امرأة دعت على ولدها.

لا يصلح رفيقاً من لم يبتلع ريقاً

يضرب لمن يكظم الغيظ. ونصب "رفيقاً" على الحال. وأراد بالريق ريق الغضب.

لا تشرين مشرى صفو يكدر

يقال: شرى، إذا باع. وشرى إذا اشترى. ومنه قوله تعالى: وشروه بثمن بخس. يضرب لمن يستبدل خيراً بشر.

لا بلاد لمن لا تلاد له

أي لا يسع فقيراً مكان، ولا تحمله أرض، لذلته وقلته في أعين الناس. ويجوز أن يكون المعنى، لا يقدر الفقير أي يقيم ببلاده وأرضه لفقره، بل يحتاج أن يرحل عنها، كما قيل:

وترمي النوى بالمقترين المراميا

لا مال لمن لا رفق له

يعني أن المال يكسبه الرفق لا الخرق.

لا جعل الله فيه أمرة

أي بركة ونماء. وهذا كمما يقال: تعرف في وجه المال أمرته. ويروى أمرته بسكون الميم، أي زيادته، من قولهم: أمر مال فلان، إذا كثر.

لا غرو ولا هيم

يضرب للأمر إذا أشكل. قال:
أعييتني كل العـياء فلا أغرر ولا أهيم
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 303

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 304

لا تظلمن وضح الطريق

يضرب في التحذير لمن ترك الطريق الواضح إلى المبهم. وظلمه وضعه السير في غير موضعه.

لا تلبسن بيقين شكاً

أي لا تخلطن بما أيقنته شكاً فيضعف رأيك وعزيمتك.

لا يوجد العجول محموداً

روى ثعلب عن ابن الأعرابي قال: كان يقال: لا يوجد العجول محموداً، ولا الغضوب مسروراً، ولا الملول ذا إخوان، ولا الحر حريصاً، ولا الشره غنياً.

لا تبعث المهر على وجاه

يقال: وجي الفرس يوجى وجى، إذا حفي. وهو للفرس بمنزلة النقب للبعير. يضرب لمن يوجه في أمره من يكرهه أو به ضعف عنه.

لا عباب ولا أباب

يقال إن الظباء إذا أصابت الماء لم تعب فيه، وإن لم تصبه لم تأبب له، أي لم تهياً لطلبه. يقال: أب يأب أباً وأباباً، إذا قصد وتهياً كما قال: أخ قد طوى كشحاً وأب ليذهبا. قالوا: وليس شيء من الوحوش من الظباء والنعام والبقر يطلب الماء إلا أن يرى الماء قريباً منه فيرده، وإن تباعد عنه لم يطلبه ولم يرده، كما يرده الحمير. يضرب للرجل يعرض عن الشيء استغناءً.

لا يحسن العبد الكر إلا الحلب والصر

يقال أن شداد العبسي قال لابنه عنترة في يوم لقاء ورآه يتقاعس عن الحرب، وقد حميت، فقال: كر عنتر. فقال عنترة: لا يحسن العبد الكر إلا الحلب والصر. وكانت أمه حبشية فكان أبو كأنه يستخف به لذلك، فلما قال عنترة: لا يحسن العبد الكر، قال له: كر وقد زوجتك عبلة، فكر وأبلى ووفى له أبوه بذلك، فزوجه عبلة. والصر شد الصرار، وهو خيط يشد فوق الخلف والتودية لئلا يرضع الفصيل أمه، ونصب "الحلب" على أنه استثناء منقطع، كأنه قال: لا يحسن العبد الكر، لكن الحلب والصر يحسنهما. يضرب لمن يكلف ما لا يطيق.

لا أعلق الجلجل من عنقي

أي لا أشهر نفسي ولا أخاطر بها بين القوم. قال أبو النجم يصف فحلاً:
يرعد أن ترعد قلب الأعزل إلا امرأ يعقد خيط الجلجل
قيل في معنى هذا البيت أنه كان في بني عجل رجل يحمق، وكان الأسد يغشى بيوت بني عجل فيفترس منهم الناقة بعد الناقة والبعير بعد البعير، فقالت بنو عجل: كيف لنا بهذا الأسد فقد أضر بأموالنا. فقال الذي كان يحمق فيهم: علقوا في عنق هذا الأسد جلجلاً فإذا جاء على غفلة منكم وغرة تحرك الجلجل في عنقه فنذرتم به. فضربه أبو النجم مثلاً، فقال: يرعد من فرق هذا الفحل من رآه من هو له وإيعاده، إلا من كان بمنزلة هذا الأحمق، فإنه لا يخافه لعدم عقله.

لا تهدي إلى حماتك الكتف

يضرب لمن يباسط إخوانه بالحقير الرديء. وأصله أن امرأة أوصت بنتها فقالت: لا تهدي إلى حماتك الكتف، فإن الماء يجري بين ألليها. قال أبو عبد الله: الأللان، هما اللحمتان المطارقتان من على يمين البعير ويساره. وقال أبو الهيثم: لأن بينهما رجرجة، أي ماء غليظاً.

لا تركبن من بنان نيسباً

بنان، اسم أرض. والنيسب، الطريق. يضرب في النهي عن ارتكاب الباطلأ، وإن جر إليك منفعة.

لا تطل الذيل فقد أجد الحضر

يضرب للمتأني وقد جد الأمر واحتاج إلى العجلة.

لا تشم الغيث فقد أودى النقد

أودى، هلك. والنقد صغار الغنم. يضرب لمن حزن على ما فات.

لا حجرة أمشي ولا حوط القصا

الحجرة، الناحية. والقصا، البعد. يقال: قصا فلان عن جوارنا يقصي قصاً، أي بعد. قال بشر:
فحاطونا القصا ولقد رأونا قريباً حيث يستمع السرار
والتقدير، لا أمشي حجرة. أي في حجرة، ولا أحوطك حوط القصا، أي لا أتباعد عنك. يضرب لمن يتهددك، فتقول له: ها أنذا لا أتباعد ولا أتنحى عنك، فهلم إلى مبارزتي ومقارعتي.

لا غزو إلا التعقيب

يقال: عقب الرجل، وهو أن يغزو مرة ثم يثني من سنته. قال طفيل يصف الخيل:
طوال الهوادي والمتون صليبة مغاوير فيها للأريب معقـب
وأول من قال ذلك حجر بن الحرث بن عمرو آكل المرار، وذلك أن الحرث بن مندلة ملك الشام، وكان من ملوك سليح من ملوك الضجاعم، وهو الذي ذكره مالك بن جوين الطائي في شعره فقال:
هنالك لا أعطي رئيساً مقـادة ولا ملكاً حتى يؤوب ابن مندله
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 304

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 305

وكان قد أغار على أرض نجد، وهي أرض حجر فوجد القوم خلوفاً ووجد حجراً قد غزا أهل نجران، فاستاق ابن مندلة مال حجر وأخذ امرأته هند الهنود، ووقع بها فأعجبها، وكان آكل المرار شيخاً كبيراً، وابن مندلة شاباً جميلاً، فقالت له: النجاء النجاء، فإن وراءك طالباً حثيثاً وجمعاً كثيراً ورأياً صليباً وحزماً وكيداً؛ فخرج ابن مندلة مغذاً إلى الشام وجعل يقسم المرباع نهاره أجمع، فإذا كان الليل أسرجت له السرج يقسم عليها، فلما رجع حججر وجد ماله قد استيق، ووجد هنداً قد أخذت، فقال: من أغار عليكم? قالوا: ابن مندلة. قال: مذ كم? فقالوا: مذ ثماني ليال. فقال حجر: ثمان في ثمان لا غزو إلا التعقيب. فأرسلها مثلاً. يعني غزوة الأول والثاني. "قلت": قوله؛ ثمان في ثمان، يعني ثمان ليال أدخلت في ثمان أخرى، إذ كانت غزوة نجران كذا، فقرنت بمثلها من هذا الغزو الآخر. أو أراد ثمان ليال في أثر ثمان ليال. يعني أنه سبقه بثمان ليال. حين أغار على قومه، وسيلحقه في ثمان ليال. ثم أقبل مجداً في طلب ابن مندلة حتى دفع إلى واد دون منزل ابن مندلة فكم فيه وبعث سدوس بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة، وكان من مناكير العرب، فقال له حجر: إذهب متنكراً إلى القوم حتى تعلم لنا علمهم فانطلق سدوس حتى انتهى إلى ابن منذلة، وقد نزل في سفح الجبل وأوقد ناراً، وأقبل يقسم المرباع ونثر تمراً. وقال: من جاء بحزمة حطب? فذهب سدوس فأتى بحزمة حطب وألقاها على النار وأخذ قبضة من تمر فألقاها في كنانته، وجلس مع القوم يستمع إلى ما يقولون، وهند خلف ابن مندلة تحدثه، فقال ابن مندلة: يا هند، ما ظنك الآن بحجر? قالت: أراه ضارباً بجوشنة على واسطة رحله? وهو يقول: سيروا سيروا، لا غزو، إلا التعقيب. وذلك مثل ما قال زوجها سواء، ثم قالت هند لابن مندلة: والله ما نام حجر قط إلا وعضو منه حي. قال ابن مندلة وما علمك بذلك? وانتهرها، قالت: بلى كنت له فاركاً، فبينما هو ذات يوم في منزل له قد أخرج إليه رابعاً فضربت له قبة من قبابه، ثم أمر بجزر فنحرت وبشاة فذبحت فصنع ذلك، ثم أرسل للناس فدعاهم فأطعمهم، فلما طعموا وخرجوا نام كما هو مكانه، وأنا جالسة عند باب القبة، فأقبلت حية وهو نائم باسط رجله فذهبت الحية لتنهشه فقبض رجله، ثم تحولت من قبل يده لتنهشه فقبض يده إليه، ثم تحولت من قبل رأسه فلما دنت منه وهو يغط قعد جالساً، فنظر إلى الحية، فقال: ما هذه يا هند? فقلتا: ما فطنت لها حتى جلست. قال: لا والله. وذلك كله بمسمع سدوس، فلما سمع الحديث رجع إلى حجر فنثر التمر من الكنانة بين يديه وقال:
أتاك المرجفون بأمر غيب على دهش وجئتك باليقين
فلما حدثه بحديث امرأته مع ابن مندلة عرف أنه قد صدقه، فضرب بيده على المرار، وهي شجرة مرة إذا أكلت منها الإبل قلصت مشافرها، فأكل منها من الغضب فلم يضره، فسمته العرب آكل المرار. ثم خرج حتى أغار إلى ابن مندلة فنذر به ابن مندلة فوثب على فرسه ووقف فقال له آكل المرار: هل لك في المبارزة? فأينا قتل صاحبه انقاد له جند المقتول. قال له ابن مندلة: أنصفت؛ وذلك بعين هند، فاختلفا بينهما بطعنتين فطعنه آكل المرار طعنة جندله بها عن فرسه، فوثبت هند إلى ابن مندلة تفديه وانتزعت الرمح من نحره، وخرجت نفسه فظفر آكل المرار بجنده واستنقذ جميع ما كان ذهب به من ماله ومال أهل بلاده، وأخذ هنداً فقتلها مكانه، وأنشأ يقول:
لمن النار أوقدت بحـفـير لم ينم غير مصطل مقرور
إن من يأمن النساء بشـيء بعد هند لجاهل مغـرور
كل أنثى وإن تبينت منـهـا آية الحب حبها خـيتـور

لا ييأسن نائم أن يغنما

قال المفضل: بلغنا أن رجلاً كان يسير بإبل له، حتى إذا كان بأرض فل، إذا هو برجل نائم، فأتاه يستجيره فقال: إني جائرك من الناس كلهم إلا من عامر بن حوين، فقال الرجل: نعم وما عسى أن يكون عامر ابن جوين وهو رجل واحد? وكان هو عامر بن جوين فسار به حتى توسط قومه فأخذ غبله وقال: أنا عامر بن جوين وقد أجرتك من الناس كلهم إلا مني، فقال الرجل عند ذلك: لا ييأسن نائم أن يغنما. فذهب مثلاً.

لا تجزعن من سنة أنت سرتها

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 305

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 306

قالوا: إن أول من قال ذلك خالد ابن أخت أبي ذؤيب الهذلي. وذلك أن أبا ذؤيب كان قد نزل في بني عامر بن صعصعة على رجل يقال له عبد عمرو ابن عامر فعشقته امرأة عبد عمرو وعشقها فحببها على زوجها وحملها وهرب بها إلى قومه، فلما قدم منزله تخوف أهله فأسرها منهم في موضع لا يعلم. وكان يختلف إليها إذا أمكنه وكان الرسول بينها وبينه ابن أخت له، يقال له خالد، وكان غلاماً حديثاً، له منظر وصباحة، فمكث بذلك برهة من دهر وشب خالد وأدرك فعشقته المرأة ودعته إلى نفسها فأجابها وهويها. ثم إنه حملها من مكانها ذلك فأتى بها مكاناً غيره وجعل يختلف إليها فيه ومنع أبا ذؤيب عنها. فأنشأ أبو ذؤيب يقول:
وما حمل البختي عـام عـياره عليه الوسوق برها وشعيرهـا
بأعظم مما كنت حملت خـالـداً وبعض أمانات الرجال غرورها
فلما تراماه الـشـبـاب وغـيه وتبع منه فتـنة وفـجـورهـا
لوى رأسه عنـا ومـال بـوده أغانيج خود كان فيها يزورهـا
فلما بلغ ذلك ابن أخته خالداً أنشأ يقول:
فهل أنت إما أم عمرو تـبـدلـت سواك خليلاً دائباً تستـجـيرهـا
فررت بها من عند عمرو بن عامر وهي همها في نفسه وسجيرهـا
فلا تجزعن من سنة أنت سرتهـا فأول راض سنة مـن يسـيرهـا
ولا تك كالثور الذي دفـنـت لـه حديدة حقف دائباً يسـتـثـيرهـا

لا يعلم ما في الخف إلا الله والإسكاف

أصهل، أن اسكافا رمى كلباً بخف فيه قالب فأوجعه جداً، فجعل الكلب يصيح ويجزع، فقال له أصحابه من الكلاب: أكل هذا من خف? فقال: لا يعلم ما في الخف إلا الله والاسكاف. يضرب في الأمر يخفى على الناظر فيه علمه وحقيقته.

لا تصحب من لا يرى لك من الحق مثل ما ترى له

أي لا تصاحب من لا يشاكلك ولا يعتقد حقك. يقال: فلان يرى رأي أبي حنيفة. أي يعتقد اعتقاده وليس من رؤية البصر.

لا يكسب الحمد فتى شحيح

يضرب في ذم البخل.

لا أعرفنك بعد الموت تندبني

وفي حياتي ما زودتني زادي

يضرب لمن يضيع أخاه في حياته ثم بكاه بعد موته. قاله أبو عبيد.

ما على أفعل من هذا الباب

ألهف من قضيب

هذا رجل من العرب كان تماراً بالبحرين، وكان يأتي تاجراً فيشتري منه التمر، ولم يكن يعامل غيره. وإن ذلك التاجر اجتمع عنده حشف كثير من التمر الذي كان يبيعه فدخل يوماً ومعه كيس له فيه دنانير كثيرة، فطرحه بين ذلك الحشف، وأنسي رفعه من هناك، وأتاه الأعرابي كما كان يأتيه يشتري منه التمر، فقال في نفسه: هذا أعرابي وليس يدري ما أعطيه، لأصيرن هذا الحشف فيما يبتاعه، فلما ابتاع منه التمر عد عليه قوصرة الحشف التي فيها الدنانير، ومضى قضيب بما اشترى من التمر فباع جميع ما معه من التمر غير الحشف، فإنه لم يقدر على بيعه ولم يأخذه منه أحد، وتذكر التمار كيسه، وعلم أنه باع القوصرة غلطاً، فأخذ سكيناً وتبع الأعرابي فلحقه، وقال: إنك صديق لي، وقد أعطيتك تمراً غير جيد فرده علي لأعوضك الجيد، فأخرج الجلدة إليه فنثرها، وأخرج منها دنانيره وقال للأعرابي: أتدري لم حملت هذا السكين معي? قال: لا. قال: لأشق بها بطني إن لم أجدد الدنانير. فتنفس الأعرابي وقال: ارني السكين ناولنيه، فناوله إياه فشق به بطن نفسه تلهفاً. فضربه به العرب المثل، فقالوا ألهف من قضيب. وهو أفعل من لهف يلهف لهفاً، وليس من التلهف، لأن أفعل لا ينبى من المنشعبة إلا شاذاً. وفي هذا الرجل يقول عروة بن حزام:
ألا لا تلوما ليس في اللوم راحة فقد لمت نفسي مثل لوم قضيب

ألأم من أسلم

هو أسلم بن زرعة. ومن لؤمه أنه جبى أهل خراسان حين وليها ما لم يجبه أحد قبله، ثم بلغه أن الفرس كانت تضع في فم كل من مات درهماً، فأخذ ينبش تربة النواويس ليستخرج ذلك الدرهم، فقال فيه صهبان الجرمي:
تعود بنجم واجعل القبر في صفـا من الطود لا ينبش عظامك أسلم
هو النابش الموتى المجيل عظامهم لينظر هل تحت السقائف درهـم

ألزق من برام وألزق من عل

هما القراد، قال الشاعر:
فصادفن ذا فترة لاصـقـاً لصوق البرام يظن الظنونا
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 306

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 307

والقارد يعرض لاست الجمل فليزق بها، كمما يلزم النمل بالخصاء، وكذلك يقال في مثل آخر: مني مكان القرد من است الجمل.

ألزق من الكشوث

هو نبت يتعلق بالشجر من غير أن يضرب بعرق في الأرض. قال الشاعر:
هو الكشوث فلا أصل ولا ورق ولا ثمار ولا ظل ولا شـجـر

ألزق من ريش على غراء ومن قار ومن دبق ومن حمى الربع

ألزق من جعل وألزق من قرنبى

والقرنبى، دويبة فوق الخنفساء، وهو الجعل، يتبعان الرجل إذا أراد الغائط، ولذلك يقال في المثل: شدك به جعله. قال الشاعر:
إذا أتيت سليمى شد لي جـعـل إن الشقي الذي يغرى به الجعل
روى أبو الندى: شب لي، أي أتيح، وعنى بالجعل الواشي. ويروى: شب، بفتح الشين. أي ارتفع وظهر. يضرب هذا المثل للرجل إذا لزق به من يكرهه فلا يزال يهرب منه. وأصل هذا المثل إنما هو ملازمة الجعل لمن بات بالصحراء، وكلما قام لغائط تبعه الجعل. وفي القرنبى يقول الشاعر:
ولا أطرق الجارات بالليل قابعاً قبوع القرنبى أخلفته محاجره

ألزم من شعرات القص

لأنها لا يمكن أن تزال، وذلك أنها كلما حلقت نبتت. والمعنى أنه لا يفارقك.

ألزم للمرء من ظله

لأنه لا يزال ملازماً صاحبه ولذلك يقال: لزمني فلان لزوم ظلي، لزوم ذنبي، والعامة تقول: ألزم من الذنب بفتح النون.

ألزم من اليمين للشمال ومن نبز اللقب

وألزم للمر من إحدى طبائعه

ألح من الحمى ومن الخنفساء ومن الذباب ومن كلب

لأن الكلب يلح بالهرير على الناس.

ألين من الزبد ومن خرنق

الخرنق، ولد الأرنب.

ألين من خميرة ممرنة

تروى هذه اللفظة بالحاء والخاء، فأما الحاء، فمن الحمر. يقال: حمرت السير أحمره بالضم، إذا سحوت قشره. ويقال لذلك السير، الحمير والحميرة، وهو سير أبيض مقشور الظاهر يؤكد به السروج ويسهل به الخرز للينه. ويقال له الأشكز أيضاً. والتمرين التليين. وأما الخاء فمن الخمير والخمرة، ما يجعل في العجين من الخميرة. "قلت": وهذا الحرف كان مهملاً في كتاب حمزة رحمه الله، وكان يحتاج إلى تفسير وشرح، ففعلت حينئذ.

ألأم من ابن قرصع

وروى البياري: قوصع. وكذلك في النسخة الأخيرة من هذا الكتاب، وفي تكلمة الخارزنجي، قرصع رجل من أهل اليمن كان متعالماً باللؤم.

ألأم من جدرة وألأم من ضبارة

زعم ابن بحر في كتابه الموسوم بكتاب: أطعمة العرب، أن هذين الرجلين، يعني جدرة وضبارة ألأم من ضربت العرب به المثل. قال: وسأل بعض ملوك العرب عن ألأم من في العرب ليمثل به، فدل على جدرة، وهو رجل من بني الحرث بن عدي بن جندب بن العنبر، ومنزلهم بماوية. وعلى ضبارة، فجاؤوه بجدرة فجدع أنفه، وفر ضبارة لما رأى أن نظيره لقي ما لقي. فقالوا في المثل: نجا ضبارة لما جدع الجدرة.

ألأم من راضع اللبن

هو رجل من العرب كان يرضع اللبن من حلمة شاته، ولا يحلبها مخافة أن يسمع وقع الحلب في الإناء فيطلب منه. فمن هنا قالوا: لئيم راضع. قال رجل يصف ابن عم له بالبعد من الإنسانية والمبالغة في التوحش والإفراط في البخل:
أحب شـيء إلـيه أن يكـون لـه حلقوم وأدله في جـوفـه غـار
لا تعرف الريح ممساه ومصبحـه ولا يشب إذا أمـسـى لـه نـار
لا يحلب الضرع لؤماً في الإناء ولا يرى له في نواحي الصحن آثـار

ألأم من راضع

قال المفضل بن سلمة في كتابه الموسوم: بالفاخر، أن الطائي قال: الراضع، الذي يأخذه الخلالة من الخلالة فيأكلها من اللؤم لئلا يفوته شيء. وقال أبو عمرو: الراضع، الذي يرضع الشاة والناقة قبل أن يحلبهما من الجشع والشره واللؤم. قال الفراء: الراضع، هو الذين يكون راعياً ولا يمسك معه محلباً، فإذا جاء معتر فسأله القرى اعتل بأن ليس معه محلب، وإذا رام هو الشرب رضع من الناقة والشاة؛ وقال أبو علي اليمامي: الراضع الذي رضع اللؤم من ثدي أمه. يريد أبو علي: أنه الذي يولد في اللؤم.

ألأم من البرم

هو الذي لا يدخل مع الإيسار في الميسر، وهو موسر، ولا يسمى برماً إذا كان الذي يمنعه غير البخل. وهذا الاسم قد سقط استعماله لزوال سببه. قال متمم بن نويرة في أخيه مالك:  
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 307

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 308

لقد كفن المنهال تـحـت ردائه فتى غير مبطان العشيات أروعا
ولا برماً تهدى النساء لعـرسـه إذا القشع من برد الشتاء تقعقعا

ألأم من البرم القرون

كان هو رجلاً من الأبرام، فدفع إلى امرأته قدراً لتستطعم من بيوت الأيسار، لأن بذلك كانت تجري عادة البرم، فرجعت بالقدر فيها لحم وسنام، فوضعتها بين يديه وجمعت عليها الأولاد، فأقبل هو يأكل من بينهم قطعتين قطعتين، فقالت المرأة: أبرماً قروناً? فصار قولها مثلاً في كل بخيل يجر المنفعة إلى نفسه.

ألأم من سقب ريان

لأنه إذا دنا من أمه لم يدرها. ولذلك قيل في مثل آخر: شر مرغوب إليه فصيل ريان. ومعناه أن الناقة لا تكاد تدر إلا على ولد أو بو، فربما أرادوا أن يحتلبوا واحدة منهن فأرسلوا تحتها فصيلها أو فصيلاً آخر لغيرها ليمر بها بلسانه، فإذا درت عليه نحوه عنها وحلبوها، وإذا كان الفصيل ريان غير جائع، لم يمرها. وهذا الفعل يسمى القلبين.

ألذ من الغنيمة الباردة

تتقول العرب: هذه غنيمة باردة، إذا لم يكن فيها حرب. مثل قول الشاعر:
قليلة لحم النـاظـرين يزينـهـا شباب ومخفوض من العيش بارد
أي لا مكروه فيه. ويقال: بل معنى قولهم، غنيمة باردة، أي حاصلة من قولهم: برد حقي على فلان وجمد، ثبت. ومن ذلك قول أبي يزيد يرثي رجلاً:

خارجاً ناجذاه قد برد المو-ت على مصطلاه أي برود

وللجاحظ في ذلك قول ثالث. زعم أن أهل تهامة والحجاز لما عدموا البرد في مشاربهم وملابسهم، إلا إذا هبت الشمال، سموا الماء، النعمة الباردة، ثم كثر ذلك منهم حتى سموا ما غنموه، البارد تلذذاً منهم، كتلذذهم بالماء البارد.

ألذ من المنى

هذا من قول الشاعر:
منى إن تكن حقاً تكن أطيب المنى وإلا، فقد عشنا بها زمناً رغـدا
وقال آخر:
إذا ازدحمت همومي في فؤادي طلبت لها المخارج بالتمـنـي
وقيل لبنت الخس: أي شيء أطول إمتاعاً? قالت: التمني. وقال بشار الشاعر: الإنسان لا ينفك من أمل، فإن فاته الأمل عول على المنى، إلا أن الأمل يقع بسبب، وباب المنى مفتوح لمن تكلف الدخول فيه. وقال ابن المقفع: كثرة المنى تخلق العقل، وتطرد القناعة، وتفسد الحسن. وقال إبراهيم النظام: كنا نلهو بالأماني ونطيب أنفسنا بالمواعيد، فذهب بعد، فقطعنا أنفسنا عن فضول المنى. وقال الشاعر:
إذا تمنيت بت الليل مغتبـطـاً إن المنى رأس أموال المفاليس
وقال آخر: إن المنى طرف من الوسواس. قلت: وقال علي بن الحسن الباخرزي في ذم التمني:
تركت الاتكال على التمنـي وبت أضاجع اليأس المريحا
وذلك أنني من قبـل هـذا أكلت تمنياً فخريت ريحـا

ألذ من إغفاءة الفجر

هذا من قول الشاعر، وهو مجنون بني عامر:
فلو كنت ماء كنت ماء غمـامة ولو كنت نوماً كنت إغفاء الفجر
ولو كنت لهوا كنت تعليل ساعة ولو كنت دراً كنت من درة بكر
ويروى: ولو كنت دراً كنت من بكرة بكر.

ألذ من شفاء غليل الصدر

هذا من قول الشاعر، أنشده ابن الأعرابي:
لو كنت ليلاً من ليالي الدهـر كنت من البيض وفاء البـدر
قمراء لا يشقى بها من يسري أو كنت ماء كنت غير الكدر
ماء سحاب في صفا ذي صخر أظله اللـه بـغـيض سـدر

فهو شفاء لغليل الصدر

قال حمزة: وأما قولهم:
ألذ مـن زبـد بـزب وألذ من زبد بنريسيان
فالمثل الأول بصري، والثاني كوفي. وأما النرسيان فتمر من تمور الكوفة. وأما الزب فتمر من تمور البصرة. ويسمى هذا التمر أيضاً، زب رباح. ذكر ذلك ابن زيد، وحكى أن أبا الشمقمق دخل على الهادي، وعنده سعيد بن سلم فأنشد:
شفيعي إلى موسى سماح يمينه وحسب امرئ من شافع بسماح
وشعري شعر يشتهي الناس أكله كما يشتهى زبد بـزب ربـاح
وعلى رأس الهادي خادم، اسمه رباح، فقال له الهادي: ما عنيت بزب رباح? قال: تمر عندنا بالبصرة، إذا أكله الإنسان وجد طعمه في كعبه. قال: ومن يشهد لك بذلك? قال: القاعد عن يمينك. قال: أهكذا هو يا سعيد? قال: نعم. فأمر له بألفي درهم.
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 308

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 309

ألوط من دب

قالوا: هو رجل من العرب كان متعالماً بذلك. وأما قولهم:

ألوط من نغر

فإنما قالوا ذلك لأنه لا يفارق دبر الدابة. وقولهم:

ألوط من راهب

هذا من قول الشاعر:
وألوط من راهب يدعي بأن النساء عليه حرام

ألهف من أبي غبشان

تتقدم ذكره في باب الحاء، عند قولهم: أحمق من أبي غبشان.

ألهف من مغرق الدر

كان هذا رجلاً من تميم رأى في النوم أنه ظفر من البحر بعدل من الدر، فأغرقه، فاستيقظ من نومه ومات تلهفاً عليه.

ألهف من ابن السوء

لأنه لا يطيع أبويه في حياته، فإذا ماتا تلهف عليهما.

ألهف من قالب الصخرة

قد مرت قصته في باب الطاء عند قولهم: أطمع من قالب الصخرة.

ألحن من قينتي يزيد

يعنون به لحن الغناء. والمثل من أمثال أهل الشام. ويزيد هذا هو يزيد بن عبد الملك بن مروان، وقينتاه حبابة وسلامة. وكانتا ألحن من رؤي في الإسلام من قيان النساء. واستهتر يزيد وهو خليفة بحبابة، حتى أهمل أمر الأمة وتخلى بها، ومن استهتاره بها أن غنته يوماً:
لعمرك إني لأحب سـلـعـاً لرؤيتها ومن أضحى بسلـع
تقر بقربهـا عـينـي وإنـي لأخشى أن تكون تريد فجعي
حلفت برب مكة والمـصـى وأيدي السابحات غداة جمـع
لأنت على التنائي، فاعلمنـه، أحب إلي من بصري وسمعي
ثم تنفست، فقال يزيد: إن شئت أن أنقل إليك سلعاً حجراً حجراً أمرت، فقالت: وما أصنع بسلع? ليس إياه أردت. ثم غنته:
بين التراقي واللهاة حرارة ما تطمئن ولا تسوغ فتبردا
أهوى يزيد ليطير، فقالت: كما أنت، على من تخلف الأمة? فقال: عليك. قال حمزة: وأما لحن الغناء فيجمع على لحون وألحان فيقال: لحن في قراءته إذا طرب فيها وغرد. وقال: سمعت أبا بكر بن دريد يقول: أصل اللحن في الكلام، الفطنة. وفي الحديث: ولعل أحدكم أن يكون ألحن بحجته، أي أفطن لها وأغوص عليها. وذلك أن معنى اللحن في الكلام أن تريد الشيء فتوري عنه بقول آخر. وقيل لمعاوية: أن عبيد الله بن زياد يلحن، فقال: أو ليس بظريف لابن أخي أن يتكلم بالفارسية? إذ كان التكلم بها معدولاً عن جهة العربية. وقال الفزاري:
وحديث ألـذه هـو مـمـا ينعت الناعتون يوزن وزنـا
منطق رائع وتلحـن أحـيا ناً وخير الحديث ما كان لحنا
يريد أنها تتكلم بالشيء، وهي تريد غيره، وتعرض في حديثها فتزيله عن جهته من ذكائها وفطنتها، وكما قال الله عز وجل: ولتعرفنهم في لحن القول. وكما قال القتال الكلابي:
ولقد وحيت لكم لكيما تفهموا ولحنت لحناً ليس بالمرتاب
واللحن في العربية راجع إلى هذا، لأنه العدول عن الصواب. لأنك إذا قلت: ضرب عبد الله يزيد، لم يدر أيهما الضارب وأيهما المضروب، فكأنك قد عدلت عن جهته. إذا أعربت عن معناك فهم عنك، فسمي اللحن في الكلام لحناً لأنه يخرج على نحوين، وتحته معنيان. ويسمى الأعراب نحواً لأن صاحبه ينحو الصواب، أي يقصده. قال أبو بكر: وقد غلط بعض الكبار من العلماء في تفسير بيت الفزاري، وهو عمرو ابن بحر الجاحظ وأودعه كتاب البيان، فقال: معنى قوله: وخير الحديث ما كان لحناً، هو أنه تعجب من الجارية أن تكون غير فصيحة، وأن يعتري كلامها لحن. فهذه عثرة منه لا تقال، وقد استدركت عليه عثر أخرى، وهو أنه قال: حدثني محمد بن سلام الجمحي قال: سمعت يونس النحوي يقول: ما جاءنا من ورائع الكلام ما جاءنا عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذه الحكاية تجمع إلى التصحيف الذي فيها قلة الفائدة. فأما قلة الفائدة فلأن أحداً ممن أسلم أو عاند قط لم يشك في أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أفصح الخلق. وأما التصحيف فلأن أبا حاتم حدثني عن الأصمعي عن يونس قال: ما جاءنا عن أحد من روائع الكلام ما جاءنا عن البستي بعد النبي صلى الله عليه وسلم، يعني عثمان البستي. أما قولهم:

ألحن من جرادتين

فالمثل عادي قديم. والجرادتان كانتا قينتين لمعاوية بن بكر العمليقي سيد العمالقة الذين كانوا نازلين بمكة في قديم الدهر. واسمهما يعاد ويماد. وبعما ضرب المثل الآخر في سالف الدهر، فقيل: صار فلان حديث الجرادتين، إذا اشتهر أمره.
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 309

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 310

ألأم من كلب على عرق

ألأم من ذئب ألأم من صبي ألأم من الجور ألأم من ماء عادية ومن مذاق الخمر ومن نومة الضحى ومن قبلة على عجل ألص من شظاظ ومن سرحان ألص من فأرة ألص من عقعق

المولدون

ثم يحمل خاتمي مثل خنصري ليس الفرس بحله وبرقعه ليس في الحب مشورة ليس في الشهوات خصومة ليس بصياح الغراب يجيء المطر ليس الجمال بالثياب ليس وراء عبادان قرية ليس للباطل أساس ليس على الإنسان إلا ما ملك ليس الحريص بزائد في رزقه ليس حي على الزمان بباق ليس للعبد من الأمور الخبر ليس الشامي للعراقي برفيق ليس المشير كالخبير للمستشار حيرة فليمهل حتى يغب رأيه ليس للحمار الواقع كصاحبه ليس في التصنع تمتع ولا مع التكلف تظرف ليس لقوله سور يخصره ليست يدي مخضوبة بالحناء يضرب في إمكان المكافأة.
ليس هذا بنار إبراهيم صلوات الله على نبينا وعليه، أي ليس بهين.
ليته بساهرة العلياء وبالسوس الأبعد وفي البحر الأخضر ليته في سقر حيث لا ماء ولا شجر ليت الفجل يهضم نفسه ليس في العصا سير يضرب لمن لا يقدر على ما يريد.
ليس في البيت سوى البيت لو ألقمته عسلاً عض إصبعي لو وقعت من السماء صفعة ما سقطت إلا على قفاه لو كان في البومة خير ما تركها الصياد لولا القيد عدا ليس كل من سود وجهه قال أنا حداد ليس مع الصيف بقيا لو عيرت كلباً خشيت محاره لو بلغ رأسه السماء ما زاد لو سد محساه لنبس مفساه لأمر ما قيل دع الكلام للجواب لحظ أصدق من لفظ لزمه من الكوكب إلى الكوكب لقيه بذهن أبي أيوب يضرب في التمكن من صاحبه.
لكل عمل ثواب لكل كلام جواب لسان التجربة أصدق لولا الخبز لما عبد الله لو بلغ الرزق فاه لتولاه قفاه يضرب للمحروم.
لتكن الثريدة بلقاء لا القصعة ليس يومي بواحد من ظلوم لسان المرء من خدم الفؤاد لسان الباطل عي الظاهر والباطنن لنا إليه حاجة كحاجة الديك إلى الدجاجة ليس في البرق اللامع مستمتع يضرب لمن يخوض في الظلمة.
لو أسعطت بك ما دمعت عيني لو اتجرت في الأكفان ما مات أحد لحاف ومضربة يضرب لمن يعلو ويعلى.
لن يتلمظ به شدقاك ولن يسود به كفاك يضرب في التجنيب.
ليس هذا الأمر زوراً ولا احتجاجاً بالكعاب لكل حي أجل لكل داء دواء لكل جديد لذة لكل قديم حرمة إلزم الشحة يلزمك العمل التماس الزيادة على الغاية محال اللذات بالمؤونات الأقاب تنزل من السماء الليل جنة الهارب لا خير في ود يكون بشافع لا يصبر على الخل إلا دوده لا تحسن الثقة بالفيل لا عتبا بعد الموت لا تطمع في كل ما تسمع لا تجر فيما لا تدري لا تر الصبي بياض سنك فيريك سواد استه لا تنكح خاطب سرك لا تمدن إلى المعالي يداً قصرت عن المعروف لا تدلن بحالة بلغتها بغير آلة لا بد للحديث من أبازير لا أحب دمي في طست ذهب لا ترسل البازي في الضباب لا تعنف طالباً لرزقه لا خير في أرب ألقاك في لهب لا تكن رطباً فتعصر ولا يابساً فتكسر لا يجيء من خله عصيره لا يرى وراءه خضرة يضرب للمعجب.
لا يملأ قلبه شيء يضرب للرجل الشجاع.
لا يفرج عن إنسان برمص عينه يضرب للبخيل النكد.
لا تعلم الشرطي التفحص ولا الزطي التلصص لا تكال الرجال بالقفزان لا تسب أمي اللئيمة فأسب أمك الكريمة لا يعرف محساه من مفساه لا تأكل خبزك على مائدة غيرك لا يميز بين التين والسرقين لا يقرأ إلا آية العذاب وكتب الصواعق يضرب للمهول.
لا يجد في السماء مصعداً ولا في الأرض مقعداً يضرب للخائف.
لا يقوم عطره بفسائه لا تسقط من كفه خردلة يضرب للبخيل.
لا يطن عليه الذباب ولا يهب عليه الريح ولا يراه الشمس والقمر يضرب للمصون.
لا يطول حياته ولا يقصر جاريتها لا تؤخر عمل اليوم لغد لا تحركن ساكناً لا يمسك ضراطه خوفاً لا تأمن الأمير إذا غشك الوزير لا تلد الفأرة إلى الفأرة ولا الحية إلا الحية لا تحره على ما دهاك أعمى أصم لا يشكر الله من لا يشكر الناس لا تقع عليه قيمة يضرب للرجل النذل.
لا تجني يمينك على شمالك لا قليل من العداوة والإحن والمرض لا تدخل بين البصلة وقشرها  
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 310

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 311

لا يذهب العرف بين الله والناس لا جرم بعد الندامة لا يستمتع بالجوزة إلا كاسرها لا عند ربي ولا عند أستاذي لا تسخر بكوسج ما لم تلتح لا يفزع البازي من صياح الكركي لا تبع نقداً بدين لا يبصر الدينار غير الناقد لا رسول كالدرهم لا يعقد الحبل ولا يركض الحجر يضرب للضعيف.
لا يصبر على طعام واحد لا يشرب الماء إلا بدم يضرب للشجاع.
لا تلهج بالمقادير فإنها مضراة على الإساءة مدعاة إلى التقصير لا تؤدب من لا يؤاتيك ولا تسراع فيما لا يعنيك

الباب الرابع والعشرون

في

ما أوله ميم

ما تنفع الشعفة في الوادي الرغب

الشعفة، المطرة الهينة. والوادي الرغب، الواسع. يضرب للذي يعطيك قليلاً لا يقع منك موقعاً. ويروى ما ترتفع.

ما يجعل قدك إلى أديمك

القد، مسك السخلة. والأديم، الجلد بالعظم، أي ما يحملك على أن تقيس الصغير من الأمر العظيم منه. و "إلى" من صلة المعنى. أي ما يضم قدك إلى أديمك. يضرب في أخطاء القياس.

ما حللت بطن تبالة لتحرم الأضياف

تبالة، بلدة مخصبة باليمن. ويروى، لم تحلي بطن تبالة لتحرمي بالتأنيث. يضرب لمن عود الناس إحسانه ثم يريد أن يقطعه عنهم.

ما على الأرض شيء أحق بطول سجن من لسان

يروى، أحق نصباً، على لغة أهل الحجاز، ورفعاً على لغة تميم. وهذا المثل يروى عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. يضرب في الحث على حفظ اللسان عما يحر إلى صاحبه شراً.

ما صدقة أفضل من قول

يعني، من قول يكون بالحق. يضرب في حفظ اللسان أيضاً.

ما بللت منه بأفوق ناصل

البل، الظفر. والفعل منه بل يبل، مثل عض يعض. ومنه قول الشاعر:
وبلي إن بللت بـأريحـي من الفتيان لا يضحي بطينا
والأفوق، السهم الذي انكسر فوقه. والناصل، الذي خرج نصله وسقط. يضرب لمن له غناء فيما يفوض إليه من أمر. وقال بعضهم: يضرب لمن لا ينال منه شيء لبخله. وأصل النصول، المفارقة. يقال نصل الخضاب، إذا ذهب وفارق.

ما يقعقع له بالشنان

القعقعة، تحريك الشيء اليابس الصلب مع صوت، مثل السلاح وغيره. والشنان جمع شن، وهو القربة البالية، وهم يحركونها إذا أرادوا حث الإبل على السير لتفزع فتسرع. قال النابغة:
كأنك من جمال بني أقيش يقعقع خلف رجليه بشن
يضرب لمن لا يتضع لما ينزل به من حوادث الدهر، ولا يروعه ما يعرض له.

ما يصطلى بناره

يعني أنه عزيز منيع، لا يوصل إليه ولا يتعرض لمراسه. قال الأنصاري:
أنا الذي ما يصطلى بناره ولا ينام الجار من سعاره
السعار، الجوع. يريد، أنا الذي لا ينام جاره جائعاً. ويجوز أن تكون النار كناية عن الجود. أي لا يطلب قراه لبخله. ويد على هذا المعنى قوله: ولا ينام الجار، أي جاره فيكون البتان هجواً.

ما تقرن بفلان صعبة

أصله، أن الناقة الصعبة تقترن بالجمل الذلول ليروضها ويذللها. أي أنه أكرم وأجل من أن يستعمل ويكلف تذليل الصعب، كما يكلف ذلك الفحل. يضرب لمن يذل من ناوأه. قاله أبو عبيد. وقال الباهلي: الذي أعرفه، تقرن بفلان الصعبة، أي هو الذي يصلح لإصلاح الأمر يفوض إليه ويهاج له لا غيره.

ما بللت منه بأعزل

الأعزل، الذي لا سلاح معه. أي ما ظفرت منه برجل ليس معه أداة لأمر يوكل إليه، بل هو معد لما يعول فيه عليه.

ما يحسن القلبان في يدي حالبة الضأن

القلب السوار، ويراد بحالبة الضأن، الأمة الراعية. يضرب لمن يرى بحالة حسنة وليس لها بأهل.

ما وراءك يا عصام

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 311

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 312

قال المفضل: أول من قال ذلك الحرث بن عمرو ملك كندة. وذلك أنه لما بلغه جمال ابنة عوف بن محلم الشيباني وكمالها وقوة عقلها، دعا امرأة من كندة، يقال له عصام، ذات عقل ولسان وأدب وبيان، وقال لها: اذهبي حتى تعلمي لي علم ابنة عوف. فمضت حتى انتهت إلى أمها، وهي أمامة ابنة الحرث، فأعلمتها ما قدمت له، فأرسلت أمامة إلى ابنتها وقالت: أي بنية، هذه خالتك أتتك لتنظر إليك فلا تستري عنها شيئاً إن أرادت النظر من وجه أو خلق، وناطقيها إن استنطقتك. فدخلت إليها فنظرت إلى ما لم تر قط مثله، فخرجت من عندها وهي تقول: ترك الخداع من كشف القناع. فأرسلتها مثلاً. ثم انطلقت إلى الحرث، فلما رآها مقبلة، قال لها: ما رواءك يا عصام? قالت: صرح المخض عن الزبد، رأيت جبهة كالمرآة المصقولة، يزينها شعر حالك كأذناب الخيل، إن أرسلته خلته السلاسل، وإن مشطته قلت: عناقيد جلاها الوابل؛ وحاجبين كأنما خطا بقلم، أو سودا بحمم، تقوسا على مثل عين ظبية عبهرة، بينهما أنف كحد السيف الصنيع، حفت به وجنتان كالأرجوان، في بياض كالجمان، شق فيه فم كالخاتم، لذيذ المبسم، فيه ثنايا غر ذات أشر، تقلب فيه لسان ذو فصاحة وبيان، بعقل وافر، وجواب حاضر، تلتقي فيه شفتان حمراوان، تحلبان ريقاً كالشهد إذا دلك، في رقبة بيضاء كالفضة، ركبت في صدر كصدر تمثال دمية؛ وعضدان مدمجان يتصل بهما ذراعان ليس فيهما عظم يمس ولا عرق يجس، ركبت فيهما كفان دقيق قصبهما، لين عصبهما، تعقد إن شئت منها الأنامل، نتأ في ذلك الصدر ثديان كالرمانتين، يخرقان عليها ثيابها، تحت ذلك بطن طوي طي القباطي المدمجة، كسر عكناً كالقراطيس المدرجة، تحيط بتلك العكن سرة كالمدهن المجلو؛ خلف ذلك ظهر فيه كالجدول ينتهي إلى خصر لولا رحمة الله لانبتر. لها كفل يقعدها إذا نهضت، وينهضها إذا قدعت، كأنه دعص الرمل، لبده سقوط الطل، يحمله فخذان لفا كأنما قلبا على نضد جمان، تحتهما ساقان خدلتان كالبرديتين، وشيتا بشعر أسود كأنه حلق الزرد، يحمل ذلك قدمان كحذو اللسان، فتبارك الله مع صغرهما كيف تطيقان حمل ما فوقهما. فأرسل الملك إلى أبيها فخطبها فزوجها إياه وبعث بصداقها، فجهزت. فلما أراد أن يحملوها إلى زوجها، قالت لها أمها: أي بنية إن الوصية لو تركت لفضل أدب تركت لذلك منك؛ ولكنها تذكرة للغافل، ومعونة للعاقل. ولو أن امرأة استغنت عن الزوج لغني أبويها وشدة حاجتهما إليها كنت أغنى الناس عنه، ولكن النساء للرجال خلقن، ولهن خلق الرجال. أي بنية، إنك فارقت الجو الذي منه خرجت وخلفت العش الذي فيه درجت، إلى وكر لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه، فأصبح بملكه عليك رقيباً ومليكاً. فكوني له أمة يكن لك عبداً وشيكاً. يا بنية، احملي عني عشر خصال، تكن لك ذخراً وذكراً: الصحبة بالقناعة، والمعاشرة بحسن السمع والطاعة، والتعهد لموقع عينه، والتفقد لموضع أنفه، فلا تقع عينه منك على قبيح، ولا يشم منك إلا أطيب ريح؛ والكحل أحسن الحسن، والماء أطيب الطيب المفقود؛ والتعهد لوقت طعامه، والهدو عنه عند منامه، فإن حرارة الجوع ملهبة، وتنغيص النوم مغضبة؛ والاحتفاظ ببيته وماله؛ والإرعاء على نفسه وحشمه وعياله؛ فإن الاحتفاظ بالمال حسن التقرير، والإرعاء على العيال والحشم جميل حسن التدبير. ولا تفشي له سراً، ولا تعصي له أمراً؛ فإنك إن أفشيت سره لم تأمني غدره، وإن عصيب أمره، أوغرت صدره. ثم اتقي مع ذلك الفرح إن كان ترحاً، والاكتئاب عنده إن كان فرحاً؛ فإن الخصلة الأولى من التقصير والثانية من التكدير. وكوني أشد ما تكونين له إعظاماً يكن أشد ما يكون لك إكراماً؛ وأشد ما تكونين له موافقة، يكون أطول ما تكونين له مرافقة. واعلمي أنك لا تصلين إلى ما تحبين حتى تؤثري رضاه على رضاك، وهواه على هواك، فيما أحببت وكرهت؛ والله يخير لك. فحملت فسلمت إليه فعظمت موقعها منه، وولدت له الملوك السبعة الذين ملكوا بعده اليمن. ويروي أبو عبيد "ما وراءك" على التذكير، وقال: يقال أن المتكلم به النابغة الذبياني، قاله لعصام بن شهير حاجب النعمان، وكان مريضاً، وقد أرجف بموته، فسأله النابغة عن حال النعمان فقال: ما وراءك يا عصام? ومعناه ما خلفت من أمر العليل، أو ما أمامك من حاله. ووراء من الأضداد "قلت": يجوز أن يكون أصل المثل ما ذكرت، ثم اتفق الاسمان، فخوطب كل بما استحق من  
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 312

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 313

التذكير والتأنيث.التذكير والتأنيث.

ما لي ذنب إلا ذنب صخر

ويجوز: ذنب صخر يصرف كجمل ودعد. وهي صخر بنت لقمان. كان أبوها لقمان وأخوها لقيم، خرجا مغيرين، فأصابا إبلاً كثيرة، فسيق لقيم إلى منزله، فعمدت صخر إلى جزور مما قدم بها لقيم فنحرتها وصنعت منها طعاماً يكون معداً لأبيها لقمان إذا قدم، تتحفه به، وقد كان لقمان حسد لقيماً لتبريزه عليه. فلما قدم لقمان وقدمت صخر غليه الطعام وعلم أنه من غنيمة لقيم لطمها لطمة قضت عليها؛ فصارت عقوبتها مثلاً لكل من يعاقب ولا ذنب له. ويضرب لمن يجزى بالإحسان سوءاً. قال خفاف ابن ندبة:
وعباس يدب لي المـنـايا وما أذنبت إلا ذنب صخر
ويروى. وعساس يدب لي المنايا

محسنة فهيلي

أصله أن امرأة كانت تفرغ طعاماً من وعاء رجل في وعائها، فجاء الرجل، فدهشت فأقبلت تفرغ من وعائها في وعائه، فقال لها: ما تصنعين? قالت: أهيل من هذا في هذا. فقال لها: محسنة، أي أنت محسنة فهيلي. ويروى: محسنة بالنصب على الحال. أي هيلي محسنة. ويجوز أن ينصب على معنى أراك محسنة. يضرب للرجل يعمل العمل يكون فيه مصيباً.

من حظك نفاق أيمك

أي مما وهب الله لك من الجد أن لا تبور عليك أيمك. ويروى هذا في الحديث.

مصي مصيصاً

أصله أن غلاماً خادع جارية عن نفسها بتمرات، فطاوعته على أن تدعه في معالجتها قدر ما تأكل ذلك التمر، فجعل يعمل عمله وهي تأكل، فلما خاف أن ينفد التمر ولم يقض حاجته قال لها: ويحك مصي مصيصاً. يضرب في الأمر بالتواني.

من أضرب بعد الأمة المعارة

يضرب لمن يهون عليك

ما يعرف قطاته من لطاته

القطاة، الردف. واللطاة، الجبهة. يضرب للأحمق.

ما بالدار شفر

أي، أحد. وقال اللحياني: شفر بضم الشين لغة. أي ذو شفر. ولا يقال إلا مع حرف الجحد، لا يقال في الدار شفر. وقد يقال من غير نفي. قال ذو الرمة:
تمر لنا الأيام ما لمحـت لـنـا بصيرة عين من سوانا إلى شفر
أي، ما نظرت عين منا إلى إنسان سوانا.

ما بها دعوي

أي من يدعى.

ما بها دبي

أي من يدب. ومثل هذا كثير، وكله لا يتكلم به إلا في الجحد والنفي خاصة.

مقتل الرجل بين فكيه

المقتل، القتل وموضع القتل أيضاً. ويجوز أن يجعل للسان قتلاً مبالغة في وصفه بالإفضاء إليه. قال: إنما هي إقبال وإدبار. ويجوز أن يجعل موضع القتل. أي بسببه يحصل القتل. ويجوز أن يكون بمعنى القاتل، فالمصدر ينوب عن الفاعل، كأنه قال: قاتل الرجل بين فكيه. قال المفضل: أول من قال ذلك أكثم بن صيفي في وصية لبنيه، وكان جمعهم فقال: تباروا، فإن البر يبقي عليه العدد، وكفوا ألسنتكم، فإن مقتل الرجل بين فكيه. إن قول الحق لم يدع لي صديقاً. الصدق منجاة. لا ينفع التوقي مماهو واقع.في طلب المعالي يكون العناء. الاقتصاد في السعي أبقى للجمام. من لم يأس على ما فاته ودع بدنه، ومن قنع بما هو فيه قرت عينه. التقدم قبل التندم. أصبح عند رأس الأمر أحب إلي من أن أصبح عند ذنبه. لم يهلك من مالك ما وعظك. ويل لعالم أمره من جاهله. يتشابه الأمر إذا أقبل وإذا أدبر عرفه الكيس والأحمق. البطر عند الرخاء حمق، والعجز عند البلاء أمن. لا تغضبوا من اليسير فإنه يجني الكثير. لا تجيبوا فيما لا تسألوا عنه، ولا تضحكوا ما لا يضحك منه. تناءوا في الديار ولا تباغضوا فإنه من يجتمع يقعقع عنده. ألزموا النساء المهانة. نعم لهو الغرة المغزل. حيلة من لا حيلة له الصبر. أن تعش تر ما لم تره. المكثار كحاطب ليل. من أكثر أسقط. لا تجعلوا سراً إلى أمة. فهذه تسعة وعشرون مثلاً، منها ما قد مر ذكره فيما سبق من الكتاب، ومنها ما يأتي إن شاء الله تعالى. وقد أحسن من قال: رحم الله امرءاً أطلق ما بين كفيه، وأمسك ما بين فكيه. ولله در أبي الفتح البستي حيث يقول في هذا المثل:
تكلم وسدد ما استطعت فإنمـا كلامك حي والسكوت جماد
فإن لم تجد قولاً سديداً تقولـه فصمتك عن غير السداد سداد
واحتذاه القاضي أبو أحمد منصور بن محمد الهروي فقال:
إذا كنت ذا علم ومـاراك جـاهـل فأعرض ففي ترك الجواب جواب
وإن لم تصب في القول فاسكت فإنما سكوتك عن غير الصواب صـواب
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 313

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 314

وضمن الشيخ أبو سهل النيلي شرائط الكلام قوله:

أوصيك في نظم الكلام بخمـسة إن كنت للموصي الشفيق مطيعا
لا تغفلن سبب الكـلام ووقـتـه والكيف والكم المكان جمـيعـا

مات حتف أنفه

ويروى، حتف أنفيه، وحتف فيه. أي مات ولم يقتل. وأصله أن يموت الرجل على فراشه فتخرج نفسه من أنفه وفمه. قال خالد بن الوليد عند موته: لقد لقيت كذا وكذا زحفاً وما في جسدي موضع شبر إلى وفيه ضربة أو طعنة أو رمية، وها أنا ذا أموت حتف أنفي كما يموت البعير، فلا نامت أعين الجبناء.

مثقل استعان بذقنه

ويروى، بدفيه، أي بجنبيه. يضرب للذي يستعين بما لا دفع عنده.

ما له نسولة ولا قتوبة ولا جزورة

أي ما يتخذ للنسل، ولا ما يعمل عليه، ولا شاة يجز صوفها. أي ما له شيء.

مثل جليس السوء كالقين إلا يحرق ثوبك بشرره

يؤذيك بدخانه

ومثل هذا قول مصعب بن سعد بن أبي وقاص. لا تجالس مفتوناً، فإن لا يخطئك منه إحدى خلتين: إما أن يفتنك فتتابعه، أو يؤذيك قبل أن تفارقه.

ما أطول سلى فلان

إن كان مطولاً عسر الأمر، يشبه بسلى الناقة، فإنه إذا طال عسر خروجه وامتد زمانه.

ما أضيف شيء إلى شيء أحسن من علم إلى حلم

ما غضبي على من أملك وما غضبي على ما لا أملك

أي إذا كنت مالكاً له فأنت قادر على الانتقام منه، فلا أغضب. وإن كنت لا أملكه ولا يضره غضبي فلم أدخل الغضب على نفسي. يريد أني لا أغضب أبداً. يروى هذا عن معاوية رضي الله عنه.

ما يحجر فلان في العكم

أي ليس ممن يخفى مكانه. والعكم، الجوالق. والحجر، المنع. ويروى عن عبد الله بن الحر الجعفي أنه دخل على عبيد الله بن زياد بعد مقتل الحسين رضي الله عنه، فقال له: خرجت مع الحسين فظاهرت علينا. فقال له ابن الحر: لو كنت معه ما خفي مكاني. يضرب للرجل النابه الذكر.

ما تبل إحدى يديه الأخرى

يضرب للرجل البخيل.

ما لي بهذا الأمر يدان

أي لا أستطيعه ولا أقدر عليه.

ما أبالي على أي قتريه وقع

ويروى قطريه. يضرب لمن لا يشففق عليه ويشمت به.

ما أبالي ما نهئ من ضيك

يقال: نهئ ينهئ نهوءاً ونهاء، إذا لم ينضج. ويقال: نهؤ فهو نهيء.

ما في بطنها نعرة

أصل النعرة الذباب. ويشبه، ما أجنت الحمر في بطنها بها. يعني ليس في بطنها حمل. يضرب لمن قلت ذات يده. قال: والشدنيات يساقطن النعر.

مات فلان ببطنته لم يتغضغض منها شيء

أي لم ينقص. يقال: غضغضه فتغضغض، أي نقصه فنقص من الغضاضة، وهي النقصان. يقال: غض من قدره؛ إذا تنقصه. وهذا المثل لعمرو ابن العاص، قاله بعضهم. قال أبو عبيدة: وقد يضرب هذا المثل في أمر الدين. يقال إنك خرجت من الدنيا سليماً لم يثلم دينك ولم يكلم. قال: ولعل عمراً رضي الله أراد هذا المعنى.

مات وهو عريض البطان

البطان للبعير بمنزلة الحزام للفرس؛ وعرضه كناية عن انتفاخ بطنه وسعته. يضرب لمن مات وماله جم لم يذهب منه شيء.

ما أعرفني كيف يجز الظهر

يضرب للرجل يعيبك وسط قوم، وأنت تعرف منه أخبث مما عابك به. أي لو شئت عبتك بمثل ذلك أو أشد

ما حك ظهري مثل يدي

يضرب في ترك الاتكال على الناس.

من كل شيء تحفظ أخاك إلا من نهفس.

يراد أنك تحفظه من الناس، فإذا كان مسيئاً إلى نفسه لم تدر كيف تحفظه منها.

مذكية تقاس بالجذاع

يضرب لمن يقيس الصغير بالكبير

أمهلني فواق ناقة

الفواق والفواق، قدر ما تجتمع الفيقة، وهي اللبن ينتظر اجتماعه بين الجلبتين. يضرب في سرعة الوقت.

ما أرخص الجمل لولا الهرة

وذلك أن رجلاً ضل له بعير، فأقسم لئن وجده ليبيعه بدرهم، فأصابه فقرن به سنوراً وقال: أبيع الجمل بدرهم وأبيع السنور بألف درهم، ولا أبيعهما إلا معاً. فقيل له: ما أرخص الجمل لولا الهرة. فجرت مثلاً. يضرب في النفيس والخسيس يقترنان.

ما بقي منه إلا قدر ظمء الحمار

وهو أقصر الظمء لقلة صبره عن الماء. قال أبو عبيد: وهذا المثل يروى عن مروان بن الحكم أنه قال في الفتنة: الآن حين نفد عمري لم يبق إلا قدر ظمء الحمار، صرت أضرب الجيوش بعضها ببعض.

ما لبعير من قماص

يروى بالضم والكسر. والصحيح الفصيح الكسر. يضرب لمن لم يبق من جلده شيء.
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 314

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 315

ما له عافطة ولا نافطة

العافطة، النعجة. والنافطة، العنز. وقال بعضهم: العافطة، الأمة. والنافطة، الشاة. لأن الأمة تعفط في كلامها. أي لا تفصح. يقال: فلان يعفط في كلامه ويعفت في كلامه، ويقال: العافطة، الضارطة. والنافطة، العاطسة. وكلتاهما للعنز تعفط وتنفط. والعفيط، الحبق. والنفيط، صوت يخرج من الأنف. أي ماله شيء.

المعزى تبهي ولا تبني

الإبهاء، الخرق. والإبناء، أن تجعله بانياً. قال أبو عبيد: أصل هذا أن المعزى لا يكون منها إلا بنية وهي بيوت الأعراب، وإنما تكون أخبيتهم من الوبر والصوف ولا تكون من الشعر، والمعزى مع هذا ربما صعدت الخباء فخرقته. يضرب لمن يفسد ولا يصلح.

ملحه على ركبته

هذا مثل يضرب للذي يغضب من كل شيء سريعاً، ويكون سيئ الخلق، أي أدنى شيء يبدده، أي ينفره، كما أن الملح إذا كان على الركبة أدنى شيء يبدده ويفرقه. ويقال: الملح ههنا، اللبن. والملح، الرضاع. أي لا يحافظ على حرمة ولا يرعى حقاً، كما أن واضع اللبن على ركبته لا قدرة له على حفظه. وهذا أجود الوجوه. قال مسكين الدارمي في امرأته:
لا تلمها إنهـا مـن نـسـوة ملحها موضوعة فوق الركب
كشموس الخيل يبدو شغبـهـا كلما قيل لها: هـاب وهـب
أراد بالشغب، القتال والخروج عن الطاعة. وهاب وهب ضربان من زجر الخيل.ويروى هال باللام، وأصله مقلوب هلا، وهو زجر الخيل أيضا.ً وقال ابن فارس: العرب تسمي الشحم ملحاً أيضاً، وتقول: أملحت القدر، إذا جعلت فيه شيئاً من شحم. ثم قال: وعليه فسر قوله: لا تلمها...البيت، يعني أن همها السمن والشحم. "قلت": يضرب المثل على ما قاله لمن لا يطمح إلى معالي الأمور، بل يسف على سفسافها. قال ابن الأعرابي: يقال: فلان ملحه على ركبته، إذا كان قليل الوفاء. وقال أبو سعيد: هذا كقولهم: إنما ملحه ما دام معك جالساً، فإذا قام نفضها فذهبت.

ما يعرف قبيلاً من دبير

القبيل، ما أقبل به على الصدر من القبل. والدبير ما أدبر عنه. وقال الأصمعي: هو مأخوذ من الشاة المقابلة والمدابرة. فالمقابلة التي شق أذنها إلى قدام، والمدابرة التي شق أذنها إلى الخلف.

ما يعرف هراً من بر

قال ابن الأعرابي: الهر دعاء الغنم، والبر سوقها. ويقال الهر اسم من هررته. أي أكرهته. والبر اسم من: بررت به. أي لا يعرف من يكرهه ممن يبره. وقال خالد بن كلثوم: الهر، السنور. والبر، الجرذ. وقال أبو عبيدة: الهر من الهرهرة، وهي صوت الضأن. والبر من البربرة، وهي صوت المعزى. يضرب لمن يتناهى في جهله.

ما له هلع ولا هلعة

قال أبو زيد: هما الجدي والعناق. أي ما له شيء. ومثله:

ما له هارب ولا قارب

قال الخليل: القارب، طالب الماء ليلاً. ولا يقال ذلك لطالب الماء نهاراً. ومعنى المثل ما له صادر عن الماء ولا وارد. أي، شيء. قال الأصمعي: يريد، ليس أحد يهرب منه ولا أحد يقرب إليه. أي فليس له شيء.

ما له سم ولا حم

بالضم، ويفتحان أيضاً. أي ما له هم غيرك. قال الفراء: هما الرجاء. يقال: ما له سم ولا حم. أي ليس أحد يرجوه. قلت: أصل هذا من قولهم: حممت حمك، وسممت سمك. أي قصدت قصدك. فالسم والحم بالفتح، المصدر. وبالضم، الاسم. والمعنى: ما له قاصد يقصده. أي لا خير فيه يقصد له.

ما له حبض ولا نبض

قال أبو عمرو: الحبض، الصوت. والنبض، اضطراب العرق. وقال الأصمعي: لا أدري ما الحبض. ويروى: ما به حبض ولا نبض، ومعناهما الحركة. يقال: حبض السهم، إذا وقع بين يدي الرامي، ونبض العرق ينبض نبضاً ونبضاناً، إذا تحرك.

ما له حانة ولا آنة

أي ناقة ولا شاة.

ما له سبد ولا لبد

السبد، الشعر. واللبد، الصوف. ومثل هذا قولهم:

ما له قذعملة ولا قرطعبة

قال أبو عبيد: أحسب أصول هذه الأشياء كلها كانت على ما ذكرنا، ثم صارت أمثالاً لكل من لا شيء له. فأما القذعملة والقرطعبة، والسعنة والمعنة، فما وجدنا أحداً يدري ما أصولها. هذا كلامه. "قلت": قال أبو عمرو: رجل قذعل مثل سبحل. أي هين خسيس. وقال أبو زيد: والقذعملة، المرأة القصيرة الخسيسة. وقال زائدة: هي الشيء الحقير، مثل الحبة. يقال: لا تعط فلاناً قذعملة. ومعنى المثل: ما له شيء يسير مما كان والقرطعبة مثله في المعنى. وقال:  
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 315

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 316

فما عليه من لباس طحربه وما له من نشب قرطعبه
أي، شيء. ومثله قوله:

ما له سعنة ولا معنة

قال الحياني: السعنة، الودك. وقال ابن الأعرابي: السعنة، الكثرة من الطعام وغيره. والمعنة القلة من الطعام وغيره. والمعن الشيء اليسير، وقال: فإن هلاك مالك غير معن. ومعنى المثل، ما له قليل ولا كثير.

ما يجمع بين الأروى والنعام

الأروى في رؤوس الجبال، والنعام في السهولة من الأرض. أي، أي شي يجمع بينهما? يضرب في الشيئين يختلفان جداً. ويروى، ما يجمع الأروى والنعام. أي كيف يأتلف الخير والشر.

ما نهيء الضب وما نضج

يضرب لمن لا يبرم الأمر ولا يتركه، فهو متردد.

ما هو إلا ضب كدية

ويروى، ضب كلدة وهما الصلب من الأرض. يضرب لمن لا يقدر عليه، وإنما نسب الضب إليها لأنه لا يحفره إلا في صلابة، خوفاً من انهيار الجحر عليه.

ما مات فلان كمد الحبارى

قد مر الكلام عليه في باب الكاف عند قولهم: أكمد من الحبارى.

مررت بهم الجماء الغفير

قال سيبويه: هو اسم جعل مصدراً، فانتصب كانتصابه في قوله: فأوردها العراك ولم يذدها. وقال بعضهم: الجماء، بيضة الرأس لاستوائها. وهي جماء لا حيود لها. والغفير لأنها تغفر الرأس، أي تغطيه. ويقال: هم في هذا الأمر الجماء الغفير. أنشد ابن الأعرابي:
صغيرهم وكهلهـم سـواء هم الجماء في اللؤم الغفير

ما به قلبة

أي، عيب. وأصله من القلاب. وهو داء يصيب الإبل. قال الأصمعي: داء يشتكي البعير منه قلبه فيموت من يومه.

ما جعل العبد كربه

قالوا: إن أول من قال ذلك ربيعة بن جراد الأسلمي. وذلك أن القعقاع بن معبد بن زرارة بن عدس بن زيد بن عبد الله بن دارم وخالد بن مالك بن ربعي بن سلم بن جندل بن نهشل تنافرا إلى أكثم بن صيفي أيهما أكرم وجعلا بينهما مائة من الإبل لمن كان أكرمهما، فقال أكثم بن صيفي: سفيهان يريدان الشر. وطلب إليهما أن يرجعا عما جاءا له فأبيا، فبعث معهما رجلاً إلى ربيعة بن جراد، وحبس إبلهما التي تنافرا عليها مائة ومائة، وقال: انطلقا مع رسولي هذا، فإنه قتل أرضاً عالمها، وقتلت أرض جاهلها. فأرسلها مثلاً. فلما قدما على ربيعة وأخبراه بما جاءا له، قال ربيعة للقعقاع: ما عندك يا قعقعاع? قال: أنا ابن معبد بن زرارة وأمي معاذة بنت ضرار رأس من أعمامي عشرة ومن أخوالي عشرة، وهذه قوس عمي رهنها عن العرب، وجدي زرارة أجار ثلاثة أملاك بعضهم من بعض. قالوا: وفي ذلك يقول الفرزدق:
منا الذي جمع الملوك وبينهم حرب يشب سعيرها بضرام
ثم قال ربيعة لخالد بن مالك: ما عندك يا خالد? قال: أنا ابن مالك. قال: لم تصنع شيئاً، ثم ابن من? قال: ابن ربعي: قال: لم تصنع شيئاً. ثم ابن من? قال: ابن سلم. قال: الآن فمن أمك? قال: فرعة. قال: ابنة من? قال: ابنة مندوس. قال ربيعة للقعقاع: قد نفرتك يا ابن الضبنة. فقال خالد: أتجعل معبد بن زرارة كمثل سلم بن جندل. فقال ربيعة: ما جعل كربه. فأرسلها مثلاً.

ما نلتقي إلا عن عفر

أي بعد شهر أو شهرين، والحين بعد الحين.

ما يوم حليمة بسر

هي بنت الحرث بن أبي شمر. وكان أبوها وجه جيشاً إلى المنذر بن ماء السماء، فأخرجت لهم طيباً من مركن فطيبتهم، وقال المبرد: هو أشهر أيام العرب. يقال ارتفع في هذا اليوم من العجاج ما غطى الشمس حتى ظهرت الكواكب. يضرب مثلاً في كل أمر متعالم مشهور. قال النابغة يصف السيوف:
تخيرن من أزمان عهد حلـيمة إلى اليوم قد جربن كل التجارب
تقد السلوقي المضاعف نسجـه ويوقدن بالصفاح نار الحباحـب
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 316

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 317

وذكر عبد الرحمن بن المفضل عن أبيه قال: لما غزا المنذر بن ماء السماء غزاته التي قتل فيها وكان الحرث بن جبلة الأكبر ملك غسان يخاف، وكان في جيش المنذر رجل من بني حنيفة، يقال له شمر بن عمرو، وكانت أمه من غسان، فخرج يتوصل بجيش المنذر يريد أن يلحق بالحرق، فلما تدانوا سار حتى لحق بالحرث، فقال: أتاك ما لا تطيق. فلما رأى ذلك الحرث ندب من أصحابه مائة رجل اختارهم رجلاً رجلاً فقال: انطلقوا إلى عسكر المنذر، فأخبروه أنا ندين له ونعطيه حاجته، فإذا رأيتم منه غرة فاحملوا عليه، ثم أمر ابنته حليمة فأخرجت لهم مركناً فيه خلوق، فقال: خلقيهم، فخرجت إليهم، وهي من أجمل ما يكون من النساء، فجعلت تخلقهم، حتى مر عليها فتى منهم، يقال له لبيد بن عمرو، فقال لها: ويلك، اسكتي عنه فهو أرجاهم عندي ذكاء فؤاد ومضى القوم ومعهم شمر بن عمرو الحنفي حتى أتوا المنذر، فقالوا له: أتيناك من عند صاحبنا وهو يدين لك ويعطيك حاجتك، فتباشر أهل عسكر المنذر بذلك وغفلوا بعض غفلة، فحملوا على المنذر فقتلوه. فقيل ليس يوم حليمة بسر. فذهبت مثلاً. قال أبو الهيثم: يقال أن العرب تسمى بلقيس حليمة.

ما أرزمت أم حائل

يضرب في التأييد. والحائل، الأنثى من ولد الناقة حين تنتج. والكسب الذكر. والرزمة صوت الناقة.

ما يلقى الشجي من الخلي

الياء من الشجي مخففة، ومن الخلي مشددة. يقال شجى يشجى شجى فهو شج. ومن شدد الياء منه فيجوز أن يقول هو فعيل بمعنى مفعول. من شجاه يشجوه إذا أحزنه. ويجوز أن يقول: شدد للازدواج. وما، استفهام. ومعناه: أي شيء الذي يلقاه الشجي من الخلي من ترك الاهتمام بشأنه لخلوه مما هو مبتلى به. قال أبو عبيد: معناه أنه لا يساعده على همومه، ومع ذلك يعذله. "قلت": وقد ذكرت لهذا المثل قصة في باب الواو عند قولهم: ويل للشجي من الخلي.

ما أمر العذراء في نوى القوم

يضرب في ترك مشاورة النساء في الأمور.

ما يبدي الوتر

مثل قولهم: ما تبدي الرضفة. وما تندى صفاته. تصرب كلها للبخيل.

ما في سنامها هنانة

بالضم، أي شحم وسمن. يضرب لمن لا يوجد عنده خير.

ما كل عورة تصاب

العورة، الخلل الذي يظهر للطالب من المطلوب. أي ليس كل عورة تظهر لك من عدو يمكنك أن تصيب منها مرادك.

ما أنت نجية ولا سبية

هذا مثل قولهم: فلان لا حاء ولا ساء. أي لا محسن ولا مسيء. ويجوز أن يكون من، حاء، وهو زجر للمعز. ومن، ساء، وهو زجر للحمار. أي لا يمكنه زجرهما لهمومه وذهاب قوته.

ما أنت بعلق مضنة

يضرب لما لا يعلق به القلب ولا يضن به لخساسته

ما يروى غلته بالمضيح المحلوب

المضيح والضيح والضياح، اللبن الكثير الماء. أي لا يجبر كسره بالشيء القليل.

ما كل رامي غرض يصيب

يضرب في التأسية عن الفائت.

ما هذا البر الطارق

يقال: طرق، إذا أتى ليلاً. يضرب في الإحسان يستبعد من الإنسان. ويروى، الطارف، أي الجديد.

من قريب يشبه العبد الأمة

أي لا يكون بينهما كثير فرق. يضرب في المتقاربين في الشبه.

من قدم ما كذب الناس

يعني أن الكذب قديماً يستعمل وليس ببدع محدث.

ما له رواء ولا شاهد

الرواء، المنظر. والشاهد، اللسان. أي ما له منظر ولا منطق.

من حديث نفسه بطول البقاء فليوطن نفسه على المصائب

وهذا يروى عن عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما.

من لم يأس على ما فاته أراح نفسه

قاله أكثم بن صيفي. يضرب في التعزية عند المصيبة وحرارتها وترك التأسف عليها.

ما أشبه الليلة بالبارحة

أي، ما أشبه بعض القوم ببعض. يضرب في تساوي الناس في الشر والخديعة. وتمثل به الحسن رضي الله عنه في بعض كلامه للناس؛ وهو من بيت أوله:
كلهم أروغ من ثعلـبة ما أشبه الليلة بالبارحة
وإنما خص البارحة لقربها منها، فكأنه قال: ما أشبه الليلة بالليلة. يعني أنهم في اللؤم من نصاب واحد. والباء في البارحة من صلة المعنى. كأنه في التقدير شيء يشبه الليلة بالبارحة. يقال شبهته كذا وبكذا.
يضرب عند تشابه الشيئين.

المرء بخليله "أي مقيس بخليله"، فلينظر امرؤ من يخالل

يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ملك ذا أمر أمره

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 317

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 318

أي، كل الأمور إلى أربابها، وول المال ربه. أي هو المعني به دون غيره. يضرب في عناية الرجل بماله.

ما عنده ما يندي الرضفة

قال الأصمعي: أصل ذلك أنهم كانوا إذا أعوزهم قدر يطبخون فيها علموا شيئاً كهيئة القدر من الجلود وجعلوا فيه الماء واللبن وما أرادوا من ودك، ثم ألقوا فيها الرضف وهي الحجارة المحماة، لتنضج ما في ذلك الوعاء. أي ليس عند هذا من الخير ما يندي تلك الرضفة. يضرب للبخيل لا يخرج من يده شيء.

أمرع واديه وأجنى حلبه

الحلب، نبت ينبسط على وجه الأرض. يقال: تيس حلب، كما يقال: قنفذ برقة. والحلب سهلي تدم خضرته. يضرب لمن حسنت حاله وأجنى. أي جاء بالجنى، وهو ما يجتنى ومعناه أثمر.

مرعى ولا كالسعدان

قال بعض الرواة: السعدان، أخثر العشب لبناً. وإذا خثر لبن الراعية كان افضل ما يكون وأطيب وأدسم. ومنابت السعدان السهول، وهو من أنجع المراعي في المال، ولا تحسن على نبت حسنها عليه. قال النابغة:
الواهب المائة الأبكار زينـهـا سعدان توضح في أوبارها اللبد
يضرب مثلاً للشيء يفضل على أقرانه وأشكاله. قالوا: وأول من قال ذلك الخنساء بنت عمرو بن الشريد. وذلك أنها أقبلت من الموسم فوجدت الناس مجتمعين على هند بنت عتبة بن ربيعة، ففرجت عنها، وهي تنشدهم مراثي في أهل بيتها. فلما دنت منها قالت: على من تبكين? قالت: أبكى سادة مضوا. قالت: فأنشديني بعض ما قلت، فقالت هند:
أبكي عمود الأبطحين كليهمـا ومانعها من كل باغ يريدهـا
أبو عتبة الفياض فاعلـمـي وشيبة والحامي الذمار وليدها
أولئك أهل العز من آل غالب وللمجد يوم حين قل عديدهـا
قالت الخنساء: مرعى ولا كالسعدان. فذهبت مثلاً. ثم أنشأت تقول:
أبكي أبا عمرو بـعـين غـزيرة قليل إذا تغفي العيون رقـودهـا
وصخراً ومن ذا مثل صخر إذا بدا بساحته الأبطال قبـاً يقـودهـا
حتى فرغت من ذلك؛ فهي أول من قالت: مرعى ولا كالسعدان. ومرعى خبر مبتدأ محذوف، وتقديره: هذا مرعى جيد، وليس في الجودة مثل السعدان. وقال أبو عبيد: حكى المفضل أن المثل لامرأة من طيء كان تزوجها امرؤ القيس بن حجر الكندي، وكان مفركاً. فقال لها: أين أنا من زوجك الأول، فقالت: مرعى ولا كالسعدان. أي أنك وإن كنت مرضياً فلست كفلان.

المال بيني وبينك شق الأبلمة

ويروى، الأبلمة بالفتح. قال أبو زياد: هي بقلة تخرج لها قرون كالباقلاء، فإذا شققتها طولاً انشقت نصفين سواء من أولها إلى آخرها. يضرب في المساواة والمشاركة في الأمر. و "شق" نصب على المصدر من معنى قوله: المال بيني وبينك. أي مشقوق بين وبينك.

مثل المؤمن مثل الخامة من الزرع تفيئها الريح مرة

ههنا ومرة ههنا ومثل الكافر مثل الأرزة المحدبة

على الأرض حتى يكون انجعافها مرة واحدة

قاله النبي صلى الله عليه وسلم. قال أبو عبيد: شيه المؤمن بالخامة التي تميلها الريح لأنه مرزأ في نفسه وأهله وولده وماله. وأما الكافر فمثل الأرزة التي لا تميلها الريح، والكافر، لا يرزأ شيئاً حتى يموت، وإن رزئ لم يؤجر عليه، فشبه موته بانجعاف تلك، حتى يلقى الله بذنوبه.

مرعى ولا أكولة

الأكولة، الشاة التي تعزل للأكل وتسمن. يضرب للمتمول لا آكل لماله.

أمرعت فأنزل

يقال: أمرع الوادي ومرع بالضم، أي كثر كلؤه. وأمرع الرجل إذا وجد مكاناً مريعاً. يضرب لمن وقع في خصب وسعة. ومثله: أعشبت فأنزل.
ما ضر نابي شولها المعلق إن ترد الماء بماء أوثـق
الشول، القليل من الماء. يضرب في حمل ما لا يضرك إن كان معك وينفعك إن احتجت إليه. وهذا مثل قولهم: إن ترد الماء بماء أكيس.

ماء ولا كصداء

قال المفضل: صداء ركية لم يكن عندهم ماء أعذب من مائها. وفيها يقول ضرار السعدي:
وإني وتهيامي بزينـب كـالـذي تطلب من أحواضها صداء مشربا
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 318

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 319

يريد، أنه لا يصل إليه إلا بالمزاحمة لفرط حسنها، كالذي يرد هذا الماء فإنه يزاحم عليه لفرط عذوبته. قال المبرد: يروى عن ابنة هانئ بن قبيصة أنه لما قتل لقيط بن زرارة من دارم فتزوجها رجل من أهلها فكان لا يزال يراها تذكر لقيطاً فقال لها ذات مرة: ما استحسنت من لقيط? قالت: كل أموره حسن، ولكني أحدثك أنه خرج إلى الصيد مرة وقد ابتنى بي فرجع إلي وبقميصه نضح من دماء صيد، والمسك يضوع من أعطافه ورائحة الشراب فيه، فضمني ضمنة وشمني شمة فليتني مت ثمة. قال: ففعل زوجها مثل ذلك، ثم ضمها وقال لها: أين أنا من لقيط? قالت: ماء ولا كصداء. ويروى على وزن حمراء. قال الجوهري: سألت أبا علي، يعني النسوري، فقلت: أهو فعلاء من المضاعف، قال: نعم، وأنشدني قول ضرار بن عتبة السعدي:
كأني من وجد بزينـت هـاشـم يخالس من أحواض صداء مشربا
يرى دون برد الماء هـولاً وذادة إذا اشتد صاحوا قبل أن يتجنـبـا

الماء ملك أمر

ويروى، ملك الأمر. أي هو ملاك الأشياء. يضرب للشيء الذي يكون ملاك الأمر. عن أبي زيد.

ما أقوم بسيل تلعاتك

أي ما أطيق هجاءك وشتمك ولا أقوم لهما.

ما أنت بلحمة ولا سناة

السناة والسدادة، واحد. وهما ضد اللحمة. يضرب لمن لا ينتفع منه بشيء ولا يصلح لأمر.

ما أنت بنيرة ولا حفة

النيرة، الخشبة المعترضة. والحفة القصبات الثلاث. يضرب لمن لا ينفع ولا يضر.

ما عقالك بأنشوطة

العقال، ما يعتقل به البعير. والأنشوطة، عقد يسهل انحلالها. أي ما مودتك بواهية. وتقديره ما عقد عقالك بعقد أنشوطة، فحذف "عقد" قال ذو الرمة:
وقد عقلت مي بقلبـي عـلاقة بطيئاً على مر الشهور انحلالها

ما بها نافخ ضرمة

بها، أي الدار. والضرمة ما أضرمت فيه النار كائناً ما كان. ويعني بالمثل، ما في الدار أحد. وفي حديث علي رضي الله عنه: يود معاوية أنه ما بقي من بني هاشم نافخ ضرمة إلا طعن في نيطه. أي في نياط قلبه.

ما عليها خضاض

الخضاض، الشيء اليسير من الحلي. قال الشاعر:
ولو أشرفت من كفة الستر عاطلاً لقلت غزال ما عليه خضـاض
يضرب في نفي الحلي عن المرأة.

ما كفى حرباً جانيها

أي إنما يكون صلاحها بأهل الأناة والحلم لا بمن جناها وأوقد لظاها. وقال:
لكن فررت حذار الموت منكفئاً وليس مغني حرب عنك جانيها
قال أبو الهيثم: أي من أفسد أمراً لم يتوقع منه إصلاحه.

محا السيف ما قال ابن دارة أجمعا

ابن دارة هو سالم بن دارة أحد بني عبد الله بن غطفان. ودارة أمه، وكان هجا بعض بني فزارة فقال:
أبلغ فزارة أني لن أصالحها حتى ينيك زميل أم دينـار
فاغتاله زميل فقتله، وقال:
أنا زميل قـاتـل ابـن داره وداحض المخزاة عن فزاره
وفيه يقول الكميت:
أبت أم دينار فأصبـح فـرجـهـا حصاناً وقلدتـم قـلائد قـوزعـا
خذوا العقل إن أعطاكم العقل قومكم وكونوا كمن سيم الهوان فأرتـعـا
ولا تكثروا فيه الضجـاج فـإنـه محا السيف ما قال ابن دارة أجمعا
قال المفسرون: أراد بقوله "قلائد قوزع" الداهية والعار.

ماز رأسك والسيف

قال الأصمعي: أصل ذلك أن رجلاً، يقال له مازن، أسر رجلاً، وكان رجل يطلب المأسور بذحل فقال له: ماز. أي يا مازن رأسك والسيف، فنحى رأسه فضرب الرجل عنق الأسير. "قلت": قال الليث: إذا أراد الرجل أن يضرب عنق آخر يقول: أخرج رأسك فقد أخطئ، حتى يقول: ماز رأسك، أو يقول: ماز، ويسكت. ومعناه: مد رأسك. قال الأزهري: لا أعرف "ماز رأسك" بهذا المعنى إلا أن يكون بمعنى مايز، فأخر الياء فقال: مازي، وأسقطت الياء في الأمر.

مخشوب لم ينقح

المخشوب، المقطوع من الشجر قبل أن يصلح، ويقال: سيف خشيب، للذي لم يتم عمله. ويقال أيضاً للصقيل: خشيب، وهو من الأضداد. يضرب للشيء يبتدأ به ولم يهذب بعد.

ما تنهض رابضته

ويروى، ما تقوم رابضته، وهي الصيد يرميه الرجل فيقتل أربعين. وأكثر ما يقال في العين يضرب للعالم بأمره.

ما أصبت منه أقذا ولا مريشاً

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 319

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 320

الأقذا، السهم الذي لا ريش عليه، والمريش الذي عليه الريش أي لم أظفر منه بخير قليل ولا كثير.

ما له لا عد من نفره

قال أبو عبيد: هذا دعاء في موضع المدح. نحو قولهم: قاتله الله ما أفصحه. قال امرؤ القيس:
فهو لا تنمى رميتـه ماله لا عد من نفره
قوله: لا تنمي رميته، أي لا ترتفع من مكانها الذي أصابها فيه السهم لحذق الرامي، ثم قال: لا عد من نفره، أي أماته الله حتى لا يعد منهم، كما يقال: قاتله الله. ومعناه، لا كان له غير الله قاتلاً. أي أنه لا قرن له يقدر على قتله غير الله تعالى. قال أبو الهيثم: خرج هذا وأمثاله مخرج الدعاء، ومعناه التعجب. والنفر واحدهم رجل، ولا امرأة في النفر ولا في القوم.

من الخواطئ سهم صائب

يضرب للذي يخطئ مراراً أو يصيب مرة. والخواطئ التي تخطئ القرطاس، وهي من خطئت أي أخطأت. قال أبو الهيثم: وهي لغة رديئة. قال: ومثل العامة في هذا، رب رمية من غير رام. وأنشد محمد ابن حبيب:
رمتني يوم ذات العمر سلمى بسهم مطعم لـلـصـيد لام
فقلت لها أصبت حصاة قلبي وربة رمية من غـير رام
وقال أبو عبيد: يضرب قوله من الخواطئ للبخيل يعطي أحياناً على بخله.

من أنى ترمي الأقرع تشجه

يضرب لمن عرض أغراضه للعائب فلا يستتر من ذلك بشيء.

ما قرعت عصا على عصا إلا حزن لها قوم وسر لها آخرون

قال أبو عبيد: معناه: لا يحدث في الدنيا حادث فيجتمع الناس على أمر واحد من سرور وأحزان، ولكنهم فيه مختلفون. "قلت": وإنما وصله بعلى وحقه، ما قرعت عصا بعصا على معنى، ما ألقيت، أو أسقطت عصاً على عصا.

ما مقل صرخة الحبلى

ويروى، صيحة الحبلى. أي صيحة شديدة عند المصيبة أو غيرها.

ما كانوا عندنا إلا ككفة الثوب

أي من هوانهم علينا.

ما عليه فراض

أي شيء من لباس. وكذلك:

ما عليه طحربة وطحربة وطحربة

قال أبو عبيد: وفي الحديث، يحشر الناس يوم القيامة وليس عليهم طحربة.

ما ذقت عضاضاً ولا لماجاً ولا أكالاً ولا ذواقاً ولا قضاماً

أي شيئاً يعض ويلمج ويؤكل ويذاق ويقضم. ومثل هذا قولهم:

ما ذقت علوساً ولا عذوفاً ولا عذافاً

بالذال والدال وكلها بمعنى واحد.

مهلاً فوق ناقة

أي أمهلني قد ما يجتمع اللبن في ضرع الناقة، وهو مقدار ما بين الحلبتين. والفيقة، اسم ذلك اللبن.

ما يدري أيخثر أم يذيب

قال الأصمعي: أصل هذا أن المرأة تسلأ السمن فيرتجن أي يختلط خاثره برقيقه فلا يصفو، فتبرم بأمرها، فلا تدري أتوقد هذا حتى يصفو وتخشى إن أوقدت أن يحترق، فلا تدري أتنزل القدر غير صافية، أم تتركها حتى تصفو. وأنشد ابن السكيت:
تفرقت المخاض على ابن بو فما يدري أيخثـر أم يذيب
وقال بشر:
وكنت كذاب القدر لم تدر إذ غلت أتنزلها مذمـومة أم تـذيبـهـا
يضرب في اختلاط الأمر.

ما كل بيضاء شحمة ولا كل سوداء تمرة

وحديثه، أنه كانت هند بنت عوف بن عامر بن نزار بن بجيلة تحت ذهل ابن ثعلبة بن عكابة، فولدت له ذهل بن مالك فكان عامر وشيبان مع أمهما في بني ضبة. فلما هلك مالك بن بكر انصرفا إلى قومهما، وكان لهما مال عند عمهما قيس بن ثعلبة فوجداه قد أتواه، فوثب عامر بن ذهل فجعل يخنقه، فقال قيس: يا ابن أخي، دعني فإن الشيخ متأوه، فذهب قوله مثلاً. ثم قال: ما كل بيضاء شحمة ولا كل سوداء تمرة. يعني أنه، وإن أشبه أباه خلقاً، فلم يشبه خلقاً. فذهب قوله مثلاً. يضرب في موضع التهمة.

ما أصفيت لك إناء ولا أصفرت لك فناء

أي ما تعرضت لأمر تكرهه. يعني لم آخذ إبلك فيبقى إناؤك مكبوباً لا تجد لبناً تحلبه فيه، ويبقي فناؤك خالياً لا تجد بعيرك يبرك فيه. وذكر عن علي رضي الله عنه أنه قال: اللهم إني أستعديك على قريش فإنهم أصفوا إنائي وأصفروا عظم منزلتي وقدري.

ما أنت بخل ولا خمر

قال أبو عمرو: بعض العرب يجعل الخمر للذتها خيراً، والخل لحموضته شراً، وإنه لا يقدر على شربه. وبعضهم يجعل الخمر شراً والخل خيراً. ويقولون: لست من هذا الأمر في خل ولا خمر. أي لست منه في خير ولا في شر.

ما بها طل ولا ناطل

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 320

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 321

الطل، اللبن. والناطل، الخمر. ويقال، مكيال من مكاييل الخمر. وقال الأحمر: الناطل، الفضلة تبقى من الشراب في المكيال، والهاء في "بها" راجعة إلى الدار.

متى كان حكم الله في كرب النخل

كرب النخل، أصول السعف أمثال الكتف. قال أبو عبيد: وهذا المثل لجرير بن الخطفي يقول لرجل من عبد قيس شاعر "قلت"، اسمه الصلتان العبدي كان قال لجرير:
أرى شاعراً لا شاعر اليوم مثله جرير ولكن في كليب تواضع
فقال جرير:
أقول ولم أملك بواد دمـعـتـي: متى كان حكم الله في كرب النخل
وذلك أن بلاد عبد القيس بلاد النخل، فلهذا قاله. يضرب فيمن يضع نفسه حيث لا يستأهل.

ما ظلمته نقيراً ولا فتيلاً

النقير، النقرة التي في ظهر النواة. والفتيل ما يكون في شق النوا. أي ما ظلمته شيئاً.

ما الخوافي كالقلبة ولا خناز كالثعبة

الخوافي، سعف النخل الذي دون القلبة، وهي جمع قلب وقلب وقلب، وكلها قلب النخلة ولبها. أي لا يكون القشر كاللب. وأما الخناز فهو الوزغة. والثعبة دابة أغلظ من الوزغة تلسع، وربما قتلت. قاله ابن دريد. قال: وهذا مثل من أمثالهم. يضرب في الأمر بعضه أسهل من بعض. والأولى في تفضيل الشيء بعضه على بعض.

ما نقص من مالك ما زاد في عقلك

هذا مثل مثل قولهم: لم يضع من مالك ما وعظك.

المسألة آخر كسب الرجل

وهذا المثل عن أكثم بن صيفي في كلام له. وفي الحديث المرفوع، المسئلة كدوح أو خموش في وجه صاحبها. يعني إذا كان له غني. كما في حديث آخر، من سأل عن ظهر غنى جاء يوم القيامة وفي وجهه كذا وكذا.

ما له أحال وأجرب

المحيل، الذي حالت إبله فلم تحمل. قال الشاعر:
فما طلبت مني أحالت وأجربت ومدت يديها لاحتلاب وصرت
دعا عليها أن تحيل وتجرب وتصير أمة تصر وتحلب.

مثل العالم كالحمة يأتيهما البعداء ويزهد فيها القرباء

الحمة، العين الحارة الماء. وهذا مثل قولهم: أزهد الناس في العالم أهله وجيرانه.

ملكت فأسجح

الإسجاج، حسن العفو. أي ملكت الأمر علي فأحسن العفو عني. وأصله السهولة والرفق. يقال: مشية سجح، أي سهلة. قال أبو عبيد: يروى عن عائشة أنها قالت لعلي رضي الله عنهما يوم الجمل حين ظهر على الناس فدنا من هودجها ثم كلمها بكلام فأجابته: ملكت فأسجح. أي، ملكت فأحسن. فجهزها عند ذلك بأحسن جهاز وبعث معها أربعين امرأة، وقال بعضهم، سبعين امرأة، حتى قدمت المدينة.

الملسى لا عهدة

يقال: ناقة ملسى، للتي تملس ولا يعلق بها شيء لسرعتها في سيرها. ويقال في البيع: ملسى لا عهدة، وأبيعك الملسى، أي البيعة الملسى. وفعلى يكون نعتاً. يقال: ناقة وكرى، أي قصيرة. وحمار حيدى، كثير الحيود عن الشيء. وكذلك جمزة وشمخى في النعوت. والعهدة، التبعة في العيب. ومعنى لا عهدة، أي تتلمس وتنفلت فلا ترجع إلي. يضرب لمن يخرج من الأمر سالماً لا له ولا عليه. قال أبو عبيد: يضرب في كراهة المعايب.

ما أباليه عبكة

قالوا: العبكة والحبكة، الحبة من السويق. يضرب في استهانة الرجل بصاحبه. قال الأصمعي: ومثله.

ما أباليه بالة

قال أبو عبيد: ومثل هذا المثل قد يضرب في غير الناس. ومنه قول ابن عباس رحمهما الله، وسئل عن الوضوء من اللبن، فقال: ما أباليه بالة، اسمح يسمح لك. قال أبو عبيد: العبكة، الوذحة. وهي ما يتعلق بأذناب الشاء من البعر.
ويقال: اللبكة في قولهم:

ما نقص عنده عبكة ولا لكبة

القطعة من الثريد. ويقال: العبكة شيء قليل من السمن تبقى في النحي. ونصب "عبكة" في قوله: ما أباليه عبكة، على المصدر، كأنه أراد أن يقول: ما أباليه بالة، فأقام عبكة مقامه.

المرء تواق إلى ما لم ينل

يقال: تاق الرجل يتوق توقاناً، إذا اشتاق. يعني أن الرجل حريص على ما يمنع منه. كما قيل:

أحب شيء إلى الإنسان ما امتنعا

المدح الذبح

أي من مدح وهو يغتر بذلك فكأنه ذبح. جعل ضرره كالذبح له.

ما يمعن بحقي ولا يذعن

يقال: أمعن بحقه، إذا ذهب به. وأذعن إذا أقر. يضرب للغريم لا ينكر حقك ولا يقر به، ولكل من عوق في أمر.

من شر ما ألقاك أهلك

يقول: لو كان فيك خير ما تحاماك الناس. ويروى، منن شر ما طرحك. يضرب للبخيل يزهد فيه الناس.
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 321

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 322

ما له ثاغية ولا راغية

الثاغية النعجة. والراغية، الناقة. أي ما له شيء. ومثله:

ما له دقيقة ولا جليلة

فالدقيقة، الشاة. والجليلة الناقة.

ما له دار ولا عقار

يقال: العقار، النخل. ويقال: هو متاع البيت.

ما في الدار صافر

قال أبو عبيد والأصمعي: معناه ما في الدار أحد يصفر به. وهذا مما جاء على لفظ فاعل، ومعناه مفعول به. كما قيل: ماء دافق، وسر كاتم. وقال غيرهما: ما بها أحد يصفر.

ما حج ولكنه دج

يقال: هم الحاج والداج. قالوا: الداج الأعوان والمكارون. ويقال: الداج، الذي خرج للتجارة. وهو من دج يدج دجيجاً، أي دب.

ما أنكرك من سوء

أي، ليس إنكاري إياك من سوء بك. لكني لأثتبك.

ما عنده طائل ولا نائل

الطائل، من الطول، وهو الفضل. والنائل، من النوال، وهي العطية. والمعنى، ما عنده فضل ولا جود.

ما عنده خير ولا مير

الخير، كل ما رزقه الناس من متاع الدنيا. والمير ما جلب من الميرة، وهو ما يتقوت فيتزود. أي ليس عنده خير عاجل ولا يرجى منه أن يأتي بخير.

ما لي في هذا الأمر درك

أي منزلة ومرتقى. وأصل الدرك حبل يشد في العراقي، ويشد فيه الرشاء لئلا يبتل الرشاء. والمعنى، ما لي فيه منفعة ولا مدفع عن مضرة.

استمسك فإنك معدو بك

يضرب في موضع التحذير، فإن المقادير تسوقك إلى ما حم لك. ومنه قول الحسن: من كان الليل والنهار مطيته فإنه يساويه وإن كان مقيماً. وقول شريح في الذين فروا من الطاعون: أنا وإياهم من طالب لقريب.

أمر دون عبيدة الوذم

أي أحكم، والوذم سير يشد به أذن الدلو. يضرب لمن أحكم أمر دونه ولا يشهدونه.

ما تئط له مني حاسة

أي ليس له عندي عطف ولا رقة.

ما هذا الشفق الطارف حبى

الشفق، الشفقة. والطارف، الحادث. وحبى اسم امرأة.

ما الدباب وما مرقته

يضرب في احتقار الشيء وتصغيره.

لا يدري ما أبي من بني

أي لا يعرف هذا من هذا. ويروى، ما يدرى أي من أي. قاله أبو عمرو.

ما يعرف الحو من اللو

قال بعضهم: أي الحق من الباطل. وقال بعضهم: الحو، سوق الإبل. واللو، حبسها. ويروى: الحي من اللي. وقال شمر: الحو، نعم. واللو، لا. أي لا يعرف هذا من هذا.

ما طاف فوق الأرض حاف وناعل

يعني بالناعل ذا النعل، نحو لابن وتامر

ما يعوى ولا ينبح

أي لا يعتد به في خير ولا شر لضعفه. يقال نبح الكلب فلاناً ونبح عليه. ولما كان النباح متعدياً أجرى عليه العواء فقيل ما يعوى ولا ينبح ازدواجاً. أي لا يكلم بخير ولا بشر لاحتقاره. ويروى: ما يعوى ولا ينبح، على معنى لا يبشر ولا ينذر لأن نباح الكلب يبشر بمجيء الضيف، وعواء الذئب يؤذن بهجوم شره على الغنم وغيرها.

ما جعل البؤس كالأذى

أي، أي شيء جعل البرد في الشتاء كالأذى والحر في الصيف.

ما اكتحلت غماضاً ولا حثاثاً

أي ما ذقت نوماً.

ما له ستر ولا عقل

أي، ما له حياء. ذهبوا إلى معنى قوله تعالى: ولباس التقوى، يعنون الحياء لأنه يستر العيوب، وذلك أنه لا يصنع ما يستحيي منه فلا يعاب.

ما في كنانته أهزع

وهو آخر ما يبقى من السهام في الجعبة. يضرب لمن لم يبق من ماله شيء.

ما زال منها بعلياء

الهاء راجعة إلى الفعلة. أي لا يزال مما فعله من المجد والكرم بمحلة عالية من الشرف والثناء الحسن.

أمسك عليك نفقتك

أي فضل القول. قاله شريح بن الحرث القاضي لرجل سمعه يتكلم. قال أبو عبيد: جعل النفقة التي يخرجها من ماله مثلاً لكلامه.

المنة تهدم الصنيعة

هذا كما قال الله تعالى: لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى.

المزاحة تذهب المهابة

المزاح والمزاحة المزح، والمزاح الممازحة. والمهابة الهيبة. أي إذا عرف بها الرجل قلت هيبته. وهذا من كلام أكثم بن صيفي. ويروى عن عمر ابن عبد العزيز رحمه الله أنه قال: إياك والمزاح إنه يجر إلى القبيحة ويورث الضعينة. قال أبو عبيد: وجاءنا عن بعض الخلفاء أنه عرض على رجل حلتين يختار إحداهما فقال الرجل: كلتهما وتمراً، فغضب عليه وقال: أعندي يمزح، فلم يوله شيئاً.

المزاح سباب النوكى

هذا من الممازحة. والسباب، المسابة. وإذا مازحت الأحمق فقد شاكلته ومشاكلة الأحمق سبة.

ما زال ينظر في خير أو شر

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 322

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 323

يضرب لمن يفعل الفعلة من خير فيثاب، أو شر فيعاقب. وهذا مثل قولهم: ما زال منها بعلياء، وقد مر.

ما ظنك بجارك? فقال: ظني بنفسي

أي أن الرجل يظن بالناس ما يعلم من نفسه، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر.

مثل الماء خير من الماء

قاله رجل عرض عليه مزقة لبن فقيل له: إنها كالماء، فقال: مثل الماء خير من الماء. فذهبت مثلاً. يضرب للقنوع بالقليل.

أملك الناس لنفسه أكتمهم لسره

يضرب في مدح كتمان السر.

ما في الحجر مبغى ولا عند فلان

يضرب في تأكيد اللؤم وقلة الخير.

ما الأول حسن حسن الآخر

أي إذا حسن الأول حسن الآخر. يضرب لمن يحسن فيتمم إحسانه.

ما مأمنيك تؤتتين ما كرهت من ناحيتيك

أي اللتين أمنتهما من قرابة أو صديق.

ما صلى عصاك كمستديم

الاستدامة، تترك العجلة. أي ما ثقفك عاقل فلذلك جهلت. قال:
فلا تعجل بأمرك واستدمه فما صلى عصاك كمستديم
يقال: صليت العصا، إذا لينتها وقومتها بالنار. ويقال:

ما صليت عصاً مثله

أي ما جربت أحزم منه.

ما ضفا ولا صفا عطاؤه

الضافي، الكثير. والصافي، النقي. أي لم يضف وفق الظن، ولم يصف من كدر المن.

ما هو إلا سحابة ناصحة

أي لا يسيل منها شيء. يقال: سقاء ناصح لا يندى بشيء. يضرب للبخيل جداً.

ما أساء من أعتب

يضرب لمن يعتذر إلى صاحبه ويخبره أنه سيعتب.

ما يخنق على جرته

يضرب لمن لا يحفظ ما في صدره، بل يتكلم ولا يهاب.

ما أسكت الصبي أهون مما أبكاه

يضرب لمن يسألك وأنت تظنه يطلب كثيراً، فإذا رخضت له بشيء يسير أرضاه وقنع به.

ما لك لا تنبح يا كلب الدوم قد كنت نباحاً فما لك اليوم?

يضرب لمن كبر وضعف. أصل المثل أن رجلاً كان له كلب، وكان له عير، فكان كلبه كلما جاءت نبح، فأبطأت العير فقال: ما لك لا تنبح يا كلب الدوم. أي ما للعير لا تأتي?

ما ينفض أذنيه من ذلك

يضرب لمن يقر بالأمر ولا يغيره.

ما دونه شوكة ولا ذباح

الذباح، شق يكون في باطن الإصبع شديد خبيث. قاله أبو السمج. يضرب للأمر يسهل الوصول غليه.

ما دونه شقذ ولا نقذ

أي، ما دونه شيء يخاف ويكره. "قلت": لم يزد على هذا. ولعل الشقذ من قولهم: أشقذه فشقذه. أي طرده فذهب، كأنه قيل ما دونه بعد. والنقذ، اتباع له. وإذا قيل: ما به شقذ ولا نقذ فإن ابن الأعرابي قال: ما به حراك. ولعله يجعل الشقذ من الشقاذ، من قوله:
لقد غضبوا علي وأشقذوني فصرت كأنني فرأ مثـار
أي، أزعجوني وحركوني، ويجعل النقذ من الإنقاذ. أي لا يمكنه إنقاذ شيء من يد العدو.

ما لك من شيخك إلا عمله

يضرب للرجل حين يكبر. أي لا يصلح أن يكلف إلا ما كان اعتاده وقدر عليه قبل هرمه.

ما تحسن عجوه ولا تنجوه

أي تسقيه اللبن. وتنجوه من النجو. يقال للدواء إذا أمشى الإنسان: قد أنجاه. يضرب للمرأة الحمقاء. والهاء راجعة للولد.

ما نزعها من ليت

الهاء راجعة إلى الفعلة. أي فعل الفعلة القبيحة لا يريد أن ينزع عنها. يضرب للرجل يعلقه الذم أو الأمر القبيح فلا ينزع عنه. وأراد ما نزع عنها فحذف "عن" وأوصل الفعل. وقوله: من ليت، أي لم يترك تلك الفعلة من الندم، وهو قول النادم: ليتني لم أفعل. يريد، لم يندم على ما فعل.

ما هلك امرؤ من مشورة

المشورة والمشورة لغتان. والأصل، المشورة على وزن الجهورة والمعتبة ثم خففت فقيل: المشورة على وزن المثوبة. وقرأ بعضهم: لمثوبة من عند الله خير، على الأصل. يضرب في الحث على المشاورة في الأمور.

ما للرجال مع القضاء محالة

المحالة، الحيلة. ومنه قولهم: المرء يعجز لا محالة.

ما الناس إلا أكمه وبصير

يضرب في التفاوت بين الخلق.

المرء أعلم بشأنه

يضرب في العذر يكون للرجل ولا يمكنه أن يبديه. أي أنه لا يقدر أن يفسر للناس من أمره كل ما يعلم.

المناكح الكريمة مدارج الشرف

قاله أكثم بن صيفي.

المشاورة قبل المساورة

هذا كقولهم: المحاجزة قبل المناجزة، والتقدم قبل التندم.

المداراة قوام المعاشرة

ويروى: ملاك المعاشرة.

ما أحلى في هذا الأمر ولا أمر

أي لم يصنع شيئاً.

ما لي في هذا الأمر يد ولا إصبح

أي، أثر.
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 323

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 324

ما رأيت صقراً يرصده خرب

يضرب للشريف يقهره الوضيع.

ما أمامة من هند

يضرب في البون بين كل شيئين لا يقاس أحدهما بالآخر. ذكره اللحياني.

ما له حابل ولا نابل

فالحابل، السدى. والنابل، اللحمة. أي ما له شيء.

ما استبقاك منن عرضك للأسد

يضرب لمن يحملك على ما تكره عاقبته.

مثل النعامة لا طير ولا جمل

يضرب لمن يحكم له لا بخير ولا شر.

ما عسى أن يبلغ عض النمل

يضرب لمن لا يبال بوعيده.

ما سد فقرك مثل ذات يدك

أي لا تتكل على غيرك فيما ينوبك.

ما قل سفهاء قوم إلا ذلوا

هذا مثل قولهم: لا بد للفقيه من سفيه يناضل عنه.

ما النار في الفتيلة بأحرق من التعادي للقبيلة

ما له حلب قاعداً واصطبح بارداً

يقال: معناه، حلب شاة وشرب من غير نقل. وهذا في الدعاء عليه.

مقنع واسته بادية

يضرب لمن لا سر عنده.

ما تسالم خيلاه كذباً وما تساير خيلاه كذباً

يضربان للكذاب، قال الشاعر:
فما تسالم خيلاه إذا التقـتـا ولا يعرج عن باب إذا وقفا
قال الفراء: فلان لا يرد عن باب ولا يعرج عنه. قال ابن الأعرابي: يقال: كذاب لا تساير خيلاه ولا تسالم خيلاه، أي لا يصدق فيقبل منه. والخيل إذا تسالمت تسايرت لا يهيج بعضها بعضاً. قال: وأنشد لرجل من محارب:
ولا تساير خيلاه إذا التقـتـا ولا يروع عن باب إذا وردا

ما عنده شوب ولا روب

قال ابن الأعرابي: الشوب، العسل المشوب. والروب، اللبن الرائب. ويقال: لا شوب ولا روب عند البيع والشراء في السلعة تبيعها. أي إنك بريء عن عيوبها.

ما الإنسان لولا اللسان إلا صورة ممثلة أو بهيمة مهملة

يضرب في مدح القدرة على الكلام.

ما ترك الله له شفراً ولا ظفراً ولا أقذاً ولا مريشاً

أي ما ترك له شيئاً.

ما له لا سقي ساعد الدر

السواعد، عروق الضرع الذي يخرج منها اللبن. دعاء عليه بأن تجف ضروع إبله. والتقدير، لا سقي در ساعد الدر؛ فحذف المضاف.

ما يقوم بروبة أهله

ويروى بروبة أمره. أي بجميعه. وأصل الروبة الخميرة يروب بها اللبن. ويقال: الروبة الحاجة. يقول: ما يقوم فلان بروبة أهله. أي بما أسندوا له من حوائجهم. وقال ابن الأعرابي: روبة الرجل عقله. تقول: كان فلان يحدثني وأنا إذ ذاك غلام ليست لي روبة.

ما له جول ولا معقول

فالجولن عرض البئر من أسفله إلى أعلاه. فإذا صلب لم يحتج إلى طي. والمعقول، العقل. ومثله العسور والميسور والمجلود وأشباهها. والمعنى، ما له عزيمة قوية كجول البئر الذي يؤمن انهياره لصلابته، ولا عقل يمنعه ويكفه عما لا يليق بأمثاله.

ما ينضج كراعاً ولا يرد راوية

يضرب للضعيف الذليل. قالت عمرة بنت معاوية بن عمرو: سمعت أبي ينشد في الليلة التي مات في صبيحتها وينظر إلينا حوله:
يا ويح صبيتي الذين تركتـهـم من ضعفهم ما ينضجون كراعا

ما أملك شداً ولا إرخاءً

يقوله الذي كلف أمراً أو عملاً. أي لا أقدر على شيء منه.

ما يساوي متك ذباب

يضرب للشيء الحقير. قال نصير: المتك، العرق الذي في باطن الذكر. وهو كالخيط في باطنه على حلقة العجان.

ما فجر غيور قط

قاله بعض الحكماء من العرب. يعني أن الغيور هو الذي يغار على كل أنثى.

ما بها دبيح بالحاء ويروى بالجيم وما بها وابر

أي أحد. "قلت": يجوز أن يكون الوابر كاللابن والتامر. ويجوز أن يكون من قولهم: وبر في الأرض، إذا مشى. أو من قولهم: وبر في منزله، إذا أقام فيه فلم يبرح. قال الشاعر:
فأبت إلى الحي الـذين وراءهـم جريضاً ولم يفلت من الجيش وابر
أي أحد. ومثل هذا كثير. وكله لا يتكلم به إلا في الجحد خاصة.

ما نحني مناح العلوق

قال المنذري: هذا مثل للعرب سائر فيمن يرائي وينافق، فيعطي من نفسه في الظاهر غير ما في قلبه. والعلوق، الناقة تترأم ولد غيرها. وقال ابن السكيت: ناقة علوق، ترام بأنفها وتمنع درها. قال الجعدي:

ومانحني كمناح العلو-ق ما ترب غرة تضرب

ما سقاني من سويد قطرة

سويد، تصغير أسود مرخماً. يريد الماء. وقال:
ألا إنني سقيت أسود حالـكـاً ألذ من الشرب الرحيق المبجل
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 324

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 325

أراد بالأسود الحالك الماء. يقال للماء والتمر الأسودان. يضرب لمن لا يواسيك بشيء.

مهما تعش تره

مهما حرف في الشرط بمنزلة ما. والهاء في "تره" للسكت. ومفعول "تر" محذوف والتقدير: ما تعش تر أشياء عجيبة. أي ما دمت تعيش ترى شيئاً عجيباً.

ما حويت ولا لويت وما حواه ولا لواه

الحوية، كل شيء ضممته إليك. واللوية كل شيء خبأته. يضرب لمن يطلب المال. والمعنى، ما جمعت ولا خبأت. أي لم تجمع ما طلبت لأنك كنت تطلب باطلاً.

ما جاء بما أدت يد إلى يد وما جاء بما تحمل ذرة إلى جحرها

يضرب في تأكيد الإخفاق.

ما هو إلا غزق أو شرق

فالغرق، أن يدخل الماء في مجرى النفس فيسده فيموت؛ ومنه قيل: غرقت القابلة المولود؛ وذلك أن المولود إذا سقط مسحت القابلة منخريه ليخرج ما فيهما، فيتسع متنفس المولود؛ فإن لم تفعل ذلك دخل فيه الماء الذي في السابيان فغرق. قال الأعشى: "ألا ليت قيساً غرقته القوابل". والشرق أن يدخل الماء في الحنجرة، وهي مجرى التنفس أيضاً. إذا شرق ولم يتدارك بما يحلل ذلك هلك. فالشرق والغرق مختلفان وكادا يكونان متفقين.
يضرب في الأمر يتعذر من وجهين.

ما أغنى عنه زبلة ولا زبال

وهما ما تحمله النملة بفمها. يضرب لمن لا يغني عنك شيئاً. "قلت": لم أر الزبلة بهذا المعنى ولا غيره، وإنما المذكور قولهم ما في الإناء زبالة بالضم، أي، شيء. وما رزأته زبالاً بالكسر، أي، شيئاً. ولا يبعد أن تكون الزبلة واحدة زبال، نحو: رقبة ورقاب، وحرجة وحراج، ولكن الجمع يستعمل دون الواحد. وجدت في الجامع زبلة بضم الزاي، ويجوز أن يحمل هذا على أنها مقصورة من زبالة وهذا وجه جيد.

ما له نقر ولا ملك

يريد، وماء. النقر، جمع نقرة، وهو الموضع يستنقع فيه الماء. والملك، الماء. قال:
ولم يكن ملك للقـوم ينـزلـهـم إلا صلاصل لا تلوي على حسب

ما أدري أغار أم مار

يقال: غار، أي أتى الغور. ومار، أنجد. أي أتى نجداً.

ما له لاعي قرو

قال الأصمعي: القرو ميلغة. ويقال: هو حوض صغير يتخذ بجنب حوض كبير ترده البهم للسقي. قالوا: واللاعي يحتمل أن يكون اشتقاقه من قولهم: كلبة لعوة وامرأة لعوة، أي حريصة على الأكل والشرب. ويقال: رجل لعو ولعاء، أي شهوان حريص. ويقال: إن القرو قدح من خشب. وما بها لاعي قرو، أي ما بها من يلحس. أي ما بها أحد. وهذا القول يروى عن ابن الأعرابي، ولا أرى لقولهم "لاعي" فعلاً يتصرف به.

ما له هابل ولا آبل

الهابل، المحتال. والآبل، الحسن الرعية. يقال: ذئب هبل، أي محتال. قال ذو الرمة:
ومطعم الصيد هبال لبغـيتـه أألفى أباه بذاك الكسب يكتسب
واهتبل الصائد، أي اغتنم غفلة الصيد. يضرب لما لا يكون له أحد يهتم بشأنه.

ما كان ليلي عن صباح ينجلي

يطلب لمن طلب أمراً لا يكاد يناله ثم ناله بعد طول مدة.

ماؤك لا ينال قادحه.

يقال: قدحت الماء. أي غرفته. والماء إذا قل تعذر قدحه. أي ماؤك قليل ما يبرد الغلة لقلته. يضرب للشيء يصغر قدره ويقل نفعه.

ما يشق غباره

يراد أنه لا غبار له فيشق، وذلك لسرعة عدوه وخفة وطئه. وقال:
خفت مواقع وطئه فلو أنـه يجري برملة عالج لم يرهج
وقال النابغة:
أعلمت يوم عكاظ حين لقيتنـي تحت العجاج فما شققت غباري
يضرب لمن لا يجارى، لأن مجاريك يكون معك في الغبار، فكأنه قال: لا قرن له يجاريه. وهذا المثل من كلام قصير لجذيمة، وقد مر ذكره في باب الخاء عند قصة الزباء.

المرء بأصغريه

يعني بهما القلب واللسان. وقيل لهما الأصغران لصغر حجمهما. ويجوز أن يسميا الأصغرين، ذهاباً إلى أنهما أكبر ما في الإنسان معنى وفضلاً، كما قيلأ: أنا جذيلها المحكك، وعذيقها المرجب. والجالب للباء القيام كأنه قيل: المرء يقوم معانيه بهما أو يكمل المرء بهما.

ما كلمته إلا كحسو الديك

يريدون السرعة. وقال:
ويوم كحسو الديك قد ببات صحبتي ينالونه فوق القلاص العبـاهـل
يعني قلته.

ما يخفى هذا على الضبع

يضرب للشي يتعالمه الناس. والضبع أحمق الدواب.

مسي سخيل بعدها أو صبحي

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 325

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 326

سخيل، جارية كانت لعامر بن الظرب العدواني. وكان عامر حكم العبر، وكانت سخيل ترعى عليه غنمه، فكان عامر يعاتبها في رعيتها. إذا سرحت قال: أصبحت يا سخيل، وإذا راحت قال: أمسيت يا سخيل. وكان عامر عي في فتوى قوم اختلفوا إليه في خنثى يحكم فيه، فسهر في جوابهم ليالي، فقالت الجارية: أتبعه المبال فيأتيهما بال فهو هو. ففرج عنه وحكم به، وقال: مسي سخيل أي بعد جواب هذه المسألة. أي لا سبيل لأحد عليك بعد ما أخرجتني من هذه الورطة. يضرب لمن يباشر أمراً لا اعتراض لأحد عليه فيه.

ما عنده أبعد

أي ما عنده طائل. قال أبو زيد: إنما تقول هذا إذا ذممته، وكذلك أنه لغير أبعد "قلت": يمكن أن يحمل "ما" ههنا على معنى الذي. أي ما عنده من المطالب أبعد مما عند غيره، ويجوز أن يحمل على النفي. أي ليس عنده شيء يبعد في طلبه. أي شيء له قيمة أو محل. قال ابن الأعرابي: إذا قيل أنه لغير أبعد، كان معناه لا غور له في شيء.

ما له بذم

يقال: البذيم الذي يغضب له الكريم. والبذم مصدر البذيم، وأصله القوة والاحتمال للشيء. يقال: ثوب ذو بذم، أي كثير الغزل، وذلك أقوى له.

ما لك است مع استك

قال أبو زيد: يضرب لمن لم تكن له ثروة من مال ولا عدة من رجال.

من الرفش إلى العرش

الرفش والرفش، مجرفة يرفش بها البر. ويجز أن يكون الرفش مصدر رفش يرفش وهو الرفع، أي كان نازلاً فصار مرتفعاً. و "من" من صلة الفعل المضمر، وهو ارتقى أو ارتفع.

مخايل أغزرها السراب

المخيلة، السحابة الخليقة بالمطر. وأغزرها أكثرها ماء. يضرب للذي يكثر الكلام وأكثره ليس بشيء.

من قبل توتير تروم النبض

النبض، اسم من الأنباض، وهو صوت يخرج من القوس إذا نزع فيها. يضرب لمن يروم الأمر قبل وقته.

ما من عزة إلا وإلى جنبها عرة

يضرب للقوم الكرام يشوبهم اللئام.

من ترك المراء سلمت له المروءة

من عاشر الناس بالمكر كافؤوه بالغدر

المعاذر مكاذب

المعاذر، جمع معذرة. وهي العذر. والمكاذب، جمع الكذب. كالمحاسن جمع حسن، والمقابح جمع قبح. وهذا من قول مطرف بن الشخير. وهو مثل قولهم:

المعاذير قد يشوبها الكذب

مع المخض يبدو الزبد أي إذا استقصي الأمر حصل المراد.

ما عدا مما بدا

أي، ما منعك مما ظهر لك أولاً. قاله علي بن أبي طالب للزبير بن العوام رضي الله عنهما يوم الجمل. يريد، ما الذي صرفك عما كنت عليه من البيعة. وهذا متصل بقوله: عرفتني بالحجاز وأنكرتني بالعراق، فما عدا مما بدا?

من صدق الله نجا

روى أبو هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن ثلاثة نفر انطلقوا إلى الصحراء، فمطرتهم السماء، فلجؤوا إلى كهف في جبل ينتظرون إقلالع المطر؛ فبينما هم كذلك إذ هبطت صخرة من الجبل وجثمت على باب الغار فيئسوا من الحياة والنجاة، فقال أحدهم: لينظر كل واحد منكم إلى أفضل عمل عمله فليذكره، ثم ليدع الله تعالى، عسى أن يرحمنا وينجينا. فقال أحدهم: اللهم إن كنت تعلم أني كنت باراً بوالدي وكنت آتيهما بغبوقهما فيغتبقانه، فأتيت ليلة بغبوقهما فوجدتهما قد ناما وكرهت أن أوقظهما وكرهت الرجوع، فلم يزل ذاك دأبي حتى طلع الفجر؛ فإن كنت عملت ذلك لوجهك فأفرج عنا، فمال الصخرة عن مكانها حتى دخل عليهم الضوء. وقال الآخر: اللهم إنك تعلم أني هويت امرأة ولقيت في شأنها أهوالاً حتى ظفرت بها وقعدت منها مقعد الرجل من المرأة قالت: إنه لا يحل لك أن تفض خاتمي إلا بحقه فقمت عنها؛ فإن كنت تعلم أنه ما حملني على ذلك إلا مخافتك فأفرج عنا، فانفرجت الصخرة، حتى لو شاء القوم أن يخرجوا لقدروا. وقال الثالث: اللهم إنك تعلم أني استأجرت أجراء فعملوا لي فوفيتهم أجورهم، إلا رجلاً واحداً ترك أجره عندي وخرج مغاضباً فربيت أجره حتى نما وبلغ مبلغاً؛ ثم جاء الأجير فطلب أجرته فقلت: هاك ما ترى من المال؛ فإن كنت عملت ذلك لك فافرج عنا. فمالت الصخرة وانطلقوا سالمين؛ فقال صلى الله عليه وسلم: من صدق الله نجا. ومعنى صدق الله لقي الله بالصدق؛ وهو أن يحقق قوله فعله.

من أكثر أهجر

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 326

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 327

الإهجار، الإفحاش. وهو أن يأتي في كلامه بالفحش. والهجر، الاسم من الإهجار. كالفحش من الإفحاش، سمي هجراً لهجر العقلاء إياه. يضرب لمن يأتي في كلامه بما لا يعنيه.

من اغتاب خرق ومن استغفر رقع

الغيبة، اسم من الاغتياب. كالحيلة من الاحتيال. وهو أن تذكر الغائب عنك بسوء. والمعنى من اغتاب خرق ستر الله، فإذا استغفر رقع ما خرق.

من حفر مغواة وقع فيها

قال شمر: المغواة، بئر تحفر وتغطى للضبع والذئب، ويجعل فيها جدي، والجمع، المغويات. ويقال: لكل مهلكة مغواة بالتشديد. ويروى عن عمر رضي الله عنه أن قريشاً تريد أن كون مغويات لمال الله، أي مهلكة له.

من يطع عريباً يمس غريباً

يعني، عريب بن عمليق. ويقال عملوق بن لاوذ بن سام بن نوح، وكان مبذراً للمال. ومثله قولهم:

من يطع عكباً يمس منكباً

ومثله:

من يطع نمرة يفقد ثمره

منك ربضك وإن كان سماراً

أي، منك قريبك وإن كان ردياً. والسمار، اللبن الكثير الماء الرقيق. ويقال لقوت الإنسان الذي يقيمه ويكفيه من اللبن: ربض. ويقال: ربض. والربض الأهل. ومثله في هذا المعنى قولهم:

منك أنفك وإن كان أجدع

يضرب لمن يلزمك خيره وشره وإن كان ليس بمستحكم القرب. وأول من قال ذلك قنفذ بن جعونة المازني للربيع بن كعب المازني. وذلك أن الربيع دفع فرساً كان قد أبر على الخيل كرماً وجودة إلى أخيه كميش ليأتي به أهله؛ وكان كميش أنوك مشهوراً بالحمق، وكان رجل من بني مالك يقال له قراد بن جرم قدم على أصحاب الفرس ليصيب منهم غرة فيأخذها، وكان داهية فمكث فيهم مقيماً لا يعرفون نسبه ولا يظهره هو؛ فلما نظر إلى كميش راكباً الفرس ركب ناقته، ثم عارضه فقال: يا كميش هل لك في عانة لم أر مثلها سمناً ولا عظماً وعير معها من ذهب? فأما الأتن فتروح بها إلى أهلك، فتملأ قدورهم وتفرح صدورهم، وأما العير فلا افتقار بعده. قال له كميش: وكيف لنا به? قال: أنا لك به، وليس يدرك إلا على فرسك هذا، ولا يرى إلا بليل ولا يراه غيري. قال كميش: فدونكه. قال: نعم، وامسك أنت راحلتي؛ فركب قراد الفرس وقال: انتظرني في هذا المكان إلى هذه الساعة من غد؛ قال: نعم، ومضى قراد فلما توارى أنشأ يقول:
ضيعت في العير ضلالاً مهركا لتطعم الحي جميعاً عـيركـا
فسوف تأتي بالهوان أهـلـكـا وقبل هذا ما خدعت الأنوكـا
فلم يزل كميش ينتظره حتى أمسى من غده وجاع؛ فلما لم ير له أثراً انصرف إلى أهله وقال في نفسه: إن سألني أخي عن الفرس قلت: تحول ناقة. فلما رآه أخوه الربيع عرف أنه خدع عن الفرس، فقال له: أين الفرس? قال: تحول ناقة. قال: فما فعل السرج؛ قال: لم أذكر السرج، فاطلب له علة، فصرعه الربيع ليقتله، فقال له قنفذ بن جعونة: أله عما فاتك، فإن أنفك منك وإن كان أجدع. فذهبت مثلاً. وقدم قراد ابن جرم على أهله بالفرس وقال في ذلك:
رأيت كميشاً نوكـه لـي نـافـع ولم أر نوكاً قبـل ذلـك ينـفـع
يؤمل عيراً من نضار وعسـجـد فهل كان لي في غير ذلك مطمع
وقلت له: أمسك قلوصي ولا ترم خداعاً له إذ ذو المكـايد يخـدع
فأصيح يرمي الخافقين بطـرفـه وأصبح تحتي ذو أفانين جرشـع
أبر على الجود العناجيج كلـهـا فليس ولو أقحمته الوعر يكسـع

ما أنت بأنجاهم مرقة

المرقة، النفس. وأنجى من النجاة. يضرب لمن أفلت من قوم قد أخذوا وأصيبوا.

من نجا برأسه فقد ربح

يضرب في إبطاء الحاجة وتعذرها حتى يرضى صاحبها بالسلامة منها. قال أبو عبيد: وهذا الشعر أراه قيل في ليالي صفين.
الليل دلج والكباش تنتـطـح نطاح أسد ما أراها تصطلح

فمن نجا برأسه فقد ربح

متى عهدك بأسفل فيك

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 327

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 328

أي متى أنفرت. يضرب للأمر القديم وللرجل يخرف قبل وقت الخرف. وقال ابن الأعرابي: يضرب للذي يطلب ما لا يناله. ويعني القائل به أسنانه إذا كان صغيراً. قال: وهذا مثل قولهم: هيهات طار غرابها بحر ذلك. وقال في موضع آخر: يضرب للأمر قد فات ولم يطمع فيه. قال: ومثله عهدك بالغايات قديم. وقال أبو زيد: من أمثالهم، متى عهدك بأسفل فيك? وذلك إذا سألته عن أمر قديم لا عهد له به. وقال أبو عمرو: تقول إذا قدم عهدك بالرجل ثم رأيته متى عهدك بأسفل فيك? فيقول المجيب: زمن السلام رطاب. وربما قيل: زمن الفطحل، يريدون به قدم العهد.

من وقي شر لقلقه وقبقبه وذبذبه فقد وقي

اللقلق، السان. والقبقب، البطن. والذبذب، الفرج. يضرب لمن يكثر.

من يسمع يخل

يقال: خلت إخال بالكسر، وهو الأفصح. وبنو أسد يقولون: أخال بالفتح، وهو القياس. المعنى من يسمع أخبار الناس ومعايبهم يقع في نفسه عليهم المكروه.

من كلا جنبيك لا لبيك

ويروى، جانبيك وهما سواء. يضرب للمخذول.

من يطل هن أبيه ينتطق به

يريد من كثر إخوته اشتد ظهره وعز بهم قال الشاعر:
فلو شاء ربي كان أير أبـيكـم طويلاً كأير الحرث بن سدوس
قال الأصمعي: كان للحرث بن سدودس أحد وعشرون ذكراً. وأما المثل الآخر في قولهم:

من يطل ذيله ينتطق به

فأخبر أبو حاتم عن الأصمعي أنه قال: يراد، من وجد سعة وضعها في غير موضعها. ويروى: من يطل ذيله يطأ فيه. يضرب للغني المسرف.

من ينكح الحسناء يعط مهرها

أي من طلب حاجة اهتم بها وبذل ماله فيها. يضرب في المصانعة بالمال.

من سره بنوه ساءته نفسه

قائل هذا المثل ضرار بن عمرو الضبي، وكان ولده قد بلغوا ثلاثة عشر رجلاً، كلهم قد غزا ورأس، فرآهم يوماً معاً وأولادهم، فعلم أنهم لم يبلغوا هذه الأسنان إلا مع كبر سنه؛ فقال: من سره بنوه ساءته نفسه. فأرسلها مثلاً.

مثل ابنة الجبل مهما يقل نقل

يضرب للإمعة يتبع كل إنسان على ما يقول.

من أشبه أباه فما ظلم

أي لم يضع الشبه في غير موضعه، لأنه ليس لأحد أولى به منه بأن يشبهه. ويجوز أن يراد: فما ظلم الأب، أي لم يظلم حين وضع زرعه حيث أدى إليه الشبه. وقد وفد إليه ابنه الربيع بن البارع فقال: مرحباً بولده بل بولدي الظريف الربيع الوارد في الخريف.
كأنك قد قابلت منه سجنجلاً فجاءك منه بالخيال المماثل
وما ظلم إذا أشـبـه أبـاه وإنما ظلمه أن لو كان أباه

من يكن أبوه حذاء تجد نعلاه

يقول: من كان ذا جدة جد متاعه. يضرب لمن كانت له أعوان ينصرونه.

من لك بأخيك كله

أي من يكفل ويضمن لك بأخ كله لك. أي كل ما فعله مرضي. يعني لا بد أن يكون فيه ما تكره. وهذا يروى عن قول أبي الدرداء الأنصاري رضي الله عنه. يضرب في عز الإخاء.

من العناء رياضة الهرم

دخل بعض الشراة على المنصور فقال له شيئاً في توبيخه، فقال الشاري:
أتروض عرسك بعد ما كبرت ومن العناء رياضة الـهـرم
فلم يسمعه المنصور لضعف صوته، فقال الربيع: ما يقول الشيخ? قال، يقول:
العبد عبدكم والمـال مـالـكـم فهل عذابك عني اليوم مصروف
فأمر بإطلاقه واستحسن من الربيع هذا الفعل.

ما استتر من قاد الجمل

قال القلاخ:
أنا القلاخ بن جناب بن جلا أخو خناثير أقود الجمـلا

ما له سارحة ولا رائحة

سرحت الماشية، أرسلتها في المرعى فسرحت هي. والمعنى، ما له ما تسرح وتروح. أي، شيء، ومثله كثير.

معيوراء تكادم

المعيوراء، جمع الأعيار، جمع غريب. والتكادم التعاض. يضرب مثلاً للسفهاء تتهارش.

من لي بالسانح بعد البارح

السانح من الصيد ما جاء عن شمالك فولاك ميامنه، والبارح ما جاء عن يمينك فولاك مياسره، والناطح ما تلقاك، والقعيد ما استدبرك، وأصل المثل أن رجلاً مرت به ظباء بارحة، والعرب تتشاءم بها، فكره الرجل ذلك، فقيل له: إنها ستمر بك سانحة، فعندها قال: من لي بالسانح بعد البارح. يضرب مثلاً في اليأس عن الشيء.

من استرعى الذئب ظلم

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 328

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 329

أي ظلم الغنم. ويجوز أن يراد، ظلم الذئب حيث كلفه ما ليس في طبعه. يضرب لمن يولي غير الأمين. قالوا: إن أول من قال ذلك أكثم بن صيفي، وذلك أن عامر بن عبيد بن وهيب تزوج صعبة بنت صيفي أخت أكثم، فولدت له بنين، ذئباً وكلباً وسبعاً، فتزوج كل امرأة من بني أسد ثم من بني حبيب، وأغار على الأقياس وهم قيس بن نوفل وقيس بن وهبان وقيس بن جابر، فأخذ أموالهم وأغار بنو أسد على بني كلب وهم بنو أختهم، فأخذوهم بالأقياس، فوفد كلب بن عامر على خاله أكثم فقال: ادفع إلى الأقياس أموالهم حتى أفتدي بها بني من بني أسد، فأراد أكثم أن يفعل ذلك، فقال أبوه صيفي: يا بني لا تفعل، فإن الكلب إنسان زهيد، إن دفعت إليه أموالهم أمسكها، وإن دفعت إليه الأقياس أخذ منهم الفداء، ولكن تجعل الأموال على يد الذئب، فإنه أمثل أخوته وأنبلهم، وتدفع الأقياس إلى الكلب فإذا أطلقهم فمر الذئب أن يدفع إليهم أموالهم. فجعل أخاه الذئب فأخذ منه أموالهم ثم قال لهم: إن شئتم جززت نواصيكم وخليت سبيلكم وذهبت بأموالكم وخليتم سبيل أولادي وذهبتم بأموالهم، وبلغ ذلك أكثم فقال: من استرعى الذئب ظلم، وأطمع الكلب في الغداء فطول على الأقياس، فأتاه أكثم فقال: إنك لفي أموال بني أسد وأهلك في الهوان. ثم قال: نعيم كلب في هوان أهله، فأرسلها مثلاً.

من حب طب

قالوا: معناه من أحب فطن واحتال لمن يحب. والطب، الحذق.

من نطاته لا يعرف قطاته من لطاته

النطاة، الحمق. ويروى: من رطاته وهي الحمق أيضاً. وأصله الهمز. يقال: رطئ بين الرطاءة، ولكنه ترك الهمز. والقطاة الردف. واللطاة الجبهة.

مطله مطل نعاس الكلب

وذلك أن نعاس الكلب دائم متصل. وقال: لاقيت مطلاً كنعاس الكلب.

المنايا على السوايا

ويروى، على الحوايا. يقال أن المثل لعبيد بن الأبرص قاله حين استنشده النعمان بن المنذر يوم بؤسه. قال أبو عبيد: يقال إن الحوايا في هذا الموضع مركب من مراكب النساء واحدتها حوية. قال: وأحسب أن أصلها قوم قتلوا فحملوا على الحوايا، فصارت مثلاً. يضرب عند الشدائد والمخاوف. والسوايا مثل الحوايا.

المنية ولا الدنية

أي أختار المنية على العار. ويجوز الرفع، أي المنية أحب إلي ولا الدنية. أي وليست الدنية مما أحب وأختار. قيل: المثل لأوس بن حارثة.

الموت الأحمر

قال أبو هبيد: يقال ذلك في الصبر على الأذى والمشقة والحمل على البدن. قال: ومنه قول علي رضي الله عنه: كنا إذا احمر البأس اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يكن منا أحد أقرب إلى العدو منه. قال الأصمعي: في هذا قولان. قال: الموت الأحمر والأسود شبه بلون الأسد كأنه أسد يهوي إلى صاحبه. قال: ويكون من قولهم: وطأة حمراء إذا كانت طرية، فكان معناه الموت الجديد. وقال أبو عبيد: الموت الأحمر معناه أن يسمدر بصر الرجل من الهولن فيرى الدنيا في عينه حمراء أو سمراء. كما قال: قال أبو زبيد الطائي في صفة الأسد:
إذا علقت قرناً خطاطيف كتفـه رأى الموت بالعينين أسود أحمرا
وفي الحديث، أسرع الأرض خراباً البصرة بالموت الأحمر والجوع الأغبر.

الموت السجيح خير من الحياة الذميمة

السجاحة، السهولة واللين. ومنه، وجه أسجح، وخلق سجيح. أي لين.

من عتب على الدهر طالت معتبته

أي عتبه، وهذا من كلام أكثم بن صيفي، وهو الغضب. أي من غضب على الدهر طال غضبه لأن الدهر لا يخلو من أذى.

المكثار كحاطب ليل

هذا من كلام أكثم بن صيفي. قال أبو عبيد: وإنما شبهه بحاطبب الليل لأنه ربما نهشته الحية ولدغته العقرب في احتطابه ليلاً. فكذلك المكثار، ربما يتكلم بما فيه هلاكه. يضرب للذي يتكلم بكل ما يهجس في خاطره. قال الشاعر:
احفظ لسانك أيها الإنـسـان لا يقتلنك إنـه ثـعـبـان.
كم في المقابر من قتيل لسانه كانت تخاف لقاءه الأقـران

من ير يوماً ير به

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 329

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 330

قال المفضل: أول من قال ذلك كلحب بن شؤبوب الأسدي، وكان يغير على طيء وحده، فدعا حارثة بن لام الطائي رجلاً من قومه يقال له عترم، وكان بطلاً شجاعاً فقال له: أما تستطيع أن تكفيني هذا الخبيث? فقال: بلى، ثم أرسل معه عشرة من العيون حتى علموا مكانه وانطلق إليه الرجل في جماعة فوجدوه نائماً في ظل أراكة، وفرسه مشدودة عنده، فنزل عنده الرجل ومعه آخر إليه، فأخذ كل واحد منهما بإحدى يديه فانتبه فنزع يده اليمنى من ممسكها وقبض على حلق الآخر فقتله، وبادر الباقون إليه فأخذوه وشدوه وثاقاً، فقال لهم ابن المقتول، وهو حوذة ابن عتزم: دعوني أقتله كما قتل أبي، قالوا: حتى نأتي به حارثة، فأبى، فقالوا له: والله لئن قتلته لنقتلنك؛ وأتوا به حارثة بن لام، فقال له حارثة: يا كلحب، إن كنت أسيراً فطالما أسرت. فقال كلحب: من ير يوماً ير به. فأرسلها مثلاً. وقال حوذة لحارثة: أعطنيه أقتله كما قتل أبي. قال: دونكه، وجعلوا يكلمونه، وهو يعالج كتافه، حتى انحل ثم وثب على رجليه يجاريهم وتواثبوا على الخيل وأتبعوه فأعجزهم فقال حوذة في ذلك:
إلى الله أشكو أن أؤوب وقد ثوى قتيلاً فأودى سيد القوم عـتـرم
فمات ضياعاً هكذا بـيد امـرئ لئيم فلولا قيل ذو الوتر معلـم
فأجابه كلحب:
أحوذة إن تفخر وتزعـم أنـنـي لئيم فمني عتـرم الـلـؤم الأم
فأقسم بالبيت المحرم من مـنـى ألية بر صـادق حـين يقـسـم
لضب بقفر من قـفـار وضـبة خمرع ويربوع الفلا منك أكرم
فهل أنت إلا خنفـسـاء لـئيمة وخالك يربوع وجـدك شـيهـم
أتوعدني بالمنـكـرات وإنـنـي صبور على ما ناب جلد صلخدم
فإن أفن أو أعمر إلى وقت هذه فإني ابن شؤبوب جسور غشمشم

من ينك العير ينك نياكاً

أول من قال ذلك خضر بن شبل الخثعمي، وكانت امرأته صديقة لرجل، يقال له هشيم، وإن خضراً أخذ ماله ذهباً وفضة، فدفنه في أصل شجرة ثم رجع، فأخبر امرأته بما دفن، فأرسلت وليدتها إلى هشيم تخبره بمكان المكان وتأمره بأخذه، فجاءت الوليدة إلى سيدها فقالت: إن امرأتك مواتية لهشيم، ولم يمنعني أن أعلمك ذلك قبل هذا اليوم إلا رهبة أن لا تؤمن به، وآية ذلك أنها أرسلتني إلى هشيم تخبره بالمكان الذي دفنت فيه المال، فما تأمرني? قال: انطلقي إلى هشيم برسالتها، فانطلقت إليه وركب خضر فرسه وانطلق وأنشأ يقول:
يا سلم قد لاح لي ما كان يبلغني عنكم فأيقنت أني كنت مأكـولا
وقد حبوتك إكرامـاً ومـنـزلة لو كان عندك إكراميك مقبـولا
فقد أتاني بما قد كنت أحـمـده من سرها أن أمري كان تضليلا
فسوف أبدل سلمى من جنايتهـا هلكاً وأتبعه منهـا عـقـابـيلا
وسوف أبعث إن مد البقاء لـنـا على هشيم مرنات مـثـاكـيلا
فلما انتهى إلى ذلك المكان وجد هشيماً قد سبقه وأخذ المال، فأسف ورجع يؤامر نفسه في قتل امرأته، وجعل يكاد يتهم الجارية؛ ثم عزم على مكايدة امرأته حتى يظفر بحاجته، فجرع إلى منزله كأنه لا يعلم بشيء مما كان، وسكت أياماً، ثم قال لامرأته: إني مستودعك سراً. قالت: إني إذاً أرعاه. قال: إني لقيت غواصاً جانباً من جنبات البحر ومعه درتان فقتلته وأخذتهما منه ودفنتهما في موضع كذا وكذا، وقال للوليدة: إذا أرسلتك إلى الهشيم فابدئي بي، ولم يعلمها ما قال لامرأته؛ فأرسلت امرأته الوليد إلى هشيم، فأتت الوليد خضراً فأخبرته فعرف أنها صادقة، وقال لها انطلقي فأعلميه، وركب هو وأخ له يقال له صبيد، وخرج هشيم وقد سبقاه فكمنا له حيث لا يراهما فأقبل يتغنى:
سلبتك يا ابن شب وصل سلمى ومالك ثم تسلـب درتـاكـا
فأنت اليوم مـغـبـون ذلـيل تسام العار فينا والـهـلاكـا
إذا ما جئت تطلب فضل مالي ضربت مليحة خوضاً ضناكا
وترجع خائباً كمـداً حـزينـاً تحك جليد فقحتك احتكـاكـا
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 330

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 331

فشد عليه خضر وهو يقول: من ينك العير ينك نياكاً. ثم أخذه وكتفه وقال: أين مالي? فأخبره بموضعه، فضرب عنقه وذهب إلى ماله فأخذه وانصرف إلى امرأته فقتلها واحتبس وليدتها مكانها. يضرب مثلاً لمن يغالب الغلاب.

من سلك الجدد أمن العثار

الجد، الأرض المستوية. يضرب في طلب العافية.
ومثله:

من تجنب الخبار أمن العثار

الخبار: الأرض المهملة فيها حجارة ولخافيق.

من دخل ظفار حمر

ظفار، قرية باليمن يكون فيها المغرة؛ وهو، أعني ظفار مبني على الكسر مثل قطام حزام. يضرب للرجل يدخل في القوم فيأخذ بزيهم.

من يرد السيل على أدراجه

أدراج السيل طرقه ومجاريه. يضرب لما لا يقدر عليه.

من يشتري سيفي وهذا أثره?

قال المفضل: أول من قال ذلك الحرث بن ظالم المري. وذلك أن خالد بن جعفر بن كلاب لما قتل زهير بن جذيمة العبسي ضاقت به الأرض وعلم أن غطفان غير تاركيه، فخرج حتى أتى النعمان فاستجار به فأجاره، ومعه أخوه عتبة بن جعفر. ونهض قيس بن زهير فاستعد لمحاربة بني عامر، وهجم الشتاء، فقال الحرث بن ظالم: يا قيس، أنتم أعلم وحربكم، وأنا راحل إلى خالد حتى أقتله. قال قيس: قد أجاره النعمان. قال الحرث: لأقتلنه ولو كان في حجره، وكان النعمان قد ضرب على خالد وخيه قبة وأمرهما بحضور طعامه ومدامه، فأقب الحرث ومعه تابع له من بني محارب، فأتى باب النعمان فاستأذن له النعمان وفرح به، فدخل الحرث، وكان من أحسن الناس وجهاً وحديثاً وأعلم الناس بأيام العرب، فأقبل النعمان عليه بوجهه وحديثه وبين أيديهم تمر يأكلونه، فلما رأى خالد إقبال النعمان على الحرث غاظه، فقال: يا أبا ليلى، ألا تشكرني? قال: فبماذا? قال: قتلت زهيراً فصرت بعده سيد غطفان؛ وفي يد الحرث تمرة فاضطربت يده وجعل يرعد ويقول: أنت قتلته، والتمر يسقط من يده، ونظر النعمان إلى ما به من الزمع فنخس خالداً بقضيبه وقال: هذا يقتلك. وافترق القوم وبقي الحرث عند النعمان، وأشرج خالد قبته عليه وعلى أخيه وناما وانصرف الحرث إلى رحله؛ فلما هدأت العيون خرج الحرث بسيفه شاهره حتى أتى قبة خالد فهتك شرجها بسيفه ودخل فرأى خالداً نائماً، وأخوه إلى جنبه، فأيقظ خالداً فاستوى قائماً فقال له الحرث: يا خالد، أظننت أن دم زهير كان سائغاً لك؛ وعلاه بسيفه حتى قتله. وانتبه عتبة فقال له الحرث: لئن نبست لألحقنك به. وانصرف الحرث وركب فرسه ومضى على وجهه، وخرج عتبة صارخاً حتى أتى باب النعمان فنادى: يا سوء جواراه: فأجيب: لا روع عليك. فقال: دخل الحرث على خالد فقتله وأخفر الملك. فوجه النعمان فوارس في طلبه فلحقوه سحراً، فعطف عليهم فقتل منهم جماعة وكثروا عليه فجعل لا يقصد لجماعة إلا فرقها، ولا لفارس إلا قتله، وهو يرتجز ويقول:
أنا أبو ليلى وسـيفـي قـائم من يشتري سيفي وهذا أثره
وارتدع القوم عنه وانصرفوا إلى النعمان. يضرب في المحاذرة من شيء قد ابتلي بمثله مرة. قال الأغلب العجلي:

قالت له في بعض ما تسطره: من يشتري سيفي، وهذا أثره

من عز بز

أي من غلب سلب. قالت الخنساء:
كأن لم يكونوا حنى يتـقـى إذ الناس إذ ذاك من عز بزا
قال المفضل: وأول من قال "من عز بز" رجل من طيئ يقال له جابر بن رألان أحد بني ثعل. وكان في حديثه أنه خرج ومعه صاحبان له، حتى إذا كانوا بظهر الحيرة، وكان للمنذر بن ماء السماء يوم يركب فيه فلا يلقى أحداً إلا قتله، فلقي في ذلك اليوم جابراً وصاحبيه أخذتهم الخيل بالسوية، أتى بهم المنذر فقال: اقترعوا، فأيكم قرع خليت سبيله، وقتلت الباقين. فاقترعوا فقرعهم جابر بن رألان فخلى سبيله وقتل صاحبيه، فلما رآهما يقادان ليقتلا قال: من عز بز. فأرسلها مثلاً.

من يأكل خضماً لا يأكل قضماً ومن لا يأكل قضماً يأكل خضماً

الخضام، الأكل بجميع الفم. والقضم، الأكل بأطراف الأسنان. يضرب في تدبير المعيشة، قال الشاعر:
لقد رابني من أهل أرضي أنـنـي أرى الناس حولي يخضمون وأقضم
وما ذاك من عجز وسـوء جـبـلة أخاك ولكـنـي امـرؤ أتـكـرم

من يرى الزبد يخله من لبن

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 331

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 332

أصل هذا أن رجلاً سأل امرأة فقال: هل لبنت غنمك? فقالت: لا، وهو يرى عندها زبداً، فقال: من يرى الزبد يخله من لبن. يضرب للرجل يريد أن يخفي ما لا يخفى. وقال أبو الهيثم: من يرى الزبد بفتح الزاي والباء، والصحيح ما تقدم.

من اشترى اشتوى

قال أبو عبيد: اشتوى بمعنى شوى، وهذا المثل عن الأحمر. يضرب في المصانعة بالمال في طلب الحاجة.

من فاز بفلان فقد فاز بالسهم الأخيب

وفي كلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال لأصحابه: من فاز بكم فقد فاز بالسهم الأخيب. يضرب في خيبة الرجل من مطلوبه.

من مال جعد وجعد غير محمود

أول من قاله جعد بن الحصين الخضري أبو صخر بن جعيد الشاعر، وكان قد أسن فتفرق عنه بنوه وأهله وبقيت له جارية سوداء تخدمه، فعشقت فتى في الحي يقال له عرابة، فجعلت تنقل إليه ما في بيت جعد، ففطن لها جعد فقال:
أبلغ لديك بني عمرو مغلـغـلة عمراً وعوفاً وما قولي بمردود
بأن بيني أمسـى وفـق داهـية سوداء قد وعدتني شر موعـود
تعطي عرابة بالكفين مجتنـحـاً من الخلوق وتعطيني على العود
أمسى عرابة ذا مال يسـر بـه من مال جعد وجعد غير محمود
يضرب للرجل يصاب من ماله ويذم.

من قنع فنع

الفنع، زيادة المال وكثرته. قال الشاعر:
أظـل بـيتـــي أم حـــســـنـــاء نـــاعـــمة حدثـتـنـي أم عـطـاء الـلـــه ذا الـــفـــنـــع
من عرف بالصدق جاز كذبه ومن عرف بالكذب لم يجز صدقه

من خاصم بالباطل أنجح به

أي من طلب الباطل قعدت به حجته وغلب. قال أبو عبيد: معناه أن نجح الباطل عليه لا له. يقال أنجح إذا صار ذا نجح، بمعنى: من خاصم بالباطل صار الباطل منجحاً، أي ظافراً به.

مخرنبق لينباع

الأخرنباق، الإطراق والسكوت. والانبياع، الامتداد والوثب. أي، أنه أطرق ليثب. ويروى، لينباق. أي يأتي بالبائقة وهي الداهية.

أمكراً وأنت في الحديد

قال أبو عبيد: هذا المثل لعبد الملك بن مروان قاله لسعيد بن عمرو بن العاص، وكان مكبلاً، فلما أراد قتله قال: يا أمير المؤمنين، إن رأيت أن لا تفضحني بأن تخرجني للناس فتقتلني بحضرتهم فافعل، وإنما أراد سعيد بهذه المقالة أن يخالفه عبد الملك فيما أراد فيخرجه، فإذا أظهره منعه أصحابه وحالوا بينه وبين قتله، فقال: يا أبا أمية أمكراً وأنت في الحديد. يضرب لمن أراد أن يمكر وهو مقهور.

مجاهرة إذا لم أجد مختلاً

المجاهرة بالعداوة، المباداة بها. والختل، الختر. يقول آخذ حقي مجاهرة أي علانية قهراً، إذا لم أختل إليه في العافية وأستر. ونصب "مجاهرة" على تقدير أجاهر مجاهرة. وقوله: مختلاً أي، موضع ختل. ويجوز مختل بفتح التاء يجعله مصدراً. والتقدير أجاهر فيما أطلب مجاهرة إذا لم أجده ختلاً، أي بالختل.

المرء يعجز لا محالة

أي لا تضيق الحيل ومخارج الأمور إلا على العاجز. والمحالة، الحيلة.

من نجل الناس نجلوه

النجل، أن تضرب الرجل بمقدم رجلك فيتدحرج. ومعنى المثل، من شاور الناس شاوروه. ويجوز أن يكون من نجل إذا رمى، أو من نجل إذا طعن. أي من رماهم بشتم رموه بمثله.

من يبغ في الدين يصلف

أي من يطلب الدنيا بالدين قل حظه منها. وقال الأصمعي: يعني أنه لا يحظى عند الناس ولا يرزق منهم المحبة. والبغي، لتعدي. أي من يتعد الحق في دينه لم يحب لفرط غلوه.

من حفنا أو رفنا فليقتصد

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 332

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 333

يجوز أن يكون "حفنا" من حفت المرأة وجهها، إذا أزالت ما عليه من الشعر تزييناً وتحسيناً. و "رفنا" من رف الغزال ثمر الأراك، أي تناوله. يريد: من تناولنا بالإطراء أو زاننا به فليقتصد. قال أبو عبيد: يقول: من مدحنا فلا يغلون في ذلك، ولكن ليتكلم بالحق فيه. ويقال: من حفنا أي خدمنا أو تعطف علينا، ورفنا، أي حاطنا. ويقال: ما لفلان حاف ولا راف. أي ذهب من كان يحفه ويرفه أي يخدمه ويحوطه. وروي، من حفنا أو رفنا فليترك. وهذا قول امرأة زعموا أن قوماً كانوا يعطفون عليها وينفعونها فانتهت يوماً إلى نعامة قد عصبت بصعرورة، والصعرورة صمغة دقيقة طويلة ملتوية، فألقت عليها ثوبها وغطت به رأسها، ثم انطلقت إلى أولئك القوم فقالت: من كان يحفنا أو يرفنا فليترك، لأنها زعمت أنها استغنت بالنعامة، ثم رجعت فوجدت النعامة قد أساغت الصعرورة وذهبت بالثوب. يضرب لمن يبطره الشيء اليسير ويثق بغير الثقة.

من قل ذل ومن أمر فل

قال أوس بن حارثة. أمر، أي كثر. يعني، من قل أنصاره غلب، ومن كثر أقرباؤه قل أعداؤه.

من اللجاجة ما يضر وبنفع

أول من قال ذلك الأسعر بن أبي حمران الجعفي، وكان راهن على مهر له كريم فعطب فقال:
أهلكت مهري في الرهان لجاجة ومن اللجاجة ما يضر وينـفـع

من غير خير طرحك أهلك

يقال أنه كان رجل قبيح الوجه، فأتى على محلة قوم قد انتقلوا عنها فوجد مرآة فأخذها فنظر فيها إلى وجهه، فلما رأى قبحه فيها طرحها وقال: من غير خير طرحك أهلك. فذهبت مثلاً.

من مأمنه يؤتى الحذر

هذا المثل يروى عن أكثم بن صيفي التميمي. أي أن الحذر لا يدفع عنه مالا بد له منه، وإن جهد جهده. ومنه الحديث: لا ينفع حذر من قدر.

الموت دون الجمل المجلل

أول من قال ذلك عبد الرحمن بن عتبا بن أسيد بن أبي العاص بن أمية، وكان يقاتل يوم الجمل ويرتجز:
أنا ابن عاب وسيفي ولـول والموت دون الجمل المجلل
يعني جمل عائشة، وقطعت يده يومئذ وفها خاتمه فاختطفها نسر فطرحها باليمامة فعرفت يده بخاتمه. ويقال: إن علياً رضي الله عنه وقف عليه وقد قتل فقال: هذا يعسوب قريش جدعت أنفي وشعيت نفسي.

الملك عقيم

يعني إذا تنازع قوم في ملك انقطعت بينهم الأرحام فلم يبق فيه والد على ولده، فصار كأنه عقيم لم يولد له.

المحق الخفي أذكار الإبل

بعني إذا نتجت الإبل ذكوراً محق مال الرجل ولا يعلمه كل أحد.

من شم خمارك بعدي

أي ما نفرك عني. يضرب لمن نفر بعد السكون.

من يمدح العروس إلا أهلها

يضرب في اعتقاد الأقارب بعضهم ببعض وعجبهم بأنفسهم. قيل لأعرابي: ما أكثر ما تمدح نفسك! قال: فإلى من أكل مدحها? وهل يمدح العروس إلا أهلها?

من يأتي الحكم وحده يفلح

لأنه لا يكون معه من يكذبه.

مواعيد عرقوب

قال أبو عبيد: هر رجل من العماليق أتاه أخ له يسأله، فقال له عرقوب: إذا اطلعت هذه النخلة فلك طلعها. فلما اطلعت أتاه للعدة فقال: دعها حتى تصير بلحاً؛ فلما أبلحت قال: دعها حتى تصير زهواً، فلما زهت قال: دعها حتى تصير رطباً، فلما أرطبت قال: دعها حتى تصير تمراً، فلما أتمرت عمد إليها عرقوب من الليل فجذها، لم يعط أخاه شيئاً. فصار مثلاً في الخلف. وفيه يقول الأشجعي:
وعدت وكان الخلف منك سجية مواعيد عرقوب أخاه بيثـرب
ويروى بيترب، وهي مدينة الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام. ويترب بالتاء وفتح الراء موضع قريب من اليمامة. وقال آخر:
وأكذب من عرقوب ساكن يتـرب وأبين شؤماً في الحوائج من زحل

من يجتمع يتقعقع عمده

أي لا بد من افتراق بعد اجتماع. ويقال في معناه: إذا اجتمع القوم وتقاربوا وقع بينهم الشر فتفرقوا.

متى يأتي غواثك من تغيث

يضرب في استبطاء الغوث، وللرجل يعد ثم يمطل. يقال: غوث الرجل إذا قال: واغوثاه. والاسم الغوث والغواث والغواث. قال الفراء: لم يأت في الأصوات شيء بالفتح غيره، وإنما يأتي بالضم كالبكاء والدعاء، أو بالكسر كالنداء والصياح.

من يمش يرض بما ركب

يضرب للذي يضطر إلى ما كان يرغب عنه.

من عال بعدها فلا اجتبر

يقال: جبر فجبر، وانجبر واجتبرن وعال أي افتقر يعيل عيلة. وهذا من قول عمرو بن كلثوم:  
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 333

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 334

من عال منا بعدها فلا اجتـبـر ولا سقى الماء ولا رعى الشجر

من لاحاك فقد عاداك

اللحي واللحو القشر، أي من تعرض لقشر عرضك فقد نصب لك العداوة. والمثل من قول أكثم بن صيفي. وفي الحديث، أن أول ما نهاني ربي عنه بعد عبادة الأوثان شرب الخمور، وملاحاة الرجال.

من حقر حرم

يقال: حقرته وأحقرته واستحقرته، إذا عددته حقيراً. أي من حقر يسيراً ما يقدر عليه ولم يقدر على الكثير ضاعت لديه الحقوق. وفي الحديث، لا تردوا السائل ولو بظلف محرق.

من صانع الحاكم لم يحتشم

أي من رشا الحاكم لم يحتشم من التبسط عليه. وروى أبو عبيد: من صانع بالمال لم يحتشم من طلب الحاجة. يضرب في بذل المال عند طلب المراد.

من يلق أبطال الرجال يكلم

قاله عقيل بن علقمة المري وقد رماه عملس ابنه بسهم فحل فخذه. وهي أبيات منها:
إن بني زملوني بـالـدم شنشنة أعرفها من أخزم

من يلق أبطال الرجال يكلم

من لا يذد عن حوضه يهدم

أي من لم يدفع عن نفسه يظلم ويهضم.

من العجز والتواني نتجت الفاقة

أي هما سبب الفقر. وهذا من كلام أكثم بن صيفي حيث يقول: المعيشة أن لا تني في استصلاح المال والتقدير. وأحوج الناس إلى الغنى من لم يصلحه إلا الغنى، وكذلك الملوك. وإن التغرير مفتاح البؤس، ومن التواني والعجز نتجت الفاقة. ويروى، االهلكة. قوله: التغرير مفتاح البؤس، يريد أن من كان في شدة وفقر إذا غرر بنفسه بأن يوقعها في الأخطار ويحمل عليها أعباء الأسفار يوشك أن يفتح عنه أقفال البؤس، ويرفل في حسن الحال في أضفى اللبوس. ومثل ما حكي من كلام أكثم بن صيفي ما حكاه المؤرج بن عمرو السدوسي، قال: سأل الحجاج رجلاً من العرب عن عشيرته قال: أي عشيرتك أفضل? قال: أتقاهم لله بالرغبة في الآخرة والزهد في الدنيا. قال: فأيهم أسود? قال: أرزنهم حلماً حين يستجهل، وأسخاهم حين يسأل. قال: أيهم أدهى? قال: من كتم سره ممن أحب مخافة أن يشار إليه يوماً. قال فأيهم أكيس? قال: من يصلح ماله ويقتصد في معيشته. قال فأيهم أرفق? قال: من يعطي بشر وجهه أصدقاءه، ويتلطف في مسألته، ويتعاهد حقوق إخوانه في إجابة دعواتهم وعيادة مرضاهم والتسليم عليهم والمشي مع جنائزهم، والنصح لهم بالغيب. قال: أيهم أفطن? قال: من عرف ما يوافق الرجال من الحديث حين يجالسهم. قال: فأيهم أصلب? قال: من اشتدت عارضته في اليقين وحزم في التوكل ومنع جاره من الظلم.

موت لا يجر إلى عار خير من عيش في رماق

يقال: ما في عيش فلان رمقة ورماق، أي بلغة. والمعنى، مت كريماً ولا ترض بعيش يمسك الرمق.

مأربة لا حفاوة

أي إنما يكرمك لأرب له فيك لا لمحبته لك. يقال: مأربة ومأربة، وهما الحاجة، وحفي به يحفى حفاوة، إذا اهتم بشأنه وبالغ في السؤال عن حاله. ورفع "مأربة" على تقدير هذه مأربة. ومن نصب أراد، فعلت هذا مأربة، أي للمأربة لا للحفاوة.

من دون ما تؤمله نهابر

قال أبو عمرو: النهابر ما تجهم لك من الليل من واد أو عقبة أو حزونة. يضرب في الأمر يشتد الوصول إليه.

مولاك وإن عناك

أي هو، وإن جهل عليك، فأنت أحق من تحمل عنه. أي استبق أرحامك. و "مولاك" في موضع النصب على تقدير احفظ أو راع مولاك.

من لك بدناية لو

أي من لك بأن يكون "لو" حقاً. وقال:
تعلقت من أذناب لو بليتني وليت كلو خيبة ليس تنفع

من سبك قال من بلغني

أي الذي بلغك ما تكره هو الذي قاله لك، لأنه لو سكت لم تعلم.

مشى إليه الملا والبراح

هما بمعنى واحد. أي مشى إليه ظاهراً.
وهذا قريب من مضادة قولهم:

مشى إليه الخمر ودب له الضراء

معاود السقي سقي صبياً

يضرب لمن جرب الأمور وعمل الأعمال. ونصب "صبياً" على الحال، أي عاود هذا الأمر وعالجه مذ كان صبياً.

من قنع بما هو فيه قرت عينه

ومن لبس يأساً على مافته ودع بدنه

ومن رضي باليسير طابت معيشته

ومن عتب على الدهر طالت معتبته

هذا من كلام أكثم بن صيفي.

من يرد الفرات عن دراجه

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 334

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 335

ويروى عن أدراجه؛ وهما جمع درج، أي عن وجهه الذي توجه له. يروى أن زيد بن صوجان العبدي حين أتاه رسول عائشة رضي الله عنها بكتاب فيه: من عائشة أم المؤمنين إلى ابنها الخالص زيد بن صوحان؛ تأمره بتثبيط أهل الكوفة عن المسارعة إلى علي رضي الله عنه، فقال زيد ابن صوحان: أمرت بأمر وأمرنا بأمر؛ فأمرنا أن نقاتل حتى لا تكون فتنة، وأمرت أن تقعد في بيتها، أمرتنا بما أمرت، ونهتنا عما أمرنا به. ثم دخل مسجد الكوفة فرفع يده اليسرى، وكانت قد قطعت يوم اليرموك، ثم قال فيما يقول: من يرد الفرات عن دراجه. يعني أن الأمر خرج من يده وأن الناس عزموا على الخروج من الكوفة فهو لا يقدر أن يردهم من فورهم هذا.

مذقتي أحب إلى من مخضة آخر

هذا الكلام مثل قولهم: غثك خير من سمين غيرك.

من عض على شبدعه أمن الآثام

أي، من عض على لسانه أمن عقوبة الإثم وجزاءه.

مناجل تحصد ثناً بالياً

الثن، يبيس الحشيش. والمنجل ما يحصد به وينجل أي يرمى. يضرب لمن يحمد من لا يبالي بحمده إياه.

من غير ما شخص ظليم نافر

ما، صلة. والظليم، ذكر النعام. وهو أشد الدواب نفوراً. يضرب لمن يشكو صاحبه من غير أن يكون له ذنب.

مظلوم وطب يشرب المحبب

المظلوم والظليم. اللبن الذي يحقن ثم يشرب قبل أن يروب. والمحبب الممتلئ رياً. يقال: شربت الإبل حتى تحببت، أي تملأت من الماء. يضرب لمن أصاب خيراً ولا حاجة به إليه، كمن يشرب اللبن وهو ريان.

مقنأة رياحها السمائم

المقناة والمقنوة يهمزان ولا يهمزان، وهما المكان لا تطلع عليه الشمس. والسموم الريح الحارة. تقول: ظل في ضمنه سموم. يضرب للعريض الجاه العزيز الجانب يرجى عنده الخير، فإذا أوى إليه لا يكون له حسن معونة ونظر.

مخالب تنسر جلد الأعزل

النسر، نتف البازي اللحم بمنسره، أي منقاره، والأعزل الذي لا سلاح معه. والطائر الأعزل، الذي لا قدرة له على الطيران. ومنه قول لبيد:
لما رأى لبد النسور تطايرت رفع القوادم كالفقير الأعزل
الفقير، المكسور الفقار. يضرب لمن يظلم من دونه.

مشيمة تحملها مئناث

المشيمة، ما يكون فيه الولد في الرحم. والمئناث، التي من عادتها أن تلد الإناث. يضرب للرجل لا يسر به أحد ولا يرجى منه خير.

مشام مربع رعاه مصيف

المشام، الموضع ينظر فيه إلى البرق. والمربع، الذي نتجت إبله في الربيع. والمصيف، الذي نتجت إبله في آخر زمان النتاج. يضرب لمن انتفع بشيء تعنى فيه غيره.

مجيل القدح والجزور ترتع

الإجالة، إدارة القدح في الميسر. ولا يجال القدح إلا بعد ما تنحر الجزور ويقسم أجزاؤها. يضرب لمن تعجل في أمر لم يحن بعد.

مخيلة تقتل نفس الخائل

المخيلة، الخيلاء. والخائل، المختال. يقال: خال يخال خالاً. وجمع الخائل خالة، مثل بائع وباعة. يضرب لمن يورد نفسه موارد الهلكة طلباً للترؤس.

مس الثرى خير من السراب

أي اقتصارك على قليلك خير من اغترارك بمال غيرك.

ممالحان يشحذان المنصل

يضرب للمتصافيين ظاهراً المتعاديين باطناً.

من خشي الذئب أعد كلباً

يضرب عند الحث على الاستعداد للأعداء.

من سئم الحرب اقتوى للسلم

الاقتواء، الانعطاف. وأصله من التقاوي بين الشركاء، وهو أن يشتروا شيئاً رخيصاً ثم انعطفوا عليه فتزايدوا في ثمنه حتى بلغوا به غاية ثمنه عندهم. يضرب في التحذير لمن خاف شيئاً فتركه ورجع إلى ما هو أسلم له منه.

أمه ك الويل فقد ضل الجمل

يقال، أمهى الفرس إذا أجراه وأحماه في جريه. يقول: أعد فرسك فقد ضل جملك. يضرب لمن وقع في أمر عظيم يؤمر ببذل ما يطلب منه لينجو.

مفوز علق شناً بالياً

فوز الرجل إذا ركب المفازة. والشن، القربة البالية. يضرب للرجل يحتمل أموراً عظيمة بلا عدة لها منه.

من أنفق ماله على نفسه فلا يتحمد به على الناس

ويروى: إلى الناس. فمن وصله بعلى أراد، فلا يمتن به على الناس، ومن وصله بإلى أراد، لا يخطبن إليهم حمده.

من فسدت بطانته كان كمن غص بالماء

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 335

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 336

البطانة، ضد الظهارة. جعلت لقربها من الملابس مثلاً لمن يخص مداخلة ومعاملة. وهذا من كلام أكثم بن صيفي. يريد، إذا كان الأمر على هذه الحالة فلا دواء له، لأن الغاص بالطعام يلجأ إلى الماء، فإذا كان الماء هو الذي يغصه فلا حيلة له، فكذلك بطانة الرجل وأهل دخلته. كما قال:
لو بغير الماء حلـقـي شـرق كنت كالغصان بالماء اعتصاري

معاتبة الإخوان خير من فقدهم

هذا مثل قولهم: "وفي العتاب حياة بين أقوام".

من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه

هذا المثل يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم. ويروى عن لقمان الحكيم أنه سئل: أي عملك أوثق? فقال: تركي ما لا يعنيني. وقال رجل للأحنف: بم سدت قومك? وأراد عيه، فقال الأحنف: بتركي من أمرك ما لا يعنيني، كما عناك من أمري ما لا يعنيك. وقال أيضاً: ما دخلت بين اثنين قط حتى يكونا هما يدخلانني في أمرهما، ولا أقمت عن مجلس قط ولا حجبت عن باب. يريد، لا أجلس إلا مجلساً أعلم أني لا أقام عن مثله، ولا أقف على باب أخاف أن أحجب عن صاحبه.

من يزرع الشوك لا يحصد به العنبا

لا يقال: حصدت العنب، وإنما يقال: قطفت. ولكنه وضع الحصد بإزاء الزرع. وقوله "به" أراد ببذله. ويجوز أن يريد، بزرعه. أي لا يحصد العنب بزرعه الشوك. والمعنى، من أساء إلى إنسان فليتوقع مثله.

مكره أخوك لا بطل

هذا من كلام أبي جشر خال بيهس الملقب بنعامة. وقد ذكرت قصته في باب الثاء عند قوله: ثكل أرأمها ولداً. يريد أنه محمول على ذلك لا أن في طبعه شجاعة. يضرب لمن يحمل على ما ليس من شأنه.

مرة عيش ومرة جيش

قاله أبو زيد: أصله أن يكون الرجل مرة في عيش رخي، ومرة في جيش غزاة. وارتفع "عيش" و "جيش" لأنه في تقدير خبر الابتداء. كأنه قال: الدهر عيش مرة، وجيش أخرى. أي ذو عيش. عبر عن البقاء بالعيش وعن الفناء بالجيش، لأن من قاد الجيش ولابس الحرب عرض نفسه للفناء.

من ضاق عنه الأقرب أتاح الله له الأبعد

من يرنا يقل سواد ركب

يضرب في التوافق والاجتماع.

المرء يعرف لا ثوباه

يضرب لذي الفضل تزدريه العين لتقشفه.

من لم يغنه ما يكفيه أعجزه ما يغنيه

يضرب في مدح القناعة.

موت في قوت وعز أصلح من حياة في ذل وعجز

من محضك مودته فقد خولك مهجته

يقال: محضته الود وأمحضته، إذا أخلصت له المودة.

من يكن الطمع شعاره يكن الجشع دثاره

من الحبة تنشأ الشجرة

أي من الأمور الصغار تنتج الكبار.

من يعالج مالك غيرك يسأم

هذا مثل قولهم: ما حك ظهري مثل ظفري.

من شفره إلى ظفره

يضرب لمن رجع إلى ما كاده في شأن غيره.

من جزع اليوم من الشر ظلم

يضرب عند صلاح الأمر بعد فساده. أي لا شر يجزع منه اليوم.

من جعل لنفسه من حسن الظن بإخوانه نصيباً أراح قلبه

يعني، أن الرجل إذا رأى من أخيه إعراضاً أو تغيراً فحمله منه على وجه حسن، وطلب له المخارج والحذر خفف ذلك عن قلبه، وقل منه غيظه. وهذا من قول أكثم بن صيفي. يضرب في حسن الظن بالأخ عند ظهور الجفاء منه.

من ذهب ماله هان على أهله

يضرب في إكرام المليء. ويروى عن رجل من أهل العلم أنه مر به رجل من أرباب الأموال فتحرك له وأكرمه وأدناه، فقيل له بعد ذلك: أكانت لك إلى هذه حاجة? قال: لا والله، ولكني رأيت المال مهيباً. ويروى، ذا المال مهيباً.

من نهشته الحية حذر الرسن الأبلق

قال أبو عبيد: هذا من أمثال العامة. قال الشاعر:
إن اللسيع لحاذر متـوجـس يخشى ويرهب كل حبل أبلق

المرأة من المرء وكل أدماء من آدم

يقال: هذا أول مثل جرى للعرب.

من نام لا يشعر بشجو الأرق

يضرب لمن غفل عما يعانيه صاحبه من المشقة.
محلئ يمشي لحوض لائطاً يقال: حلأت الإبل عن الماء، إذا منعتها الورود. واللوط أن تصلح الحوض وترمه. يضرب لمن يتعنى في أمر لا يستمتع به.

من طلب شيئاً وجده

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 336

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 337

أول من قال ذلك عامر بن الظرب؛ وكان سيد قومه، فلما كبر وخشي عليه قومه أن يموت اجتمعوا إليه وقالوا: إنك سيدنا وقائلنا وشريفنا فاجعل لنا شريفاً وسيداً وقائلاً بعدك. فقال: يا معشر عدوان، كلفتموني بغياً، إن كنتم شرفتموني فإني أريتكم ذلك من نفسين إني لكم مثلي? افهموا ما أقول لكم، إنه من جمع بين الحق والباطل لم يجتمعا له، وكان الباطل أولى به؛ وأن الحق لم يزل ينفر من الباطل، ولم يزل الباطل ينفر من الحق. يا معشر عدوان، لا تشمتوا بالذلة، ولا تفرحوا بالعزة، فبكل عيش يعيش الفقير مع الغني، ومن ير يوماً ير به؛ وأعدوا لكل امرئ جوابه. إن مع السفاهة الندامة، والعقوبة نكال وفيها ذمامة؛ ولليد العليا العاقبة؛ والقود راحة لا لك ولا عليك؛ وإذا شئت وجدت مثلك، إن عليك كما أن لك، وللكثرة الرعب، وللصبر الغلبة، ومن طلب شيئاً وجده، وإن لم يجده يوشك أن يقع قريباً منه.

من أبعد أدوائها تكوى الإبل

يضرب للذي يذهب في الباطل تائهاً ويدع ما يعنيه.

ملء عينيك شيء غيرك

يضرب عند اليأس مما في يد الناس.

من ملك استأثر

يضرب لمن يلي أمراً، فيفضل على نفسه وأهله، فيعاب عليه فعله.

من لك بأخ منيع حرجه

أي حريمه. يضرب للمانع لما وراء ظهره لا يطمع فيه أحد.

من لا يداري عيشه يضلل

أي من لم يحسن تدبير عيشه ضلل وحمق.

مأتي أنت أيها السواد

يضرب لمن يتوعد. أي سألقاك ولا أبالي بك.

مرحى مراح

مثل قولك: صمي صمام. يريد به الداهية. قال الشاعر:
فأسمع صوته عمراً فولى وأيقن أنها مرحى مراح

ما كان مربوباً لم ينضح

النضح مثل الرشح. يعني إذا كان السقاء مربوباً لم يرشح بما فيه. أي إذا كان سرك عند رجل حصيف لم يظهر منه شيء.

أمعنا أنت أم في الجيش?

أي، أعلينا أنت أم معنا بنصرتك?

منك الحيض فاغسليه

أي هذا منك فاعتذري، وهذا مثل قولهم: يداك أوكتا وفوك نفخ.

معترض لعنن لم يعنه

يضرب للمعترض فيما ليس من شأنه. والعنن، شوط الدابة، وأول الكلام.

محترس من مثله وهو حارس

أي، الناس يحترسون منه ومن مثله، وهو حارس. وهذا كما تقول العامة: الهم احفظنا من حافظنا. وإنما أورد أبو عبيد هذا المثل من قولهم: عير بجير بجرة، لأن الحارس يبرئ نفسه من السرقة وينسبها إلى غيره. قال الأصمعي: يضرب للرجل يعير الفاسق بفعله وهو أخبث منه.

من حظك موضع حقك

ويروى، موقع. أي وقوع حقك نتيجة حظك. يريد أن وجوده منه وبسببه. ويجوز أن يريد: من حظك وبختك أن يكون حامل حقك ملياً يقود بأدائه ولا يعجز عن قضائه. وهذا معنى قول أبي عبيد: فإنه قال: إن معناه أن مما وهب الله تعالى لعباده من الحظوظ أن يعرف للرجل حقه ولا يبخسه. "قلت": وتقدير المثل، حسن موضع حقك معدود عليك من حظك.

من كان محاسينا أو مواسينا فليتفر

يضرب هذا في موضع "من كان يحفنا أو يرفنا فليترك" وقد مر ذكره وقوله: فليتفر، من الوفر.

من أجدب انتجع

يضرب للمحتاج، فيقال: اطلب حاجتك من وجه كذا. يقال: تغدى صعصعة بن صوحان عند معاوية رضي الله عنه، فتناول من بين يدي معاوية شيئاً فقال: يا ابن صوحان انتجعت من بعد. فقال: من أجدب انتجع.

من باع بعرضه أنفق

أي من تعرض ليشتمه الناس وجد الشتم له حاضراً. ومعنى أنفق، وجد نفاقاً.

من يأكل بيدين ينفد

أي من قصد أمرين ولم يصبر على واحد فيخلص له، ذهب منه الأمران جميعاً.

من اعتمد على حير جاره أصبح عيره في الندى

يعني المطر. والحير، الاصطبل. وأصله حظيرة الإبل.

من أكل مرقة السلطان احترقت شفتاه ولو بعد حين

مررت بهم بقطاً

أي متفرقين. وذهبوا في الأرض بقطاً. قال الشاعر:
رأيت تميماً قد أضاعت أمـورهـا فهم بقط في الأرض فرث طوائف
شبههم بالفرث يتناثر من الكرش لتفرقهم. ومنه المثل، بقطيه يطبك. وقد مر ذكره.

من غربل الناس نخلوه

أي من فتش عن أمور الناس وأصولهم جعلوه نخالة.

مساعدة الخاطل تعد من الباطل

الخاطل، الجاهل. وأصله من الخطل، وهو الاضطراب في الكلام وغيره. وهذا من كلام الأفعى الجرهمي النجراني حكيم العرب.

مر له غراب شمال

أي لقي ما يكره.

من بعد قلبه لم يقرب لسانه ويده

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 337

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 338

يضرب للخائف الفزع.

من شؤمها رغاؤها

يضرب عند الأمر يعسر ويكثر الاختلاف فيه.

من يك ذا وفر من الصبيان فإنه من كمأة شبعان

ومن بنات أوبر المكان

أي من كثر صبيانه شبع من الكمأة، لأنهم يجنونها. وبنات أوبر، جنس رديء منها كبعر البعير، اسم الواحد ابن أوبر، وإنما قيل: بنات أوبر، في الجمع لتأنيث الجماعة. وكذلك ما أشبهه، مثل بنات نعش وبنات مخاض. يضرب لمن كثر أعوانه فيما يعرض له.

من ساغ ريق الصبر لم يحقل

ساغ الشراب يسوغ إذا سهل مدخله في الحلق. وسغته أنا، يتعدى ولا يتعدى. والحقل داء من أدواء البطن. والصبر هنا الدواء. يضرب في الحث على احتمال أذى الناس.

ما على أفعل من هذا الباب

أمنع من أم قرفة

قال الأصمعي: هي امرأة فزارية، وكانت تحت مالك بن حذيفة بن بدر، وكان يعلق في بيتها خمسون سيفاً لخمسيين فارساً كلهم لها محرم.

أمنع من است النمر

وذلك أن النمر لا يتعرض له، لأنه مكروه في القتال. يضرب للرجل المنيع.

أمنع من عقاب الجو

قاله عمرو بن عدي لقصير بن سعد في قصته مع الزباء، وقد ذكرتها.

أموت من الرخمة

قالوا: إنما خصت من بين الطير لأنها ألأم الطير وأظهرها موقاً، وأقذرها طعماً، لأنها تأكل العذرة. قال الشاعر:
يا رخماً قاظ على مطلـوب يعجل كف الخارئ المطيب
وذكر الشعبي الروافض فقال: لو كانوا من الدواب لكانوا حمراً، أو من الطير لكانوا رخماً. وهي تسمى الرخمة والأنواق. قال الكميت:
وذات اسمين والألوان شتى تحمق وهي كيسة الحويل
أي الحيلة.

أموق من نعامة

وذلك أنها تخرج للطعم، فربما رأت بيض نعامة أخرى قد خرجت لمثل ما خرجت هي فتحتضن بيضها وتدع بيض نفسها. وإياها أراد ابن هرمة بقوله:
كتاركة بيضها بالـعـراء وملبسة بيض أخرى جناحا

أمضى من سليك المقانب

هو سليك بن سلكة السعدي، وقد مر ذكره في باب العين. قال قران الأسدي يذكره، وكان عرقب امرأته فطلبه بنو عمها فبلغه أنهم يتحدثون إليها فقال:
لزوار ليلـى مـنـكـم آل بـرثـن على الهول أمضى من سليك المقانب
أمرق من السهم مروقه، مضيه وذهابه. وفي الحديث: كما يمرق السهم من الرمية.

أمخط من السهم

قال حمزة: إمخاطه، خروجه من الرمية، "قلت": الصواب، مخطه خروجه. يقال: مخط السهم يمخط، إذا مرق. وأفعل يبنى من الثلاثي.
أمر من الخطبان وأمر من المقر الخطبان، الحنظل حين يأخذ فيه الاصفرار. والمقر، الصبر بعنيه.

أمر من الألاء

هو شجر، والواحدة ألاءة. وهي من أشجاء العرب. قال:
فإنكم ومدحكـم بـجـيراً أبى لجاً كما امتدح الألاء
يراه الناس أخضر من بعيد وتمنعه المرارة والإبـاء

أمسخ من لحم الحوار وأملخ من حلم الحوار

المسيخ والمليخ، الذي لا طعم له. قال الأشعر الزفيان:
تجانف رضوان عن ضيفه ألم يأت رضوان عني النذر
بحسبك في القوم أن يعلموا بأنك فيهم غنـي مـصـر
وقد علم المعشر الطارقون بأنك للضيف جـوع وقـر
مسيخ مليخ كلحم الـحـوار فلا أنت حلو ولا أنت مـر
كأنك ذاك الذي في الضرو ع قدام ضرتها المنتـشـر
إذا ما انتدى القوم لم تأتهـم كأنك قد ولدتك الحـمـر
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 338

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 339

قال حمزة: قوله، تجانف أي انحرف وتنحى؛ والمضر التي تروح عليه ضرة من المال، وهو المال الكثير الذي تولده من ضرة الضرع. وقوله: كأنك ذاك الذي في الضروع. يعني ثقلاً يكون زائداً في أخلاف الناقة والشاة. ويقال: بل المعنى، أن الحالب قبل أن يحلب في العلبة يستحلب شخباً أو شخبين في الأرض، لأن الخارج في الشخب الأول والثاني يكون ماءً أصفر، تزعم العرب أنه داء وسم؛ فمن ذهب إلى هذا التفسير رواه قدام درتها، ومن ذهب إلى التفسير الأول رواه قدام ضرتها. قال: وكان من الحديث رضوان أنه كان مكثراً بخيلاً، فنزل به ضيف فأساء قراه، فسأله الضيف عن اسمه فقال: أنا اسمي الأشعر الزفيان، فغدا الضيف من عنده ذاماً له، فنزل على الأشعر الزفيان فأحسن قراه فقال الضيف: إذا أحسن الله جزاءك فلا أحسن جزاء الأشعر الزفيان، فإني بت به البارحة فأساء قراي، فقال: أنا الأشعر الزفيان؛ فيمن بت? فوصف له الرجل، وكان ابن عمه فهجاه. وكلاهما من بني أسد.

أمنع من صبي

هذا من المنع.

وأمنع من عقاب

هذا من المنعة. وأما قولهم:

أمنع من لهاة الليث

فمن قول أبي حية النميري:
وأصبحت كلهاة الليث من فمه ومن يحاول شيئاً من فم الأسد

أمنع من عنز

هو رجل من عاد. ومن حديثه فيما رواه اسحق بن إبراهيم الموصلي عن ابن الكلبي أنه أمنع عادي كان في زمانه. وكان له راع، يقال له عبيدان يرعى ألف بقرة، وكان إذا أورد بقره لم يورد أحد من عاد حتى يفرغ، فعاش بذلك دهراً حتى أدرك لقمان بن عاد فخرج لقمان من أشد ضد بن عاد كلها وأهيبها، وكان بيت عاد وعددهم يومئذ في بني ضد بن عاد، فوردت بقر لقمان فنهنهها عبيدان، فرجع راعي لقمان إليه فأخبره فأتى لقمان فضربه وصده عن الماء، فرجع عبيدان إلى عنز فشكا ذلك إليه، فخرج عنز في بني أبيه ولقمان في بني أبيه فاقتتلوا فهزمهم بنو ضد وحلؤوهم عن الماء؛ وكان عبيدان بعد ذلك لا يورد حتى يفرغ لقمان من سقي بقره، فإن أقبل راعي لقمان وعبيدان على الماء ناداه فقال: أي عبيدان، حلئ بقرك حتى أورد بقري؛ فيحلؤها، ولم يزل لقمان يفعل ذلك حتى هلك عنز، وانتجع لقمان فنزل في العماليق. ففي ذلك يقول جزء بن أساف ابن قطن بن القطران ويصف تهضم لقمان:
قد كان عنز بني عـاد وأسـرتـه في الناس أمنع من يمشي على قدم
وعاش دهـراً إذا أثـواره وردت لم يقرب الماء يوم الورد ذو نسـم
أزمان كـان عـبـيدان تـنـاذره رعاة عاد وورد الماء مقـتـسـم
أشص عنه أخو ضـد كـتـائبـه من بعد ما زملوا فرسـانـه بـدم
لا تركبونا بظلم يا بـنـي هـبـل فتندموا إن غب الظلـم مـتـخـم
وقال الحطيئة يضرب المثل بهذا الراعي العادي:
وهل كنت إلا نائباً إذ دعوتم مندى عبيدان المحلأ باقره
وخالفه ابن الأعرابي، وزعم أن عبيدان ماء بأقصى اليمن لا يرده أحد، ولا السباع لبعده. وقال النابغة الذبياني:
ليهنأ لكم أن قد نفيتم بيوتنا مكان عبيدان المحلأ باقره
وقال غير هؤلاء: عبيدان هو وادي الحية التي يضرب بها المثل فيقال: كيف أعاودك وهذا أثر فأسك. ولها حديث طويل، وقد ذكرته في حرف الكاف.

أمحل من تعقاد الرتم

كان من عادة العرب إذا الواحد منهم سفراً أن يعقد خيطاً بشجرة، ويعتقد فيه أنه إن أحدثت امرأته حدثاً انحل ذلك الخيط، وكانوا يسمونه الرتم والرتمة. وذكر ابن الأعرابي أن رجلاً من العرب أراد سفراً فأخذ بوصي امرأته ويقول: إياك أن تفعلي وإياك أن تفعلي فإن عاقد لك رتمة بشجرة، فإن أحدثت حدثاً انحلت. فقال الشاعر:
هل ينفعنك اليوم إن همت بهم كثرة ما توصي وتعقاد الرتم
وأما قولهم:

أمحل من تسليم على طلل

فهو من قول الشاعر:
قالوا السلام علـيك يا أطـلال قلت السلام على المحيل محال
أطلال الديار، عماد خيامها وحجارة نؤيها وقيام أثافيها وتراكم كرسها. ورسوم الديار، آثارها مع الأرض من حفر نؤي أو حفر وتد أخرج منها أو رماد ورسومها دارسة فهو الماثل.

أمحل من حديث خرافة

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 339

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 340

هو رجل من العبر، زعم أنه كان من عذرة فاستهوته الجن فلبث فيهم زماناً، ثم رجع إلى قومه وأخذ يحدثهم بالأعاجيب؛ فضرب به المثل. وزعم بعضهم أن خرافة اسم مشتق من اختراف السمر أي استظرافه.

أمحل من الترهات

تفسير هذا المثل يجيء في باب الهاء في قولهم: أهون من ترهات البسابس.

أمضى من الريح ومن السف ومن السهم ومن النصل

ومن السنان ومن الشفرة في الوتين ومن السيل تحت الليل ومن القدر المتاح ومن الأجل ومن الدرهم أمضى من قرحة بعد قرحة أمهن من ذباب أمر من العلقم ومن الحنظل ومن الدفلى ومن الصبر ومن الصبر أمنع من أنف الأسد أمحل من بكاء على رسم منزل

المولدون

من ثقل على صديقه خف على عدوه من أهان مالهأكرم نفسه ما أبعد ما فات وما أقرب ما هو آت من أدب أولاده أرغم حساده من يشنؤك كان وزيراً من كان لك كله كان عليك كله ما نظر لامرئ مثل نفسيي ما كل بارقة تجود بمائها ما وعظ امرءاً كتجاربه ما يداوى الأحمق بمثل الإعراض عنه من أطاع غضبه أضاع أدبه من وطن نفسه على أمر هان عليه من دارى الحساد أسفهم من ترك قول "لا أدري" أصيبت مقاتتله من هاب الرجال تهيبوه من لم يتغد بدانق تعش بأربعة دوانق من دق نظره جل ضرره من لم يرض بحكم موسى رضي بحكم فرعون من أكل القلايا صبر على البلايا من بلغ السبعين اشتكى من غير علة نم لا ذكر له فلا ذكر له من سل سيف البغي قتل به من أعجب برأيه ضل ومن استغنى بعلمه زل من لم يكن ذئباً أكلته الذئاب من جعل نفسه عظماً أكلته الكلاب من طلى نفسه بالنخالة أكلته البقر من دخل مداخل السوء اتهم من عادى مجدوداً فقد عادى الله من أفشى سره كثر المستأمرون عليه ما بقي من ستره إلا ما يشف على ما دونه ما هو إلا نار المجوس يضرب لمن لا يحترم أحداً، لأنها تحرقهم وإن كانوا يعبدونها.
من سابق الدهر عثر من غضب من "لا شيء" رضي بلا شيء من استحيا من بنت عمه لم يولد له ولد من لم يذق لحماً أعجبته الرئة من عير عير من أكل السمين اتخم من اعتاد البطالة لم يفلح من اشترى الحمد لم يغبن من اشترى الدون بالدون رجع إلى بيته وهو مغبون من تأنى أدرك ما تمنى من أعطى بصلة أخذ ثومة من تسمع سمع ما يكره من رآني فقد رآني ورحلي من أكثر من شيء عرف به من ترك الشهوات عاش حراً من مرضت سريرته ماتت علانيته من لم يصلحه الطلاء أصلحه الكي ما ذاق أحد من لحمه إلا انطوى على طوى منك فاستقرض من السرور بكاء من أنفق ولم يحسب هلك ولم يدر من ظفر من وتد إلى وتد دخل أحدهما في استه من أكل على مائدتين اختنق ما بقي من اللص أخذه العراف من كان طباخه أو جعران ما عسى أن تكون الألوان من ترك حرفته تترك بخته من بكى من زمان بكى عليه من أحسن السؤال علم من رق وجهه رق علمه من يدار المشط ينتف لحيته من يجع يخشع ومن يسغب يشغب من أكل للسلطان زبيبة ردها تمرة من أنت في الرقعة? من لم تنفك حياته فموته عرس من سعى رعى من جال نال من احترف اعتلف من غلب سلب من زرع المعروف حصد الشكر من ضعف عن كسبه اتكل على زاد غيره من حسن ظنه طاب عيشه من اتكل على زاد غيره طال جوعه من حسد من دونه فلا عذر له من لم يصلحه الخير أصلحه الشر من تعد الحق ضاق مذهبه من جرب المجرب حلت به الندامة من هانت عليه نفسه فهو على غيره أهون من لم يحسن إلى نفسه لم يحسن إلى غيره من أحب شيئاً أكثر من ذكره من اشترى ما لا يحتاج إليه باع ما يحتاج إليه من طلب الغاية صار بداية من لم يردك فلا ترده من عبد الله عد في خلق الله من الكيس ختم الكيس مصارمة الجاهل مواصلة العاقل من لانت كلمته وجبت محبته من استغنى كرم على أهله من تلذذ الحج ضرب الجمال قاله الأعمش.
من اصطنعه السلطان صبغه الشيطان من يقدر على رد أمس وتطيين عين الشمس? من لم تخنه نساؤه تكلم بملء فيه من رفق رتق ومن خرق حرق من كثرة الملاحين غرقت السفينة من سعادة المرء أن يكون خصمه عاقلاً من عادة السيف أن يستخدم القلم من دون ذا قتل الوليد من نكد الدنيا منفعة الهليج ومضرة اللوزيج من أحب ولده رحم الأيتام  
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 340

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 341

من تغدى بسوء السيرة تعشى بزوال القدرة من فعل ما شاء لقي ما شاء من نام عن عدوه نبهته المكايد من العجائب أعمش كحال من فرص اللص ضجة السوق ما ينفع الكبد يضر الطحال ما أهون الحرب على النظارة ما صدنا شيئاً والذي كان معنا أفلت ما ترك الأول للآخر شيئاً ما أحسن الموت إذا حان الأجل ما كل قول له جواب ما الحب إلا للحبيب الأول ما أشبه السفينة بالملاح ما صنع الله فهو خير ما فيه حبة ملح للبغيض ما جمش الورد بمثل العناب ما أطيب الخمر لولا الخمار ما حيلة الريح إذا هبت من داخل ما عدا الفرس فلا حاجة لك إلى السوط مع كفره قدري ما بي دخول النار وما بي طنز ما لك ما هو إلا بستان للظريف ما تحمله الأرض يضرب للثقيل.
ملح على جرح من كتم علماً فكأنما جهله ما أصنع بشمس لا تدفيني ما المرء إلا بدرهميه ما خير لذة فيها وزنها من المكروه مشينا شوط باطل وهو الضوء يدخل البيت من الكوة.
مودة الآباء في الأبناء متى فرزنت يا بيدق مطرة في نيسان خير من ألف ساق مدور الكعب يضرب في الشؤم.
من الأدب ترك الأدب يعني بين الإخوان.
المحبوب مسبوب الموت في الجمعة طيب المذبوحة لا تألم السلخ المعجب أبداً مغضب المستقرض من كسبه يأكل المرء يسعى بجده الموت حوض مرورد المال ميال المرأة فراش فاستوثروه المرأة السوء غل من حديد المرء حيث يضع نفسه المملوكة من أذنها تسمن يضرب لمن يخدع بالكلام الطيب.
ما يومي منك بواحد أي ما الشر علي من جهة واحدة.
من كان ذا دهن طلا استه من الحيلة ترك الحيلة المركوب خير من الراكب من غاب خاب ويروى، من غاب خاب حظه.
من المجذاع سبق القزح من أكل مرقة السلطان احترقت شفتاه ولو بعد حين من الظفر بالبغية تعجيل اليأس من شهوة التمر يمص النوى من كثر عدوه فليتوقع الصرعة من خدم الرجال خدم من سلمت سريرته سلمت علانيته من لم ينتفع بظنه لم ينتفع بيقينه من أيقن بالخلف جاد بالعطية من لم يصبر على كلمة سمع كلمات من صغر مقتولاً فقد صغر قاتله من جهل أباه فقد جهل من لم يصن نفسه ابتذله غيره من لم يركب الأهوال لم ينل الآمال من لجأ إلى الزمان أسلمه من لا يكرم نفسه لا يكرم من غالب الأيام غلب من عمل دائماً أكل نائماً من تلذذ بالكلام تنغص بالجواب

الباب الخامس والعشرون

في

ما أوله نون

نفس عصام سودت عصاماً

قيل، إنه عصام بن شهير حاجب النعمان بن المنذر الذي قال له النابغة الذبياني حين حجبه عن عيادة النعمان من قصيدة له:
فإني لا ألومك في دخول ولكن ما وراءك يا عصام
يضرب في نباهة الرجل من غير قديم، وهو الذي تسميه العرب الخارجي. يعني أنه خرج بنفسه من غير أولية كانت له. قال كثير:
أبا مروان ليست بخارجي وليس قديم مجدك بانتحال
وفي المثل، كن عصامياً ولا تكن عظامياً. وقيل:
نفس عصام سودت عصاماً وعلمته الكر والإقـدامـا

وصيرته ملكاً هماما

يقال، أنه وصف عند الحجاج رجل بالجهل، وكانت له إليه حاجة، فقال في نفسه: لأخبرنه. ثم قال له حين دخل عليه: أعصامياً أنت أم عظامياً? يريد، أشرفت أنت بنفسك، أم تفتخر بآبائك الذين صاروا عظاماً? فقال الرجل: أنا عصامي وعظامي. فقال الحجاج: هذا أفضل الناس؛ وقضى حاجته وزاده، ومكث عنده مدة، ثم فاتشه فوجده أجهل الناس فقال له: تصدقني وإلا قتلتك. قال له: قل ما بدا لك وأصدقك. قال: كيف أجبتني بما أجبت لما سألتك عما سألت? قال له: والله لم أعلم أعصامي خير أم عظامي، فخشيت أن أقول أحدهما فأخطئ، فقلت: أقول كليهما فإن ضرني أحدهما نفعني الآخر؛ وكان الحجاج ظن أنه أراد، أفتخر بنفسي لفضلي وبآبائي لشرفهم؛ فقال الحجاج عند ذلك: المقادير تصير العي خطيباً. فذهبت مثلاً.

نفسي تعلم أني خاسر

يضرب للملوم يعلم من نفسه ما يلام عليه، ويعرف من صفته ما لا يعرفه الناس.

نفسك بما تحجحج أعلم

أي أنت بما في قلبك أعلم من غيرك. يقال حجحج الرجل، إذا أراد أن يقول ما في نفسه ثم أمسك? وهو مثل المجمجة.

نظرة من ذي علقة

أي، من ذي هوى قد علق قلبه بمن يهواه. يضرب لمن ينظر بود.
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 341

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 342

نعم عوفك

العوف، البال والشأن. قاله الشيباني، وقيل: العوف، الذكر. قال الراجز:
جارية ذات حر كالـنـوف ململم تسـتـره بـحـوف
يشفي غليل العزب اللهوف يا ليتني قرمشت فيها عوفي
يضرب للباني بأهله.

أنجز حر ما وعد

يقال: نجو الوعد ينجز. وقال الأزهري: نجز الوعد وأنجزته أنا. وكذلك نجزت به. وإنما قال "حر" ولم يقل "الحر" لأنه حذر أن يسمى نفسه حراً فكان ذلك تمدحاً. قال المفضل: أول من قال ذلك الحرث بن عمرو آكل المرار الكندي لصخر بن نهشل بن دارم، وذلك أن الحرث قال لصخر: هل أدلك على غنيمة على أن لي خمسها? فقال صخر: نعم. فدله على ناس من اليمن، فأغار عليهم بقومه فظفروا وغنموا، فلما انصرفوا قال له الحرث: أنجز حر ما وعد. فأرسلها مثلاً. فراود صخر قومه على أن يعطوا الحرث ما كان ضمن له، فأبوا عليه، وكان في طريقهم ثنية متضايقة يقال له، شجعات؛ فلما دنا القوم منها سار صخر حتى سبقهم إليها ووقف على رأس الثنية وقال: أزمت شجعات بما فيهن، فقال جعفر ابن ثعلبة بن جعفر بن يربوع: والله لا نعطيه شيئاً من غنيمتنا. ثم مضى في الثنية فحمل عليه صخر فطعنه فقتله، فلما رأى ذلك الجيش أعطوه الخمس فدفعه إلى الحرث، فقال في ذلك نهشل بن حري:
ونحن منعنا الجيش أن يتأوبـوا على شجعات والجياد بنا تجري
حبسناهم حتى أقروا بحكمـنـا وأدي أنفال الخميس إلى صخر

النفس أعلم من أخوها النافع

يضرب فيمن تحمده أو تذمه عند الحاجة.

النفس مولعة بحب العاجل

هذا المثل لجرير بن الخطفي حيث يقول:
إني لأرجو منك شيئاً عاجلاً والنفس مولعة بحب العاجل

النفس عروف

أي صبور، إذا أصابها ما تكره فيئست من خير اعتبرت فصبرت والعارف، الصابر. قال عنترة يذكر حرباً:
فصبرت عارفة لذلك مـرة ترسو إذا نفس الجبان تطلع
صبرت أي حبست.

نظرت إليه عرض عين

أي اعترضته عينه من غير تعمد. ونصب "عرض" على المصدر، أي نظر إليه نظراً بعين.

نزت به البطنة

يضرب لمن لا يحتمل النعمة ويبطر. وينشد:
فلا تكونين كالنازي ببطنـتـه بين القرينين حتى ظل مقرونا

أنكحيني وانظري

أي أن لي مخبراً محموداً وإن لم يكن لي منظر. ودخل عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث على الحجاج فقال الحجاج: إنك لمنظرني قال: نعم أيها الأمير، ومخبرني.

الناس إخوان وشتى في الشيم

قوله: إخوان، أي أشياء وأشكال. وشتى، فعلى من الشت وهو التفرق. والشيم، الأخلاق الكريمة إذا أتى بها غير مقيدة. كما أن "جعدا" إذا أطلق كان مدحاً. يقال: رجل جعد فإذا قيد كان ذماً. نحو قولهم جعد اليدين، أو جعد البنان. أي أنهم وإن كانوا مجتمعين بالأشخاص فشيمهم مختلفة.

أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً

يروى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا، فقيل: يا رسول الله ننصره مظلوماً فكيف ننصره ظالماً? فقال صلى الله عليه وسلم: ترده عن الظلم. قال أبو عبيد: أما الحديث فهكذا، وأما العرب فكان مذهبها في المثل نصرته على كل حال. قال المفضل: أول من قال ذلك جندب العنبر بن تميم بن عمرو، وكان رجلاً دميماً فاحشاً، وكان شجاعاً، وإنه جلس هو وسعد بن زيد مناة يشربان؛ فلما أخذ الشراب فيهما قال جندب لسعد وهو يمازحه: يا سعد لشرب لبن اللقاح وطول النكاح وحسن المزاح أحب إليك من الكفاح ودعس الرماح وركض الوقاح، قال سعد: كذبت والله، إني لأعمل العالم وأنحر البازل وأسكت القائل. قال جندب: إنك لتعلم أنك لو فزعت دعوتني عجلاً وما ابتغيت بي بدلاً ولرأيتني بطلاً، أركب العزيمة وأمنع الكريمة وأحمي الحريمة. فغضب سعد وأنشأ يقول:

هل يسود الفتى إذا قبح الوجه وأمسى قراه غير عتيد

وإذا الناس في الندى طالعوه ناطقاً قال قول غير سـديد
فأجاب جندب:
ليس زين الفتى الجمال ولكن زينه الضرب بالحسام التليد
إن ينلك الفتـى فـزين وإلا ربما ضن باليسير العـتـيد
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 342

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 343

قال سعد، وكان عائفاً: أما والذي أحلف به لتأسرنك ظعينة بين العرينة والدهينة، ولقد أخبرني طبري أنه لا يفكك غيري. فقال جندب: كلا إنك لجبان، تكره الطعان وتحب القيان، فتفرقا على ذلك فغبرا حيناً؛ ثم إن جندباً خرج على فرس له يطلب القنص فأتى على أمة لبني تميم يقال إن أصلها من جرهم فقال لها: لتنكحيني مسرورة أو تقهرين مجبورة؛ قالت: مهلاً فإن المرة من نوكه يشرب من سقاء لم يوكه، فنزل إليها عن فرسه مدلاً، فلما دنا منها قبضت على يديه بيد واحدة فما زالت تعصرها حتى صار لا يستطيع أن يحركهما، ثم كتفته بعنان فرسه وراحت به مع غنمها وهي تحدو به وتقول:
لا تأمنن بعـدهـا الـوائدا فسوف تلقى باسلاً مواردا

وحية تضحي لحي راصدا

قال: فمر بسعد في إبله فاقل: يا سعد أغثني. قال سعد: إن الجبان لا يغيث. فقال جندب:
لا أيها المرء الكريم المشكوم أنصر أخاك ظالماً أو مظلوم
فأقبل غليه سعد فأطلقه ثم قال: لولا أن يقال قتل امرأة لقتلتك، قال: كلا لم يكن ليكذب طيرك ويصدق غيرك، قال: صدقت. "قوله": انصر أخاك ظالماً. يجوز أن يكون ظالماً أو مظلوماً حالين من قوله أخاك. ويجوز أن يكون حالين من الضمير المستكن في الأمر؛ يعني انصره ظالماً إن كنت خصمه أو مظلوماً من جهة خصمه. أي لا تسلمه في أي حال كنت.

ناب وقد تقطع الدوية

يضرب للمسن وقد بقيت منه بقية يصلح أن يعول عليها.

نزو الفرار استجهل القرار

يقال، فرير وفرار لولد البقر الوحشي. وقال بعضهم: الفرار، جمع فرير، وهو نادر، ولم يأت "فعال" في أبنية الجمع إلا في أحرف يسيرة؛ مثل عرق وعراق وظئر وظؤار ورخل ورخال وتوأم وتؤام. وإذا شب الفرار أخذ في النزوان فمتى رآه غيره نزا لنزوه. يضرب لمن تتقي مصاحبته، أي أنك إذا صحبته فعلت فعله. ويروى "نزو" بالنصب على المصدر، أي نزا نزو الفرار، وقد استجهل فراراً، مثله والرفع على الابتداء، أي نزو الفرار وحمل مثله على النزو.

أنكحنا الفرا فسنرى

قال رجل لامرأته حين خطب إليه ابنته رجل، وأبى أن يزوجه، فرضيت أمها بتزويجه فغلبت الأب حتى زوجها منه بكره، وقال: أنكحنا الفرا فسنرى. ثم أساء الزوج العشرة فطلقها. يضرب في التحذير من سوء العاقبة.

نجى عيراً سمنه

قال أبو زيد: زعموا أن حمراً كانت هزالاً، فهلكت في جدب ونجا منها حمار كان سميناً، فضرب به المثل في الحزم قبل وقوع الأمر. أي أنج قبل أن لا تقدر على ذلك. ويضرب لمن خلصه ماله من مكروه.

نعم كلب في بؤس أهله

ويروى، نعم الكلب في بؤس أهله، ونعيم الكلب في بؤس أهله. وذلك أن الجدب والبؤس يكثر الموتى والجيف، وذلك نعيم الكلب. يضرب هذا للعبد، أو للقوم تصيبهم شدة فيشتغلون بها فيغتنم هو ما أصاب من أموالهم. قال الشاعر:
تراه إذا ما الكلب أنكر أهلـه يفدى وحين الكلب جذلان ناعم
يقول: يفدى هذا الرجل إذا أنكر الكلب أهله، وذلك إذا لبسوا السلاح في الحرب وإنما يفدى في ذلك الوقت لقيامه بها وغنائه فيها، ويفدى أيضاً في حال الجدب لإفضاله وإحسانه إلى الناس، ولنحره الجزر فينعم الكلب في ذلك ويجذل.

النبح من بعيد أهون من الهرير من قريب

أي لا تدن من الذي تخشى، ولكن احتل له من بعيد.

انطقي يا رخم إنك من طير الله

يقال، إن أصله أن الطير صاحت فصاحت الرخم، فقيل لها يهزأ بها: إنك من طير الله فانطقي. يضرب للرجل لا يلتفت إليه ولا يسمع منه، وليس من الطير شيء إلا وهو يزجر الرخم. قال الكميت يهجو رجلاً:

أنشأت تنطق في الأمو-ر كوافد الرخم الدوائر

إذا قيل يا رخم انطقـي في الطير إنك شر طائر
فأتت بما هـي أهـلـه والعي من مثل المحاور

نام نومة عبود

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 343

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 344

قال الشرقي: أصل ذلك أن عبوداً هذا كان تماوت على أهله، وقال: اندبوني لأعلم كيف تندبوني ميتاً، فندبنه ومات على تلك الحال. وقال المفضل: قال أبو سليم بن أبي شعيب الخراني: إنه عبد أسود يقال له عبود، وكان من حديثه فيما يرفعه عن محمد بن كعب القرظي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن أول الناس دخولاً الجنة لعبد أسود يقال له عبود، وذلك أن الله تعالى بعث نبينا إلى أهل قرية فلم يؤمن به أحد إلا ذلك الأسود، وأن قومه احتفروا له بئراً فصيروه فيها وأطبقوا عليها صخرة، فكان ذلك الأسود يخرج فيحتطب ويبيع الحطب ويشتري به طعاماً وشراباً، ثم يأتي تلك الحفر فيعينه الله عز وجل على تلك الصخرة فيرفعها، ويدلي إليه ذلك الطعام والشراب. وأن الأسود احتطب يوماً ثم جلس ليستريح فضرب بنفسه الأرض بشقه الأيسر فنام سبع سنين ثم هب من نومته وهو يرى أنه ما نام إلا ساعة من نهار، فاحتمل حزمته فألقى القرية فباع حطبه ثم أتى الحفرة فلم يجد النبي فيها، وقد كان يداً لقومه فيه وأخرجوه فكان يسأل عن الأسود فيقولون: لا ندري أين هو. فضرب به المثل لكل من نام نوماً طويلاً حتى يقال: أنوم من عبود.

النقد عند الحافرة

قال ابن الأنباري: قال ثعلب: معناه: النقد عند السبق. وذلك أن الفرس إذا سبق أخذ الرهن. والحافرة، الأرض التي حفرها الفرس بقوائمه. فاعلة بمعنى مفعولة. وقال الفراء: سمعت بعض العرب يقول: النقد عند الحافرة، معناه عند حافر الفرس. وأصل المثل في الخيل، ثم استعمل في غيرها. وقال الأصمعي: النقد عند الحافر، هو النقد الحاضر في البيع. قال: وبعضهم يقول: في البيع بالهاء أي عند الحافرة. وقال غيره: النقد عند الحافرة، معناه عند أول كلمة. يقال رجع فلان في حافرته. أي في أمره الأول.

أنجد من رأى حضناً

أنجد، أي بلغ نجداً من رأى هذا الجبل. يضرب في الدليل على الشيء. أي قد ظهر حصول المراد وقربه.

النبع يقرع بعضه بعضاً

النبع من شجر الجبل، وهو من أكرم العيدان. وهذا المثل يروى لزياد، قاله في نفسه وفي معاوية. وذلك أن زياداً كان على البصرة، وكان المغيرة بن شعبة على الكوفة، فتوفي بها، فخاف زياد أن يولي مكانه عبد الله ابن عامر، وكان زياد لذلك كارهاً، فكتب إلى معاوية يخبره بوفاة المغيرة ويشير عليه بتولية الضحاك بن قيس مكانه، ففطن له معاوية فكتب إليه: قد فهمت كتابك، فليفرخ روعك بالمغيرة. لسنا نستعمل ابن عامر على الكوفة وقد ضممناهما إليك مع البصرة. فلما ورد على زياد كتابه قال: النبع يقرع بعضه بعضاً. فذهبت كلمتاهما مثلين. قوله "النبع" يضرب للمتكافئين في الدهار والمكر. وقوله، فليفرخ روعك، فسرته في باب الفاء والقاف.

نجارها نارها

النار، السمة. يقال: ما نار هذه الناقة? أي ما سمتها. فإذا رأيت نارها عرفت نجارها. وهو الأصل. قال:

لا تنسبوها وانظروا ما نارها

وقال آخر:
قد سقيت آبالهم بـالـنـار والنار قد تشفي من الأوار
أي لما رأى أصحاب الماء سمتها علموا لمن هي، فسقوها لعزهم ومنعتهم. يضرب في شواهد الأمور الظاهرة التي تدل على علم باطنها.

نبل العبد أكثرها المرامي

المرماة، سهام الهدف. والمعنى أن الحر يغالي بالسهام فيشتري المعبلة والمشقص، لأنه صاحب صيد وحرب. والعبد إنما يكون راعياً تقنعه المرامي، لأنها أرخص. يعني أن العبد يحوم حول الخساسة لا همة له.

ناقرة لا خير في سهم زلج

الناقرة، المقرطة. وزلج السهم يزلج إذا تزلج عن القوس. يضرب للرجل يصيب في حجته ويظفر بخصمه. وناقرة رفع على تقدير سهامه ناقرة، أو رميته ناقرة. ويجوز النصب على تقدير، رمى رمية ناقرة.

النفاض يقطر الجلب

النفاض بفتح النون وضمها، فناء الزاد. والجلب، المجلوب للبيع. أي إذا جاء الجدب جلبت الإبل قطاراً قطاراً للبيع مخافة أن تهلك. يقال: أنفض القوم، إذا هلكت أموالهم. يضرب لمن يؤمر بإصلاح ماله قبل أن يتطرق إليه الفساد.

أنج ولا إخالك ناجياً

قالته الهيجمانة لأبيها حين أخبرته بإغارة مقروع عليهم. وقد ذكرت القصة بتمامها عند قوله "حنت ولا هنت".

النجاح مع الشراح

كذا قال الأصمعي. قال: ومعناه اشرح لي أمري فإن ذلك مما ينجح حاجتي. وعلى ما قال، الشراح، التشريح.

الناقة جن ضراسها

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 344

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 345

يقال: ناقة ضروس، إذا كانت سيئة الخلق عند النتاج، وإذا كانت كذلك حامت على ولدها. وجن كل شيء، أوله وقرب عهده. يضرب للرجل الذي ساء خلقه عند المحاماة.

النقب ميعاده مزاحيف المطي

النقب، الطريق في الجبل. أي هناك تزلق وتزحف المطايا. يعني أن الأمور بعواقبها تتبين.

أنقع له الشر حتى سئم

أي أدام وأعد كما ينقع الدواء في الماء.

نشطته شعوب

أي اقتلعته المنية. وأصله من قولهم: نشطته الحية، إذا عضته بنابها.

نظر المريض إلى وجوه العواد

يضرب مثلاً لمضطر ينظر إلى محب.

نفسي تمقس من سمانى الأقبر

قال ضبي صد هامة فظنها سمانى، فأكلها فأصابه القيء. يضرب مثلاً في استقذار الشيء.

ناوس الجرة ثم سالمها

الجرة، خشبة يصاد بها الوحش. أي اضطرب ثم سكن. وناوس من النويص، وهي الحركة. يقال: ما به نويص، أي قوة وحراك. والجرة، حبالة. وإذا نشب الظبي فيها ناوصها ساعة واضطرب، فإذا غلبته استقر فيها كأنه سالمها. يضرب لمن خالف ثم اضطر إلى الوفاق.

نظر التيوس إلى شفار الجازر

يضرب لمن قهر وهو ينظر إلى عدوه أنج سعد فقد هلك سعيد هما ابنا ضبة بن أد وتمثل به الحجاج. وقد ذكرت القصة في باب الحاء.

إنباض بغير توتير

أي ينبض القوس من غير أن يوترها. أي يتوعد من غير أن يقدر عليه. ويزعم أنه يفعل ولا مفعول يفعل، لأن الانباض ثان للتوتير، فإذا لم يكن توتير فكيف إنباض.

الناس كأسنان المشط

أي متساوون في النسب، أي كلهم بنو آدم.

الناس بخير ما تباينوا

أي ما دام فيهم الرئيس والمرؤوس، فإذا تساووا هلكوا.

الناس كإبل مائة لا تجد فيها واحلة

أي أنهم كثير، ولكن قل منهم من يكون فيه خير.

النساء حبائل الشيطان

قاله ابن مسعود رضي الله عنه.

نقط عروس وأبعار ظباء

يقال إن جريراً مر بذي الرمة، وهو ينشد، وقد اجتمع الناس عليه فقال هذا المثل. أي إن هذا الشعر مثل بعر الظبي من شمه وجد له رائحة طيبة، فإذا فتته وجده بخلاف ذلك.

نقي نقيعك فما أنت إلا حبارى

قال رجل اصطاد هامة فنقت في يده. قال أبو عمر: ويضرب هذا عند التغميض على الخبيث لحساب الطيب.

نجا فلان جريضاً

أي نجا وقد نيل منه ولم يؤت على نفسه، وقال:
وأفلتهن علباء جـريضـاً ولو أدركنه صفر الوطاب

أنسب أم معرفة

أي أن النسب والمعرفة سواء في لزوم الحق والمنفعة.

نعم مأوى المعزى ثرمداء

هذا مكان خصيب. يضرب هذا المثل للرجل الكثير المعروف يؤمر بإتيانه ولزومه. وثرمداء بناء غريب لا أعلم له نظيراً.

نشر لذلك الأمر أذنيه فرأى عثير عينيه

يضرب لمن طمع في أمر فرأى ما كرهه منه.

نعوذ بالله من القل بعد الكثر

يريدون بالقل القليل، وبالكثر الكثير.

النوم فرخ الغضب

الفرخ، اسم من الأفراخ في قولهم أفرخ روعك، أي ذهب خوفك. ومعنى هذا المثل أن الغضبان إذا نام ذهب غضبه.

نجا منه بأفوق ناصل

أي بعد ما أصابه بشر.

نشب في حبل غي

ويروى، في حبالة غي، إذا وقع في مكروه لا مخلص له منه.
نقض الدهر مرته المرة. القوة. ويراد ههنا أن الزمان أثر فيه.

نطح بقرن أرومه نقد

النقد، الذي وقع فيه الدود. يضرب لمن ناوأك ولا أهبة له.

الندم توبة

هذا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم.

الناس مجزيون بأعمالهم إن خير فخير وإن شر فشر

أي إن عملوا خيراً يجزون خيراً، وإن عملوا شراً يجزون شراً.

أنفق بلال ولا تخش من ذي العرش إقلالا

قال النبي صلى الله عليه وسلم لبلال. يضرب في التوسع وترك البخل.

النار خير للناس من حلقة

زعموا أن الضبع رأت سنا نار من بعيد فقابلتها، ثم أقعت ورفعت يديها فعل المصطلي، وبهأت بالنار ثم قالت عند ذلك: النار خير للناس من حلقة. يضرب لمن يفرح بما لا يناله منه كثير خير.

الناس نقائع الموت

النقيعة من الإبل ما يجزر من النهب قبل القسم. يعني أن الموت يجزر الخلق كما يجزر الجزار نقيعته.

النفس عزوف ألوف

يقال، عزفت نفسي عن الشيء تعزف وتعزف عزوفاً، أي زهدت فيه وانصرفت عنه. ومعنى المثل، أن النفس تعتاد ما عودت، إن زهدتها في شيء زهدت، وإن رغبتها رغبت.

نعم المجن أجل مستأخر

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 345

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 346

هذا يروى عن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه.

نعم الدواء الأزم

يعني الحمية. يقال: أزم يأزم أزماً إذا عض، سأل عمر رضي الله عنه الحرث بن كلدة عن خير الأدوية فقال: نعم الدواء الأزم. وهو مثل قولهم: ليس للبطنة خير من خمصة تتبعها.

ناصع أخاك الخبر

أي أصدقه. النصوع، الخلوص. أي خالصه فيما تخبره به ولا تغشه.

نزق الحقاق

الحقاق، المحاقة، وهي المخاصمة والنزق والطيش والخفة. يضرب لمن له طيش عند المخاصمة.

نجوت وأرهنتهم مالكاً

هذا من قول عبد الله بن همام السلولي:
فلما خشيت أظافرهـم نجوت وأرهنتهم مالكاً
قال ثعلب: الرواة كلهم على ارهنتهم أنه يجوز رهنته، إلا الأصمعي فإنه رواه: وأرهنهم مالكاً على أن الواو للحال، نحو قولهم: قمت وأصك وجهه، أي قمت صاكاً وجهه. يضرب لمن ينجو من هلكة نشب فيها شركاؤه وأصحابه.

نكء القرح بالقرح أوجع

يعني أن القرح إذا جلب ثم نكئ كان أشد إيجاعاً، لأنه يقرح ثانياً، كأنه قيل: نكء القرح مع القرح، أي مع ما بقي منه أوجع.

ناجزاً بناجز

كقولك: يداً بيد. أي تعجيلاً بتعجيل. وفي الحديث، لا تبيعوا إلا حاضراً بنجاز. أي حاضراً بحاضر. يعني في الصرف. ويقال: ناجزاً بناجز، أي ناقداً بناقد. و "ناجزاً" في المثل منصوب بفعل مضمر. أي أبيعك ناجزاً وهو نصب على الفعل.

نعم معلق الشربة هذا

وقال الأصمعي: المعلق، قدح يعلقه الراكب. وقوله "هذا" إشارة إلى القدح. أي يكتفي الشارب به إلى منزله الذي يريده بشربة واحدة لا يحتاج إلى غيرها. يضرب لمن يكتفي في الأمور برأيه ولا يحتاج إلى رأي غيره.

النزائع لا القرائب

ويقال الغرائب لا القرائب. قال ابن السكيت: النزيعة، الغريبة. يعني أن الغريبة أنجب. ويقال: اغتربوا لا تصووا. أي انكحوا في الأباعد لا يولد لكم ضاو. والقرائب، جمع قريبة. ونصب "النزائع" على تقدير، تزوجوا النزائع، ولا تزوجوا القرائب. وقال:
فتى لم تلده بـنـت عـم قـريبة فيضوى وقد يضوى رديد الفرائب

الناس يمامة

اليمامة، طائر مثل الحمامة. وهي التي تألف البيوت. يعني، أرفق بهم ولا تنفرهم.

انتزاع العادة شديد

ويروى، انتزاع العادة من الناس ذنب محسوب. وهذا كما يقال: الفطام شديد، وكمال قال:

وشديد عادة منتزعه

ويقال: العادة طبيعة خامسة.

النداء بعد النجاء

يضرب في التحذير. والنجاء، المناجاة. يعني، يظهر الأمر بعد الإسرار. أي بعد ما أسر.

نوآن شالا محقب وبارح

النوء في اللغة، النهوض بجهد ومشقة. يقال ناء بالحمل، إذا نهض به مثقلاً. والنوء أيضاً، السقوط. فهذا الحرف من الأضداد. والنوء، سقوط نجم من المنازل في المغرب مع الفجر وطلوع رقيبه من المشرق يقابله من ساعته. وكانت العرب تقول: مطرنا بنوء كذا، إذا كان المطر يأتي في ذلك الوقت، فأبطل الإسلام ذلك ونزل قوله تعالى: وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون. أي تجعلون شكر ما ترزقون به من المطر تكذيبكم بنعمة الله، فتقولون: سقينا بنوء كذا، ومطرنا بنوء كذا. والشول في الأصل، الارتفاع. والشول، النوق التي خف لبنها، لأن اللبن إذا خف ارتفع الضرع. والأحقاب، الوقوع والحصول في الحقب، وهو احتباس المطر. والبارح، الريح الحارة في الصيف. وتقدير المثل، هما نوآن ارتفعا، أحدهما محقب والآخر بارح. يضرب للرجلين لهما منزلة وشرف وجاه، ولكنهما متساويان في قلة الخير.

نشيطة للرأس فيها مأكل

النشيط ما يصيبه الجيش من شيء دونه بيضة الحي. والرأس، الرئيس. ومنه: "برأس من بني جشم بن بكر". والمأكل الكسب، كل شيء قليل ثم يطمع فيه. يضرب لمن استعان في طلب حقه بمن يطمع في احتواء ماله.

نام عصام ساعة الرحيل

يضرب لمن طلب الأمر بعد ما ولى.

نام بعين الأمن المشبع

يضرب للرجل الضعيف يروم الأمور، ولا يروم مثلها إلا البطل. والمشبع، القوي القلب.

نعلك شر من حفاظ فاترك

يضرب لمن استعان بمن لا يعينه ولا يهتم بشأنه.

نحن بأرض ماؤها مسوس

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 346

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 347

الماء المسوس، الذي لا يعدله ولا يعدل به ماء عذوبة. وبعده: لو عقاب صيدها النسوس. يقال: أن النسوس طائر يأوي الجبل، وهو أضخم من العصفور، ودون الحجل، له هامة كبيرة. يضرب في موضع يطيب العيش فيه، ولكنه لا يخلو من ظالم يظلم الضعيف.

نفور ظبي ماله ذوير

يقال: وزير القوم زعيمهم. وأصله، شيء يلقى في الحرب فيقول الجيش: لا نفر ولا نبرح حتى يفر ويبرح هذا. ويقال: أن رجلاً من بني هند من كندة يقال له علقمة، وكان شيخاً قد خرف قال لقومه في حرب كان لهم: يا بني إني قد كبرت واقترب أجلي، فما أنا مورثكم شيئاً وهو خير من مجد تباؤون به على قومكم، أنا زويركم اليوم. يقول: إلقوني فقاتلوا علي. ففعلوا. فسمي ذلك اليوم الزوير، لأنهم كانوا يرجعون إليه ويزورونه فصار اسماً للرئيس والزعيم. ويجوز أن يكون الزوير تصغير الزور. يقال: ما لفان زور ولا صيور. أي، رأي يرجع إليه ويصير إليه. وبعضهم يرويه بالفتح فيقول: ما له زور، وهو القوة. فمعنى المثل وتقديره: نفر نفور ظبي ما له معقل يلجأ ويرجع إليه. يضرب في شدة النفار ممن ساء خلقه أو ساء قوله.

النسء خير من خير أمارات الربغ

النسء، بدو السمن. والرغب، أن ترد الإبل كلما شاءت. يقال له أربغ. وهي إبل همل مربغة. يضرب لمن يشكو جهد عيش وعلى وجهه أثر الرفاهية.

نحن بواد عيشه ضروس

الضرس: المطرة القليلة. قال الأصمعي: يقال، وقعت في الأرض ضروس من مطر، إذا وقعت فيها قطع متفرقة. يضرب لمن يقل خيره وإن وقع لم يعم.

نفط وقطن أسرع احتراقاً

يقال، نفط ونفط. ويروى، أسرعا. يضرب للشرين اختلطا.

الناس أخياف

أي مختلفون. والأخيف، الذي اختلفت عيناه فتكون إحداهما سوداء والأخرى زرقاء. والخيف، جمع أخيف وخيفاء. والأخياف جمع الخيف أو الخيف الذي هو المصدر، وهو اختلاف العينين. والتقدير، الناس أولو أخياف. أي اختلافات، وإن كان المصادر لا تثنى ولا تجمع، ولكنها إذا اختلفت أنواعها جمعت، كالأشغال والعلوم. يضرب في اختلاف الأخلاق.

الناس شجرة بغي

البغي، الظلم. وإنما جعلهم شجرة البغي إشارة إلى أنهم ينبتون وينمون عليه.

نقت ضفادع بطنه

يضرب لمن جاع. ومثله صاحت عصافير بطنه.

النميمة أرثة العداوة

الأرثة والأراث، اسم لما تؤرث به النار. أي النميمة وقود نار العداوة!.

نار الحرب أسعر

كانت العرب إذا أرادت حرباً أوقدت ناراً لتصير إعلاماً للناهضين فيها. قال الله عز وجل: كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله.

الندم على السكون خير من الندم على القول

يضرب في ذم الإكثار.

النخس يكفيك البطيء المثقل.

ويروى، المحثل. يعني أن الحث يحرك البطيء الضعيف ويحمله على السرعة.

نصف العقل بعد الإيمان بالله مداراة الناس

وهذا يروى في حديث مرفوع.

نجا ضبارة لما جدع جدرة

ضبارة وجدرة، رجلان معروفان باللؤم، يقال أنهما ألأم من في العرب. ولهما قصة ذكرتها في حرف اللام في باب أفعل منه.

نابل وابن نابل

أي حاذي وابن حاذق. وأصله من الحذق بالنبالة، وهي صناعة النبل. ومنه: أنبل عدوان كلها صنعا

ما على أفعل من هذا الباب

أنسب من دغفل

هو رجل من بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة، كان أعلم أهل زمانه بالأنساب. زعموا أن معاوية سأله عن أشياء فخبره بها فقال: بم علمت? قال: بلسان سؤول وقلب عقول، على أن للعلم آفة وإضاعة ونكداً واستجاعة: فآفته النسيان، وإضاعته أن تحدث به من ليس من أهله، ونكده الكذب فيه، واستجاعته أن صاحبه منهوم لا يشبع. قال القتيبي: هو دغفل بن حنظلة السدوسي، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه شيئاً، ووفد على معاوية وعنده قدامة بن جراد القريعي، فنسبه دغفل حتى بلغ أباه الذي ولده، فقال: وولد جراد رجلين: أما أحدهما فشاعر سفيه، والآخر ناسك، فأيهما أنت? فقال: أنا الشاعر السفيه، وقد أصبت في نسبتي وكل أمري، فأخبرني، بأبي أنت، متى أموت? قال دعفل: أما هذا فليس عندي. وقتلته الأزارقة.

أنسب من ابن لسان الحمرة

هو أحد بني تيم اللات بن ثعلبة، وكان من علماء زمانه. واسمه ورقاء ابن الأشعر ويكنى أبا الكلاب، وكان أنسب العرب وأعظمهم كبراً. وأما قولهم:

أنسب من كثير

فهو من النسيب أخذاً من قول الشاعر:  
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 347

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 348

وكأن قساً في عكاظ يخطـب وابن المقنع ي النميمة يسهب
وكأن ليلى الأخيلـية تـنـدب وكثير عزة يوم بين ينسـب

أنسب من قطاة

هو من النسبة. وذلك أنها إذا صوتت فإنها تنسب، لأنها تصوت باسم نفسها، فتقول: قطاقطا.

أنكح من ابن ألغز

هو رجل اختلفوا في اسمه. فقال أبو اليقظان: وهو سعد بن ألغز الإيادي. وقال ابن الكلبي: هو الحرث بن ألغز. وقال حمزة: هو عروة بن أشيم الإيادي، وكان أوفر الناس متاعاً وأشدهم نكاحاً. زعموا أن عروسة زفت إليه فأصاب رأس أيره جنبها، فقالت له: أتهددني بالركبة? ويقال أنه كان يستلقي على قفاه ثم ينعظ فيجيء الفصيل فيحتك بمتاعه، يظنه الجذل الذي ينصب في المعاطن ليحتك به الجربى. وهو القائل:
ألا ربما انعظت حتى أخاله سينقد للإنعاظ أو يتمـزق
أعمله حتى إذا قلت قد ونى أبى وتمطى جامحاً يتمطق

أنكح من خوات

يعنون خوات بن جبير صاحب ذات النحيين. وقد مر ذكره في باب الشين. وقالوا:

أنكح من حوثرة

هو رجل من بني عبد القيس. واسمه ربيعة بن عمرو، وكان في طريق ابن ألغز ووفور كمرته، حتى لقد قيل: أعظم أيراً من حوثرة. وحضر يوماً سوق عكاظ فرام شراء عس من امرأة فأسامت سيمة غالية، فقال لها: لماذا تغالين بثمن إناء املؤه بحوثرتي? فكشف عن حوثرته فملأ بها عس المرأة، فنادت المرأة باللقلقة، وجمعت عليه الناس، فسمي حوثرة باسم هذا العضو. والحوثرة في اللغة، الكمرة. قالت عمرة بنت الحمارس لهند العذافر:
حوثرة من أعظم الحـواثـر نبطت بحقوي صميان عاهر

أهديتها إلى ابنة العذافر

أندم من الكسعي

قال حمزة: هو رجل من كسع، واسمه محارب بن قيس. وقال غيره: هو من بني كسع ثم من بني محارب، واسمه غامد بن الحرث. ومن حديثه أنه كان يرعى إبلاً له بواد معشب، فبينما هو كذلك إذا أبصر نبعة في صخرة أعجبته، فقال: ينبغي أن تكون هذه قوساً، فجعل يتعهدها ويرصدها حتى إذا أدركت قطعها وجففها، فلما جفت اتخذ منها قوساً وأنشأ يقول:
يا رب وفقني لنحت قوسي فإنها من لذتي لنفـسـي
أنفع بقوسي ولدي وعرسي انحتها صفرا مثل الورس

صفراء ليست كقسي النكس

ثم دهنها وخطمها بوتر ثم عمد إلى ما كان برايتها فجعل منها خمسة أسهم، وجعل يقلبها في كفه ويقول:
هن وربي أسهم حـسـان تلذ للرامي بها الـبـنـان
كأنما قـوامـهـا مـيزان فأبشروا بالخصب يا صبيان

إن لم يعقني الشؤم والحرمان

ثم خرج حتى أتى قترة على موارد حمر، فكمن فيها فمر قطيع منها، فرمى عيراً منها فأمخطه السهم، أي أنفذه فيه وجازه، وأصاب الجبل فأورى ناراً فظن أنه أخطأه، فأنشأ يقول:
أعوذ بالله العزيز الرحـمـن من نكد الجد معاً والحرمـان
ما لي رأيت السهم بين الصوان يوري شراراً مثل لون العقيان

فأخلف اليوم رجاء الصبيان

ثم مكثف على حاله فمر قطيع آخر، فرمى منها عيراً فأمخطه السهم وصنع صنيع الأول، فأنشأ يقول:
لا بارك الرحمن في رمي القتر أعوذ بالخالق من سوء القـدر
أأمخط السهم لإرهاق البصـر أم ذاك من احتـيال ونـظـر
ثم مكث على حاله فمر قطيع آخر، فرمى منها عيراً فأمخطه السهم فصنع صنيع الثاني، فأنشأ يقول:
ما بال سهمي يوقد الحباحبـا قد كنت أرجو أن يكون صائبا
وأمكن العير وولى جـانـبـا فصار رأيي فيه رأياً خائبـا
ثم مكث مكانه فمر به قطيع آخر فرمى عيراً منها فصنع صنيع الثالث، فأنشأ يقول:
يا أسفي للشؤوم والجد والنكد أخلف ما أرجو لأهل وولد
ثم مر به قطيع آخر، فرمى عيراً منها فصنع صنيع الرابع، فأنشأ يقول:
أبعد خمس قد حفظت عدها أحمل قوسي وأريد وردها

أخزى الإله لينها وشدها

والله لا تسلم عندي بعدهـا ولا أرجي ما حييت رفدها
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 348

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 349

ثم عمد إلى قوسه فضرب بها حجراً فكسرها، ثم بات، فلما أصبح نظر فإذا الحمر مطروحة حوله مصرعة، وأسهمه بالدم مضرجة، فندم على كسر القوس فشد على إبهامه فقطعها وأنشأ يقول:
ندمت ندامة لو أن نـفـسـي تطاوعني إذن لقطعت خمسي
تبين لي سفاه الـرأي مـنـي لعمر أبيك حين كسرت قوسي
وقال الفرزدق حين أبان النوار زوجته، وقصته مشهورة:
ندمت ندامة الكسعي لمـا غدت مني مطلقة نـوار
وكانت جنتي فخرجت منها كآدم حين لج به الضرار
ولو ضنت بها نفسي وكفي لكان علي للقدر اختـيار

أنجب من مارية

هي مارية بنت عبد مناة بن مالك بن زيد بن عبد الله بن دارم. وقال حمزة: هي دارمية ولدت حاجباً ولقيطاً ومعبداً بني زرارة بن عدس بن زيد مناة بن دارم.

أنجب من فاطمة بنت الخرشب الأنمارية

أنمار بغيض بن ريث بن غطفان، وذلك أنها ولدت الكملة لزياد العبسي، وهم ربيع الكامل وقيس الحفاظ وعمارة الوهاب وأنس الفوارس. وقيل لفاطمة: أي بنيك افضل? فقالت: الربيع، لا بل قيس، لا بل عمارة، لا بل أنس، ثكلتهم إن كنت أدري أيهم أفضل. ولا يقولون "منجبة" حتى تنجب ثلاثة. وقال أبو اليقظان: قيل لابنة الخرشب: أي بنيك أفضل? فقالت: وعيشهم ما أدري أني ما حملت واحداً منهم تصنعاً، ولا ولدته نبياً، ولا أرضعته غيلاً، ولا منعته قيلاً، ولا أنمته ثئداً، ولا سقيته هديداً، ولا أطعمته قبل رئة كبداً، ولا أبته على مأقة. قال حمزة: قولها "ثئداً" أي مقروراً. والهديد، الرئيئة من اللبن. والمأقة، البكاء.

أنجب من أم البنين

هي ابنة عمرو بن عامر فارس الضحياء، ولدت لمالك بن جعفر بن كلاب أبا براء؛ وملاعب الأسنة عامراً وفارس قرزل طفيل الخيل والد عامر بن الطفيل، وربيع المقترين ربيعة، ونزال المضيف سلمى، ومعوذ الحكماء معاوية، قال لبيد يفتخر بها: "نحن بنو أم البنين الأربعة". وإنما قال: "الأربعة" لوزن الشعر، وإلا فهم خمسة كما مر ذكرهم آنفاً.

أنجب من خبيئة

هي خبيئة بنت رياح بن الأشل الغنوية، أتاها آت من منامها فقال: أعشرة هدرة أحب إليك أم ثلاثة كعشرة? ثم أتاها بمثل ذلك في الليلة الثانية، فقصت رؤياها على زوجها فقال: إن عاد ثالثة فقولي: ثلاثة كعشرة، فعاد بمثله فقالت: ثلاثة كعشرة. فولدتهم بكل واحد علامة. ولدت لجعفر بن كلاب خالداً الأصبغ، ومالكاً الطيان، وربيعة الأحوص. فأما خالد فسمي الأصبغ لشامة بيضاء كانت في مقدمة رأسه، وأما مالك فسمي الطيان لأنه كان طاوي البطن، وأما ربيعة فسمي الأحوص لصغر عينيه كأنهما مخيطتان.

أنجب من عاتكة

بنت هلال بن فالج بن مرة بن ذكوان السلمية ولدت لعبد مناف بن قصي هاشماً وعبد شمس والمطلب.

أنتن من مرقات الغنم

الواحدة مرقة، وهي صوف العجاف المرضى منها ينتف. يقال، كأنه ريح مرق.

أنكح من يسار

هو مولى لبني تيم، وكان جبيهاء الأشجعي منحه غزالة فحبسها عنه فقال جبيهاء:
أمولى بني تيم ألست مؤدياً منيحتنا فيما تؤدي المنائح
في أبيات عدة، فقال التيمي:
بلى سنؤديها إلـيك ذمـيمة فتنكحها إذ أعوذتك المناكح
فقال جبيهاء:
ذكرت نكاح العنز حيناً ولم يكن بأعراضنا من منكح العنز فادح
فلو كنت شيخاً من سواة نكحتها نكاح يسار عنزها وهو سارح
وبنو سواة بن سليم من أشجع يعيرون بنكاح العنز.

أنم من الصبح

لأنه يهتك كل ستر ولا يكتم شيئاً.

أنم من التراب

إنما قيل لما يثبت عليه من الآثار.
وأما قولهم: أنم من جلجل فهو من قول الشاعر:
فإنكما يا ابني جنـاب وجـدتـمـا كمن دب يستخفي وفي العنق جلجل

أنم من زجاجة على ما فيها

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 349

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 350

لأن الزجاج جوهر لا ينكتم فيه شيء، لما في جرمه من الضياء، وقد تعاطى البلغاء وصف هذا الجوهر فعبروا عن مدحه وذمه. فأما ذمه فإن النظام أخرجه في كلمتين بأوجز لفظ وأتم معنى فقال: يسرع إليه الكسر ولا يقبل الجبر. وأما مدحه إن سهل بن هرون شهد مجلساً من مجالس الملوك قد حضر فيه شداد الحارثي، فأخذ يعدد خصال طباع الذهب، وقد قال شداد: الذهب أبقى الجواهر على الدفن، وأصبرها على الماء، وأقلها نقصاناً على النار، وهو أوزن من كل ذي وزن، إذا كان في مقدار شخصه، وجميع جواهر الأرض والفلز كله إذا وضع على ظهر الزئبق في إنائه طفا، ولو كان ذا وزن ثقيل وحجم عظيم، ولو وضعت على الزئبق قيراطاً من الذهب لرسب حتى يضرب قعر الإناء. ولا يجوز ولا يصلح إن تشد الأسنان المقتلعة بغيره، وأن يوضع في مكان الأنوف المصطلمة سواه، وميله أجود الأميال، والهند تمره في العين بلا كحل ولا ذرور، لصلاح طبعه ولموافقة جوهره لجوهر الناظرين ولهما حسنه. ومنه الزرياب والصفائح التي تكون في سقوف الملوك، وعليه مدار الطبائع، وثمن لكل شيء. ثم هو فوق الفضة مع حسن الفضة وكرمها وحظها في الصدور، وإنها ثمن لكل مبيع بأضعاف وأضعاف أضعاف، وله المرجوع وقلة النقصان، والأرض التي تنبته ويسلم عليها تحيل الفضة إلى جوهرها في السنين اليسيرة، وتقلب الحديد إلى طبعها في الأيام القليلة، والطبيخ الذي يكون في قدوره أغذى وأمرى وأصح في الجوف وأطيب. وسئل علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن الكبريت الأحمر فقال: هو الذهب. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لو أن لي طلاع الأرض ذهباً. فأجراه في ضرب الأمثال كل مجرى، فحسده سهل بن هرون على ما حاضره من الخطابة والبلاغة. فقال يعترض عليه يعيب الذهب ويفضل عليه الزجاج: الذهب مخلوق والزجاج مصنوع، وإن فضل الذهب بالصلابة وفضل الزجاج بالصفاء، ثم الزجاج مع ذلك أبقى على الدفن والغرق، والزجاج مجلو نوري والذهب مناع ساتر، والشراب في الزجاج أحسن منه في كل معدن، ولا يفقد معه وجه النديم، ولا يثقل اليد، ولا يرتفع في السوم، واسم الذهب منه ولا يتفاءل به، وإن سقط عليك قتلك، وإن سقطت عليه عقرك، ومن لؤمه سرعته إلى بيوت اللئام وملكهم، وإبطاؤه عن بيوت الكرام وملكهم، وهو فاتن وقاتل لمن صانه، وهو أيضاً مصايد إبليس، ولذلك قالوا: أهلك الرجال الأحمران، وأهلك النساء الأحامرة، وقدور الزجاج أطيب من قدور الذهب، وهي لا تصدأ ولا يتداخل تحت حيطانها ريح الغمر وأوساخ الوضر، وإن اتسخت فالماء وحده لها جلاء، ومتى غسلت بالماء عادت جدداً، ولها مرجوع حسن، وهو أشبه شيء بالماء، وصنعته عجيبة وصنعته أعجب. وكان سليمان بن داود على نبينا وعليهما الصلاة والسلام إذا عب في الإناء كلحت في وجهه مردة الجن والشياطين، فعلمه الله صنعة القوارير، فحسم بها عن نفسه تلك الجراءة وذلك التهجين. ومن كرع في شارب ماء فكأنه كرع في إناء من ماء وهواء وضياء، ومرآته المركبة في الحائط أضوأ من مرآة الفولاذ، والصور فيها آيين، وقد تقدح النار من قنينة الزجاج إذا كان فيها ماء فحاذوا بها عين الشمس، لأن طبع الماء والزجاج والهواء والشمس من عنصر واحد، وليس في كل ما يدور عليه الفلك جوهر أقبل لكل صبغ، وأجدر أن لا يفارقه حتى كان ذلك الصبع جوهرية فيه منه، ومتى سقط عليه ضياء أنفذه إلى الجانب الآخر من الهواء وأعاره لونه. وإن كان الجام ذا ألوان أراك أرض البيت أحسن من وشي صنعاء، ولم يتخذ الناس آنية لشرب الشراب أجمع لما يريدون من الشراب منه. قال الله تعالى: قيل لها ادخلي الصرح، فلما رأته حسبته لجة وكشف ساقيها قال أنه صرح ممرد من قوارير. وقال تعالى: ويطاف عليهم آنية من فضة وأكواب كانت قوارير من فضة. فاشتق للفضة اسماً من أسمائها. وقال النبي صلى الله عليه وسلم للحادي، وقد عنف في سياق ظعنه: يا أنيس ارفق بالقوارير، فاشتق للنساء اسماً من أسمائها. ويقولون: ما فلان إلا قارورة، على أنه أقطع من السيف وأحد من الموسى. وإذا وقع شعاع المصبح على جوهر الزجاج صار الزجاج والمصباح مصباحاً واحداً، ورد الضياء كل منهما على صاحبه. واعتبروا ذلك بالشعاع الذي يسقط في وجه المرآة على وجه الماء وعلى الزجاج ثم انظروا كيف يتضاعف نوره، وإن كان سقوطه على عين إنسان أعشاه وربما أعماه. قال الله تعالى: الله نور  
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 350

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 351

السموات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح...الآية. فللزيت في الزجاجة نور على نور، وضوء متضاعف. فلم يبق في ذلك المجلس أحد إلا تحير فيه وشق عليه ما نال من نفسه بهذه المعارضة، وأيقنوا أنه ليس دون اللسان حاجز، وأنه محراق يذهب في كل فن، يخيل مرة ويكذب مرة ويهجو مرة ويهذي مرة. وإذا صح تهذيب العقل صح تقويم اللسان. والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح...الآية. فللزيت في الزجاجة نور على نور، وضوء متضاعف. فلم يبق في ذلك المجلس أحد إلا تحير فيه وشق عليه ما نال من نفسه بهذه المعارضة، وأيقنوا أنه ليس دون اللسان حاجز، وأنه محراق يذهب في كل فن، يخيل مرة ويكذب مرة ويهجو مرة ويهذي مرة. وإذا صح تهذيب العقل صح تقويم اللسان.

أنقى من ليلة القدر

لأنه لا يبقى فيها أحد على الماء.
أنقى من مرآة الغريبة يعنون التي تتزوج من غير قومها، فهي تجلو مرآتها أبداً لئلا يخفى عليها من وجهها شيء. قال ذو الرمة:
لها أذن حشرى وذفرى أسيلة وخد كمرآة الغريبة أسحـج

أنكد من تالي النجم

يعنون بالنجم مطلق الثريا. وتاليه الدبران. قال الأخطل:
فهلا زجرت الطير إذ جاء خاطباً بضيقة بين النجـم والـدبـران
وقال الأسود بن يعفر يصف رفعة منزلته:
نزلت بحادي النجم يحدوقرينه وبالقلب قلب العقرب المتوقد
والعرب تقول: إن الدبران خطب الثريا، وأراد القمر أن يزوجه، فأبت عليه وولت عنه وقالت للقمر: ما أصنع بهذا السبروت الذي لا مال له? فجمع الدبران قلاصه يتمول بها، فهو يتبعها حيث توجهت، يسوق صداقها قدامه. يعنون القلاص. وإن الجدي قتل نعشاً، فبناته تدور به تريده، وإن سهيلاً ركض الجوزاء فركضته برجلها فطرحته حيث هو، وضربها هو بالسيف فقطع وسطها. وإن الشعرى اليمانية كانت مع الشعرى الشامية ففارقتها وعبرت المجرة، فسميت الشعرى العبور، فلما رأت الشعرى الشامية فراقها إياها بكت عليها حتى غمصت عينها، فسميت الشعرى الغميصاء.

أنتن من ريح الجورب

هو من قول الشاعر:
أثني علي بما علمت فإنـنـي مثن عليك بمثل ريح الجورب
وقال آخر:
بعثوا إلي صـحـيفة مـطـوية مختومة بختامها كالـعـقـرب
فعرفت فيها الشر حين رأيتـهـا فضضتها عن مثل ريح الجورب
زعم الأصمعي أن معنى قوله "فعرفت فيها الشر حين رأيتها" هو أن عنوانها كان من كهمس. قال الأصمعي: وليس شيء أشبه بالعقرب من كهمس.

أنتن من العذرة

هي كناية عن الخرء. قال الأصمعي: أصل العذرة فناء الدار، وكانوا يطرحون ذلك بأفنيتهم، ثم كثر حتى سمي الخرء بعينه عذره.

أنشط من ظبي مقمر

لأنه يأخذ النشاط في القمر فيلعب.

أنفر من أزب

هذا مثل قولهم: كل أزب نفور. وذلك أن البعير الأزب يرى طول الشعر على عينه فيحسبه شخصاً، فهو نافر أبداً. وقال ابن الأعرابي: الأزب من الإبل شر الإبل وأنفرها نفاراً وأبطؤها سيراً وأخبها خباراً ولا يقطع الأرض.

أنبش من جيأل

هذا اسم للضبع. وهي تنبش القبور وتستخرج جيف الموتى فتأكلها. قال الأصمعي: أنشدني أبو عمرو بن العلاء لرجل من بني عامر، يقال له مشعب:
تمتع يا مشعـب إن شـيئاً سبقت به الوفاة هو المتاع
بأصر يتركنك الحي يومـاً رهينة دارهم وهم سراع
وجاءت جيأل وبنو أبيهـا أحم المأقيين بهم خمـاع
فظلا ينبشان الترب عنـي وناما ذئب غيرك والسباع

أنوم من كلب

هذا من قول رؤبة:
لاقيت مطلاً كعناس الكلب وعدة هاج عليها صحبي

كالشهد بالماء الزلال العذب

.

أنتن من ريح الجورب

هو من قول الشاعر:
أثني علي بما علمت فإنـنـي مثن عليك بمثل ريح الجورب
وقال آخر:
بعثوا إلي صـحـيفة مـطـوية مختومة بختامها كالـعـقـرب
فعرفت فيها الشر حين رأيتـهـا فضضتها عن مثل ريح الجورب
زعم الأصمعي أن معنى قوله "فعرفت فيها الشر حين رأيتها" هو أن عنوانها كان من كهمس. قال الأصمعي: وليس شيء أشبه بالعقرب من كهمس.

أنتن من العذرة

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 351

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 352

هي كناية عن الخرء. قال الأصمعي: أصل العذرة فناء الدار، وكانوا يطرحون ذلك بأفنيتهم، ثم كثر حتى سمي الخرء بعينه عذره.

أنشط من ظبي مقمر

لأنه يأخذ النشاط في القمر فيلعب.

أنفر من أزب

هذا مثل قولهم: كل أزب نفور. وذلك أن البعير الأزب يرى طول الشعر على عينه فيحسبه شخصاً، فهو نافر أبداً. وقال ابن الأعرابي: الأزب من الإبل شر الإبل وأنفرها نفاراً وأبطؤها سيراً وأخبها خباراً ولا يقطع الأرض.

أنبش من جيأل

هذا اسم للضبع. وهي تنبش القبور وتستخرج جيف الموتى فتأكلها. قال الأصمعي: أنشدني أبو عمرو بن العلاء لرجل من بني عامر، يقال له مشعب:
تمتع يا مشعـب إن شـيئاً سبقت به الوفاة هو المتاع
بأصر يتركنك الحي يومـاً رهينة دارهم وهم سراع
وجاءت جيأل وبنو أبيهـا أحم المأقيين بهم خمـاع
فظلا ينبشان الترب عنـي وناما ذئب غيرك والسباع

أنوم من كلب

هذا من قول رؤبة:
لاقيت مطلاً كعناس الكلب وعدة هاج عليها صحبي

كالشهد بالماء الزلال العذب

قال حمزة: هذا من قول الأعراب في نعاس الكلب. وقد خالفهم صاحب المنطق فقال: أيقظ من الكلب، وزعم أن الكلب أيقظ حيوان عيناً، فإنه أغلب ما يكون النوم عليه يفتح من عينيه بقدر ما يكفيه للحراسة، فذلك ساعة وساعة. وهو في ذلك كله أيقظ من ذئب وأسمع من فرس وأحذر من عقعق؛ قال: والأعراب إنما أرادوا بما قالوا المطل في المواعيد.

أنوم من الفهد

لأن الفهد أنوم الخلق وليس نومه كنوم الكلب؛ لأن الكلب نومه نعاس، والفهد نومه مصمت، وليس شيء في جسم الفهد أي في حجم الفهد إلا والفهد أثقل منه وأحطم لظهر الدابة. وقالت امرأة من العرب: زوجي إذا دخل، فهد، وإذا خرج، أشد؛ يأكل ما وجد ولا يسأل عما عهد. وأما قولهم:

أنوم من غزال

فلأنه إذا رضع أمه فروي امتلأ نوماً. وأما قولهم:

أنوم من عبود

فقد مر ذكره.

أنعم من خريم

هو خريم بن خليفة بن سنان بن أبي حارثة المري؛ وكان متنعماً فسمي خريماً الناعم. وسأله الحجاج عن تنعمه قال: لم ألبس خلقاً في شتاء، ولا جديداً في صيف. فقال له: فما النعمة? قال: الأمن، لأني رأيت الخائف لا ينتفع بشيء. قال: زدني. قال: الصحة، فإني رأيت السقيم لا ينتفع بعيش. فقال: زدني. قال: الغنى فإني رأيت الفقير لا ينتفع بعيش. فقال: زدني. قال: لا أجد مزيداً.

أنعم من حيان أخي جابر

قالوا: إنه كان رجلاً من العرب في رخاء من العيش ونعمة من البدن فقال فيه الأعمش:
شتان ما يومي على كورها ويوم حيان أخي جـابـر
يقول: أنا في السير والشقاء، وحيان في الدعة والرخاء.

أنزى من هجرس

قالوا: إنه هنا الدب.
وقالوا في قولهم:

أنزى من ضيون

هو السنور. قال الشاعر:
يدب بالليل لجـاراتـه كضيون دب إلى قرنب
أنزى من ظبي وأنزى من جراد هذا من النزوان لا من النزو. كذا قال حمزة. وليس كما ذهب إليه، بل. النزوان والنزو واحد، وهما الوثب. وأما المعنى الآخر فهو النزاء بكسر النون. هذا هو الوجه.

أنصح من شولة

وكانت خادماً في دار من دور الكوفة، كانت ترسل في كل يوم تشتري بدرهم سمناً؛ فبينما هي ذاهبة إلى السوق وجدت درهماً فأضافته إلى الدرهم الذي كان معها واشترت به سمناً وردته إلى مواليها فضربوها وقالوا: أنت تأخذين كل يوم هذا المقدار من السمن فتسرقين نصفه؛ فضرب بها المثل فقيل لها: شولة الناصحة.
أندم من أبي غبشانومن شيخ مهوومن قضيب
قد مر ذكرهم قبل.

أنجب من يراعة

معناه، أجبن وأضعف قلباً. واليراعة، القصب. ويقال: النعمة ويراد باليراعة المزمار لأنه أجوف. قال الشعر:
رأيت اليراع ناطقاً عن خفاركم إذا هزمت أثباجه وتعـيسـا

أند من نعامة

أي أنفر. يقال: ند البعير يند ندوداً، إذا نفر.

أنم من ذكاء ومن جرس ومن جوز في جوالق

أنقى من الدعة ومن الراحة ومن طست العروس أنكد من كلب أجص ومن أحمر عاد أنخى من ديك هذا من النخوة.
أنور من صبح ومن وضح النهار أنضر من روضة أندى من البحر ومن القطر ومن الذباب ومن الليلة الماطرة  
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 352

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 353

أنفذ من سنان ومن خارق ومن خياط ومن إبرة ومن الدرهم أنأى من الكواكب أنشط من ذئب ومن عير الفلاة هذا من قولهم: نشط من بلد إلى آخر، ومن أرض إلى أخرى، إذا ذهب. ومنه: ثور ناشط، إذا كان بهذه الصفة.

أنطق من سحبان ومن قس بن ساعدة

أنكح من أعمى أنزى من عصفور ومن تيس بني حمان أنهم من كلب أنفس من قرطي مارية يعنون قولهم: خذه ولو بقرطي مارية.

أندس من ظربان

قال بعضهم: معناه، أنتن. وقال الطبري: هذا من الندس الذي هو القطن، وذلك أن الظربان يأتي جحر الضب فيفعل ما قد مر ذكره؛ ويدخل بين الإبل فيفرقها. وهذا فطنة.

المولدون

نزلت سليمى بسليم نحن على صيحة الحبلى يضرب في الخطر.
نك واطرح وانك ولا تبرح نعم حاجب الشهوات غض البصر نعم المشي الهدية أمام الحاجة نشأ مع نوح في السفينة نعم العون على المروءة المال نفاق المرء من ذله نزلت منه بواد غير ذي زرع نظر الشحيح إلى الغريم المفلس نظيف القدر يضرب للبخيل.
نعوذ بالله من حساب يزيد نعم الثوب العافية إذا انسدل على الكفاف نطف السكارى في أرحام القيان النقلة مثلة الناس أتباع من غلب النكاح يفسد الحب الناس بزمانهم أشبه منهم بآبائهم النقد صابون القلوب النصح بين الملأ تقريع الناس على الدين الملوك النسيئة نسيان النكاية على قدر الجناية الناس أحادي الناس بالناس الناي في كمي والريح في فمي قال زنام للمتوكل وقد أراده على الخروج معه.
الناس عبيد الإحسان أنفقت مالي وحج الجمل أنجس ما يكون الكلب إذا اغتسل نعم المؤدب الدهر

الباب السادس والعشرون

في

ما أوله واو

وافق شن طبقة

قال الشرقي بن القطامي: كان رجل من دهاة العرب وعقلائهم، يقال له "شن" فقال: والله لأطوفن حتى أجد امرأة مثلي أتزوجها. فبينما هو في بعض مسير إذا وافقه رجل في الطريق فسأله شن: أين تريد? فقال: موضع كذا، يريد القرية التي يقصدها شن، فوافقه حتى أخذا في مسيرهما قال له شن: أتحملني أم أحملك? فقال له الرجل: يا جاهل أنا راكب وأنت راكب، فكيف أحملك أو تحملني? فسكت عن شن، وسارا حتى إذا قربا من القرية إذا بزرع قد استحصد، فقال شن: أترى هذا الزرع أكل أم لا? فقال له الرجل: يا جاهل ترى نبتاً مستحصداً فتقول أكل أم لا? فسكت عنه شن حتى إذا دخلا القرية لقيتهما جنازة فقال شن: أترى صاحب هذا النعش حياً أو ميتاً? فقال له الرجل: ما رأيت أجهل منك، ترى جنازة تسأل عنها أميت صاحبها أم حي? فسكت عنه شن فأراد مفارقته، فأبى الرجل أن يتركه حتى يصبر به إلى منزله؛ فمضى معه فكان للرجل بنت يقال لها طبقة، فلما دخل عليها أبوها سألته عن ضيفه فأخبرها بمرافقته إياه، وشكا إليها جهله وحدثها بحديثه، فقالت: يا أبت ما هذا بجاهل. أما قوله "أتحملني أم أحملك" فأراد أتحدثني أم أحدثك حتى نقطع طريقنا. وأما قوله "أترى هذا الزرع أكل أم لا" فأراد، هل باعه أهله فأكلوا ثمنه أم لا. وأما قوله في الجنازة فأراد، هل ترك عقباً يحيا بهم ذكره أم لا. فخرج الرجل فقعد مع شن فحادثه ساعة ثم قال: أتحب أن أفسر لك ما سألتني عنه? قال: نعم فسره. قال شن: ما هذا من كلامك، فأخبرني عن صاحبه. قال: ابنة لي. فخطبها إليه فزوجه إياها وحملها إلى أهله، فلما رأوها قالوا: رافق شن طبقة فذهبت مثلاً. يضرب للمتوافقين. وقال الأصمعي: هم قوم وكان لهم وزعاء من أدم فشتنن، فجعلوا له طبقاً فوافقه، فقيل وافق شن طبقه. وهكذا رواه أبو عبيد في كتابه وفسره. وقال ابن الكلبي: طبقة، قبيلة من إياد كانت لا تطاق فوقع بها شن بن أفصى بن عبد دعمى بن جديلة بن أسد ابن ربيعة بن نزار، فانتصف منها وأصابت منه. فصار مثلاً للمتفقين في الشدة وغيرها. قال الشاعر:
لقيت شن إياداً بالقنـا طبقاً وافق شن طبقه
وزاد المتأخرون فيه "وافقه فاعقتنه".

وقع القوم في سلى جمل

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 353

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 354

السلى: ما تلقيه الناقة إذا وضعت، وهي جليلة رقيقة يكون فيها الولد من المواشي؛ إن نزعت عن وجه الفصيل ساعة يولد عاش، وإلا قتلته. وكذلك إذا انقطع السلى في البطن، فإذا خرج السلى سلمت الناقة وسلم الولد، وإذا انقطع في بطنها هلكت وهلك الولد. يضرب في بلوغ الشدة منتهى غايتها. وذلك أن الجمل لا يكون له سلى، فأرادوا أنهم وقعوا في شر لا مثيل له.

وقعوا في أم جندب

قال أبو عبيد: كأنه اسم من أسماء الإساءة. يضرب لمن وقع في ظلم وشر. وروى غيره: وقعوا بأم جندب، إذا ظلموا وقتلوا غير قاتل صاحبهم. وأنشد:
قتلنا به القوم الذين اصطلوا به نهاراً ولم تظلم به أم جنـدب
أي لم نقتل غير القاتل. وقيل: جندب، اسم للجراد، وأمه الرمل. لأنه يربي بيضه فيه، والماشي في الرمل واقع في الشدة. وقيل: هو فنعل، من الجدب أي وقعوا في القحط.

وقعوا في وادي جدبات

قد كثرت الرواية في هذا المثل. فبعضهم قال: جدبان، جمع جدبة. وبعضهم روى بالذال المعجمة، من قولهم: جذب الصبي إذا فطمه، وذلك يصعب عليه ويشتد وربما يكون فيه هلاكه. والصواب ما أورده الأزهري رحمه الله في التهذيب عن الأصمعي، جدبات جمع جدبة، وهي فعلة من الجدب. يقال: جدبته الحية، إذا نهشته. يضرب لمن وقع في هلكة، ولمن جار عن القصد أيضاً.

وقعوا في نحوط

أي سنة جدبة. قال أوس:
والحافظ الناس في نحوط إذا لم يرسلوا تحت عائذ زيعـا
وقال الفراء: يقال، وقعوا في تحوط وتحيط بكسر التاء اتباعاً لكسرة الحاء. قال: أخذت من "أحاط به الأمر".

وقعوا في دوكة وبوخ

يورى بضم الدال وفتحها. وبوخ بالخاء والحاء، وهما الاختلاط. ومنه الحديث: فباتوا يدوكون، أي باتوا في اختلاط ودوران. يضرب لمن وقع في شر وخصومة.

وقعوا في وادي تضلل وتخيب

وكذلك تهلك. كلها على وزن تفعل بضم التاء والفاء وكسر العين غير مصروف. ومعنى كلها، الباطل. قاله الكسائي. ومنع كلها من الصرف لشبه الفعل والتعريف. ويروى، تضلل بفتح الضاد. وكذلك أخواته. والصحيح الضم. كذلك أورده الجوهري في كتابه.

وقعوا في الأهيعين

يقال: عام أهيع، إذا كان مخصباً كثير العشب. يضرب لمن حسنت حاله. قالوا: ومعنى التثنية الأكل والشرب. وقال الأزهري: الأكل والنكاح.

وقع فلان في سي رأسه وفي سواء رأسه

إذا وقع في النعمة. قال أبو عبيد: وقد يفسر "سي رأسه" عدد شعر رأسه من الخير. وقال ابن الأعرابي: أي غمرته النعمة حتى ساوت برأسه وكثرت عليه. يضرب لمن وقع في خصب. ويروى: في سن رأسه. وهو تصحيف.

وقعوا في أم حبوكر وأم حبوكرى وأم حبوكران

وتحذف "أم" فيقال: وقعوا في حبوكر. وأصل الحبوكر الرمل يضل فيه. يضرب لمن وقع في داهية عظيمة.

وقعت عليه رخمته

الرخمة، قريب من الرحمة. يقال: رخمة ورحمة. قال مستودع خمراً لوعاء مرخوم. يضرب لمن يحب ويؤلف.

ودق العير إلى الماء

يقال: ودق يدق ودقاً. أي قرب ودنا. يضرب لمن خضع بعد الإباء.

وجه الحجر وجهة ما له

وجهة ما له ووجهاً ما له. ويروى وجهة ووجهة بالرفع. "وما" صلة في الوجهين. والنصب على معنى، وجه الحجر جهته. والرفع على معنى وجه الحجر فله وجهة وجهة. يعني أن للحجر وجه ما، فإن لم يقع موقعاً ملائماً فأدره إلى جهة أخرى، فإن له على كل حال وجهة ملائمة، إلا أنك تخطئها. يضرب في حسن التدبير. أي لكل أمر وجه، لكن الإنسان ربما عجز ولم يهتد إليه.

واهاً ما أبردها على الفؤاد

واهاً، كلمة يقولها المسرور. يحكى أن معاوية لما بلغه موت الأشتر قال: واهاً ما أبردها على الفؤاد. ويروى، واهاً لها من نعية، أي صوت. وزعموا أنه لما أتاه قتل توبة بن الحمير العقيلي صعد المنبر حمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا أهل الشام، إن الله تعالى قتل الحمار بن الحمير وكفى المسلمين درأه، فاحمدوا الله فإنها نعية كالشهد، بل هي أنفع لذي الغليل من الشهد. إنه كان خارجياً تخشى بوائقه. فقال همام بن قبيصة: يا أمير المسلمين، إنه كفاك عمله ولم يود حتى استكمل رزقه وأجله؛ كان والله لزاز حروب يكره القوم درأه، كما قالت ليلى الأخيلية:
لزاز حروب يكـره الـقـوم درأه ويمشي إلى الأقران بالسيف يخطر
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 354

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 355

مطل على أعـدائه يحـذرونـه كما يحذر الليث الهزبر الغضنفر
فقال معاوية: اسكت يا ابن قبيصة، وأنشد:
فلا رقأت عين بكته ولا رأت سروراً ولا زالت تهان وتحقر

وجد تمرة الغراب

يضرب لمن وجد أفضل ما يريد. وذلك أن الغراب يطلب من التمر أجوده وأطيبه.

وجدت الدابة ظلفها

يضرب لمن وجد أداة وآلة لتحصيل طلبته. ويروى: وجدت الدابة طلقها، أي شوطها، أو حضرها.

ولدك من دمى عقبيك

الولد، لغة في الولد. حكى المفضل أن امرأة الطفيل بن مالك بن جعفر بن كلاب، وهي امرأة من بلقين ولدت له عقيل بن الطفيل فتبنته كبشة بنت عروة بن جعفر بن كلاب، فقدم عقيل على أمه يوماً فضربته فجاءتها كبشة حتى منعتها، وقالت: ابني ابني، فقالت القينية: ولدك، ويروى ابنك، من دمى عقبيك. يعني الذي نفست به فأدمى النفاس عقبيك. أي من ولدته فهو ابنك، لا هذا. فرجعت كبشة وقد ساءها ما سمعت، ثم ولدت بعد ذلك عامر بن الطفيل.

وجدت الناس أخبر تقله

ويجوز، وجدت "الناس" بالرفع على وجه الحكاية للجملة، كقول ذي الرمة:
سمعت الناس ينتجعون غيثاً فقلت لصيدح انتجعي بلالا
أي سمعت هذا القول. ومن نصب الناس نصبه بالأمر أي أخبر الناس تقل. وجعل وجدت بمعنى "عرفت". هذا المثل. والهاء في "تقله" للسكت بعد حذف العائد. أعني أن أصله: أخبر الناس تقلهم، ثم حذف الهاء والميم، ثم أدخل هاء الوقف. وتكون الجملة في موضع النصب بوجدت. أي وجدت الأمر كذلك. قال أبو عبيد: جاءنا الحديث عن أبي الدرداء الأنصاري رضي الله عنه قال: أخرج الكلام على لفظ الأمر. ومعناه الخبر. يريد، أنك إذا أخبرتهم قليتهم. يضرب في ذم الناس وسوء معاشرتهم.

وحمى ولا حبل

أي أنه لا يذكر له شيء إلا اشتهاه. يضرب للشره والحريص على الطعام، وللذي يطلب ما لا حاجة به إليه.

وجه المحرض أقبح

يضرب للرجل يأتيك من غيرك بما تركه من شتم. أي وجه المبلغ أقبح.

أوسعتهم سبا وأودوا بالإبل

يقال: وسعه الشيء، أي حاط به وأوسعته الشيء إذا جعلته يسعه. والمعنى، كثرته حتى وسعه. فهو يقول كثرت سبهم فلم أدع منه شيئاً، وحديثه أن رجلاً من العرب أغير على إبله فأخذت، فلما تواروا صعد أكمة وجعل يشتمهم، فلما رجع إلى قومه سألوه عن ماله فقال: أوسعتهم سباً وأودوا بالإبل. قال الشاعر:
وصرت كراعي الإبل حين تقسمت فأودى بها غيري وأوسعتهم سبـا
ويقال أن أول من قال ذلك كعب بن زهير بن أبي سلمى. وذلك أن الحرث بن زرقاء الصيداوي أغار على بني عبد الله بن غطفان، واستاق إبل زهير وراعيه، فقال زهير في ذلك قصيدته التي أولها:
ناء الخليط ولم يأووا لمن تركوا وزودوك اشتياقاً أية سلـكـوا
وبعث بها إلى الحرث، فلم يرد الإبل عليه فهجاه، فقال كعب: أوسعتهم سباً وأودوا بالإبل. فذهبت مثلاً. يضرب لمن لم يكن عنده إلا الكلام.

أودى العير إلا ضرطاً

يضرب للذليل. أي لم توثق من قربه إلا هذا. ويضرب للشيخ أيضاً. ونصب "ضرطاً" على الاستثناء من غير الجنس.

أوردها سعد وسعد مشتمل

هذا سعد بن زيد مناة أخو مالك بن زيد مناة الذي يقال له آبل بن مالك. ومالك هذا هو سبط تميم بن مرة. وكان يحمق، إلا أنه كان آبل أهل زمانه. ثم أنه تزوج وبنى بامرأته فأورد الإبل أخوه سعد ولم يحسن القيام عليها والرفق بها فقال مالك:
أوردها سعد وسعد مشتمل ما هكذا يا سعد تورد الإبل
ويروى. يا سعد لا تروى بهذاك الإبل. فقال سعد مجيباً له:
يظل يوم وردها مـزعـفـراً وهي حناظيل تجوس الخضرا
قالوا: يضرب لمن أدرك المراد بلا تعب. والصواب أن يقال: يضرب لمن قصر في الأمر. وهذا ضد قولهم: بيدين ما أوردها زائدة.

وقعا كعكمي عير

العير يقع على الحمار الوحشي والأهلي، لأنهما يعيران، أي يسيران. وأراد بالوقوع الحصول. يعني أنهما حصلا في التوازن والتعادل سواء. ويجوز أن يكون بمعنى السقوط لأن العكمين في الأكثر إذا حلا سقطا معاً. والعكم، العدل. ويقال أيضاً: هما عكما عير. وكلاهما يضرب للمتساويين.

واقية كواقية الكلاب

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 355

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 356

الواقية، مصدر كالعاقبة والكاذبة. أي وقاية كوقاية الكلاب على ولدها. وهي أشد الحيوانات وقاية لأولادها. وفي الحديث: اللهم وقاية كواقية الوليد. قالوا: عنى به صلى الله عليه وسلم موسى عليه السلام.

وعيد الحبارى الصقر

وذلك أن الحبارى تقف للصقر وتحاربه ولا سلاح لها. وربما ذرقته، ولذلك قيل سلاحه سلاحه. قال الكلبي:
لقد طـلامـا أغـنـاه إيعـاد بـارق وعيد الحبارى الصقر من شدة الرعب

أوردهم حياض عطيش

ويروى، مياه عطيش. أي هلكوا. والسراب يسمى مياه عطيش. وأنشد:
وهل أنا إلا كالقـطـامـي فـيكـم أجلي كما جلى، وأغضي كما يغضي
قفوا حمرات الجهـل لا يوردنـكـم مياه عطيش غب ثـالـثة يفـضـي
ويحكى هذا من قول الحجاج للشعبي حين خرج فيمن كان خرج من الفقهاء عليه، فلما ظفر به عاتبه عتاباً طويلاً فصدقة الشعبي عن نفسه وأغلظ في القول، فقال الحجاج: واصدقاه، وعفا عنه وأطلقه.

الولد للفراش وللعاهر الحجر

اسم الفراش يستعار لكل واحد من الزوجين. والعاهر، الزاني. والمرأة عاهرة. والحجر كناية عن الخيبة، كما يقال: يفيه الأثلب وبفيه البرى؛ ويجوز أن يكون كناية عن الرجم. يعني أن الولد للوالد، وللعاهر أن يخيب عن النسب أو يرجم. يضرب لمن يرجع خائباً باستحقاق.

أودت بهم عقاب ملاع

قال أبو عبيدة: يقال ذلك في الواحد والجمع. قال ابن دريد: عقاب ملاع، سريعة. وأنشد: "عقاب ملاع لا عقاب القواعل". والمليع والملاع، المفازة التي لا نبات بها. ويجوز أن تكون منسوبة إليها لسكونها المفازة. ويجوز أن يقال: نسبت إلى السرعة لأنها أسرع الطير اختطافاً. والملع، السير السريع الخفيف. يقال: ناقة ملوع ومليع. وقال ثعلب: يقال أنت أخف من عقيب ملاع، وهي عقيب تأخذ العصافير والجرذان ولا تأخذ أكثر من ذلك. يضرب في هلاك القوم بالحوادث.

وقع القوم في ورطة

قال أبو عبيد: أصل الورطة الأرض التي تطمئن، لا طريق فيها. وورطه وأورطه إذا أوقعه في الورطة. يضرب في وقوع القوم في الهلكة.

وجدت الناس إن قارضتهم قارضوك

هذا من كلام أبي الدرداء رضي الله عنه. وتمامه وإن تركتهم لم يتركوك. المقارضة، يجوز أن تكون من القرض الذي هو الدين، جعل استعارة للأفعال المقتضية للمجازاة. أي إن أحسنت إليهم أحسنوا إليك، وإن أسأت فكذلك. ومعنى قوله: وإن تركتهم لم يتركوك، أي إن عودتهم الإحسان ثم فطمتهم لم يتركوك. يعني أنهم يلحون حتى تعود إليهم بالإحسان. ويجوز أن تكون المقارضة من القرض الذي هو القطع. أي إن نلت من أعراضهم نالوا من عرضك، وإن تركتهم فلم تنل منهم نالوا منك أيضاً لسوء دخلتهم وخبث طباعهم. وسمي النيل من العرض قطعاً، لأنه سبب القطع. والمثل في الجملة ذم لسوء معاشرة الناس ونهي عن مخالطتهم. وينشد في هذا المعنى:
وما أنت إلا ظالم وابـن ظـالـم لأنـك مـن أولاد حــوا وآدم
فإن كنت مثل النصل ألفيت قائلاً: ألا ما لهذا النصل ليس بصـارم
وإن كنت مثل القدح ألفيت قائلاً: ألا ما لهذا القدح لـيس بـقـائم

وأم بشق أهله جياع

الوأم، البيت الثخين من شعر أو وبر، وشق، موضع. يضرب للكثير المال لا ينتفع به.

الوحدة خير من جليس السوء

قال أبو عبيد: هذا من أمثالهم السائرة في القديم والحديث.

أودى به الأزلم الجذع

يقال، الأزلم اسم للدهر، والجذع صفة له لأنه لا يهرم أبداً، بل يتجدد شبابه. يضرب مثلاً لما ولى ويئس منه، لأن الدهر أهلكه. قال لقيط بن يعمر الإيادي:
يا قوم بيضتكم لا تفضحن بهـا إني أخاف عليها الأزلم الجذعا

وقع في روضة وغدير

يضرب لمن وقع في خصب ودعة.

أوضع بنا وأمل

الوضيعة، الحمض بعينه. وقوله: أوضع بنا، أي أرعنا الحمض، وأمل من الإملال، وهو الرعي في الخلة. يعني خذ بنا تارة في هذا، وتارة في ذاك. يضرب في التوسط حتى لا يسأم.

وريت بك زنادي وزهرت بك ناري

يضربان عند لقاء النجع. أي رأيت منك ما أحب.

وجدان الرقين يغطي أفن الأفين

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 356

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 357

الرقة، الورق. والأفن، الحمق. والأفين، المأفون. وهي الأحمق. والأفن بالتحريك ضعف الرأي، وقد أفن الرجل وأفنه الله يأفنه أفناً. وأصله النقص. يقال: أفن الفصيل ما في ضرع أمه، إذا شربه كله. يضرب في فضل الغنى والجدة.

وشكان ذا إذابة وحقناً

أي، ما أسرع ما أذيب هذا السمن وحقن. ونصب "إذابة" و "حقناً" على الحال، وإن كانا مصدرين، كما يقال: سرع هذا مذاباً ومحقوناً. ويجوز أن يحمل على التمييز، كما يقال: حسن زيد وجهاً، وتصبب عرقاً. يضرب في سرعة وقوع الأمر لمن يخبر بالشيء قبل أوانه.

وقع على الشحمة الرقى

ويروى، الركى، وهو الشحم الذي يذوب سريعاً. يقال: الشحمة الركى على فعلى، والعامة تقول: الرقى. يضرب لمن لا يعينك في قضاء الحاجات.

وقعوا في عاثور شر وعافور شر

أي وقعوا في شر لا مخلص لهم منه.

أوهيت وهياً فارقعه

أي أفسدت أمراً فأصلحه.

أودت أرض وأدوى عامرها

يضرب للشيء يذهب، ويذهب من كان يصلحه.

ويل للشجي من الخلي

ذكرت قصته في حرف الصاد عند قولهم: صغراها شراها. وهذه رواية أخرى. قال المدائني ومحمد بن سلام الجمحي: أول من قال ذلك أكثم بن صيفي التميمي. وكان من حديثه أنه لما ظهر النبي عليه الصلاة والسلام بمكة ودعا الناس إلى الإسلام بعث أكثم بن صيفي ابنه حبيشاً، فأتاه بخبره، فجمع بني تميم وقال: يا بني تميم، لا تحضروني سفيهاً فإنه من يسمع يخل، إن السفيه يوهن من فوقه، ويثبت من دونه. لا خير فيمن لا عقل له. كبرت سني ودخلتني ذلة، فإذا رأيتم مني حسناً فاقبلوه، وإن رأيتم مني غير ذلك فقوموني أستقم. إن ابني شافه هذا الرجل مشافهة وأتاني بخبره، وكتابه يأمر فيه بالمعروف وينهى عن المنكر ويأخذ فيه بمحاسن الأخلاق ويدعو إلى توحيد الله تعالى وخلع الأوثان وترك الحلف بالنيران، وقد عرف ذوو الرأي منكم أن الفضل فيما يدعوا إليه، وإن الرأي ترك ما ينهى عنه. إن أحق الناس بمعونة محمد صلى الله عليه وسلم ومساعدته على أمره أنتم. فإن يكن الذي يدعو إليه حقاً فهو لكم دون الناس، وإن يكن باطلاً كنتم أحق الناس بالكف عنه وبالستر عليه. وقد كان أسقف نجران يحدث بصفته، وكان سفيان بن مجاشع يحدث به قبله وسمى ابنه محمداً، فكونوا في أمره أولاً ولا تكونوا آخراً. ائتوا طائعين قبل أن تؤتوا كارهين. إن الذي يدعو إليه محمد صلى الله عليه وسلم لو لم يكن ديناً كان في أخلاق الناس حسناً. أطيعوني واتبعوا أمري أسأل لكم أشياء لا تنزع منكم أبداً، وأصبحتم أعز حي في العرب وأكثرهم عدداً وأوسعهم داراً فإني أرى أمراً لا يجتنبه عزيز إلا ذل، ولا يلزمه ذليل إلا عز. إن الأول لم يدع للآخر شيئاً. وهذا أمر له ما بعده. من سبق إليه غمر المعالي واقتدى به التالي. والعزيمة حزم، والاختلاف عجز. فقال مالك بن نويرة: قد خرف شيخكم. فقال أكثم: ويل للشجي من الخلي، والهفي على أمر لم أشهده ولم يسعني.

وردوا حياض غتيم

أي ماتوا. قال الأزهري: الغتيم، الموت. "قلت": لعله أخذ من الغتم، وهو الأخذ بالنفس من شدة الحر. ومنه: وغتم نجم غير مستقل. وتركيب الكلمة يدل على انسداد وانغلاق، كالغتمة وهي العجمة. ومن مات انسدت مسامه وانفلقت متصرفاته. وروى ثعلب بالثاء المعجمة بثلاث. ولا أدري ما صحته.

وسع رقاع قومه

رقاع، اسم رجل كان شريراً. يقول: أوفرنا شراً. قال المؤرج: وربما قيلت في الخير، وهي في الشر أكثر. وإنما يقال ذلك للجاني على قومه.

ورثته عن عمة رقوب

الرقوب، التي لا يعيش لها ولد، فهي أرأف بابن أخيها.

وقعوا في تغلس

بضم التاء والغين وكسر اللام. أي وقعوا في داهية. قاله أبو زيد. "قلت": هذا اللفظ في أمثاله المقروءة على المشايخ على وزن تقتل. وكذلك قرئ على القاضي أبي سعيد. إلا أنه قال: أنا لا أحفظ إلا "تغلس" كما أثبته أنا ههنا.

ولي حارها من ولي قارها

ويروى، من تولى. قاله عمر بن الخطاب رضي الله عنه لعتبة بن غزوان، أو لأبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه. أي احمل ثقلك على من انتفع بك.

واحبذا وطأة الميل

قاله رجل راكب دابة، وقد مال على أحد جانبيه، فقيل له اعتدل، فاستطاب ركبته، فلم يزل كذلك حتى نزل وقد عقر دابته. يضرب لمن خالف نصيحة.

وأهل عمرو قد أضلوه

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 357

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 358

قالوا: هو عمرو بن الأحوق بن جعفر بن كلاب. قاله أبوه لما قتل عمرو، فلم يرجع إليه. والمثل هكذا يضرب مع الواو في "وأهل" لما أهلكه صاحبه بيده.

أودى درم

هو درم بن دب بن مرة بن ذهل بن شيبان. قال أبو عمرو: وكان النعمان بن المنذر يطلب درماً وجعل فيه جعلاً لمن جاء به أو دل عليه، فأصابه قوم فأقبلوا به إليه فمات في أيديهم قبل أن يبلغوا به إليه؛ فقيل: أودى درم. يضرب لمن لم يدرك بثأره.

ولغ جري كان محشوماً

قال ابن الأعرابي: حشمته أي أخجلته. ويروى، ولغ جري كان محسوماً بالسين. هكذا رواه ابن كثوة. يضرب في استكثار الحريص من الشيء قدر عليه بعد أن لم يكن قادراً.

وجدتني الشحمة الرقى طرفاً

أي رقيقة الطرف. أي، وجدتني لا امتناع بي عليك.

ولوع وليس لشيء يرد

أي هو حريص على ما منع، ولا يريد عليه شيء مما يريد.

وقعوا في أم خنور

مثال، تنور وسنور. أي في نعمة. كذا قاله أبو عمرو. وقال آخرون: أي في داهية.

ويشرب جملها من الماء

أصله أن رجلاً تزوج امرأة فمقتها فطلقها، ثم لبث زماناً فاستسقاه ظعن مررن به، فسقاهن، فرأى جملها وهي عليه فعرفها، فقال: ويشرب جملها من الماء. يضرب عند التهكم بالممقوت.

وعده عدة الثريا بالقمر

وذلك أنهما يلتقيان في كل شهر مرة.

أوردت ما لم تصدر

أي نقطت بما لم تقدر على ردها من كلمة عوراء. أو جنيت جناية شنعاء.

وابطينا بطن

أصله أن رجلاً من العرب كانت له ابنة فخطبها قوم، فدفع أبوها إليهم ذراعاً مع العضد، وقال: من فصل بينهما فهي له. فعالجوا فلم يصلوا إليها حتى وقعت في يد غلام كان يعجب الجارية يسمى بطيناً، فقالت: وابطينا بطن. أي حز باطناً تصادف المفصل. أي لا تقطعه إلا من باطنه. فلما أمرته طبق المفصل فقال أبوها: وابطنك وهوانك. يعني، سترين سغب بطنك وإهانتك. يضرب في حسن الفهم والظفر.

ولدت رأساً على رأس

يضرب للمرأة تلد كل عام ولداً.

ويل أهون من ويلين

هذا المثل قولهم: بعض الشر أهون من بعض.

ويل لعالم أمر من جاهله

قاله أكثم بن صيفي في كلام له. ويروى، ويل عالم أمر من جاهله.

وراءك أوسع لك

أي تأخر تجد مكاناً أوسع لك. ويقال في ضده. أمامك، أي تقدم.

وجه عدوك يعرب عن ضميره

وهذا كقولهم: البغض تبديه لك العينان.

وهل يغني من الحدثان ليت

هذا قريب من قولهم:

إن لواً وإن ليتاً عناء

أوسع القوم ثوباً

أي أكثرهم معروفاً وأطولهم يداً. كما يقال عمرو طويل الرداء، إذا كان سخياً.

الوفاء من الله بمكان

أي للوفاء عند الله محلة ومنزلة. وهذا كما يقال: لي من قلب فلان مكان. يضرب في مدح الوفاء بالوعد. وروي عن عبد الله بن عمر أنه كان وعد رجلاً من قريش أن يزوجه ابنته، فلما كان عند موته أرسل إليه فزوجه، وقال: كرهت أن ألقى الله بثلث النفاق.

الواقية خير من الراقية

يعني الوقاية، وهي الحفظ. أي حفظ الله إياك خير لك من أن تبتلى فترقى. والراقية يجوز أن تكون بمعنى المصدر، كالواقية؛ بمعنى الوقاية؛ ويجوز أن تكون الفاعلة من الرقية. يضرب في اغتنام الصحة.

أودى عتيب

قال ابن الكلبي: هو عتيب بن أسلم بن مالك بن شنوأة بن قديل؛ وهو أبو حي من العرب أغار عليهم بعض الملوك فسبى الرجال، فكانوا يقولون: إذا كبر صبياننا لم يتركونا حتى يفكونا؛ فلم يزالوا عنده حتى هلكوا. فضربتهم العرب مثلاً وقال: أودى عتيب. كما قالوا أودى درم. قال عدي بن زيد:
ترجيها وقد وقعت بـقـر كما ترجو أصاغرها عتيب

وقعوا في أم عبيد تصايح حياتها

أي إذا وقعوا في داهية. وأم عبيد كنية الفلاة.

ولود الوعد عاقر الإنجاز

يضرب لمن يكثر وعده ويقل نقده.

وجدته لابساً أذنيه

أي متغافلاً. قال الشاعر:
لبست لغالب أذني حتـى أراد برهطه أن يأكلوني
أي تغافلت حتى أرادوا أن يأكلوني. والباء في "برهطه" بمعنى مع. أي حتى أراد هو مع رهطه أن يأكلوني. يريد، حلمت عنهم حتى استولوا.

وصل ربيعة بضره

ويقال: وصل الضرة بالهزال وسوء الحال. أي غير عيشه عليه. ووصل خيره بشره. وينشد للأعشى: "ثم وصلت ضره بربيع".

وقعت في مرتعة فعيثي

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 358

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 359

المرتعة، الخصيب. يقال ظلوا في مرتعة من العيش. وعيثي، أي افسدي. يضرب للذي لا يحسن إيالة ماله إذا قدر على كثرة مال. قال الفراء: يقال: كانت لنا البارحة مرتعة، وهي الأصوات واللعب. وقال غيره: يقال للدابة إذا طردت الذباب برأسها، رتعت. قال مصاد بن زهير:
سما بالمرتعات من المطايا قوي لا يضل ولا يجـور

الوحشة ذهاب الأعلام

يعني أن الوحشة كل الوحشة ذهاب العظماء، إما في الدين وإما في أمر الدنيا.

ودع مالاً مودعه

لأنه إذا استودعه غيره فقد ودعه وغرر به، ولعله لا يرجع إليه أبداً.
الوقس يعدي فتعد الوقسـا من يدن للوقس يلاقي تعسا
الوقس، الجرب. يقول: تجنب الشرار فإن شرهم يعدي، كما تدنو الصحاح من الجربى فتعديها.

وقعوا في هوة تترامى بهم أرجاؤها

أي نواحيها. أنشد ابن الأعرابي:
وأشعث قد طارت فنازع رأسـه دعوت على طول الكرى ودعاني
مطوت به في الأرض حتى كأنه أخو سبب يرمى به الـرجـوان
أي كأنه في بئر يضرب به رجواها مما به من النعاس.

ورياً يقطع العظام برياً

وراه الله ورياً هو أن يأكل القيح جوفه. يضرب في الدعاء على الإنسان.

وقعوا في صلع منكرة

يضرب لمن وقع في مكروه. وكذلك:

وقعوا في حرة رجيلة

يقال، حرة رجلاء، ورجيلة إذا كانت كثيرة الحجارة يشتد المشي فيها.

وشيعة فيها ذئاب ونقد

الوشيعة مثل الحظيرة تبنى من فروع الشجر للشاء؛ والنقد صغار الغنم. يضرب لمكان فيه الظلمة والضعفة، ولا مجير ولا مغيث.

أودى بلب الحازم المطروق

يقال: أودى به، إذا أهلكه. والحازم، العاقل. والمطروق، الضعيف الرأي. يضرب للعاقل يخدعه جاهل.

ومورد الجهل وبي المنهل

المورد والمنهل، واحد، ولعله أراد المصدر من نهل ينهل نهلاً ومنهلاً. والوبي الذي لا يستمرأ ولا يسمن عليه المال. يضرب في النهي عن استعمال الجهل.

أوردت ما نام عنه الفارط

يقال للذي يتقدم الواردة: فارط وفرط، لأنه يتقدم فيهيء الأرشية والدلاء. يضرب لمن نال بغيته من غير تعب.

أود من عيشك شوك العرفط

أود، أفعل من المفعول. وهو المودود. ومثل هذا يشذ. يعني أن يبنى أفعل من المفعول. والعرفط من العضاء؛ يريد شوك العرفط ألين وألذ من عيشك. يضرب لمن هو في تعب ونصب من العيش.

أوقد في ظلفة لا تسلك

الظلفة والظليف من الأرض التي لا تؤدي أثراً لصلابتها. زعم أنه لو أوقد في أرض لا يأتيه أحد طلباً للقرى لشدة بخله. يضرب للواجد البخيل.

واحدة جاءت من السبع المعر

المعر، العاري من الشعر الذي يغطي الجسد. أي داهية واحدة جاءت من الدواهي السبع الظاهرة. يضرب لمن حذر فلم يحذر، ثم نكب بما خيف عليه.

وحي في حجر

الوحي، الكتابة. يضرب عند كتمان السر. أي سرك وحي في حجر، لأن الحجر لا يخبر أحداً بشيء. أي أنا مثله.

وقع الكلب على الذئب

هذا من قول عكرمة مولى ابن عباس رضي الله عنهما. وذلك أنه سئل عن رجل غصب رجلاً مالاً، ثم قدر المغصوب على مال الغاصب، أيأخذ منه مثل ما أخذ. فقال عكرمة: وقع الكلب على الذئب، ليأخذ منه مثل ما أخذ. يضرب في الانتصار من الظالم.

ما على أفعل من هذا الباب

أولى الأمور بالنجاح المواظبة والإلحاح

يضرب في الحث على المداومة، فإن فيها النجح والظفر بالمراد.

أوفى من السموأل

هو السموأل بن حيان بن عادياء اليهودي. وكان من وفائه أن امرأ القيس لما أراد الخروج إلى قيصر استودع السموأل دروعاً وأحيحة بن الجلاح أيضاً دروعاً. فلما مات امرؤ القيس غزاه ملك من ملوك الشام، فتحرز منه السموأل، فأخذ الملك ابناً له وكان خارجاً من الحصن، فصاح الملك بالسموأل، فأشرف عليه فقال: هذا ابنك في يدي وقد علمت أن امرأ القيس بن عمي ومن عشيرتي، وأنا أحق بميراثه، فإن دفعت إلي الدروع، وإلا ذبحت ابنك. فقال: أجلني، فأجله. فجمع أهل بيته ونساءه فشاورهم، فكل أشار عليه أن يدفع الدروع ويستنقذ ابنه. فلما أصبح أشرف عليه وقال: ليس إلى دفع الدروع سبيل؛ فاصنع ما أنت صانع. فذبح الملك ابنه وهو مشرف ينظر إليه، ثم انصرف الملك بالخيبة فوافى السموأل بالدروع الموسم فدفعها إلى ورثة امرئ القيس، وقال في ذلك:  
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 359

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 360

وفيت بأدرع الكندي إنـي إذا ما خان أقوام وفـيت
وقالوا أنه كنـز رغـيب ولا والله اغدر ما مشيت
بنى لي عادياً حصناً حصيناً وبئراً كلما شئت استقـيت
طمراً تزلق العقبان عنـه إذا ما نابني ظلـم أبـيت
ويروى "إذا ما سامني ضيم أبيت" وقال الأعشى في ذلك:
شريح لا تتركني بعد ما علـقـت حبالك اليوم بعد القد أظـفـاري
كن كالسموأل إذ طاف الهمام بـه في جحفل كسواد اللـيل جـرار
بالأبلق الفرد من تيماء مـنـزلـه حصن حصين وجار غير غـدار
إذ سامه خطتي خسف فقال لـه: مهما تقله فإني سـامـع جـاري
فقال: غدر وثكل أنت بينـهـمـا فاختر وما فيهما حظ لمخـتـار
فشك غير طويل ثـم قـال لـه: اذبح أسيرك إني مانـع جـاري
هذا له خلف إن كنـت قـاتـلـه وإن قتلت كريمـاً غـير خـوار
فقال تـقـدمة إذ قـام يقـتـلـه أشرف سموأل فانظر للدم الجاري
أأقتل ابنك صبراً أو تـجـيء بـه طوعاً فأنكـر هـذا أي إنـكـار
فشك أوداجه والصدر في مضض عليه منطوياً كاللـذع بـالـنـار
واختار أدراعه أن لا يسب بـهـا ولم يكن عهده في غير مخـتـار
وقال: لا أشتري عاراً بمـكـرمة فاختار مكرمة الدنيا على العـار
والصبر منه قديماً شـيمة خـلـق وزنده في الوفاء الثاقب الـواري

أوفى من عوف بن محلم

كان من وفائه أن مروان القرظ بن زنباع غزا بكر بن وائل فقفوا أثر جيشه، فأسره رجل منهم وهو لا يعرفه، فأتى به أمه فلما دخل عليها قال له أمه: إنك لتختال بأسيرك كأنك جئت بمروان القرظ، فقال لها مروان: وما ترتجين من مروان? قالت: عظم فدائه. قال: وكم ترتجين من فدائه? قالت: مائة بعير. قال مروان: ذاك لك على أن تؤديني إلى خماعة بنت عوف بن محلم. وكان السبب في ذلك أن ليث بن مالك المسمى "بالمنزوف ضرطاً" لما مات أخذت بنو عبس فرسه وسلبه، ثم مالوا إلى خبائه فأخذوا أهله وسلبوا امرأته خماعة بنت عوف بن محلم، وكان الذي أصابها عمرو بن قارب وذؤاب بن أسماء، فسألها مروان القرظ: من أنت? فقالت أنا خماعة بنت عوف بن محلم، فانتزعها عمرو وذؤاب، لأنه كان رئيس القوم وقال لها: غظي وجهك والله لا ينظر إليه عربي حتى أردك إلى أبيك. ووقع بينه وبين بني عبس شر بسببها. ويقال: أن مروان قال لعمرو وذؤاب: حكماني في جماعة. قالا: قد حكمناك يا أبا صهبان. قال: فإني اشتريتها منكما بمائة من الإبل، وضمها إلى أهله. حتى إذا دخل الشهر الحرام أحسن كسوتها وأخدمها وأكرمها وحملها إلى عكاظ، فلما انتهى بها إلى منازل بني شيبان قال لها: هل تعرفين منازل قومك ومنزل أبيك? فقالت: هذه منازل قومي، وهذه قبة أبي. قال: فانطلق إلى أبيك، فانطلقت فخبرت بصنيع مروان، فقال مروان فيما كان بينه وبين قومه في أمر خماعة وردها إلى أبيها:
رددت على عوف خماعة بعدمـا خلاها ذؤاب غير خلوة خاطـب
ولو غيرها كانت سبـية رمـحـه لجاء بها مـقـرونة بـالـذوائب
ولكنه ألقى علـيهـا حـجـابـه رجاء الثواب أو حذار العواقـب
فدافعت عنها ناشـبـاً وقـبـيلـه وفارس يعبوب وعمرو بن قارب
ففاديتها لما تـبـين نـصـفـهـا بكوم المتالي والعشاري الضوارب
صهابية حمر العثانـين والـذرى مهاريس أمثال الصخور مصاعب
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 360

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 361

في أبيات مع هذه، فكانت هذه يداً لمروان عند خماعة. فلهذا قال: ذاك لك على أن تؤديني إلى خماعة بنت عوف بن محلم، فقالت المرأة: من لي بمائة من الإبل? فأخذ عوداً من الأرض فقال: هذا لك بها. فمضت به إلى عوف بن محلم فبعث إليه عمرو بن هند أن يأتيه به. وكان عمرو وجد على مروان في أمر، فآلى أن لا يعفو عنه حتى يضع يده في يده، فقال عوف حين جاءه الرسول: قد أجارته ابنتي، وليس إليه سبيل. فقال عمرو ابن هند: قد آليت أن لا أعفو عنه أو ضع يده في يدي. قال عوف: يضع يده في يدك على أن تكون يدي بينهما، فأجابه عمرو بن هند إلى ذلك، فجاء عوف بمروان، فأدخله عليه فوضع يده في يده، وضع يده بين أيديهما، فعفا عنه وقال عمرو: لا حر بوادي عوف. فأرسلها مثلاً. أي، لا سيد به يناويه. وإنما سمي مروان القرظ لأنه كان يغزو اليمن، وهي منابت القرظ.

أوفى من الحرث بن ظالم

وكان من وفائه أن عياض بن ديهث مر برعاء الحرث وهم يسقون، فسقى فقصر رشاؤه فاستعار من أرشية الحرث، فوصل رشاءه فأروى إبله، فأغار عليه بعض حشم النعمان فأطردوا إبله، فصاح عياض: يا جاراه يا جاراه، فقال له الحرث: متى كنت جارك? فقال: وصلت رشائي برشائك فسقيت إبلي، فأغير عليها وذلك الماء في بوطنها. قال: جوار ورب الكعبة، فأتى النعمان فقال: أبيت اللعن، أغار حشمك على جاري عياض بن ديهث فأخذوا إبله وماله، فاردد عليه، فقال له النعمان: أفلا تشد وأوهى من أديمك، يريد أن الحرث قتل خالد بن جعفر كلاب في جوار ابن الأسود بن المنذر، فقال الحرث: هل تعدون الحلبة إلى نفسي، ويروى هل تعدون الحلبة من الأعداء، يعني تركضون، ويروى: تعدون من التعدي، أي تتعدون، أي تتجاوزون. فأرسلها مثلاً. أي أنك لا تهلك إلا نفسي إن قتلتها. فتدبر النعمان كلمته، فرد على عياض أهله وماله. قال الفرزدق يضرب المثل لسليمان ابن عبد الملك حين وفى ليزيد بن المهلب:
لعمري لقـد أوفـى وزاد وفـاؤه على كل جار جار آل المهـلـب
كما كان أوفى إذ ينادي ابن ديهـث وصرمته كالمغنم المـتـنـهـب
فقام أبو ليلـى إلـيه ابـن ظـالـم وكان متى يسلل شبا السيف يضرب

أوفى من أم جميل

هي من رهط أبي هريرة رضي الله عنه من دوس، وهم من أهل السراة. وكان من وفائها أن هشام بن الوليد بن المغيرة المخزومي قتل أبا زهير الزهراني من أزد شنوءة، وكان صهر أبي سفيان بن حرب. فلما بلغ ذلك قومه بالسراة وثبوا على ضرار بن الخطاب ليقتلوه، فسعى حتى دخل بيت أم جميل وعاذ بها، فضربه رجل منهم فوقع ذباب السيف على الباب، وقامت في وجوههم فذبتهم ونادت قومها، فمنعوه لها، فلما قام عمر بن الخطاب رضي الله عنه ظنت أنه أخوه فأتته بالمدينة، وقد عرف عمر القصة، فقال: إني لست بأخيه إلا في الإسلام، وهو غاز وقد عرفنا منتك عليه، فأعطاها على أنه ابنة سبيل.

أوفى من أبي حنبل

هو أبو حنبل الطائي. ومن حديثه أن امرأ القيس نزل به ومعه أهله وماله وسلاحه ولأبي حنبل امرأتان: جدلية وتغلبية. فقالت الجدلية: رزق أتاك الله به، ولا ذمة له عليك ولا عقد ولا جوار، فأرى لك أن تأكله وتطعمه قومك. وقالت التغلبية: رجل تحرم بك واستجارك واختارك، فأرى لك أن تحفظه وتفي له. فقام أبو حنبل إلى جذعبة من الغنم فاحتلبها وشرب لبنها ثم مسح بطنه وحجل ثم قال:
لقد آليت أغدر في جـذاع وإن منيت أمات الربـاع
لأن الغدر في الأقوام عار وإن الحر يجزى بالكراع
فقالت الجدلية: وقد رأت ساقيه خميشتين: تالله ما رأيت كاليوم ساقي واف. فقال أبو حنبل: هما ساقا غادر شر. فذهبت مثلاص.

أوفى من الحرث بن عباد

يقال إنه كان أسر عدي بن ربيعة في يوم فضة ولم يعرفه فقال له: دلني على عدي بن ربيعة، فقال له: إن أنا دللتك على عدي أتؤمنني? قال: نعم. قال: فليضمن ذلك عليك عوف بن محلم، فأمره الحرث بن عباد فضمن له عوف أن يؤمنه الحرث إذا دله على عدي فقال عدي: أنا عدي، فخلاه وقال الحرث في ذلك:

لهف نفسي على عدي وقد أش-عب للموت واحتوته اليدان

أوفى من خماعة

هي خماعة بنت عوف بن محلم التي أجارت مروان القرظ. وقد مر ذكرها عند ذكر أبيها.

أوفى من فكيهة

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 361

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 362

هي ارمأة من بني قيس بن ثعلبة. قال حمزة: هي فكيهة بنت قتادة ابن مشنوء، خالة طرفة، لأن أم طرفة وردة بنت قتادة. وكان من وفائها أن السليك بن سلكة غزا بكر بن وائل فأبطأ ولم يجد غفلة يلتسمها، فرأى القوم أثر قدم على الماء لم يعرفوها، فكمنوا له وأمهلوه حتى ورد وشرب فامتلأ، فهاجوا فه فعدا فأثقله بطنه، فولج قبة فكيهة فاستجارها فأدخلته تحت درعها فجاؤوا في أثره فوجدوه تحت ثوبها، فانتزعوا خمارها فنادت أخوتها وولدها، فجاؤوا عشرة فمنعتهم عنه. وكان سليك يقول بعد ذلك: كأني أجد خشونة استها على ظهري حين أدخلتني تحت درعها. وفيها قال سليك:
لعمر أبيك والأنبـاء تـنـمـى لنعم الجار أخت بنـي عـوارا
عنيت بها فكيهة حين قـامـت كنصل السيف فانتزعوا الخمارا
من الخفرات لم تفضح أخاهـا ولم ترفع لوالـدهـا شـنـارا

أوفد من المجبرين

قالوا: هم أولاد عبد مناف بن قصي. كانوا أكثر العرب وفادة على الملوك. وقد مرت قصتهم مستوفاة مستقصاة قبل هذا الباب في باب القاف عند قولهم: أفرش من المجبرين

أوفق للشيء من شن لطبقة

قد مر جميع ما ذكره حمزة ههنا في قولهم، وافق شن طبقة. قال: وخالف ابن الكلبي الشرقي بن القطامي في الرواية والتفسير، فرواه: أوفق من طبق لشن. ويروى لشنة. وزعم أن طبقاً بطن من إياد، وشن من ربيعة وهو شن بن أقصى بن عبد القيس. فأوقعت طبق بشن وقعة انتصفت بها منها، فقيل: وافق شن طبقة وأنشد:
لقيت شن إياداً بالقنـا ولقد وافق شن طبقه

أولم من الأشعث

هو الأشعث بن قيس بن معد يكرب الكندي. وكان من حديثه أنه ارتد في جملة أهل الردة، فأتى به أبو بكر رضي الله عنه أسيراً، فأطلقه وزوجه أخته فروة بنت أبي قحافة رغبة منه في شرفه؛ فخرج من عند أبي بكر ودخل السوق فاخترط سيفه، ثم لم تلقه ذات أربع إلا عرقبها من بعير وفرس وبقر؛ ومضى فدخل داراً من دور الأنصار، فصار الناس حشداً إلى أبي بكر رضي الله عنه، فقالوا: هذا الأشعث قد ارتد ثانية؛ فبعث أبو بكر رضي الله عنه إليه، فأشرف من السطح وقال: يا أهل المدينة إني غريب ببلدكم، وقد أولمت بما عرقبت، فليأكل كل إنسان ما وجد، وليغد على من كان له قبلي حق. فلم يبق دار من دور المدينة إلا دخلها من ذلك اللحم، ولا رؤي يوم أشبه بيوم الأضحى من ذلك اليوم. فضرب أهل المدينة به المثل، فقالوا: أولم من الأشعث. وقال فيه الشاعر:
لقد أولم الـكـنـدي يوم مـلـكـه وليمة حمال لـثـقـل الـعـظـام
لقد سل سيفاً منه قد كان مـغـمـداً لدى الحرب منه في الطلا والجماجم
فأغمده في كـل بـكـر وسـابـح وغير وثور في الحشـا والـقـوائم
فقل للفتى الـكـنـدي يوم لـقـائه: ذهبت بـأسـنـى ذكـر أولاد دارم
وقال الأصبغ بن مرحلة الليثي متسخطاً لهذه المصاهرة:
أتيت بكندي قد ارتد وانـتـهـى إلى غاية من نكث ميثاقه كفـرا
فكان ثواب النكث أحياء نفـسـه وكان ثواب الكفر تزويجه البكرا
ولو أنه يأبى عليك نـكـاحـهـا وتزويجها منه لأمهرته مـهـرا
ولو أن رام الـزيادة مـثـلـهـا لأنكحته عشراً وأتبعته عـشـرا
فقل لأبي بكر لقد شنت بعـدهـا قريشاً وأخملت النباهة والذكـرا
أما كان في نسم بن مـرة واحـد تزوجه لولا أردت به الفـخـرا
ولو كنت لما أن أتاك قـتـلـتـه لأحرزتها ذكراً وقدمتها ذخـرا
فأضحى يرى ما قد فعلت فريضة عليك فلا حمداً حويت ولا أجرا

أوفر فداء من الأشعث

وذلك أن مذحجاً أسرته ففدى نفسه بما لم يفد به عربي قط، لا ملك ولا سوقة، بثلاثة آلاف بعير. وإنما كان فداء الملك ألف بعير. وفي ذلك يقول عمرو بن معد يكرب:
أتانا ثائراً بـأبـيه قـيس فأهلك جيش ذلكم السمفد
وكان فداؤه ألفي قلوص وألفاً من طريفات وتلـد

أوحى من عقوبة الفجاءة

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 362

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 363

أوحى، أي أسرع وأعجل. من قولهم: الوحي الوحي، أي العجل العجل. والفجاءة، رجل من بني سليم كان يقطع الطريق في زمن أبي بكر رضي الله عنه؛ فأتى به أبو بكر رضي الله عنه مع رجل من بني أسد، يقال له شجاع بن زرقاء كان ينكح في دبره نكاح المرأة، فتقدم أبو بكر في أن تؤجج لهما نار عظيمة ثم زج الفجاءة فيها مشدوداً، فكلما مسته النار سال فيها وصار فحمة؛ ثم زج شجاع فيها غير مشدود، فكلما اشتعلت النار في بدنه خرج منها واحترق بعد زمان. فقال الناس بالمدينة: أرحى من عقوبة الفجاءة. فذهبت مثلاً.

أوغل من طفيل

زعم أبو عبيدة أنه كان رجلاً من أهل الكوفة، يقال له طفيل ابن دلال من بني عبد الله بن غطفان، وكان يأتي الولائم من غير أن يدعى إليها؛ وكان يقال له طفيل الأعراس، وطفيل العرائس. وكان أول رجل لابس هذا العمل في الأمصار؛ فصار مثلاً ينسب إليه كل من يقتدي به، فيقال: طفيلي. فأما العرب بالبادية فإنها كانت تقول لمن يذهب إلى طعام لم يدع إليه: وارش. وتقول لمن فعل ذلك على الشراب: واغل. وأهل الأمصار يسمون من فعل ذلك على الطعام واغلاً. قال شاعرهم:
أوغل في التطفيل من ذبـاب على طعام وعلـى شـراب
لو أبصر الرغفان في السحاب لطار في الجور بلا حجـاب
وقال آخر:
أوغل في التطفيل من مثمود ألزم للشواء مـن سـفـود
يعمل في الشواء والـقـديد أصابعاً أمضى من الحـديد
وزعم الأصمعي أن الطفيلي هو الذي يدخل على القوم من غير أن يدعى. قال: وهو مشتق من الطفل، وهو إقبال الليل على النهار بظلمته. وقال أبو عمرو: الطفل الظلمة بعينها. وقال ابن الأعرابي: يقال للطفيلي اللعمظى والجمع اللعامظة. وأنشد:
لعامظة بين العصا ولحائهـا أدفاء أكالون من سقط السفر

أولغ من كلب

هذا من الولوغ في الإناء. وأما قولهم:

أولع من قرد

فهذا بالعين غير معجمة من الولوع، لأنه يولع بحكاية كل ما يراه. وأما قولهم:

أوضح من مرآة الغريبة

فلأن المرأة إذا كانت هدياً في غير أهلها تكون مرآتها أبداً جلية تتعهد بها أمر وجهها.

أوطأ من الرياء

هذا مثل حكاه وفسره المبرد، وزعم أن أهل كل صناعة ومقالة أحذق بها من غيرهم. من ذلك ما يروى عن محمد بن واسع، أنه قال: الاتقاء على العمل أشد من العمل. أي يتقى عليه من أن يشوبه حب الرياء والسمعة. ومنه ما يحكى عن أبي قرة الجائع أنه قال: الحمية أشد من العلة. وذلك أنه يتعجل الأذى في ترك الشهوة لما يرجو من تعقب العافية.

أوحى من صدى ومن طرف البوق

أوضع من ابن قوضع أولج من ريح ومن زج أوقل من وعل ومن غفر أوثب من فهد أوقح من ذئب أوقى لدمه من عير أوفى من كيل الزيت أوجد من الماء ومن التراب أوفر من الرمانة أوسع من الدهناء ومن اللوح أوثق من الأرض وأوطأ من الأرض أوهن من بيت العنكبوت أوهى من الأعرج

المولدون

وعظت لو اتعظت وقر نفسك تهب وضيعة عاجلة خير من ريح بطيء وقعاللص على اللص وجهه يرد الرزق وقع نقبه على كنيف وجه مدهون وبطن جائع واحد أمه يضرب ذلك للشي العزيز.
وقعت آجرة ولبنة في الماء فقالت الآجرة: واإبتلالاه فقالت اللبنة فماذا أقول أنا وعد الكريم ألزم من دين الغريم الولد ثمرة الفؤاد الوجه الطري سفنجة الوثبة على قدر الإمكان الوثيقة في نص الحديث على أهله

الباب السابع والعشرون

في

ما أوله هاء

هدنة على دخن

الهدنة في كلام العرب، اللين والسكون. ومنه قيل للمصلحة "المهادنة" لأنها ملاينة أحد الفريقين الآخر. ومنه قول الطهوي:
ولا يرعون أكناف الهـواء إذا حلوا ولا أرض الهدون
والدخن، تغير الطعام وغيره مما يصيبه من الدخان. يقال منه: دخن الطعام يدخن دخناً، إذا غيره الدخان عن طعمه الذي كان عليه؛ فاستعير الدخن لفساد الضمائر والنيات.

هل بالرمل أوشال

الوشل، الماء المنحدر من الجبل. يقال: جبل واشل يقطر منه الماء؛ ولا يكون بالرمل وشل. يضرب عند قلة الخير، وللشيء لا يوثق به، وللبخيل لا يجود بشيء.

هل تنتج الناقة إلا لمن لقحت له

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 363

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 364

يقال: نتجت الناقة، على ما لم يسم فاعله، وأنتجتها أنا إذا أعنتها على ذلك. والناتج للنوق كالقابلة للإنسان. ولقحت تلقح لقحاً ولقاحاً، والناقة لاقح ولقوح. ومعنى المثل، هل يكون الولد إلا لمن يكون له الماء. يضرب في التشبيه. ويروى: لما لقحت له. أي للقاحها، أي لقبول رحمها ماء الفحل. يشير إلى صدق الشبه. و"ما" مع لقحت للمصدر.

هين لين وأودت العين

يقال أن المثل سار من قول "دغة". وذلك أن صواحبها حسدنها على أنساع كن لها جدد، جعلت تئط إذا ركبت فقلن لها: ويحك يا دغة إن أنساعك تئط، وإذا سمع أطيطها الرجال قالوا: هذا ضراط دغة؛ لو أنك دهنتها فهو ألين لها وأبقى فيذهب عنك هذا الذي تخافين عاره؛ قالت: فإني فاعلة. فلما نزلت حملت النساء إليها السمن في الأقداح، فلما صار السمن بيدها أخذت نسعاً من أنساعها فقطرت على بعض نواحيه من السمن فاسود ولان؛ فعند ذلك قالت دغة: هين لين وأودت العين. تعني بالعين حسن النسع. يضرب لمن هام بإصلاح شيء فأفسده، بل أهلك عينه. وقال أبو عمرو: يضرب لمن نزل به أمر، فيقال له: صبراً فقد كنت عرضة لأعظم مما نزل بك.

هو العبد زلمة

أي قدره قد العبد. يقال: هو العبد زلمة وزلمة وزلمة وزلمة. والنون تعاقب الزلمة في جميع الوجوه. يقال: زلمت القدح وزنمته أي سويته ونحته. يقال: قدح مزلم وزليم. فكأنه قال: هو العبد مزلوماً. أي خلقه الله على خلقة العبد، حتى أن من نظر إليه رأى آثار العبيد عليه. يضرب للئيم. ويحكى أن الحجاج قال لجبلة بن عبد الرحمن الباهلي: أخبرني عن قتيبة بن مسلم، فإني قد أردت التزويج إليه؛ فقال: أصلح الله الأمير: هو والله في صبابة الحي. قال الحجاج: إني والله ما أدري ما صبابة الحي لكي أعطي الله عهداً لئن أصبت فيه ثلباً لأقطعن منك طابقاً؛ فقال: هو والله العبد زلمة. أي لا شك في لؤمه.

ماجت زبراء

أصله أنه كان للأحنف بن قيس خادم سليطة، تسمى بزاء. وكانت إذا غضبت قال الأحنف: قد هاجت زبراء. فذهبت مثلاً في الناس، حتى يقال لكل إنسان إذا هاج غضبه. قد هاج زبراؤه. والأزبر الأسد الضخم الزبر، وهي موضع الكاهل. واللبوة زبراء.

هجم عليه نقاباً

قال الأصمعي: أي اهتدى إليه بنفسه ولم يحد عنه ونصب "نقاباً" على المصدر. أي فجأة فجأة.

هو في ملا رأسه

يضرب للرجل يشغل عنك بمهم يحدث له.

هو قفا غادر شر

أصله أن رجلاً من تميم أجار رجلاً، فأراد قومه أن يأكلوه فمنعهم فقالت الجارية لأبيها: أرني هذا الوافي، وكان دميم الوجه، فأراه إياه؛ فلما أبصرت دمامته قالت له: لم أر كاليوم قفا واف؛ فسمعها الرجل فقال: هو قفا غادر شر. "قوله": قفا غادر، في موضع النصب على الحال. أي هو شر إذا كان قفا غادر. والمعنى، لو كان هذا القفا على دمامته لغادر كان أقبح، إذ جمع بين الغدر والدمامة. وهذا كما يقال: هو راكب جمل أطول. ويجوز أن يكون "هو" ضمير الشأن والأمر. و "قفا" في موضع الرفع بالابتداء. أي الأمر والشأن قفا غادر وشر من دمامتي. يضرب لمن لا ينظر له، وفيه خصال محمودة. وقد يقال: هي قفا غادر بالتأنيث على أن تكون "هي" ضمير القصة، أو لأن القفا يذكر ويؤنث.

هو ألزم لك من شعرات قصك

يريد، أنه لا يفارقك، ولا تستطيع أن تلقيه عنك. يضرب لمن ينتفي من قريبه. ويضرب أيضاً لمن أنكر حقاً يلزمه من الحقوق. والقص والقصص عظام الصدر، وشعره لا يحلق. ويجوز بالقص مصدر قصصت الشعر بالمقص. يقول: لا يفارقك ما تنتفي منه، وإن قصدت إزالته؛ كما لا تفارقك هذه الشعرات وإن قصدها قصك.

هو أزرق العين

يضرب في الاستشهار على البغض. قال الأصمعي: هو من صفات الأعداء. وكذلك هو أسود الكبد، وهم سود الأكباد وصهب السبال. قال: معنى كله، العداوة. وليس يراد به نعوت الرجال. ولا أدري لعل أصله من النعت.

هو على حندر عينه

الحندر والحندورة، الحدقة. يضرب لمن يستثقل حتى لا يقدر أن ينظر إليه.

همه في مثل حدقة البعير

يضرب لمن هو في خصب ونعمة. وذلك أن حدقة البعير أخصب ما فيه، لأن بها يعرفون مقدار سمنها، وفيها يبقى آخر النقي. وفي السلامي قال الراجز، يذكر إبلاً:
ما تشتكين عملاً مـا أنـقـين ما دام مخ في سلامي أو عين
ومثله:

هم في مثل حولاء الناقة

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 364

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 365

قال اللحياني: الحولاء والحولاء من الناقة هو قائد السلى. أي يخرج قبله. ويراد به كثرة العشب، لأن ماء الحولاء أشد ماء خضرة. قال الشاعر:
بأغن كالحولاء زان جنـابـه نور الدكادك سوقه تتخضض
وقال رائد: تركت الأرض مخضرة كأنها حولاء بها قصيصة رقشاء، وعرفجة خاضبة حمراء، وعوسج كأنه النعام من سواده.

هو يقرع سن نادم

ويروى، سن الندم. قال جرير:
إذا ركبت قيس بخـيل مـغـيرة على العين يقرع سن خزيان نادم

أهد لجارك أشد لمضغك

يعني أنك إذا أهديت لجارك أهدى إليك، فيكون إهداؤه أشد لمضغك.

هو يحط في هواه

أي يعتمد في منفعته. وهو مقل قولهم:

هو يحطب في حبله

هذا أمر ليس دونه نكبة ولا ذباح

النكبة أن ينكبك الحجر. والذباح، شق يكون في باطن أصابع الرجل. يضرب في الأمر يسهل من وجهين، لأن الطريق إذا لم يكن فيه حجارة تنكب، ولم يكن في رجل الراجل شقوق سهل عليه أن يسير.

هيهات تضرب في حديد بارد

هيهات، معناه بعد. وفيه لغات الفتح والكسر والضم بغير تنوين وبالتنوين أيضاً. ويجوز: إيهات بالتاء وإيهان بالنون. يضرب لمن لا مطمع فيه. وأوله:
يا خادع البخلاء عن أموالهـم هيهات تضرب في حديد بارد

ها أنا ذا ولا أنا ذا

يقوله الرجل يقال له: أين أنت? فيقول: ها أنا ذا ولا أنا ذا. أي، ولا أغني عنك غناء.

ألهابي شر من الكابي

يقال: هبا الجمرر يهبو هبوءاً، إذا خمد وصار رماداً هابياً. أي صار كالهباء في الدقة. وكبا الجمر إذا صار فحماً، وهو أن تخمد ناره. يضرب للفاسدين. يريد فساد أحدهما على الآخر.

هريق صبوحهم على غبوقهم

يضرب للقوم ندموا على ما ظهر منهم. وقال بعضهم: أي ذهبا جميعاً، فلا صبوح ولا غبوق.

هيهات طار غربانها بجرذانك

يضرب للأمر الذي فات فلا مطمع في تلافيه. ومثله، متى عهدك بأسفل فيك.

هولاء عيال ابن حوب

يضرب لمن أصبح في جهد ومشقة. والحوب الشدة.

هذا الذي كنت تخبئين?!

يخاطب امرأة ظن بها جمالاً تستره، فلما رآها خاب ظنه وقال: هذا الذي كنت تكتمين?! يضرب لمن خالف ظنك فيما كنت راجياً له.

هيهات من رغائك الحنين

الرغاء، الضجيج. والحنين التشوق إلى ولد أو وطن. يقول: بعد الحنين من الرغاء. يعني أن بينهما فرقاً. يضرب للمختلفين في أحوالهما.

هيهات تطريق مع الرجل كذب

التطريق أن تخرج يد الولد مع الرأس. فإذا خرجت الرجل قبل اليد فهو اليتن، وهو المذموم وربما يموت الولد والأم إذا ولد كذلك. يضرب لمن ركب طريقاً يفضي به إلى الحق والخير.

هيهات محفى دونه ومرمض

المحفى، موضع يحفى منه لخشونته. والمرمض، موضع يرمض فيه، أي يحترق لحرارة رمله. يضرب لما لا يوصل إليه إلا بشدة وتعب، ومقاساة عناء ونصب.

هو ابن شف فدع العتابا

الشف، الفضل والنقصان أيضاً. وهو من الأضداد. يقال: هو صاحب نقصان في المروءة وفي المودة، وإن أظهر لك الوداد والميل فدع عتابه ولا تسكن إليه. يضرب للواهي حبل الوداد.

هنيئاً مريئاً غير داء مخامر

سمع الشعبي قوماً ينتقصونه فقال: هنيئاً مريئاً... البيت. قالوا: كان كثير في حلقة البصرة ينشد أشعاره فمرت به عزة مع زوجها فقال لها زوجها: أعضيه، فاستحيت من ذلك، فقال لها لتعضينه أو لأضربنك، فدنت من تلك الحلقة فأعضته، وذلك أنها قالت: كذا وكذا بفم الشاعر فعرفها كثير فقال:
يكلفها الخنزير شتمي وما بهـا هواني ولكن للمليك استذلـت
هنيئاً مريئاً غير داء مخـامـر لعزة من أعراضنا ما استحلت

الهوى الهوان

أول من قال ذلك رجل من بني ضبة، يقال له أسعد بن قيس، وصف الحب فقال: هو أظهر من أن يخفى، وأخفى من أن يرى، فهو كامن كمون النار في الحجرات. إن قدحته أورى، وإن تركته توارى، وإن الهوى الهوان، ولكن غلط باسمه، وإنما يعرف ما أقول من أبكته المنازل والطلول. فذهب قوله مثلاً.

هذا أحق منزل بترك

يضرب لكل شيء قد استحق أن يترك، من رجل أو جوار أو غيره. وقال أبو عوسجة:
هذا أحق منـزل بـتـرك الذئب يعوي والغراب يبكي

هو مكان القراد من است الجمل

يضرب لمن يلازم شيئاً لا يفارقه البتة.
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 365

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 366

هذا أوان شدكم فشدوا

مثل قولهم:

هذا أوان الشد فاشتدي زيم

هو لك على ظهر العصا

يضرب لما يوصل إليه من غير مشقة.

هو على طرف التمام

هو كداء البطن لا يدرى أنى يؤتى

يضرب لما لا يخلص منه.

هم المعى والكرش

يضرب في إصلاح الأمر بين القوم. وقال:
يا أيها النـائم الـمـفـتـرش لست على شيء فقم وانكمش
لست كقوم أصلحوا أمـرهـم فأصبحوا مثل المعى والكرش

هو حياء مارخة

مارخة، امرأة كانت تتخفر فعثر عليها تنبش قبراً. يضرب في فرط الوقاحة.

هادية الشاة أبعد من الأذى

الهادية، الرقبة والكتف والذراع، وبعدها من الأذى تنحيها من الكرش والحوايا والإعفاج والجواعر. وفي قبائل قضاعة قبيلة يقال لها "بلى" فهم لا يأكلون الألية لقربها من الجواعر، ولأنها طبق الاست.

هدمة الثعلب

يعنون حجره المهدوم. يضرب للقوم يقع بينهم الشر، وقد كانوا من قبل على صلح.

هو درج يدك

وهي وهما وهم درج يدك. المذكر والمؤنث والواحد والجمع والاثنان سواء. ومعناه، طوع يدك. قاله الشرقي. وكذلك قال أبو عمرو. ونصب "درج" على الظرف، كما يقال: أنفذته درج كتابي. وروى المنذري "درج" بنصب الراء، كما يقال ذهب دمه درج الرياح إذا طل وهدر.

هو على حبل ذراعك

أي الأمر فيه إليك. يضرب في قرب المتناول. قال الأصمعي: يضرب للأخ لا يخالف أخاه في شيء بإخائه وإشفاقاً عليه. أي هو كما تريد طاعة وانقياداً لك. وحبل الذراع، عرق في اليد.

هذه يدي لك

كلمة يقوله المنقاد الخاضع. أي، أنا بين يديك فاصنع بي ما شئت.

هو عندي باليمين

أي بالمنزلة الشريفة. ويقال في ضده:

هو عندي بالشمال

أي بالمنزلة الخسيسة. قال أبو خراش:
رأيت بني العلات لما تصافـروا يجرون سهمي دونهم في الشمائل
أي، يجعلون سهمي وحظي في المنزلة الخسيسة.

هم علي يد واحدة

أي، مجتمعون. ومنه قوله عليه الصلاة والسلام: وهم يد على من سواهم.

هلكوا على رجل فلان

أي، على عهده. ويروى عن سعيد بن المسيب أنه قال: ما هلك على رجل أحد من الأنبياء ما هلك على رجل موسى عليه الصلاة والسلام.

هذا حرف معروف

أول من قال ذلك لقمان بن عاد بن ارم. وذلك أن أخته كانت تحب رجل ضعيف، وأرادت أن يكون لها ابن كأخيها لقمان في عقله ودهائه فقالت لامرأة أخيها: إن بعلي ضعيف وأنا أخاف أن أضعف منه فأعيريني فراش أخي الليلة. ففعلت فجاء لقمان وقد ثمل فبطش بأخته، فعلقت مه على لقيم. فلما كانت الليلة الثاني أتى صاحبته فقال: هذا حر معروف.
وقد ذكره النمر بن تولب في شعره فقال:
لقيم بن لقمان من أختـه فكان ابن أخت له وابنما
ليالي حمق فما استحقبت غليه ففر بها مظلـمـا
فأحبلها رجـل نـابـه فجاءت به رجلاً محكما

هنئت ولا تنكه

قال أبو عبيد: أي أصبت خيراً ولا أصابك الضر. قال الأزهري: هنئت، أي ظفرت ولا تنك بغير هاء. فإذا وقف على الكاف اجتمع ساكنان فحرك الكاف، وزيدت الهاء للسكوت عليها. ولا تنك أي لا نكيت. أي لا جعلك الله منهزماً منكياً. ويجوز ولا تنكه بفتح التاء. يقال نكيت في العدو، أي هزمته فنكي ينكى نكاء. هذا كله حكاه عن أبي الهيثم. وقال أبو عمرو: هنيت ولم تبكه. أي وجدت ميراث من لم تبكه. ويروى هنئت من الهن، وهو العطاء. أي، أعطيت ولا تنكه. أي لا تنك فيك، ثم حذف فيك وقال: ولا تنك، ثم أدخل هاء السكت.

هم في أمر لا ينادى وليده

قال أبو عبيد: معناه أمر عظيم لا ينادى فيه الصغار وإنما يدعى فيه الكهول والكبار. وقال الفراء: هذه لفظة تستعملها العرب إذا أرادت الغاية في الخير والشر. وأنشد فيه الأصمعي:
فأقصرت عن ذكر الغواني بتوبة إلى الله مني لا ينادى ولـيدهـا
وقال آخر:

ومنهن فسق لا نادى وليده

وينشد:
لقد شرعت كفا يزيد بن مزيد شرائع جود لا ينادى وليدها
وقال الكلابي: هذا مثل يقوله القوم إذا خصبوا وكثرت أموالهم. فإذا أهوى الصبي إلى شيء ليأخذه لم ينه عن أخذه، ولم يصح به لكثرته عندهم. وقال أصحاب المعاني: أي ليس فيه وليد فيدعى. وأنشد:  
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 366

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 367

سبقت صياح فراريجـهـا وصوت نواقيس لم تضرب
أي، ليست ثم نواقيس فتضرب، ولكن هذا من أوقاتها.

هوت أمه

أي سقطت. وهذا دعاء لا يراد به الوقوع، وإنما يقال عند التعجب والمدح. قال الشاعر:
هوت أمه ما يبعث الصبح غاديا وماذا يؤدي الليل حـين يؤوب
معناه التعجب. يقال: العرب تدعو على الإنسان؛ والمراد الدعاء له، كما يقال للديغ: سليم، للمهلكة: مفازة على سبيل التفاؤل. ومعنى "ما يبعث الصبح" إمعانه في وصفه بالجلد حين يصبح. أي ما يبعث الصبح منه. وكذلك "ماذا يؤدي الليل منه حين يمسي" فحذف منه، كي يقال: السمن منوان بدرهم. أي منوان منه بدرهم.

هل لك في أمك مهزولة قال إن معها إحلابة

الاحلابة أن يحلب الرجل ويبعث به إلى أهله من المرعى. يريد هل لك طمع في أمك في حال فقرها. أي لا تطمع فيها فليس بشيء. قال أن معها إحلابة. يضرب في بقاء طمع الولد في إحسان الأم.

هذا التصافي لا تصافي المحلب

قال أبو عمرو بن العلاء: خرج رجلان من هذيل بن مدركة لغيرا على "فهم" على أرجلهما فأتيا بلاد "فهم" فأغارا فقتلا رجلاً من فهم ونذر بهما، فأخذ عليهما الطريق فأسرا جميعاً، فقيل لهما: أيكما قتل صاحبنا? فقال الشيخ: أنا قتلته وأنا الثأر المنيم. وقال الشاب: أنا قتلته دون هذا الشيخ الهم الفاني، وأنا الشاب المقتبل الشباب، وأنا لكم الثأر المنيم. فقتلوا الشيخ بصاحبهم وطمعوا في فداء الشاب. فقال رجل من فهم: هذا التصافي لا تصافي المحلب. ويروى، المشعل. وهو إناء ينبذ فيه. أي هذه المصافاة لا مصافاة المؤاكة والمشاربة. يضرب في كرم الإخاء.

هذا أوان الشد فاشتدي زيم

زعم الأصمعي أن "زيم" في الموضع اسم فرس. وشد واشتد، إذا عدا. يضرب للرجل يؤمر بالجد في أمره. وتمثل به الحجاج على منبره حين أزعج الناس لقتال الخوارج. وأورد أبو عبيد هذا المثل مع قولهم: ليس هذا بعشك فادرجي. يضرب للمتشبع بما ليس عنده. ولا نسبة بينهما إلا أن يقال: أراد هذا ليس وقت الجمام بل هذا وقت العدو، حتى يكون بإزاء قوله: ليس هذا بعشك فادرجي.

هما كفرسي رهان

يضرب للاثنين إلى غاية يستبقان فيستويان. وهذا التشبيه يقع في الابتداء لا في الانتهاء، لأن النهاية تجلي عن سبق أحدهما لا محالة. ومثله قولهم:

هما كركبتي البعير

قال ابن الكلبي: إن المثل لهرم بن قطنة الفزاري تمثل به لعلقمة بن علاثة وعامر بن الطفيل الجعفريين حين تنافرا إليه فقال: أنتما كركبتي البعير، يا ابني جعفر تقعان معاً. ولم ينفر أحدهما على الآخر. وذلك أنهما انتهيا إليه مساء فأمر لكل واحد منهما بقبة وأمر لهما بالإنزال وما يحتاجان إليه، فلما هدأت الرجل أتى عامراً فقال له: لماذا جئتني? قال: جئتك لتنفرني على علقمة. فقال: بئس الرأي رأيت، وساء ما سولت لك نفسك. أفضلك على علقمة ومن أمره كذا وكذا، يعدد مفاخره ومآثره وقديمه وحديثه. والله لئن رأيتك غداً معه متحاكمين إلي لأنفرته عليك، ولا يطلق القلم مني به وبك غيره. ثم تركه ومضى إلى علقمة فقال: ما جاء بك? قال جئتك لتنفرني على عامر. فقال: أين غاب عنك حلمك? أعلى عامر أفضلك وقديم عامر كذا وكذا وحسبه كذا؛ والله لئن نافرته إلي لأحكمن له، فأقدم على ما تريد أو أحجم عنه. ثم فارقه ورجع إلى بيته، فلما أصبحا قالا: نرجع ولا حاجة بنا إلى التنافر؛ ولا يدري كل واحد منهما ما عند صاحبه. فلما كانا في بعض الطريق تلقاهما الأعشى فسألهما عما خرجا له، فأخبراه بقصتهما، فقال الأعشى لعلقمة: ما لي عندك إن نفرتك على عامر. قال: مائة من الإبل. قال وتجيرني من العرب? قال: أجيرك من قومي. فقال لعامر: فإن أنا نفرتك على علقمة فما لي عندك? قال مائة من الإبل. قال: وتجيرني من أهل الأرض? قال: أجيرك من أهل السماء والأرض. قال الأعشى: تجيرني من أهل الأرض، فكيف تجيرني من أهل السماء? قال: إن مات أحد من ولدك أو أهلك وديته، وإن ماتت لك ماشية فعلي عوضها. قال: نعم. فمدح عامراً وهجا علقمة، فقال من قصيدته في هجائه:
أعلقم قد حكمتني فوجدتـنـي بكم عالماً عند الحكومة غائصا
كلا أبويكم كان فرعي دعـامة ولكنهم زادوا وأصبحت ناقصا
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 367

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 368

تبيتون في المشتى ملاء بطونكـم وجاراتكم غرثى يبتن خمـائصـا
فما ذنبنا إن جاش بحر ابن عمكـم وبحرك ساج ما يواري الدعامصا
وكان يقال: من مدحه الأعشى رفعه. ومن هجاه وضعه. وكان يتقى لسانه. وكان علقمة ممن آمن وصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما عامر فلا.

هذا الذي كنت تحيين

يقال: حييت حياء أي استحييت. وأصل المثل أن امرأة سترت وجهها فظهر منها هنها فقيل لها: هذا الذي كنت تستحيين منه، فقد بدا وانكشف. يضرب لمن رام إصلاح شيء فأفسده.

هذا أمر لا يفي له قدري

أي، أمر لا أقر به ولا أقبله

أهنى المعروف أوحاه

أي أعجله. من قولهم: الوحى الوحى، أي العجل العجل.

هذه خير الشاتين جزة

يضرب للشيئين يفضل أحدهما على الآخر بقليل. ونصب "جزة" على التمييز.

هان على الأملس ما لا قى الدبر

يضرب في سوء اهتمام الرجل بشأن صاحبه.

هذا أمر لا تبرك عليه الإبل

يضرب للأمر العظيم الذي لا يصبر عليه.

هو أذل من حمار مقيد

قال المتلمس:
وما يقيم بدار الـذل يعـرفـهـا إلا الأذلان عير الحي والـوتـد
هذا على الخسف مربوط برمته وذا يشج فما يبكـي لـه أحـد
هو يبعث الكلاب عن مرابضها
يضرب للرجل يخرج بالليل يسأل الناس من حرصه، فتنبحه الكلاب. فذلك بعثه إياها عن مرابضها. ويقال: بل يثير الكلاب يطلب تحتها شيئاً لشرهه وحرصه على ما فضل من طعامها.

هل أوفيت قال نعم وتقليت

الإيفاء، الإشراف. والتقلي، تجاوز الحد. يضرب لمن بلغ النهاية وزاد على ما رسم له.

هما يتماشنان جلد الظربان

يضرب للرجلين يقع بينهما الشر فيتفاحشان.

هو بين حاذف وقاذف

الحاذق بالعصى، والقاذف بالحصا. قالوا: المعنى في الأرنب، لأنها تحذف بالعصا وتقذف بالحجر. يضرب لمن هو بين شرين. قال اللحياني: يقال: قال الوبر للأرنب: آذان آذان، عجز وكتفان، وسائرك أكلتان. فقال الأرنب: وبر وبر، عجز وصدر، وسائرك حقر نقر.

هم في خير لا يطير غرابه

أصله أن الغراب إذا وقع في موضع لم يحتج أن يتحول إلى غيره. قيل: هذا يضرب في كثرة الخصب والخير، عن أبي عبيدة. وقد يضرب في الشدة أيضاً، عن أبي عبيدة. وقال: ومنه قول الذبياني:
ولرهط حراب وقـد سـورة في المجد ليس غرابها بمطار

هو واقع الغراب

كما يقال: ساكن الريح. أي هو وقور ودوع. قال الشاعر:
وما زلت مذ قام ابن مروان وابنه كأن غراباً بين عـينـي واقـع

هو غراب ابن دأية

يكنى به عن الكاذب في نسبه

هو إحدى الأثافي

يضرب للذي يعين عليك عدوك.

هو ابنة الجبل

ومعناه، الصدى يجيب المتكلم. يضرب لمن يكون مع كل أحد.

ههات هيهات الجناب الأخضر

قال الشرقي: هذا من أمثالهم القديمة. وأصل ذلك أنه لما ثقل ضبة ابن أد اغتم، فقال له ولده: لو قد انتهينا إلى الجناب الأخضر، لقد انحل عنك ما تجد. فقال: هيهات هيهات الجناب الأخضر. أي لا أدركه. فكان كذلك. يضرب لما لا يمكن تلافيه.

هل عاد من كرم بعدي لذكوان

قيل أنه كان رجلاً شحيحاً. يضرب للرجل يعد من نفسه ما لم يعهد منه. فيقال له: هل غيرك بعدي مغير. أي أنت على ما عهدتك. ومثله:

هل صاغك بعدي صائغ

يوضع في الخير والشر. قاله أبو عمرو.

هكذا فصدي

قيل: أن أول من تكلم به كعب بن مامة. وذلك أنه كان أسيراً في عنزة فأمرته أم منزلة أن يفصد لها ناقة فنحرها، فلامته على نحره إياها، فقال: هكذا فصدي. يريد أنه لا يصنع إلا ما تصنع الكرام.

هو أعلى الناس ذا فوق

أي، أعلى الناس سهماً. ويقولون: هو أعلى القوم كعباً. وقال سعد ابن أبي وقاص رضي الله عنه لأهل الكوفة: إن المسلمين قد بايعوا عثمان ابن عفان رضي الله عنه، ولم يألوا أن يبايعوا أعلاهم ذا فوق. أي أفضلهم.

هو أصبر على السواقي من ثالث الأثافي

يضرب لمن تعود هلاك ماله.

هو إمعة

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 368

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 369

وكذلك امرأة.وهما الرجل الضعيف الرأي الذي يقول لكل: أنا معك. وفي الحديث، إذا وقع الناس في الشر فلا تكن إمعة. قالوا: هو أن يقول: إن هلك الناس هلكت، لا أثور في الشر. يقال رجل إمع وإمعة. قال ابن السراج: هو فعل لأنه لا يكون "أفعل" صفة. قال: وقول من قال "امرأة إمعة" غلط، لا يقال للنساء ذلك. وقد حكي عن أبي عبيد. ويروى عن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه بيتان في هذا المعنى وهما:
ولست بإمعة في الخطوب أسائل هذا وذا ما الخبـر
ولكنني مدره الأصغـرين جلاب خير وفراج شـر

هنيئاً لسحام ما أكل

سحام، اسم كلب. قال لبيد:
فتقصدت منها كساب فضرجت بدم وغودر في المكر سحامها
ويروى سخامها بالخاء. يضرب في الشماتة بهلاك مال العدو.

هيهات منك قعيقعان

هذا الجبل بمكة. والأهواز أيضاً جبل يقال له قعيعقان. "قلت" ولا أدري أيهما المعني في المثل. يضرب في اليأس من نيل ما تريد.

هذراً هذريان

أي أكثر من كلامك وتخليطك يا هذريان؛ وهو المهذار.

هو الضلال بن بهلل

وثهلل وفهلل. وكلها من أسماء الباطل لا تصرف. ومعناه باطل بن باطل. وروى اللحياني بالتاء المعجمة من فوقها بنقطتين. أي كما أن هذه الألفاظ لا تقوم بإفادة، كذلك هو. "قلت": والسبب في ترك صرف هذه الأسماء أنها أعجمية في الأصل، فاجتمع فيها التعريف والعجمة. ولو كان لها مدخل في العربية لكان وجهها الصرف، كما لو سمي رجل بدحرج لصرف لأنه زنة لا تختص بالفعل.

هو قريب المنزعة

أي قريب الهمة، وقريب غور الرأي. ومنه قولهم: لتعلمن أينا أضعف منزعة. ومنزعة الرجل رأيه.

هذه من مقدمات أفاعيك

أي من أوائل شرك.

هو الفحل لا يقدح أنفه

القدح، الكف. يضرب للشريف لا يرد عن مصاهره ومواصلة.

هو يلطم عين مهران

يضرب للرجل يكذب في حديثه. وينشد لمحلم:
إذا ما اجتمع الجزلي والكوفي والأعلـم
فكم من سيئ يثنـى وكم من حسن يكتم
وكم عين لمهـران إذا ما اجتمعوا تلطم

هو ينسى ما يقول

قال ثعلب: إنما تقول هذا إذا أردت أن تنسب أخاك إلى الكذب.

هو يخصف حذاءه

أي يزيد في حديثه الصدق ما ليس منه.

أهلكت من عشر ثمانياً وجئت بسائرها حبحبة

أي مهازيل ضعيفة. قال ابن الأعرابي: ومن الحبحبة نار أبي حباحب لضعفها. وقال غيره: الحبحبة، السوق الشديد. ونصبه على المصدر، ويجوز على الحال.

هو يدب مع القراد

يضرب للرجل الشرير الخبيث. أنشد ابن الأعرابي:
لنا عز ومرمانـا قـريب ومولى لا يدب مع القراد
وأصل هذا أن رجلاً كان يأتي بشنة فيها قردان، فيشدها في ذنب البعير، فإذا عضه منها قراد نفر فنفرت الإبل، فإذا نفرت الإبل استل منها بعيراً فذهب به.

هناك وههناك عن جمال وعوعة

العرب إذا أرادت البعد قالت: هناك وههناك. وإذا أرادت القرب قالت: هنا وهاهنا. كأنه يأمره بالبعد عن جمال. وعوعة هي مكان. ويقال: أراد إذا سلمت لم أكترث لغيرك. قالوا: وهذا كما تقول: كل شيء، ولا وجع الرأس. وكل شيء ولا سيف فراشة. وقال أبو زيد: وعوعة، رجل من بني قيس بن حنظلة. قال: وهذا نحو قول الرجل: كل شيء ما خلا الله جلل.

هو أهون على من طلبه

يقال: هي الربذة والثملة، وهما الخرقة التي يهنأ بها البعير. وقال:
يا عقيد اللؤم لولا نعمتي كنت كالزبذة ملقى بالقنا
يضرب للرجل الذليل.

هو اسك الأمة

ويقال: اسم الإماء. يضرب للحقير المنتن الذليل. والاسك، جانب الفرج.

هم كنعم الصدقة

يضرب لقوم مختلفين، وهذا كقولهم:

هم كبيت الأدم

يعني أن فيهم الشريف والوضيع.

هم كالحلقة المفرغة

وهي التي لا يدري أين طرفها. يضرب للقوم يجتمعون ولا يختلفون.

أهد لجارك الأدنى لا يقلك الأقصى

ويروى، ولا يقلك. أي أنك إذا أهديت للأدنى يعذرك الأقصى لبعده عنك. ومن روى "ولا يقلك" أي لا تفعل ما يؤذي الأقصى، فكأنه يأمره بالإحسان إليهما.

هو قاتل الشتوات

يضرب للذي يطعم فيها ويدفأ. ويروى: قاتل السنوات، أي، الجدوب، بأن يحسن إلى الناس فيها.

هو عليه ضلع جائرة

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 369

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 370

ويروى، هم. يضرب للرجل يميل عليه صاحبه.

هذا جناي وخياره فيه

الجنى، المجني. ويروى: هذا جناي وهجانه فيه. والهجان، البيض؛ وهو أحسن البياض وأعتقه. يقال: ناقة هجان، وجمل هجان. وأول من تكلم بهذا المثل عمرو بن عدي ابن أخت جذيمة. وذلك أن جذيمة خرج مبتدئاً بأهله وولده في سنة مكلئة، وضربت أبنية في زهر وروضة، فأقبل ولده يجتنون الكمأة، فإذا أصاب بعضهم كمأة جيدة أكلها؛ وإذا أصابها عمرو خبأها في حجزته. فأقبلوا يتعادون إلى جذيمة وعمرو يقول وهو صغير: هذا جناي وخياره فيه، إذ كل جان يده إلى فيه؛ فضمه جذيمة إليه والتزمه وسر بقوله وفعله، وأمر أن يصاغ له طوق؛ فكان أول عربي طوق. وكان يقال له "عمرو ذو الطوق". وهو الذي قيل فيه المثل المشهور: كبر عمرو عن الطوق. وقد مر ذكره قبل. وتقدير المثل: هذا ما اجتنيته ولم آخذ لنفسي خير ما فيه، إذ كل جان يده مائلة إلى فيه يأكله.

هذا عبد عين

يضرب للعبد يعمل ما دام مولاه يراه، إذا غاب عنه لا يهتم بأمره. وكذلك يقال: فلان أخو عين، وصديق عين؛ إذا كان يرائي فيرضيك ظاهره.

هذا ولما ترى تهامة

يضرب لمن جزع من الأمر قبل وقت الجزع. قاله رجل وهو ينجد بناقته وهو يريد تهامة فحسرت ناقته وضجرت.

هو أشد حمرة من المصعة

وهو ثمر العوسج أحمر ناصع الحمرة.

هو على طرف الشمام

وهو نبت ضعيف سهل التناول يسد به خصائص البيوت. وقالوا: إنه ينبت على قدر قامة المرء. يضرب في تسهيل الحاجة وقرب النجاح.

هو حواءة

قال أبو زيد: الحواءة من الأحرار، ولها زهرة بيضاء وكأن ورقها ورق الهندباء يتسطح على الأرض. يضرب مثلاً للرجل الذي لا يبرح مكانه.

هذا الجنى لا أن يكد المغفر

وروى أبو عمرو: لا أن تكد المغفر. قال: لأنه لا يجتمع منه في سنة إلا القليل. قال أبو زياد: المغافير تكون في الرمث والعش والثمام. والمغفر والمغفور والمغثور لغات. يضرب في تفضيل الشيء على جنسه، ولمن يصيب الخير الكثير.

هو يرقم في الماء

يضرب للحاذق في صنعته. أي من حذقه يرقم حيث لا يثبت فيه الرقم. قال الشاعر:
سأرقم في الماء القراح إلـيكـم على نأيكم إن كان في الماء راقم

هذا برض من عد

البرض والبراض، القليل. والعد، الماء الدائم لا انقطع له. يضرب لمن يعطي قليلاً من كثير.

هو يحطب في حبله

وكذلك واري الزند. يضرب لمن يطلب منه الخير فيوجد.
وفي ضده يقال:

هو كابي الزناد وصلود الزناد

إذا كان نكداً قليل الخير. يقال: كبا الزند يكبو، وأكبوته أنا. وفي الحديث أن أم سلمة قالت لعثمان رضي الله عنهما، وهي تعظه: يا بني ما لي أرى رعيتك عنك نافرين، وعن جناحك ناقرين، لا تعف طريقاً كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لحبها، ولا تقتدح بزند كان عليه السلام أكباه، وتوخ حيث توخى صاحباك، فإنهما ثكما الأمر ثكماً ولم يظلما. هذا حق أمومتي قضيته إليك، وإن عليك حق الطاعة. فقال عثمان رضي الله عنه: أما بعد، فقد قلت فوعيت، وأوصيت فقبلت، ولي عليك حق النصتة. إن هؤلاء النفر رعاع ثغر طأطأت له طأطأة الدلاء، وتلددت لهم تلدد المضطرب، فأرانيهم الحق إخواناً وأراهموني الباطل شيطاناً. أجررت المرسون رسنه، وأبلغت الراتع مسقاته، فتفرقوا علي فرقاً ثلاثا، فصامت صمته أنفذ من صول غيره؛ وساع أعطاني شاهده ومنعني غائبه؛ فأنا منهم بين ألسن لداد وقلوب شداد وسيوف حداد؛ عذرني الله منهم أن لا ينهى عالم منهم جاهلاً ولا يردع أو ينذر حليم سفيهاً، والله حسبي وحسبهم يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون.

هرق على جمرك ماء

يضرب للغضبان. أي أصبب ماء على نار غضبك. قال رؤبة:
يا أيها الكاسر عين الأغصن والقائل الأقوال ما لم تلقني
هرق على جمرك أو تبين بأي دلو إذا غرفنا تستنـي

هو أوثق سهم في كنانتي

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 370

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 371

يضرب لمن تعتمده فيما ينوبك. قاله مالك بن مسمع لعبيد الله بن زياد ابن طبيان التيمي من بني تيم الله بن ثعلبة؛ وكانت ربيعة البصرة اجتمعت عند مالك ولم يعلم عبيد الله: فلما علم أتاه فقال: يا أعور اجتمعت ربيعة ولم تعلمني. فقال له مالك: يا أبا مطر، والله إنك لأوثق سهم في كنانتي عندي؛ فقال عبيد الله: وأيضاً فإني لسهم في كنانتك، أما والله لئن قمت فيها لأطولنا، ولئن قعدت فيها لأخرقنها؛ فقال مالك، وأعجبه: أكثر الله في العشيرة مثلك. فقال: لقد سألت ربك شططاً. فقال مقاتل ابن مسمع: ما أخطلك! فقال له: اسكت ليس مثلك يرادني، فقال مقاتل: يا ابن اللكعاء، لعن الله عشاً درجت منه، وبيضة تقوبت عن رأسك. قال: يا ابن اللقيطة، إنما قتلنا أباك بكلب لنا يوم جؤاثى؛ وكان عمرو ابن الأسود التيمي قتل مسمعاً يوم جؤاثى مرتداً عن الإسلام. وعبيد الله هذا أحد فتاك العرب وهو قاتل مصعب بن الزبير.

هما في بردة أخماس

الخمس، ضرب من برود اليمن. قال أبو عمرو: وأول من عمله ملك اليمن يقال له خمس. قال الأعشى يصف الأرض:

يوماً تراها كشبه أردية الخم-س ويوماً أديمها نفلا

وقال بعضهم: بردة أخماس، بردة تكون خمسة أشبار. يضرب للرجلين تحابا وتقاربا وفعلا فعلاً واحداً ويشبه أحدهما الآخر حتى كأنهما في ثوب واحد.

هو الشعار دون الدثار

الشعار من الثياب ما يلي الجسد. والدثار ما يلبس فوقه. يضرب للمختص بك العالم بدخلة أمرك.

هو مؤدم مبشر

أصل هذا في الأديم إذا صنع منه شيء، فجعلت أدمته هي الظاهرة. يطلب بذلك لينه يقال: آدم يؤدم إيداماً، فهو مؤدم؛ وإن جعلت بشرته هي الظاهرة قيل: أبشر يبشر. يضرب للكامل في كل شيء. أي قد جمع بين الأدمة وخشونة البشرة.

هذا حظ جد من المبناة

جد، اسم رجل من عاد كان لبيباً حازماً، دخل على رجل من عاد ضيفاً وهو مسافر، فبات عنده ووجد في بيته أضيافاً قالة قد أكثروا من الطعام والشراب قبله، وإنما طرقهم جد طروقاً فبات عندهم وهو يريد الدلجة عندهم، ففرش لهم رب المنزل مبناة له. والمبناة النطع، فناموا عليها جميعاً، فسلح بعض القوم الذين كانوا يشربون، فخاف جد أن يدلج فيظن رب المنزل أنه هو الذي سلح، فقطع حظه الذي نام عليه من النطع، ثم دعا رب المنزل وقد طواه فقال: هذا حظ جد من المبناة. فأرسلها مثلاً. يضرب في براءة الساحة. وقد ذكرته العرب في أشعارها. قال مالك بن نوير:
ولما أتيتم ما تمنى عـدوكـم عزلت فراشي عنكم ووسادي
وكنت كجد حين قد بسهـمـه حذار انخلاط حظة بسـواد
وقال خراش بن سمير المحاربي:
كما اختار جد حظه من فراشه بمبراته أو أمـره إذ يزاولـه

هرق لها في قرقر ذنوباً

القرقر، حوض الركية. يضرب للرجل يستضعف ويغلب فيأتيه من يعينه وينجيه مما هو فيه.

هو يشوب ويروب

الشوب، الخلط. والرأب، الإصلاح. وأصله يرؤب، ولكن قالوا: يروب، لمكان "يشوب". يضرب للذي يخطئ ويصيب. قال أبو سعيد الضرير: يشوب، يدفع من قولهم: فلان يشوب على أصحابه. أي يدافع. ويروب، من قولهم: راب يروب، إذا اختلط رأيه. ورجل رائب وروبان وقوم روبى. يضرب للرجل يروب أحياناً فلا يتحرك وأحياناً ينبعث فيقاتل ويدافع عن نفسه وغيره. ويروى، هو يشوب ولا يروب. قاله الأصمعي. ومعناه تخلط الماء باللبن. أي يخلط الصدق بالكذب، ولا يروب لأنه إذا خالط اللبن الماء لم يرب اللبن.

هو السمن لا يخم

يقال، خم اللحم يخم خموماً، إذا أنتن شواء كان أو طبيخاً. وهذا المثل يضرب للرجل يثنى عليه بالخير. أي أنه حسن السجية، لا غائلة عنده ولا يتلون ولا يتغير عما طبع عليه. قالت ابنة الخس، ووصفت رجلاً، لا أريده أخاً فلان ولا ابن عم فلان، ولا الظريف ولا المتظرف ولا السمن لا يخم، ولكن أريده حلواً مراً. كما قال:
أمر وأحلولي وتلك سجـيتـي ولا خير فيمن لا يمر ولا يحلي

هي الخمر تكنى الطلاء

يضرب للأمر ظاهره حسن وباطنه على خلاف ذلك.

هذه بتلك والبادي أظلم

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 371

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 372

قالوا: إن أول من قال ذلك الفرزدق. وذلك أنه كان ذات يوم جالساً في نادي قومه ينشدهم إذ مر به جرير بن الخطفي على راحلة، وهو لا يعرفه، فقال الفرزدق: من ذلك الرجل? فقالوا: جرير بن الخطفي. فقال الفتى: ائت أبا حزرة فقل له إن الفرزدق يقول:
ما في حرامك اسكة معروفة للناظرين وما له شفـتـان
قال: فلحقه الفتى فأنشده بيت الفرزدق فقال جرير: ارجع إليه فقل له:
لكن حرامك والشفاه جمة مخضرة كغباغب الثيران
قال: فرجع الفتى فأنشده بيت جرير فضحك الفرزدق ثم قال: هذه بتلك والبادي أظلم. والجالب للباء في قوله "بتلك" معنى الاستحقاق. أي هذه المقالة مستحقة أو مجلوبة بتلك المقالة. ويجوز أن تسمى باء البدل، كما يقال: هذا بذاك؛ أي بدله. وقوله: والبادي أظلم، جعله أظلم لأنه سبب الابتداء والجزاء. ويجوز أن يكون أفعل بمعنى فاعل كما قال: "بيتاً دعائمه أعز وأطول". أي عزيزة طويلة.

الهيبة من الخيبة

ويروى: الهيبة خيبة. يعني إذا هبت شيئاً رجعت منه بالخيبة. وقال:
من راقب الناس مات غماً وفاز باللذة الـجـسـور

هذه بتلك فهل جزيتك

رأى عمرو بن الأحوص يزيد بن المنذر، وهما من بني نهشل يداعب امرأته فطلقها عمرو ولم يتنكر ليزيد. وكان يزيد يستحي منه مدة. ثم أنهما خرجا في غزاة فاعتور قوم عمراً فطعنوه وأخذوا فرسه فحمل عليهم يزيد واستنقذه ورد عليه فرسه؛ فلما ركب ونجا قال يزيد: هذه بتلك فهل جزيتك?

همك ما همك

ويقال: همك ما أهمك. يضرب لمن لا يهتم بشأن صاحبه، إنما اهتمامه بغير ذلك. هذا عن أبي عبيد. يقال: أهمني الأمر، إذا أقلقك وحزنك. ويقال: عمك أهمك. أي آذاك ما أقلقك. وروي، همك بالرفع، فمعناه شأنك الذي يجب أن تهتم به هو الذي أقلقك وأوقعك في الهم. أي الحزن. والمهموم المحزون.

هلم جرا

قال المفضل: أي تعالوا على هيئتكم كما يسهل عليكم. وأصل ذلك من الجر في السوق. وهو أن تترك الإبل والغنم وترعى في سيرها. قال الراجز:
لطالما جررتكن جـراً حتى الأعجف واستمرا

فاليوم لا آلو الركاب شرا

وأول من قال ذلك المستطعم عمرو بن حمران الجعدي زبداً وتامكاً، حتى قال له عمرو: كلاهما وتمراً. وقد مر ذكره في حرف الكاف. واسم ذلك الرجل عائذ، وكان له أخ يسمى جندلة: وهما ابنا يزيد اليشكري، ولما رجع عائذ قال له أخوه جندلة:
أعائذ لسيت شعري أي أرض رمت بك بعدما قد غبت دهرا
فلم يك يرتجـى لـكـم إياب ولم نعرف لدارك مستـقـرا
فقد كان الفراق أذاب جسمـي وكان العيش بعد الصفو كدرا
وكم قاسيت عائذ من فـظـيع وكم جاوزت أملس مقشعـرا
إذا جاوزتها استقبلت أخـرى وأقود مشمخر النيق وعـرا
فأجابه عائذ فقال:
أجندل كم قطعت إليك أرضاً يموت بها أبو الأشبال ذعرا
قطعت ولامعات الآل تجري وقد أوترت في الموماة كدرا
وطامسة المنون ذعرت فيها خواضب ذات أرآل وغبـرا
وإن جاوزت مقفرة رمت بي إلى أخرى كتلك هلم جـرا
فلما لاح لي سغـب ولـوح وقد متع النهار لقيت عمـرا
فقلت: فهات زبدا أو سنامـا فقال: كلاهما وتزاد تمـرا
فقدم للقرى شطـبـاً وزبـداً وظلت لديه عشراً ثم عشرا
فذهب قوله مثلاً.

الهوى من انوى

يعني أن البعد يورث الحب. ومنه يتولد، فإن الإنسان إذا كان يرى كل يوم استحقر ومل. ولذلك قيل: اغترب تتجدد. ومنه "رب ثاو يمل منه الثراء".

الهيدان والريدان

يقال للجبان: هيدان. من هدته وهيدته إذا زجرته، فكأن الجبان زجر عن حضور الحرب. والريدان، من ريد الجبل، وهو الحرف الناتئ منه. شبه به الشجاع. يضرب للمقبل والمدبر، والجبان والشجاع. وقال أبو عمرو: فلان يعطي الهيدان والريدان. أي من يعرف ومن لا يعرف.

هو حمير الحاجات

أي ممن يستخدم. يضرب للحقير الذليل هيج على غي وذر يضرب للمتسرع إلى الشر. أي هيج بينهم حتى إذا التحمت الحرب كف عن المعونة.

هلا بصدر عينك تنظر

يضرب للناظر إلى الناس شزراً.
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 372

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 373

هل من مغربة خير

ويروى: هل من جابية خير. أي هل من خبر غريب أو خبر يجوب البلاد.

هل يخفى على الناس القمر

يضرب للأمر المشهور. قال ذو الرمة:
وقد بهرت فما تخفى على أحد إلا على أحد لا يعرف القمرا

هل ينهض البازي بغير جناح

يضرب في الحث على التعاون والوفاق.

هون عليك ولا تولع بإشفاق

أي لا تكثر الحزن على ما فاتك من الدنيا، فإنك تاركه ومخالفه على الورثة. وتمام البيت قوله: فإنما مالنا للوارث الباقي.

هم السه السفلى

السه، أصله سته فحذف التاء حذفاً شاذاً فبقي سه، وهي تؤنث. فذلك قيل السفلى يضرب للقوم لا خير فيهم ولا غناء عندهم. قال الشاعر:
شأتك قعين غثهـا وسـمـينـهـا وأنت السه السفلى إذا دعيت نصر

هل يجهل فلاناً إلا من يجهل القمر

هذا مثل قول ذي الرمة. وقد بهرت فما تخفى على أحد...البيت.

الهم ما دعوته أجاب

يضرب في اغتنام السرور. أي كلما دعوت الحزن أجابك. أي الحزن في اليد فانتهز فرصة الأنس.

هنيئاً لك النافجة

كانت العرب في الجاهلية تقول إذا ولد لأحدهم بنت: هنيئاً لك النافجة. أي المعظمة لمالك، لأنك تأخذ مهرها فتضمه إلى مالك فينتفج.

هامة اليوم أو غد

أي، هو ميت اليوم أو غد. وقائله شتير بن خالد بن نقيل لضرار بن عمرو الضبي وقد أسره فقال: اختر خلة من ثلاث. قال: أعرضهن علي. قال: ترد علي ابن الحصين، وهو ابن ضرار قتله عتبة بن شتير، قال: قد علمت أبا قبيصة أني لا أحيي الموتى. قال: فتدفع إلي ابنك أقتله. قال: لا ترضى بنو عامر أن يدفعوا إلى فارساً مقتبلاً بشيخ أعور هامة اليوم أو غد. قال: فأقتلك: قال: أما هذه فنعم. قال: فأمر ضرار ابنه أن يقتله، فنادي بشتير يا آل عامر صبراً وبضبي. أي أقتل صبراً ثم بسبب ضبي. وقد مر هذا في باب الضاد.

هبلته أمه

أي ثكلته. هذا يتكلم به عند الدعاء على الإنسان. والهبل مثل الثكل.

إهتبل هبلك

أي اشتغل بشأنك ودعني. يضرب لمن يشاجر خصمه. قال أبو زيد: لا يقال إلا عند الغضب.

هو على خل خيدبه

الخيدب، الطريق الواضح. والخل، الطريق في الرمل. يضرب لمن ركب أمراً فلزمه ولا ينتهي عنه.

هل نرى البرق بفي شانئك

البرق، جبل. قالوا: وهو مثل قولك: حجر في شانئك.

هلكوا فصاروا حثاً بثاً

الحث، الذي قد يبس. والبث الذي قد ذهب.

هو كزيادة الظليم

وهي التي تنبت في منسمه مثل الإصبع. يضرب لمن يضر ولا ينفع.

هو أبوه على ظهر الإناء

وذلك أن شبه الرجل بالرجل. يراد أن الشبه بينهما لا يخفى، كما لا يخفى ما على ظهر الإناء. ويروى هو أبوه على ظهر الثمة، إذا كان يشبهه. وبعضهم يقول: الثمة بفتح الثاء، وهما الثمام إذا نزع فجعل تحت الأسقية. هذا قول أبي الهيثم. وقال غيره: ثممت السقاء، إذا جعلته تحت الثمة.

ما على أفعل من هذا الباب

أهون مرزئة لسان ممخ

أمخ العظم، إذا صار فيه المخ. والمرزئة النقصان. ومعنى المثل، أهون معونة على الإنسان أن يعين بلسانه دون المال. أي بكلام حسن.

أهون هالك عجوز في هام سنة

يضرب للشيء يستخف به وبهلاكه. قال الشاعر:
وأهون مفقود إذا الموت نـابـه على المرء من أصحابه من تقنعا

أهون مظلوم عجوز معقومة

يضرب لمن لا يعتد به لضعفه وعجزه. يقال: أعقم الله رحمها فعقمت، على ما لم يسم فاعله إذا لم تقبل الولد. قال الأزهري: عقمت تعقم عقماً، وعقمت عقماً، وعقمت عقماً ثلاث لغات. تقول من إحداها: امرأة معقومة، ومن الباقي: امرأة عقيم.

أهون من عفطة عنز بالحرة

يقال: عفطت العنز تعفط عفطاً، إذا حبقت.

أهون مظلوم سقاء مروب

المروب، ما لم يمخض وفيه خميرة. والرائب، المخيض الذي أخذ زبده. وظلم السقاء أن يشرب قبل إدراكه. قال الشاعر:
وقائلة ظلمت لكـم سـقـائي وهل يخفى على العكد الظليم
هذا فعيل، بمعنى مفعول. وهذا المثل في المعنى كقولهم: أهون من عجوز معقومة. جعلا مثلاً لمن سيم خسفاً ولا نكير عنده.

أهون السقي التشريع

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 373

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 374

أهون ههنا، من الهون والهوينا بمعنى السهولة. والتشريع أن تورد الإبل ماء لا يحتاج إلى متحه بل تشرع فيه الإبل شروعاً. يضرب لمن يأخذ الأمر بالهوينا ولا يستقصي. يقال: فقد رجل فاتهم أهله أصحابه فرفع إلى شريح، فسألهم البينة على قتله فارتفعوا إلى علي رضي الله عنه وأخبروه بقول شريح فقال علي:
أوردها سعد وسعد مشـتـمـل يا سعد لا تروى على هذا الإبل
ثم قال: أهون السقي التشريع؛ ثم فرق بينهم وسألهم فاختلفوا ثم أقروا بقتله.

أهون من قعيس على عمته

قال بعضهم: إنه كان رجلاً من أهل الكوفة دخل دار عمته فأصابهم مطر وقر، وكان بيتها ضيقاً فأدخلت كلبها البيت وأبرزت قعيساً إلى المطر، فمات من البرد. وقال الشرقي بن القطامي: أنه قعيس بن مقاعس بن عمرو بن تميم، مات أبوه فحملته عمته إلى صاحب بر فرهنته على صاع من بر، فغلق رهناً لأنها لم تفكه فاستعبده الحناط فخرج عبداً.

أهون من نغلة

النغل، ما يقع في جلود الماشية. والعرب تقول: قالت النغلة لا أكون وحدي. وذلك أن الضائنة ينتف صوفها وهي حية، فإذا دبغوا جلدها من بعد لم يصلحه الدباغ فينغل ما حواليه. ومعنى هذا المثل أن الرجل إذا ظهرت فيه خصلة سوء لا تكون وحدها بل تقترن بها خصال أخر من الشر.

أهون من دحندح

قال حمزة: إن العرب تقول ذلك، فإذا سئلوا ما هو، قالوا: لا شيء. قال: وقال بعض أهل اللغة في دحندح أنه لعبة من لعب صبيان الأعرابي يجتمع لها الصبيان فيقولونها، فمن أخطأها قام على رجله وحجل على إحدى رجليه سبع مرات.

أهون من ضرطة العنز

هذا من قول الشاعر:
فسيان عندي قتل الـزبـير وضرطة عنز بذي الجحفة

أهون من ثملة ومن طلياء ومن ربدة

هذه كلها أسماء خرقة يطلى بها الإبل الجربى.

أهون من معبأة

هي خرقة الحائض التي تعبي بها. والاعتباء الاحتشاء.

أهون من لقعة ببعرة

اللقعة، الحذفة والرمية. زعموا أن هشام بن عبد الملك ورد المدينة حاجاً، فدخل إليه سالم بن عبد الله بن عمر فقال له: كم تعد يا سالم? فقال: ثلاثاً وستين. قال تالله ما رأيت في ذوي أسنانك أحسن كدنة منك، فما غذاؤك? قال: الخبز والزيت. قال: أفلا تأجمه? قال: إذا أجمته تركته حتى أشتهيه. فانصرف سالم إلى بيته وحم فجعل يقول: لقعني الأحول بعينه حتى مات واجتاز هشام بجنازته راجلاً فصلى عليها.

أهون من تبالة على الحجاج

يعني الحجاج بن يوسف. وتبالة، بلدة صغيرة من بلدان اليمن. وهذا مثل من أمثال أهل الطائف. زعم أبو اليقظان أن أول عمل وليه الحجاج عمل تبالة؛ فسار إليها فلما قرب منها قال للدليل: أين هي? قال: سترتها عنك هذه الأكمة. فقال: أهون علي بعمل بلدة تسترها عني أكمة، ورجع من مكانه. فقالت العرب: أهون من تبالة على الحجاج.

أهون من النباح على السحاب

وذلك أن الكلب بالبادية إذا ألحت عليه السحاب بالأمطار لقي جهداً، لأن مبيته أبداً تحت السماء. وكلاب البادية متى أبصرت غيماً نبحته، لأنها قد عرفت ما تلقى من مثله. ولذلك يقال في مثل آخر: لا يضر السحاب نباح الكلاب، ولا الصخرة تفليل الزجاج. وقال بعض بلغاء أهل الزمان: وما عسى أن يكون قرص النملة، ولسع النحلة، ووقوع البقة على النخلة، ونباح الكلاب على السحاب، وما الذباب وما مرقته. ولذلك قال شاعرهم:
وما لي لا أغزو وللدهر كرة وقد نبحت تحت السماء كلابها
وقال آخر:
يا جابر بن عدي أنت مع زفـر كالكلب ينبح من بعد على القمر
وذلك أن القمر إذا طلع من الشرق يكون مثل قطعة غيم. وأما قولهم:

أهلك من ترهات البسابس

فذكر أبو عبيد أنه مثل من أمثال بني تميم. وذلك أن لغتهم أن يقولوا: هلكت الشيء بمعنى أهلكته. يدل على قول العجاج، وهو تميمي: "ومهمه هالك من تعرجا" أي، مهلك من تعرج. وذكر الأصمعي أن الترهات الطرق الصغار المتشعبة من الطريق الأعظم. والبسابس جمع بسبس، وهو الصحراء الواسعة التي لا شيء فيها، فيقال لها: بسبس وسبسب بمعنى واحد. هذا أصل الكلمة. ثم يقال لمن جاء بكلام محال: أخذ في ترهات البسابس، وجاء بالترهات. ومعنى المثل أنه أخذ في غير القصد، وسلك في الطريق الذي لا ينتفع به. كقولهم: ركب فلان بنيات الطريق، وأخذ يتعلل بالأباطيل.
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 374

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 375

أهدى من دعيميص الرمل

قالوا: أنه كان رجلاً دليلاً خريتاً غلب عليه هذا الاسم. ويقال: هو دعيميص هذا الأمر، أي العالم به. قال الشاعر:
دعموص أبواب الملـو ك وجانب للخرق فاتح
ويروى، راتق للخرق فاتق. قالوا: ولم يدخل بلاد وبار أحد غيره، فلما انصرف قام للموسم فجعل يقول:
ومن يعطني تسعاً وتسعين بكرة هجاناً وأدماً أهـده لـوبـار
فقام رجل من مهرة وأعطاه ما سأل وتحمل معه بأهله وولده. فلما توسطوا الرمل طمست الجن عين دعيميص فتحير وهلك مع من معه في تلك الرمال. ففي ذلك يقول الفرزدق: "كهلاك ملتمس طريق وبار".

أهنى من كنز النطف

قد مر ذكر النطف قبل هذا عند قولهم: لو كان عنده كنز النطف ما عدا.

أهون من تبنة على لبنة

أهون من ذباب ومن ضواء ومن حندج ومن الشعر الساقط ومن قرادة الجلم ومن حثالة القرظ ومن ضرطة الجمل ومن ذنب الحمار على البيطار ومن ترهات البسابس أهول من السيل ومن الحريق أهرم من لبد ومن قشعم أهدى من اليد إلى الفم ومن النجم ومن قطاة ومن حمامة ومن جمل

المولدون

هلا التقدم والقلوب صحاح هد الأركان فقد الإخوان هان من لاحى هان على النظارة ما يمر بظهر المجلود هذه الطاقة من هذه الباقة هذا الميت لا يساوي البكاء ههنا تسكب العبرات هو أضرط الناس في دار فارغة هبت ريحه إذا قامت دولته.
هو إحدى الآيات للمنتصح هو كل من زق رقعة ومن كل قدر مغرفة ومن كل كتاب صبي هذا حتى تعلم أن الميت يضرط هو لي كالطبيب لا كالمغني هو من أهل الجنة يعنون الأبله.
هو علينا بجرعة الثكلى يضرب للمغتاط.
همه لا يجاوز طرفي ردائه هذا بناء قد تغنت عليه الإماء الحواطب هو ورب الكعبة آخر ما في الجعبة هلك من تبع هواه الهوى إله معبود هو الدهر وعلاجه الصبر هو أنس خدمته وبلال دعوته وعكاشة موالاته اهتك ستور الشك بالسؤال هل يخفى على الناس النهار

الباب الثامن والعشرون

في

ما أوله ياء

يا بعضي دع بعضاً

قال أبو عبيد: قال ابن الكلبي: أول من قاله زرارة بن عدس التميمي. وذلك أن ابنته كانت امرأة سويد بن ربيعة ولها منه تسعة بنين، وإن سويداً قتل أخاً لعمرو بن هند الملك وهو صغير، ثم هرب فلم يقدر عليه ابن هند، فأرسل إلى زرارة فقال: إئتني بولده من ابنتك، فجاء بهم فأمر عمرو بن هند بقتلهم، فتعلقوا بجدهم زرارة، فقال: يا بعضي دع بعضاً. فذهبت مثلاً. يضرب في تعاطف ذوي الأرحام. وأراد بقوله "يا بعضي" أنهم أجزاء ابنته، وابنته جزء منه. وأراد بقوله "بعضاً" نفسه. أي دعوا بعضاً مما أشرف على الهلاك. يعني أنه معرض لمثل حالهم.

يا عاقد اذكر حلاً

ويروى، يا حامل. فإذا قلت: يا عاقد، فقولك "حلاً" يكون نقيض العقد. وإذا رويت، يا حامل، فالحل بمعنى الحلول. يقال: حل بالمكان يحل حلاً وحلولاً ومحلاً. وأصله في الرجل شد حمله فيسرف في الاستيثاق حتى يضر ذلك به وبراحلته عند الحلول. يضرب مثلاً للنظر في العواقب. ومن هذا فعل الطائي الذي نزل به امرؤ القيس بن حجر، فهم بأن يغدر به، فأتى الجبل فقال: ألا أن فلاناً غدر، فأجابه الصدى بمثل ما قال، فقال: ما أقبح ثاثم. قال: ألا أن فلاناً وفى، فأجابه بمثل ذلك، فقال: ما أحسن تاثم، وفى لامرئ القيس ولم يغدر به. وفي حديث مرفوع: ما أحببت أن تسمعه أذناك فأته، وما كرهت أن تسمعه أذناك فاجتنبه.

يا طبيب طب لنفسك

يقال: ما كنت طبيباً ولقد طببت تطب طباً، فأنت طب وطبيب. يضرب لمن يدعي علماً لا يحسنه. وكان حقه أن يقول: طب نفسك، أي عالجها. وإنما أدخل اللام على تقدير طب لنفسك داءها. ويجوز أن يقال: أرد علم هذا النوع من العلم لنفسك، إن كنت ذا علم وعقل. فعلى هذا تكون اللام في موضعها.

يا ماء لو بغيرك غصصت

يضرب لمن دهي من حيث ينتظر الخلاص والمعونة.
يا عبرى مقبلة وسهرى مدبرة قال أبو عبيد: هذا من أمثال النساء، إلا أن أبا عبيدة حكاه. يضرب للأمر يكره من وجهين. وعبرى تأنيث عبران، وهي الباكي. وكذلك سهرى تأنيث سهران، وهو الأرق. يخاطب امرأة.

يا ضل ما تجري به العصا

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 375

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 376

قاله عمرو بن عدي لما رأى العصا، وهي فرس جذيمة وعليها قصير. والمنادى في قوله "يا" محذوف. التقدير، يا قوم ضل. أراد ضلل بالضم وهي من أبنية التعجب كقولهم: حب بفلان، أي حبب ومعناه ما أحبه إلي، ثم يجوز أن تخفف العين وتنقل الضمة إلى الفاء فيقال: حب. ومنه قوله: وحب من يتجنب. ويجوز أن لا تنقل . والضلال، الهلاك. يقال: ضل اللبن في الماء وأهلكه. ومعنى المثل، يا قوم ما أضل أي ما أهلك ما تجري به العصا. يريد هلاك جذيمة.

يا للأفيكة

هي فعيلة من الأفك، وهو الكذب. وكذلك:

يا للبهيتة

وهي البهتان. وكذلك:

يا للعضيهة

مثلهما في المعنى. يضرب عند المقابلة يرمى صاحبها بالكذب. واللام في كلها للتعجب. وهي مفتوحة فإذا كسرت فهي للاستغاثة.

يا مهدي المال كل ما أهديت

يضرب للبخيل يجود بماله على نفسه. أي إنما تهدي مالك إلى نفسك فلا تمن على الناس بذلك.

يا جندب ما يصرك، قال أصر من حر غد

"أي ما يحملك على الصرير".
يضرب لمن يخاف ما لم يقع بعد فيه.

يهيج لي السقام شولان البروق في كل عام

البروق، الناقة تشول بذنبها فيظن بها لقح وليس بها. يضرب في الأمر يريده الرجل ولا يناله، ولكن يناله غيره.

يسار الكواعب

كان من حديثه أنه كان عبداً أسود يرعى لأهله إبلاً، وكان معه عبد يراعيه، وكان لمولى يسار بنت، فمرت يوماً بإبله وهي ترتع في روض معشب، فجاء يسار بعلبة لبن فسقاها وكان أفحج الرجلين، فنظرت إلى فحجه فتبسمت ثم شربت وجزته خيراً، فانطلق فرحاً حتى أتى العبد المراعي وقص عليه القصة وذكر له فرحها وتبسمها، فقال له صاحبه: يا يسار كل من لحم الحوار واشرب من لبن العشار، وإياك وبنات الأحرار. فقال: دحكت إلي دحكة لا أخيبها، يقول: ضحكت ضحكة، ثم قال إلى علبة فملأها وأتى بها ابنة مولاه فنبهها فشربت ثم اضطجعت وجلس العبد حذاءها، فقالت: ما جاء بك? فقال: ما خفي عليك ما جاء بي. فقالت: وأي شيء هو? قال: دحكك الذي دحكت إلي. فقالت: حياك الله، وقامت إلى سفط لها فأخرجت منه بخوراً ودهناً، وتعمدت إلى موسى ودعت بمجمرة وقالت له: إن ريحك ريح الإبل، وهذا دهن طيب، فوضعت البخور تحته وطأطأت كأنها تصلح البخور، وأخذت مذاكيره وقطعتها بالموسى، ثم شمته الدهن فسلقت أنفه وأذنيه وتركته. فصار مثلاً لكل جان على نفسه ومتعد طوره. قال الفرزدق لجرير:
وإني لأخشى إن خطبت إليهـم عليك الذي لاقى يسار الكواعب
ويقال أيضاً: يسار النساء. وكان من العبيد الشعراء. وله ابن شاعر يقال له اسمعيل بن يسار النساء، وكان مفلقاً.

يحمل شن ويفدى لكيز

قال المفضل: هما ابنا أفصى بن عبد القيس. وكانا مع أمهما في سفر، وهي ليلى بنت قران بن بلى، حتى نزلت ذا طوى، فلما أرادت الرحيل فدت لكيزاً ودعت شناً ليحملها، فحملها وهو غضبان. حتى إذا كانوا في الثنية رمى بها عن بعيرها فماتت، فقال: يحمل شن ويفدى لكيز. فأرسلها مثلاً. ثم قال عليك بجعرات أمك لا لكيز. أرسلها مثلاً. ومثل هذا قول الشاعر:
وإذا تكون كريهة أدعى لـهـا وإذا يحاس الحيس يدعى جندب

يا جهيزة

قال الخلي: جهيزة امرأة رعناء. يضرب مثلاً لكل أحمق وحمقاء.

يا شن أثخني قاسطاً

أصله أنه لما وقعت الحرب بين ربيعة بن نزار عبأت شن لأولاد قاسط، فقال رجل: يا شن أثخني قاسطاً. فذهبت مثلاً. فقالت: محار سوء، فذهبت مثلاً. ومعنى أثخن أوهن. يريد أكثري قتلهم حتى توهنيهم. والمحار، المرجع. كأنها كرهت قتالهم فقالت: مرجع سوء ترجعني إليه؛ أي الرجوع إلى قتلهم يسوءني. يضرب فيما يكره الخوض فيه.

يا عبد من لا عبد له

يقال ذلك للشاب يكون مع ذي الأسنان فيكفيهم الخدمة.

يعتل بالإعسار وكان في اليسار مانعاً

يضرب للبخيل طبعاً يعتل بالعسر.

يداك أوكتا وفوك نفخ

قال المفضل: أصله أن رجلاً كان في جزيرة من جزائر البحر فأراد أن يعبر على زق قد نفخ فيه فلم يحسن إحكامه. حتى إذا توسط البحر خرجت منه الريح فغرق، فلما غشيه الموت استغاث برجل فقال له: يداك أوكتا وفوك نفه. يضرب لمن يجني على نفسه الحين.

اليد العليا خير من اليد السفلى

هذا من قول النبي صلى الله عليه وسلم يحث على الصدقة.

يعود لما أبني فيهدمه حسل

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 376

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 377

يضرب لمن يفسد ما يصلحه. وحسل ابن القائل للمثل.

يحلب بني وأشد على يديه

يضرب لمن يفعل الفعل وينسبه إلى غيره. وأصل هذا أن امرأة بدوية احتاجت إلى لبن ولم يحضرها من يحلب لها شاتها أو ناقتها. والنساء لا يحلبن بالبادية، لأنه عار عندهن إنما يحلب الرجال، فدعت بنياً لها فأقبضته على الخلف وجعلت هي كفها فوق كفه، فقالت: يحلب بني وأشد على يديه. ويروى: وأضب على يديه. والضب، الحلب بالأربع أصابع. قال الفرزدق:
كم عمة لك يا جرير وخـالة فدعاء قد حلبت علي عشاري
شغارة تقذ الفصيل برجلـهـا فطارة لـقـوادم الأبـكـار
شغارة، تشغر ببولها. وتقذ، من الوقذ. وهو الضرب. وفطارة، من الفطر، وهي الحلب بالسبابة والوسطى. وقوادم، يعني قوادم الضرع. والأبكار هي الأبكار من النوق.

يجري بليق ويذم

بليق، اسم فرس كان يسبق ومع ذلك يعاب. يضرب في ذم المحسن.

يخبط خبط عشواء

يضرب للذي يعرض عن الأمر كأنه لم يشعر به. ويضرب للمتهافت في الشيء.

يا إبلي عودي إلى مبركك

ويقال: إلى مباركك. يقال لمن نفر من شيء له فيه خير. قال أبو عمرو: وذلك أن رجلاً عقر ناقة فنفرت الإبل فقال: عودي فإن هذا لك ما عشت. يضرب لمن ينفر من شيء لا بد له منه.

يوم بيوم الحفض المجور

الحفض، الخباء بأسره مع ما فيه من كساء وعمود. ويقال للبعير الذي تحمل عليه هذه الأمتعة حفض أيضاً. والمجور، الساقط. يقال طعنه فجوره. يضرب عند الشماتة بالنكبة تصيب. ولما بلغ أهل المدينة قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما صرخت نساء بني هاشم عليه، فسمع صراخها عمرو بن سعيد ابن عمرو بن العاص فقال: يوم بيوم الحفض المجور. يعني هذا بيوم عثمان حين قتل. ثم تمثل بقول القائل:
عجت نساء بني زياد عجة كعجيج نسوتنا غداة الأرنب
وأصل المثل كما ذكره أبو حاتم في كتاب الإبل أن رجلاً كان له عم قد كبر وشاخ، وكان ابن أخيه لا يزال يدخل بيت ابن عمه ويطرح متاعه بعضه على بعض. فلما كبر أدركه بنو أخ أو بنو أخوات له، فكانوا يفعلوا ما كان يفعله بعمه، فقال: يوم بيوم الحفض المجور. أي هذا بما فعلت أنا بعمي. فذهبت مثلاً.

يا شاة أين تذهبين قالت أجز مع المجزوزين

يضرب للأحمق ينطلق مع القوم وهو لا يدري ما هم فيه وإلى ما يصير أمرهم.

يشج ويأسو

يضرب لمن يصيب في التدبير مرة ويخطئ مرة. قال الشاعر:
إني لأكثر مما سمتني عجبـاً يد تشج وأخرى منك تأسوني

يربض حجرة ويرتعي وسطاً

ويروى، يأكل خضرة ويربض حجرة. أي يأكل من الروضة ويربض ناحية. يضرب لمن يساعدك ما دمت في خير. كما قال:
موالينا إذا افتقروا إلـينـا وإن أثروا فليس لنا موالي

يذهب يوم الغيم ولا يشعر به

قال أبو عبيد: يضرب للساهي عن حاجته حتى تفوته.

يرعد ويبرق

يقال: رعد الرجل وبرق، إذا تهدد. ويروى يبرق ويرعد. وينشد:
أبـرق وأرعـد يا يزي د فما وعيدك لي بضائر
وأنكر الأصمعي هذه اللغة.

يأتيك كل غد بما فيه

أي بما قضي فيه من خير أو شر.

يوم النازلين ينبت سوق ثمانين

يعني بالنازلين نوحاً نبينا عليه الصلاة والسلام ومن معه حين خرجوا من السفينة، وكانوا ثمانين إنساناً مع ولده وكنانته وبنوا قرية بالجزيرة، يقال لها ثمانين بقرب الموصل. يضرب لمن قد أسن ولقي الناس والأيام وفيما لم يذكر وقد قدم.

اليوم ظلم

أي وضع الشيء في غير موضعه. قالوا يضرب للرجل يؤمر أن يفعل شيئاً قد كان يأباه ثم يذل له. قال عطاء بن مصعب: يقولون: أخبرك واليوم ظلم أي ضعفت بعد القوة. فاليوم أفعل ما لم أكن أفعله قبل اليوم. وأنشد الفراء:
قلت لها: بيني فقالت: لا جرم إن الفراق اليوم، واليوم ظلم
ويروى: بلى اليوم ظلم، أي حقاً. قال أبو زيد: يقوله الرجل يقال له افعل كذا وكذا، فيقول: بلى واليوم ظلم. وإنما أضيف الظلم إلى اليوم لأنه يقع فيه؛ كما يقال ليل نائم ويوم فاجر.

يريك يوم برأيه

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 377

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 378

يجوز أن يريد بالرأي المرئي. والباء من صلة المعنى. أي يظفرك بما يريك فيه من تنقل الأحوال وتغيرها. والمصدر يوضع موضع المفعول. وقال بعضهم: يريك كل يوم رأيه. أي كل يوم يظهر لك ما ينبغي أن ترى فيه.

يوهي الأديم ولا يرقع

يضرب لمن يفسد ولا يصلح.

يحث وهو الآخر

يضرب لمن يستعجلك وهو أبطأ منك.

يا ربما خان النصيح المؤتمن

يضرب في ترك الاعتماد على أبناء الزمن.

يخبر عن مجهوله مرآته

مثل قولهم: إن الجواد عينه فراره.

يدب له الضراء ويمشي له الخمر

الضراء، الشجر الملتف في الوادي. والخمر ما واراك من جرف أو جبل رمل. يضرب للرجل يختل صاحبه. وقال ابن الأعرابي: الضراء ما انخفض من الأرض.

يحسب الممطور أن كلاً مطر

يضرب للغني الذي يظن كل الناس في مثل حاله.

يجمع سيرين في خرزة

يضرب لمن يجمع حاجتين في وجه واحد.

يلقم لقماً ويفدي زاده

أي يأكل من مال غيره ويحتفظ بماله.

يسر حسواً في ارتقاء ويرمي بأمثال القطا فؤاده

الارتقاء، شرب الرغوة. قال أبو زيد والأصمعي: أصله أن الرجل يؤتى باللبن فيظهر أنه يريد الرغوة خاصة ولا يريد غيرها فيشربها، وهو في ذلك ينال من اللبن. يضرب لمن يريك أنه يعنيك، وإنما يجر النفع إلى نفسه. قال الكميت:
فإني قد رأيت لكم صدوداً وتحساء بعلة مرتفـينـا

يمنع دره ودر غيره

يضرب للبخيل يمنع ماله ويأمر غيره بالمنع. قال أبو عمرو: وذلك أن ناقة وطئت ولدها فمات، وكان له ظئر معها فمنعت درها ودر غيرها. هذا هو الأصل.

يروى على الضيح المحلوب

الضيح، اللبن الخاثر رقق بالماء يصب عليهن وهو أسرع اللبن رياً. يضرب لمن لا يشتفي موعده بشيء. وذلك أن الري الحاصل من الشيح لا يكون متيناً وإن كان سريعاً.

يكفيك نصيبك شح القوم

أي إن استغنيت بما في يدك كفاك مسألة الناس.

اليوم خمر وغداً أمر

أي يشغلنا اليوم خمر، وغداً يشغلنا أمر. يعني أمر الحرب. وهذا المثل لامرئ القيس بن حجر الكندي الشاعر. ومعناه، اليوم خفض ودعة، وغداً جد واجتهاد. وكان أبو امرئ القيس حجر طرد امرأ القيس للشعر والغزل، وكانت الملوك تأنف من الشعر، فلحق امرؤ القيس بدمون من أرض اليمن، فلم يزل بها حتى قتل أبوه، قتله بنو أسد بن خزيمة، فجاءه الأعور العجلي فأخبره بقتل أبيه، فقال امرؤ القيس:
تطاول الليل علينا دمون دمون إنا معشر يمانون

وإننا لقومنا مجنون

ثم قال: ضيعني صغيراً وحملني دمه كبيراً، لا صحو اليوم، ولا شرب غداً، اليوم خمر وغداً أمر. فذهب قوله مثلاً. يضرب للدول الجالبة للمحبوب والمكروه. ثم شرب سبعة أيام ثم قال:
أتاني وأصحابي على رأس صليع حديث أطار النوم عني وأنعمـا
وقلت لعجلـي بـعـيد مـآبـه تبين وبين لي الحديث المعجمـا
فقال أبيت اللعن عمرو وكامـل أباحوا حمى حجر فأصبح مسلما

يا حبذا الإمارة ولو على الحجارة

قال مصعب بن عبد الله بن الزبير: إنما قال ذلك عبد الله بن خالد أسيد حين قال لابنه: ابن لي داراً بمكة واتخذ فيها منزلاً لنفسه، ففعل، فدخل عبد الله الدار، فإذا فيها منزل قد أجاده وحسنه بالحجارة المنقوشة فقال: لمن هذا المنزل? قال: المنزل الذي أعطيتني. فقال عبد الله: يا حبذا الإمارة ولو على الحجارة.

يا حبذا التراث لولا الذلة

هذا من كلام بيهس، وقد ذكرته في باب الثاء عند قولهم: ثكل أرأمها ولداً.

يأتيك بالأمر من فصه

أي يأتيك بالأمر من مفصله. مأخوذ من فصوص العظام. وهي مفاصلها. واحدها فص. قال عبد الله بن جعفر.
ورب امرئ تزدريه العيون ويأتيك بالأمر من فصـه
يضرب للواقف على الحقائق.

يشج الناس قبلاً

أي يعترض الناس شراً.

يدي من يده

قال اليزيدي: يقال فلان يدي من يده إذا ذهبت ويبست. يضرب لمن تجني عليه نفسه.

بإحراز أو أبتغي النوافلا

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 378

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 379

ويروى، واحرزا. قالوا: يريد، واحرزاه فحذف وأصله الخطر. يضرب لمن طمع في الربح حتى فاته رأس المال. هذا قول بعضهم. وقال أبو عبيد: يريد، أدركت ما أريد وأطلب الزيادة. قال: يضرب في اكتساب المال والحث عليه والحرص عليه. قالوا: والحرز بمعنى المحرز، كأنه أراد، يا قوم أبصروا ما أحرزت من مرادي ثم أبتغي الزيادة. وحرزا يريد به حرزي، إلا أنه فر من الكسرة إلى الفتحة لخفتها، كقولهم: يا غلاما في موضع يا غلامي.

يركب الصعب من لا ذلول له

أي يحمل المرء نفسه على الشدة، إذا لم ينل طلبته بالهوينا. يضرب في القناعة بنيل بعض الحاجات.

يكسو الناس واسته عارية

يضرب لمن يحسن إلى الناس ويسيء إلى نفسه.

يا ويلي رآني ربيعة

قالته امرأة مر بها رجل فأحبت أن يراها ولا يعلم أنها تعرضت له، فلما سمع قولها التفت إلهيا فأبصرها. يضرب للذي يحب أن يعلم مكانه وهو يرى أنه يخفى.

يا ليتني المحثى عليه

قالها رجل كان قاعداً إلى امرأة وأقبل وصيل لها، فلما رأته حثت التراب في وجهه لئلا يدنو منها فيطلع جليسها على أمرها، فقال الرجل: يا ليتني المحثى عليه. فذهبت مثلاً. يضرب عند تمني منزلة من يخفي له الكرامة ويظهر له الإبعاد.

يا عماه هل كنت أعور قط

قالها صبي كان لأمه خليل، وكان يختلف إليها، فكان إذا أتاها غمض إحدى عينيه لئلا يعرفه الصبي بغير ذلك المكان إذا رآه، فرفع الصبي إلى أبيه فقال أبوه: هل تعرف يا بني إذا رأيته? قال: نعم. فانطلق به إلى مجلس الحي فقال: انظر أي من تراه. فتصفح وجوه القوم حتى وقع بصره عليه فعرفه بشمائله وأنكره لعينيه، فدنا منه فقال: يا عماه هل كنت أعور قط? فذهبت مثلاً. يضرب لمن يستدل على بعض أخلاقه بهيئته وشارته.

يضربني ويصأى

يقال: صأى يصأى. ويقلب فيقال صاء يصيء. وهذا كقولهم: تلدغ العقرب وتصيء.

يوم توافى شاؤه ونعمه

يضرب عند اجتماع الشمل.

يوم من حبيب قليل

يضرب في استقلال الشيء والازدياد منه.

يشتهي ويجيع

يضرب لمن أراد أن يأخذ ويكره أن يعطي.

يخبرك أدنى الأرض عن أقصاها

أي إذا كان في أولها خير كان في آخرها مثله.

يأكله بضرب ويطؤه بظلف

يضرب لمن يكفر صنيعة المحسن إليه.

يشجني ويبكي

يضرب لمن يغشك ويزعم أنه لك ناصح.

يا لها دعة لو أن لي سعة

أي أنا في دعة ولكن لي مال فأتهنى بدعتي.

يعيش المرء بأصغريه

ويروى، يستمتع. أي أملك ما في الإنسان قلبه ولسانه. قاله شقة ابن ضمرة للمنذر بن ماء السماء حين أحضره مجلسه ودراه وقال: تسمع بالمعيدي خير من أن تراه.

يا ابن استها إذا أحمضت حمارها

الحمار لا يحمض، وإنما هذا شتم تقذف به أم الإنسان. يريد أنها أحمضت حمارها ففعل بها حيث حلت تحمض الحمار.

يا نعام إني رجل

كان من حديثه أن قوماً حبلوا نعامة على بيضها وأمكنوا الحبل رجلاً وقالوا: لا ترينك ولا تعلمن بك، وإذا رأيتها فلا تعجلها حتى تجتمع على بيضها، فإذا تمكنت فمد الحبل، وإياك أن تراك. فنظرها حتى إذا جاءت قام فتصدى لها فقال: يا نعام، إني رجل، فنفرت. فذهبت مثلاً. يضرب عند الهزء بالإنسان لا يحذر ما حذر.

يمشي رويداً ويكون أولاً

يضرب للرجل يدرك حاجته في تؤدة ودعة. وينشد:
تسألني أم الوليد جـمـلا يمشي رويداً ويكون أولا

اليمين حنث أو مندمة

أي إن كانت صادقة ندم، وإن كانت كاذبة حنث. يضرب للمكروه من وجهين.

اليوم قحاف وغداً نقاف

القحاف، جمع قحف. وهو إناء يشرب فيه. والنقاف، المناقفة. يقال: نقف ينقف نقفاً، إذا شق الهامة عن الدماغ. وكذلك نقف االحنظل عن الهبيد. وقال امرؤ القيس:
كأني غداة البين يوم تحمـلـوا لدى سمرات الحي ناقف حنظل
وهذا المثل مثل قوله: اليوم خمر وغداً أمر. وكلا المثلين يروى لامرئ القيس حين قيل له: قتل أبوك، فقال: اليوم قحاف. يعني مشاربة بالقحف. ويقال: القحف شدة الشرب.

يدك منك وإن كانت شلاء

هذا مثل قولهم: أنفك منك وإن كان أجدع.

يا رب هيجاء هي خير من دعة

الهيجاء يمد ويقصر وهو الحرب. والدعة السكون والراحة. يضرب للرجل إذا وقع في خصومة فاعتذر.

يا متنوراه

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 379

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 380

زعموا أن رجلاً علق امرأة فجعل يتنورها، والتنور التضوي، والتضوي هاهنا من الضوء فقيل لها: إن فلاناً يتنورك، لتحذره فلا يرى منه إلا حسناً، فلما سمعت ذلك رفعت مقدم ثوبها، ثم قابلته فقالت يا متنوراه، فأبصرها وسمع مقالتها فانصرفت نفسه عنها. يضرب لكل من لا يتقي قبيحاً ولا يرعوي لحسن.

يصبح ظمآن وفي البحر فمه

يضرب لمن عاش بخيلاً مثرياً.

يمين ظلعت في المحارم

وهي اليمين جعلت مخرجاً. وقال جرير:
ولا خير في مال علـيه ألـية ولا في يمين غير ذات محارم

يملأ الدلو إلى عقد الكرب

هذا مأخوذ من قول الفضل بن عباس بن عتبة بن أبي لهب حيث يقول:
يا من يؤجلني يؤجل مـاجـدا أو يملأ الدلو إلى عقد الكرب
وهو الحبل الذي يشد في وسط العراقي ثم يثنى ثم يثلث ليكون هو الذي يملي الماء فلا يعفن الحبل الكبير. يضرب لمن يبالغ فيما يلي من الأمر.

يعقد في مثل الصواب وفي عينيه مثل الجر

يضرب لمن يلومك في قليل ما كثر منه من العيوب. أنشد الرياشي:
ألا أيها اللائمي في خـلـيقـتـي هل النفس فيما كان منك تـلـوم
فكيف ترى في عين صاحبك القذى وتنسى قذى عينيك وهو عـظـيم

يدق دق الإبل الخامسة

قال ابن الأعرابي: الخمس أشد الإظماء، لأنه في القيظ يكون؛ ولا تصبر الإبل في القيظ أكثر من الخمس؛ فإذا خرج القيظ وطلع سهيل برد الزمان وزاد في الظمء، وإذا وردت في القيظ خمساً اشتد شربها، فإذا صدرت لم تدع شيئاً إلا أتت عليه من شدة أكلها وطول عشائها. فضرب به المثل فقالوا: يدقون دق الإبل الخامسة.

يا قرف القمع

القرف، القشر. والقمع، قمع الوطب يصب فيه اللبن فهو أبداً وسخ مما يلزق به من اللبن. وأراد بالقرف ما يعلوه من الوسخ.

يا مهدر الرخمة

يضرب للأحمق، وذلك أن الرخمة لا هدير لها، وهذا يكلفها الهدير.

يا من عارض النعامة بالمصاحف

أصل هذا أن قوماً من العرب لم يكونوا رأوا النعامة، فلما رأوها ظنوها داهية فأخرجوا المصحف فقالوا: بيننا وبينك كتاب الله لا تهلكينا.

يوم ذنوب

أي طويل الشر لا يكاد ينقضي. وينشد:
إن يكن يومي تولى سعـده وتداعى لي بنحس ونكـد
فلعل الله يقضـي فـرجـاً في غد من عنده أو بعد غد

يا عماه هل يتمطط لبنكم كما يتمطط لبننا

يضرب لمن صلح حاله بعد الفساد. وأصله أن صبياً قال لعمه وقد صار فقيراً، والصبي قد تمول: يا عماه هل يتمطط، أي يتمدد، يعني امتداد اللبن من الضروع عند الحلب. وهذا كالمثل الآخر: كلكم فليحتلب صعوداً.

يحفظ المرء من كل شيء إلا من نفسه

يضرب في عتاب المخطئ من نفسه.

يطلب الدراج في حبس الأسد

يضرب لمن يطلب ما يتعذر وجوده.

يطرق أعمق والبصير جاهل

الطرق، الضرب بالحصى. وهو نوع من الكهانة. يضرب لمن يتصرف في أمر ولا يعلم مصالحه، فيخبره بالمصلحة غيره من خارج.

يحمل حالاً وله حمار

الحال، الكارة. وهي ما يحمله القصار على ظهره من الثياب. يضرب لمن يرضى بالدون من العيش على أن له ثروة ومقدرة.

يكرف عوناً نجف ممعول

العون، جمع عانة. وهي الجماعة من حمر الوحش. والنجف، الفحل عليه النجاف. وهو شيء يشد على بطن الفحل حتى يمنعه عن الضراب. والممعول، الحمار سلت خصيتاه. يضرب لمن يتقرب إلى من يمنعه خيره ويقصيه.

يصب فوه بعد ما اكتظ الحشى

الصب، السيلان. واكتظ من الكظة، وهي الامتلاء: يقال للحريص تصب لثاته. ومعنى يصب فوه، يتحلب من شدة الاشتهاء. يضرب لمن وجد بغيته ويطمح ببصره إلى ما وراءه لفرط شرهه.

يأكل قوبين قاباً يرتقب

يقال: القوب، الفرخ. وكذلك القابة والقاب. يقال: تقوبت القابة من قوبها. وقال بعضهم: القوبة، البيضة. وقال بعضهم: القائبة، البيضة. والصواب أن يكون القوب والقاب الفرخ والقائبة والقاية بسقوط الياء البيضة، فاعلة بمعنى مفعولة، لأن الطائر يقوب البيضة. وأصل القوب القطع. يقال: قبت البلاد، أي جبتها. فالقائبة هي البيضة تقوب. أي تنشق وتنفلق عن الفرخ. يضرب لمن يسأل حاجتين ويعد الثالثة حرصاً. كقولهم لا يرسل الساق إلا ممسكاً ساقاً.

يركب قينيه وإن ضبا دماً

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 380

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 381

القينان الرسعان، وهما موضع الشكال من الدابة. وضب وبض، سال. يضرب للصبور على الشدائد. و "دماً" نصب على التمييز.

يوم الشقاء نحسه لا يأفل

يضرب للطالب شيئاً يتعذر نيله، فإذا ناله كان فيه عطبه.

يكوى البعير من يسير الداء

يضرب في حسم الأمر الضائر قبل أن يعظم ويتفاقم.

يبكي إليه شبعاً وجوعاً

يضرب لمن عادته الشكاية، ساءت حاله أو حسنت.

يمأى سقاء ليس فيه مخرز

يقال: مأى الجلد يمأى مأياً ومأواً، إذا بله ثم يمده حتى يتسع، ثم يقور فيخرز سقاءً، يعني جلداً يجعل منه سقاء، وليس فيه موضع خرز لأنه فاسد. يضرب لمن رغب في غير مرغوب فيه، وطمع في غير مطمع.

يضوى إلى قوم بهم هزال

يقال: ضوى إليه يضوى، إذا أوى ولجأ. يضرب لمن يستعين بمضطر.

يمتح للهيم الدوى المحروق

يقال: دوى جوفه فهو دو، ودوى أيضاً. وهو وصف بالمصدر. والمحروق الذي أصيب حارقته، وهي رأس الفخذ في الورك. ويقال: الحارقتان، عصبتان في الورك. ومن كان كذلك فهو لا يقدر أن يعتمد على رجليه. يضرب للضعيف يستعان به في أمر عظيم.

يحش قدر الغي بالتحوب

الحش، الإيقاد. والتحوب، التوجع. يضرب لمن يظهر الشفقة ويضرم عليك نار الهلاك والضلال.

يمد حبلاً أسنه مفكك

الأسن، واحد آسان الحبل والنسع. وهي الطاقات التي منها يفتل. والمفكك، المحلل. يقال: فككت الشيء فانفك. يضرب لمن لا يعتمد كلامه ولا يحصل منه على خير.

يلذ ضيحاً ويشتهي دخيساً

يقال: لذذت الشيء وتلذذته واستلذذته، أي وجدته لذيذاً. والضح والضياح، اللبن الكثير الماء. والدخيس، لبن الضأن يحلب عليه لبن المعز. يضرب لمن طلب القليل ويطمح إلى الكثير أيضاً.

يغرف من حسى إلى خريص

الحسى، بئر تحفر في الرمل قريبة القعر. والخريص، الخليج من البحر. ويقال: إنما هو الحريص بالحاء المهملة. يضرب لمن يأخذ من المقل فيدفعه إلى المكثر.

يعود إلى الأذن مناتيف الزبب

المناتيف، جمع المنتوف. والزبب، طول الشعر وكثرته. يقول: شعر الأذن إذا نتف عاد فنبت. يضرب للرجل يترك شيئاً تصنعاً، ثم يعود إلى طبعه.

يرضى بعقد الأسر من أوفى الثلل

يقال: أوفيت على الشيء، إذا أشرفت عليه، ثم يحذف حرف الجر فيوصل الفعل إلى المفعول فيقال: أوفيت الشيء. قال الأسود بن يعفر:
إن المنية والحتوف كلاهمـا يوفي الحراتم يرقبان سوادي
والثلل، الهلاك. يقال: ثله يثله ثلاً وثللاً. يضرب لمن ابتلي بأمر عظيم فرضي بما دونه، وإن كان هو أيضاً شر.

اليمين الغموس تدع الدار بلاقع

اليمين الغموس، التي تغمس صاحبها في الإثم، فهو فعول بمعنى فاعل. قال الخليل: الغموس، اليمين التي لم توصل بالاستثناء. والبلقع المكان الخالي.

يعود على المرء ما يأتمر

ويروى، يعدو. والائتمار مطاوعة الأمر. يقال: أمرته بكذا فأتمر، أي جرى على ما أمرته. وقبل ذلك، يعني يعود على الرجل ما تأمره به نفسه فيأتمر هو، أي يمتثله ظناً منه أنه رشد، وربما كان هلاكه فيه. ومنه قول امرئ القيس:
أحار بن عمرو كأني خمر ويعدو على المرء ما يأتمر

يأكل بالضرس الذي لم يخلق

يضرب لمن يحب أن يحمد من غير إحسان.

يفني الكباث ونتعارف

قال ابن الأعرابي: الكباث، النضيج من ثمر الأراك. قال: وأصله أنهم كانوا يجنون الكباث أيام الربيع، وشغل رجل باجتناثه عن زيارة صديق له، حتى كأنه أنكر خلته، فقال الصديق:
جاء زمان الكباث مقتبلاً فلا خليل لخلـه يقـف
فقل لعمرو مقال معتبر: إذا تولى الكباث نعترف
كأنما ربعه الملاصق لي ربع غريب محله سرف
يضرب لمن يضرب عن الأحباب مشتغلاً بما لا بأس به من الأسباب.

يقلب كفيه

يضرب للنادم على ما فاته. قال الله تعالى: "فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها".

يغلبن الكرام ويغلبهن اللئام

يعنون النساء.

يوم لنا ويوم علينا

يضرب في انقلاب الدول والتسلي عنها.

يطين عين الشمس

يضرب لمن يستر الحق الجلي الواضح.

يكفيك مما لا ترى ما قد ترى

يضرب في الاعتبار والاكتفاء بما يرى دون الاختبار لما لا يرى.

يسقي من كل يد بكاس

يضرب للكثير التلون.
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 381

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 382

يوشك من أسرع أن يؤوب

يضرب في التوديع.

يمسي على حر ويصبح على بارد

يضرب لمن يجهد في أمر ثم يفتر عنه.

يكايل الشر ويحاسبه

أي يفعل ما يفعل به صاحبه. يضرب في المجازاة.
يحر له ويبرد أي يشتد عليه مرة ويلين أخرى.

يأتيك بالأخبار من لم تزود

أي لا حاجة بك إلى الاختبار، فإن الخبر يأتيك لا محالة.
الأيام عوج رواجع العوج، جمع أعوج. يقال: الدهر تارة يعوج عليك، وتارة يرجع إليك.

اليسير يجني الكثير

هذا من كلام أكثم بن صيفي. وهو مثل قولهم: الشر يبدؤه صغاره.

يدع العين ويطلب الأثر

قد ذكرت قصته في باب التاء عند قولهم: تطلب أثراً بعد عين.

يا أمه اثكليه

يضرب عند الدعاء على الإنسان. وهو في كلام علي رضي الله عنه.

ما على أفعل من هذا الباب

أيقظ من ذئب

أيبس من صخر

أيأس من غريق أيسر من لقمان قال حمزة: قولهم، أيسر من لقمان، هو لقمان بن عاد. وزعم المفضل أنه كان من العمالقة وأنه كان أضرب الناس بالقداح، فضربوا به المثل في ذلك. وكان له أيسار يضربون معه بالقداح، وهم ثمانية: بيض وحمحمة وطفيل وزفافة ومالك وفرعة وثميل وعمار فضرب العرب بهؤلاء الأيسار المثل، كما ضربوه بلقمان، فيقولون للأيسار إذا شرفوهم: كأيسار لقمان. وقال طرفة:
وهم أيسار لـقـمـان إذا أغلت الشتوة إبداء الجزر
قالوا: وواحد الأيسار يسر، وواحد الإبداء بدء. وهو العضو.

المولدون

يفنى ما في القدور ويبقى ما في الصدور

يحمل التمر إلى البصرة

يضرب لمن يهدي إلى إنسان ما هو من عنده.

يدهن من قارورة فارغة

يضرب لمن يعد ولا يفي.

يجعل العظم إداماً

يضرب لمن يفسد ماله في لا شيء.

يحدثك من الخف إلى المقنعة

يضرب للعارف بحقيقة الشيء.

يستف التراب ولا يخضع لأحد على باب

يضرب للأبي.

يهب مع كل ريح ويسعى مع كل قوم ويدرج في كل وكرٍ

يضرب للامعة.

يابس الطينة صلب الجبنة

يضرب للبخيل.

يحبل بنظره وينيك بعينه

يضرب للمولع بالإناث.

يغسل دماً بدم

يضرب لمن يقبض ويدفع ويبقى عليه دين.

يبني قصراً ويهدم مصراً

يضرب لمن شره أكثر من خيره.

ينصح نصيحة السنور للفار والشيطان للإنسان

يأكل أكل الشص في بيت اللص

يا وجه الشيطان

يضرب لكريه المنظر.

يقدم رجلاً ويؤخر أخرى

يضرب لمن يتردد في أمره.

يجمع ما لا تجمعه أم أبان

يضرب لمن يرمى بالحذق في القيادة.

يدخل شعبان في رمضان

يضرب للمخلط.

يضرب الماش بالدرماش

يضرب لمن يخلط في القول أو الفعل.

ينيك حمر الحاج

يضرب للفارغ.

يضرب بين الشاة والعلف والدابة والشعير

يلجم الفأر في بيته

يضرب للبخيل.

يكفيك من قضاء حق الخل ذوقه

يضرب في ترك الإمعان في الأمور.

يكفيك من الحاسد أنه يغتم عند سرورك

يبس بينهم الثرى

أي فسد ما بينهم.

يقول للسارق: اسرق ولصاحب المنزل: احفظ متاعك

يضرب لذي الوجهين.

يأكل الفيل ويغتص بالبقة

يضرب لمن يتحرج كذباً.

يقشر لي عصا العداوة

يضرب لمن يكاشف بالبغضاء.

يظن بالمرء مثل ما يظن بقرينه

مثل قولهم: عن المرء لا تسأل وأبصر قرينه.

يغرف من بحر

يضرب لمن ينفق عن ثروة.

يضرط من است واسعة

يضرب للصلف.

يحج والناس راجعون

يضرب لمن يخالف الناس.

يتمضمض بذكر الأعراض ويتفكه بها

يخرج الحق من خاصرة الباطل

يضرب لمن يفرق بينهما.

يا لك من ضرس للخبيثات يخضم

يضرب للفحاش العياب.

ينبو الوعظ عنه نبو السيف عن الصفا

يضرب لمن لا يقبل الموعظة.

يوم السفر نصف السفر

لتزاحم الأشغال.
يضرب لمن لا يقصر في الذب والدفع.

يوم كأيام

يضرب في اليوم الشديد.

يحسد أن يفضل ويزهد أن يفضل

يلطم وجهي ويقوم لم يبكي

يرى الشاهد ما لا يرى الغائب

يعني بالشر من جناه

أي من أذنب ذنباً أخذ به.

الباب التاسع والعشرون

أسماء أيام العرب

يوم النسار

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 382

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 383

بكسر النون والسين غير المعجمة. كان بين بني ضبة وبني تميم والنسار، جبال صغار كانت الوقعة عندها. وقال بعضهم: هو ماء لبني عامر.

يوم الجفار

بالجيم المكسورة والفاء والراء. كان بعد النسار بحول، وكان بين بني بكر وتميم، وهو ماء لبني تميم بنجد. قال بشر:
ويوم النسار ويوم الجفار وكانا عذاباً وكانا غراما
أي هلاكاً.

يوم الستار

بالسين المكسورة غير المعجمة والتاء المنقوطة باثنتين من فوقها. كان بين بني بكر بن وائل وبني تميم؛ قتل فيه قيس بن عاصم وقتادة بن سلمة الحنفي فارس بكر. قال:
قتلنا قتادة يوم الستـار وزيداً أسرنا لذي معتق
والستار، جبل. وهو في شعر امرئ القيس: "على الستار فيذبل".

يوم الفجار

قال: أيام الفجار أربعة أفجرة: الأول بين كنانة وعجز هوزان، والثاني بين قريش وكنانة، والثالث بين كنانة وبني نصر بن معاوية. ولم يكن فيه كبير قتال، والرابع وهو الأكبر بين قريش وهوازن؛ وكان بين هذا الآخر ومبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ست وعشرون سنة. وشهده عليه السلام وله أربع عشرة سنة. والسبب في ذلك أن البراض بن قيس الكناني قتل عروة الرحال، فهاجت الحرب وسمت قريش هذه الحرب فجاراً، لأنها كانت في الأشهر الحرم فقالوا: قد فجرنا إذ قاتلنا فيها أي فسقنا.

يوم نخلة

بالنون المفتوحة والخاء المعجمة، يوم من أيام الفجار، وهو موضع بين مكة والطائف. وفي ذلك اليوم يقول خداش بن زهير:
يا شدة ما شددنا غـير كـاذبة على سخينة لولا الليل والحرم
وذلك أنهم اقتتلوا حتى دخلت قريش الحرم وجن عليهم الليل فكفوا. وسخينة لقب يعير بها قريش، وهي في الأصل ما يتخذ عند شدة الزمان وعجف المال؛ ولعلها أولعت بأكلها. قال عبد الله بن الزبعري:
زعمت سخينة أن ستغلب ربها وليغلبن مغالـب الـغـلاب

يوم شمطة

هذا أيضاً من أيام الفجار. وكان بين بني هاشم وبين عبد شمس، وفيه يقول خداش بن زهير:
ألا أبلغ إذا عرضت؛ هشاماً وعبد الله أبلغ والـولـيدا
بأنا يوم شمطة قد أقمـنـا عمود المجد إن له عمودا
جلبنا الخيل ساهمة إلـيهـم عوابس يدرعن النقع قودا

يوم العبلاء

بالعين غير المعجمة والباء منقوطة بواحدة. زعموا أنها صخرة بيضاء إلى جنب عكاظ. وفي ذلك يقول خداش:
ألم يبلغكم أنا جـدعـنـا لدى العبلاء خندف بالقياد

يوم عكاظ

وهو أيضاً من أيام الفجار. وعكاظ، اسم ماء، وهو سوق من أسواق العرب بناحية مكة كانوا يجتمعون بها في كل سنة ويقيمون بها شهراً، ويتبايعون ويتناشدون؛ وقال دريد:

تغيب عن يومي عكاظ كليهما وإن يك يوم ثالث أتـغـيب

يوم الحريرة

بالحاء والراء غير المعجمتين، وهي تصغير حرة، إلى جنب عكاظ في مهب جنوبها. وفيه يقول خداش:
وقد بلوتم فأبلوكـم بـلاءهـم يوم الحريرة ضرباً غير تكذيب

يوم ذي قار

كان من أعظم أيام العرب وأبلغها في توهين أمر الأعاجم. وهو يوم لبني شيبان وكان أبرويز أغزاهم جيشاً فظفرت بنو شيبان. وهو أول يوم انتصرت فيه العرب من العجم. وفيه يقول بكير بن الأصم أحد بني قيس ابن ثعلبة:
هم يوم ذي قار وقد حمس الوغى خلطوا لهاماً جحفـلاً بـلـهـام
ضربوا بني الأحرار يوم لقوهـم بالمشرقي على صمـيم الـهـام

يوم جبلة

بالجيم والباء المتحركة المنقوطة من تحتها بواحدة، هي هضبة حمراء بين الشريف والشرف، وهما ماءان: الشريف لبني نمير، والشرف لبني كلاب. ويقال لهذا الموضع أيضاً، شعب جبلة. وكان اليوم بين بني عبس وذبيان ابني بغيض، وفيه يقول بعض رجازهم:
لم أر يوماً مثل يوم جبلة يوم أتتنا أسد وحنظـلة
وغطفان والملوك أرفله تضربهم بقضب منتحله

لم تعد إن أفرش عنهم الصله

يوم رحرحان

الراءان غير معجمتين، وكذلك الحاءان، وهو على وزن زعفران؛ أرض قريبة من عكاظ. قالوا: وهما يومان، الأول كان بين بني دارم وبني عامر بن صعصعة، والثاني بين بني تميم وبني عامر. قال النابغة الجعدي:  
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 383

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 384

هلا سألت بيومي رحرحان وقد ظنت هوازن أن العز قد زالا

يوم الفلج

بالفاء المفتوحة واللام الساكنة والجيم. وهما يومان. والفلج، قرية من قرى بني عامر بن صعصعة، وهو دون العتيق إلى حجر بنوم على طريق صنعاء. فالفلج الأول لبني عامر بن صعصعة على بني حنيفة، والفلج الآخر لبني حنيفة على بني عامر.

يوم النشاش

بالنون المفتوحة والشين المشددة. وهو واد كثير الحمض. وكان هذا اليوم بعد الفلج بين بني عامر وبين أهل اليمامة. وقال:
وبالنشاش مقتلة ستـبـقـى على النشاش ما بقي الليالي
فأذللنا اليمامة بـعـد عـز كما ذلت لواطئها النعـال

يوم اللهابة

بكسر اللام. قالوا: إنه خبراء بالشاجنة وحولها القرعاء والرمادة ووج ولصاف وطويلع. كان بين بني كعب والعبشميين. وقال:
منع اللهابة حمضها ونحيلـهـا ومنابت الضمران ضربة أسفع

يوم خزازى

ويقال: خزاز، وهو جبل كانت به وقعة بين نزار واليمن. قال:
ونحن غداة أوقد في خزازى هديت كتائباً مـتـحـيرات

يوم الكلاب

بالضم والتخفيف. ماء عن يمين جبلة وشمام.
وللعرب يومان مشهوران يقال لهما: الكلاب الأول، والكلاب الثاني في أيام أكثم بن صيفي.

يوم الصفة

قالوا: إنه أول الكلاب، وهو يوم المشقر، وسمي الصفقة لأن عامل كسرى دعا قوماً كانوا يغيرون على لطائمه فأدخلهم الحصن وأصفق عليهم الماء وقتلهم. وفيه جرى المثلان: ليس بعد الإسار إلا القتل، وليس بعد السلب إلا الإسار.

يوم المشقر

هو حصن قديم من أرض البحرين. ويقال لهذا اليوم أيضاً: يوم الصفقة. وقد مر ذكره.

يوم طخفة

بكسر الطاء والخاء المعجمة. موضع لبني يربوع على قابوس بن المنذر ماء السماء. وفيه يقول شريح اليربوعي:
علا جدهم جد الملوك فأطلقـوا بطخفة أبناء الملوك على الحكم

يوم الوقيط

بالقاف والطاء المعطلة: يوم كان في الإسلام بين تميم وبكر بن وائل.
وفيه يقول يزيد بن حنظلة:
ونجاه من قتل الوقيط مقلص أقب على فأس اللجام أزوم

يوم المروت

بفتح الميم وتشديد الراء، وهو اسم واد كانت به وقعة بين تميم وبني قشير. يقول الشاعر:
فإن تك هامة بهراة تزفو فقد أزفيت بالمروت هاما

يوم الشقيقة

ويقال له أيضاً: يوم النقا. والشقيقة في اللغة الفرجة بين الجبلين من جبال الرمل. ويقال أيضاً لهذا اليوم: يوم الحسن، وهو رمل. وفيه يقول ابن الأخصر:
ويوم شقيقة الحسنين لاقت بنو شيبان آجالاً قصـارا
قتل فيه أبو الصهباء بسطان بن قيس الشيباني. قالوا: وهما جبلان يقال لأحدهما: الحسن وللآخر: الحسين، ولذلك قال: ويوم شقيقة الحسنين. وكان اليوم من بني شيبان.

يوم قشاوة

بضم القاف والشين معجمة. كان لشيبان على سليط بن يربوع. ويقال له يوم نعف سويقة. فيه يقول جرير:
بئس الفوارس يوم نعف سويقة والخيل عادية على بسـطـام

يوم إراب

بكسر الهمزة. كان لتغلب على يربوع. قالوا: هو ماء لبلعنبر، وقالوا: موضع.

يوم ذي طلوح

ويقال له أيضاً: يوم الصمد. بالصاد المهملة المفتوحة والدال المهملة. وهو ماء للضباب. وكان اليوم لبني يربوع خاصة. وقال الفرزدق:
هل تعلمون غداة نطرد سبيكم بالصمد بين روية وطحـال

يوم ذي أراطي

بضم الهمزة. يقال يوم أراطي. وهو يوم بين بني حنيفة وحلفائها من بني جعدة وبني تميم. وقال عمرو بن كلثوم:
ونحن الحابسون بذي أراطي نسف الجلة الحور الدرينـا

يوم ذي بهدى

على وزن سكرى بالباء المنقوطة على تحتها بواحدة والدالة المهملة. كان بين تغلب وبني سعد بن تميم، وكان على تغلب.

يوم ذي نجب

بتحريك النون، والجيم مفتوحهما. يوم لبني تميم على عامر بن صعصعة.

يوم اللوى

زعموا أنه يوم واردات. لبني تغلب على يربوع. قال جرير:
كسونا ذباب السيف هامة عارض غداة اللوى والخيل تدمى كلومها
عارض، اسم رجل.

يوم أعشاش

بفتح الهمزة والعين المهملة والشين المعجمة. كان بين بني شيبان ومالك.

يوم عاقل

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 384

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 385

عاقل هو جبل بعينه. وكان بين بني خثعم وبني حنظلة.

يوم الهييماء

ويروى مقصوراً. وهو اسم ماء. وكان لبني تيم اللات على بني مجاشع.

يوم سفار

بالسين المهملة والفاء والراء المفتوحة. وكان مجازاً لجيوش. وهو في الأصل اسم بئر مبني على الكسر، مثل قطام وحزام. وكانت الوقعة بين بكر بن وائل وتميم. قال الفرزدق:
متى ما ترد يوماً سفار تجد بها أديمهم يروي المجيز المفوزا

يوم البشر

بالباء المنقوطة من تحتها بواحدة والشين المعجمة. وهو جبل. ويقال له، يوم الحجاف. قال الأخطل:
لقد أوقع الحجاف بالبشر وقعة إلى الله منها المشتكى والمعول

يوم مخاشن

بضم الميم والخاء والشين المعجمتين بعدهما نون. هو كالبشر للحجاف، وهو جبل. وفيه يقول جرير:
لو أن جمعهم غداة مخاشن يرمى به جبل لكاد يزول

يوم الخابور

بالخاء المعجمة. موضع بالشام. وهو يوم قتل فيه عمير بن الحباب. وفي ذلك يقول نفيع بن سالم:
ولوقعة الخابور إن تك خلتها خلقت فإن سماعها لم يخلق

يوم درني

على وزن حبلى. موضع كانت به وقعة لبني طهية على تيم اللات. وقال الأعشى:
حل أهلي ما بين درني فبادوا لي وحلت علوية بالسخـال

يوم العظالى

بضم العين والظاء المعجمة. سمي بذلك لأن الناس فيه ركب بعضهم بعضاً. ويقال: سمي لتعاظلهم على الرياسة، وهو الاجتماع والاشتباك. وقيل: بل لأن ركب الاثنان والثلاثة الدابة الواحدة. وهو آخر وقعة كانت بين بكر بن وائل وتميم في الجاهلية. وقال الشاعر:
فإن يك في يوم العظالى ملامة فيوم الغبيط كان أخزى وألوما

يوم الغبيط

بالغين المعجمة المفتوحة. وهو يوم اعشاش لبني يربوع دون مجاشع. قال جرير:
ولا شهدت يوم الغبيط مجاشع ولا نقلان الخيل من قلتي نسر

يوم الغبيطين

هذا أيضاً يوم لهم، أسر فيه وديعة بن أوس هانئ بن قبيصة الشيباني.

يوم الضرية

قالوا: هي قرية لبني كلاب على طريق البصرة إلى مكة، واجتمع بها بنو سعد وبنو عمرو بن حنظلة للحرب، ثم اصطلحوا. وفي ذلك قال الفرزدق يفتخر:
ونحن كففنا الحرب يوم ضرية ونحن منعنا يوم عينين منقرا

يوم الكحيل

على وزن هذيل. يوم لبني سعد وبني عمرو بن حنظلة. وفيه يقول نفيع ابن سالم الحجازي:
والخيل يوم كحيل رجلة إذ غدت من كل فاتحى تجـئن رعـالا

يوم الكفافة

بالضم، وهو اسم ماء بين بني فزارة وبني عمرو بن تميم. وفيه يقول الحادرة:
كمحبسنا يوم الكفافة خـلـينـا لنورد أخرى الخيل أذكره الورد

يوم القرن

هو جبل كانت به وقعة بين خثعم وبني عامر فكانت لبني عامر

يوم بسيان

بالياء المنقوطة تحتها باثنتين. هذا موضع كانت به وقعة لبني فزارة على بني جشم بن بكر. وفيه يقول الشاعر:
وكم غادرت خيلي بيسيان منكم أرامل مغزى أو أسد مكفرا

يوم الوقبى

هي خبراء فيها حياض وسدر، وكان لهم بها يومان بين مازن وبكر. وقال حريث بن محفض المازني: "حبيتم إلى الوقبى تدمى لباتكم".

يوم الصمتين

قالوا: الصمتان، الصمة الجشمي أبو دريد، والجعد بن الشماخ. وهذا كقولهم: العمران والقمران. وإنما قرن الاسمان لأن الصمة قتل الجعد، ثم بعد ذلك بزمان قتل الصمة به، فهاجت الحرب بين بني مالك ويربوع بسببهما فقيل: يوم الصمتين لذلك اليوم بهذا، لا أنه اسم مكان.

يوم قراقر

بضم القاف الأولى وكسر الثانية. يوم لمجاشع على بكر بن وائل.

يوم بلقاء

هي أرض من الحزن وفيه يقول جرير:
أخيلك أم خيلي ببلقـاء أحـرزت دعائم عرش الحي أن يتضعضعا

يوم عينين

قال أبو عبيدة: عينان بهجر، وكان بها بين بني صقر وعبد القيس وقعة. وفيها يقول الفرزدق:
ونحن كففنا الحرب يوم ضرية ونحن منعنا يوم عينين منقرا

يوم الحنو

لبكر على تغلب. وفيه يقول الأعشى: "بعمرك يوم الحنو إذ ما صبحتهم".

يوم السوبان

وهي أرض كان بها حرب بين بني عبس وبني حنظلة. وفيه يقول أوس:  
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 385

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 386

كأنهم بين الشـمـيط وصـارة وجرثم والسوبان خشب مصرع

يوم الفساد

كان بين الغوث وجديلة وهما من طيئ. وفيه يقول جابر بن الحريش الطائي:
إذ لا تخاف حدوجنا قذف النوى قبل الفساد إقـامة وتـدبـرا
ويقال: زمن الفساد وعام الفساد أيضاً.

يوم فيف الريح

وهو مكان كان به حرب بين خثعم وبني عامر. وفيه يقول عبد عمرو: طلقت أن تسألني أي فارس. البيت من الحماسة.

يوم أوارة

هو اسم ماء كانت به وقعة بين عمرو بن هند وبني تميم. وهمزة أوارة مضمومة.

يوم البيداء

هذا من أقدم أيام العرب، وهو بين حمير وكلب، ولهم فيه أشعار كثيرة.

يوم غول

بفتح الغين المعجمة. موضع وكان لضبة على كلاب. قال أوس بن غلفاء:
وقد قالت أمامة يوم غول تقطع يا ابن غلفاء الحبال

يوم السلان

بالسين غير المعجمة وباللام المشددة. هي أرض تهامة مما يلي اليمن لربيعة على مذحج. وفي هذا اليوم سمي عامر ملاعب الأسنة. قال زهير بن جناب:
شهدت الموقدين على خزاز وبالسلان جمعاً ذا زهـاء

يوم ضبيعات

هي ماء نهشت حية عنده ابناً صغيراً للحرث بن عمرو، وكان مسترضعاً في بني تميم، وبنو تميم وبكر يومئذ في مكان واحد، فاتهمهما الحرث في ابنه، فأتاه منهما قوم يعتذرون إليه فقتلهم جميعاً. ولهذا اليوم اتصال بيوم الكلاب.

يوم جو نطاع

بكسر العين، هكذا أورده الأزعري، فإنه قال هو نطاع على وزن قطام. قال: وهو ماء لبني تميم، وقد وردته، وهي ركية عذبة الماء. وكانت الوقعة بين بني سعد وهوذة بن علي. وهذا اليوم جر يوم المشفر، وهو حصن هجر من أرض البحرين. ويقال لهذا اليوم: يوم الصفية وقد مر ذكره.

يوم ذرحرح

بين بني سعد وغسان.

يوم وج

وهو الطائف. كان بين بني ثقيف وخالد بن هوذة.

يوم البسوس

هي خالة جساس بن مرة الشيباني. كانت لها ناقة يقال لها، سراب، فرآها كليب وائل في حماه، وقد كسرت بيض حمام كان قد أجاره، فرمى ضرعها بسهم، فوثب جساس على كليب فقتله، فهاجب حرب بكر وتغلب ابني اوائل بسببها أربعين سنة حتى ضرب العرب بشؤمها المثل.

يوم التحالق

ويقال أيضاً: تحلاق اللمم. سمي بذلك لأنهم حلقوا رؤوسهم. أعني أحد الفريقين ليكون علامة لهم. وكان اليوم بين بكر وتغلب.

يوم داحس والغبراء

وهو لعبس على فزارة وذبيان. وبقيت الحرب مدة مديدة بسبب هذه الفرسين. وقصتهما مشهورة.

يوم الصليب

بين بكر بن وائل وعمرو بن تميم.

يوم ظهر

بين بني عمرو بن تميم وبني حنيفة.

يوم ذي ذرائح

والذريحة، الهضبة، وجمعها ذرائح. وكان بين بني تميم واليمين. ولم يكن بينهم حرب، لكن تصالحوا.

يوم الدثينة

وكان يقال لها في الجاهلية: الدفينة بالفاء، ثم تطيروا منها فسموها الدثينة. وهي ماء لبني سيار بن عمرو. قال النابغة الذبياني:
وعلى الدمينة من سكين حاضر وعلى الدثينة من بني سـيار
وكان ذلك اليوم لبني مازن على سليم.

يوم ذات الرمرم

لبني عامر على بني عبس. والرمرام، ضرب من الشجر وحشيش الربيع. ولعل المرمر مقصور منه.

يوم جدود

للحوفزان بن شريك على بني سعد. وزرقة قيس بن عاصم في جوه فأفلت ثم انقضت عليه الطعنة فمات.

يوم القرعاء

هي بقعة فيها ركايا لبني غدانة. وكانت الوقعة بها بين بني مالك وبين يربوع.

يوم ملهم

بفتح الميم والهاء، بين تميم وبين حنيفة. وملهم موضع كثير النخل. قال جرير:
كأن حمول الحـي زلـن بـيانـع من الوارد البطحاء من نخل مهلما

يوم قحقح

القافان مضمومتان، والحاءان غير معجمتين. وهي أرض بها قتل مسعود بن القريم فارس بكر بن وائل. قال:
ونحن قتلنا ابن القريم بقحقح صريعاً ومولاه المجبه للفم

يوم منعج

بالفتح. موضع. وعند بعضهم بكسر العين. لبني يربوع على بني كلاب.

يوم زرود

وهو موضع. وكانت الوقعة بين تغلب وبني يربوع.

يوم الفتاة

يوم أغارت فيه بنو عامر على بني خالد بن جعفر فانهزم بنو عامر في ذلك اليوم بعد مقتلة عظيمة.

يوم الرقم

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 386

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 387

بفتح القاف. ماء لبني مرة وهو يوم بين بني فزارة وبني عامر. وفي ذلك اليوم عقر قرذل فرس عامر بن الطفيل.

يوم طوالة

بين بني عامر وغطفان. وطوالة، ماء.

يوم خوى

وهو تصغير خو. يوم بين بني تميم وبكر بن وائل. وهو اليوم الذي قتل فيه يزيد بن القحارية فارس تميم.

يوم خو

بالخاء المعجمة المفتوحة والواو مشدودة. موضع. وفي هذا اليوم قتل قتيبة ابن الحرث بن شهاب الذي يقال له: صياد الفوارس. قتله ذؤاب الأسدي.

يوم بعاث

بالعين غير المعجمة. يوم بين الأوس والخزرج في الجاهلية.

يوم الدرك

بسكون الراء. يوم بين الأوس والخزرج أيضاً.

يوم ذي أحثال

بفتح الحمزة والحاء غير معجمة والثاء المنقوطة بثلاث. يوم بين تميم وبكر ابن وائل. أسر فيه الحوفزان بن شريك قاتل الملوك.

يوم ثبرة

وهي موضع كانت لهم به وقعة. والسبرة، الأرض السهلة.

يوم الثنية

يوم قتل فيه مفروق بن عمرو سيد بني شيبان. قتله قعنب بن عصمة. وفيه يقول شاعرهم:
وفاظ أسيراً هانئ وكأنـمـا مفارق مفروق تعشين عندما

يوم النباح

بكسر النون. يوم لتميم على شيبان. وهي قرية بالبادية أحياها عبد الله ابن عامر بن كريز.

يوم حليمة

يوم بين ملك الشام وملك الحيرة. وقد مر ذكر حليمة عند قولهم: ما يوم حليمة بسر.

يوم الوتدة

ويقال: الوتدات على الجمع. ويقال أيضاً: ليلة الوتدة. لبني تميم على عامر بن صعصعة.

يوم النجير

بضم النون وفتح الجيم. يوم على كندة.

يوم الهزبر

بين بكر وبني تميم. قتل فيه الحرث بن بيبة المجاشعي.

يوم حرابيب

وهي ثلاث آبار، كانت بها وقعة بين الضباب وجعفر بن كلاب بسبب بئر أراد بعضهم أن يحتفرها.

يوم الأليل

بفتح الهمزة. يوم وقعة كانت بصلعاء النعام.

يوم الأميل

على وزن الأمير. يقال له: يوم الحسن. ويقال له: يوم فلك الأميل أيضاً. وهو اليوم الذي قتل فيه بسطام بن قيس.

يوم الهباءة

وهو لعبس على فزارة وذبيان.

يوم الخوع

بفتح الخاء المعجمة والعين المهملة والواو الساكنة. يوم أسر فيه شيبان ابن شهاب، وهو فارس مودون ومودون فرسه. وكان سيدهم في زمانه. قال شاعرهم:
ونحن غداة بطن الخوع أبنا بمودون وفارسه جهـارا

يوم كنفي عروش

جمع عرش، يوم أسر فيه الخمخام بن حمل حاجب بن زرارة.

يوم مبايض

مثال مبايع، والضاد معجمة. قتل فيه حميضة بن جندل طريف بن تميم. قال الشاعر:
خاض العداة إلى طريف في الوغى حميضة المغوار في الـهـيجـاء

يوم ترج

بفتح التاء وسكون الراء. وهي مأسدة كانت بالقرب منها وقعة.

يوم نجران

لبني تميم على الحرث بن كعب.

يوم الذهاب

يروى بكسر الذال وفتحها. يوم لبني عامر.

يوم واردات

بين بكر وتغلب.

يوم بنات قين

اسم مكان، كانت به وقعة في زمن عبد الملك بن مروان. قال عويف القوافي:
صبحناهم غداة بنات قين ململمة لها لجب طحونا

يوم ذي الأثل والأرطى

لجشم على عبس.

يوم الذنائب

بين بكر وتغلب.

يوم الحسين

لتغلب على لخم وعمرو بن هند.

يوم أباغ

بالغين المعجمة. لغسان على لخم ونزار.

يوم قارة أهوى

هو لعامر بن صعصعة.

يوم سفوان

بالتحريك. لجعدة وقشير على النعمان بن المنذر ولخم.

يوم قباء

هو بين الأوس والخزرج.

يوم القصيبة

ويقال، القضيبة. يوم لعمرو بن هند على تميم.

يوم سحبل

وهو للحرث بن كعب.
يوم حارث الجولان وهو يوم لغسان. والجولان من أرض الشام.
يوم المضيح والضحضحان لقيس على اليمن

يوم حجر

هو يوم قتلت بنو أسد حجر بن الحرث الكندي، وكان ملكهم.

يوم الزويرين

لشيبان على تميم.

يوم سنجار

لتغلب على قيس.

يوم دارة مأسل

لضبة على كلام.

يوم مزلق

لسعد تميم على عامر بن صعصعة.

يوم قارب

لضبة على كلاب.

يوم الفروق

لعبس على سعد تميم.

يوم دأب

لهم كذلك عليهم.

يوم الزخيخ

بالزاي والخاءين المعجمتين. لتميم على اليمن.

يوم دارة جلجل

من أيام العرب المشهورة.

يوم بلدح ما ينحد

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 387

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 388

يوم تعشار

بكسر التاء.

يوم الحفرة

يوم الدهناء، يوم ثيل، يوم القاع، يوم الآفاق

وهذا الفن لا يتقصاء الإحصاء فاقتصرت على ما ذكرت.

ذكر أيام الإسلام خاصة

يوم العشيرة

بالشين المعجمة. ويروى بالسين، والأول أصح. وهو موضع من بطن ينبع. أول ما غزا رسلو الله صلى الله عليه وسلم.

يوم بدر

قال الشعبي: بدر هو بئر لرجل كان يدعى بدراً. "قلت": وهو يذكر ويؤنث، فمن ذكره جعله اسم ماء أو اسم ذلك الرجل، ومن أنثه جعله بئراً أو اسم البقعة.

يوم أحد يوم سرية الرجيع يوم بثر معونة

يوم النضير يوم ذات الرقاع

سميت ذات الرقاع لأن أقدامهم نقبت فلفوا عليها الخرق.

يوم الخندق يوم بني قريظة يوم بني المصطلق

ويقال له أيضاً: يوم المريسيع.

يوم الحديبية يوم خيبر يوم مؤتة

بالهمز، وهي من أرض الشام قتل بها جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه.

يوم الفتح

فتح مكة. ويقال له أيضاً: يوم الخندمة.

يوم حنين يوم أوطاس يوم الطائف يوم ذات السلاسل

وهي ماء بأرض جذام.

يوم تبوك

وإنما سميت تبوك لأنه صلى الله عليه وسلم رأى قوماً من أصحابه يبوكون عين تبوك، أي يدخلون القدح ويحركونه ليخرجوا الماء، فقال: ما زلتم تبوكونها بوكاً، فسميت تلك الغزوة تبوك. وهي "تفعل" من البوك، وهي آخر غزوة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

يوم الأبواء يوم قينقاع يوم دومة

يوم السقيفة يوم بزاخة

هي موضع كانت به وقعة لأبي بكر رضي الله عنه على أسد وغطفان.

يوم اليمامة

على بني حنيفة.

يوم عين التمر

كان على تغلب.

يوم جؤاثى

بالجيم المضمومة والثاء المنقوطة ثلاثاً. حصين بالبحرين، وكان اليوم على الأزد.

يوم صنعاء

على زبيد ومذحج.

يوم الحيرة

لخالد على بني نفيلة.

يوم اليرموك

وهو موضع بناحية الشام.

يوم أجنادين

وهو يوم معروف كان بالشام أيام عمر رضي الله عنه.

يوم مرج الصفر

يوم جلولاء والمدائن والقادسية ونهاوند

على الفرس لسعد والنعمان بن مقرن وأبي عبيدة وغيرهم.

يوم اللبس يوم قس الناطف

على الفرس.

يوم تستر

كان لأبي موسى الأشعري.

يوم قديس

على الفرس.

يوم أرماث ويوم أغواث يوم الزحف

للأحنف بن قيس.

يوم العريش

لعمرو بن العاص.

يوم قبرس

لمعاوية رضي الله عنه.

يوم قيسارية

كان له أيضاً.

يوم الحرة

ليزيد على أهل المدينة، على ساكنها أفضل الصلاة والسلام.

يوم مرج عذار يوم قتل معاوية حجر بن عدي وأصحابه

يوم مرج راهط

موضع بالشام لمروان بن الحكم على الضاحك بن قيس الفهري.

يوم البشر

لقيس على تغلب.

يوم البليخ

الباء المنقوطة من تحتها بواحدة والخاء المعجمة. يوم بين قيس وتغلب.

يوم ضواد

بالضاد المعجمة بين مجاشع ويربوع، وفي المعاقرة خاصة بين غالب بن صعصعة وصحيم بن وثيل الرياحي.

يوم الحشاك ويوم الثرثار

وهما نهران. وكانت الوقعة فيهما بين قيس وتغلب.

يوم البحرين

لعمرو بن عبيد الله بن معمر على أبي فديك الخارجي.

يوم سولاف يوم دولاب يوم دجيل

بين أهل البصرة والخوارج وللحجاج على أهل العراق.

يوم سلى وسليرى

وهو بين المهلب والأزارقة.

يوم سكين

بكسر الكاف، لعبد الملك على مصعب بن الزبير.

يوم خازر

لأهل العراق وإبراهيم بن الأشتر على عبيد الله بن زياد وأهل الشام. وفي ذلك اليوم قتل ابن زياد.

يوم حبابة السبيع

للمختار على أهل الكوفة.

يوم شعب بوان

للمهلب على الأزارفة.

يوم الزبدة

للحنتف بن السجف وأهل العراق على حبشي دلجة القيني وأهل الشام.

يوم تل مجرى

بين قيس وتغلب.

يوم قصر قرنبى

بخراسان. وفي بعض النسخ: بمرو لعبد الله بن خازم على تميم.

يوم الخندقين

له على ربيعة.

يوم العقر

وهو موضع ببابل لمسلمة بن عبد الملك على يزيد بن المهلب، وفيه قتل يزيد.

يوم قندابيل

لهلال بن أحور المازني على آل المهلب.

يوم المذار

لمصعب بن الزبير على أحمر بن شميط البجلي.

يوم القصر

على المختار وأصحابه.
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 388

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 389

يوم قرقيسيا

لعبد الملك بن مروان على زفر بن الحرث الكلابي.

يوم بلنجر

بين سلمان بن ربيعة والخزر.

يوم الكناسة

ليوسف بن عمر على زيد بن علي رضي الله عنه.

يوم قديد

لأبي حمزة الخارجي على أهل المدينة.

يوم وادي القرى

لمروان الحمار على الخوارج.

يوم دشنبى

للخوارج على حوشب بن رويم وأهل الري.

يوم الزاوية ويوم رستقباذ ويوم دير الجماجم ويوم الأهواز

للحجاج على أهل العراق، إلا يوم الأهواز فإنه لعبد الرحمن بن الأشعث.

يوم النجراء

ليزيد قتله فيه الوليد بن يزيد بن عبد الملك.

يوم الزاب

لمروان بن محمد على الخوارج.

يوم الماجوان

للمسودة على نصر بن سيار.

يوم جريجان

لقحطبة على أهل الشام وتميم بن نصر بن سيار.

يوم زبطرة

للروم في أيام المعتصم.

يوم فخ

بالفاء والخاء المعجمة. للعباسيين على آل أبي طالب. ومن روى بالجيم فقد صحف.

ويوم جوخى ويوم الطف ويوم الدار ويوم الجمل

ويوم صفين ويم النهروان

أيام معروفات. "قلت": وهذه أيضاً كثيرة فاقتصرت على هذا القدر، والله حسبنا ونعم الوكيل.

الباب الثلاثون

في

نبذ من كلام النبي

صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 389

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 390

المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده. الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت. كلكم راع ومسؤول عن رعيته. أول ما تفقدون من دينكم الأمانة، وآخر ما تفقدون الصلاة. الرزق أشد طلباً للعبد من أجله. النظر في الخضرة يزيد في البصر، والنظر إلى المرأة الحسناء كذلك. الشؤم في المرأة والفرس والدار. نعمتان مغبون فيها كثير من الناس: الصحة والفراغ. أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة. السلطان ظل الله في أرضه يأوي إليه كل مظلوم. السعادة كل السعادة طول العمر في طاعة الله. خصلتان لا يكونان في منافق: حسن سمت، وفقه في الدين. الشيخ شاب في حب اثنتين: في حب طول الحياة، وكثرة المال. فضوح الدنيا أهون من فضوح الآخرة. كانت الأرواح جنوداً مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف. الرغبة في الدنيا تكثر الهم والحزن، والبطالة تقسي القلب. الزنا يورث الفقر. رأس الحكمة مخافة الله. صنائع المعروف تقي مصارع السوء. صلة الرحم تزيد في العمر. الرجل في ظل صدقته حتى يقضى بين الناس. العلماء أمناء الله على خلقه. المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً. ما وقى به المرء عرضه كتب له به صدقة. الناس معادن كمعادن الذهب والفضة. لكل شيء عماد، وعماد الدين الفقه. المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يشتمه. الويل كل الويل لمن ترك عياله بخير وقدم على ربه بشر. من سرته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن. من يشته كرامة الآخرة يدع زينة الدنيا. من أصبح معافى في بدنه آمناً في سربه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها. رحم الله عبداً قال خيراً فغنم، أو سكت فسلم. جبلت النفوس على حب من أحسن غليها وبغض من أساء إليها. دع ما يريبك إلى ما لا يريبك. التمسوا الرزق في خبايا الأرض. اطلبوا الفضل عند الرحماء من أمتي تعيشوا في أكنافهم. ليأخذ العبد من نفسه لنفسه، ومن دنياه لآخرته، ومن الشبيبة قبل الكبر، ومن الحياة قبل الممات، فما بعد الدنيا من دار إلا الجنة أو النار. اتقوا دعوة المظلوم فإنها تحمل على الغمام، يقول الله عز وجل: وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين. لا يفلح قوم تحكمهم امرأة. لا يبلغ العبد حقيقة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه ما لم يكن ليصيبه. لا يشبع عالم من علم حتى يكون منتهاه الجنة. لا يعجبنكم إسلام رجل حتى تعلموا كنه عقله. إن الله إذا أنعم على عبد نعمة أحب أن ترى عليه. إن الله يحب الرفق في الأمر كله. إن هذه القلوب تصدأ كما يصدأ الحديد. قيل: فما جلاؤها? قال: ذكر الله وتلاوة القرآن. ليس منا من وسع الله عليه ثم قتر على عياله. ليس لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأبقيت. الخلق كلهم عيال الله، فأحبهم إليه أنفعهم لعياله. كفى بالسلامة داء. رب مبلغ أوعى من سامع. جمال الرجل فصاحة لسانه. الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة. الخير معقود بنواصي الخيل. التاجر الجبان محروم. السلام تحية لملتنا وأمان لذمتنا. العالم والمتعلم شريكان في الخير. من صمت نجا. من تواضع لله رفعه الله.

ومن كلام أبي بكر الصديق رضي الله عنه

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 390

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 391

إن الله قرن وعده بوعيده ليكون العبد راغباً راهباً. ليست مع العزاء مصيبة. الموت أهون مما بعده، وأشد مما قبله. ثلاثة من كن فيه كن عليه: البغي والنكث والمكر. ذل قوم أسندوا أمرهم إلى امرأة. لا يكونن قولك لغواً في عفو ولا عقوبة، ولا تجعل وعدك ضجاجاً في كل شيء. إذا فاتك خير فأدركه، وإن أدركك شر فاسبقه. إن عليك من الله عيوناً تراك. احرص على الموت توهب لك الحياة. رحم الله امرءاً أعان أخاه بنفسه. يا هادي الطريق جرت، فالفجر أو البحر. أطوع الناس لله أشدهم بغضاً لمعصيته. إن الله يرى من باطنك ما يرى من ظاهرك. إن أولى الناس بالله أشدهم تولياً له. إياك وغيبة الجاهلية، فإن الله أبغضها وأبغض أهلها. كثير القول ينسي بعضه بعضاً، وإنما لك ما وعى عنك. لا تكتم المستشار خيراً، فتوق من قبل نفسك. أصلح نفسك يصلح لك الناس. لا تجعل سرك مع علانيتك فيمرح أمرك. خير الخصلتين لك أبغضهما إليك. "وقال عند موته" لعمر رضي الله عنهما: والله ما نمت فحلمت، وما شبعت فتوهمت، وإني لعلى السبيل ما زغت، ولم آل جهداً، وإني أوصيك بتقوى الله، وأحذرك يا عمر نفسك، فإن لكل نفس شهوة إذا أعطيتها تمادت فيها ورغبت فيها. "وقدم وفد من اليمن" فقرأ عليهم القرآن فبكوا فقال: هكذا كنا حتى قست القلوب. "وقال له عمر رضي الله عنهما": استخلف غيري، قال: ما حبوناك بها، إنما حبوناها بك. "ومر بابنه عبد الرحمن وهو يماظ جاره" فقال: لا تماظ جارك، فإن العرف يبقى ويذهب الناس. "قال" لعمر رضي الله عنهما حين أنكر مصالحة رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل مكة: استمسك بغرزه فإنه على الحق. "وقال في خطبة له": إن أكيس الكيس التقى، وإن اعجز العجز الفجور، وإن أقواكم عندي الضعيف حتى أعطيه حقه، وإن أضعفكم عندي القوي حتى آخذ منه الحق، فإنكم في مهل وراءه أجل، فبادروا في مهل آجالكم قبل أن تقطع آمالكم فتردكم إلى سوء أعمالكم؛ إن الله لا يقبل نافلة حتى تؤدى فريضة. ومر به رجل ومعه ثوب فقال: أتبيع الثوب? فقال الرجل: لا، عافاك الله، فقال رضي الله عنه: قد علمتم لو تعلمون، قل: لا وعافاك الله. وقال: أربع من كن فيه كان من خيار عباد الله: من فرح بالتائب، واستغفر للمذنب، ودعا المدبر، وأعان المحسن. وقال: حق لميزان يوضع فيه الحق أن يكون ثقيلاً، وحق لميزان يوضع فيه الباطل أن يكون خفيفاً.

ومن كلام الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 391

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 392

من كتم سره كان الخيار في يده. أشقى الولاة من شقيت به رعيته. اتقوا من تبغضه قلوبكم. أعقل الناس أعذرهم للناس. لا تؤخر عمل يومك إلى غدك. اجعلوا الرأس رأسين. أخيفوا الهوام قبل أن تخيفكم. لي على كان خائن أمينان: الماء والطين. أكثروا من العيال فإنكم لا تدرون بمن ترزقون. لو أن الشكر والصبر بعيران لما باليت بأيهما ركبت. من لم يعرف الشر كان جديراً أن يقع فيه. ما الخمر صرفاً بأذهب للعقول من الطمع. قلما أدبر شيء فأقبل. إلى الله أشكو ضعف الأمين وخيانة القوي. مر ذوي القرابات أن يتزاوروا ولا يتجاوروا. غمض عن الدنيا عينك، وول عنها قلبك، وإياك أن تهلكك كمما أهلكت من كان قبلك، فقد رأيت مصارعها وعاينت سوء آثارها على أهلها، وكيف عري من كست، وجاع من أطعمت؛ ومات من أحيت. إياكم والقحم التي من هوى فيها أتت على نفسه أو ألمت به. احتفظ من النعمة احتفاظك من المعصية، فوالله للهي أخوفهما عندي عليك أن تستدرجك وتدعك. "وكتب إلى ابنه عبد الله": أما بعد فإنه من اتقى لله وقاه، ومن توكل عليه كفاه، ومن أقرضه جزاه، ومن شكره زاده، فلتكن التقوى عماد بصرك وجلاء قلبك؛ واعلم أنه لا عمل لمن لا نية له، ولا أجر لمن لا حسنة له، ولا مال لمن لا رفق له، ولا جديد لمن لا خلق له؛ والسلام. ليس لأحد عذر في تعمد ضلالة حسبها هدى، ولا ترك حق حسبه ضلالة. شرار الأمور محدثاتها، واقتصاد في سنة خير من اجتهاد في بدعة. لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له. لا تسكنوا نساءكم الغرف، ولا تعلموهن الكتابة، واستعينوا عليهن بالعرى، وعودوهن لا، فإن نعم تجرئهن. وسأل رجلاً عن شيء فقال: الله أعلم، فقال رضي الله عنه: لقد شقينا إن كنا لا نعلم أن الله أعلم. إذا سئل أحدكم عن شيء لا يعمله فليقل: لا أدري. وكان يقول: إذا لم أعلم أنا فلا علمت ما رأيت. الدنيا أمل محتوم، وأجل منتقص، وبلاغ إلى دار غيرها، وسير إلى الموت ليس فيه تصريح، فرحم الله امرءاً فكر في أمره، ونصح لنفسه وراقب ربه، واستقال ذنبه. إذا تناجى القوم في دنيهم دون العامة فإنهم في تأسيس ضلالة. إياكم والبطنة فإنها مكسلة عن الصلاة، مفسدة للجوف، مؤدية إلى السقم. من يئس من شيء استغنى عنه. الدين ميسم الكرام. رحم الله امرءاً أهدى إلي عيوبي. السيد هو الجواد حين يسأل، الحليم حين يستجهل، البار بمن يعاشره. أفلح من حفظ من الطمع والغضب والهوى نفسه.

ومن كلام ذي النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه

إن لكل شيء آفة، ولكل نعمة عاهة، وإن آفة هذا الدين وعاهة هذه النعمة عيابون طعانون يرونكم ما تحبون، ويسرون ما تكرهون؛ طعام مثل النعام، يتبعون أول ناعق. ما يزع الله بالسلطان أكثر مما يزع بالقرآن. الهدية من العامل إذا عزل مثلها منه إذا عمل. يكفيك من الحاسد أنه يغتم وقت سرورك. خير العباد من عصم واعتصم بكتاب الله تعالى. ونظر إلى قبر فبكى وقال: هو أول منازل الآخرة، وآخر منازل الدنيا، فمن شدد عليه فما بعده أشد ومن هون عليك فما بعده أهون. أنتم إلى إمام فعال أحوج منكم إلى إمام قوال. قاله يوم صعد المنبر فأرتج عليه. وقال يوم حصر: لأن أقتل قبل الدماء أحب إلي من أن أقتل بعد الدماء.

ومن كلام المرتضى علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرم وجهه

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 392

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 393

من رضي عن نفسه كثر الساخط علهي، ومن ضيعه الأقرب أتيح له الأبعد، ومن بالغ في الخصومة أثم، ومن قصر فيها ظلم. من كرمت عليه نفسه هانت عليه شهوته. ألا حر يدع هذه اللماظة لأهلها. إنه ليس لأنفسكم ثمن إلا الجنة فلا تبيعوها إلا بها. من عظم صغار المصائب ابتلاه الله بكبارها. الولايات مضامير الرجال. ليس بلد أحق بك من بلد. خير البلاد ما حملك. إذا كان في رجل خلة رائعة فانتظر أخواتها. للعبد جهد العاجز. رب مفتون يحسن القول فيه. ما لابن آدم والفخر، أوله نطفة وآخره جيفة، لا يرزق نفسه ولا يدفع حتفه. الدنيا تغر وتضر وتمر، إن الله تعالى لم ير فيها ثواباً لأوليائه ولا عقاباً لأعدائه، وإن أهل الدنيا كركب بينما هم حلوا إذ صاح بهم صائحهم فارتحلوا. من صارع الحق صرعه. القلب مصحف البصر. التقى رئيس الأخلاق. ما أحسن تواضع الأغنياء اتكالاً على الله. كل مقتصر عليه كاف. من لم يعط قاعداً لم يعط قائماً. الدهر يومان: يوم لك ويوم عليك، فإن كان لك فلا تبطر، وإن كان عليك فلا تضجر. من طلب شيئاً ناله أو بعضه. الركون إلى الدنيا مع ما تعاين منها جهل، والتقصير في حسن العمل إذا وثقت بالثواب عليه غبن، والطمأنينة إلى كل أحد قبل الاختبار عجز. البخل جامع لمساوئ الأخلاق. من كثرت نعمة الله عنده كثرت حوائج الناس إليه؛ فمن قام لله فيها بما يحب عرضها للدوام والبقاء، ومن يقم عرضها للزوال والفناء. الرغبة مفتاح النصب، والحسد مطية التعب. الخرق المعالجة قبل الإمكان، والأناة بعد الفرصة. من علم أن كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه. من نظر في عيوب الناس فأنكرها ثم رضيها لنفسه فذلك الأحمق بعينه. صواب الرأي بالدول يبقى ببقائها، ويذهب بذهابها. العفاف زينة الفقر، والشكر زينة الغنى. المؤمن بشره في وجهه، وحزنه في قلبه. الجاهل المتعلم شبيه بالعالم، والعالم المتعسف شبيه بالجاهل. ينام الرجل على الثكل ولا ينام على الحرب. الناس أبناء الدنيا، ولا يلام الرجل على حب أمه. رسولك ترجمان عقلك، وكتابك أبلغ ما ينطق عنك. الحظ يأتي من لا يأتيه. الطمع ضامن غير وفي. الأماني تعمي أعين البصائر. لا تجارة كالعمل الصالح، ولا ربح كالثواب، ولا فائدة كالتوفيق ولا حسب كالتواضع، ولا شرف كالعلم، ولا روع كالوقوف عند الشبهة، ولا قربة كحسن الخلق، ولا عبادة كأداء الفرض، ولا عقل كالتدبير، ولا وحدة أوحش من العجب. من أطال الأمل أساء العمل. "وسمع" رجلاً من الحرورية يتهجد ويقرأ فقال: نوم على يقين خير من صلاة على شك. نفس المرء خطاه إلى أجله. إذا تم العقل نقص الكلام. قد الرجل على قدر همته. قيمة كل امرئ ما يحسنه. المال مادة الشهوات. الحرمان خير من الامتنان. الناس أعداء ما جهلوا.

ومن كلام ابن عباس رضي الله عنهما

صاحب المعروف لا يقع فإن وقع وجد متكأ. الحرمان خير من الامتنان. ملاك أمركم الدين، وزينتكم العلم، وحصون أعراضكم الأدب، وعزكم الحلم، وحليتكم الوفاء. القرابةتقطع، والمعروف يكفر ولم ير كالمودة. "وتكلم" عنده رجل فخلط فقال: بكلام مثلك رزق الصمت االمحبة. وقال: لا تمار سفيهاً ولا حليماً، فإن السفيه يؤذيك والحليم يقليك. واعمل عمل من يعلم أنه مجزي بالحسنات، مأخوذ بالسيئات "واستشاره" عمر رضي الله عنهما في تولية حمص رجلاً فقال: لا يصلح إلا أن يكون رجلاً منك، قال: فكنه، قال: لا تنتفع بي. قال: لم? قال: لسوء ظني في سوء ظنك بي.

ومن كلام ابن مسعود رضي الله عنهما

شر الأمور محدثاتها. حب الكفاية مفتاح امعجزة. ما الدخان على النار بأدل من الصاحب على الصاحب. من كان كلامه لا يوافق فعله فإنما يوبخ نفسه. كونوا ينابيع العلم مصابيح الليل. جدد القلوب خلقان الثياب. الدنيا كلها غموم، فما كان منها في سرور فهو ربح.

ومن كلام المغيرة بن شعبة رضي الله عنه

من أخر حاجة رجل فقد ضمنها. إن المعرفة لتنفع عند الكلب العقور والجمل الصؤول، فكيف بالرجل الكريم.

ومن كلام أبي الدرداء رضي الله عنه

السؤدد اصطناع العشيرة واحتمال الجريرة، والشرف كف الأذى وبذل الندى، والغنى قلة التمني، والفقر شره النفس.

ومن كلام أبي ذر رضي الله عنه

 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 393

مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 394

إن لك في مالك شريكين: الحدثان والوارث، فإن قدرت أن لا تكون أخس الشركاء حظاً فافعل. وكان يقول: اللهم متعنا بخيارنا وأعنا على شرارنا.

ومن كلام عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه

ما الجزع مما لا بد منه. وما الطمع فيما لا يرجى. وما الحيلة فيما سيزول. من يزرع خيراً يوشك أن يحصد غبطة. ومن يزرع شراً يوشك أن يحصد ندامة. "وقال له رجل": جزاك الله عن الإسلام خيراً، فقال: بل جزى الله الإسلام عني خيراً. "وأتي برجل" كان واجداً عليه فأمر بضربه ثم قال: لولا أني غضبان عليك لضربتك، ثم خلى سبيله.

ومن كلام الحسن البصري رضي الله عنه

ما رأيت يقيناً أشبه بالشك من يقين الناس بالموت وغفلتهم عنه. "قيل" له: من شر الناس? قال: الذي يرى أنه خيرهم. "حدث" بحديث فقال له رجل: عمن? قال له: وما تصنع بعمن? أما أنت فقد نالتك عظته وقامت عليك حجته. "وقيل له": كثر الوباء، فقال: أنفق ممسك، وأقلع مذنب ولم يغلط بأحد.
"قال رجل" لابن سيرين: إني وقعت فيك فاجعلني في حل، فقال: ما أحب أن أحلك ما حرم الله عليك. وسمع الشعبي رجلاً وقع فيه فما ترك شيئاً فلما فرغ قال الشعبي: إن كنت صادقاً فغفر الله لي، وإن كنت كاذباً فغفر الله لك. قال ابن السماك: خف الله حتى كأنك لم تطعه، وارج الله حتى كأنك لم تعصه. "قال منصور بن عمار": من أبصر عيب نفسه اشتغل عن عيب غيره، ومن تعرى من لباس التقوى لم يستر بشيء من الدنيا. "قيل للخليل بن أحمد": من الزاهد في الدنيا. قال: الذي لا يطلب المفقود حتى يفقد الموجود. "وقال" بعض السلف: الأيادي ثلاثة: يد بيضاء، وهي الابتداء، ويد خضراء، وهي المكافأة، ويد سوداء وهي المن. "وقيل" لبعضهم: ما العقل? قال: الإصابة بالظنون، ومعرفة ما لم يكن بما قد كان. تم الكتاب بحمد الله وعونه والحمد لله وحده.
 
 
مجمع الأمثال الميداني الصفحة : 394